الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ
بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ (تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ) تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا أَيْضًا مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَمِنْ خِطْبَةِ الْغَيْرِ قِيلَ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِحِلِّ خِطْبَتِهَا مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا مِنْ الْعِدَّةِ الْمَانِعَةِ لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ ذَا الْعِدَّةَ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي نِكَاحِهَا وَعَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا خِطْبَتُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدَّ مِنْهُ اهـ.
وَيُرَدُّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْجَائِزَ إنَّمَا هُوَ التَّعْرِيضُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَ التَّصْرِيحِ لَهَا، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لَا تَصْرِيحَ لِمُعْتَدَّةٍ فَسَاوَتْ غَيْرَهَا وَالثَّانِي بِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ الْوُرُودُ فِيهِ لَا بَعْدَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ نِكَاحِهَا وَهَذِهِ قَامَ بِهَا مَانِعٌ فَهِيَ كَخَلِيَّةِ مَحْرَمٍ لَهُ فَكَمَا لَا تَرِدُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْخَلِيَّةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنَّمَا خُصَّا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا لَا تَرِدُ تِلْكَ لِذَلِكَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ أَيْضًا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُهُ حِلَّ خِطْبَةِ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَائِهِ إذْ هِيَ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ اهـ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى إعْرَاضِ السَّيِّدِ عَنْهَا وَمَحَبَّتِهِ لِتَزْوِيجِهَا وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا عَلَيْهِ بَلْ مُجَرَّدُ عِلْمِهِ بِامْتِدَادِ نَظَرِ غَيْرِهِ لَهَا مَعَ سُؤَالِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ إيذَاءٌ لَهُ أَيْ إيذَاءٌ، وَإِنْ فُرِضَ الْأَمْنُ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ انْتِفَاءَ سَائِرِ الْمَوَانِعِ مُرَادٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يَحْرُمُ عَلَى ذِي أَرْبَعٍ الْخِطْبَةُ أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ اهـ.
وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فَبَحَثَ الْحِلُّ إذَا كَانَ قَصْدُهُ أَنَّهَا إذَا
مُطْلَقًا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَأَمَّا السُّجُودُ لَهُ فَحَرَامٌ وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ عِلْمٍ، أَوْ صَلَاحٍ، أَوْ شَرَفٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إكْرَامًا لَا رِيَاءً وَتَفْخِيمًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ اهـ مُغْنِي وَأَكْثَرُ مَا ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مِثْلُهُ
[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]
(قَوْلُهُ: فِي الْخِطْبَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ حُكْمِ مَنْ اُسْتُشِيرَ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْخَاءِ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا وَلُغَةً اهـ ع ش (قَوْلُهُ الْتِمَاسُ إلَخْ) أَيْ الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَعِدَّةٍ) أَيْ وَتُسَرُّ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ بِمَعُونَةِ مَا قَرَّرَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) وَافَقَهُ أَيْ صَاحِبَ الْقِيلِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِحِلِّ خِطْبَتِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ خِطْبَتِهَا مِمَّنْ لَهُ الْعِدَّةُ وَبِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ الْعِدَّةُ يُعْلَمُ عَدَمُ مُلَاقَاةِ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي لِلسُّوَالِ (قَوْلُهُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ خِطْبَتُهَا) وَمِنْهَا تَوَافُقُهُ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ لِتَحِلَّ لَهُ فَيَحْرُمُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ صَاحِبِ الْقِيلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) جَوَازُ التَّعْرِيضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَسَاوَتْ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ فَكَمَا لَا تَرِدُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي لَا تَرِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ الْخَلِيَّةُ الْمَحْرَمُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ لَا يَدْفَعُ الْمُرَادَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَسَيُعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا خَصَّا) أَيْ النِّكَاحَ وَالْعِدَّةَ (قَوْلُهُ تِلْكَ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا رَدَّ بِهِ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ فِي الْحِلِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خِطْبَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ (قَوْلُهُ: حُرْمَتُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ خِطْبَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا.
(قَوْلُهُ وَمَحَبَّتِهِ) عَطْفٌ عَلَى إعْرَاضِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَحَبَّتِهِ لِتَزْوِيجِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا مَا لَوْ تَسَاوَى عِنْدَهُ تَزْوِيجُهَا وَعَدَمُهُ إذْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ تَأَذِّيه لَا عَلَى مَيْلِهِ لَهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: بَلْ مُجَرَّدُ عِلْمِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى بَلْ مُجَرَّدُ سُؤَالِ غَيْرِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمُشْعِرِ بِامْتِدَادِ نَظَرِهِ لَهَا إيذَاءٌ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالسُّؤَالِ وَقَوْلُهُ إيذَاءٌ إلَخْ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ بَلْ مُجَرَّدُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ إيذَاءٌ إلَخْ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ بَلْ مُجَرَّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا رَدَّ بِهِ الثَّانِيَ أَوْ بِقَوْلِهِ وَقَدْ عُرِفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقِيَاسُهُ إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ مِنْ حَوَاشِي الرَّوْضِ إلَخْ أَيْ وَمِنْ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْمَخْطُوبَةِ فَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ حَرُمَ أَنْ يَخْطُبَ خَامِسَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَكَذَا ثَانِيَةُ السَّفِيهِ وَثَالِثَةُ الْعَبْدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتٍ إلَخْ) أَيْ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ نَحْوِ أُخْتٍ إلَخْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم يُمْكِنُ
فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ)
(قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا) يَحْتَمِلُ أَنَّ وَجْهَ الْإِيرَادِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا فِي حَالِ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ أَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عِدَّةُ غَيْرِ الْخَاطِبِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَالثَّانِي بِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ بَلْ التَّوَهُّمُ مَوْجُودٌ حَالَ الْعِدَّةِ أَيْضًا لِمَا ذَكَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِيرَادَ مُصَوَّرٌ بِمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ بَلْ هُوَ مُرَادُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْجَائِزَ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الرَّدُّ لَا يَدْفَعُ الْوُرُودَ عَلَى الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ) فَلَا يَتَنَافَيَانِ لِظَاهِرِ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّتْ الْخِطْبَةُ فِي هَذِهِ
أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً وَكَذَا فِي نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَبَحَثَ حُرْمَةُ خِطْبَةِ صَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ، أَوْ بِكْرٍ لَا مُجْبِرَ لَهَا ضَعِيفٌ إلَّا إنْ أَرَادَ إيقَاعَ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَتَحِلُّ خِطْبَةُ نَحْوَ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إذَا أَسْلَمَتْ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تَحِلُّ أَنَّهَا لَا تَنْدُبُ، وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ تُسَنُّ وَاحْتَجَّا لَهُ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ قَالَ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُهَا إذَا أَوْجَبْنَا النِّكَاحَ، وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ اهـ.
وَلَا بُعْدَ فِيهِ إذَا سَلِمَ كَوْنُهَا وَسِيلَةً وَمِنْ ثَمَّ كَانَ تَصْرِيحُهُمْ بِكَرَاهَةِ خِطْبَةِ الْمُحْرِمِ مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْهَا لِيَنْكِحَهَا مَعَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَكَذَا يُقَالُ فِي خُطْبَةِ الْحَلَالِ لِلْمُحْرِمَةِ وَفَارَقَتْ الْمُعْتَدَّةُ لِتَوَقُّفِ الِانْقِضَاءِ عَلَى إخْبَارِهَا الَّذِي قَدْ تَكْذِبُ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنْ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الِالْتِمَاسِ كَانَتْ حِينَئِذٍ وَسِيلَةً لِلنِّكَاحِ فَلْيَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَهُ مِنْ نَدْبٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى الْوُجُوبِ، أَوْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِأَوْلِيَائِهَا مَعَ الْخِطْبَةِ فَهِيَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا فَادِّعَاءُ أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْوَسِيلَةِ عَلَيْهَا إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا بِإِطْلَاقِهَا إذْ كَثِيرًا مَا يَقَعُ بِدُونِهَا وَخَرَجَ بِالْخَلِيَّةِ الْمُزَوَّجَةِ فَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَدَّةُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهَا تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا تَصْرِيحَ) مِنْ غَيْرِ ذِي الْعِدَّةِ لِمُسْتَبْرَأَةٍ، أَوْ (لِمُعْتَدَّةٍ) عَنْ وَفَاةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ فِرَاقٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ، أَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ انْفِسَاخٍ فَلَا يَحِلُّ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَرْغَبُ فِيهِ فَتَكْذِبُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَوَاضِحٌ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا تَرِدُ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ، وَإِنْ أَمِنَ كَذِبَهَا إذَا عَلِمَ وَقْتَ فِرَاقِهَا أَمَّا ذُو الْعِدَّةِ فَتَحِلُّ لَهُ إنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحِلَّ كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ وَكَأَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ فَإِنَّ عِدَّتَهُ تُقَدَّمُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ خِطْبَتُهَا إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا (وَلَا تَعْرِيضَ لِرَجْعِيَّةٍ) وَمُعْتَدَّةٍ عَنْ رِدَّةٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ لِعَوْدِهِمَا لِلنِّكَاحِ بِالرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ) بِغَيْرِ جِمَاعٍ (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ حَامِلًا لِآيَتِهَا، وَهِيَ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] وَخَشْيَةُ إلْقَائِهَا الْحَمْلَ لِتَعْجِيلِ الِانْقِضَاءِ نَادِرَةٌ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا (وَكَذَا) يَحِلُّ التَّعْرِيضُ (لِبَائِنٍ) مُعْتَدَّةٍ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ بَائِنٌ بِثَلَاثٍ، أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حِلِّ التَّعْرِيضِ لَهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجْرَاهُ أَيْضًا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَرْتَضِيهِ وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ قِيلَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيلَ مِمَّا
تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِغَيْرِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَا يَتَنَافَيَانِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَهُوَ مُتَّجِهٌ) أَيْ بَحْثُ الْحِلِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَبَحْثُ حُرْمَةِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ ضَعِيفٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ حِلُّ خِطْبَةِ صَغِيرَةٍ إلَخْ خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ خِلَافَهُ إلَّا إنْ أَرَادَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تُسَنُّ)، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّا) لَعَلَّ الْأَلْفَ مِنْ الْكَتَبَةِ وَأَصْلُهُ وَاحْتَجَّ بِالْإِفْرَادِ وَيَدُلُّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ شُهْبَةَ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ) أَيْ الْبَعْضُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ لَكِنْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الْمُحْرِمَةُ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُوَ مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْخِطْبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ الْكَيْفِيَّةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُجَرَّدِ الِالْتِمَاسِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْخُطْبَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سُنَّ النِّكَاحُ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إذْ النِّكَاحُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اعْتِبَارَ التَّوَقُّفِ فِي الْوَسِيلَةِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا الْإِفْضَاءُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ سم عَلَى حَجّ اهـ رَشِيدِيٌّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَدَّةُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُزَوَّجَةُ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِي الْعِدَّةِ) إلَى قَوْلِهِ وَوَاضِحٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِمُسْتَبْرَأَةٍ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِك (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ) وَقَوْلُهُ فَتَحِلُّ الْأَوْلَى تَذْكِيرُهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تَرْغَبُ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ إلَخْ اهـ، وَهِيَ سَالِمَةٌ عَنْ اسْتِشْكَالِ سم لِتَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ: حِكْمَةٌ) ، أَوْ عِلَّةٌ بِاعْتِبَارِ شَأْنِ النَّوْعِ اهـ سم (قَوْلُهُ، وَهِيَ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ وَطِئَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ مُعْتَدَّةٌ أَيْ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (قَوْلُهُ: بِشُبْهَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَطِئَ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عِدَّتَهُ أَيْ الْحَمْلُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَيْ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَخْ أَيْ لِبَقَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا تَعْرِيضَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ اهـ ع ش قَالَ الْمُغْنِي وَفُهِمَ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَنْعِ التَّعْرِيضِ مَنْعُ التَّصْرِيحِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ: عَنْ رِدَّةٍ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ إذْ الْمُرْتَدَّةُ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا فَلَا تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مِنْ حَيْثُ الرِّدَّةُ اهـ رَشِيدِيٌّ يَعْنِي خِلَافًا لِعْ ش حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: بِالرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ أَمَّا فِي الرَّجْعَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ أَيْ الْعَوْدُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِإِسْلَامِهَا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ اهـ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الرَّشِيدِيِّ بِحِلِّ خِطْبَةِ الْمُرْتَدَّةِ لِيَنْكِحَهَا إذَا أَسْلَمَتْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمَجُوسِيَّةِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: لِآيَتِهَا) أَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَخَشْيَةُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ نَادِرَةٌ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ اعْتِرَاضٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّقْيِيدُ وَإِخْرَاجُ الْمُعْتَدَّةِ بِالْحَمْلِ اهـ سم وَقَدْ يُجَابُ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ حَامِلًا (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: فِي حِلِّ التَّعْرِيضِ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي عَدَمِ حِلِّ التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ يَرْتَضِيهِ) أَيْ جَرَيَانَ الْخِلَافِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ قِيلَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى
الصُّوَرِ حَلَّ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ إذَا سَلِمَ كَوْنُهَا وَسِيلَةً) هَذَا لَا يَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْيِ الْبُعْدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوَقُّفِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اعْتِبَارَ التَّوَقُّفِ فِي الْوَسِيلَةِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا الْإِفْضَاءُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَرْغَبُ فِيهِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ)، أَوْ عِلَّةٌ بِاعْتِبَارِ شَأْنِ النَّوْعِ (قَوْلُهُ: مُعْتَدَّةٍ بِالْإِقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ)
فِيهِ الْخِلَافُ وَلِجَوَابِ الْخِطْبَةِ حُكْمُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ التَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَعَدَمُهُ كَأَنْتِ جَمِيلَةٌ، مَنْ يَجِدُ مِثْلَك، إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا، لَا تَبْقِ أَيِّمًا، رُبَّ رَاغِبٍ فِيك، وَكَذَا إنِّي رَاغِبٌ فِيك كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ حَاصِلِ كَلَامِ الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ، وَهُوَ بِالْجِمَاعِ كَعِنْدِي جِمَاعُ مَرَضٍ وَأَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِك مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ التَّعْرِيضِ بِهِ فِي غَيْرِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا نَقْلَ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَرَاهَتَهُ وَنَحْوَ الْكِتَابَةِ، وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ قَدْ تُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الصَّرِيحُ كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذُ بِك فَتَحْرُمُ وَقَدْ لَا فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ ذَلِكَ مَا عَدَا وَأَتَلَذَّذُ بِك وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغُ مِنْ الصَّرِيحِ بِاتِّفَاقِ الْبُلَغَاءِ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِمَلْحَظٍ يُنَاسِبُ تَدْقِيقَهُمْ الَّذِي لَا يُرَاعِيهِ الْفَقِيهُ وَإِنَّمَا يُرَاعِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّخَاطُبُ الْعُرْفِيُّ وَمِنْ ثَمَّ افْتَرَقَ الصَّرِيحُ هُنَا وَثَمَّ
(وَيَحْرُمُ) عَلَى عَالِمٍ بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ وَبِصَرَاحَتِهَا وَبِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ (خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ) جَازَتْ خِطْبَتَهُ، وَإِنْ كَرِهَتْ وَ (قَدْ صَرَّحَ) لَفْظًا (بِإِجَابَتِهِ) وَلَوْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَخِ فِيهِ لِلْغَالِبِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْقَطِيعَةِ وَيَحْصُلُ التَّصْرِيحُ بِالْإِجَابَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُجْبِرُ وَمِنْهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَالسُّلْطَانُ فِي مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ لَا أَبَ لَهَا وَلَا جَدَّ، أَوْ هِيَ وَالْوَلِيُّ وَلَوْ مُجْبَرَةً فِي غَيْرِ الْكُفْءِ، أَوْ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَحْدَهَا فِي الْكُفْءِ، أَوْ وَلِيُّهَا وَقَدْ أَذِنَتْ فِي إجَابَتِهِ، أَوْ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَزَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَكْفِي إجَابَتُهَا وَحْدَهَا وَلَا إجَابَةُ الْوَلِيِّ وَقَدْ أَذِنَتْ لَهُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَكَوْنُهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِالنِّكَاحِ لَا يَمْنَعُ اسْتِقْلَالَهَا بِجَوَابِ الْخِطْبَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا وَمُكَاتَبَةً كِتَابَةً صَحِيحَةً مَعَ سَيِّدِهَا. وَكَذَا
مُبَعَّضَةٌ لَمْ تُجْبَرْ
ذِي الْعِدَّة وَحَمْلِ الثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلِجَوَابِ الْخِطْبَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَى، وَهُوَ بِالْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: لَا تَبْقِ أَيِّمَا) كَكَيِّسٌ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنَا قَادِرٌ إلَخْ) مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْجِمَاعِ) أَيْ التَّعْرِيضِ بِالْجِمَاعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُحَرَّمٌ) خَبَرٌ، وَهُوَ بِالْجِمَاعِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا إلَخْ) عِبَارَةَ الرَّوْضِ يُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَةٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ ثُمَّ مَثَّلَ بِمَا مِنْهُ أَمْثِلَةُ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ يَخْرُجُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِنَحْوِ الْمَسِّ اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَتِهِ لِقُبْحِهِ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ تَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ كَقَوْلِهِ أَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِك أَوْ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُك مَنْ يُجَامِعُك وَلَا يُكْرَهُ التَّصْرِيحُ بِهِ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوَ الْكِنَايَةِ) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ الْمَجَازَ وَقَوْلُهُ قَدْ تُفِيدُ إلَخْ خَبَرُ النَّحْوِ وَالتَّأْنِيثُ نَظَرًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِذِكْرِ لَازِمِهِ) يُفْهِمُ أَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْكِنَايَةِ مِنْ اللَّازِمِ إلَى الْمَلْزُومِ، وَهُوَ طَرِيقُ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ وَطَرِيقُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فِيهَا أَنَّ الِانْتِقَالَ فِيهَا مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ اهـ سم أَقُولُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللَّازِمُ مَلْزُومًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَبْلَغَ مِنْ الصَّرِيحِ) لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إفْهَامُ الْمَقْصُودِ فَالصَّرِيحُ أَبْلَغُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ الذِّهْنِ فِيهِ إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ أَمْرٍ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَالْأَبْلَغِيَّةُ فِي النِّكَاحِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَلْحَظِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا يُوصَفُ بِالْبَلَاغَةِ بِاصْطِلَاحِهِمْ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: عَلَى عَالِمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَادِّعَاءُ أَنَّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، أَوْ وَلِيُّهَا إلَى وَمُكَاتَبَتِهِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى وَسُكُوتُ الْبِكْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَالِمٍ بِالْخِطْبَةِ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحُرْمَةِ أَيْضًا الْعِلْمُ بِجَوَازِ الْخِطْبَةِ السَّابِقَةِ، أَوْ يَكْتَفِي بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْخَاطِبِ الظَّاهِرِ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِجَوَازِ الْخِطْبَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: وَبِصَرَاحَتِهَا) قَدْ يُغْنِي هَذَا عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَقَدْ صَرَّحَ لَفْظًا بِإِجَابَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ الْقُيُودَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُغْنِي لَسَلِمَ عَنْ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرِهَتْ) أَيْ كَأَنْ كَانَ فَاقِدَ الْأُهْبَةِ وَبِهِ عِلَّةٌ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ بِإِجَابَتِهِ) أَيْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ وَكَذَا ضَمِيرُ وَلِمَا فِيهِ وَالتَّذْكِيرُ فِيهِمَا بِتَأْوِيلِ أَنْ يَخْطُبَ، أَوْ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي النَّهْيِ (قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلِمَا فِيهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلنَّهْيِ (قَوْلُهُ وَالسُّلْطَانُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُجْبِرِ اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ بَلْ عَلَى السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ وَالْوَلِيُّ) عَطْفٌ عَلَى الْمُجْبِرِ وَكَذَا قَوْلُهُ، أَوْ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ وَلِيُّهَا وَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا إلَخْ) جَوَابُ اعْتِرَاضٍ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا تَصْرِيحَ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُبَعَّضَةٌ) أَيْ هِيَ مَعَ السَّيِّدِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ أَنْ يُقَالَ هِيَ مَعَ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَلَوْ مُجْبَرَةً فِي غَيْرِ الْكُفْءِ وَالْمُجْبَرَةُ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْكُفْءِ أَوْ وَلِيُّهَا مَعَ السَّيِّدِ إنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي إجَابَتِهِ، أَوْ فِي تَزْوِيجِهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْبَرْ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَكَانَ الْأَوْلَى غَيْرَ مُجْبَرَةٍ
يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّقْيِيدُ وَإِخْرَاجُ الْمُعْتَدَّةِ بِالْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ حَمَلُوا نَقْلَ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَرَاهَتُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ يُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ ثُمَّ مَثَّلَ بِمَا مِنْهُ أَمْثِلَةُ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ يَخْرُجُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِنَحْوِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ، وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ) يُفْهَمُ أَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْكِنَايَةِ مِنْ اللَّازِمِ إلَى الْمَلْزُومِ، وَهُوَ طَرِيقُ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ وَطَرِيقُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فِيهَا أَنَّهُ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ
. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُبَعَّضَةٌ) أَيْ هِيَ مَعَ السَّيِّدِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ أَنْ يُقَالَ هِيَ مَعَ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَلَوْ مُجْبَرَةً فِي غَيْرِ الْكُفْءِ أَوْ الْمُجْبَرَةُ فِي الْكُفْءِ أَوْ وَلِيِّهَا
وَإِلَّا فَهُوَ وَوَلِيُّهَا أَجَبْتُك مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ بَعْدَهَا عَلَى أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِ وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ وَادِّعَاءُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ نُطْقِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ غَيْرُ صَحِيحٍ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ فِي رَضِيتُك زَوْجًا أَنَّهُ تَعْرِيضٌ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ كَأَجَبْتُكَ (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ لَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا حَيَاءٍ، أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ، أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ الْمُجِيبُ، أَوْ يُعْرِضَ هُوَ كَأَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ بَعْدَ إجَابَتِهِ حَتَّى تَشْهَدَ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ بِإِعْرَاضِهِ وَمِنْهُ سَفَرُهُ الْبَعِيدُ الْمُنْقَطِعُ لِاسْتِثْنَاءِ الْإِذْنِ وَالتَّرْكِ فِي الْخَبَرِ وَقِيسَ بِهِمَا مَا ذَكَرَ (فَإِنْ لَمْ يُجِبْ وَلَمْ يُرِدْ) صَرِيحًا بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ذَكَرَ لَهُ مَا أَشْعَرَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (لَمْ يَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَقْطُوعُ بِهِ فِي السُّكُوتِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ بِهَا شَيْءٌ مُقَرَّرٌ وَكَذَا إنْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا، أَوْ تَصْرِيحًا وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْخِطْبَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ، أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا لَكِنْ وَقَعَ إعْرَاضٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ أَوْ حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُ الْمَخْطُوبَةِ مَعَهَا، أَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ الْإِجَابَةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا كَمَا مَرَّ أَيْضًا، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَعَ سُقُوطِ حَقِّهِ بِنَحْوِ إذْنِهِ، أَوْ إعْرَاضِهِ وَالْمُرْتَدُّ لَا يُنْكَحُ فَلَا يَخْطُبُ.
وَطُرُوُّ رِدَّتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فَالْخِطْبَةُ أَوْلَى وَمَنْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا لَمْ تَجُزْ خِطْبَةُ إحْدَاهُنَّ حَتَّى يَحْصُلَ نَحْوُ إعْرَاضٍ، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ وَيُسَنُّ خِطْبَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ فَمَنْ خُطِبَ وَأَجَابَ وَالْخَاطِبَةُ مُكَمِّلَةٌ لِلْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً حَرُمَ عَلَى امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ خِطْبَتُهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ وَلَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَلَا حُرْمَةَ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ
(وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) ، أَوْ نَحْوِ عَالِمٍ لِمَنْ يُرِيدُ الِاجْتِمَاعَ بِهِ أَوْ مُعَامَلَتَهُ هَلْ يَصْلُحُ أَوْ لَا
قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: أَجَبْتُك مَثَلًا) مَقُولٌ لِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ حُصُولُ التَّصْرِيحِ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ هُنَا إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: لَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ) أَيْ مِنْ إجَابَةِ الْخِطْبَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْخَاطِبِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ سَفَرُهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، أَوْ يَعْرِضُ هُوَ أَيْ الْخَاطِبُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ إعْرَاضِ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ: الْمُنْقَطِعُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْقِطَاعِ انْقِطَاعُ الْمُرَاسَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ لَا انْقِطَاعُ خَبَرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِاسْتِثْنَاءِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا اسْتَثْنَاهُ الْمَتْنُ وَالشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ) أَيْ إعْرَاضَ الْخَاطِبِ أَوْ الْمُجِيبِ (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، أَوْ كَانَ إلَى وَمَنْ خَطَبَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) بِأَنْ سَكَتَ عَنْ التَّصْرِيحِ لِلْخَاطِبِ بِإِجَابَةٍ، أَوْ رَدٍّ وَالسَّاكِتُ غَيْرُ بِكْرٍ يَكْفِي سُكُوتُهَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَقْطُوعِ بِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ الْأَظْهَرِ فِي السُّكُوتِ أَيْ فَتَعْتَبِرُهُ بِالْأَظْهَرِ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يَبْطُلْ بِهَا) أَيْ بِالْخِطْبَةِ الثَّانِيَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَ الثَّانِي بِمَا يَأْتِي، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ وَقَعَ إعْرَاضٌ) أَيْ صَرِيحٌ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، أَوْ طَالَ الزَّمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ) كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ اهـ مُغْنِي وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُجِيبَ تَعْرِيضًا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ أَيْضًا) أَيْ غَيْرَ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إذْ لَا حَقَّ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْ فِيمَا إذَا حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ وَلِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَيْ فِيمَا حَصَلَ إعْرَاضٌ بِإِذْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَاطِبِ أَوْ الْمُجِيبِ وَلِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ فِي الْبَقِيَّةِ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُجِبْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ، أَوْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لَكِنْ وَقَعَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إذْنِهِ إلَخْ) دَخَلَ فِي النَّحْوِ رَدُّ الْخَاطِبِ وَإِعْرَاضُ الْمُجِيبِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْطُبُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ خِطْبَتَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا (قَوْلُهُ: فَالْخِطْبَةُ أَوْلَى) أَيْ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَا يَعُودُ حَقُّهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا إلَخْ) أَيْ وَصَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) أَيْ مَعَ قَصْدِ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً، أَوْ نَحْوَ أُخْتِ زَوْجَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: خِطْبَةُ أَهْلِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَمَنْ خُطِبَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُرِدْ) أَيْ الْمَخْطُوبُ وَقَوْلُهُ وَاحِدَةً أَيْ تَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ بِالشُّرُوطِ) أَيْ شُرُوطِ حُرْمَةِ الْخِطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ السَّابِقَةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ عَلَى عَالِمٍ بِالْخِطْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ) أَيْ الْخَاطِبَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يُكْمِلْ بِالْيَاءِ مِنْ الثَّلَاثِي وَعَلَيْهِ فَالْعَدَدُ فَاعِلُهُ (قَوْلُهُ لَمْ تُكْمِلْ) يَنْبَغِي وَكَذَا إذَا كَمُلَ، أَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَرْبَعٍ إذَا عَزَمَ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْزِمْ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ، أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ عَالِمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُسْتَحَبُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالنَّصُّ إلَى وَمُقْتَضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ عَالِمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، أَوْ مَخْطُوبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
مَعَ السَّيِّدِ إنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي إجَابَتِهِ أَوْ فِي تَزْوِيجِهَا (قَوْلُهُ وَادِّعَاءُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ نُطْقِهَا إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ إلَخْ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَمَّنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ رَغِبَتْ عَنْهُ هِيَ، أَوْ وَلِيُّهَا هَلْ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ عَمَّنْ يُرِيدُ خِطْبَتَهَا وَهَلْ الْخِطْبَةُ عَقْدٌ شَرْعِيٌّ وَهَلْ هُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَرْتَفِعُ تَحْرِيمُ الْخِطْبَةِ عَلَى الْغَيْرِ بِالرَّغْبَةِ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَإِنَّمَا تَعَرَّضُوا لِمَا إذَا سَكَتُوا، أَوْ رَغِبَ الْخَاطِبُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطْبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ، وَإِنْ تَخَيَّلَ كَوْنَهَا عَقْدًا فَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَطْعًا انْتَهَى وَمَا بَحَثَهُ مِنْ ارْتِفَاعِ التَّحْرِيمِ بِالرَّغْبَةِ عَنْهُ مَأْخُوذٌ مِنْ جَزْمِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ، أَوْ يَعْرِضَ الْمُجِيبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ إلَخْ) يَنْبَغِي وَكَذَا إذَا كَمُلَ، أَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَرْبَعٍ إذَا عَزَمَ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مَثَلًا بِخِلَافِ
أَوْ لَمْ يُسْتَشَرْ فِي ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَقَالَ لَا يَجِبُ هُنَا إذَا لَمْ يَسْتَشِرْ فَارِقًا بِأَنَّ الْإِعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا أَشَدُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكَشُّفُ بِضْعٍ وَهَتْكُ سَوْأَةٍ وَذُو الْمُرُوءَةِ يَسْمَحُ فِي الْأَمْوَالِ بِمَا لَا يَسْمَحُ بِهِ هُنَا (ذَكَرَ) وُجُوبًا فِي الْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ كَفَتَاوَى الْقَفَّالِ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (مَسَاوِئَهُ) الشَّرْعِيَّةَ وَكَذَا الْعُرْفِيَّةَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» أَيْ عُيُوبُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُسِيءُ صَاحِبَهَا أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِنَحْوِ مَا يَصْلُحُ لَك كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْغَزَالِيِّ وَلَا يُنَافِيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ مِنْ مُسْتَشِيرَتِهِ أَنَّهَا، وَإِنْ اكْتَفَتْ بِنَحْوِ لَا يَصْلُحُ لَك تَظُنُّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَبَيَّنَ دَفْعًا لِهَذَا الْمَحْذُورِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ (بِصِدْقٍ) لِيُحَذِّرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اُسْتُشِيرَ فِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ فَقَالَ أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الضَّرْبِ قِيلَ أَوْ السَّفَرِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغِيبَةِ الْجَائِزَةِ، وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ مَالِهِ مِمَّا يُكْرَهُ أَيْ عُرْفًا، أَوْ شَرْعًا لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ، وَإِنْ كَرِهَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ، أَوْ إيمَاءٍ بَلْ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا الْجَائِزَةِ أَيْضًا التَّظَلُّمُ لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ، أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى تَغْيِيرِ مُنْكَرٍ أَوْ دَفْعِ مَعْصِيَةٍ وَالِاسْتِفْتَاءُ بِأَنْ يَذْكُرَ وَحَالَ خَصْمِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ لِلْمُفْتِي، وَإِنْ أَغْنَى إجْمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي التَّعْيِينِ فَائِدَةٌ.
مِمَّنْ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ، أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَالرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِي ذَلِكَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ) أَيْ أَجْنَبِيٍّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ اُسْتُشِيرَ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ فِيهِ) وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ فِي مُرِيدِ نَحْوِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَارِقًا) أَيْ بَيْنَ مُرِيدِ نَحْوِ النِّكَاحِ وَمُرِيدِ نَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْإِعْرَاضَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ يَقُولُ الْإِعْرَاضُ أَشَدُّ حُرْمَةً أَيْ احْتِرَامًا فَيُحَذِّرُ مِنْ هَتْكِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ كَوْنُ قَوْلِ الْفَارِقِ وَهْمًا وَخَطَأً خِلَافًا لِمَا فِي الرَّشِيدِيِّ مِنْ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْفَارِقِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ) أَيْ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِ الْمُسَاوِي وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ فِي الْإِعْرَاضِ (قَوْلُ الْمَتْنِ مَسَاوِئَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَا يُرِيدُهُ كَأَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ وَكَانَ فَاسِقًا وَحَسَنَ الْعِشْرَةِ مَعَ الزَّوْجَاتِ فَيَذْكُرُ لِلزَّوْجَةِ الْفِسْقَ، وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْ الزَّوْجَةُ عَنْ ذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ أَيْ عُيُوبَهُ) تَفْسِيرٌ لِمَسَاوِئِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ إلَخْ يَرْجِعُ لِعُيُوبِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ) أَيْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ بِذَلِكَ أَيْ بِلَفْظِ الْمَسَاوِئِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الْعُيُوبَ وَذَكَرَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاسُ بِهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ) قَدْ يُقَالُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ أَلْفَاظَهُ صلى الله عليه وسلم مُتَوَفِّرَةُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا فَيَتَكَرَّرُ حُصُولُ الْإِيهَامِ بِتَكَرُّرِ سَمَاعِهَا بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي ذِكْرٍ، أَوْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْغَيْرُ الْمَسَاوِئُ مَعَ حُصُولِ الِانْزِجَارِ بِنَحْوِ مَا يُصْلِحُ لَك (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ نَحْوِ مَا يَصْلُحُ لَك (قَوْلُهُ: وَإِنْ تُوُهِّمَ) أَيْ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ) أَيْ الْغَيْرَ وَقَالَ ع ش أَيْ قَوْلُ الرَّسُولِ لَا يَصْلُحُ لَك اهـ.
(قَوْلُهُ لِيُحَذِّرَ) أَيْ النَّاسَ مِنْ مُصَاهَرَتِهِ وَأَخْذِ الْعِلْمِ عَنْهُ وَمُعَامَلَتِهِ اهـ كُرْدِيٌّ ثُمَّ قَوْلُهُ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى يَجِبُ ذِكْرُ الْأَخَفِّ وَقَوْلُهُ أَيْ عُرْفًا إلَى وَلَوْ بِإِشَارَةٍ وَقَوْلُهُ وَبِالْقَلْبِ إلَى وَمِنْ أَنْوَاعِهَا وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ إلَى وَمُجَاهَرَتُهُ وَقَوْلُهُ لَكِنْ إلَى وَشُهْرَتُهُ (قَوْلُهُ بَذْلًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ زَادَ الْمُغْنِي لَا لِلْإِيذَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي مُعَاوِيَةَ) هُوَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمْسَكَ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ مَسَاوِئِهِ اهـ كُرْدِيٌّ بَلْ وَلَا يَقُولُ نَحْوَ لَا يَصْلُحُ لَك أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَالْمُضْطَرِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ ذِكْرُ مَسَاوِئِ نَحْوِ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغِيبَةِ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
الْقَدْحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ
…
مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرِ
وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ
…
طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرِ
اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهِيَ) مُطْلَقُ الْغِيبَةِ (قَوْلُهُ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ الْفَاسِقُ، أَوْ أَبُو الْفَاسِقِ، أَوْ زَوْجُ الْفَاسِقَةِ مَثَلًا وَخَرَجَ بِذِكْرِهِ ذِكْرُ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غِيبَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَنَبَّهْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهِ) أَيْ أَمَّا بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِمَّا يُكْرَهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِمَّا يَكْرَهُهُ اهـ بِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ) أَيْ مِنْ الْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِشَارَةٍ) بِيَدٍ، أَوْ رَأْسٍ، أَوْ جِفْنٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِالْقَلْبِ) الْأَوْلَى أَوْ بِالْقَلْبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَلْبِ أَيْ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْخُطُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا الْجَائِزَةِ إلَخْ) يَعْنِي مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُبِيحَةِ لِلْغِيبَةِ كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِذِي قُدْرَةٍ إلَخْ) مَفْهُومُهُ الْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكْفِ لِذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِعَانَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى إنْصَافِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفُهُ بِالْوَاوِ عَلَى التَّظَلُّمِ وَقَوْلُهُ أَوْ دَفْعِ مَعْصِيَةٍ عَطْفٌ عَلَى تَغْيِيرِ مُنْكَرٍ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ فَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِفْتَاءُ وَقَوْلُهُ وَمُجَاهَرَتُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ
مَا إذَا لَمْ يَعْزِمْ م ر
. (قَوْلُهُ: أَيْ عُيُوبَهُ) تَفْسِيرٌ لِمُسَاوِيهِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ يَرْجِعُ لِعُيُوبِهِ (قَوْلُهُ:
وَمُجَاهَرَتُهُ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ بِأَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ لِخَلْعِهِ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُرْمَةٌ لَكِنْ لَا يُذْكَرُ بِغَيْرِ مُتَجَاهَرٍ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُجَاهَرَتُهُ بِصَغِيرَةٍ كَذَلِكَ فَيَذْكُرُهَا فَقَطْ وَشُهْرَتُهُ بِوَصْفٍ يَكْرَهُهُ فَيَذْكُرُ لِلتَّعْرِيفِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِهِ لَا لِلتَّنْقِيصِ وَيَظْهَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَفِيهِ مُسَاوٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ فَإِنْ رَضُوا بِهِ مَعَ ذَلِكَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّرْكُ أَوْ الْإِخْبَارُ بِمَا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ تَحْرِيمَ ذِكْرِ مَا فِيهِ جَرْحٌ كَزِنًا بَعِيدٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِتَرْكِ الْخِطْبَةِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ لَوْ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِعَيْبِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ اسْتِشَارَتَهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ فَتَعَيَّنَ الْإِخْبَارُ، أَوْ التَّرْكُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالنَّصُّ عَلَى أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُ الْمُسَاوِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ عَدَمُ رُجُوعِهَا عَنْهُ، وَإِنْ ذُكِرَتْ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ جَوَازَ ذِكْرِهَا مَشْرُوطٌ بِالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّهَا مُقَصِّرَةٌ بِالْإِذْنِ قَبْلَ الِاسْتِشَارَةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْوَهْمِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرُ الْمُسَاوِي إلَّا بَعْدَ الِاسْتِشَارَةِ فَعَلَى الصَّوَابِ أَنَّهُ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْجِيهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ غَبِيَّةً أَمْ فَطِينَةً خِلَافًا لِمَنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ فَرْقًا بَيْنَهُمَا وَمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَرْضَهُمْ التَّرَدُّدَ السَّابِقَ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ فَيَلْزَمُهُ ذِكْرُ مَا فِيهِ بِتَرْتِيبِهِ السَّابِقِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ، وَهُوَ قِيَاسُ مَنْ عَلِمَ بِمَبِيعِهِ عَيْبًا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ مُطْلَقًا
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْخَاطِبِ، أَوْ نَائِبِهِ إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالتَّعْرِيضِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ سُنَّتْ فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ صَارَ تَصْرِيحًا (تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ)
وَشُهْرَتُهُ إلَخْ كُلٌّ مِنْهَا عَطْفٌ عَلَى التَّظَلُّمُ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهَرَتُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ زَجْرَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ اهـ ع ش وَفِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُظَاهِرُ بِالْمَعْصِيَةِ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ فَتَمْتَنِعُ غِيبَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا اطَّلَعُوا عَلَى زَلَّتِهِ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ الذَّنْبِ وَغِيبَةُ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةٌ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَمُبَاحَةٌ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِدْعَةٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ مُتَجَاهَرٍ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ بِهِ نَائِبُ فَاعِلِهِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَوْصُوفِ الْمُقَدَّرِ أَيْ بِغَيْرِ أَمْرٍ مُتَجَاهَرٍ بِهِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِغَيْرِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ اهـ، وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمُجَاهَرَةِ بِفِسْقٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُسْتُشِيرَ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ رَضُوا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنْ رَضُوا بِهِ) أَيْ قَنَعُوا بِذَلِكَ وَامْتَنَعُوا مِنْهُ اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهِ مِنْ كُلِّ إلَخْ) الْأَوْفَقُ لِمَا مَرَّ وَيَأْتِي إسْقَاطُ كَلِمَةِ كُلٍّ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ قَوْلُهُ يَجِبُ ذِكْرُ الْأَخَفِّ إلَخْ وَأَظْهَرُ مِنْهُمَا قَوْلُهُ وَكَذَا الْعُرْفِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ غَيْرِهِ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: السَّابِقُ نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ مُلَاقَاةِ هَذَا الرَّدِّ لِلْمَرْدُودِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ عِلْمُ الرِّضَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ الِاسْتِشَارَةِ اهـ سم وَقَدْ يَمْنَعُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَيْ فِي شَرْحِ بِصِدْقٍ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَكَرَتْ) غَايَةٌ لِعَدَمِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ النَّصُّ وَقَوْلُهُ أَنَّ جَوَازَ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَتَوْجِيهُهُ) أَيْ النَّصِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْوَهْمِ السَّابِقِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ بَيَانٌ لِلصَّوَابِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْ غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَكَانَتْ) أَيْ الْآذِنَةُ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ الصَّوَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ بِتَرْتِيبِهِ السَّابِقِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ ثُمَّ يَذْكُرُ الْأَخَفَّ فَالْأَخَفَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ غَايَةٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ اُسْتُشِيرَ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ لِلْخَاطِبِ) إلَى قَوْلِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا إلَى خَاطِبًا وَقَوْلُهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْعَقْدِ إلَى، وَهِيَ آكَدُ (قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَالِيَةً عَنْ الْمَوَانِعِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّعْرِيضِ) أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ أَيْ يَجُوزُ فِيهِ التَّعْرِيضُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: صَارَ تَصْرِيحًا) مُقْتَضَاهُ حُرْمَتُهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ {رَقِيبًا} [النساء: 1]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] .
وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدْرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ مُغْنِي وَشَرَحَا الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ
تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ مُلَاقَاةِ هَذَا الرَّدِّ لِلْمَرْدُودِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ عِلْمُ الرِّضَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ الْإِشَارَةِ فَإِنْ قِيلَ بَلْ قَدْ يَجْتَمِعَانِ بِأَنْ يَعْلَمَ رِضَاهُمْ بِعَيْبٍ مَخْصُوصٍ لَكِنْ اسْتَشَارُوهُ حَذَرًا أَنْ يَكُونَ فِيهِ غَيْرُهُ قُلْنَا يُمْنَعُ تَوَجُّهُ الرَّدِّ أَيْضًا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي ادَّعَاهُ هَذَا الْقَائِلُ عَدَمُ ذِكْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ الَّذِي عَلِمَ رِضَاهُمْ بِهِ لَا عَدَمُ ذِكْرِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا وَقَدْ يَلْتَزِمُ هَذَا الْمُدَّعِي مَعَ اسْتِشَارَةٍ فَيَكْفِي حِينَئِذٍ أَنْ يُجِيبَهُمْ بِنَحْوِ لَيْسَ بِي مَا تَكْرَهُونَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: صَارَ صَرِيحًا) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ إذْ يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْخِطْبَةِ بِالتَّعْرِيضِ فَقَدْ كَانَ يُبَدِّلُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ بِنَحْوِ وَبَعْدُ فَرُبَّ رَاغِبٍ فِي كَرِيمَتِكُمْ وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَهَا وَيَقُولُ الْوَلِيُّ لَيْسَ الرَّاغِبُ فِي
بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» السَّابِقِ وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ عَنْ الْبَرَكَةِ فَيَبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قَالَ جَاءَكُمْ مُوَكَّلِي، أَوْ جِئْتُكُمْ عَنْهُ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك، أَوْ نَحْوِهِ (وَيُسْتَحَبُّ) خُطْبَةٌ (أُخْرَى) كَمَا ذَكَرَ (قَبْلَ الْعَقْدِ) عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ وَالزَّوْجُ، أَوْ نَائِبُهُ وَأَجْنَبِيٌّ قَالَ شَارِحٌ، وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى (وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ) كَمَا ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَبِلْتُ) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ) ، وَإِنْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ مَعَ قِصَرِهِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِنَدْبِهِ (بَلْ) عَلَى الصِّحَّةِ (يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (قُلْت الصَّحِيحُ لَا يُسْتَحَبُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ وَكَذَا فِي الْأَذْكَارِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نَدْبُهُ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَصْوِيبِهِ نَقْلًا وَمَعْنًى وَاسْتَبْعَدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ مَعَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا زَوَّجَ فَاطِمَةَ عَلِيًّا رضي الله عنهما خَطَبَا جَمِيعًا» .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَحِينَئِذٍ الْحُجَّةُ فِيهِ لِلنَّدْبِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ مِنْ كُلٍّ فِي مُقَدِّمَةِ كَلَامِهِ اهـ وَالْوَارِدُ كَمَا بَيَّنْته فِي كِتَابِي الصَّوَاعِقِ الْمُحْرِقَةِ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِهَا فِي غَيْبَتِهِ، وَأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ رَضِيت فَإِنْ وَرَدَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لَمَّا حَضَرَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ وَإِلَّا فَمِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُزَوِّجُ مَنْ شَاءَ لِمَنْ شَاءَ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيُسَنُّ كَوْنُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلُ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَكَوْنُهُ مُقَدِّمَةً لِلْقَبُولِ لَا يَسْتَدْعِي اغْتِفَارَ طُولِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَةَ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مَا ذَكَرَ فَقَطْ فَلَمْ يُغْتَفَرْ طُولُهُ وَضَبَطَهُ الْقَفَّالُ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْفَصْلَ بِأَجْنَبِيٍّ مِمَّنْ طَلَبَ جَوَابَهُ يَضُرُّ، وَإِنْ قَصُرَ وَمِمَّنْ انْقَضَى كَلَامُهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ طَالَ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك
قَوْلُهُ بِضَمِّ الْخَاءِ) ، وَهِيَ الْكَلَامُ الْمُفْتَتَحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَتَمِ بِالْوَصِيَّةِ وَالدُّعَاءِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ السَّابِقِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ) أَيْ الْخَاطِبُ أَوْ نَائِبُهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يَأْتِي بِالصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ جِئْتُكُمْ عَنْهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِمُوَكَّلِي فِي الْخِطْبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَرِيمَتَكُمْ) زَادَ الْمُغْنِي فُلَانَةَ اهـ وَزَادَ الْحَلَبِيُّ لِي، أَوْ لِابْنِي، أَوْ لِزَيْدٍ مَثَلًا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فَتَاتَكُمْ) الْفَتَى الشَّابُّ وَالْفَتَاةُ الشَّابَّةُ وَالْفَتَى أَيْضًا السَّخِيُّ الْكَرِيمُ اهـ ع ش عَنْ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ إلَخْ) أَيْ فِي الْمُجْبَرَةِ مُطْلَقًا وَفِي غَيْرِهَا بِإِذْنِهَا فِي الْإِجَابَةِ وَلَا يَبْعُدُ نَدْبُهَا مِنْ الْمَرْأَةِ إذْ خُوطِبَتْ مِنْ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ بَلْ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَجْنَبِيٌّ) قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ خَطَبَ إلَى قَوْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ وَقَالَ شَارِحُهُ عَقِبَ ذَلِكَ وَالْخِطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذَكَرَ أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ اهـ وَهَلْ فَرْضُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَعَمَّ وَهَلْ يُغْتَفَرُ تَوْسِيطُ خِطْبَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ اهـ سم أَقُولُ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ اغْتِفَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ آكَدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الزَّوْجِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَكَذَا الضَّمَائِرُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مُقَدِّمَةَ إلَخْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ قُلْت الصَّحِيحُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ صَحَّحَ عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ وَاسْتَبْعَدَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ أَيْ عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَا صَحَّحَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فَإِنَّ حَاصِلَ مَا فِيهِمَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ وَالثَّانِي وَنَقَلَاهُ عَلَى الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُهُ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَبْطُلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ لَا يُسْتَحَبُّ أَوْ لَا يَبْطُلُ فَضْلًا عَنْ ضَعْفِ الْخِلَافِ وَمَتَى قِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْبُطْلَانُ عَلَى مَا إذَا طَالَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَعَادَهُ) أَيْ صلى الله عليه وسلم الْعَقْدَ.
(قَوْلُهُ: النِّكَاحُ جَزْمًا) إلَى قَوْلِهِ وَمِمَّنْ انْقَضَى فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّتِمَّةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمِمَّنْ انْقَضَى إلَى وَاشْتِرَاطُ وَقَوْلُهُ، وَأَنْ لَا يَرْجِعَ الْمُبْتَدِئُ إلَى، وَأَنْ يَقْبَلَ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ الْقَفَّالُ بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَالْأَوْلَى أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ، وَهُوَ أَيْ الضَّبْطُ بِالْعُرْفِ مُرَادُ الْقَفَّالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِهِ اهـ عِبَارَةُ ع ش وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِمَا ذَكَرَهُ ضَبْطُ الْعُرْفِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا إخْوَةٌ مِنْ رَضَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّنْ طَلَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا صَدَرَ مِنْ الْقَائِلِ الَّذِي يَطْلُبُ مِنْهُ الْجَوَابُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّنْ انْقَضَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِمَّنْ طَلَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إلَخْ صَحِيحٌ وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ وَهْمٌ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ
كَرِيمَتِنَا بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ إلَى قَوْلِهِ صَحَّ النِّكَاحُ) لَمَّا ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الرَّوْضِ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ وَالْخِطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذَكَرَ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ اهـ فَهَلْ فَرْضُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَعَمُّ وَهَلْ يُغْتَفَرُ تَوْسِيطُ خِطْبَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ