الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في السحر
سمي السحر سحرًا لخفاء سببه لأنه يفعل خفية.1
اختلفوا فيه هل هو تخييل، أو له حقيقة:
فذهب قوم إلى أنه تخييل لا حقيقة له لقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} 2 ولقوله: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} 3 4.
وذهب قوم إلى أنه حق وله حقيقة، ويكون بالقول والفعل، ويؤلم ويمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه كما جاء نصه في القرآن.5
_________
1 انظر:"لسان العرب": (4/ 348)، مادة:(سحر)، و"القاموس المحيط":(ص 519)، و"مختار الصحاح":(ص 288) .
2 سورة طه، الآية:66.
3 سورة الأعراف، الآية:116.
4 انظر:"لسان العرب": (4/ 348)، مادة:(سحر)، و"القاموس المحيط":(ص 519)، و"مختار الصحاح":(ص 288) .
5 انظر: المصادر السابقة، وانظر:"تأويل مختلف الحديث"لابن قتيبة: (ص 126)، و"شرح صحيح مسلم"للنووي:(14/ 424- 425)، و"شرحه"للمازري:(3/ 93) حيث قال فيه: (مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة إثبات السحر وأن له حقيقة)، و"نيل الأوطار":(7/ 201) . قال ابن قتيبة: (وهذا شيء لم نؤمن به من جهة القياس ولا من جهة حجة العقل، إنما آمنا به من جهة الكتب وأخبار الأنبياء صلى الله عليهم وسلم، وتواطؤ الأمم في كل زمان عليه خلا هذه العصابة التي لا تؤمن إلا بما أوجبه النظر ودل عليه القياس فيما شاهدوا ورأوا) . ومن الأقوال المنقولة في ذلك: (أن تأثير السحر لا يزيد على ما ذكر الله من التفريق بين المرء وزوجه، وإنه لو جاز أن يقع أكثر من ذلك لذكره) . انظر:"المعلم بفوائد مسلم"للمازري: (3/ 93- 94)، و"فتح الباري":(10/ 223) .
وقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}
وقوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} قال عمر: (الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان) .
وقيل: الجمع ممكن بأن يكون منه ما هو تخييل، ومنه ما يكون له حقيقة.1
{وقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} أي: اختار السحر {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} 2 يعني: ما له [من] 3 نصيب في الجنة، وقوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} 4 قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: {وقال عمر} بن الخطاب رضي الله عنه {الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان5} .
_________
1 أقول هنا: إن قول من قال بأن السحر تخييل يلزم أصحابه بأن للسحر حقيقة، فإن حصول التخييل وشعور الإنسان بأنه يفعل الشيء ولا يفعله كل ذلك من آثار تأثيره وحقيقته. فالاختلاف يكون لفظيا ما لم ينف القائلون بأنه تخييل حقيقته وتأثيره.
2 سورة البقرة، الآية:102.
3 زيادة: (من) من غير"الأصل".
4 سورة النساء، الآية:51.
5"صحيح البخاري مع الفتح": (8/ 251) ، كتاب التفسير، باب وإن كنتم مرضى أو على سفر أو
…
إلخ.
وقال جابر: (الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
{وقال جابر} بن عبد الله رضي الله عنهما: {الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد1} قال: قال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} 2
{عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اجتنبوا السبع الموبقات "} أي: المهلكات {قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال:"الشرك بالله} قال الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} 3 وهو أكبر المعاصي وأقبحها، والذنب الذي لا يغفره الله4 {والسحر} وهو من الكبائر التي [نهى عنها] ،5 ويحرم تعلمه، والعمل به كفر إذا اعتقد صدقه وتأثيره، {وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق} أي: إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد
_________
1 انظر:"صحيح البخاري مع الفتح": (8/ 251) ، كتاب التفسير، باب وإن كنتم مرضى أو على سفر. و"تفسير ابن كثير":(1/ 525) .
2 سورة الشعراء، الآيات: 221-223.
3 سورة لقمان، الآية:13.
4 في"ر": (الذي لا يغفر الله فيه) خلافا لـ"الأصل"، وبقية النسخ.
5 ما بين القوسين من"ر"، و"ع"، وفي"الأصل"، و"ش":(نهى عنه) .
وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف
إيمان، وزنا بعد إحصان، والنفس بالنفس1 وهو أعظم المعاصي وأكبرها بعد الشرك بالله {وأكل الربا} قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 2 وحرب الله النار، وحرب الرسول3 السيف،4 {وأكل مال اليتيم} قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَاّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 5 {والتولي يوم الزحف} أي: الفرار يوم الحرب، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} يعني: فلا تولوهم ظهوركم منهزمين {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} أي: يوم الحرب والقتال {إِلَاّمُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ} أي: منعطفا إلى القتال، يري عدوه من نفسه الانهزام وقصده الكرة على العدو، والعود إليه، وهذا أحد أبواب الحرب وخدعها، {أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} يعني: منضما وصائرا إلى جماعة من المسلمين يريدون العود إلى
_________
1 وقد جاء ذكرها في حديث عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. والحديث في"صحيح مسلم"، انظره مع"شرح النووي":(11/ 176، ح 25/ 1676) ، كتاب القسامة، باب ما يباح به دم المسلم.
2 سورة البقرة، الآيتان: 278-288.
3 هكذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(وحرب رسوله) .
4"تفسير البغوي": (1/ 265) .
5 سورة النساء، الآية:10.
وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ".
وعن جندب مرفوعا: " حد الساحر ضربه بالسيف ".
القتال {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} يعني: من [انهزم] 1 من المسلمين وقت الحرب إلا في هاتين الحالتين وهي التحرف للقتال، والتحيز إلى فئة من المسلمين2 فقد رجع بغضب من الله {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} 34 {وقذف المحصنات} يعني: المسلمات العفيفات، {الغافلات} يعني: البريئات {المؤمنات} 5 وهذه السبع الموبقات المخصوصة بالنهي لعظم شأنها.6
{وعن جندب} بن عبد الله7 رضي الله عنه {مرفوعا} يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم {" حد الساحر ضربه بالسيف "} ضبطه المناوي بالهاء بعد الموحدة، كما في خط المؤلف، يعني: السيوطي في"الجامع الصغير"8.
_________
1 من"ر"، وفي"ض":(انهزام) ، وهو خطأ.
2 قوله: (يعني منضما وصائرا إلى جماعة
…
) إلى قوله: (والتحيز إلى فئة من المسلمين) سقط من"ش".
3 سورة الأنفال، الآيتان: 15ـ 16.
4 انظر التفسير الماضي بين مقاطع الآيتين في:"تفسير البغوي": (2/ 236) .
5 [123 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (5/ 393، ح 2766) ، كتاب الوصايا، باب قوله تعالى: (إن الذين يأكلون
…
) . و"صحيح مسلم مع شرح النووي": (2/ 444 - 445، ح 145) ، كتاب الإيمان، باب 38. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.
6 في النسخ الأخرى: (المخصوصة لعظم شأنها بالنهي) .
7 تقدمت ترجمته: (ص 229)، وهل هو راوي هذا الحديث أو غيره؟ انظر:(ص 275) .
8 انظر:"فيض القدير": (3/ 376) .
رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف.
وفي"صحيح البخاري" عن بجالة بن عبدة، قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة
{رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف} .1
{وفي"صحيح البخاري" عن بجالة بن عبدة2} بجالة بفتح الباء [الموحدة] 3 وتخفيف الجيم، وعبدة بسكون الباء الموحدة. {قال: كتب عمر4 بن الخطاب رضي الله عنه} وفي رواية: قال: أتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنة5 {أن اقتلوا كل ساحر وساحرة6
_________
1 [6 ث]"سنن الترمذي": (4/ 60، ح 1460) ، كتاب الحدود، باب ما جاء في حد الساحر. والحديث قال عنه الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه [ثم ذكر علته وأن مدارها على إسماعيل بن مسلم ثم قال:] والصحيح عن جندب موقوف. ولكن الحاكم في"المستدرك"(4/ 360) قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وإن كان الشيخان تركا حديث إسماعيل بن مسلم فإنه غريب صحيح. وقال الذهبي في"التلخيص": صحيح غريب، وإن كان قد ترك إسماعيل. انظر بقية تخريجه في الملحق.
2 هو: بجالة بن عبدة التميمي العنبري البصري، كان كاتبا لجزي بن معاوية عم الأحنف ابن قيس، وهو مكي ثقة، روى عن عمرو بن دينار وعن ابن العباس. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب": (1/ 417)، كتاب"الجرح والتعديل":(2/ 437)،"طبقات ابن سعد":(7/ 130) .
3 كلمة: (الموحدة) سقطت من"الأصل"، وأثبتها من بقية النسخ.
4 في بقية النسخ: (ابن الخطاب) دون التصريح باسمه.
5 هذا القدر من الرو، الآية جاء في"صحيح البخاري"، و"المسند".
6 زيد هنا كلمة: (قال) في"المؤلفات".
قال: فقلنا ثلاث سواحر".
وصح "عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت".
قال: فقلنا ثلاث سواحر1} امتثالا لأمره واعتمادا على قوله {وصح} في"الموطأ"{عن حفصة2 رضي الله عنها} زوج النبي صلى الله عليه وسلم {أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها} وقد كانت دبرتها،3 فأمرت بقتلها {فقتلت،4
_________
1 [7 ث] جاء في"صحيح البخاري مع الفتح": (6/ 257، ح 3156)، كتاب الجزية والموادعة. الأثر عن بجالة بلفظ:"فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس". ولهذا قال الشيخ سليمان بن عبد الله في"تيسير العزيز الحميد": هذا الأثر رواه البخاري كما ذكره المصنف لكنه لم يذكر قتل السحرة. إلا إنني قد وجدت أن ابن حجر رحمه الله في"الفتح": (6/ 261) حين شرحه قد ذكر أن في بعض الروايات وهما رو، الآية مسدد وأبي يعلى قد جاء هذا اللفظ الذي ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب:"اقتلوا كل ساحر وساحرة"قال: فقتلنا في يوم ثلاث سسواحر. وهو بهذا النص في"مسند الإمام أحمد": (1/ 190- 191)، و"سنن أبي داود":(3/ 431، ح 3043) . انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.
2 هي: حفصة بنت عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما وهي أخت عبد الله لأبيه تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة وكانت قبله عند خنيس بن حذافة، وُلدت قبل البعثة بخمس سنين، وتوفيت سنة 45 هـ. انظر ترجمتها في:"طبقات ابن سعد": (8/ 81- 86)،"حلية الأولياء":(2/ 50- 51)،"الإصابة":(12/ 197- 199) .
3 أي: كانت فد علقت عتقها بموتها.
4 [8 ث]"موطأ مالك": (2/ 871، ح 14) ، كتاب العقول، باب ما جاء في الغيلة والسحر."السنن الكبرى"للبيهقي:(8/ 136) ، كتاب القسامة، باب تكفير الساحر وقتله إن كان ما يسحر به كلام كفر صريح. والأثر قد صححه الشيخ محمد بن عبد الوهاب. انظر بقية تخريجه في الملحق.
وكذلك صح عن جندب.
قال أحمد عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك صح عن جندب1} بن عبد الله.
{قال أحمد عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم2} اعلم أنه يتعلق بالساحر ثلاثة أحكام:
الحكم الأول: إذا ظهر أنه قتل بسحره فعند الشافعي أنه يقتل بذلك قصاصا، وأن له حقيقة3 وعند غيره لا حقيقة له فيقتل حدا.4
الحكم الثاني: في حكم قتله وتوبته فقال مالك -رحمه الله تعالى-:
_________
1 انظر:"التاريخ الكبير"للبخاري: (2/ 222) ."السنن الكبرى"للبيهقي: (8/ 136) ، كتاب القسامة، باب تكفير الساحر وقتله، والأثر- كما ترى- قد صححه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وصححه- أيضا- الدوسري في"النهج السديد":(ص 143، ح 283) . وقد تقدم قريبا رو، الآية جندب:"حد الساحر ضربه بالسيف"، والخلاف في رفعها. وقد اختلف في تعيين قاتل الساحر هل هو جندب بن عبد الله أو جندب بن كعب أو جندب بن زهير، وفد رجح البخاري وابن منده وابن حجر أنه جندب بن كعب، وقال علي بن المديني ونقل ابن عبد البر عن الزبير بأنه ابن زهير. واختلف في صحبته. انظر:"تهذيب التهذيب": (2/ 118) .
2 انظر:"المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد": (2/ 105) رو، الآية رقم:(599)، والمعني بالثلاثة: عمر بن الخطاب، وجندب بن عبد الله، وحفصة بنت عمر.
3 انظر:"الأم"للشافعي: (1/ 256) ، كتاب الاستسقاء، الحكم في الساحر والساحرة. و"مختصر المزني":(ص 255) ، كتاب القسامة، باب الحكم في الساحر إذا قتل بسحره. و"المجموع شرح المهذب"للنووي:(20/ 307) .
4 انظر:"المغني"لابن قدامة: (12/ 302) .
يقتل ولا تقبل توبته; لأنه لا يوثق بتوبته كالزنديق،1 وقيل: كالمحارب إن تاب قبل أن يقدر عليه لم يقتل وقبلت توبته، وإن كان بعد القدرة عليه قتل ولم تقبل توبته، ولم يستتب، وقيل: هو كالمرتد في الاستتابة وقبول التوبة.2
الحكم الثالث: أن أخذ العوض على السحر حرام، وقد فسر قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 3 [أنهم] 4 كانوا يعطون الأجرة [عليه] 5 فذلك اشتراؤهم، وقيل: المراد6 بالاشتراء ابتياع السحر بدين الله تعالى، وأما أخذ العوض على الرقبة فجائز للخبر الوارد بذلك في [الذين] 7 رقوا على الملدوغ8 بفاتحة الكتاب.9
1 انظر:"الموطأ"للإمام مالك: (2/ 736) ، كتاب الأقضية، باب القضاء فيمن ارتد، و"البيان والتحصيل":(16/ 443- 444) .
2"المغني"لابن قدامة: (8/ 153- 154) .
3 سورة البقرة، الآية:102.
4 في"الأصل": (لأنهم) ، والصواب ما أثبته من بقية النسخ.
5 كلمة: (عليه) سقطت من"الأصل"، وأثبتها من بقية النسخ.
6 وفي غير"الأصل": (وقيل: أراد) .
7 في"الأصل": (الذي) ، وصححته من بقية النسخ.
8 هكذا في كل النسخ.
9 والحديث الوارد في هذا في"صحيح البخاري"راجعه مع"الفتح": (9/ 54) عن أبي سعيد الخدري قال: كنا في مسير لنا فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق، فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية فرقاه فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبنا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي، قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:" وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم ".
باب لا يقال السلام على الله
…
بين النبي صلى الله عليه وسلم أن السلام من أسماء الله تعالى، ومعناه: السلامة من النقائص والآفات التي تلحق الخلق، والسلام تحية لا تصلح1 لله تبارك وتعالى، وبين صلى الله عليه وسلم التحية2 التي تصلح لله عز وجل بقوله:" ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات ".
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم3 لم يقعد إلا مقدار ما يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " أخرجه مسلم والترمذي4.
قال الملا علي قاري5 قال ابن الجزري67 في"التصحيح": وأما
1 قوله: (والآفات التي تلحق الخلق، والسلام تحية لا تصلح) سقط من"ر"، وهو مثبت في بقية النسخ.
2 هذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(التحيات) بالجمع.
3 قوله: (إذا سلم) سقطت من"ر".
4 [224 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (5/ 94 ، ح 136/ 592) ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة. و"سنن الترمذي":(2/ 95- 96 ، ح 298 ، 299) ، أبواب الصلاة، باب ما يقول إذا سلم. انظر بقية تخريج الحديث في الملحق.
5 هو: علي بن محمد سلطان الهروي -المعروف بالقاري الحنفي- أقام بمكة وأخذ من علمائها كأبي الحسن البكري وابن حجر الهيتمي، وشرح"الفقه الأكبر"المنسوب لأبي حنيفة، وشرح"رسالة ألفاظ الكفر"للبدر الرشيد، وقد شنع عليه بعض علماء زمانه في مسائل منها: مسألة والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والحكم بكفرهما، توفي سنة 1014 هـ. انظر ترجمته في:"خلاصة الأثر": (3/ 185- 186)،"البدر الطالع":(1/ 445- 446)،"معجم المؤلفين":(7/ 100) .
6 في"ع"و"ش": (ابن الجوزي) وهو تصحيف.
7 هو: محمد بن محمد العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي شمس الدين- يعرف بابن الجزري- كان مقرنا مفسرا محدثا نحويا فقيها، مما صنفه قديما:"الحصن الحصين في الأدعية"و"عدة الحصن الحصين"و"التعريف بالمولد الشريف"، و"أسنى المناقب في فضل علي بن أبي طالب". قال ابن العماد: سمعت بعض العلماء يتهمه بالمجازفة في القول، وأما الحديث فما أظن ذلك به
…
قال: ولم يكن محمود السيرة في القضاء، ولد في دمشق في 25 من شهر رمضان سعة 751 هـ، وتوفي بشيراز في ربيع الأول سنة 833 هـ. انظر ترجمته في:"شذرات الذهب": (7/ 204- 206)،"البدر الطالع":(2/ 257- 259)،"معجم المؤلفين":(11/ 291- 292) .