الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظَّنِّ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَوِ التَّحَدُّثُ بِهِ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ أَوْ عَمَّا يَظُنُّ كَذِبَهُ انْتَهَى
أَوِ اجْتَنِبُوا الظَّنَّ فِي التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ
وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّحْذِيرُ عَنِ الظَّنِّ بِسُوءٍ فِي الْمُسْلِمِينَ وَفِيمَا يجب فيه الْقَطْعِ مِنَ الِاعْتِقَادِيَّاتِ (فَإِنَّ الظَّنَّ) أَقَامَ الْمُظْهَرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ حَثًّا عَلَى تَجَنُّبِهِ (أَكْذَبُ الْحَدِيثِ) أَيْ حَدِيثُ النَّفْسِ لِأَنَّهُ بِإِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ مَعْنَى كَوْنِ الظَّنِّ أَكْذَبَ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّ الْكَذِبَ خِلَافُ الْوَاقِعِ فَلَا يَقْبَلُ النَّقْصَ وَضِدَّهُ إِنَّ الظَّنَّ أَكْثَرُ كَذِبًا
أَوْ إِنَّ إِثْمَ هَذَا الْكَذِبِ أَزْيَدُ مِنْ إِثْمِ الْحَدِيثِ الْكَاذِبِ أَوْ إِنَّ الْمَظْنُونَاتِ يَقَعُ الْكَذِبُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمَجْزُومَاتِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَتْ تَسْمِيَةُ الظَّنِّ حَدِيثًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ مُطَابَقَةِ الْوَاقِعِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يَنْشَأُ عَنِ الظَّنِّ فَوُصِفَ الظَّنُّ بِهِ مَجَازًا انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مُطَوَّلًا
7 -
(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمِزَاحِ)
فِي الْقَامُوسِ مَزَحَ كَمَنَعَ مَزْحًا مُزَاحًا وَمُزَاحَةً بِضَمِّهِمَا دَاعَبَ وَمَازَحَهُ مُمَازَحَةً وَمِزَاحًا بِالْكَسْرِ وَتَمَازَحَا انْتَهَى
وَفِي الصُّرَاحِ مَزَحَ لاغ كردن
قَالَ النَّوَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْمِزَاحَ الْمَنْهِيَّ هُوَ الَّذِي فِيهِ إِفْرَاطٌ وَيُدَاوِمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الضَّحِكَ وَقَسْوَةَ الْقَلْبِ وَيَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْكُفْرَ فِي مُهِمَّاتِ الدين ويؤول فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَى الْإِيذَاءِ وَيُورِثُ الْأَحْقَادَ وَيُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَالْوَقَارَ
فَأَمَّا مَا سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَهُوَ الْمُبَاحُ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ عَلَى النُّدْرَةِ لِمَصْلَحَةِ تَطْيِيبِ نَفْسِ الْمُخَاطَبِ وَمُؤَانَسَتِهِ وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فَاعْلَمْ هَذَا فَإِنَّهُ مِمَّا يَعْظُمُ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ [1989](حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَضَّاحِ الْكُوفِيُّ) أَبُو مُحَمَّدٍ اللُّؤْلُؤِيُّ مَقْبُولٌ مِنْ كِبَارِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
(عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (إِنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثَقَّلَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ أَيْ إِنَّهُ (لَيُخَالِطُنَا) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتُسَمَّى لَامَ الْفَارِقَةِ وَفِي نُسْخَةٍ لِلشَّمَائِلِ لَيُخَاطِبُنَا وَالْمَعْنَى لَيُخَالِطُنَا غَايَةَ الْمُخَالَطَةِ وَيُعَاشِرُنَا نِهَايَةَ الْمُعَاشَرَةِ وَيُجَالِسُنَا وَيُمَازِحُنَا (حَتَّى إِنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثَقَّلَةِ (كَانَ لَيَقُولُ لِأَخٍ لِي) أَيْ مِنْ أُمِّي وَأَبُوهُ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ (يَا أَبَا عُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ (مَا فَعَلَ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ مَا صَنَعَ (النُّغَيْرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ تَصْغِيرُ نُغَرٍ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ طَائِرٌ يُشْبِهُ الْعُصْفُورَ أَحْمَرُ المنقار وقيل هو العصفور وقيل هو الصعفور صَغِيرُ الْمِنْقَارِ أَحْمَرُ الرَّأْسِ وَقِيلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَهُ الْبُلْبُلَ وَالْمَعْنَى مَا جَرَى لَهُ حَيْثُ لَمْ أَرَهُ مَعَكَ
وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ لَهُ نُغَيْرٌ يَلْعَبُ بِهِ فَمَاتَ
فَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيَةٌ لَهُ عَلَى فَقْدِهِ بِمَوْتِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ حَتَّى غَايَةُ قَوْلِهِ يُخَالِطُنَا وَضَمِيرُ الْجَمْعِ لِأَنَسٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ أَيِ انْتَهَتْ مُخَالَطَتُهُ لِأَهْلِنَا كُلِّهِمْ حَتَّى الصَّبِيِّ وَحَتَّى الْمُلَاعَبَةِ مَعَهُ وَحَتَّى السُّؤَالِ عَنْ فِعْلِ النُّغَيْرِ
وَقَالَ الرَّاغِبُ الْفِعْلُ التَّأْثِيرُ مِنْ جِهَةٍ مُؤَثِّرَةٍ وَالْعَمَلُ كُلُّ فِعْلٍ يَكُونُ مِنَ الْحَيَوَانِ بِقَصْدٍ وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُنْسَبُ إِلَى الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يَقَعُ مِنْهَا بِغَيْرِ قَصْدٍ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى الْجَمَادَاتِ انْتَهَى كَلَامُهُ
فَالْمَعْنَى مَا حَالُهُ وَشَأْنُهُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
تَنْبِيهٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بابن القاص الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ عَابَ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ يَرْوُونَ أشياء لا فائدة فيها أو مثل ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ هَذَا قَالَ وَمَا دَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهِ الْفِقْهِ وَفُنُونِ الْأَدَبِ وَالْفَائِدَةِ سِتِّينَ وَجْهًا ثُمَّ سَاقَهَا مَبْسُوطَةً فَلَخَّصْتُهَا مُسْتَوْفِيًا بِمَقَاصِدِهِ ثُمَّ أَتْبَعْتُهُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الزَّوَائِدِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ مَا لَخَّصَهُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَرَاجِعِ الْفَتْحَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ [1990](عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) اللَّيْثِيِّ مَوْلَاهُمْ كُنْيَتُهُ أَبُو زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا) مِنَ الدُّعَابَةِ أَيْ تُمَازِحُنَا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَجُوزٍ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَجُوزٌ أَيْ لَا تَبْقَى عَجُوزًا عِنْدَ دُخُولِهَا وَكَأَنَّهُمُ اسْتَبْعَدُوهُ مِنْهُ فَلِذَلِكَ أَكَّدُوا الْكَلَامَ بِإِنَّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَنْشَأَ سُؤَالِهِمْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُمْ عَنِ الْمِزَاحِ كَمَا سيجيء في باب المراء عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنه (قَالَ إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا) أَيْ عَدْلًا وَصِدْقًا لِعِصْمَتِي عَنِ الزَّلَلِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَلَا كُلُّ أَحَدٍ مِنْكُمْ قَادِرٌ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ فِيكُمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مسنده
قَوْلُهُ [1992](يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ) مَعْنَاهُ الْحَضُّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى حُسْنِ الِاسْتِمَاعِ لِمَا يُقَالُ لَهُ لِأَنَّ السَّمْعَ بِحَاسَّةِ الْأُذُنِ وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْأُذُنَيْنِ وَغَفَلَ وَلَمْ يُحْسِنِ الْوَعْيَ لَمْ يُعْذَرْ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ مُدَاعَبَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَطِيفِ أَخْلَاقِهِ قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ التِّرْمِذِيُّ وَشَيْخُ شَيْخِهِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ
قَوْلُهُ [1991](حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ) الطَّحَّانُ الْمُزَنِيُّ مَوْلَاهُمْ ثِقَةٌ ثَبْتٌ فِي الثَّامِنَةِ
قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا) قِيلَ وَكَانَ بِهِ بَلَهٌ (اسْتَحْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ سَأَلَهُ الْحَمَلَانَ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَمُولَةً يَرْكَبُهَا (إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ) قَالَهُ مُبَاسِطًا لَهُ بِمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ شِفَاءً لِبَلَهِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ) حَيْثُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الصَّغِيرِ وَهُوَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلرُّكُوبِ