الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
[2171] قَوْلُهُ (ذَكَرَ الْجَيْشَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ وَأَنَا مَعَهُمَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَاهَا عَنِ الْجَيْشِ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ بن الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ (إِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) مَعْنَاهُ إِنَّ الْأُمَمَ الَّتِي تُعَذَّبُ وَمَعَهُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ يُصَابُ جَمِيعُهُمْ بِآجَالِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَالطَّائِعُ يُجَازَى بِنِيَّتِهِ وَعَمَلِهِ وَالْعَاصِي تَحْتَ الْمَشِيئَةِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم وبن مَاجَهْ
1 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ أَوْ بِاللِّسَانِ)
أَوْ بِالْقَلْبِ [2172] قَوْلُهُ (خَالَفْتَ السُّنَّةَ) لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين تقديم الصلاة وعليه جماعة فقهاء الأمصار وقد عده بَعْضِهِمْ إِجْمَاعًا قَالَ النَّوَوِيُّ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ بَعْدَ الْخِلَافِ أَوْ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى خِلَافِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعْدَ إِجْمَاعِ الْخُلَفَاءِ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ انْتَهَى
(أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ) مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ (مَنْ رَأَى) أَيْ عَلِمَ (مُنْكَرًا) أَيْ شَيْئًا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا أَيْ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (فَلْيُنْكِرْهُ بِيَدِهِ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَلْيُغَيِّرْهُ أَيْ بِأَنْ يَمْنَعَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكْسِرَ الْآلَاتِ وَيُرِيقَ الْخَمْرَ وَيَرُدَّ الْمَغْصُوبَ إِلَى مَالِكِهِ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ التَّغْيِيرَ بِالْيَدِ وَإِزَالَتَهُ بِالْفِعْلِ لِكَوْنِ فَاعِلِهِ أَقْوَى مِنْهُ (فَبِلِسَانِهِ) أَيْ فَلْيُغَيِّرْهُ بِالْقَوْلِ وَتِلَاوَةِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ وَذِكْرَ الْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ وَالنَّصِيحَةِ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ التَّغْيِيرَ بِاللِّسَانِ أَيْضًا (فَبِقَلْبِهِ) بِأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيُنْكِرَ فِي بَاطِنِهِ عَلَى مُتَعَاطِيهِ فَيَكُونُ تَغْيِيرًا
مَعْنَوِيًّا إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ إِلَّا هَذَا الْقَدْرُ مِنَ التَّغْيِيرِ
وَقِيلَ التَّقْدِيرُ فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ لَا يُتَصَوَّرُ بِالْقَلْبِ فَيَكُونُ التَّرْكِيبُ مِنْ بَابِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَمِنْهُ قوله تعالى والذين تبوؤا الدار والإيمان (وَذَلِكَ) أَيِ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْكَرَاهِيَةُ (أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) أَيْ شُعَبِهِ أَوْ خِصَالِ أَهْلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقَلُّهَا ثَمَرَةً فَمَنْ غَيَّرَ الْمَرَاتِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ كَانَ عَاصِيًا وَمَنْ تَرَكَهَا بِلَا قُدْرَةٍ أَوْ يَرَى الْمَفْسَدَةَ أَكْثَرَ وَيَكُونُ مُنْكِرًا بِقَلْبِهِ فَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَضْعَفُ زَمَنِ الْإِيمَانِ إِذْ لَوْ كَانَ إِيمَانُ أَهْلِ زَمَانِهِ قَوِيًّا لَقَدَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ الْقَوْلِيِّ أَوِ الْفِعْلِيِّ وَلَمَا احْتَاجَ إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِنْكَارِ الْقَلْبِيِّ إِذْ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُنْكِرُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَفُ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّينِ لَمَا اكْتَفَى بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَلَا يَخَافُونَ لومة لائم كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَاقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ عَلَى قَوْلِهِ مَعْنَاهُ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً
وَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَعْنِي الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الْأَمْرِ وَمَلَاكُهُ
وَإِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ عَمَّ الْعِقَابُ لِلصَّالِحِ وَالطَّالِحِ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يصيبهم عذاب أليم
فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا اللَّهِ عز وجل أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمُهُ وَيُخْلِصَ نِيَّتَهُ وَلَا يَهَابَنَّ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ولينصرن الله من ينصره
ثُمَّ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ كَلَامًا طَوِيلًا حَسَنًا نَافِعًا فَعَلَيْكَ أَنْ تُطَالِعَهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ
2 -
بَاب مِنْهُ [2173] قَوْلُهُ (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ) أَيِ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ (وَالْمُدْهِنِ فِيهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَبِالنُّونِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُرَائِي وَيُضَيِّعُ الْحُقُوقَ وَلَا يُغَيِّرُ