الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدَمٍ أَوْ لَغْزَةِ قَلَمٍ فِي تَقْرِيرِهِ أَوْ تَحْرِيرِهِ وَقِيلَ أَيْ لَا حَلِيمَ كَامِلًا إِلَّا مَنْ وَقَعَ فِي زَلَّةٍ وَحَصَلَ مِنْهُ الْخَطَأُ وَالتَّخَجُّلُ فَعُفِيَ عَنْهُ فَعَرَفَ بِهِ رُتْبَةَ الْعَفْوِ فَيَحْلُمُ عِنْدَ عَثْرَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ ثَابِتَ الْقَدَمِ انْتَهَى
(وَلَا حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ) أَيْ صَاحِبَ امْتِحَانٍ فِي نَفْسِهِ وفي غيره قال القارىء قَالَ الشَّارِحُ أَيْ لَا حَكِيمَ كَامِلًا إِلَّا مَنْ جَرَّبَ الْأُمُورَ وَعَلِمَ الْمَصَالِحَ وَالْمَفَاسِدَ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا إِلَّا عَنْ حِكْمَةٍ إِذِ الْحِكْمَةُ إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِصْلَاحُهُ عَنِ الْخَلَلِ انْتَهَى
قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى لَا حَلِيمَ إِلَّا وَقَدْ يَعْثِرُ كَمَا قِيلَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ الْحَلِيمِ وَلَا حَكِيمَ مِنَ الْحُكَمَاءِ الطِّبِّيَّةِ إِلَّا صَاحِبُ التَّجْرِبَةِ فِي الْأُمُورِ الدَّائِبَةِ وَالذَّاتِيَّةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ في مسنده وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
7 -
(باب ما جاء في المتشبع بما لم يُعْطَهُ)
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ الْمُتَشَبِّعُ أَيِ الْمُتَشَبِّهُ بِالشَّبْعَانِ وَلَيْسَ بِهِ وَاسْتُعِيرَ لِلتَّحَلِّي بِفَضِيلَةٍ لَمْ يُرْزَقْهَا
قَوْلُهُ [2034](مَنْ أُعْطِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَطَاءً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ عَطِيَّةً وَفِي رِوَايَةٍ شَيْئًا فَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ (فَوَجَدَ) أَيْ سَعَةً مالية (فليجز) بسكون الجيم أي فليكافىء (بِهِ) أَيْ بِالْعَطَاءِ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ سَعَةً مِنَ الْمَالِ (فَلْيُثْنِ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ بِهِ أَيْ فَلْيَمْدَحْهُ أَوْ فَلْيَدْعُ لَهُ (فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى) وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنْ أَثْنَى بِهِ (فَقَدْ شَكَرَ) وَفِي رِوَايَةٍ شَكَرَهُ أَيْ جَازَاهُ فِي الْجُمْلَةِ (وَمَنْ كَتَمَ) أَيِ النِّعْمَةَ بِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ بِالْعَطَاءِ أَوِ الْمُجَازَاةِ بِالثَّنَاءِ (فَقَدْ كَفَرَ) أَيِ النِّعْمَةَ مِنَ الْكُفْرَانِ أَيْ تَرَكَ أَدَاءَ حَقِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ (وَمَنْ تَحَلَّى) أَيْ تَزَيَّنَ وَتَلَبَّسَ (بِمَا لَمْ يُعْطَهُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ يَرْجِعُ إِلَى مَنْ وَالْمَنْصُوبُ إِلَى مَا (كَانَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنَّهُ كلابس
ثوبي زور أي كمن كذب كاذبين أَوْ أَظْهَرَ شَيْئَيْنِ كَاذِبَيْنِ
قَالَهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ضَرَّةً فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ بِمَا لَمْ يُعْطِنِي زَوْجِي أَيْ أُظْهِرُ الشِّبَعَ فَأَحَدُ الْكَذِبَيْنِ قَوْلُهَا أَعْطَانِي زَوْجِي وَالثَّانِي إِظْهَارُهَا أَنَّ زَوْجِي يُحِبُّنِي أَشَدَّ مِنْ ضَرَّتِي قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ رَجُلٌ فِي الْعَرَبِ يَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْمَعَارِيفِ لِيَظُنَّهُ النَّاسُ أَنَّهُ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ مُحْتَرَمٌ لِأَنَّ الْمَعَارِيفَ لَا يَكْذِبُونَ فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى قَوْلِهِ وَشَهَادَتِهِ عَلَى الزُّورِ لِأَجْلِ تَشْبِيهِهِ نَفْسَهُ بِالصَّادِقِينَ وَكَانَ ثَوْبَاهُ سَبَبَ زُورِهِ فَسُمِّيَا ثوبي زور
أو لأنهما ليسا لِأَجْلِهِ وَثُنِّيَ بِاعْتِبَارِ الرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ فَشَبَّهَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ شَبَّهَ الْمُتَشَبِّعَ بِلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ أَيْ ذِي زُورٍ
وَهُوَ الَّذِي يَتَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِ الصَّلَاحِ رِيَاءً
وَأَضَافَ الثَّوْبَيْنِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا كَالْمَلْبُوسَيْنِ
وَأَرَادَ بِالتَّثْنِيَةِ أَنَّ الْمُتَحَلِّيَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَمَنْ ليس ثَوْبَيِ الزُّورِ ارْتَدَى بِأَحَدِهِمَا وَاتَّزَرَ بِالْآخَرِ
كَمَا قيل قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِذَا هُوَ بِالْمَجْدِ ارْتَدَى وَتَأَزَّرَا
فَالْإِشَارَةُ بِالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ إِلَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالزُّورِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ التَّثْنِيَةُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ حَصَلَ بِالتَّشَبُّعِ حَالَتَانِ مَذْمُومَتَانِ فِقْدَانُ مَا تَتَشَبَّعُ بِهِ وَإِظْهَارُ الْبَاطِلِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ الْمُرَائِي يَلْبَسُ ثِيَابَ الزُّهَّادِ وَيَرَى أَنَّهُ زَاهِدٌ
وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ أَنْ يَلْبَسَ قَمِيصًا يَصِلُ بِكُمَّيْهِ كُمَّيْنِ آخَرَيْنِ يُرَى أَنَّهُ لَابِسُ قَمِيصَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَسْخَرُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَاذِبِ الْقَائِلِ مَا لَمْ يَكُنْ
وَقِيلَ إِنَّمَا شَبَّهَ بِالثَّوْبَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَحَلِّيَ كَذِبَ كَذِبَيْنِ فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَةٍ لَيْسَتْ فِيهِ وَوَصَفَ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ خَصَّهُ بِصِلَةٍ فَجَمَعَ بِهَذَا الْقَوْلِ بَيْنَ كَذِبَيْنِ
قال القارىء وَبِهَذَا تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِسَبَبِ وُرُودِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ لَمْ يُعْطَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ كَانَ مُزَوِّرًا مَرَّتَيْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ) أَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ وَمَا يَنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ في الأدب المفرد وأبو داود وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي التَّيْسِيرِ إسناده صحيح