الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَمَلَّكَهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ لَهُ بِغَيْرِ نَحْوِ إرْثٍ أَمَّا نَحْوُ نَعَمِ غَيْرِهِمَا فَيُبَاحُ وَسْمُهُ، وَهُوَ بِمُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ: مُعْجَمَةٍ التَّأْثِيرُ بِنَحْوِ كَيٍّ، وَقِيلَ: الْمُهْمَلَةُ لِلْوَجْهِ وَالْمُعْجَمَةُ لِسَائِرِ الْبَدَنِ وَيَكُونُ نَدْبًا (فِي مَوْضِعٍ) ظَاهِرٍ صُلْبٍ (لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ) لِيَظْهَرَ وَالْأَوْلَى وَسْمُ الْغَنَمِ فِي الْأُذُنِ وَغَيْرِهَا فِي الْفَخِذِ، وَكَوْنُ مِيسَمِ الْغَنَمِ أَلْطَفَ وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ وَفَوْقَهُ الْإِبِلُ، وَبَحَثَ أَنَّ مِيسَمَ الْخَيْلِ فَوْقَ مِيسَمِ الْحُمُرِ، وَدُونَ مِيسَمِ الْبَقَرِ وَالْبِغَالِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْفِيلَ فَوْقَ الْإِبِلِ، وَكَتْبُ صَدَقَةٍ أَوْ زَكَاةٍ فِي الزَّكَاةِ، وَكَذَا اللَّهُ بَلْ هُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مَعَ التَّبَرُّكِ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ، فَلَا نَظَرَ لِتَمَرُّغِهَا بِهِ فِي النَّجَاسَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَصْدَ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ بِالْقُرْآنِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِ بِلَا طُهْرٍ، وَبِهِ يُرَدُّ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا وَكَتْبُ جِزْيَةٍ، أَوْ صِغَارٍ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي نَعَمِ بَقِيَّةِ الْفَيْءِ فَيْءٍ، وَيَكْفِي كَتْبُ حَرْفٍ كَبِيرٍ كَكَافِ الزَّكَاةِ (وَيُكْرَهُ) الْوَسْمُ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ (فِي الْوَجْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ) خَبَرٌ فِيهِ (لَعْنُ فَاعِلِهِ)، وَهُوَ «مَرَّ صلى الله عليه وسلم بِحِمَارٍ وَقَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» وَحِينَئِذٍ فَمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَمَّا وَسْمُ وَجْهِ الْآدَمِيِّ، وَمَنْعُ مَا يُفْعَلُ بِوَجْهِ بَعْضِ الْأَرِقَّاءِ بَلْ الْوَجْهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْوَجْهِ لَيْسَ إلَّا لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ إذْ لَا مَزِيَّةَ فِي حُرْمَتِهِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ، أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا إنْ وَرَدَ كَمَا فِي الْوَسْمِ هُنَا، أَوْ كَانَ
لِضَرُورَةٍ
تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ فَقَطْ كَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ، بَلْ أَوْلَى فَحَرَامٌ إجْمَاعًا، وَكَذَا ضَرْبُ وَجْهِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَشْرِبَة، وَيَحْرُمُ الْخِصَاءُ إلَّا لِصِغَارِ الْمَأْكُولِ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الصِّغَرِ بِالْعُرْفِ، أَوْ بِمَا يُسْرِعُ مَعَهُ الْبُرْءُ، وَيَخِفُّ الْأَلَمُ وَقَدْ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمَ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْبَقَرِ لِكِبَرِ آلَتِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ إنْزَاءٍ مُضِرٍّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَذَلِكَ، وَبِهِ يُرَدُّ التَّنْظِيرُ فِي قَوْلِ شَارِحٍ يُلْحَقُ إنْزَاءُ الْخَيْلِ عَلَى الْحَمِيرِ بِعَكْسِهِ فِي الْكَرَاهَةِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْأَتَانُ الْفَرَسَ لِمَزِيدِ كِبَرِ جُثَّتِهِ اتَّجَهَتْ الْحُرْمَةُ
(فَصْلٌ)
فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
، وَهِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا (صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِلْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الشَّهِيرَةِ فِيهَا مِنْهَا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ» وَقَدْ تَحْرُمُ كَأَنْ عَلِمَ كَذَا وَكَذَا إنْ ظَنَّ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْآخِذِ أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ لَا يُقَالُ: تَجِبُ لِلْمُضْطَرِّ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَذْلُ لَهُ إلَّا بِثَمَنِهِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ لِمَنْ لَا شَيْءَ مَعَهُ نَعَمْ مَنْ لَا يَتَأَهَّلُ لِلِالْتِزَامِ يُمْكِنُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ
إلَخْ) أَيْ إذَا شَرَدَتْ، أَوْ ضَلَّتْ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ دَفَعَهُ لَهُ) وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ نَحْوِ إرْثٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّمَلُّكِ وَلَا تَمَلُّكَ فِيمَا ذُكِرَ، بَلْ لَا فِعْلَ لِلَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فَيُبَاحُ) أَيْ: وَلَا مَنْدُوبَ وَلَا مَكْرُوهَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ مِيسَمِ إلَخْ) كَقَوْلِهِ الْآتِي: وَكُتُبٍ عَطْفٌ عَلَى وَسْمِ الْغَنَمِ، وَالْمِيسَمُ بِكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُ آلَةِ الْوَسْمِ (قَوْلُهُ: وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ) قَضِيَّةُ الْبَحْثِ الْآتِي أَنْ يُقَالَ: وَفَوْقَهُ الْحُمُرُ وَفَوْقَهُ الْخَيْلُ وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ وَالْبِغَالُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَدُونَ مِيسَمِ الْبَقَرِ، وَالْبِغَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ حُرُوفًا فَهُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَحَكَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَقَرَّهُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِمَا مَرَّ، وَيُحْتَمَلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغَارٌ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ: ذُلٌّ وَهَذَا أَوْلَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَفِي نَعَمِ بَقِيَّةِ إلَخْ) الْأَنْسَبُ وَفَيْءٌ فِي نَعَمِ بَقِيَّةِ الْفَيْءِ (قَوْلُهُ: كَكَافِ الزَّكَاةِ) وَصَادِ الصَّدَقَةِ وَجِيمِ الْجِزْيَةِ وَفَاءِ الْفَيْءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا) أَيْ: الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا وَسْمُ وَجْهِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَمَّا الْآدَمِيُّ فَوَسْمُهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: يَجُوزُ الْكَيُّ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ فِيهِ نَفْسُهُ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي حُرْمَتِهِ) أَيْ: وَسْمِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَسْمِ هُنَا) أَيْ: فِي نَعَمِ الصَّدَقَةِ، وَالْفَيْءِ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ إلَخْ) جَوَابُ أَمَّا وَسْمُ وَجْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ضَرْبُ وَجْهِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا وَلَوْ بِقَصْدِ الْمُزَاحِ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ فِيهِ، وَأَمَّا وَجْهُ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي وَسْمِهِ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا لِصِغَارِ الْمَأْكُولِ) أَيْ: وَبِشَرْطِ اعْتِدَالِ الزَّمَنِ أَيْضًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَرْجِعُ) أَيْ: الضَّبْطُ بِمَا يُسْرِعُ إلَخْ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ: الضَّبْطُ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِ شَارِحِ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَيَحْرُمُ التَّهْوِيشُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَيُكْرَهُ إنْزَاءُ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَعَكْسُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: جُثَّتِهِ) أَيْ الْفَرَسِ
[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]
(فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ)(قَوْلُهُ: فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ أَطْلَقُوا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلْفَقِيرِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) أَيْ وَإِلَّا فَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ كَالزَّكَاةِ وَفِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا لِلشَّارِحِ مَا يُفِيدُ إطْلَاقَهَا عَلَى النَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ وَدِمَاءِ الْحَجِّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: حَتَّى يُفْصَلَ إلَخْ) أَيْ: فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ) وَهَلْ يَمْلِكُهَا حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الْمِلْكِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ تَجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَدْ تَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ كَأَنْ وَجَدَ مُضْطَرًّا وَمَعَهُ مَا يُطْعِمُهُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْ لَا يَتَأَهَّلُ لِلِالْتِزَامِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ ثَمَّ وَلَيٌّ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ جَرَيَانُ ذَلِكَ) أَيْ: الْوُجُوبُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ: تَجِبُ لِلْمُضْطَرِّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ إلَخْ) -
فَالْوَجْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ دَفَعَهُ إلَخْ) أَخْرَجَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ) قَضِيَّةُ الْبَحْثِ الْآتِي أَنْ يُقَالَ: وَفَوْقَهُ الْحُمُرُ، وَفَوْقَهُ الْخَيْلُ، وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ، وَالْبِغَالُ، وَلْيَنْظُرْ فِي الْبَقَرِ، وَالْبِغَالِ أَيِّهِمَا أَلْطَفُ
. (فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ)
(قَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْ لَا يَتَأَهَّلُ لِلِالْتِزَامِ) وَلَيْسَ لَهُ ثَمَّ وَلِيٌّ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إلَخْ) -
وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَيَاسِيرَ عَلَى الْكِفَايَةِ نَحْوُ إطْعَامِ الْمُحْتَاجِينَ (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَالُهُ، أَوْ كَسْبُهُ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَسْبٍ حَرَامٍ، أَوْ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ أَخْذُهَا، وَالتَّعَرُّض لَهُ إنْ لَمْ يُظْهِرْ الْفَاقَةَ، أَوْ يَسْأَلْ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا، وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقَ الْوَقْتِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ بِأَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمُمَوِّنُهُ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسُتْرَتَهُمْ وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، وَهَلْ لَهُ سُؤَالُ مَا يَحْتَاج إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ . يُنْظَرُ إنْ كَانَ السُّؤَالُ مُتَيَسِّرًا عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَطْلُبَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسَنَةٍ. اهـ.
وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّحْدِيدِ بِالسَّنَةِ وَبَحَثَ جَوَازَ طَلَبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ عَادَةً تَيَسُّرَ السُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ فِيهِ لَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ عَلِمَ غِنَى سَائِلٍ، أَوْ مُظْهِرٍ لِلْفَاقَةِ الدَّفْعُ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِتَغْرِيرِهِ بِإِظْهَارِ الْفَاقَةِ مَنْ لَا يُعْطِيهِ لَوْ عَلِمَ غِنَاهُ فَمَنْ عَلِمَهُ، وَأَعْطَاهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَغْرِيرٌ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ
يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا نَوَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْبَدَلِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ إنْ أَمْكَنَ وَحِينَئِذٍ لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فَقَوْلُهُ: يُمْكِنُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ دَقِيقٌ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، أَوْ مَجَّانًا وَأَحَدُ فَرْدَيْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ يُوصَفُ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَعَلَّ هَذَا مَلْحَظُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْمُضْطَرِّ، وَإِنْ تَأَهَّلَ لِلِالْتِزَامِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِالْعِوَضِ فِيمَا يَظْهَرُ سَيِّدُ عُمَرَ وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إلَخْ) رَاجِعْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُضْطَرِّ، وَقَدْ يُصَوَّرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُضْطَرِّ الْمُحْتَاجِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَاذِلُ مِنْ غَيْرِ الْمَيَاسِيرِ أَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا فَقَدَ مَا يَتَنَاوَلُهُ وَوَجَدَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لَهُ مَجَّانًا فَلَا إشْكَالَ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ لِغَنِيٍّ) أَيْ: بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ وَلَوْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى. اهـ. مَنْهَجٌ زَادَ الْمُغْنِي، وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ هُوَ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ: بِمَالٍ أَيْ يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ م ر، وَالْمُرَادُ بِحِلِّهَا لَهُ سَنُّهَا أَوْ الْمُرَادُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا. اهـ. وَسَيَأْتِي عَنْ ع ش الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَثْنَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَيَظْهَرُ إلَى أَخْذُهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ يَسْأَلُ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْغَنِيِّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا
مُحَلَّى وَمُغْنِي وَشَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ آنِفًا) أَيْ: فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ (قَوْلُهُ: أَخْذُهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَخْذُهَا) نَائِبُ فَاعِلِ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى قَلْبَ الْعَطْفِ كَمَا فَعَلَ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ إلَخْ) وَمَعَ حُرْمَةِ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ: يَمْلِكُ إلَخْ أَيْ: فِيمَا لَوْ سَأَلَ أَمَّا لَوْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَظَنَّهُ الدَّافِعُ مُتَّصِفًا بِهَا فَلَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رِضًا مِنْ صَاحِبِهِ إذْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ إلَّا عَلَى ظَنِّ الْفَاقَةِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ: الْغَزَالِيُّ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ أَيْضًا إلَخْ إذْ هُوَ إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقَ الْوَقْتِ) أَيْ: بِحَيْثُ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ يَمْنَعُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الزَّمَنُ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى أَوْقَاتِ الِاشْتِغَالِ لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ عَادَةً فَهُوَ كَالْعَدَمِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ. اهـ. ع ش أَيْ: إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي غِنَاهُ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَا يَكْفِيهِ هُوَ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمَسْكَنَ كَذَلِكَ هُنَا وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَتَقَيَّدُ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَسَائِرِ الْمُؤَنِ الظَّاهِرُ نَعَمْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: بَلْ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ عَادَةِ الْبَلَدِ فِي مُدَّةِ إجَارَةِ الْبُيُوتِ ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ مَالَ إلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَآنِيَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْقُوتِ عَنْ الْإِحْيَاءِ وَيَكْفِي كَوْنُهَا خَزَفِيَّةً. اهـ. سم وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِتَغْرِيرِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ
فِيهِ نَظَرٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إلَخْ) رَاجِعْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُضْطَرِّ، وَقَدْ يُصَوَّرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُضْطَرِّ الْمُحْتَاجِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَاذِلُ مِنْ غَيْرِ الْمَيَاسِيرِ، أَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا، لَكِنْ فَقَدَ مَا يَتَنَاوَلُهُ، وَوَجَدَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لَهُ مَجَّانًا فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ: وَلِظَاهِرِ الْأَمْرِ أَيْ: فِي خَبَرِ «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرَ مُسْتَشْرِفٍ، وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: يَجِبُ أَخْذُهُ لِمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَنِيًّا، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4] ، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ، أَوْ لَا، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وُجُوبَ الْأَخْذِ، ثُمَّ إذَا كَانَ حَلَالًا لَا تَبِعَةَ فِيهِ تَمَوَّلَهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ فِي مَوْرِدِهِ إنْ عَرَفَ مُسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ. اهـ، وَاسْتِدْلَالُ الزَّرْكَشِيّ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ يُشْكِلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَرَاهَةِ الْأَخْذِ إذْ مُقْتَضَى ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ طَلَبِ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَخْذُهَا) فَاعِلُ يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْأَلُ) وَمَعَ حُرْمَةِ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر. (قَوْلُهُ: وَآنِيَةٌ) قَالَ فِي الْقُوتِ عَنْ الْإِحْيَاءِ: وَيَكْفِي كَوْنُهُمْ خَزَفِيَّةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ سُؤَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مُتَيَسِّرًا عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسَنَةٍ انْتَهَى) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ طَلَبُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ تَيَسُّرُ السُّؤَالِ، وَالْإِسْعَافِ فِيهِ، وَلَا يَتَجَاوَزُهُ أُسْبُوعًا كَانَ، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، أَوْ دُونَ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُظْهِرٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى سَائِلٍ
رَدَّ عَلَيْهِ بِتَصْرِيحِ شَرْحِ مُسْلِمٍ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ سُؤَالَ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ بَيْنَ الْأَصْدِقَاءِ، وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَا يُشَكُّ فِي رِضَا بَاذِلِهِ، وَإِنْ عُلِمَ غِنَى آخِذِهِ كَقَلَمٍ، وَسِوَاكٍ لَا حُرْمَةَ فِيهِ لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَمَنْ أُعْطِيَ لِوَصْفٍ يُظَنُّ بِهِ كَفَقْرٍ، أَوْ صَلَاحٍ، أَوْ نَسَبٍ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ أَنَّهُ إنَّمَا أُعْطِيَ بِهَذَا الْقَصْدِ، أَوْ صَرَّحَ لَهُ الْمُعْطِي بِذَلِكَ، وَهُوَ بَاطِنًا بِخِلَافِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ بِهِ وَصْفٌ بَاطِنًا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُعْطِي لَمْ يُعْطِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَمِثْلُهَا سَائِرُ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ وَنَذْرٍ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ التَّنَزُّهِ لِلْفَقِيرِ عَنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَّا إنْ حَصَلَ لِلْمُعْطِي نَحْوُ تَأَذٍّ، أَوْ قَطْعِ رَحِمٍ، وَقَدْ يُعَارِضُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» إلَّا أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ الْبَحْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْأَخْذِ نَحْوُ شَكٍّ فِي الْحِلِّ، أَوْ هَتْكٌ لِلْمُرُوءَةِ، أَوْ دَنَاءَةٌ فِي التَّنَاوُلِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ، أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ، أَوْ آذَى الْمَسْئُولَ حَرُمَ اتِّفَاقًا أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَفِي الْإِحْيَاءِ مَتَى أَخَذَ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْمَسْأَلَةَ عَالِمًا بِأَنَّ بَاعِثَ الْمُعْطِي الْحَيَاءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْلَاهُ لَمَا أَعْطَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ. اهـ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَرْضَ بِبَذْلِهِ لَهُ
عَلَيْهِ سُؤَالُ مَنْ عَرَفَ بِحَالِهِ لِعَدَمِ تَغْرِيرِهِ لَهُ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ السُّؤَالِ إذَا عَلِمَ السَّائِلُ أَنَّ الْمُعْطِيَ يَعْلَمُ غِنَاهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَرْضَى بِالْبَذْلِ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَظَاهِرُ إلَخْ. اهـ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ.
(قَوْلُهُ: رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لَا حُرْمَةَ فِيهِ) خَبَرُ أَنَّ سُؤَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أُعْطِيَ) إلَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَفَقْرٍ إلَخْ) أَوْ عِلْمٍ أَوْ تَقْلِيدِ إمَامٍ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِلْمَالِكِ: لَسْتُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي تَظُنُّنِي بِهَا وَلَكِنِّي مُضْطَرٌّ، فَإِمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي مِنْ هَذَا مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتِي مَجَّانًا، وَإِمَّا بِالْبَدَلِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ لَمْ يَبْعُدْ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارِهِ، وَيَغْرَمَ لَهُ الْبَدَلَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ ع ش هَلْ يَمْلِكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إنَّمَا أُعْطِيَ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَالثَّانِي أَوْجَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ، وَالنَّذْرُ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ فَتَعَيَّنَ الْفَرْقُ لَكِنْ فِي بُطْلَانِ نَحْوِ الْوَقْفِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّتِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ بِهِ وَصْفٌ بَاطِنًا) أَيْ: كَكَوْنِهِ شَافِعِيًّا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا سَائِرُ عُقُودِ التَّبَرُّعِ) أَيْ الْأَخْذُ بِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ قَالَ سم: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْوَقْفِ وَالنَّذْرِ. اهـ. وَقَدْ مَرَّ عَنْ ع ش أَنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: نَدْبُ التَّنَزُّهِ لِلْفَقِيرِ) صَنِيعُ الْقُوتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا فِي الْغَنِيِّ. اهـ. سم وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُ الْقُوتَ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا الْمَالِ) أَيْ: جِنْسِ الْمَالِ الْحَلَالِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ) أَيْ: مُتَعَرِّضٍ لِلسُّؤَالِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْبَحْثِ) أَيْ: نَدْبِ التَّنَزُّهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ) وَمِنْهُ بَلْ أَقْبَحُهُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ سُؤَالِ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطَ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ لَيْسَتْ فِيهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ الْمَسْئُولَ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: حَرُمَ اتِّفَاقًا) أَيْ: السُّؤَالُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: حَرُمَ اتِّفَاقًا) وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا) أَيْ: إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش، وَمَرَّ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ مَعَ زِيَادَةِ احْتِمَالٍ آخَرَ هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ) يَنْبَغِي، أَوْ مِمَّنْ يُحْتَمَلُ وُصُولُ الْخَبَرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى غَنِيًّا يَظُنُّهُ فَقِيرًا وَلَوْ عَلِمَ غِنَاهُ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَعْطَاهُ فَمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّ مُظْهِرَ الْفَاقَةِ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُعْطِهِ. اهـ.
سم، وَهُوَ يُفِيدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ وَظَنَّ الدَّافِعُ فِيهِ صِفَةً لَوْلَاهَا لَمَا دَفَعَ لَهُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَأَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ صِفَةً لَمْ تَكُنْ فِيهِ كَالْفَقْرِ، أَوْ سَأَلَ عَلَى وَجْهٍ أَذَلَّ بِهِ نَفْسَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَلَكِنْ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ الدَّافِعُ بِحَالِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ إلَخْ أَيْ: وَحَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ م ر. اهـ. سم وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ دُونَ الْأَخْذِ كَأَنْ سَأَلَ وَهُوَ
قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ غِنَى آخِذِهِ) الْوَجْهُ وَإِنْ عَلِمَ غِنَى آخِذِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ.
(فَرْعٌ) أَبْرَأهُ لِظَنِّهِ إعْسَارَهُ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ نَفَذَتْ الْبَرَاءَةُ، أَوْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ بَطَلَتْ م ر. (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) هَلْ يَمْلِكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا م ر، أَوْ لَا؟ ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إنَّمَا أُعْطِيَ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَوْجَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ، وَالنَّذْرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ إلَخْ فَتَعَيَّنَ الْفَرْقُ لَكِنْ فِي بُطْلَانِ ذَلِكَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْوَقْفِ، وَالنَّذْرِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ التَّنَزُّهِ لِلْفَقِيرِ إلَخْ) صَنِيعُ الْقُوتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا فِي الْغَنِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ الْمَسْئُولَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا) أَيْ: إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ)، وَحَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْأَخْذَ مَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ إلَخْ) ، وَحَيْثُ
وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ أَدَّى إلَى تَضَجُّرٍ، وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ صَغِيرَةٌ مَا لَمْ يَنْهَرْهُ، وَإِلَّا فَكَبِيرَةٌ.
اهـ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا آذَى بِذَلِكَ الْمَسْئُولَ إيذَاءً لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ، وَإِلَّا فَعُمُومُ مَا قَالَهُ غَرِيبٌ، وَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ سُؤَالُ مَخْلُوقٍ بِوَجْهِ اللَّهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ» وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السُّؤَالَ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَجْهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ فَتَسَاوَيَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ فِيهِ مِنْ الْفَخَامَةِ مَا يُنَاسِبُ أَنْ لَا يُسْأَلَ بِهِ إلَّا الْجَنَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا حُذِفَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ سُؤَالَ الْمَخْلُوقِ بِوَجْهِ اللَّهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْجَنَّةِ كَتَعْلِيمِ خَبَرٍ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ بِوَجْهِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا يُكْرَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ
(وَكَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» وَخَبَرِ «لَا يَأْكُلُ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ» الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْأَوْلَى تَحَرِّي الْأَتْقِيَاءِ، وَيَأْتِي مَنْعُ إعْطَائِهِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ
(وَدَفْعُهَا سِرًّا) أَفْضَلُ مِنْهُ جَهْرًا الْآيَةُ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 271] وَلِأَنَّ مُخْفِيَهَا بِحَيْثُ لَا تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي إخْفَائِهَا مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ وَفِي حَدِيثٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» وَإِبْدَاؤُهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ حَسَنٌ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ لِمَقْصِدٍ صَالِحٍ أَفْضَلُ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَأَذَّى الْآخِذُ بِالْإِظْهَارِ أَمَّا الزَّكَاةُ، فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَّا الْمَالَ الْبَاطِنَ أَيْ: إنْ خَشِيَ مَحْذُورًا وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ (وَ) دَفْعُهَا (فِي رَمَضَانَ) لَا سِيَّمَا عَشْرَةٌ الْأُخَرَ أَفْضَلُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَيُّ صَدَقَةٍ أَفْضَلُ قَالَ: فِي رَمَضَانَ» وَلِعَجْزِ الْفُقَرَاءِ عَنْ التَّكَسُّبِ فِيهِ، وَيَلِيهِ عَشْرُ الْحِجَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ،
غَنِيٌّ وَعَلِمَ الْمَالِكُ وَأَعْطَاهُ مَلَكَ لِرِضَا الْمَالِكِ وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ وَلَوْ لَمْ يَحْرُمْ السُّؤَالُ كَأَنْ سَأَلَ فَقِيرٌ فَأَعْطَاهُ الْمَالِكُ لِظَنِّ اتِّصَافِهِ بِالْعِلْمِ مَثَلًا لَمْ يَمْلِكْ لِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ فَتَأَمَّلْهُ وَأَنْصِفْ.
ثُمَّ تَأَمَّلْتُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ إشْعَارًا بِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْطُوقَ قَوْلِهِ وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ صَدَقَ بِمَا إذَا حَلَّ السُّؤَالُ، أَوْ حَرُمَ وَمَفْهُومُهُ مِنْ الْمِلْكِ حَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ الْأَخْذُ صَادِقٌ بِحِلِّ السُّؤَالِ وَحُرْمَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ فِيهِ قُرْبَةٌ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ ثُمَّ أَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ: السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ التَّعَرُّضُ فِيهِ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لِيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ، وَشَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ السَّائِلُ فِي الْمَسْجِدِ يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ، وَإِلَّا انْتَقَلَتْ الْكَرَاهَةُ. اهـ. ع ش أَيْ: وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ السُّؤَالُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي مَرَّ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَكُنْ السَّائِلُ غَنِيًّا وَلَوْ بِالْكَسْبِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَى تَضَجُّرٍ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ حَيْثُ أُمِنَ وَلَوْ مَعَ التَّضَجُّرِ لَا يَحْرُمُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِلْحَمْلِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ فَتَدَبَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهُ) أَيْ: لَمْ يَظُنَّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا. اهـ. كُرْدِيٌّ لَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ) أَيْ: قَوْلُهُ: إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ) لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْبَدَلِ وَنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعْطَاؤُهُ مَجَّانًا فَتَذَكَّرْهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُعْطِيهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ رَدَّهُ كَبِيرَةٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقُوا إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلٍ غَرِيبٍ وَفِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِلْغَرَابَةِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَجِيهٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ غَيْرَ أَنَّ الْقَلْبَ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ إذْ هُوَ اللَّائِقُ بِتَعْظِيمِ شَأْنِهِ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُجْعَلَ عُرْضَةً لِطَلَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَذِكْرُ الْوَجْهِ فِي الْحَدِيثِ لِلْغَالِبِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيًّا) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِهِ فِي حَقِّهِ فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا. نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُهُ فِي حَقِّهِ فِيمَنْ إلَخْ هَذَا ظَاهِرٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حِلِّهَا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ الِاسْتِحْبَابُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلِقَرِيبٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِي حَدِيثٍ سَنَدُهُ لِي وَإِبْدَاؤُهَا وَقَوْلُهُ: بَلْ قَالَ إلَيَّ أَمَّا الزَّكَاةُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَى الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مُخْفِيَهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْآيَةِ (قَوْلُهُ: كِنَايَةً إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَا تَعْلَمُ إلَخْ وَقَوْلِهِ وَمِنْ السَّبْعَةِ خَبَرُ أَنَّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ) أَيْ: إعْطَاءُ الْإِحْسَانِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ أَيْ: تَقِي وُقُوعَ الْبَلَاءِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا لِغَرَضٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَالُ إلَخْ) أَيْ: زَكَاتُهُ فَيُسَنُّ إخْفَاؤُهَا. اهـ. كَنْزٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: قَالَ فِي رَمَضَانَ) كَذَا فِي أَصْلِهِ وَفِي الْمُغْنِي صَدَقَةً فِي رَمَضَانَ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَوْلُهُ: وَيَلِيهِ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَتَتَأَكَّدُ فِي الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَيَّامِ الْعِيدِ انْتَهَتْ. اهـ. بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ)
أَعْطَاهُ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ، وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْأَخْذَ مَا أَخَذَهُ كَهِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ ظَاهِر هَكَذَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى غَنِيًّا يَظُنُّهُ فَقِيرًا، وَلَوْ عَلِمَ غِنَاهُ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَعْطَاهُ فَمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْ الْفَاقَةَ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ لَوْ عَلِمَ الْحَالَ لَمْ يُعْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ أَدَّى إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ فِيهِ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا هَذَا هُوَ الْمَنْقُول، وَاَلَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ، ثُمَّ أَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَالَ الْبَاطِنَ أَيْ: إنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكَنْزِ، وَيُسَنُّ إظْهَارُ زَكَاةِ الْمَالِ