المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في كثرة الحلف - تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - جـ ٢

[عبد الهادي البكري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

- ‌باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيدوسده كل طريق توصل إلى الشرك

- ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌باب بيان شيء من أنواع السحر

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌باب ما جاء في النشرة

- ‌باب ما جاء في التطير وغيره

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

- ‌باب الإيمان بالله والصبر على قدر الله

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

- ‌باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا

- ‌باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ

- ‌باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات

- ‌باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}

- ‌باب ما جاء فيمن لم يقنع [بالحلف] بالله تعالى

- ‌باب قول ما شاء الله وشئت

- ‌باب من سب الدهر فقد آذى الله

- ‌باب التسمي بـ"قاضي القضاة" ونحوه

- ‌باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

- ‌باب من هزل بشيء فيه ذكر الله تعالى أو القرآن أو الرسول

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌باب لا يقال السلام على الله

- ‌باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

- ‌باب لا يرد من سأل بالله تعالى

- ‌باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

- ‌باب ما جاء في اللو

- ‌باب لا تسبوا الريح

- ‌باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌باب ما جاء في منكر القدر

- ‌باب ما جاء في المصورين

- ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

- ‌باب ما جاء في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى

- ‌باب لا يستشفع بالله تعالى على خلقه

- ‌باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسد طرق الشرك

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية

الفصل: ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

‌باب ما جاء في كثرة الحلف

وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}

{باب ما جاء في كثرة الحلف}

{وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} 1 أي: قللوا، ففيه النهي عن كثير الحلف تعظيما لله سبحانه وتعالى.

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحلف حنث أو ندم " 2 قال المناوي: لأنه إما يحنث فيأثم، أو يندم على منعه نفسه مما كان له فعله3 وقيل في معنى الآية {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} عن الحنث إذا حلفتم لئلا تحتاجوا إلى التكفير، وهذا إذا لم يحلف على ترك مندوب

_________

1 سورة المائدة، الآية:89.

2 [266ح]"سنن ابن ماجه": (1/ 680 ، ح2103) ، كتاب الكفارات، باب اليمين حنث أو ندم."مستدرك الحاكم":(4/ 303)، كتاب الأيمان والنذور."مسند الشهاب":(2/ 194 ، ح1169) . والحديث روي من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما. والحديث أخرجه ابن حبان في"صحيحه"كما في"موارد الظمآن": (ص 1175) . وضعفه الألباني كما في"ضعيف سنن ابن ماجه": (ص 162 ، ح457) . وصحح الحاكم وقفه على ابن عمر، وكذلك السيوطي في"الجامع الصغير"مع"الفيض":(3/416 ، ح3829) 0 انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

3 انطر:"فيض القدير": (3/ 416) .

ص: 523

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب " أخرجاه.

أو فعل مكروه، فإن حلف على ذلك فالأفضل، بل الأولى أن يحنث نفسه ويكفر1 لما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير " أخرجاه2.

{عن أبي هريرة} رضي الله عنه {قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب " 3 أخرجاه4} .

أي: اليمين الكاذبة على البيع ونحوه، منفقة - بفتح الميم والقاف

_________

1 انطر:"تفسير البغوي": (2/ 62) .

2 [267ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (11/ 601- 602 ، ح6718) ، كتاب كفارات الأيمان، باب الاستثناء في الأيسان."صحيح مسلم مع شرح النووي":(11/ 119- 122 ، ح7/ 1649) ، كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

3 في"ر"صحفت إلى: (ممحة) .

4 [268ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (4/ 315 ، ح2087) ، كتاب البيوع، باب (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) ."صحيح مسلم مع شرح النووي":(11/48 ، ح 131/ 1606)، كتاب المساقاة باب النهي عن الحلف في البيع. إلا اللفط الذي في البخاري:"ممحقة للبركة"، وفي"صحيح مسلم":"ممحقة للربح"، ولفظ:"ممحقة للكسب"في"سنن أبي داود": (3/ 63) . انطر بقية التخريج في الملحق.

ص: 524

وعن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته

مفعلة-: من نفق البيع ضد كسد، أي: مزيدة للسلعة-بكسر المهملة- أي: البضاعة، أي: رواج له، وقوله:"ممحقة" مفعلة: من المحق، أي: مذهبة للبركة، أي: مظنة لمحقها، أي: نقصها.

{وعن سلمان} الفارسي1 مولى النبي صلى الله عليه وسلم {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم2 قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله "} أي: بما يسرهم {ولا يزكيهم} أي: يطهرهم من الذنوب {ولهم عذاب أليم:} أي: مؤلم موجع {أشيمط} تصغير أشمط، أي:[أشيب] 3 {زان} لأنه من غير ضرورة، فقد ضعفت شهوته، وإنما هو عناد واستخفاف بحق الله تعالى، والشيخ الكبير يعجز عن الوطء الحلال فكيف بالحرام {وعائل} أي: فقير {مستكبر} لأنه قد عدم المال فلم يستكبر، {ورجل جعل الله بضاعته} أي: جعل يمينه بالله

_________

1 هو: سلمان بن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، سابق الفرس إلى الإسلام، صحب النبي وخدمه وحدث عنه، كان لبيبا نبيلا حازما عابدا زاهدا، روى عنه بعض الصحابة كأنس وابن عباس، وبعض التابعين كطارق بن شهاب وسسعيد بن وهب، ذكر بأنه عمر ثلاث مائة سنة، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به وينسج الخوص ويأكل من عمل يده، توفي سنة 36هـ. انظر ترجمته في:"حلية الأولياء": (1/ 185- 208)، و"تهذيب التهذيب":(4/137 - 139)، و"الإصابة":(4/ 223- 225) .

2 في"ر"سقط قوله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3 قوله: (أشيب) سقط من"الأصل"، وألحقته من بقية النسخ.

ص: 525

لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه" رواه الطبراني بسند صحيح.

وفي"الصحيح" عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير أمتي قرني

سلعته {لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه" رواه الطبراني بسند صحيح1} يكره الحلف في البيع ونحوه ولو كان صادقا، قال الله تعالى:{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} 2 فاتخاذ الأيمان عادة مبتذلة منهي عنه وقد ذم الله3 من أنزلت فيه آية القلم وهي قوله: {حَلَاّفٍ مَهِينٍ} 4 لأن لفظ حلاف للمبالغة كشتام وضراب; لأن الحلاف مجترئ على الله تعالى غير معظم له.

{وفي "الصحيح" عن عمران بن حصين} رضي الله عنه {قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" خير أمتي قرني} أي: عصري، يعني: أصحابي،

_________

1"معجم الطبراني الأوسط"كما في"مجمع الزوائد": (4/ 78) ."معجم الطبراني الصغير"مع"الروض": (2/ 82- 83 ، ح821) ."الجامع الصغير"للسيوطي، مع"الفيض":(3/ 332 ، ح3544) . والحديث- كما ترى- قد صحح سنده المصنف، وقال المنذري في"الترغيب":(2/ 587 ، ح9) : رواته محتج بهم في"الصحيح"، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وأشار السيوطي لصحته في ذكره في"الجامع الصغير"، انطره: مع"الفيض": (3/ 332 ، ح3544)، وصححه الألباني كما في"صحيح الجامع":(1/589 ، ح3072) .

2 سورة البقرة، الآية:224.

3 زيد هنا في"الأصل"كلمة: (ذلك) خلافا للنسخ الأخرى، وقد حذفتها ليستقيم المعنى.

4 سورة القلم، الآية:10.

ص: 526

ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا - ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن "

-

ومدتهم نحو مائة وعشرين سنة من البعثة {ثم الذين يلونهم} أي: يقربون منهم، وهم التابعون وهم [ما بين] 1 مائة إلى نحو تسعين2 {ثم الذين يلونهم} أتباع التابعين وهم إلى حدود العشرين ومائتين {قال عمران3} رضي الله عنه {فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن "} 4 الفرن: الأمة من الناس، وأهل كل زمان قرن، [سموا] 5 بذلك لاقترانهم في الوجود في ذلك الزمان.

_________

1 في"الأصل": (ما من) ، ولعله يريد ما أثبته، وفي"ر"سقطت ضمن سطر كامل يأتي التنبيه عليه، وفي"ع"و"ش": (وهم من مائة إلى نحو

إلخ) .

2 قوله: (أي: يقربون منهم، وهم التابعون، وهم ما بين مائة إلى نحو تسعين ثم الذين يلونهم) سقط من"ر" لسبق نطره إلى كلمة يلونهم الثانية.

3 في النسخ المخطوطة: (عمر) وهو خطأ، وقد صححته من"المؤلفات"، وبالعودة لأصل الحديث

4 [269ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (7/ 3 ، ح3650) ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم."صحيح مسلم مع شرح النووي":(16/ 321 ، ح214 ، ح215/ 2535) ، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.

5 المثبت من"ع"و"ش"، وقد كتبت في"الأصل":(يسموا)، وفي"ر":(يسمعوا) بالمضارع.

ص: 527

واختلفوا في مقدار القرن فقيل: ثمانون سنة1 وقيل: ستون سنة، وقيل: أربعون سنة، وقيل: ثلاثون سنة2 وقيل: مائة وعشرون سنة، وقيل: مائة سنة، وهو الأصح لما روي3 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن بسر المازني4" إنك تعيش قرنا " فعاش مائة سنة5 فعلى هذا القول: المراد بالقرن أهله الذين وجدوا فيه. في الحديث دليل أنه لا يجوز للشاهد [أداء الشهادة] 6 حتى يسأله المشهود له إذا كان عالما بها.

1 قوله: (فقيل: ثمانون سنة) سقطت من"ش".

2 قوله: (وقيل: أربعون سنة، وقيل: ثلاثون سنة) سقطت من"الأصل"، وأثبتها من بقية النسخ.

3 في"ر": (لما يروى) .

4 هو: عبد الله بن بسر بن أبي بسر أبو صفوان المازني، الصحابي المعمر، له ولأبويه ولأخويه صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه وأخيه من أقواله:"والله وليمسخن قوم وإنهم لفي شرب الخمر وضرب المعازف حتى يكونوا قردة وخنازير". مات سنة 88 هـ، وقيل: 96 هـ، وهو آخر من مات بالشام. انظر ترجمته في:"الإصابة": (6/ 22- 23)،"طبقات ابن سعد":(7/ 413)،"كتاب المعرفة والتاريخ":(1/ 258)،"تهذيب التهذيب":(5/ 158) .

5"مسند الإمام أحمد": (4/ 189)،"مجمع الزوائد":(9/ 405)، وأحاله على الطبراني وأحمد."التاريخ الكبير"للبخاري:(1/ 323)، و"التاريخ الصغير"له:(1/ 216) . والحديث عن عبد الله بن بسر- رضي الله عنه. والحديث قال فيه الهيثمي: رواه الطبراني وأحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب وهو ثقة، ورجال الطبراني ثقات.

6 ما بين القوسين من"ع"، وفي"الأصل"وبقية النسخ:(أداؤها) .

ص: 528

وإن كان المشهود له غير عالم بها جاز أداؤها قبل طلبها لحديث زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسأل عنها " رواه مسلم1.

قال في "شرح السنة": (وهو حديث صحيح) 2 ورواه مالك وأبو داود3.

وقوله:"يظهر فيهم السمن" يعني: من أجل أكلهم لذيذ المطاعم والاشتغال بها عن المكارم، بل يدل على تحريم كثرة الأكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به الترفه والسمن، وقد قال صلى الله عليه وسلم " إن أبغض الرجال إلى الله الحبر السمين "4.

1 [270ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (12/ 258- 259 ، ح19/ 1719) ، كتاب الأقضية، باب بيان خير الشهود."سنن الترمذي":(4/ 544 ،ح 2295) ، كتاب الشهادات، باب ما جاء في الشهداء أيهم خير. انظر بقية التخريج في الملحق.

2 انظر:"شرح السنة": (10/ 138) .

3"موطأ مالك": (2/ 720 ، ح3) ، كتاب الأقضية، باب ما جاء في الشهادات."سنن أبي داود":(4/ 21 ، ح3596) ، كتاب الأقضية، باب في الشهادات. والظاهر أن حديث الباب فيه التحذير من الاستعجال في الشهادة والتسرع بالإدلاء بها ولو لم ير الإنسان ويعاين. وأما الثاني ففيه المدح لمن يدلي بشهادته لإطهار حق أو إزالة مظلمة وهو يعلم الحق لصاحبها.

4"تفسير القرطبي": (11/ 67) بلقظه. وفي "شعب الإيمان" للبيهقي: (5/ 33 ، ح 5668)، باب في المطاعم والمشارب. و"تفسير السيوطي" بلفظ:"إن الله يبغض أهل البيت اللحمين والحبر السمين". والحديث حكم عليه الشوكاني بالوضع في"الفوائد المجموعة": (ص 289 ، ح912) ، وذكر أنه قد ورد نحوه من قول الشافعي.

ص: 529

وفيه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم [ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم] ،

{وفيه عن ابن مسعود} رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم [ثم الذين يلونهم] "1.

قال السيوطي2 القرن: أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة3.

وبعد القرن الثالث ظهرت البدع ظهورا فاشيا، ولم يزل الأمر في انتقاص إلى الآن، والقرن مصدر من الاقتران.

_________

1 في النسخ الخطية: (ثم الذين يلونهم) مرة، وفي"المؤلفات"كررها ثلاث مرات، وهو يوافق ما في"المسند"، وفي"الصحيحين"و"سنن الترمذي"كررها مرتين، وقد أضفت ما بين القوسين من أصول الحديث.

2 هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري السيوطي جلال الدين، إمام حافظ، مؤرخ أديب، له نحو 600 مصنف، ادعى الاجتهاد وكان للسخاوي عليه كلام واتهام اعتذر له فيه الشوكاني وقال: وقد جرت عادة الله سبحانه كما يدل عليه الاستقراء برفع شأن من عودي لسبب علمه وتصريحه بالحق، ولد سنة 849 هـ، وتوفي سنة 911 هـ. انظر ترجمته في:"شذرات الذهب": (8/ 51- 55)،"معجم المؤلفين":(5/128)،"الأعلام":(3/ 301- 302) .

3 هذا القول ذكره ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": (7/ 5) ، ولعل السيوطي قد نقله عنه في بعض كتبه فنسبه المؤلف إليه.

ص: 530

ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته"

قال إبراهيم التيمي: (كانوا يصربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار) .

{ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته"1} المراد: أنهم لا ورع عندهم ولا اعتناء بأمر الدين، فتارة، يقول الإنسان: أشهد بالله والله معا، وتارة يقول: والله أشهد2.

{قال إبراهيم التيمي} رحمه الله: (كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار) 3 يستحب لوالد الصبي وولي اليتيم وقيمه أن يحسن أدبه

_________

1 [271ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (7/ 3 ، ح3651) ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(16/ 318- 319 ، ح210/ 2533) ، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم. انظر بقية التخريج في الملحق.

2 هكذا في كل النسخ.

3 انظر:"صحيح البخاري مع الفتح": (5/ 259 ، ح2652) ، كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور، و (7/ 3 ، ح3651) ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضائل أصحابه. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(16/ 319 ، ح11/ 2533) ، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم. وقد أطلقا- البخاري ومسلم- نسبته إلى إبراهيم ولم يذكرا من إبراهيم هذا. قال ابن حجر في"الفتح": والمعروف أنه إذا أطلق إبراهيم فإنه يراد به إبراهيم النخعي. انطر:"فتح الباري": (5/ 261) . فلعل تعريف إبراهيم بالتيمي قد وقع سهوا من المصنف رحمه الله أو أنه اطلع في مصادر أنه قد روى عنه أو أن القول قد روى عن الاثنين.

ص: 531

ويربيه، ويأمره بحسن الأخلاق ويصونه، وينهاه عن مساويها، فإذا بلغ حد العقل علمه كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإذا بلغ ست سنين أدبه، فإذا بلغ سبع سنين علمه الطهارة والصلاة والصيام، وعلمه القرآن، فإذ بلغ تسع سنين عزل فراشه، وإذا بلغ عشر سنين ضربه على الصلاة إذا تركها لحديث أبي داود وغيره:" مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها "1 وهو حديث صحيح، والضرب واجب على الولي أبا كان أو جدا أو وصيا أو قيما من جهة القاضي، وكذلك ينشئه على الأفعال الصالحة، ويضربه على الأفعال المذمومة قال الشاعر:

لا تحزنن على الصبيان إن ضربوا

فالضرب يبرا ويبقى العلم والأدب

الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم

لولا المخافة ما قروا وما كتبوا

لولا المعلم كان الناس كلهم

شبه البهائم لا علم ولا أدب

1 [272ح]"سنن أبي داود": (1/ 332- 333 ، ح494) ، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة."سنن الترمذي":(2/ 259، ح407) ، أبواب الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة."مستدرك الحاكم":(1/ 201) ، كتاب الصلاة. والحديث عن سبرة- رضي الله عنه. والحديث- كما ترى- قد ذكر الشارح أنه صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود": (1/ 97 ، ح465) : حسن صحيح. انظر بقية التخريج في الملحق.

ص: 532