الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الدَّجَّالِ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ)
[2242]
قَوْلُهُ (فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فِي حَدِيثِ مِحْجَنٍ الْأَدْرَعِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ فِي ذِكْرِ الْمَدِينَةِ وَلَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كُلَّمَا أَرَادَ دُخُولَهَا تَلَقَّاهُ بِكُلِّ نَقَبٍ مِنْ نِقَابِهَا مَلَكٌ مُصْلِتٌ سَيْفَهُ يَمْنَعُهُ عَنْهَا
وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الْحَدِيثُ
وَفِيهِ إِلَّا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُشْتَبِكَةٌ بِالْمَلَائِكَةِ عَلَى كُلِّ نَقَبٍ مِنْ أَنْقَابِهَا مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ ولا الدجال
قال بن الْعَرَبِيِّ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى كُلِّ نَقَبٍ مَلَكًا أنَّ سَيْفَ أَحَدِهِمَا مَسْلُولٌ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ (فَلَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) قِيلَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُحْتَمِلٌ لِلتَّعْلِيقِ وَمُحْتَمِلٌ لِلتَّبَرُّكِ وَهُوَ أَوْلَى
وَقِيلَ إِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعُونِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَحَدِيثُ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ الْمَذْكُورُ آنِفًا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إِلَخْ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ ذِكْرُ الْجَسَّاسَةِ وَالدَّجَّالِ وَفِيهِ وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فَأَسِيرُ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطِيبَةَ
وَأَمَّا حَدِيثُ مِحْجَنٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ص 71 ج 5
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[2243]
قَوْلُهُ (الْإِيمَانُ يَمَانٍ) هُوَ نِسْبَةُ الْإِيمَانِ إِلَى الْيَمَنِ لِأَنَّ أَصْلَ يَمَانٍ يَمَنِيٌّ فَحُذِفَتْ يَاءُ النَّسَبِ
وَعُوِّضَ بِالْأَلِفِ بَدَلَهَا فَلَا يَجْتَمِعَانِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ
وَفِي أُخْرَى لَهُمَا أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ نَحْوَ اليمن فقال الايمان يمان ها هنا
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ نِسْبَةِ الْإِيمَانِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَدْ صَرَفُوهُ عَنْ ظَاهِرِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَبْدَأَ الْإِيمَانِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ مِنَ الْمَدِينَةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ إِمَامُ الْغَرِيبِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا
أَحَدُهَا أَرَادَ بِذَلِكَ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يُقَالُ إِنَّ مَكَّةَ مِنْ تِهَامَةَ وَتِهَامَةُ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ
وَالثَّانِي الْمُرَادُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ فَإِنَّهُ يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ هَذَا الْكَلَامَ وَهُوَ بِتَبُوكَ وَمَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمَنِ فَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَقَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ فَنَسَبَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ لِكَوْنِهِمَا حِينَئِذٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ كَمَا قَالُوا الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ وَهُوَ بِمَكَّةَ لِكَوْنِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ
وَالثَّالِثُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ أَحْسَنُهَا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ لأنهم يمانون فِي الْأَصْلِ فَنُسِبَ الْإِيمَانُ إِلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَنْصَارَهُ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ وَلَوْ جَمَعَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ طُرُقَ الْحَدِيثِ بِأَلْفَاظِهِ كَمَا جَمَعَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَتَأَمَّلُوهَا لَصَارُوا إِلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ وَلَمَا تَرَكُوا الظَّاهِرَ وَلَفَظُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْيَمَنُ وَأَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى مَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ إِذْ مِنْ أَلْفَاظِهِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَالْأَنْصَارُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ فَهُمْ إِذًا غَيْرُهُمْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ وَإِنَّمَا جَاءَ حِينَئِذٍ غَيْرُ الْأَنْصَارِ ثُمَّ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَصَفَهُمْ بِمَا يَقْضِي بِكَمَالِ إِيمَانِهِمْ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَكَانَ ذَلِكَ إِشَارَةً لِلْإِيمَانِ إِلَى مَنْ أَتَاهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَا إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إِجْرَاءِ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ حَقِيقَةً لِأَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ وَقَوِيَ قِيَامُهُ بِهِ وَتَأَكُّد اضْطِلَاعُهُ مِنْهُ نُسِبَ ذَلِكَ الشَّيْءُ إِلَيْهِ إِشْعَارًا بِتَمَيُّزِهِ بِهِ وَكَمَالِ حَالِهِ فِيهِ
وَهَكَذَا كَانَ حَالُ أَهْلِ الْيَمَنِ حِينَئِذٍ فِي الْإِيمَانِ وَحَالُ الْوَافِدِينَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي أَعْقَابِ مَوْتِهِ كَأُوَيْسٍ الْقَرَنَيِّ وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ وَشِبْهِهِمَا مِمَّنْ سَلِمَ قَلْبُهُ وَقَوِيَ إِيمَانُهُ فَكَانَتْ نِسْبَةُ الْإِيمَانِ إِلَيْهِمْ لِذَلِكَ إِشْعَارًا بِكَمَالِ إِيمَانِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ عَنْ غَيْرِهِمْ
فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْإِيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمَوْجُودُونَ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ لَا كُلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِيهِ
هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ (وَالْكُفْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ رَأْسُ الْكُفْرِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ جِهَتِهِ وَفِي ذَلِكَ