الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في التنجيم
قال البخاري في"صحيحه": قال قتادة: "خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن أول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به"
_________
1 في"المؤلفات": (تأول) ، وهو الموافق لـ"صحيح البخاري".
2 [9 ث]"صحيح البخاري مع الفتح": (6 / 295) ، كتاب بدء الخلق، باب في النجوم،"تفسير الطبري":(29 / 3- 4) . انظر بقية تخريج الأثر في الملحق. وقد علق الداودي كما في"فتح الباري": (6 / 295) على كلام قتادة فقال: (قول قتادة في النجوم حسن إلا قوله أخطأ وأضاع نفسه، فإنه قصر في ذلك بل قائل ذلك كافر) اهـ. ثم قال ابن حجر: (ولم يتعين الكفر في حق من قال ذلك، وإنما يكفر من نسب الاختراع إليها، واما من جعلها علامة على حدوث أمر في الأرض فلا) . وقد قسم الشيخ سليمان بن عبد الله في"تيسير العزيز الحميد": (ص 441- 442) التنجيم من حيث الحكم إلى ثلاثة أقسام: 1- قسم كفر بإجماع المسلمين وهو القول بأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير الكواكب والروحانيات وأن الكواكب فاعلة مختارة. 2- وقسم محرم ومختلف في تكفير قائله ورجح هو تكفيره، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بمسير الكواكب واجتماعها وافتراقها ونحو ذلك. 3- وقسم جائز وهو تعلم المنازل، وقد كان من السلف من يكره تعلمه.
وكره قتادة تعلم منازل القمر ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب
قال الشاعر القحطاني1 في"نونيته":
إن النجوم على ثلاث أضرب
…
فاسمع مقال الناقد الدهقان
بعض النجوم جعلن زينا للسماء
…
كالدر فوق قلائد النسوان
ومعالما تهدي المسافر للسرى
…
ورجوم كل مثابر شيطان2
والمنهي من علم النجوم ما يدعى من علم الكوائن3 التي ستقع في مستقبل الزمان من المطر والمرض ونحوها، وأما ما يستدل به على أوقات الصلاة ومعرفة القبلة ففرض كفاية، وقد يكون فرض عين في نحو السفر.4
قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: {وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب5
_________
1 نسبت هذه القصيدة لأبي محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني السلفي المالكي، ونسبت إلى محمد بن صالح القحطاني المعافري الأندلسي، وكان فقيها حافظا، توفي سنة 387 هـ. انظر ترجمته في:"الأعلام": (6 / 162)،"الأنساب"للسمعاني:(1 / 345) .
2"نونية القحطاني": (ص 26- 27)، وانظر:"ديوان مشرف": (ص 130) .
3 قوله: (ما يدعى) سقط من"ر".
4 انظر:"معالم السنن مع سنن أبي داود": (4 / 226-227) .
5 هو: الإمام الحافظ حرب بن إسماعيل أبو محمد الكرماني الفقيه تلميذ الإمام أحمد بن حنبل، روى عن أحمد وإسحاق بن راهويه وسعيد بن منصور، وروى عنه القاسم بن محمد الكرماني وأبو حاتم الرازي وأبو بكر الخلال، وله كتاب"المسائل"، توفي سنة 239 هـ. = = انظر ترجمته في:"المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد": (1 / 394)،"تذكرة الحفاظ":(2 / 613)،"شذرات الذهب":(2 / 176)،"سير أعلام النبلاء":(13 / 244) .
عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق. انتهى.
عنهما،1 ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.2 انتهى) .
والجبال علامات النهار، والنجوم علامات الليل، ورد الله سبحانه وتعالى على الفلاسفة والمنجمين بقوله عز وجل {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} 3 لأنهم يعتقدون أن هذه النجوم هي الفاعلة المتصرفة في العالم السفلي، فأخبر الله تعالى أن هذه النجوم مسخرات في نفسها مذلالات لأمر ربها، مقهورات تحت قهره، ويصرفها كيف يشاء ويختار، وأنها ليس لها تصرف في نفسها4 فضلا عن غيرها، خلقها لمنافع عباده.
_________
1 ذكر الشيخ سليمان بن عبد الله صاحب"تيسير العزيز الحميد"أن هذين الأثرين عن قتادة وابن عيينة ربما رواهما حرب في كتابه"المسائل التي سئل عنها الإمام أحمد". انظر:"تيسير العزيز الحميد": (ص 449) .
2 هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم- المعروف بابن راهويه- المروزي، كان إماما عالما حافظا، سمع من ابن المبارك، قال عنه الإمام أحمد: لا أعلم بالعراق له نظيرا، قال عنه محمد بن أسلم: ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق. وُلد سنة 161 هـ، وتوفي سنة 237 هـ. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (1 / 216- 219)،"شذرات الذهب":(2 / 89)،"معجم المؤلفين":(2 / 228) .
3 سورة النحل، الآية:12.
4 قوله: (مذلالات لأمر ربها، مقهورات تحت قهره، ويصرفها كيف يشاء ويختار، وأنها ليس لها تصرف في نفسها) سقط من النسخ الأخرى غير"الأصل".
قال الشاعر لله دره:
لا ترقم النجم في أمر تحاوله
…
وانهض بعزم وجد أيها الرجل
مع السعادة ما للنجم من أثر
…
فلا يضرك مريخ ولا زحل
واعزم متى شئت فالأوقات واحدة
…
فالله يفعل لا جدي ولا حمل1
عن الربيع بن سبرة الجهني2 قال: "لما غزا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه، وأراد الخروج إلى الشام خرجت معه، فلما أراد أن يدلج نظرت إلى السماء فإذا القمر في الدبران،3 فأردت أن أذكر لعمر، فعرفت أنه يكره ذكر النجوم، فقلت له: يا أبا حفص، انظر إلى القمر، ما أحسن استواءه الليلة، فنظر فإذا هو في الدبران، فقال: قد عرفت4 ما تريد يا ابن سبرة، تقول: إن القمر في الدبران، والله ما نخرج لا بشمس ولا بقمر إلا بالله الواحد القهار"5.
1 انظر: الأبيات الماضية.
2 هو: الربيع بن سبرة بن معبد الجهني المدني، تابعي ثقة، روى عن أبيه، وله صحبة، وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن مرة الجهني، وروى عنه عبد الملك وعبد العزيز ابنا الربيع بن سبرة. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (3/244)،"الجرح والتعديل":(3/ 462) .
3 الدبران: بفتح الدال والباء- سمي بذلك لاستدباره الثريا وهو نجم أحمر صغير منير، ويطلقون عليه- أيضا- المجدح- بكسر أو ضم الميم وسكون الجيم وفتح الدال. انظر:"فتح الباري": (2 / 524) ، كتاب الاستسقاء.
4 في"ر": (ما عرفت) ، وهو خطأ من الناسخ، ويخالف النسخ الأخرى.
5 انظر:"تهذيب تاريخ ابن عساكر": (5 / 305)، وفي"أصل تاريخ ابن عساكر"المخطوط:(6 / 218) .
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر" رواه أحمد وابن حبان في"صحيحه".
{عن أبي موسى} الأشعري1 رضي الله عنه {قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر "2 رواه أحمد وابن حبان3 في"صحيحه" قوله:" مدمن خمر "
_________
1 هو: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار- أبو موسى الأشعري- صحابي جليل، كان عالما صالحا، حسن الصوت بالقرآن، وكان عابدا صواما قواما كبير القدر، وهو أحد الحكمين بين علي ومعاوية، كان مع معاذ- رضي الله عنه على اليمن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولي في عهد عمر وعثمان وعلي، توفي- رضي الله عنه في مكة سنة 42 هـ، وقيل: سنة 44 هـ. انظر ترجمته في:"تذكرة الحفاظ": (1 / 23- 24)،"أسد الغابة":(3 / 263- 265)،"الإصابة":(6 / 194- 196) .
2 في"المؤلفات"قدم: (مصدق بالسحر) ، والصواب الموافق للأصول ما أثبت من النسخ الخطية.
3"مسند الإمام أحمد": (4 / 399) ."صحيح ابن حبان":"الإحسان": (7 / 366- 367، ح 5322) . وأخرجه الطبراني وأبو يعلى"مجمع الزوائد": (5 / 74) . الحديث- كما ترى- قد أخرجه ابن حبان في"صحيحه". وكذلك أخرجه الحاكم في"المستدرك"(4/146) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وحسنه الألباني. انظر:"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (2 / 295) . وضعف بعض زياداته. انظر:"سلسلة الأحاديث الضعيفة": (3 / 658، ح 1463) .
هو الذي يداوم شربها، ويلازمه، وعنه صلى الله عليه وسلم " الخمر1 أم الخبائث2 ") .
وفي الحديث: " مدمن الخمر كعابد الوثن 3") وهذا تغليظ في أمرها وتحريمها، و"قاطع الرحم": الذي يقطع صلة أرحامه.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، قال: أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك، " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا إن شئتم {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} 4 رواه البخاري، ومسلم.5
1 قوله: (هو الذي يداوم شربها، ويلازمه، وعنه صلى الله عليه وسلم الخمر) سقط من"ر"، وذلك لسبق نظره إلى كلمة:(الخمر) المتأخرة.
2"معجم الطبراني الأوسط"كما في"المجمع": (5 / 72) . و"مسند الشهاب"للقضاعي: (1 / 68، ح 38)،"سنن الدارقطني":(4 / 247)، كتاب الأشربة. الحديث: قال الهيتمي: (وواه الطبراني في"الأوسط"عن شيخه شباب بن صالح، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر) . وحسنه الألباني كما في"السلسلة الصحيحة": (4 / 469، ح 1854) .
3 [142 ح]"التاريخ الكبير"للبخاري: (1 / 1 / 129، ح 5926) عن أبي هريرة، وعن عبد الله، ولعله ابن عباس. وجاء بلفظ:"مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن"عن ابن عباس، وقد أخرجه الإمام أحمد في"المسند":(1 / 272) . الحديث: حسنه الألباني في"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (2 / 292، ح 677)، فقال: إنه بمجموع طرقه حسن أو صحيح. انظر بقية تخريجه والحكم عليه في الملحق.
4 سورة محمد، الآيتان: 22-23.
5 [143 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (13 / 465- 466، ح 7502) ، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ."صحيح مسلم مع شرح النووي": (16 / 347- 348، ح 16 / 2554) ، كتاب البر والصلة والأدب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها. انظر بقية تخريجه في الملحق.
وعنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم " رواه الطبراني.1
وقال صلى الله عليه وسلم " الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله " رواه البخاري.2
وهو مأمور بوصلها، قال صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ في أثره فليصل رحمه " أخرجه البخاري عن أبي هريرة- رضي الله عنه.3
1 نسبه الهيثمي إلى الطبراني ولم يحدد. انظر:"مجمع الزوائد": (8 / 151)،"جمع الجوامع"للسيوطي. راجع:(ح 5926) . والحديث من حديث ابن أبي أوفى."الترغيب والترهيب": (3 / 345، ح 41) . والحديث قال فيه الهيثمي: وفيه آدم المحاربي وهو كذاب. وحكم عليه الألباني بالوضع في"ضعيف الجامع": (ح 1791 / 570) .
2 [144 ح] اللفظ ليس في"صحيح البخاري"، وإنما هو في"صحيح مسلم". انظره مع"شرح النووي":(16 / 348، ح 17 / 2555) ، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطعها. وأما في البخاري فقد ورد بلفظ:"الرحم شجنة فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته"، وهو في"صحيح البخاري مع الفتح":(10 / 417، ح 5989) ، كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله. والحديث: من رو، الآية عائشة- رضي الله عنها. انظر بقية تخريجه والحكم عليه في الملحق.
3 [145 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (10 / 415، ح 5985) ، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم. إلا أنه بلفظ:"من سره"، لكن لفظ:"من أحب"جاء عن أنس بعده، ولعل الشارح قد خلط بينهما من حفظه أو نقله."صحيح مسلم مع شرح النووي":(16 / 350، ح 21 / 2557) ، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم. انظر بقية التخريج في الملحق.