المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان - تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - جـ ٢

[عبد الهادي البكري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

- ‌باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيدوسده كل طريق توصل إلى الشرك

- ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌باب بيان شيء من أنواع السحر

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌باب ما جاء في النشرة

- ‌باب ما جاء في التطير وغيره

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

- ‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

- ‌باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا

- ‌باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ

- ‌باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات

- ‌باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}

- ‌باب ما جاء فيمن لم يقنع [بالحلف] بالله تعالى

- ‌باب قول ما شاء الله وشئت

- ‌باب من سب الدهر فقد آذى الله

- ‌باب التسمي بـ"قاضي القضاة" ونحوه

- ‌باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

- ‌باب من هزل بشيء فيه ذكر الله تعالى أو القرآن أو الرسول

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌باب لا يقال السلام على الله

- ‌باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

- ‌باب لا يرد من سأل بالله تعالى

- ‌باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

- ‌باب ما جاء في اللو

- ‌باب لا تسبوا الريح

- ‌باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ما جاء في منكر القدر

- ‌باب ما جاء في المصورين

- ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

- ‌باب ما جاء في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى

- ‌باب لا يستشفع بالله تعالى على خلقه

- ‌باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية

الفصل: ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

وقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ

صحت خارج"الصحيحين"، وبلغت تسعين جزءا، واخترمته المنية قبل تمامها.

{باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان)

{وقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} نزلت في كعب بن الأشرف وسبعين راكبا من اليهود قدموا مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل كعب بن الأشرف1 على أبي سفيان2 فأحسن مثواه، ونزل باقي اليهود على قريش في

_________

1 هو: كعب بن الأشرف، يهودي، هجاء المسلمين بعد وقعة بدر وآذاهم، وكان يحرض المشركين على حربهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، وكان ذلك في سنة 3 هـ على رأس خمسة وعشرين شهرا من الهجرة. انظر خبر قتله في:"طبقات ابن سعد": (2/ 31- 34)،"السيرة"لابن هشام:(3/ 12 - 18)،"كتاب المغازي":(1/ 184- 193) .

2 هو: صخر بن حرب بن أمية، المشهور بكنيته: أبو سفيان، وهو والد معاوية، كان من أشراف قريش، وكان تاجرا، وهو الذي قاد قريشا في أُحد، أسلم ليلة الفتح وشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم حنينا والطائف، وكان من الذين تألفهم رسول الله فأعطاهم عطاءً حسنا، وُلد أبو سفيان قبل الفيل بعشرة سنين، ومات في خلافة عثمان سنة 32 هـ. انظر ترجمته في:"أسد الغابة": (5/ 148- 149)،"الإصابة":(5/ 127- 129) .

ص: 249

دورهم، فقال لهم أهل مكة: أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب،1 ولا نأمن من أن يكون هذا مكر منكم، فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين، ففعلوا ذلك، فذلك2 قوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} ثم قال كعب بن الأشرف لأهل مكة: ليجيء منكم ثلاثون رجلا فلنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب هذا البيت لنجهدن على قتال محمد ففعلوا، ثم قال أبو سفيان لكعب بن الأشرف: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم، ونحن [أميون] 3 لا نعلم، فأينا أهدى سبيلا نحن أم محمد؟ فقال كعب:4 أعرضوا علي دينكم، فقال أبو سفيان: ننحر للحجيج الكوما -وهي الناقة العظيمة السنام، والجمع: كوم- ونسقيهم ونقري الضيف ونفك العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم، وديننا القديم، ودين محمد الحديث، فقال كعب:5 والله لأنتم أهدى سبيلا مما عليه محمد6 فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ} يعني: يا محمد

1 قوله: (ومحمد صاحب كتاب) في"الأصل"، وقد سقط من بقية النسخ.

2 كلمة: (فذلك) في"الأصل"، وقد سقطت من بقية النسخ.

3 كلمة: (أميون) ليست في"الأصل"، وقد أثبتها من بقية النسخ.

4 كلمة: (كعب) سقطت من"ر"، وهي ثابتة في بقية النسخ.

5 في بقية النسخ: (كعب بن الأشرف) .

6 زيد هنا في"الأصل"قوله: صلى الله عليه وسلم ، وهي ليست من الأثر، زادها الناسخ.

ص: 250

وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} .

{إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ} يعني: ابن الأشرف وأصحابه اليهود1 {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} يعني به: سجودهم للصنمين.2 والجبت والطاغوت كل ما عبد من دون الله عز وجل3 وقيل: الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت: كعب بن الأشرف، اليهوديان، وكانا طاغية4 اليهود5 {وَيَقُولُونَ} يعني: كعب بن الأشرف وأصحابه {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: لكفار قريش {هَؤُلاءِ} يعنى: أنتم يا هؤلاء {هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} بمحمد {سَبِيلاً} 6 أي: طريقا، والمقصود أن اليهود

_________

1"أسباب النزول"للواحدي: (ص 108- 109)، و"تفسير البغوي":(1/ 441)، و"تفسير السيوطي":(2/ 563) .

2 كما تقدم ذكره في الرو، الآية السابقة.

3 انظر:"تفسير الطبري": (4/ 133)، و"تفسير البغوي":(1/ 441)، و"تفسير ابن الجوزي":(2/ 108) .

4 هكذا بالإفراد في كل النسخ. والأولى بالتثنية: (طاغيتي) .

5 انظر:"تفسير الطبري": (4/ 132) ذكر الرو، الآية في ذلك عن ابن عباس والضحاك. و"تفسير البغوي":(1/ 441)، و"تفسير ابن الجوزي":"زاد المسير": (2/ 107)، وقد ذكر أنه روي ذلك عن ابن عباس وبه قال الضحاك والفراء. قال الطبري في"تفسيره" (4/ 5/ 133) : والصواب من القول في تأويل {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} أن يقال: يصدقون بمعبودين من دون الله يعبدونهما من دون الله، ويتخذونهما إلهين، وذلك أن الجبت والطاغوت اسمان لكل معظم بعبادة من دون الله أو طاعة أو خضوع له.

6 سورة النساء، الآية:51.

ص: 251

وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ

وافقوا قريشا على السجود للصنمين مع بغضها، ومعرفة بطلانها، ويقولون: أنهم1 أهدى سبيلا من المؤمنين وهم يعرفون كفرهم، وأشد عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا حسدا منهم.

{وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ} هذا جواب اليهود حين قالوا: ما نعرف دينا شرا من دينكم، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء2 اليهود الذين3 قالوا هذه المقالة هل أخبركم بشر من ذلك الذي ذكرتم ونقمتم علينا إيماننا بالله وبما أنزل علينا {مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ} يعني: جزاء، فإن قلت المثوبة مختصة بالإحسان لأنها في4 معنى الثواب، فكيف جاءت في الإساءة، قلت: وضعت المثوبة موضع العقوبة على طريقة قوله: (تحية بينهم ضرب وجيع)، ومنه قوله تعالى:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 5 6 والمعنى: قل هل أنبئكم بشر من أهل7 ذلك الدين مثوبة، وعلى حسب

_________

1 في بقية النسخ: (أيهم) بالمثناة والتحتية.

2 في"ر": (هؤلاء) ، والأصح ما أثبت من"الأصل"، و"ع".

3 قوله: (ما نعرف دينا شرا من دينكم، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء اليهود الذين) سقط من"ش".

4 كلمة: (في) من"الأصل"، وقد سقطت من بقية النسخ.

5 سورة آل عمران، الآية:21.

6"تفسير الرازي": (12/ 36)، و"تفسير الزمخشري":(1/ 625) . وقوله: تحية بينهم ضرب وجيع عجز بيت لعمر بن معد يكرب، وهو قوله:

وخيل قد دلفت لها بخيل،،، تحية بينهم ضرب وجيع.

7 سقط قوله: (من أهل) من"ر".

ص: 252

مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ

قولهم واعتقادهم أن ذلك الدين شر، ومعلوم أن الأمر ليس كذلك، فقيل لهم: هب أن الأمر كذلك1 لكن {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} ومسخ صورته شر من ذلك، ومعنى لعنه الله: أبعده وطرده من رحمته،2 وغضب عليه، يعني: وانتقم منه لأن الغضب إرادة الانتقام من العصاة3 {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} يعني: من اليهود من لعنه الله وغضب عليه، ومنهم من جعله قردة وخنازير، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن المسخين كلاهما في أصحاب السبت شبانهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير،4 وقيل: إن مسخ القردة كان في أصحاب السبت من اليهود، ومسخ الخنازير من الذين كفروا بعد نزول المائدة في زمن عيسى عليه السلام5 ولما نزلت هذه الآية عير المسلمون اليهود، وقالوا: يا إخوان

_________

1 سقط قوله: (فقيل لهم: هب أن الأمر كذلك) من"ر".

2 انظر:"تفسير ابن كثير": (2/ 76)، و"تفسير الألوسي":(6/ 175) .

3 تفسير صفة الغضب بإرادة الانتقام خطأ من المؤلف فقد اتبع فيه قول بعض المفسرين الذين نهجوا نهج الأشاعرة، ففسروا الصفات إما بصفات أخرى، أو بلوازمها، وهو هنا من النوع الأول حيث فسر الغضب بالإرادة للانتقام. فالغضب من صفات الأفعال التي تتعلق بالمشيئة وهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف. ولا يلزم من إطلاثها على الله أن يشابه المخلوقين فيها، فلا مناسبة ولا مقارنة بين صفات الخالق وصفات المخلوقين.

4"تفسير البغوي": (2/ 49)، و"تفسير الرازي":(12/ 36)، و"تفسير ابن الجوزي":(2/ 387)، و"تفسير الألوسي":(6/ 175) .

5"تفسير البغوي": (2/ 49)،"تفسير ابن الجوزي":(2/ 387) .

ص: 253

وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً

القردة والخنازير وافتضحوا بذلك1 {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} 2يعني: وجعل منهم عبدة الطاغوت، يعني: من أطاع الشيطان فيما سول لهم،3 والطاغوت هو الشيطان،4 وقيل: هو العجل،5 وقيل: هو الكهان6 والأحبار،7 وجملته أن كل من أطاع أحدا في معصية فقد عبده،8 وهو الطاغوت {أُولَئِكَ} يعني: الملعونين والمغضوب عليهم والممسوخين {شَرٌّ مَكَاناً} يعني: من غيرهم ونسب الشر إلى المكان، والمراد به أهله،

_________

1"تفسير القرطبي": (6/ 236)، قال القرطبي: وفيهم يقول الشاعر: فلعنة الله على اليهود إن اليهود إخوة القرود و"تفسير الزمخشري": (1/ 626)، و"تفسير الرازي":(12/ 37) .

2 ال، الآية في"المؤلفات"إلى هنا ولم يتمها.

3"تفسير البغوي": (2/ 49) .

4 انظر:"صحيح البخاري مع الفتح": (8/ 251) ، كتاب التفسير، باب {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد معكم من الغائط} . و"تفسير الطبري":(4/5/131) ، وقد أورد الروايات في ذلك عمر بن الخطاب ومجاهد والشعبي وابن زيد.

5"تفسير الزمخشري": (1/ 626)، و"تفسير الفخر الرازي":(12/ 37) .

6 جاء المعنى بلفظ: الكاهن، أو كهان العرب في"تفسير السيوطي":(2/ 564- 565)، و"تفسير الطبري":(5/ 131- 132)، و"تفسير ابن الجوزي":(2/ 107) .

7"تفسير الفخر الرازي": (12/ 37) . وفي"تفسير الطبري": (5/ 131) الذين يكونون بين أيدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس وكذلك فسر بكعب بن الأشرف.

8 انظر:"تفسير الفخر الرازي": (12/ 37) . وهذا ليس على إطلاقه فمن الطاعة في معصية الله ما هو محرم وليس فيه عبادة للمطاع، ومنها ما هو شرك أو كفر كالطاعة في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله.

ص: 254

فهو من باب الكناية، وقيل: أراد أن1 مكانهم سقر، ولا مكان أشد شرا منه2 {وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} 3 يعني: وأخطأ4 عن قصد طريق الحق.

{وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} يعني: تندروس5 وأصحابه6 {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} 7 نصلي فيه، وفعل ذلك على باب الكهف.

قال ابن عباس: تنازعوا في البنيان فقال المسلمون: نبني8 عليهم مسجدا يصلي فيه الناس لأنهم على ديننا، وقال المشركون: نبني عليهم9

_________

1 سقطت كلمة: (أن) من"ر".

2 انظر:"تفسير الرازي": (12/ 37) .

3 سورة المائدة، الآية:60.

4 يعني بالتعبير بـ (أخطأ)، أي: أبعد.

5 هكذا في كل النسخ بالتاء والنون، وفي بعض المصادر:(بيدروس) بالباء والياء، وفي بعضها:(تبدوسيس)، وبعضها:(يندوسيس) .

6 انظر"تفسير البغوي": (3/ 156)، و"تفسير الطبري":(3/ 15/ 221) ، و"تفسير ابن كثير"، (3/ 82)، وتندروس: اسم للملك في تلك الفترة من الزمن التي خرج فيها أهل الكهف، وقد كان الملك الجبار الذي هربوا منه دقيانوس.

7 سورة الكهف، الآية:21.

8 في"ر"، و"ع":(بنى) وهو تصحيف.

9 في"ش": (يبنى عليهم) ، والصواب المثبت.

ص: 255

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه "

بنيانا يسترهم لأنهم من أهل سنتنا.1

{عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لتتبعن سنن} أي: طرق {من كان قبلكم حذو القذة بالقذة} أي: تعملون مثل أعمالهم، والقذة: ريشة السهم، وجمعه: على قذذ، أي: كما يقدر كل واحد منها على قدر صاحبتها فتقطع، فضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان {حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه "} مبالغة في اقتدائهم بمن قبلهم، خصه لشدة ضيقه،2 وفيه علم من أعلام النبوة; لأنه وقع كما أخبر، والضب: حيوان بري يشبه الجرذون3 ولكنه كبير القد،4

_________

1 انظر:"تفسير الطبري"، (9/ 15/ 225) . قال ابن كثير رحمه الله تعليقا على هذا الخبر:(والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يحذر ما فعلوا) . انظر"تفسير ابن كثير": (3/ 82) ، سورة الكهف، ال، الآية:21. وهم مذمومون لا محالة; لأن في فعلهم من البناء على القبور مخالفة للتوحيد والنهي عن الشرك الذي لم يختلف فيه الأنبياء.

2 وكذلك لشدة تعرجه، وقد حدث تصديق ذلك مما نرى من اتباع كثير من المسلمين لمناهح الغرب والتشبه بهم في أخلاقهم ومحاكاتهم في أفعالهم.

3 تشبيه الضب بالجرذون بعيد، ولو شبهه بالتمساح أو الورل لكان أقرب.

4 القد: القطع من الاستطالة، ويطلق على القامة. انظر:"لسان العرب": (3/ 344- 345)، مادة:(قدد) .

ص: 256

قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن " أخرجاه.

ولمسلم عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها

وله عجائب لطيفة عند العرب، منها أن للذكر منه ذكرين وللأنثى منه فرجين، وأنه لا يشرب الماء، ويعيش سبعمائة سنة فأكثر، ويبول في كل أربعين [يوما] 1 قطرة، وسنه قطعة واحدة ولا تسقط، وغير ذلك2 {قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:"فمن؟ ") استفهام إنكار، أي: ليس المراد غيرهم {أخرجاه} .3

{ولمسلم عن ثوبان4 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله زوى لي} أي: فتح لي وأظهر لي {الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها} فوقع كما أخبر {وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض} يعني: الذهب والفضة {وأني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها

_________

1 كلمة: (يوما) سقطت من"الأصل"، وهي ثابتة في بقية النسخ.

2 انظر: كتاب"الحيوان"للجاحظ: (4/ 163- 164) ، (6/ 57، 116، 128) .

3 [115 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (13/ 300، ح 7320) ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم."صحيح مسلم مع شرح النووي": (16/ 459- 460، ح 2669) ، كتاب العلم، باب اتباع سنة اليهود. انظر تفصيل التخريج في الملحق.

4 هو: ثوبان بن بجدد، أبو عبد الله، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحابي مشهور، لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن مات، توفي سنة 54 هـ. انظر ترجمته في:"أسد الغابة": (1/ 296)،"الإصابة":(2/ 29) .

ص: 257

بسنة بعامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا ".

بسنة [بعامة] } 1 أي: من غير أنفسهم {فيستبيح بيضتهم} أي: مجتمعهم وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم، وبيضة الدار وسطها ومعظمها، أراد عدوا يستأصلهم ويهلكهم، فإنه إذا هلك أصل البيضة هلك كل ما فيها من طعم أو فرخ، وقيل: أراد بالبيضة الخوذة، فكأنه شبه مكان اجتماعهم والتئامهم ببيضة الحديد {وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة} تعمهم وتستأصلهم {وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم} للحرب {من بأقطارها} أي: طوارفها وجوانبها، أي: بأقطار الأرض من العدو {حتى يكون بعضهم يهلك بعضا} أي: الفتن {ويسبي بعضهم بعضا 2"} .

_________

1 في جميع النسخ: (عامة) ، والمثبت من"المؤلفات"، وهو الموافق لما في"صحيح مسلم"و"سنن أبي داود".

2 [116 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (18/ 229، ح 19) ، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم البعض. و"سنن أبي داود":(4/ 450- 452، ح 4252) ، كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها. انظر بقية التخريج في الملحق.

ص: 258

ورواه البرقاني في

عن أبي البختري1 قال: حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم " أخرجه أبو داود،2 ومعنى يعذروا، أي: لا يهلكهم الله حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فتقوم الحجة عليهم، ويتضح عذر من يعاقبهم3 {ورواه البرقاني4 في

_________

1 هو: سعيد بن فيروز بن أبي عمران أبو البختري الطائي، كان من كبار فقهاء الكوفة، روى عن بعض الصحابة كابن عمر وعلي وغيرهما، وكان رفيقا، روى عنه زيد بن جبير أنه قال له:(لا تقل والله حيث كان، فإنه بكل مكان)، وقد روى عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:" القلوب أربعة: فقلب أجرد فيه مثل السراج

"الحديث، قتل بدير الجماجم في الواقعة التي بين الحجاج وبين الأشعث، وكان مع ابن الأشعث، وذلك سنة 83 هـ. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (4/ 72- 73) ،"حلية الأولياء": (4/ 379- 386) ،"شذرات الذهب": (1/ 92) .

2"سنن أبي داود"، (4/ 515، ح 4347) ، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي."مسند الإمام أحمد":(4/ 260) . والحديث صححه الألباني كما في"صحيح سنن أبي داود"، و"صحيح الجامع":(2/ 928، ح 5231) .

3 انظر:"النه، الآية في غريب الحديث": (3/ 197) .

4 هو: أحمد بن محمد بن أحمد أبو بكر المعروف بالبرقاني الحافظ الثبت صاحب التصانيف كان شغوفا بعلم الحديث صارفا همته له حتى نقل عنه قوله لرجل من الفقهاء الصلحاء: (ادع الله أن ينزع شهوة الحديث من قلبي فإن حبه قد غلب عليَّ فليس لي اهتمام إلا به) ، وُلد سنة 336 هـ، وتوفي سنة 425 هـ. انظر ترجمته في:"تاريخ بغداد": (4/ 373- 376)،"تذكرة الحفاظ":(3/ 1074- 1076)،"شذرات الذهب":(3/ 228) .

ص: 259

"صحيحه"، وزاد: " إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام

"صحيحه" 1، وزاد:2" إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع "} وفي رواية:"وإذا وضع3"{عليهم السيف لم يرفع} عنهم {إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي}

وفي رواية:"حتى يلحق4 قبائل5"{من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام} الفئام بكسر الفاء وبعدها همزة، أي: كثير،6 وفي رواية:

_________

1"صحيح البرقاني"لا أعلم أنه طبع، وقد رأيت في"الأعلام"للزركلي:(1/ 212) أنه مخطوط في سستربتي (3890) .

2 هذه الزيادة مذكورة في"مسند الإمام أحمد": (5/ 278) . وفي"سنن أبي داود": (4/ 450- 452، ح 4252) ، كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها. وفي"سنن ابن ماجه":(2/ 1304، ح 3952) ، كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن. وقد صححها الألباني كما في"السلسلة الصحيحة":(4/ 252، ح 1957) . و"صحيح سنن أبي داود": (3/ 801، ح 3577) . و"صحيح سنن ابن ماجه": (2/ 352، ح 3192) .

3 هذه الرو، الآية في"سنن أبي داود":(4/ 450)، و"سنن ابن ماجه":(2/ 1304)، و"مسند الإمام أحمد":(5/ 278) .

4 في"ر": (يلتحق)، وفي"ع":(لا تلحق) ، وكلاهما خطأ من تصرف النساخ.

5 هذه الرو، الآية هي رو، الآية أبي داود و"المسند"التي تقدمت الإشارة لهما.

6 انظر:"النه، الآية في غريب الحديث": (3/ 406)، و"لسان العرب":(12/ 447- 448)، مادة:(فأم) .

ص: 260

من أمتي الأوثان، وأنه سيكون من أمتي ثلاثون كذابون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي

"قبائل"1بدل فئام {من أمتي الأوثان،2 وأنه سيكون من أمتي ثلاثون كذابون3 كلهم يزعم} وفي رواية: يدعي {أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي "} يحذر هذه الأمة من تصديق المتبئين، كمسيلمة4 وطليحة56

_________

1 لفظ:"قبائل"هنا جاء في"سنن أبي داود"، و"مسند الإمام أحمد"في نفس الموضعين المتقدم ذكرهما قريبا.

2 وهذا واحد من الأدلة التي تدل على أن الشرك سيقع في هذه الأمة خلافا لمن أنكر ذلك.

3 في"المؤلفات": (في أمتي كذابون ثلاثون) ، وفي"ع"، و"ش":(ثلاثون كذابا) .

4 هو: ثمامة بن كبير بن حبيب المعروف بمسيلمة الكذاب، ادعى النبوة، واتبعه بعض أهل اليمامة، وكان يدعي النبوة وأنه قد أشرك فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، قتله خالد بن الوليد سنة 12 هـ، وقضى على فتنته. انظر ترجمته في:"فتوح البلدان": (ص 97- 103)،"الكامل"لابن الأثير:(2/ 360 - 366)،"سيرة ابن هشام":(2/ 576-577) .

5 عرف به في حاشية"الأصل"بقوله: (هو الذي قتل عكاشة في قتال الردة، وعاد إلى الإسلام) .

6 هو: طليحة بن خويلد بن نوفل الأسدي الفقعسي، كان من أشجع العرب، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع إلى المدينة فأسلم ثم ارتد وادعى النبوة، وقتل عكاشة في قتال الردة، وله مع المسلمين وقائع، ثم خذله الله على يدي خالد بن الوليد فهرب وتفرق جنده، ثم خرج محرما في خلافة عمر- رضي الله عنه وأسلم إسلاما صحيحا، وأبلى في قتال الفرس في القادسية بلاء حسنا، مات سنة 21 هـ. انظر ترجمته في:"البد، الآية والنه، الآية": (7/ 130)،"أسد الغابة":(2/ 477)،"الإصابة":(5/ 243- 244) .

ص: 261

والعنسي1 -قال الدارقطني:2 اسمه عيهلة3 - والمخ4 وقد خرج في آخر عصر الصحابة، وتبعه فئام كثير. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول

1 هو: الأسود العنسي- لعنه الله- واسمه: عبهلة بن كعب بن غوث، خرج أول مخرجه من بلدة باليمن ومعه سبعمائة مقاتل فما مضى شهر حتى تملك صنعاء، وقد قتل بعد مضي أربعة أشهر على يدي إخوان صدق وأمراء حق وهم داذويه وفيروز الديلمي وقيس المرادي سنة 11 هـ قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال. انظر:"البد، الآية والنه، الآية": (6/ 383)،"الكامل"لابن الأثير:(2/ 336) .

2 هو: علي بن عمر بن أحمد البغدادي الدارقطني، أبو الحسن، محدث حافظ فقيه، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد. قال السلمي: سمعت الدارقطني يقول: ما شيء أبغض إليَّ من الكلام. وقال ابن طاهر: اختلفوا ببغداد فقال قوم: علي أفضل من عثمان- رضي الله عنهما فتحاكموا إلى الدارقطني، قال: فأمسكت، وقلت: الإمساك خير، ثم لم أر لديني السكوت، وقلت: عثمان أفضل لاتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا وهو قول أهل السنة، وهو أول عقد يحل من الرفض. انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": (16/ 449- 461)،"تذكرة الحفاظ":(3/ 991- 995)،"وفيات الأعيان":(3/ 297- 299) .

3 قوله: (قال الدارقطني اسمه: عيهلة) ثابت في"الأصل"ساقط من بقية النسخ.

4 هو: المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، كان متلونا كذابا يدعو مرة إلى محمد بن الحنفية ومرة لابن الزبير حتى ادعى آخرا أن جبرئيل يأتيه بالوحي من السماء فلما تحقق ابن الزبير سوء حاله بعث أخاه المصعب لحربه فحاصره في قصر الإمارة ثم قتله، وذلك سنة 67 هـ. انظر ترجمته في:"البد، الآية والنه، الآية": (8/ 311- 314)،"شذرات الذهب":(1/ 74- 75)،"العبر":(1/ 55) .

ص: 262

ولا تزال طائفة من أمتي على

الله1") ، وفي رواية: " لا تقوم الساعة حتى يخرج سبعون كذابا " أخرجه أبو داود والترمذي،2 قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 3 {" ولا تزال طائفة} أي: فرقة {من أمتي على

_________

1 [117 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (13/ 81، ح 7121) ، كتاب الفتن، باب 25، مع زيادة في أول الحديث وآخره."صحيح مسلم مع شرح النووي":(18/ 260، ح 84/ 157) ، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى.... والحديث بنصه. انظر بقية التخريج في الملحق.

2 لم يخرج أبو داود ولا الترمذي رو، الآية بلفظ:(سبعون) وإنما أخرجا الرو، الآية بلفظ (ثلاثون) . انظر:"سنن أبي داود": (4/ 507، ح 4334، 4335) ، كتاب الملاحم، باب خبر ابن صائد. و"سنن الترمذي":(4/ 489، ح 2218) ، كتاب الفتن، باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج

وأما الرو، الآية بلفظ:"سبعون"فقد رواها الطبراني عن طريق عبد الله بن عمرو كما في"مجمع الزوائد": (7/ 333) . قال الهيثمي بعدها: وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وقد أورد هذه الرو، الآية ابن حجر في"الفتح":(13/ 87)، وقال: سندها ضعيف، ثم قال: وهو محمول إن ثبت على المبالغة في الكثرة لا على التحديد. وذكر فائدة عقب ذلك فقال رحمه الله: (وأما التحرير ففيما أخرجه أحمد عن حذيفة بسند جيد:"سيكون في أمتي كذابون دجالون سبعة وعشرون منهم أربعة نسوة وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي"وهذا يدل على أن رو، الآية الثلاثين بالجزم على طريق جبر وكسر) .

3 سورة الأحزاب، الآية:40.

ص: 263

الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى "1.

الحق منصورة} وفي رواية:"ظاهرين"2، أي: غالبين {لا يضرهم من خذلهم} وفي رواية:" من خالفهم "3 {" حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى "4} يعني: حتى يأتي قيام الساعة، وهم على ذلك، ولنذكر بعض ما ورد في الفتن: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى "5 فقلت: يا رسول الله، إن كنت لأظن حين أنزل الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} 6 إن ذلك تاما7 قال:" إنه سيكون من ذلك ما شاء الله تعالى، ثم يبعث الله ريحا8 طيبة، فيتوفى كل9 من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم " أخرجه مسلم.10

_________

1 تقدم ذكر موضع هذه الرو، الآية في أول الحديث.

2 جاء لفظ:"ظاهرين"في"سنن أبي داود": (4/ 452)، و"مسند الإمام أحمد":(5/ 278) .

3 جاء لفظ:"خالفهم"في"سنن أبي داود"، و"مسند الإمام أحمد"-أيضا- في نفس الموضعين السابقين.

4 تقدم ذكر موضع هذه الرو، الآية في أول الحديث.

5 البخاري: الجهاد والسير (2942) والمغازي (4210)، ومسلم: فضائل الصحابة (2406) ، وأحمد (5/333) .

6 سورة التوبة، الآية:33.

7 في كل النسخ: (تام) بالرفع، وفي"صحيح مسلم"جاء هكذا بالنصب.

8 في"ر"، و"ع":(ريحان) وهو خطأ ظاهر.

9 كلمة: (كل) في"الأصل"فقط.

10 [118 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (18/ 250، ح 52/ 2907) ، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة. وقد أورده الحاكم في"المستدرك":(4/ 446- 447)، وقال عقبه: لم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بالإشارة إلى أن مسلما أخرجه.

ص: 264

عن عمرو بن العاص1 رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية ليكونن من أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة "، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال:" من كان على ما أنا عليه وأصحابي " أخرجه الترمذي.2

قال الخطابي في قوله صلى الله عليه وسلم"ستفترق أمتي" دلالة على أن هذه الفرق غير خارجة عن الملة والدين إذ جعلهم من أمته.3

1 هو: عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي- أبو عبد الله-، وقيل: أبو محمد، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أسلم وهاجر إلى المدينة بصحبة خالد بن الوليد أوائل سنة ثمان، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض الجيوش للغزو، سكن مصر وبها توفي، وقد اختلف في وفاته بين سنة 43 إلى سنة 51 هـ. انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": (3/ 54- 77)،"أسد الغابة":(3/ 741- 745)،"الإصابة":(7/ 122- 125) .

2 [119 ح]"سنن الترمذي": (5/ 26، ح 2641) ، كتاب الإيمان، باب 18."مستدرك الحاكم":(1/ 128- 129) . والحديث قال الألباني في تخريجه لـ"شرح الطحاوية": (ص 260، ح 263) : ضعيف جدا بهذا السياق، وقد حسنه الترمذي في بعض النسخ، وهو ممكن باعتبار شواهده. وصححه في"سلسلة الأحاديث الصحيحة"برقم:(1348)، وفي"صحيح الجامع"برقم:(5219) . انظر بقية تخريجه والحكم عليه في الملحق.

3 انظر:"معالم السنن"للخطابي على"سنن أبي داود": (5/ 5) ، كتاب السنة، باب شرح السنة.

ص: 265

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ترجعوا بعدي كفارا -فرقا مختلفة- يقتل بعضكم بعضا فتشبهون الكفار بقتل بعضكم1 بعضا بالعداوة " أخرجه الترمذي2 عن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا المقتول في أي شيء قتل، قيل: وكيف ذلك؟ قال: الهرج، القاتل والمقتول في النار " أخرجه مسلم.3

عن عرفجة بن شريح4 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيكون بعدي هنات وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة، أو يريد أن يفرق أمر أمة

1 في النسخ الأخرى غير"الأصل": (بعضهم) .

2 [120 ح]"سنن الترمذي": (4/ 486، ح 2193) ، كتاب الفتن، باب 28، ولكنه بلفظ:" لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ". والحديث قال الترمذي بعده: هذا حديث حسن صحيح. وقد جاء الحديث بمعناه عند البخاري ومسلم وغيرهما عن جرير. راجع لبقية تخريجه والحكم عليه الملحق.

3"صحيح مسلم مع شرح النووي": (18/ 251- 252، ح 55، 56) ، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب 18. ولم أجده في غير"صحيح مسلم".

4 هو: عرفجة بن شريح، ويقال: ابن صريح أو ضريح، أو طريح أو شريك، الأشجعي، وقيل: الكندي، ومنهم من جعله أسلميا، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"إنها ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمة محمد وهم جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان". انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (7/ 176- 178)، كتاب"الجرح والتعديل":(7/ 17)،"أسد الغابة":(3/ 519)،"الاستيعاب مع الإصابة":(8/ 80) .

ص: 266

محمد كائنا من كان فاقتلوه فإن يد الله مع الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض " رواه النسائي وابن حبان وأحمد.1 قوله:"هنات"، أي: شدائد وعظائم، والمراد بها: الفتن والأمور الحادثة.2 عن جندب بن عبد الله رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل تحت راية عمية يدعو لعصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية "3 أخرجه مسلم والنسائي.4 العمية- بتشديدتين-: الجهالة والضلالة، من العماء5 والتعصب: المحاماة والمدافعة على الباطل.6

1 [121 ح]"سنن النسائي": (7/ 92-93، ح 4020) ، كتاب تحريم الدم، باب قتل من فارق الجماعة."صحيح ابن حبان":"الإحسان": (7/ 51، ح 4558) ."مسند الإمام أحمد": (4/ 341) . والحديث صحيح فقد أخرجه مسلم- أيضا- ولم يخرجه الشارح منه. انظره مع"شرح النووي": (12/ 483، ح 1852) ، كتاب الإمارة، و (ح 59/ 1852) باب حكم من خرق أمر المسلمين. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

2 انظر:"النه، الآية في غريب الحديث": (5/ 279) .

3 الترمذي: العلم (2676)، وابن ماجه: المقدمة (42)، والدارمي: المقدمة (95) .

4 [122 ح]"صحيح مسلم مع شرج النووي": (12/ 482، ح 57/ 1850) ، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند الفتن."سنن النسائي":(7/ 123، ح 4115) ، كتاب تحريم الدم، باب التغليظ فيمن قاتل تحت ر، الآية عمية. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

5 انظر:"النه، الآية في غريب الحديث": (3/ 304)، و"لسان العرب":(15/ 97)، مادة:(عمى) .

6 انظر:"لسان العرب": (1/ 606)، مادة:(عصب) .

ص: 267