المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب لا يقول عبدي وأمتي - تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - جـ ٢

[عبد الهادي البكري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

- ‌باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيدوسده كل طريق توصل إلى الشرك

- ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌باب بيان شيء من أنواع السحر

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌باب ما جاء في النشرة

- ‌باب ما جاء في التطير وغيره

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

- ‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

- ‌باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا

- ‌باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ

- ‌باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات

- ‌باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}

- ‌باب ما جاء فيمن لم يقنع [بالحلف] بالله تعالى

- ‌باب قول ما شاء الله وشئت

- ‌باب من سب الدهر فقد آذى الله

- ‌باب التسمي بـ"قاضي القضاة" ونحوه

- ‌باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

- ‌باب من هزل بشيء فيه ذكر الله تعالى أو القرآن أو الرسول

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌باب لا يقال السلام على الله

- ‌باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

- ‌باب لا يرد من سأل بالله تعالى

- ‌باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

- ‌باب ما جاء في اللو

- ‌باب لا تسبوا الريح

- ‌باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ما جاء في منكر القدر

- ‌باب ما جاء في المصورين

- ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

- ‌باب ما جاء في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى

- ‌باب لا يستشفع بالله تعالى على خلقه

- ‌باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية

الفصل: ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

‌باب لا يقول عبدي وأمتي

في "الصحيح" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضيء ربك

{باب لا يقول عبدي وأمتي}

{في"الصحيح" عن أبي هريرة} رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضيء ربك "1} .

قال النووي - رحمه الله تعالى-: (قال العلماء: لا يطلق الرب بالألف واللام إلا على الله تعالى خاصة، وأما مع الإضافة فيقال: رب المال، ورب الدار، وغير ذلك)2.

ومنه قول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في ضالة الإبل:"حتى يلقاها ربها"3 قال العلماء: (وإنما يكره [للمملوك] 4 أن

_________

1 زاد هنا في كل النسخ: (اسق ربك)، وهي هكذا في"الأذكار"للنووي:(ص 450) ، والصواب إسقاطها كما في"المؤلفات"وأصل الحديث في"صحيح البخاري"، وقد جاءت هذه العبارة في سياق آخر في"صحيح مسلم".

2"الأذكار"للنووي: (ص 450) بعد حديث (1139) . وانظر نحوه عنه في كتابه:"تحرير ألفاظ التنبيه": (ص 63) .

3 [230 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (1/ 186 ، ح 91) ، كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(12/ 263- 264 ، ح 2/ 1722) ، كتاب اللقطة أوله دون ذكر الباب. والحديث عن زيد بن خالد الجهني. انظر بقية تخريجه في الملحق.

4 في"الأصل"و"ع": (للملوك)، وفي"ش":(المملوكان) ، وهما خطآن من النساخ، والصواب المثبت في"ر".

ص: 478

وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي

يقول لمالكه: ربي; لأن1 في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية. وأما حديث:"حتى يلقاها ربها" وما في معناه، فإنما استعمل; لأنها غير مكلفة فهي كالدار والمال، ولا شك أنه لا كراهة في قول: رب المال، ورب الدار2 وأما قول يوسف عليه الصلاة والسلام {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} 3 ففيه جوابان:

أحدهما: أنه خاطبه بما يعرفه، وجاز هذا للضرورة، كما قال موسى عليه الصلاة والسلام للسامري:{وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} 4 أي: الذي اتخذته إلها.

والجواب الثاني: أن هذا شرع لمن كان قبلنا، وشرع من قبلنا لا يكون شرعا لنا إذا ورد شرعنا بخلافه5. {وليقل: سيدي} بتشديد الياء {ومولاي} أي: فجائز ذلك {ولا يقل] 6 أحدكم: عبدي وأمتي} كراهة7 لذكر العبودية لغير الله تعالى

_________

1 في"ر"رسمت كلمة (لأن) : (كأن) ، وهو تصحيف.

2"الأذكار للنووي": (ص 450) بعد حديث (1141) .

3 سورة يوسف، الآية:42.

4 سورة طه، الآية:97.

5 انظر هذا الاستشكال وجوابه في: كتاب"الأذكار"للنووي: (ص 450- 451) .

6 في جميع النسخ المخطوطة: (ولا يقول) ، والصواب الموافق للأصول ما أثبته من"المؤلفات".

7 سقطت كلمة: (كراهة) من"ر"، وفي"ع":(كرهت)، وفي"ش":(كراهية) .

ص: 479

وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي "

{وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي "1} وفي رواية: " لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، فكلكم عبيد، ولا يقول العبد: ربي، وليقل: سيدي " 2 وفي رواية: " لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتاي، وفتاتي "3.

وهذا كله من تحقيق التوحيد; لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بين صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك فقال:"كلكم عبيد الله" فنهى عن التطاول في اللفظ، كما نهى عن التطاول في الأفعال، وفي إسبال الإزار وغيره. وأما غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي فليست دالة على الملك كدلالة عبدي، مع أنها تطلق على الحر والمملوك، وإنما هي للاختصاص، قال

_________

1 [231 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (5/ 177 ، ح 2552) ، كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق وقوله: عبدي وأمتي."صحيح مسلم مع شرح النووي": (15/ 10 ، ح 15) ، كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب حكم إطلاق لفظ العبد والأمة، إلا أنه لم يقل فيه:"ولا يقل أحدكم ربي".انظر بقية التخريج في الملحق.

2"صحيح مسلم مع شرح النووي": (15/ 9 ، ح 14/ 2249)، الموضع السابق ذكره."مسند الإمام أحمد":(2/ 496) .

3"صحيح مسلم مع شرح النووي": (15/ 8- 9 ، ح 13/ 2249)، الموضع السابق ذكره."مسند الإمام أحمد":(2/ 463) .

ص: 480

تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} 1 {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ} 2 {قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} 3

واعلم أن السيد يطلق على الذي يفوق قومه، ويطلق على الذي يفزع إليه في النوائب، فيحتمل الأثقال، وعلى الشريف وعلى الكريم، وعلى المالك، وعلى الزوج، وقد جاءت أحاديث كثيرة بإطلاق سيد على أهل الفضل، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "إن ابني هذا - يعني: الحسن - سيد، ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين من المسلمين "4 وأنه قال للأنصار - لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه:" قوموا إلى سيدكم "5 وورد:" لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن6 لم يكن7 سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل ".8

1 سورة الكهف، الآية:60.

2 سورة يوسف، الآية:62.

3 سورة الأنبياء، الآية:60.

4 [232 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (6/ 628 ، ح 3629) ، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام. و"مسند الإمام أحمد":(5/ 49) . والحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

5 [233 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (7/ 123 ، ح 3804) ، كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(12/ 335- 336 ، ح 64/ 1768) ، كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد. والحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. انظر بقية التخريج في الملحق.

6 في"ر"سقطت كلمة: (إن) ، وهي ثابتة في بقية النسخ.

7 في"ش"أسقطت كلمة: (يكن) وبيض لها.

8 [234 ح]"سنن أبي داود": (5/ 257 ، ح 4977) ، كتاب الأدب، باب لا يقول المملوك ربي."مستدرك الحاكم":(4/311)،"مسند الإمام أحمد":(5/ 346- 347) . والحديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. والحديث قال فيه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: عقبة -يعني: عقبة بن الأصم- ضعيف. وقال المنذري في"الترغيب"(4/ 21) : رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. وصححه الألباني في"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (1/ 645- 646 ، ح 371) . انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

ص: 481

قال النووي: (والجمع بين هذه الأحاديث أنه لا بأس بإطلاق فلان سيد ويا سيدي وما أشبه ذلك إذا كان المسود فاضلا خيرا إما بعلم وإما بصلاح، وإما بغير ذلك، وإن كان فاسقا أو متهما في دينه أو نحو ذلك كره أن يقال له: سيد)1.

وأما القيام للقادم2 فكذلك يجوز إذا كان من أهل العلم أو الفضل أو الصلاح أو الشرف لقوله صلى الله عليه وسلم " قوموا إلى سيدكم " 3 قاله صلى الله عليه وسلم لما لمعاذ من الشرف كأنه قال: قوموا إليه تلقيا وإكراما، وفيه إكرام أهل4 الفضل والعلم والشرف بالقيام لهم إذا أقبلوا [والتنبيه] 5 على شرف ذوي الشرف والتعريف بأقدارهم وتنزيلهم منازلهم، وقد قام صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل لكونه من رؤساء قريش6 ولعدي بن حاتم لكونه سيد بني

1"الأذكار"للنووي: (ص 449) .

2 مسألة القيام للقادم جمع فيها الإمام النووي رسالة لطيفة سماها:"كتاب الترخيص في الإكرام بالقيام"، وقد طبعت قريبا.

3 تقدم تخريج الحديث قريبا في الملحق برقم: [232 ح] .

4 كلمة: (أهل) سقطت من"ر".

5 في"الأصل"و"ر": (والتنبه) ، والمثبت من"ع"و"ش".

6 انظر:"كتاب الترخيص في الإكرام بالقيام"للنووي: (ص 42- 43) . وانظر:"فتح الباري": (11/ 52) حيث نقل ابن حجر هذا الخبر عن النووي. و"شرح النووي على صحيح مسلم": (12/ 336) .

ص: 482

طي1 يتألفهما، وما ورد من النهي عن ذلك إنما هو في القيام للإعظام كما هو دأب الأعاجم2 لا للإكرام3 كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، كما جزم بذلك الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى - بقوله:(القيام مكروه على جهة الإعظام لا على جهة الإكرام والتنبيه على شرفه)4.

فائدة: المواضع التي يستحب فيها القيام على طريق الإكرام ستة، وقد نظمها الشيخ محمد بن أبي القاسم - رحمه الله تعالى - فقال:

سن القيام لقدوم عالم

وصالح ووالد5 وحاكم

ومصحف وعند خوف فتنة

وربما أوجب في الأخيرة

خاتمة للباب: في تقبيل اليد:

اختلفوا فيه، فقال بعضهم: يكره تقبيل اليد، يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"أقبل رجل من جهينة فسلم، ثم جلس وقال: أفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: هو ذا6 فقام مسرعا7 فقبل يده ثم قبضها "8

1 انظر ذلك في:"السيرة النبوية"لابن هشام: (2/ 580- 581) ، و"البد، الآية والنه، الآية": (5/ 74) .

2 هذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(الأعاجمة) .

3 في"ر": للإكرامة) ، وهو تحريف لضعف الكاتب في الإملاء.

4"إحياء علوم الدين": (2/ 223) حقوق المسلم.

5 في"ر": (وواليه) ، وهو تحريف ظاهر.

6 في"ر": (هو هذا) ، والمثبت من النسخ الباقية.

7 في"ر"حرفت إلى كلمة: (مشروحا) .

8 هكذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(فقبضها) .

ص: 483

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن هذه حمقة من حمقات العجم كانوا يستطيلون بها على الناس بتجبرهم إذا جلسوا في مجالسهم، ودخل عليهم من دونهم تملقهم بمثل هذا يستجلب به رأفتهم، ألا إن تحية الإسلام المصافحة " وهو حديث أطول من هذا رواه هشام1 عن أبيه عن الكلبي. ويؤخذ منه كراهة التقبيل مطلقا حتى تقبيل الولد يد والده، وتقبيل العبد يد سيده، إذ كان2 أكرم الخلق على الله منع منه، فكيف بغيره.

قال الإمام العلامة الحسن بن ناصر الحسني الشافعي في كتابه"نزهة القصاد": ويستحب مصافحة الرجل الرجل والمرأة المرأة3 لقوله4 صلى الله عليه وسلم "إذا التقى المؤمنان فتصافحا، تناثرت الذنوب من أيديهما"5.

1 هشام بن محمد بن السائب الكلبي أبو المنذر، الإخباري النسابة الكوفي الشيعي، أحد المتروكين كأبيه، روى عن أبيه كثيرا ومجالد وأبي مخنف، وحدث عنه ابنه العباس ومحمد بن سعد وخليفة بن خياط، له تصانيف منها: كتاب"الكنى"، و"ملوك الطوائف"، و"حلف الفضول"، توفي سنة 204 هـ، وقيل: 206 هـ. انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": (10/ 101- 103)،"الكامل"لابن عدي:(7/ 2568)،"تاريخ بغداد":(14/ 45- 46) .

2 هذا في"الأصل"و"ش"، وفي"ر"و"ع":(إذا كان) .

3 في"ر": (ويستحب مصافحة الرجل والمرأة) ، وهو خطأ شنيع من الناسخ، فمصافحة المرأة محرم فضلا عن أن يكون مستحبا.

4 سقطت كلمة: (لقوله) من"ر".

5 [235 ح] لم أجد الحديث بهذا النص، ولعل الشارح أو المنقول عنه قد ذكره من حفظه فجمع بين ألفاظ مختلفة للحديث كما تجد ذلك عند التخريج المفصل. وانظر أصل الحديث في:"سنن الترمذي": (5/ 74- 75 ، ح 2727) ، كتاب الاستئذان، باب ما جاء في المصافحة. و"سنن أبي داود":(5/ 388 ، ح 5211 ، 5212) ، كتاب الأدب، باب في المصافحة. و"سنن ابن ماجه":(2/ 1220 ، ح 3703) ، كتاب الأدب، باب المصافحة. والحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني من طريق الأجلح عن أبي إسحاق عن البراء. وضعفه من طريق مالك عن أبي داود عن البراء. انظر:"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (2/ 44 ، ح 525) . ومن طريق أبي بلح عن زيد بن الحكم العنزي عن البراء. انظر:"ضعيف سنن أبي داود": (ص 513 ، ح 1113) . انظر بقية التخريج والحكم على الحديث في الملحق.

ص: 484

[وصفتها] 1 أن يقبض كل واحد كف صاحبه ثم يرسله، ويستحب أن يدعو كل واحد لصاحبه، بأن يقول: اللهم اغفر لي ولأخي2.

قال البغوي: (وتكره المعانقة والتقبيل إلا تقبيل الوالد لولده شفقة) .3

وقال أبو عبد الله [الزبيري] 45 لا بأس أن يقبل الرجل رأس الرجل وما بين عينيه عند قدومه من سفر أو تباعد لقائه.

قال في "الروضة": (المختار أن تقبيل يد غيره إن كان لزهده أو

1 في"الأصل": (ومنها) ، وهو خطأ، والصواب ما أثبته من بقية النسخ.

2 لعله قد استخرج حكم الاستحباب لهذا القول مما جاء في الحديث من الإخبار في بعض طرق أحاديث المصافحة أن المتصافحين يغفر لهما، وهذا فيه نظر.

3 انظر:"شرح السنة"للبغوي: (12/ 293) .

4 في"الأصل"و"ع": (الزبير) ، والصواب من"ر"و"ش".

5 هو: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ـ أبو عبد الله الأسدي الزبيري ـ كان إمامًا قدوة، حدث عنه محمد بن عمر الواقدي وعبد الرزاق، وكان أكثر الناس صلاة وصيامًا، إلا أنه قد ضعفه أحمد، والنسائي، ويحي، وابن حبان، مات سنة 157هـ انظر ترجمته في:"سير أهلام النبلاء": (7/29ـ30"، "الكامل في الضعفاء" لابن عدي: "6/2359"

ص: 485

لصلاحه أو لعلمه أو لشرفه وصيانته ونحو ذلك من الأمور الدينية، فهو مستحب وإن كان لغناه ودنياه1 وشوكته وجاهه ونحو ذلك، فهو مكروه) 2.

اعلم أنه لم يكن من عادة الصحابة تقبيل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق3 صلوات الله وسلامه عليه، فمن جعل ذلك عادة فقد خالف ما عليه السلف، وأما من فعل ذلك بعض الأحيان، ولم يجعله عادة مستمرة فهذا لا بأس به، بل قد يستحب، وعلى هذا يحمل الحديث المذكور عن ابن عمر رضي الله عنهما " أنهم لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة مؤتة قالوا: يا رسول الله، نحن الفرارون، قال: بل أنتم العكارون 4 إنا لكم فئة، قال: فقبلنا يديه ورجليه " 5.

1 في"ر"و"ع": (أو دنياه)، وفي"ش"سقطت كلمة:(كان) .

2 انظر:"روضة الطالبين": (10/ 236)، وانظر:"الأذكار"للنووي: (ص 330) .

3 هذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(وهو أفضل من الخلق) .

4 أي: العطافون، يقال: عكر واعتكر كر وانصرف، ورجل عكار في الحرب عطاف كرار والعكار الذي يولي في الحرب ثم يكر راجعا. انظر:"لسان العرب": (4/ 599) .

5 [236 ح]"سنن أبي داود": (3/ 106 ، ح 2647) ، كتاب الجهاد، باب في التولي يوم الزحف. و"سنن الترمذي":(4/ 215 ، ح 1716) ، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الفرار من الزحف."مسند الإمام أحمد":(2/ 110- 111) . والحديث عن ابن عمر رضي الله عنه. والحديث قال الترمذي فيه: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد. وضعفه الألباني كما في"إرواء الغليل": (5/ 27 ، ح 1203)، و"ضعيف سنن أبي داود":(ص 257- 258 ، ح 567) . انظر بقية التخريج في الملحق.

ص: 486

وكذلك أبو عبيدة1 قبل يد عمر2 وزيد بن ثابت قبل يد ابن عباس3 وهذا إنما فعلوه لأمر يوجب ذلك بعض الأحيان، ولم يجعلوه عادة مستمرة. والله أعلم.

والسنة معانقة القادم من سفره وتقبيله4 ولا بأس بتقبيل الميت الصالح5 ويكره حني الظهر في كل حال لكل أحد، ولا بأس بالقيام لأهل الفضل، بل هو مستحب للاحترام لا للرياء والإعظام6 وقد ثبتت أحاديث بكل ما ذكرته. والله أعلم. انتهى7.

1 هو: عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري المكي -أبو عبيدة- أحد السابقين إلى الإسلام، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وسماه أمين الأمة، وهو مشهور بكنيته، وهو الذي انتزع الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى سقطت ثنيتاه، وفيه وفي أبيه نزل قوله تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وذلك لما كان أبوه يوم بدرا كافرا وكان يتصدى له وهو يحيد عنه ولما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله، توفي رضي الله عنه في طاعون عمواس سنة 18 هـ. انظر ترجمته في:"حلية الأولياء": (1/ 100- 102)،"الإصابة":(5/ 285- 289)،"سير أعلام النبلاء":(1/ 5- 23) .

2 انظر:"السنن الكبرى"للبيهقي: (7/ 101) النكاح، و"المصنف"لابن أبي شيبة:(8/ 750) الأدب. انظر:"الآداب الشرعية"لابن مفلح: (2/ 258) .

3 انظر:"الرخصة في تقبيل اليد": (ص 95 ، رقم 30) .

4 انظر: كتاب"الأذكار"للنووي: (ص 332) .

5 المصدر السابق: (ص 332) .

6"كتاب الترخيص في الإكرام بالقيام": (ص 23) .

7 كلمة: (انتهى) سقطت من"ر".

ص: 487