الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مِنْ الْآلِ كَمَا مَرَّ.
وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ وَاجِبٍ كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَمِنْهَا دِمَاءُ النُّسُكِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْكُلُّ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَشْرَفُ وَحَلَّتْ لَهُ الْهَدِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا شَأْنُ الْمُلُوكِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ فِي الْأَصَحِّ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي أَخَوَاتِهِمْ مَعَ صِحَّةِ حَدِيثِ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» بِأَنَّ أُولَئِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آبَاءٌ وَقَبَائِلُ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ غَالِبًا تَمَحَّضَتْ نِسْبَتُهُمْ لِسَادَاتِهِمْ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ تَحْقِيقًا لِشَرَفِ مُوَالَاتِهِمْ، وَلَمْ يُعْطَوْا مِنْ الْخُمُسِ؛ لِئَلَّا يُسَاوُوهُمْ فِي جَمِيعِ شَرَفِهِمْ، فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ ذَلِكَ بِإِعْطَائِهِمْ مِنْ الْخُمُسِ وَالزَّكَاةِ قُلْت مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزَّكَاةِ قَدْ يَكُونُ شَرَفًا كَمَا فِي حَقِّ الْغَازِي فَلَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ انْحِطَاطُ شَرَفِهِمْ، وَأَمَّا بَنُو الْأُخْتِ فَلَهُمْ آبَاءٌ وَقَبَائِلُ لَا يُنْسَبُونَ إلَّا إلَيْهَا فَلَمْ يَلْحَقُوا بِغَيْرِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُمَوِّنًا لِلْمُزَكِّي عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ سَهْمٌ فِي الْفَيْءِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ آنِفًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِي بَالِغٍ تَارِكٍ لِلصَّلَاةِ كَسَلًا أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ أَيْ: كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُعْطَى لَهُ، وَإِنْ غَابَ وَلِيُّهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ تَرْكُهُ أَيْ: أَوْ تَبْذِيرُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُهَا، وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِفَاسِقٍ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَحْرُمُ أَيْ: وَإِنْ أَجْزَأَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَلِأَعْمًى كَأَخْذِهَا مِنْهُ، وَقِيلَ: يُوَكِّلَانِ وُجُوبًا، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُهَا مَرْبُوطَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِجِنْسٍ وَلَا قَدْرٍ وَلَا صِفَةٍ نَعَمْ الْأَوْلَى تَوْكِيلُهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَأَفْتَى الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ دَفْعِهَا لِأَبٍ قَوِيٍّ صَحِيحٍ فَقِيرٍ وَأَخُوهُ بِجَوَازِهِ قَالَ شَارِحٌ: وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ. اهـ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ إنْ قُلْنَا: يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ
(فَصْلٌ)
فِي بَيَانِ مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى
الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ عِنْدَ مَنْعِهِمْ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ - فِي الْحَدِيثِ - «إنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا يَكْفِيكُمْ، أَوْ يُغْنِيكُمْ» فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ إعْطَائِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ أَخْذِهِمْ حَقَّهُمْ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ طَرَدُوا الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا بَأْسَ بِتَقْلِيدِ الْإِصْطَخْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: الْآنَ لِاحْتِيَاجِهِمْ وَكَانَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ مَحَبَّةً فِيهِمْ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مِنْ الْآلِ) تَكْمِلَةٌ لِلدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ.
(قَوْلُهُ: كُلُّ وَاجِبٍ كَالنَّذْرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْأَخْذُ مِنْ الْمَالِ الْمَنْذُورِ صَدَقَتُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخِي. اهـ. قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِدِينَارٍ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ هَلْ يَجُوزُ صَرْفُهُ لِلْعَلَوِيَّةِ؟ قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ، كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَإِنْ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُضْطَرِبَةُ الْفُرُوعِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ فَقَدْ صَحَّحُوا فِيمَنْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ أَجْزَأَ الْمَعِيبُ وَالْكَافِرُ، وَهُوَ مَنْصُوصُ الْأُمِّ وَرَجَّحُوا جَوَازَ أَكْلِ النَّاذِرِ مِنْ الشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ لِنَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدِي إلْحَاقُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ كَوْنُ وَضْعِهَا التَّطْهِيرَ بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ وَضْعَهُ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ عَلَى الْعَلَوِيِّ أَخْذُ مَا نَذَرَ بِهِ صَاحِبُهُ لِعَلَوِيٍّ وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ وَضْعَهُ، بَلْ وَضْعُهُ التَّقَرُّبُ الْمُشْعِرُ بِرِفْعَةِ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِمْ الْمُنَاسِبَةِ لِعُلُوِّ رُتْبَتِهِمْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: كُلُّ وَاجِبٍ إلَخْ) يَدْخُلُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةُ الْوَاجِبَةُ وَالْجَزَاءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَالنَّذْرِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ: الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعِ) أَيْ فَيَحِلُّ لَهُمْ (قَوْلُهُ: الْكُلَّ) أَيْ الْوَاجِبَ وَالْمُتَطَوِّعَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَى قَوْلِهِ وَأَفْتَى فِي النِّهَايَةِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْتَ إلَى أَفْتَى الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَخْذَ الزَّكَاةِ قَدْ يَكُونُ شَرَفًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُ قَوْلَهُ: صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِعْطَاءُ الْغَازِي لِتَرْغِيبِهِ فِي الْجِهَادِ لَا لِشَرَفِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مُمَوَّنًا) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ سَهْمٌ إلَى أَفْتَى الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ إلَى وَأَفْتَى (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مُمَوِّنًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْفَقِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي اسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ لَا فِي قَبْضِهَا (قَوْلُهُ: تَارِكًا إلَخْ) حَالٌ مِنْ الْمُسْتَتِرِ فِي " بَالَغَ ". اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ: ظَنَّ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ: فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْآخِذِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَمًى) عَطْفٌ عَلَى لِفَاسِقٍ (قَوْلُهُ: يُوَكَّلَانِ) أَيْ: الْأَعْمَى الْآخِذُ وَالْأَعْمَى الدَّافِعُ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ أَبٌ قَوِيٌّ صَحِيحٌ فَقِيرٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ لَا؟ أَفْتَى ابْنُ يُونُسَ عِمَادُ الدِّينِ بِالثَّانِي وَأَخُوهُ كَمَالُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ: الْجَوَازُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنَّمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ الْقَوْلُ بِلُزُومِ الْكَسْبِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الِابْنِ الْغَنِيِّ وَصَوَّرَ الْمُغْنِي الْمَسْأَلَةَ كَمَا مَرَّ آنِفًا بِمَا إذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْأَبِ وَعَلَى هَذَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْإِفْتَاءَيْنِ
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ) إلَى قَوْلِهِ لِمَا صَحَّ فِي النِّهَايَةِ
قَوْلُهُ: وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ، وَاجِبٍ) يَدْخُلُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةُ الْوَاجِبَةُ، وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مُمَوِّنًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَا عَمًى عَطْفٌ عَلَى الْفَاسِقِ
. (فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ، وَقَدْرِ الْمُعْطِي)
فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مَا الْمُرَادُ بِفَقِيرِ الْبَلَدِ
(مَنْ طَلَبَ زَكَاةً) ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ، وَأُرِيدَ إعْطَاؤُهُ وَآثَرَ الطَّلَبَ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ (وَعَلِمَ الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ وَذُكِرَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ دَخْلَهُ فِيهَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (اسْتِحْقَاقَهُ) لَهَا (أَوْ عَدَمَهُ عُمِلَ بِعِلْمِهِ) وَلَا يَخْرُجُ عَلَى خِلَافِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى السُّهُولَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا إضْرَارٌ بِالْغَيْرِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا مَا سَيُذْكَرُ ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَامَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ حَالِهِ (فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً) ، أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ، وَإِنْ كَانَ جَلْدًا قَوِيًّا (لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً) لِعُسْرِهَا وَكَذَا يَحْلِفُ، وَإِنْ اُتُّهِمَ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى مَنْ سَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ، وَلَمْ يُحَلِّفْهُمَا مَعَ أَنَّهُ رَآهُمَا جَلْدَيْنِ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا أَصْلٌ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُدْمِ: وَلَمْ يُعْتَبَرْ صلى الله عليه وسلم ظَاهِرُ الْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ أَخْرَقَ لَا كَسْبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَظْهَرَ فِي أَمْرِهِمَا فَأَنْذَرَهُمَا أَيْ: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبَغَوِيّ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَيْ: أَوْ الْمَالِكِ ذَلِكَ فِيمَنْ يَشُكُّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ) يُغْنِيهِ (وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ) بَيِّنَةً رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِتَلَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ سَوَاءٌ ادَّعَى سَبَبًا ظَاهِرًا أَمْ خَفِيًّا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْوَدِيعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَهُنَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَزَعْمُ أَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْفَقْرُ يُبْطِلُهُ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عُرِفَ لَهُ مَالٌ يُغْنِيهِ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا فِي الْأَصَحِّ) يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لِسُهُولَتِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعِيَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَقْتَضِي الْمُرُوءَةُ بِإِنْفَاقِهِ مِمَّنْ يُمْكِنُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَغَيْرِهِ. اهـ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَغَيْرُهُمْ يَسْأَلُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ يَسْأَلُ هُوَ لَهُمْ
(وَيُعْطَى) مُؤَلَّفٌ بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَى ضَعْفَ نِيَّتِهِ دُونَ شَرَفٍ، أَوْ قِتَالٍ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا وَتَعَذُّرِهَا عَلَى الْأَوَّلِ (غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ) بِقِسْمَيْهِ (بِقَوْلِهِمَا) بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَإِنَّمَا يُعْطِيَانِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِيَتَهَيَّآ لَهُ (فَإِنْ) أَعْطِيَا فَخَرَجَا، ثُمَّ رَجَعَا اسْتَرَدَّ فَاضِلَ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا وَكَذَا فَاضِلُ الْغَازِي بَعْدَ غَزْوِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ وَقْعٌ عُرْفًا وَلَمْ يُقَتِّرْ عَلَى نَفْسِهِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا
وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مُسْتَنَدِ الْإِعْطَاءِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْرِ الْمُعْطَى) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْإِعْطَاءِ نَفْسِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ) أَيْ: مِنْ مَنْصُوبِ الْإِمَامِ لِتَفْرِقَتِهَا وَمِنْ الْمَالِكِ الْمُفَرِّقِ بِنَفْسِهِ وَوَكِيلِهِ فِي التَّفْرِيقِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: بَلْ يُعْمَلُ هُنَا بِعِلْمِهِ. اهـ. سم خِلَافًا ل ع ش عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: عُمِلَ بِعِلْمِهِ أَيْ: مَا لَمْ تُعَارِضْهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ عَارَضَتْهُ عُمِلَ بِهَا دُونَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا إلَخْ) وَمِثْلُ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ نِهَايَةٌ أَيْ: فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ دَفَعَ لَهُ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ جَلْدًا قَوِيًّا ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: يُسَنُّ لِلْإِمَامِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ مَنْصُوبَ الْإِمَامِ وَوَكِيلَ الْمَالِكِ كَذَلِكَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: يُغْنِيهِ) قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى تَرْكُ هَذَا الْقَيْدِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ يُتَمِّمُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَتَابَعَهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ قَدْرًا لَا يُغْنِيهِ لَمْ يُطَالَبْ بِبَيِّنَةٍ إلَّا عَلَى تَلَفِ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ، وَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ انْتَهَى. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةُ رَجُلَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ ادَّعَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا إلَخْ) وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهَادَةٍ وَاسْتِشْهَادٍ وَدَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ، وَيُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ الِاسْتِفَاضَةُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا يَأْتِي كُلُّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ: عَدَمُ الضَّمَانِ أَيْ: فَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ إنْ كَانَ السَّبَبُ ظَاهِرًا وَقَوْلُهُ: عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ: فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ادَّعَى إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مَجِيءُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ هُنَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، أَوْ خَفِيٍّ (قَوْلُهُ: يُكَلَّفُ بَيِّنَةً) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُمْكِنُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا عِبَارَةُ سم كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْهَاشِمِيِّ وَالْمُطَّلِبِيِّ وَالْكَافِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمْ يَسْأَلُونَ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ
(قَوْلُهُ: دُونَ شَرَفٍ) أَيْ: الْمَارِّ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ قِتَالٍ أَيْ: الْمَارِّ بِقِسْمَيْهِ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرُهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ لِمَا مَرَّ فِي الْغَارِمِ أَنَّ لَهَا اعْتِمَادَ الْقَرَائِنِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَغَازٍ) وَمِثْلُهُ الْمُؤَلَّفَةُ إذْ قَالُوا: نَأْخُذُ لِنَدْفَعَ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ نَأْتِيَ بِالزَّكَاةِ مِنْ مَانِعِيهَا. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ الْمَارِّ آنِفًا أَوْ قِتَالٍ نَصُّهُ يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا فِي قِتَالٍ وَقَعَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِقِتَالٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى بِقَوْلِهِ كَالْغَازِي، بَلْ هُوَ غَازٍ مَخْصُوصٌ م ر. اهـ. (قَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ) أَيْ: الْمُنْشِئِ وَالْمُجْتَازِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: قَلَّ، أَوْ كَثُرَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ أَنَّهُمَا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَنْفَقَا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ
الَّذِي تُصْرَفُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ؟ هَلْ هُوَمَنْ أَدْرَكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَبِنِيَّتِهِ يُقْطَعُ التَّرَخُّصُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْفُقَرَاءُ الزَّكَاةَ هَلْ يُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ أَمْ لَا؟ ، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الْمُرَادُ بِفَقِيرِ الْبَلَدِ مَنْ كَانَ بِبَلَدِ الْمَالِ عِنْدَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ إذَا امْتَنَعُوا مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ قُوتِلُوا، وَلَا يَصِحُّ لَهُمْ إبْرَاءُ رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: بَلْ يُعْمَلُ هُنَا بِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جَلْدًا قَوِيًّا) فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُ الشَّرْحِ، وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، أَوْ زَمِنًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْوَدِيعِ)، وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ التَّفْرِيقُ كَالْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُمْكِنُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ الْهَاشِمِيِّ، وَالْمُطَّلِبِيِّ، وَالْكَافِرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ قِتَالٍ) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا فِي قِتَالٍ، وَقَعَ، أَوْ وَاقِعٍ أَمَّا لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِقِتَالٍ مُسْتَقْبَلٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى بِقَوْلِهِ: كَالْغَازِي بَلْ هُوَ
أُعْطِيَا فَوْقَ حَاجَتِهِمَا.
(تَنْبِيهٌ) مَرَّ أَنَّ لِابْنِ السَّبِيلِ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ لِغَيْرِ حَوَائِجِ السَّفَرِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى اسْتِرْدَادُ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَوْ بَقِيَ مَا أُعْطِيَهُ وَصُرِفَ مِنْهُ هَلْ كَانَ يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ لَا؟ ، فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَوْ صُرِفَ مِنْ عَيْنِ مَا أُعْطِيَهُ وَقَدْ يُقَالُ: يُنْسَبُ مَا صَرَفَهُ قَتَّرَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ لَا لِمَأْخُوذِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَأْخُوذِ شَيْءٌ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ بِقَدْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ صُدِّقَ، وَلَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ (لَمْ يَخْرُجَا) بِأَنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَقْرِيبًا، وَلَمْ يَتَرَصَّدَا لِلْخُرُوجِ وَلَا انْتَظَرَا رُفْقَةً وَلَا أُهْبَةً (اسْتَرَدَّ) مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ أَيْ: إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ، وَكَذَا لَوْ أُخْرِجَ الْغَازِي، وَلَمْ يَغْزُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ وَصَلَ بِلَادَهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلْ لِبُعْدِ الْعَدُوِّ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِهِمْ، وَقَدْ وُجِدَ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: رَجَعَ مَا لَوْ مَاتَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَقْصِدِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ إلَّا مَا بَقِيَ، وَإِلْحَاقُ الرَّافِعِيِّ بِالْمَوْتِ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْغَزْوِ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا يَسْتَرِدُّ مِنْ مُكَاتَبٍ كَمَا مَرَّ وَغَارِمٍ اسْتَغْنَيَا عَنْ الْمَأْخُوذِ بِنَحْوِ إبْرَاءٍ، أَوْ أَدَاءً مِنْ الْغَيْرِ
(وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ) وَلَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ (بِبَيِّنَةٍ) لِسُهُولَتِهَا بِمَا ادَّعَوْهُ، وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ دَعْوَى الْعَامِلِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَعْلَمُ إذْ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُ، وَيُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ حِصَّتَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ نَائِبِهِ بِمَحَلِّ كَذَا لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، أَوْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَنَسِيتَ أَنَّك الْعَامِلُ، أَوْ مَاتَ مُسْتَعْمِلُهُ فَطَلَبَ مِمَّنْ تَوَلَّى مَحَلَّهُ حِصَّتَهُ، وَصَوَّرَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنْ يَأْتِيَ لِرَبِّ الْمَالِ، وَيُطَالِبَهُ وَيَجْهَلَ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ إنْ فَرَّقَ فَلَا عَامِلَ، وَإِنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ فَلَا وَجْهَ لِمُطَالَبَتِهِ الْمَالِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُطَالِبَ قَالَ لِلْمَالِكِ: أَنَا عَامِلُ الْإِمَامِ فَادْفَعْ لِي زَكَاتَك، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي هَذَا، بَلْ فِي طَلَبِ الْعَامِلِ لِحِصَّتِهِ الْمُقَابِلَةِ لِعَمَلِهِ، وَأَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ بَعْضَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمَالِكِ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُعْطِيَ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَجَاءَهُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ عَامِلُ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَيُكَلِّفُهُ الْبَيِّنَةَ حِينَئِذٍ، وَابْنُ الرِّفْعَة بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَقَاتِ، وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَطَالَبَ بِالْأُجْرَةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي بِأُجْرَةٍ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ لَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ التَّفْرِقَةَ أَيْضًا، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى الْقَبْضَ وَالتَّفْرِقَةَ، وَطَلَبَ أُجْرَتَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَيُرَدُّ بِنَظِيرِ مَا قَبْلَهُ (وَهِيَ) أَيْ: الْبَيِّنَةُ فِيمَا ذُكِرَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) ، أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهَادَةٍ وَاسْتِشْهَادٍ وَدَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ.
الْمَقْصِدِ زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ اسْتَرَدَّ الزَّائِدَ مِنْهُمَا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُمَا أُعْطِيَا فَوْقَ حَاجَتِهِمَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ مَرَّ) أَيْ: فِي التَّنْبِيهِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَنَّ لِابْنِ السَّبِيلِ صَرْفَ مَا أَخَذَهُ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ اكْتِسَابِ قَدْرِ مَا أَخَذَ لَا قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: يُنْسَبُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ، وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ تَرْجِيحَ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ تَوْجِيهَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَخْ وَاضِحُ الْمَنْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَضَتْ) إلَى قَوْلِهِ: وَكَذَا يَسْتَرِدُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ: إنْ بَقِيَ إلَى وَكَذَا لَوْ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ: إنْ بَقِيَ إلَى وَخَرَجَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) قَدْ يَتَّجِهُ الْإِعْطَاءُ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَ لَهُ فَلَمَّا وَصَلَ إلَيْهِ وَجَدَ الْعَدُوَّ وَقَدْ هَرَبَ وَأُبْعِدَ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْمَقْصِدِ إلَخْ) هَلْ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَمُتْ لَغَزَا؟ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمُمْتَنِعِ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَسْتَرِدُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يَخْتَصُّ الِاسْتِرْدَادُ بِهِمَا، بَلْ إذَا أُعْطِيَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ اسْتَغْنَى عَمَّا أَعْطَيْنَاهُ بِتَبَرُّعِ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ، أَوْ إبْرَائِهِ عَنْ النُّجُومِ اسْتَرَدَّ مَا قَبَضَهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعِتْقِ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَلَوْ سَلَّمَ بَعْضَهُ لِسَيِّدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ بِالْمَقْبُوضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ: مُتَعَيِّنٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْغَارِمِ إذَا اسْتَغْنَى عَمَّا أَخَذَهُ بِإِبْرَاءٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحِ وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُحْتَمَلُ إلَى وَابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْغُرْمِ مَا إذَا غَرِمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ لِشُهْرَةِ أَمْرِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِحْيَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَسْتَفِضْ غُرْمُهُ لِذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ إلَى أَنَّهُ إنْ اشْتَهَرَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا احْتَاجَ كَالْغَارِمِ لِمَصْلَحَتِهِ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَهُوَ حَسَنٌ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِبَيِّنَةٍ) أَيْ: بِالْعَمَلِ وَالْكِتَابَةِ وَالْغُرْمِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يُقِيمَ الْمُكَاتَبُ بَيِّنَةً بِمَا بَقِيَ مِنْ النُّجُومِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: دَعْوَى الْعَامِلِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مُطَالَبَةُ الْعَامِلِ بِالْبَيِّنَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَشْكَلَ (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ) فَلَا تَتَأَتَّى مُطَالَبَةُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلُ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْإِمَامِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ طَلَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يُرِيدَ) أَيْ: السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُرِيدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَنْ يُرِيدَ إلَخْ وَيُرَدُّ هَذَا بِنَظِيرِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) كَقَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَذْرَعِيُّ عَطْفٌ عَلَى السُّبْكِيّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: الْبَيِّنَةُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَقَدْ يَحْصُلُ إلَى وَاسْتِقْرَارٌ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُعْطَى فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: هُنَا وَفِيمَا مَرَّ
غَازٍ مَخْصُوصٌ م ر. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ مَرَّ) أَيْ: فِي تَنْبِيهٍ. (قَوْلُهُ: لِابْنِ السَّبِيلِ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ لِغَيْرِ حَوَائِجِ السَّفَرِ) أَيْ: بَعْدَ اكْتِسَابِ قَدْرِ مَا أَخَذَهُ لَا قَبْلَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْمَقْصِدِ) هَلْ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَمُتْ لَغَزَا؟ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْبَيِّنَةُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، وَمَحَلُّهُ إنْ شَهِدَتْ بِنَحْوِ هَلَاكِ مَالِهِ أَمَّا إذَا شَهِدَتْ بِإِعْسَارِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ خِبْرَتِهَا بِبَاطِنِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ شَرْحُ الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إخْبَارُ عَدْلَيْنِ)
(وَيُغْنِي عَنْهَا) فِي سَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي يُحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ فِيهَا (الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَوْمٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَغَيْرِهِ، وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الظَّنُّ الْمُجَوِّزُ لِلْإِعْطَاءِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ:(وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَلَا نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ بِإِخْبَارِ الْغَرِيمِ هُنَا وَحْدَهُ مَعَ تُهْمَتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ ظَنَّ صِدْقَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ وَلَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْغَرِيمِ وَالسَّيِّدِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَثِقَ بِقَوْلِهِمَا، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الصِّدْقُ قَالَ: وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ قَطْعًا. اهـ
وَبَعْدَ أَنْ مَهَّدَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا مَا يُثْبِتُ بِهِ الْوَصْفَ الْمُقْتَضِيَ لِلِاسْتِحْقَاقِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قَدْرِ مَا يُعْطَاهُ كُلٌّ فَقَالَ: (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) اللَّذَانِ لَا يُحْسِنَانِ التَّكَسُّبَ بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ (كِفَايَةَ سَنَةٍ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لَا يَعُودُ إلَّا بِمُضِيِّهَا. (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) فِي الْأُمِّ (وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى (كِفَايَةَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ) أَيْ: مَا بَقِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً إذْ لَا حَدَّ لِلزَّائِدِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْت جَزْمَ بَعْضِهِمْ الْآتِيَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ حِرْفَةً تَكْفِيهِ الْكِفَايَةَ اللَّائِقَةَ بِهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَيُعْطَى ثَمَنَ آلَةِ حِرْفَتِهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ لَهُ الْإِذْنُ لَهُ فِي الشِّرَاءِ، أَوْ الشِّرَاءُ لَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي
اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الصُّوَرِ) أَيْ: مِنْ الْأَصْنَافِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعَامِلِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ كَمَا يُوهِمُهُ السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: الِاسْتِفَاضَةُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ) أَيْ: حُصُولِ الِاسْتِفَاضَةِ هُنَا بِثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَرَّقُ) أَيْ: بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الظَّنُّ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمُغْنِي يُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ تُهْمَتِهِ) أَيْ: بِالتَّوَاطُؤِ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ يُفَرِّقُ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، أَوْ وَكَالَةٍ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: اللَّذَانِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ثُمَّ رَأَيْتُ إلَى أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إلَخْ) هَذَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِمَنْعِ النَّقْصِ لَا لِمَنْعِ الزِّيَادَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَالزَّكَاةُ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَيَسْتَغْنِي بِهَا سَنَةً فَسَنَةً. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَوْلُهُ: أَنْ يُزَادَ إلَخْ أَيْ: أَوْ يُقْصَرَ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ: كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ جَارِيًا فِي حَقِّ مُمَوِّنِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ مَثَلًا وَمُمَوِّنُهُ ابْنَ خَمْسِينَ مَثَلًا، وَإِنَّمَا يُعْطِيهِ لِلْمُمَوِّنِ كِفَايَةَ عَشْرٍ فَقَطْ ثُمَّ كِفَايَةَ سَنَةٍ فَسَنَةٍ وَلَوْ فُرِضَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَهَلْ يُعْطَى كِفَايَةَ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمَوَّنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُعْطَى كِفَايَةَ عَشْرٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ، أَوْ يُعْطَى كِفَايَةَ عَشْرٍ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمَوِّنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ وَلَا يُعْلَمُ بَقَاءُ الْمَتْبُوعِ بَعْدَهَا حَتَّى تَسْتَمِرَّ التَّبَعِيَّةُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْتُ عَنْ ع ش الْجَزْمَ بِالثَّانِي وَفِيهِ هُنَا مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا لَمْ يَكْفِهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ، أَوْ فَرْعٌ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَوْا كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّعُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَدْفَعُ حَاجَتَهُمْ مِنْ تَوْسِعَةِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا بِتَيْسِيرِ مَالٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْغَالِبِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ وَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ يَمْلِكُونَ مَا أَخَذُوهُ مِلْكًا مُطْلَقًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) الظَّاهِرُ التَّذْكِيرُ إذْ الْمَرْجِعُ الْعُمْرُ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: آنِفًا قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ: فَيَشْتَرِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ ثَمَنُهَا قِيمَةَ عَقَارٍ يَكْفِيهِ غَلَبَتَهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجِيءَ نَظِيرُهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الشِّرَاءَ لَهُ) أَيْ: شِرَاءَ الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَيَجْزِي قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَقَبْضِ
وَذِكْرُ الثَّلَاثَةَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ لِلِاسْتِظْهَارِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَيُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ، أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْحَالِ وَاحِدٌ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: كَفَى وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى لِلْأَصْحَابِ رَمْزًا إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْغُرْمَ، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ اهـ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ، وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ: أَوَّلًا لَهُ إعْطَاءُ مَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَنْ ادَّعَى فَقْرًا، أَوْ مَسْكَنَةً أَنَّ ذَاكَ يُعْطَى مَعَ الشَّكِّ بِخِلَافِ هَذَا قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى لِلْأَصْحَابِ رَمْزًا إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْغُرْمَ، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ. اهـ، فَقَضِيَّةُ مَا صَدَّرَا بِهِ كَلَامَهُمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ التَّرَدُّدِ الْجَوَازُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ عَلَيْهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ مُخْتَصَرِي الرَّوْضَةِ: وَيَقُومُ مَقَامَ الْعَدْلَيْنِ الِاسْتِفَاضَةُ، أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَعُلِمَ الِاكْتِفَاءُ فِي سَائِرِ مَا مَرَّ هُنَا بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَهُوَ اشْتِهَار الْحَالِ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا يَكْفِي فِي الدَّيْنِ قَطْعًا مَرْدُودٌ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا لِحَدِّ التَّوَاتُرِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَلَا فِي الْوَاحِدِ الْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورَةُ، بَلْ وَلَا الْعَدَالَةُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ يُفَرِّقُ مَالَهُ، وَمَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، أَوْ وَكَالَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْغَالِبِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ الشِّرَاءُ لَهُ) هَذَا يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ هُنَا مَعَ عَدَمِ قَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي مِمَّا يَدُلُّ لَهُ عَلَى هَذَا
أَوْ تِجَارَةً فَيُعْطَى رَأْسَ مَالٍ يَكْفِيهِ كَذَلِكَ رِبْحُهُ غَالِبًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ بَلَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالنَّوَاحِي وَقَدَّرُوهُ فِي أَرْبَابِ الْمَتَاجِرِ بِمَا كَانُوا يَتَعَارَفُونَهُ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا يَنْضَبِطُ إلَّا بِمَا ذَكَرْتُهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَلَوْ أَحْسَنَ أَكْثَرَ مِنْ حِرْفَةٍ، وَالْكُلُّ يَكْفِيهِ أُعْطِيَ ثَمَنَ، أَوْ رَأْسَ مَالِ الْأَدْنَى، وَإِنْ كَفَاهُ بَعْضُهُمْ فَقَطْ أُعْطِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا أُعْطِيَ لِوَاحِدَةٍ وَزِيدَ لَهُ شِرَاءُ عَقَارٍ يُتِمُّ دَخْلُهُ بَقِيَّةَ كِفَايَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(تَنْبِيهٌ)
لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ هُنَا بَيَانَ قَدْرِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ، وَاَلَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ هُنَا بِالسِّتِّينَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ دُخُولُهَا أَوْ بِالسَّبْعِينَ احْتِيَاطًا لِلْأَخْذِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ تَرْجِيحُ هَذَا مِنْ أَنَّا إذَا قُلْنَا فِي الْمَفْقُودِ بِالتَّقْدِيرِ يَكُونُ سَبْعِينَ، وَقِيلَ: ثَمَانِينَ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ، وَقِيلَ: مِائَةً وَقِيلَ: مِائَةً وَعِشْرِينَ فَالسَّبْعُونَ أَقَلُّ مَا قِيلَ عَلَى هَذَا فَالْأَخْذُ بِهَا هُنَا غَيْرُ بَعِيدٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ هُنَا بِأَنَّهُ سِتُّونَ، وَبَعْدَهَا يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ سَنَةً وَهَكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِعْطَاءِ مَنْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ إعْطَاءَ نَقْدٍ يَكْفِيهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِتَعَذُّرِهِ، بَلْ ثَمَنَ مَا يَكْفِيهِ دَخْلُهُ (فَيَشْتَرِي بِهِ) إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ، وَكَانَ رَشِيدًا، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ (عَقَارًا) ، أَوْ نَحْوَ مَاشِيَةٍ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا. (يَسْتَغِلُّهُ) وَيَغْتَنِي بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ فَيَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْمَصْلَحَةِ الْعَائِدَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ تِجَارَةً وَلَا حِرْفَةً، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفْهَمهُ قَوْلِي: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، وَغَيْرِهِ، وَأَفْهَمهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْمَالِكِ شِرَاءَهُ لَهُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْغَازِي، وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِالشِّرَاءِ وَعَدَمِ إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
الْمَصْلَحَةِ
الْعَامَّةِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِمَا فِيهِ مِنْ جَبْرِ الرَّشِيدِ، وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ فَلَا يَحِلُّ.
وَلَا يَصِحُّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحَقِّينَ بِإِغْنَائِهِ عَنْهُمْ وَلَوْ مَلَكَ هَذَا دُونَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ كَمَّلَ لَهُ مِنْ الزَّكَاةِ كِفَايَتَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى بَعْضِ مُعَاصِرِيهِ فِي اشْتِرَاطِ اتِّصَافِهِ يَوْمَ الْإِعْطَاءِ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ أَيْ: بِاحْتِيَاجِهِ حِينَئِذٍ لِلْمُعْطِي، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ كَانَ مَعَهُ تِسْعُونَ وَلَا يَكْفِيهِ إلَّا رِبْحُ مِائَةٍ أُعْطِيَ الْعَشَرَةَ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَفَتْهُ التِّسْعُونَ لَوْ أَنْفَقَهَا مِنْ غَيْرِ اكْتِسَابٍ فِيهَا سِنِينَ لَا تَبْلُغُ الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَإِنْ قُلْت: إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ عَقَارٌ يَكْفِيهِ دَخْلَهُ بَطَلَ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَقَارِ بَقَاؤُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ قُلْت: مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَاتِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْبَقَاءِ عَادَةً، وَعِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَيُعْطَى لِمَنْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ الْغَالِبِ عَشَرَةٌ مَثَلًا عَقَارٌ يَبْقَى عَشَرَةً، وَهَكَذَا عَلَى أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَنْعَ إعْطَاءِ عَقَارٍ يَزِيدُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ بَلْ مَنْعُ إعْطَاءِ مَا يَنْقُصُ عَنْهُ.
وَأَمَّا مَا يُسَاوِيهِ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَا تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي فَقَطْ اُشْتُرِيَ لَهُ
الْمُسْتَحِقِّ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ تِجَارَةٍ) عَطْفٌ عَلَى حِرْفَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدَّرُوهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَأَوْضَحُوهُ بِالْمِثَالِ فَقَالُوا: الْبَقْلِيُّ يَكْفِيهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَالْبَاقِلَّانِيّ عَشْرَةٌ، وَالْفَاكِهَانِيُّ عِشْرُونَ، وَالْخَبَّازُ خَمْسُونَ، وَالْبَقَّالُ مِائَةٌ، وَالْعَطَّارُ أَلْفٌ، وَالْبَزَّازُ أَلْفَانِ، وَالصَّيْرَفِيُّ خَمْسَةُ آلَافٍ، وَالْجَوْهَرِيُّ عَشَرَةُ آلَافٍ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ، فَلَوْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِمْ، أَوْ نَقَصَ عَنْهَا نَقَصَ أَوْ زِيدَ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا ذَكَرْتُهُ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ عَادَةِ بَلَدِهِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ حِرْفَةٍ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ التِّجَارَةَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ رَأْسَ مَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ لِوَاحِدَةٍ) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَمَّا لَوْ كَفَاهُ ثِنْتَانِ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ لَهُمَا وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ شِرَاءِ الْعَقَارِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّهُ سِتُّونَ) وَكَذَا جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا يُعْطَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: التَّكَسُّبُ بِحِرْفَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ) تَرَكَهُ شَرْحُ م ر. اهـ. سم لَكِنْ ذَكَرَهُ الْمُغْنِي كَالشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْمُكَاتَبُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ إلَى أَخْذًا، وَقَوْلُهُ وَعَلَى بَقِيَّةِ إلَى وَلَوْ مَلَكَ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَى هَذَا كُلِّهِ (قَوْلُهُ: شِرَاءَهُ لَهُ) أَيْ: وَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ بِنِيَّتِهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم أَيْ: بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ، أَوْ لَا ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي الْغَازِي. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ حَلَّ وَصَحَّ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ م ر سم عَلَى حَجّ وَصَرِيحُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ. فَيُقَالُ: مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِلْزَامِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَعَلَى بَقِيَّةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِإِغْنَائِهِ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَ هَذَا) أَيْ: مَنْ لَا يُحْسِنُ الْكَسْبَ. اهـ. كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْفَقِيرِ، وَالْمِسْكِينِ، أَوْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْكَسْبَ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ) كَانَ السُّبْكِيُّ لَا يَرَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تَعْرِيفِ الْفَقِيرِ، وَالْمِسْكِينِ كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ، وَالْأَتَمُّ مَا ادَّعَاهُ هُنَا مِنْ غَيْرِ مُنَازَعَةٍ فِي هَذَا الِاشْتِرَاطِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ مَعَهُ تِسْعُونَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَتْهُ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) مَا فَائِدَتُهُ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ: مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: -
قَوْلُهُ: أَعْطَى لِوَاحِدَةٍ) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ، وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ كَفَاهُ ثِنْتَانِ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ لَهُمَا، وَيَسْتَغْنِي عَنْ شِرَاءِ الْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ هُنَا بِأَنَّهُ سِتُّونَ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ إلَخْ) تَرَكَهُ م ر. (قَوْلُهُ: شِرَاءَهُ لَهُ) أَيْ: بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَخْذِهِ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْغَازِي، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ مِمَّا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ أَلْزَمَهُ بِمَا ذُكِرَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ حَلَّ، وَصَحَّ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحَقِّينَ) عَطْفٌ عَلَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ:
وَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عَرَضَ انْهِدَامُ عَقَارِهِ الْمُعْطَى أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يُعَمِّرُهُ بِهِ عِمَارَةً تَبْقَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ نَعَمْ إنْ فُرِضَ وُجُودُ مَبْنًى أَخَفَّ مِنْ عِمَارَةِ ذَاكَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَالَ: يَتَعَيَّنُ شِرَاؤُهُ لَهُ، وَيُبَاعُ ذَاكَ وَيُوزَنُ ثَمَنُهُ فِي هَذَا، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مَحْصُورِينَ أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ، وَهَلْ مِلْكُهُمْ لَهُ بِعَدَدِ رُءُوسِهِمْ، أَوْ قَدْرَ حَاجَاتِهِمْ، أَوْ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا الْكِفَايَةَ دُونَ الزَّائِدِ عَلَيْهَا؟ . تَرَدَّدَ فِيهِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مَا يَكْفِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَاتِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ لِأَحَدِهِمْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا مِلْكَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ مَنُوطٌ بِالْمُفَرِّقِ لَا بِمُسْتَحَقٍّ مُعَيَّنٍ فَنُظِرَ فِيهِ لِاجْتِهَادِهِ وَرِعَايَةُ الْحَاجَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ إنَّمَا تَقْتَضِي الْإِثْمَ عِنْدَ الْإِخْلَالِ بِهَا لَا مَنْعَ الْإِجْزَاءِ، وَهَذَا الْمِلْكُ فِيهِ مَنُوطٌ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لِمُعَيَّنٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمُفَرِّقِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُرَجِّحَ إلَّا الْكِفَايَةُ، فَوَجَبَ مِلْكُهُمْ بِحَسَبِهَا، وَأَنَّ الْفَاضِلَ عَنْهَا يُحْفَظُ حَتَّى يُوجَدَ غَيْرُهُمْ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْ زَادَتْ الزَّكَاةُ عَلَى كِفَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِكَثْرَتِهَا وَقِلَّتِهِمْ لَزِمَهُ قِسْمَتُهَا كُلُّهَا عَلَيْهِمْ، وَيَنْتَقِلُ بَعْدَهُمْ لِوَرَثَتِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ ثَمَّ، أَوَّلَهُ أَنَّ مَا زَادَ مِنْ الزَّكَوَاتِ عَلَى كِفَايَتِهِمْ يُحْفَظُ لِوُجُودِهِمْ
(وَ) يُعْطَى (الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ) لِغَيْرِ نَحْوِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ الْغَنِيِّ أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْرَ دَيْنِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ لِبَعْضِهِ وَإِلَّا فَمَا يُوفِيهِ فَقَطْ. (وَابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوصِلُهُ مَقْصِدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مَالٌ. (أَوْ مَوْضِعِ مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ مَالٌ فَإِنْ كَانَ بِبَعْضِهِ بَعْضُ مَا يَكْفِيهِ كُمِّلَ لَهُ كِفَايَتُهُ وَيُعْطَى لِرُجُوعِهِ أَيْضًا إنْ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَالْأَحْوَطُ تَأْخِيرُهُ إلَى شُرُوعِهِ فِيهِ إنْ تَيَسَّرَ أَيْ: وَوُجِدَ شَرْطُ النَّقْلِ
وَيَظْهَرُ أَيْضًا إلَخْ) وَلَوْ أَتْلَفَ مَا أُعْطِيَهُ مِنْ الْمَالِ تَعَدِّيًا فَهَلْ يُعْطَى بَدَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ، أَوْ إنْ تَابَ، أَوْ لَا يُعْطَى أَصْلًا لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ وَلَوْ قِيلَ يُعْطَى مُطْلَقًا مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ إتْلَافُهُ لِهَذَا أَيْضًا فَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ ثِقَةٍ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. إمْدَادٌ (قَوْلُهُ: وَيُوزَنُ إلَخْ) أَيْ: يُصْرَفُ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَمَا ضَمَّهُ إلَيْهِ الشَّارِحُ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ: فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: يَمْلِكُونَهُ) أَيْ الزَّكَاةَ، وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ السَّهْمِ الْوَاجِبِ الْمَالِيِّ (قَوْلُهُ: بِعَدَدِ رُءُوسِهِمْ) أَيْ: وَإِنْ زَادَتْ الزَّكَاةُ عَلَى حَاجَاتِهِمْ وَلَمْ تُسَاوِ حَاجَاتِهِمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَ حَاجَاتِهِمْ أَيْ: وَلَوْ زَادَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْكِفَايَةَ) أَيْ: كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ إلَخْ)، وَهُوَ الشِّقُّ الْأَخِيرُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمْ أَيْ: الْمَحْصُورِينَ يَمْلِكُونَهُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي) فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمْ) أَيْ: الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ لِلْمَحْصُورِينَ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مِلْكَ) أَيْ: لِعَدَمِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: لَا مِلْكَ) أَيْ: لَا حَصْرَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ: مَا انْتَفَى فِيهِ الْمِلْكُ لِعَدَمِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: وَرِعَايَةِ الْحَاجَةِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَقَوْلُهُ: الْوَاجِبَةِ نَعْتُ رِعَايَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا وُجِدَ فِيهِ الْحَصْرُ وَقَوْلُهُ: الْمِلْكُ فِيهِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: مَنُوطٌ إلَخْ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ هَذَا.
(قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لِمُعَيَّنٍ) الْأَوْلَى بِمُعَيَّنٍ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْفَاضِلَ يُحْفَظُ إلَخْ) هَلَّا نَقَلَ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ إلَخْ أَنَّ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ يُنْقَلُ وَعَلَى ظَاهِرِ مَا هُنَا فَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَحْصُورِينَ وَذَاكَ بِغَيْرِهِمْ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: يَعْنِي فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُنْقَلُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ) أَيْ: بِمَا يُصَرِّحُ بِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَوَّلَهُ أَيْ: كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ أَنَّ مَا زَادَ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا يُصَرِّحُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِهِمْ) أَيْ: وُجُودِ أَمْثَالِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَيُعْطَى الْمُكَاتَبَ) إلَى قَوْلِهِ شَرْطَ النَّقْلِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا لَفْظَهُ نَحْوِ مِنْ قَوْلِهِ: لِغَيْرِ نَحْوِ إصْلَاحِ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ الْمُكَاتَبَ) أَيْ: كِتَابَةً صَحِيحَةً مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَإِنَّهُ أَيْ: الْمُسْتَدِينَ لِلْإِصْلَاحِ، وَإِنْ أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى إنَّمَا يُعْطَى قَدْرَ الدَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْتُ عِبَارَةَ الْأَسْنَى أَيْ: وَالْمُغْنِي، وَهِيَ يُعْطَى الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ مَا عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ مِنْ كُلِّ دَيْنٍ، أَوْ بَعْضِهِ نَعَمْ الْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ يُعْطَى الْكُلَّ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ. اهـ. وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا أَشَرْتُ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الْأَسْنَى إلَخْ وَيُوَافِقُهَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَحْوِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ إلَخْ) بِزِيَادَةِ نَحْوِ إطْلَاقِ الْغِنَى الشَّامِلِ لِلْغِنَى بِالنَّقْدِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِمَادِهِ لِبَحْثِهِ السَّابِقِ فِي الْغَارِمِ الْمُسْتَدِينِ لِنَحْوِ عِمَارَةِ مَسْجِدٍ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْتَدِينِ لِلْإِصْلَاحِ فَتَذَكَّرْ وَتَدَبَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ) أَيْ: الْغَارِمَ لِلْإِصْلَاحِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِبَعْضِهِ) أَيْ: فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْوَطُ تَأْخِيرُهُ إلَخْ) أَيْ: تَأْخِيرُ مَا يُعْطَاهُ لِلرُّجُوعِ إلَى شُرُوعِهِ فِيهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ زَادَ الْكُرْدِيُّ بِأَنْ يُرْسِلَهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَرْجِعُ مِنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَدَ شَرْطَ النَّقْلِ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَرْجِعُ مِنْهُ أَقْرَبَ مَحَلٍّ لِمَحَلِّ الْمَالِ مَعَ عَدَمِ الْأَصْنَافِ فِيهِ، أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ مَا يُرْسِلُهُ إلَى مَحَلِّ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: شَرْطَ النَّقْلِ) أَيْ: اللَّازِمَ لِإِعْطَائِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مَا يَكْفِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ) الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْفَاضِلَ عَنْهَا يُحْفَظُ حَتَّى يُوجَدَ غَيْرُهُمْ) هَلَّا نُقِلَ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَدِمَ الْأَصْنَافَ إلَخْ أَنَّ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ يُنْقَلُ، وَعَلَى ظَاهِرِ مَا هُنَا فَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْمَحْصُورِينَ، وَذَاكَ بِغَيْرِهِمْ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ) أَيْ: الْغَارِمَ لِلْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ: إلَى شُرُوعِهِ فِيهِ) أَيْ: فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَوُجِدَ شَرْطُ النَّقْلِ) أَيْ: اللَّازِمُ لِإِعْطَائِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ الْمَالِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا حِينَئِذٍ مُخْتَلِفٌ
إنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْمَالِكُ وَلِمُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا قَدْ لَا يُوجَدُ (وَ) يُعْطَى (الْغَازِي قَدْرَ حَاجَتِهِ) اللَّائِقَةِ بِهِ وَبِمُمَوَّنِهِ لِ (نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) لَهُ وَلَهُمْ (ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمُقِيمًا هُنَاكَ) أَيْ: فِي الثَّغْرِ، أَوْ نَحْوِهِ إلَى الْفَتْحِ، وَإِنْ طَالَ لِبَقَاءِ اسْمِ الْغَزْوِ مَعَ الطُّولِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، وَيُعْطِيَانِ جَمِيعَ الْمُؤْنَةِ لَا مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ فَقَطْ وَمُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ وَلَمْ يُقَدِّرُوا الْمُعْطَى لِإِقَامَةِ الْغَازِي، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُعْطَى لِأَقَلَّ مَا يَظُنُّ إقَامَتَهُ، ثُمَّ فَإِنْ زَادَ زِيدَ لَهُ، وَيُغْتَفَرُ لَهُ النَّقْلُ أَيْ: مِنْ الْمَالِكِ حِينَئِذٍ لِدَارِ الْحَرْبِ لِلْحَاجَةِ، أَوْ تُنَزَّلُ إقَامَتُهُ ثَمَّ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلَةَ إقَامَتِهِ بِبَلَدِ الْمَالِ.
(وَ) يُعْطِيهِ الْإِمَامُ لَا الْمَالِكُ لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ عَلَيْهِ (فَرَسًا) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَارِسًا (وَسِلَاحًا) وَلَوْ بِغَيْرِ شِرَاءٍ لِمَا يَأْتِي (وَيَصِيرُ ذَلِكَ) أَيْ: الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ (مِلْكًا لَهُ) إنْ أُعْطِيَ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ، أَوْ دَفَعَهُمَا لَهُ الْإِمَامُ مِلْكًا إذَا رَآهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا لَهُ، أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُمَا لِكَوْنِهِمَا مَوْقُوفَيْنِ عِنْدَهُ إذْ لَهُ شِرَاؤُهُمَا مِنْ هَذَا السَّهْمِ وَبَقَاؤُهُمَا وَوَقْفُهُمَا، وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ عَارِيَّةً مَجَازٌ إذْ الْإِمَامُ لَا يَمْلِكُهُ وَالْآخِذُ لَا يَضْمَنُهُ لَوْ تَلِفَ، بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ كَالْوَدِيعِ، لَكِنْ لَمَّا وَجَبَ رَدُّهُمَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْهُمَا أَشْبَهَا الْعَارِيَّةَ (وَيُهَيَّأُ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ (لَهُ وَلِابْنِ السَّبِيلِ
مَحَلَّهُمَا حِينَئِذٍ مُخْتَلِفٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْمَالِكَ) أَيْ: وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْإِمَامَ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِ شَرْطٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّقْلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ شَرْحَ الرَّوْضِ لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ يُعْطَى إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. اهـ. سم وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُمَا قَدْ لَا يُوجَدُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ حَيْثُ أُعْطِيَ مِنْ زَكَاةِ غَيْرِ بَلَدِ الْإِقَامَةِ وَإِلَّا فَيُعْطَى حِينَئِذٍ يَوْمًا فَيَوْمًا، أَوْ لِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ إنْ سَافَرَ قَبْلَهَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُ الْبَاقِي، عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ إلَّا إقَامَةَ مُدَّةَ الْمُسَافِرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ فَيُعْطَى لِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. زَادَ النِّهَايَةُ عَقِبَ قَوْلِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمَا أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَحَصَّلُ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، أَوْ تَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَيُعْطَى الْغَازِي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَمَا يُنْقَلُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُعْطَيَانِ إلَى وَلَمْ يُقَدِّرُوا وَقَوْلَهُ أَوْ تَنْزِلُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ بِالضَّابِطِ إلَى بِخِلَافِ مَا (قَوْلُهُ: وَيُعْطَيَانِ) أَيْ: ابْنُ السَّبِيلِ وَالْغَازِي (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَنْزِلُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يُغْتَفَرُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: لَا مُغَايَرَةَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُمَا إعْطَاءُ النَّقْلِ حُكْمَ عَدَمِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْحَاجَةِ عَطْفًا تَفْسِيرِيًّا لِأَنَّا نَقُولُ: الْعَطْفُ التَّفْسِيرِيُّ مِنْ خَوَاصِّ الْوَاوِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: وَأَيْضًا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ عَلَى الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْإِمَامِ إبْدَالَهَا بِمَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ بِحِصَّةِ الْغَازِي مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دَفْعِهَا أَوَّلًا إلَيْهِ ثُمَّ أَخْذِهَا وَالشِّرَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ لِمِلْكِهِ لَهَا عَنْ الزَّكَاةِ بِمُجَرَّدِ دَفْعِهَا إلَيْهِ ثُمَّ سَرَدَ عِبَارَةَ الْعُبَابِ إلَّا صَرَّحَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الشِّرَاءُ وَالْوَقْفُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلِي: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ خِلَافُهُ فِي الْعَقَارِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) أَيْ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ) أَيْ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ. اهـ. ع ش أَقُولُ: ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْإِمَامِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَوِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم فِيمَا مَرَّ (وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا إلَخْ) وَيَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا إنْ قَلَّ الْمَالُ وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ الْمَوْقُوفُ وَالْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُعَارُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَقَاؤُهُمَا) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْأَنْسَبُ إبْقَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي مِنْ فِعْلِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُهَيِّئُ) كَذَا فِي أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ وَيُهَيَّأُ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِيمَا
قَوْلُهُ: لَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا أُعْطِيَ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. اهـ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر أَنَّهُ يُعْطَى إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي الْفَرَسَ، وَالسِّلَاحَ بِحِصَّةِ الْغَازِي مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دَفْعِهَا أَوَّلًا إلَيْهِ، ثُمَّ أَخْذِهَا، وَالشِّرَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ لِمِلْكِهِ لَهَا عَنْ الزَّكَاةِ بِمُجَرَّدِ دَفْعِهَا إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَغَيْرِهِ، وَلِلْإِمَامِ
بِالْمَصْلَحَةِ
لَا لِلْمَالِكِ اشْتِرَاءُ خَيْلٍ، وَسِلَاحٍ، وَحُمُولَةٍ مِنْ هَذَا السَّهْمِ، وَوَقْفُهَا لِجِهَةٍ، وَيُعْطِيهِ إيَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَخْ، وَفِي شَرْحِهِ قَبْلَ هَذَا، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْفَرَسَ، وَالْآلَةَ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا بِمَالِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ، وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ فَيَشْتَرِيَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَعِظَاهُ انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الشِّرَاءُ، وَالْوَقْفُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا فَهِمَهُ قَوْلِي: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ خِلَافُهُ فِي الْعَقَارِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي فَاضِلِ النَّفَقَةِ. اهـ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ: وَيُهَيَّأُ لَهُ، وَلِابْنِ السَّبِيلِ أَفْهَمَ سِيَاقُهُ اسْتِرْدَادَ الْمَرْكُوبِ مِنْهُمَا إذَا رَجَعَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر
مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ) كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا، وَلَكِنَّهُ (كَانَ ضَعِيفًا لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ) بِالضَّابِطِ السَّابِقِ فِي الْحَجِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ دَفْعًا لِضَرُورَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَرَ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَأُعْطِيَ الْغَازِي مَرْكُوبًا غَيْرَ الْفَرَسِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ لِيَتَوَفَّرَ فَرَسُهُ لِلْحَرْبِ إذْ رُكُوبُهُ فِي الطَّرِيقِ يُضْعِفُهُ. (وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ) لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ، وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِيُهَيِّئُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا جَمِيعَ ذَلِكَ إذَا عَادَا، وَمَحِلُّهُ فِي الْغَازِي إنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ لَهُ الْإِمَامُ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ أَقْوَى اسْتِحْقَاقًا مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ فَلِذَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُ، وَلَوْ مَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَيُعْطَى الْمُؤَلَّفُ مَا يَرَاهُ الدَّافِعُ كَمَا مَرَّ، وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهَا رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ، وَإِنْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ
. (وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ) لِلزَّكَاةِ كَالْفَقْرِ وَالْغُرْمِ، أَوْ الْغَزْوِ (يُعْطَى) مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا وَجَبَتْ فِيهِ لَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ كَانَ عَلَى وَاحِدٍ زَكَوَاتٌ أَجْنَاسٌ كَانَتْ زَكَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةً، وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي زَكَاةِ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَتْ مُتَّحِدَةً (بِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ) وَالْخِيَرَةُ إلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَنْ لَهُ حِرَفٌ يَكْفِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُعْطَى بِالْأَدْنَى بِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ ثَمَّ فَوْقَ الْأَدْنَى لَزِمَ أَخْذُهُ لِلزَّائِدِ بِلَا مُوجِبٍ، وَهُنَا كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ مُوجِبٌ فَلَا مَحْذُورَ فِي اخْتِيَارِهِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ اقْتَضَى الزِّيَادَةَ عَلَى الْآخَرِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَطْفِ فِي الْآيَةِ نَعَمْ إنْ أُخِذَ بِالْغُرْمِ، أَوْ الْفَقْرِ مَثَلًا فَأَخَذَهُ غَرِيمُهُ، وَبَقِيَ فَقِيرًا أُخِذَ بِالْفَقْرِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ كَثِيرُونَ، فَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ بِهِمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ مُرَتَّبًا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْخُوذِ أَمَّا مِنْ زَكَاتَيْنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَاحِدَةٍ بِصِفَةٍ، وَمِنْ الْأُخْرَى بِصِفَةٍ أُخْرَى كَغَازٍ هَاشِمِيٍّ يَأْخُذُ بِهِمَا مِنْ الْفَيْءِ كَمَا مَرَّ.
(تَنْبِيهٌ) يَأْتِي أَنَّ الزَّكَوَاتِ كُلَّهَا فِي يَدِ الْإِمَامِ كَزَكَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ مِنْ زَكَاةٍ، وَبِأُخْرَى مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ جَوَازُ ذَلِكَ لِمَا قَرَّرْته فِي مَعْنَى اتِّحَادِ الزَّكَاةِ
سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِيُهَيِّئُ أَصْلَحَهَا وَضَبَطَهَا بِالْقَلَمِ هَكَذَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ: مَرْكُوبٌ) أَيْ: غَيْرَ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ الْغَازِي بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ لَا تَمْلِيكٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: السَّابِقِ فِي الْحَجِّ) أَيْ: بِأَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوِيٌّ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَأُعْطِيَ الْغَازِي إلَخْ) فَلَوْ أُعْطِيَ فَرَسًا لَا يَضْعُفُ بِهِ أَصْلًا فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا نَظَرًا لِلِاكْتِفَاءِ بِهَا، أَوْ يُعْطَى مَرْكُوبًا آخَرَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَإِلْغَاءً لِلنَّادِرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ مَعْنًى، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقْرَبَ لِإِطْلَاقِهِمْ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ) أَيْ: قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُعْطَى الْغَازِي فَرَسًا مَعَ قَوْلِهِ وَيُهَيَّأُ لَهُ مَرْكُوبٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمُحَرَّرِ أَنَّ الْمَرْكُوبَ غَيْرُ الْفَرَسِ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّهُ إلَى وَيُعْطِي الْمُؤَلَّفَ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُ الْمَتْنِ: أَنْ يَكُونَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّادِ، وَالْمَتَاعِ وَكَذَا ضَمِيرُ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ: جَمِيعُ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَرْكُوبُ وَمَا يُنْقَلُ عَلَيْهِ الزَّادُ، وَالْمَتَاعُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ) عِلَّةٌ مُقَدِّمَةٌ لِقَوْلِهِ أَقْوَى إلَخْ الَّذِي هُوَ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ) هَذَا يُفِيدُ جَوَازَ تَمْلِيكِ مَا ذُكِرَ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَأَنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ فَيَنْتَقِضُ الْمِلْكُ فَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ زَوَائِدُ مُنْفَصِلَةٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَفُوزُ بِهَا شَوْبَرِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ أَيْ: وَلَا تُسْتَرَدُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الدَّافِعُ) أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ: فِي بَحْثِ الْمُؤَلَّفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ إلَخْ) وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ جُعْلَ الْعَامِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إجَارَةً، أَوْ جَعَالَةً جَازَ وَبَطَلَ سَهْمُهُ فَتُقَسَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ. اهـ. نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِتَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) لَعَلَّ أَوْ لِتَخْيِيرِ الْإِمَامِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ)
أَيْ: وَلَوْ عَامِلًا فَقِيرًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَخَذَ بِالْغُرْمِ أَوْ الْفَقْرِ إلَخْ) وَفِي الْكَنْزِ لَوْ كَانَ الْعَامِلُ فَقِيرًا وَلَمْ تَكْفِهِ حِصَّتُهُ كَمَّلَ لَهُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَخَذَ بِالْفَقْرِ)، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقُومُ مَقَامَ الثَّالِثِ فِي الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى يَكْفِيَ إعْطَاءُ اثْنَيْنِ غَيْرَهُ فَقَطْ مِنْ الْغَارِمِينَ وَاثْنَيْنِ فَقَطْ مِنْ الْفُقَرَاءِ فِي هَذَا الْمِثَالِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا قَبْلَ التَّصَرُّفِ إلَخْ) لَعَلَّهُ إذَا كَفَاهُ الْمَأْخُوذُ أَوَّلًا وَلَا فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ الْأَخْذِ بِالْأُخْرَى إلَى تَمَامِ الْكِفَايَةِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْخُوذِ أَوَّلًا. اهـ. سم أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَبَقِيَ فَقِيرًا وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ: كَغَازٍ هَاشِمِيٍّ إلَخْ) لِيُتَأَمَّلْ وَجْهُ التَّنْظِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا مَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ لِلْفَيْءِ وَإِحْدَاهُمَا الْغَزْوُ كَغَازٍ هَاشِمِيٍّ فَيُعْطَى بِهِمَا. اهـ. سَالِمَةً عَنْ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: لِمَا قَرَّرْتُهُ) أَيْ:
قَوْلُهُ: فَإِذَا اسْتَرَدَّ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَالِكُهُ إيَّاهُ) هَذَا يُفِيدُ جَوَازَ تَمْلِيكِ مَا ذَكَرَهُ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَأَنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ فَيُنْتَقَضُ الْمِلْكُ لَوْ حَصَلَ مِنْهُ زَوَائِدُ مُنْفَصِلَةٌ هَلْ تَسْتَقِرُّ لَهُ أَوْ تُسْتَرَدُّ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ كُمِّلَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إعْطَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ إلَخْ) وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ جَعْلَ الْعَامِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إجَارَةً، أَوْ جَعَالَةً جَازَ، وَبَطَلَ سَهْمُهُ فَيَقْسِمُ الزَّكَاةَ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَخَذَ بِالْغُرْمِ، أَوْ الْفَقْرِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر، وَفِي الْكَنْزِ، لَوْ كَانَ الْعَامِلُ فَقِيرًا، وَلَمْ تَكْفِهِ حِصَّتُهُ كُمِّلَ لَهُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ. (تَتِمَّةٌ) مَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ فِي الْفَيْءِ، وَإِحْدَاهُمَا الْغَزْوُ وَكَغَازٍ هَاشِمِيٍّ يُعْطَى بِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْخُوذِ) لَعَلَّهُ إذَا كَفَاهُ الْمَأْخُوذُ أَوَّلًا، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْأَخْذِ بِالْأُخْرَى إلَى تَمَامِ الْكِفَايَةِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْخُوذِ أَوَّلًا -.