الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك
عن عبد الله بن الشخير قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال: السيد الله تبارك وتعالى
{باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك}
{عن عبد الله بن الشخير} 1 رضي الله عنه {قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال لنا: السيد الله تبارك وتعالى} أي: هو الذي تحق له2 السيادة المطلقة، إذ الخلق كلهم عبيده. ولا ينافيه "أنا سيد ولد آدمء"3 لأنه إخبار4 عما أعطي من الشرف
_________
1 هو: عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب العامري ثم الكعبي، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، ومما روى عنه الحديث المذكور، وما رُوي أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال: يقول ابن آدم مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت. انظر ترجمته في:"أسد الغابة": (3/ 170)، "تهذيب التهذيب":(5/ 251)، "طبقات ابن سعد":(7/ 34) .
2 هذا في "الأصل"، وفي "ر"و"ع":(الذي هو تحق له) ، وهو تقديم وتأخير من الناسخ، وفي "ش":(الذي تحق له) بدون ضمير: (هو) وهو سائغ.
3 هو: عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب العامري ثم الكعبي، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، ومما روى عنه الحديث المذكور، وما رُوي أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال: يقول ابن آدم مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت. انظر ترجمته في:"أسد الغابة": (3/ 170)، "تهذيب التهذيب":(5/ 251)،"طبقات ابن سعد":(7/ 34) .
4 هكذا في "الأصل"و"ش"، وفي "ر":(اختبار) وهو خطأ، وفي "ع":(أخبر) وهو سائغ.
قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان ".
على النوع الإنساني، وقد اختلف هل الأولى الإتيان بلفظ السيادة في نحو الصلاة عليه أو لا؟ ورجح بعضهم1 أن لفظ الوارد لا يزاد عليه، بخلاف غيره. {قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا} أي: أكثرنا عطاء {فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم} أي: قولوا بقول أهل دينكم وملتكم، يعني: ادعوني رسولا ونبيا، ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم، لأنهم كانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة بأسباب الدنيا، وقوله:"أو بعض قولكم" يعني: بعض الاقتصاد في المقال، وترك الإسراف فيه، وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم (ولا يستجرينكم الشيطان) أي: لا يغلبنكم فتقعون في أمر عظيم، مع أنهم لم يقولوا إلا الحق،
_________
1 ومن هؤلاء أعلام الفقه والحديث وهو الحافظ ابن حجر فقد نقل عنه أحد الملازمين له أنه لما سئل عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة، هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة أو يقتصر على قوله: اللهم صل على محمد؟ وأيهما أفضل الإتيان بلفظ السيادة لكونها صفة ثابتة له صلى الله عليه وسلم أو عدم الإتيان به لعدم ورود ذلك في الآثار. فأجاب بأن اتباع الألفاظ المأثورة أرجح ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعا منه صلى الله عليه وسلم. قال: (لأنا نقول لو كان ذلك راجحا- يعني: وصفه بالسيادة- لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين، ولم نقف على شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك) . انظر:"صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"للألباني: (ص 153) ، وقد أحاله على ورقة مخطوطة لابن حجر.
رواه أبو داود بسند جيد.
وعن أنس رضي الله عنه أن ناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: يا أيها الناس، قولوا
فإنه1 سيد ولد آدم وأفضلهم، وأكرمهم، فنهاهم عن هذا الخطاب حماية للتوحيد، وسدا للذرائع، ولحداثة عهدهم بالإسلام فكأنه يقول: [لا تخاطبوني بما تخاطبون به رؤساءكم2 بل بما سماني به الله تعالى من نحو نبي ورسول {رواه أبو داود بسند جيد3}
{وعن أنس} بن مالك {رضي الله عنه أن ناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: يا أيها الناس، قولوا
_________
1 هذا في"الأصل"، وهو الأليق بالسياق، وفي بقية النسخ:(وإنه) .
2 صحح القدر الذين بين قوسين من مجموع النسخ الأخرى، وقد جاء في"الأصل":(بما تخاطبون)، وفي"ر":(لا تخاطبون بما تخاطبون به)، وفي"ع":(لا تخاطبون به رؤساءكم)، وفي"ش":(لا تخاطبون بما تخاطبون رؤساءكم) وهي أقرب نسخة لصحة العبارة.
3 [293 ح]"سنن أبي داود": (5/ 154- 155، ح 4806) ، كتاب الأدب، باب في كراهية التمادح."مسند الإمام أحمد":(4/ 24- 25)،"فتح الباري"لابن حجر:(5/ 179) . والحديث رُوي عن مطرف بن عبد الله بن الشخير. والحديث- كما ترى- قال المصنف بأن سنده جيد عن أبي داود، وكذا قال ابن مفلح في"الآداب"، وقال ابن حجر: رجاله ثقات وقد صححه غير واحد، وصححه الآبادي في"عون المعبود":(4/ 402) . وصححه الألباني كما في"صحيح سنن أبي داود": (3/ 912، ح 4021) . انظر بقية التخريج في الملحق.
بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " رواه النسائي بسند جيد.
بقولكم} الذي لا غلو فيه ولا {يستهوينكم الشيطان} أي: يلقينكم في هواه، قال الله تعالى:{كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ} 1 {أنا محمد2 عبد الله ورسوله} قال الله عز وجل {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} 3 وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} 4 فأضافه إضافة تشريف وتعظيم وتبجيل وتفخيم " ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " رواه النسائي بسند جيد5} كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم عليه السلام
_________
1 سورة الأنعام، الآية:71.
2 أضيفت هنا كلمة: (ابن) في"ر"، وليس لها معنى هنا.
3 سورة الفرقان، الآية:1.
4 سورة الفتح، الآية:29.
5 [294 ح]"عمل اليوم والليلة"للنسائي: (ص 249، ح 248)، ولم أجده في"سننه"."مسند الإمام أحمد":(3/ 153، 241، 249)،"صحيح ابن حبان":"الإحسان": (8/ 46، ح 6207) . والحديث- كما ترى- قد أخرجه ابن حبان في"صحيحه". وقال ابن عبد الهادي في"الصارم المنكي"(ص 246) : إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال الألباني في"غاية المرام": (ص 99، ح 127) مثله ثم قال عقبه: وللحديث شاهد عند أبي داود من حديث عبد الله بن الشخير. انظر بقية التخريج في الملحق.
إنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله "1 الإطراء: المبالغة في المدح، يعني: قولوا في2 ما هو اللائق والمناسب للعبودية والرسالة، تواضعا واجتنابا عن التفاخر. عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته "3 وقالت:" كان بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه " رواه الترمذي4.
1 تقدم تخريجه عند ذكر جزء منه في شرح خطبة الكتاب: (ص 17)، وتم تخريجه بالتفصيل في الملحق برقم:[3 ح]، وقد سبق ذكر الحديث- ايضا- في متن الكتاب في باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين في:(ص 221) ، وقد أحلت هناك إلى ما أحلت إليه هنا.
2 هذا في"الأصل"وهو اللائق إذا شددت ياء: (في)، وفي "ر":(قولوا في حقي) وهو لائق أيضا، وفي "ع" و"ش":(قوله في حقي) وهو خطأ.
3"مسند الإمام أحمد": (6/ 167) بلفظه، وانظر:(ص 121، 260) أيضا."الأدب المفرد"للبخاري: (ص 188، ح 539)،"دلائل النبوة"للبيهقي:(1/ 328- 329)، وذكره في"المشكاة"من حديث آخر:(3/ 1619، ح 5822) .
4 [295 ح]"الشمائل"للترمذي: (ص 270، ح 325)،"مسند الإمام أحمد":(6/ 256)،"صحيح ابن حبان":"الإحسان": (7/ 474، ح 5646) . والحديث- كما ترى- قد أخرجه ابن حبان في"صحيحه". وصححه الألباني في"السلسلة الصحيحة": (2/ 280- 281، ح 671) . انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.