المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله - تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - جـ ٢

[عبد الهادي البكري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

- ‌باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيدوسده كل طريق توصل إلى الشرك

- ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌باب بيان شيء من أنواع السحر

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌باب ما جاء في النشرة

- ‌باب ما جاء في التطير وغيره

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

- ‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

- ‌باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا

- ‌باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ

- ‌باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات

- ‌باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}

- ‌باب ما جاء فيمن لم يقنع [بالحلف] بالله تعالى

- ‌باب قول ما شاء الله وشئت

- ‌باب من سب الدهر فقد آذى الله

- ‌باب التسمي بـ"قاضي القضاة" ونحوه

- ‌باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

- ‌باب من هزل بشيء فيه ذكر الله تعالى أو القرآن أو الرسول

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌باب لا يقال السلام على الله

- ‌باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

- ‌باب لا يرد من سأل بالله تعالى

- ‌باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

- ‌باب ما جاء في اللو

- ‌باب لا تسبوا الريح

- ‌باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ما جاء في منكر القدر

- ‌باب ما جاء في المصورين

- ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

- ‌باب ما جاء في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى

- ‌باب لا يستشفع بالله تعالى على خلقه

- ‌باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية

الفصل: ‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} قال علقمة: هو الرجل تصيبه

روي "عن ابن مسعود- رضي الله عنه أنه دخل المسجد فإذا قاص يقص1 وهو يذكر النار والأغلال، فقام على رأسه فقال: لم تقنط الناس؟ ثم قرأ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} 2")

{باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله4}

{وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} 5 6} قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: {قال علقمة:7 هو الرجل تصيبه

_________

1 زاد في هذا الموضع في"الأصل"و"ر"كلمة: (النار) ، ولا فائدة من زيادتها.

2 سورة الزمر، الآية:53.

3 [11 ث]"تفسير الطبري": (12 / 24 / 16)، و"تفسير البغوي":(4 / 83)، و"تفسير ابن كثير":(4 / 64) . انظر التوسع في تخريجه في الملحق.

4 في"المؤلفات": (باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله) .

5في"المؤلفات"تمم ال، الآية فأضاف:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

6 سورة التغابن، الآية:11.

7 هو: علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك- أبو شبل- النخعي الكوفي- خال فقيه العراق إبراهيم النخعي- كان فقيها عالما مقرئا مجودا، طلب العلم والجهاد، لازم ابن مسعود حتى رأس في العلم والعمل، حدث عن بعض الصحابة، وحدث عنه بعض التابعين، وُلد في عصر النبوة، وتوفي سنة 61 هـ، أو 62 هـ، أو 63 هـ. انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": (4 / 53- 61)،"طبقات ابن سعد":(6 / 86- 92)، و"المعرفة والتاريخ":(2 / 552- 559) .

ص: 361

المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

[وفي صحيح مسلم]، عن أبي هريرة- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت "

المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم) 1.

2 {عن أبي هريرة- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت "3

قال الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} 4 حكي عن بعض العلماء العاملين المخلصين، قال: النسب نسبان: نسب طيني، ونسب ديني، فالنسب الديني أفضل من النسب الطيني، فالعلماء ورثة الأنبياء كما في الحديث5؟ لأن الميراث ينتقل للأقرب، وأقرب الأمة في نسب الدين

_________

1 [11 ث]"فتح الباري": (8 / 652) ، كتاب التفسير، باب يقولون لئن رجعنا إلى المدينة. و"تفسير الطبري":(14 / 28 / 123)، و"تفسير ابن كثير":(8 / 183- 184) . انظر بقية التخريج في الملحق.

2 زاد هنا في"المؤلفات"قوله: (وفي صحيح مسلم) ، وقد سقط من النسخ الأخرى.

3 [167 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (2 / 417، ح 121 / 67) ، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة. و"مسند الإمام أحمد":(2 / 496) . انظر تخريجه بالتفصيل في الملحق.

4 سورة النجم، الآية:32.

5 الحديث المشار إليه عن أبي الدرداء- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وأن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، لأن فضل العالم على العابد كفضل القمر = = ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ولا درهما، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ". وهو في"سنن أبي داود": (4 / 57- 58، ح 3641) ، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم. و"سنن الترمذي":(5 / 48- 49، ح 2682) ، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة. و"سنن الدارمي":(1 / 83، ح 349) مقدمة. والحديث قال فيه الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة وليس هو عندي بمتصل وإنما يروى عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أصح. وأخرجه ابن حبان في"صحيحه":"الإحسان": (1 / 151 - 152، ح 88) . وحسنه الألباني. انظر:"صحيح الترغيب والترهيب": (1 / 105، ح 67) .

ص: 362

العلماء- رضي الله عنهم.

عن عياض بن حمار1 الصحابي- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد "2 وفي الحديث: " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه "3.

1 هو: عياض بن حمار ابن أبي حمار المجاشعي التميمي، الصحابي، كان صديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قديما وروى عنه، وعنه مطرف ويزيد ابنا عبد الله بن الشخير وله حديث عند مسلم، عاش إلى حدود الخمسين. انظر ترجمته في:"الاستيعاب مع الإصابة": (9 / 66- 67)،"أسد الغابة":(4 / 22- 23)،"طبقات ابن سعد":(7 / 36)،"تهذيب التهذيب":(8 / 200) .

2 [168 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (17 / 205- 206، ح 64 / 2865) ، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار. و"سنن أبي داود":(5 / 203، ح 4895) ، كتاب الأدب، باب في التواضع. انظر بقية تخريجه في الملحق.

3 [169 ح] وهو حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو هريرة- رضي الله عنه. انظر خ في"صحيح مسلم مع شرح النووي": (17 / 24- 25، ح 38 / 2699) ، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر. وفي"سنن أبي داود":(4 / 59، ح 3643) ، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم. انظر بقية تخريجه في الملحق.

ص: 363

ولهما عن ابن مسعود- رضي الله عنه مرفوعا: " ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية "

{ولهما عن ابن مسعود- رضي الله عنه مرفوعا: " ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب " أي: ليس في كمال الإيمان بالقدر والصبر على المصائب من ضرب خده، وشق جيبه عند المصيبة (ودعا بدعوى الجاهلية1 أي: يدعو لعصبية حمية وأنفة، ولما قال المهاجري:[يا] 2 للمهاجرين، وقال الأنصاري:[يا] ،2 للأنصار،3 قال النبي صلى الله عليه وسلم:

_________

1 [170 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (3 / 1366، ح 1297) ، كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود."صحيح مسلم مع شرح النووي":(2 / 469، ح 165 / 803) ، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية. انظر بقية التخريج في الملحق.

2 ياء النداء في الموضعين سقط من"الأصل"، وألحقته من بقية النسخ موافقة لأصل الحديث.

3 [171 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (6 / 546، ح 3518) ، كتاب المناقب، باب ما ينهى من دعوى الجاهلية."صحيح مسلم مع شرح النووي":(16 / 373- 374، ح 62 / 2584) ، كتاب البر والصلة، باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما. والحديث عن جابر بن عبد الله. وانظر بقية تخريجه في الملحق.

ص: 364

وعن أنس- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة "

"أبدعوى1 الجاهلية وأنا بين أظهركم، وغضب لذلك غضبا شديدا"2

وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد3 بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة "4.

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة " رواه أحمد وابن ماجه

_________

1 في كل النسخ: (أتدعوا) ، ولعلها صحفت عن أبدعوى.

2 هذا اللفظ لم أجده، وإنما وجدت في"صحيح البخاري"و"مسلم":" ما بال دعوى الجاهلية "، وكذا في المصادر التي ذكرتها في الملحق ولم يذكر فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا.

3 هكذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(أراد الله بعبده) ، وقد جاءت الروايات باللفظين.

4 [721 ح]"سنن الترمذي": (4 / 601، ح 2396) ، كتاب الزهد، باب في الصبر على البلاء. و"مستدرك الحاكم":(1 / 349) من رو، الآية عبد الله بن مغفل. والحديث قال الترمذي فيه: حديث حسن غريب، وقال الحاكم عنه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني. انظر:"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (3 / 220، ح 1220) . انظر بقية التخريج في الملحق.

ص: 365

وابن أبي شيبة.12

وعن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه قال: " قلت: يا رسول الله، أي [الناس أشد] 3 بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، - يبتلى الرجل على حسب دينه " رواه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم4

1 [173 ح]"مسند الإمام أحمد": (2 / 287، 450) ."مصنف ابن أبي شيبة": (3 / 231) . ولم أجده في"سنن ابن ماجه"، ولم أجد في الفهارس نسبته إليه، فلعله سهو من الشارح صلى الله عليه وسلم. والحديث أخرجه ابن حبان في"صحيحه":"الإحسان": (4 / 254، ح 2913) . وقال الترمذي في"سننه": (4 / 602، ح 2399) : هذا حديث حسن صحيح. ووافقه الألباني في"صحيح سنن الترمذي": (2 / 286، ح 1957) . انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

2 هو: عبد الله بن محمد بن القاضي أبي شيبة- أبو بكر- العبسي، من مؤلفاته:"المصنف"و"المسند"و"التفسير"، أخوه الحافظ عثمان ابن أبي شيبة، وابن أخيه هذا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة صاحب كتاب"العرش"، فهو بيت علم، وهو من أقران الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني، توفي سنة 235 هـ. انظر ترجمته في:"تاريخ بغداد": (10 / 66- 71)،"تهذيب التهذيب":(6 / 2- 4)،"سير أعلام النبلاء":(11 / 122- 127) .

3 في"الأصل": (أي: أشد الناس) ، وهو خطأ من الناسخ، والصواب الموافق للأصول ما أثبته من بقية النسخ.

4 [174 ح]"سنن الترمذي": (4 / 601- 602، ح 2398) ، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء. و"صحيح ابن حبان":"الإحسان": (4 / 253، ح 2890) ، (4 / 352، ح 2910) . و"مستدرك الحاكم": (1 / 41)، كتاب الإيمان. والحديث قال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان كما ترى، ولم يتكلم عنه الحاكم، وعلق الذهبي عليه بقوله: وله شواهد كثيرة، ووافق الألباني الترمذي فقال في"صحيح سنن الترمذي"(2 / 286، ح 1956) : حسن صحيح، وانظر:"السلسلة الصحيحة": (1 / 225، ح 143) . انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

ص: 366

وفي لفظ:" الأنبياء، قال ثم من؟ قال: العلماء، قال ثم من؟ قال: الصالحون "1.

عن إبراهيم2 السلمي3 عن أبيه عن جده4 قال: قال رسول الله

1 [175 ح]"مستدرك الحاكم": (1 / 40) ، كتاب الإيمان، بلفظه، وفي:(4 / 307) بدون قوله: (ثم من؟ قال: العلماء) . و"سنن ابن ماجه": (2 / 1334- 1335، ح 4024) ، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء إلا أنه لم يأت فيه ذكر العلماء. والحديث بهذا اللفظ عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه. والحديث سكت عنه الحاكم في الموضع الأول، وفي الموضع الثاني قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي في الموضعين: على شرط مسلم. وصححه الألباني، انظر:"سلسلة الأحاديث الصحيحة": (1 / 226، ح 144) . انظر بقية التخريج في الملحق.

2 هو: إبراهيم بن مهدي المصيصي بغدادي الأصل، صاحب حديث روى عن حماد بن زيد وأبي المليح وإبراهيم بن سعد، وعنه أبو داود وأحمد بن حنبل وابن أبي الدنيا، توفي سنة 225 هـ، وقيل: 224 هـ. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (1 / 169)،"الجرح والتعديل":(2 / 138- 139)،"سير أعلام النبلاء":(10 / 556- 557) .

3 يعني به هنا: محمد بن خالد كما يدل عليه سند الحديث في"سنن أبي داود"، وليس إبراهيم الذي تقدمت ترجمته، ويؤيد ذلك ما ذكره ابن حجر في"التهذيب": أن أبا المليح قد روى عن محمد بن خالد المذكور حديثا في الرقى. أقول: وكذا الحديث المذكور هنا فإنه من رو، الآية أبي المليح عنه. انظر ترجمته في:"الجرح والتعديل": (7 / 242)،"سنن أبي داود":(3 / 470)،"تهذيب التهذيب":(9 / 145) .

4 الصواب هنا أن يقال: عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده، وقد حصل اللبس على من = = نقله بسبب أن أبا داود قال في"السنن": حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وإبراهيم بن مهدي المصيصي قالا: حدثنا أبو المليح عن محمد بن خالد. قال أبو داود: قال ابراهيم بن مهدي: السلمي عن أبيه عن جده- وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث. فالذي ظهر لي أن أبا داود قد عرف بمحمد بن خالد بأن إبراهيم بن مهدي قد قال عنه بأنه السلمي فالتبس ذلك على البعض فظن أن السلمي هو إبراهيم. فالمقصود بالسلمي محمد بن خالد وهو الذي له صحبة كما ذكره أبو داود، وكما جاء في"التهذيب":(9 / 145) . وأما إبراهيم فقد توفي سنة 225 هـ، كما جاء في"سير أعلام النبلاء":(10 / 556) . وبسبب هذا الالتباس حكم الألباني على الحديث في"المشكاة": (1 / 493- 494، ح 1568) بأن سنده ضعيف، وقال بأن محمد بن خالد مجهول، وكان قد حكم عليه في"صحيح سنن أبي داود":(2 / 597، ح 2649) بالصحة. والصواب تصحيح الحديث لاتصال سنده، ولعدم جهالة محمد بن خالد، فالمجهول غيره.

ص: 367

صلى الله عليه وسلم "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعلمه ابتلاه الله تعالى في جسده أو في ماله ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى 1") كذا في "روضة المصابيح"2

1 [176 ح]"سنن أبي داود": (3 / 470، ح 3590) ، كتاب الجنائز، باب الأمراض المكفرة للذنوب"مسند الإمام أحمد":(5 / 272) . والحديث صحة روايته عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده. والحديث صححه الألباني. انظر:"صحيح سنن أبي داود": (2 / 597، ح 2649)، وأحال على"السلسلة الصحيحة":(2599) . انظر بقية تخريجه في الملحق.

2 لعل الشارح أو الناسخ قد سها فكتب"روضة المصابيح"بدلا من"مشكاة المصابيح"، فقد وجدت الحديث فيه أو أن هذا كتاب معروف للشارح لم أقف عليه.

ص: 368

وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " حسنه الترمذي.

{وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء " يعني: أن كثرة الأجر من الله تعالى يوم القيامة مع كثرة البلاء الذي أصابه في الدنيا {وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم} أي: علامة حب الله العبد ابتلاؤه بالأمراض والمصائب بشرط الصبر عليها، والرضا بما قضاه وقدره {فمن رضي} بما قضاه الله {فله الرضا} بما يعطيه في الآخرة من الخير والكرامة جزاء وفاقا {ومن سخط بما قضاه وقدره عليه {فله السخط} لأن الجزاء من جنس العمل نسأل الله رضاه والجنة ونعوذ به من سخطه والنار حسنه الترمذي.1

وعن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله له، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله له " رواه أحمد والترمذي.2

_________

1"سنن الترمذي": (4 / 601، ح 2396) ، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء. وهو- أيضا- في"سنن ابن ماجه":(2 / 1338، ح 4031) ، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء. و"شرح السنة"للبغوي":(5 / 245، ح 1435) . والحديث عن أنس بن مالك- رضي الله عنه. والحديث قال فيه الترمذي: حسن غريب. وقال الألباني: سنده حسن، ورجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير ابن سنان وهو صدوق له أفراد.

2 [177 ح]"مسند الإمام أحمد": (1 / 168) . "سنن الترمذي": (4 / 455، ح 2151) ، كتاب القدر، باب ما جاء في الرضا بالقدر."مستدرك الحاكم":(1 / 518)، كتاب الدعاء. والحديث قال فيه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر في"الفتح"(11 / 153) : سنده حسن. انظر بقية تخريجه والحكم عليه في الملحق.

ص: 369

في هذه الأحاديث بشارة عظيمة إذا ابتلى الله المؤمن وحمد1 الله تعالى وصبر.

وفي الحديث: " عجبت من قضاء الله للمؤمن إن أصابه خير حمد الله وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد الله وصبر، فالمؤمن يؤجر في كل أمره "2 وفيها نذارة شديدة لمن لم يصبر ويرضى بحكمه ويسلم لقضائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم " أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام، يا موسى، من لم يصبر على [قضائي] ،3 ولم يصبر على بلائي، ولم يشكر على نعمائي، فليخرج من أرضي وسمائي، وليطلب ربًّا سواي "

خاتمة: اعلم أن الصبر والشكر من أركان الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم "الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر"4 قال الله تعالى:

1 في"ر"صحفت كلمة: (حمد) إلى: (رحمه) .

2"مسند الإمام أحمد": (1 / 173)،"السنن الكبرى"للبيهقي:(3 / 376) ."معجم الطبراني الصغير"كما في"مجمع الزوائد": (7 / 209- 210) . والحديث عن سعد ابن أبي وقاص. والحديث قال عنه الهيثمي: رواه أحمد بأسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح.

3 في"ر": (لمن لم يصبر على قضائي) .

4 [178 ح]"مسند الشهاب": (1 / 127- 128، ح 159)، باب 112."شعب الإيمان"للبيهقي:(7 / 123، ح 9715) . والحديث مروي عن أنس بن مالك- رضي الله عنه. والحديث رمز له السيوطي في"الجامع الصغير"بالضعف، انظره مع"الفيض":(3 / 188، ح 3106) . وقال الألباني في"السلسلة الضعيفة"(2 / 89، ح 625) : ضعيف جدا. انظر بقية تخريجه في الملحق.

ص: 370

{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} 1 وقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} 2

ومدح الله الصبر في القرآن في نيف وسبعين موضعا3 "وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: الصبر4") وقال [النبي] 5 صلى الله عليه وسلم " أفضل الأعمال الصبر "6 وقال صلى الله عليه وسلم "أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس "7 وقال

1 سورة السجدة، الآية:24.

2 سورة الزمر، الآية:10.

3 انظر مواضع ذلك في:"المعجم المفهرس لألفاظ القرآن"حاشية على المصحف: (ص 507-509) .

4 [179 ح] انظر:"المغني عن حمل الأسفار مع الإحياء": (4 / 64) . والحديث قال العراقي عنه: أخرجه أبو منصور الديلمي في"مسند الفردوس"من رو، الآية يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا:"الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد"، ويزيد ضعيف. وقد جاء الحديث بلفظ آخر أنه حينما سئل ما الإيمان؟ قال:"الصبر والسماحة". وهو في مصادر كثيرة انظر الملحق.

5 أضفت كلمة: (النبي) من بقية النسخ.

6 انظر:"الجامع الصغير مع الفيض": (2 / 29) . وقد أحاله المناوي في"الفيض"على البيهقي في"الزهد"، وصحح إسناد تلك الرو، الآية، ولم أجدها في كتاب"الزهد"المطبوع بنصها.

7"إحياء علوم الدين": (4 / 64) . و"محاسبة النفس"لابن أبي الدنيا: (ص 82، ح 113)، وهو من كلام عمر بن عبد العزيز. قال العراقي في حاشيته على الإحياء"المغني عن حمل الأسفار": لا أصل له مرفوعًا إنما هو من قول عمر بن عبد العزيز. وفضيلة العمل مع كراهية النفس يحصل فيما لو حان الأمر الشرعي وكرهت النفس القيام به، لا أن يتكلف الإنسان إكراه نفسه على ما له فيه سعة ويظن أن في ذلك فضلا كمن يتوضأ بالماء البارد في الشتاء مع وجود الساخن.

ص: 371

صلى الله عليه وسلم " إذا أحب الله عبدا ابتلاه ببلية لا دواء لها، فإن صبر اجتباه، وإن رضي اصطفاه "1 قال ابن عباس- رضي الله عنهما: "الصبر على ثلاثة: صبر على أداء فرائض الله فله ثلاث مائة درجة، وصبر عن محارم الله فله ستمائة درجة، وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى فله تسعمائة درجة"2.

1 انظر:"إحياء علوم الدين": (4 / 305)، و"فردوس الأخبار":(1 / 311، ح 976) . قال العراقي في"تخريج الإحياء": (وذكره صاحب"الفردوس"من حديث علي ولم يخرجه ولده في"مسنده") . قال: والطبراني من حديث أبي عتبة إذا أراد الله بعبد خيرا ابتلاه وإذا ابتلاه اقتناه لا يترك له مالا ولا ولدا وسنده ضعيف. والاجتباء والاصطفاء من المترادفات كما جاء في"اللسان". انظر: (14 / 130- 131)، وانظر:(14 / 463) ، ومن هذا الحديث على تقدير ثبوته يكون الاصطفاء درجة أعلى من الاجتباء.

2"الجامع الصغير"ضمن"فيض القدير": (4 / 234- 235، ح 5137) ."فردوس الأخبار": (2 / 577، ح 3662) بنحوه. وقد أحاله في"الجامع الصغير"إلى ابن أبي الدنيا في فضل الصبر، وأبو الشيخ في الثواب. والحديث لم أجد من رواه عن ابن عباس، وإنما روي عن علي- رضي الله عنه. والحديث حكم عليه ابن الجوزي بالضعف. انظر:"الموضوعات": (3 / 184) . ورمز له السيوطي بالضعف. انظر:"الجامع"كما سبق. وحكم عليه الألباني بالضعف. انظر:"ضعيف الجامع": (ص 516- 517، ج 3532) .

ص: 372