الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى
عن جندب [بن عبد الله] رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال عز وجل من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك " رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن القائل رجل عابد قال أبو هريرة:"تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".
{باب ما جاء في الإقسام على الله تعالى}
{عن جندب} [بن عبد الله} 1 {رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان} العاصي (فقال عز وجل من ذا الذي يتألى علي} أي: من الحالف علي؟ هذا2 استفهام إنكار وتوبيخ فإنه تبارك وتعالى يعلم ذلك المتألي {أن لا أغفر لفلان [فإني] 3 قد غفرت له} بفضله وكرمه {وأحبطت} أي: أبطلت {عملك" رواه مسلم} 4.
{وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن القائل رجل عابد قال أبو هريرة:"تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".
_________
1 قوله: (بن عبد الله) سقطت من"الأصل"، وأثبتها من بقية النسخ و"المؤلفات".
2 سقطت كلمة: (هذا) من"ر".
3 في النسخ الخطية سقط قوله: (فإني)، وفي"المؤلفات":(إني فد غفرت له) ، والمثبت من أصل الحديث.
4 [286 ح]"صحيح مسلم مع شرح النووي": (16/412 - 413) ، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله. و"شعب الإيمان"للبيهقي:(5/289 ، ح 6681) . انظر بقية التخريح في الملحق.
أخرجه أبو داود.
أخرجه أبو داود12} .
[وعن أبي هريرة- رضي الله عنه-3 قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كان في بني إسرائيل رجلان متحابان أحدهما مذنب، والآخر في العبادة مجتهد، فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب فيقول له: أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال: خلني وربي أبعثت علي رقيبا فقال: والله لا يغفر لك - أو قال: لا يدخلك الجنة. فقبض الله أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين; فقال الرب تبارك وتعالى للمجتهد: أكنت على ما في يدي قادرا، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار " 4 وللطبراني عن جندب بن جنادة5 رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال رجل: لا يغفر الله لفلان - أي: فلان العاصي - فأوحى الله
_________
1 قوله: (أخرجه أبو داود) سقط من"المؤلفات"خلافا للنسخ الخطية.
2 لم يذكر المصنف حديث أبي هريرة وذكر قول أبي هريرة الذي قاله في آخر الحديث، وقد ذكر الحديث الشارح فيما يأتي، وسيأتي تخريجه بعده.
3 قوله: (عن أبي هريرة رضي الله عنه سقط من"الأصل"، وقد ألحقتها من بقية النسخ.
4 [287 ح]"سنن أبي داود": (5/208 ، ح 4901) ، كتاب الأدب، باب في النهي عن البغي. و"مسند الإمام أحمد":(2/323 ، 363)،"شرح السنة"للبغوي:(14/384 - 385 ، ح 4187) . والحديث صححه الألباني كما في"صحيح سنن أبي داود": (3/926 ، ح 4097) . انظر بقية التخريح في الملحق.
5 هو أبو ذر الغفاري وقد تقدمت ترجمته: (ص 38) .
تعالى إلى نبي من الأنبياء إنها - أي: الكلمة التي قالها - خطيئة فليستقبل العمل"1 أي: يستأنف عمله للطاعة، فإنها أحبطت عمله بتأليه على الله، وهذا خرج2 مخرج الزجر والتهويل3.
وفي حديث آخر: " ويل للمتألين من أمتي"4 يعني: يحكمون على الله يقولون: فلان في الجنة، وفلان في النار.
وفيه: "من يتألى على الله يكذبه "5 أي: من حكم عليه، وحلف
1"الجامع الصغير" للسيوطي، مع "الفيض":(4/504 ، ح 6087) ، وقد أحاله على الطبراني. وقد تقدم حديث جندب هذا في أول الباب من رو، الآية مسلم ويختلف يسيرا في لفظه، انظر:(ص 548) . وهذا اللفظ أشار السيوطي لضعفه في"الجامع الصغير"، انظره: مع"الفيض"في المكان السابق، وصححه الألباني كما في"صحيح الجامع":(2/801 ، ح 4347)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة":(5/25 ، ح 2014) .
2 كلمة: (خرج) سقطت من"ر"، وهي مثبتة في بقية النسخ.
3 انظر:"فيض القدير": (4/504) عند شرح الحديث الماضي، و"معجم الطبراني الكبير":(2/177) .
4"الجامع الصغير"مع "الفيض": (6/368 ، ح 9650)، و"كنز العمال":(3/559 ، ح 7902) ، وقد أحالاه على البخاري في"التاريخ"من رو، الآية جعفر العبدي مرسلا، وقال المناوي في"الفيض"بأن القضاعي أخرجه مسندا. والحديث من رو، الآية جعفر العبدي. والحديث أشار السيوطي لضعفه. وضعفه الألباني كما في"ضعيف الجامع":(ص 887، ح 6143) .
5"مسند الشهاب"للقضاعي: (1/220 ، ح 336) عن زيد بن خالد. و"معجم الطبراني الكبير"عن"مجمع الزوائد": (3/271) عن أبي أمامة."الجامع الصغير"مع"الفيض": (6/385) عن أبي أمامة. والحديث روي عن زيد بن خالد، وروي عن أبي أمامة. والحديث أشار السيوطي إلى ضعفه من رو، الآية أبي أمامة. وضعفه الألباني كما في "ضعيف الجامع":(ص 893، ح 6184) من رو، الآية أبي أمامة. وقال الهيثمي: فيه علي بن يزيد وهو ضعيف وقد وثق.
كقولك: والله ليدخلن الله فلانا النار، وينجحن الله سعي فلان.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال:"قل اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي" رواه مالك1.
اعلم أن المؤمن الموحد العاصي لا يجوز أن يقال: إن الله تعالى يعاقبه لا محالة، ولا يجوز أن يقال: إن الله تعالى يعفو عنه لا محالة، بل هو في مشيئة الله عز وجل كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 2 إن شاء عفا عنه بفضله وكرمه أو ببركة ما معه من الإيمان وكثرة3 الطاعات، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم أو باستغفار الرسل والملائكة عليهم السلام لعامة المؤمنين أو بشفاعة واحد من الأخيار وإن شاء عذبه بقدر ذنبه ثم أخرج إلى الجنة وعاقبته إلى الجنة لا محالة، ولا يخلد4 في النار مؤمن، ولا يجوز أن يشهد لأحد من المؤمنين بالجنة إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولمن بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها.
1 لم أجده في"موطأ مالك". وهو في"مستدرك الحاكم": (1/543 - 544)، كتاب الدعاء. وذكره في"كنز العمال":(2/198 ، ح 3737)، ونسبه إلى الحاكم والضياء. وذكره العجلوني في"كشف الخفاء":(1/192 ، ح 583) . وذكره النووي في"الأذكار": (ص 488 ، ح 1250) . والحديث قال الحاكم فيه: رواته عن آخرهم مدنيون ممن لا يعرف واحد منهم بجرح، ووافقه الذهبي.
2 سورة النساء، الآية:48.
3 هذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(وكثير من الطاعات) .
4 في"ر": (ولا يدخل) هو خطأ يغير المعنى.
ففي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لن يدخل الجنة أحدا منكم عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته "1.
وفي رواية للبخاري: "والله لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم "2 وهذا فيما لم يوح إليه فيه شيء، وأما ما علمه3 عن الله تعالى فإنه يدري عاقبته، ولهذا بشر أصحابه العشرة، وأهل بدر وأحد والحديبية بالجنة.
وعن سعد بن أبي وقاص4 رضي الله عنه قال: " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض أنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام "5
1 [288 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (10/127 ، ح 5673) ، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت."صحيح مسلم مع شرح النووي":(17/166 ، ح 73 ، ح 75/2816) ، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله. والحديث روي عن أبي هريرة، وروي عن عائشة. انظر بقية التخريح في الملحق.
2"صحيح البخاري مع الفتح": (3/114 ، ح 1243) ، كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت، و (12/392 ، ح 7003) ، كتاب التعبير، باب رؤيا النساء. والحديث عن أم العلاء رضي الله عنها.
3 هذا في"الأصل"، وهو الصواب، وفي "ر" و"ش"صحفت إلى:(عمله)، وفي "ع" أسقط:(ما) في قوله: (ما علمه) .
4 تقدمت ترجمته باسم: (سعد بن مالك) انظر: (ص 311) .
5 هو: عبد الله بن سلام بن الحارث ابو يوسف، كان أحد أحبار اليهود ثم أسلم حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقيل: تأخر إسلامه إلى ما قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين. وف ي"الصحيح" عن سعد بن أبي وقاص قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام. روى الزبيدي أنه لما أريد قتل عثمان جاء عبد الله بن سلام إليه فقال: جئت لأنصرك فقال: له اخرج إلى الناس فاطردهم عني، وكان مما قال:"إن لله سيفا مغمودا عنكم وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه" توفي عبد الله بن سلام سنة 43هـ. انظر ترجمته في:"طبقات ابن سعد": (2/352 - 353)،"الإصابة":(6/108 - 110)،"أسد الغابة":(3/160 - 161) .
متفق عليه1.
وكذلك لا يجوز أن يشهد على أحد من المؤمنين بالنار إلا من شهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي البخاري في قصة الرجل الذي قاتل المشركين أبلغ القتال فقال صلى الله عليه وسلم إنه من أهل النار فجرح فلم يصبر فقتل نفسه2 بحكم القدر الجاري عليه، وقد يكون باطن الأمر بخلاف ظاهره كما صح أن الأعمال
1"صحيح البخاري مع الفتح": (10/478) ، كتاب الأدب، ترجمة باب من أثنى على أخيه بما يعلم."صحيح مسلم مع شرح النووي":(16/275 ، ح 147/2483) ، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن سلام."مسند الإمام أحمد":(1/177) .
2 انظر:"صحيح البخاري مع الفتح": (6/89 - 90 ، ح 2898) ، كتاب الجهاد، باب لا يقول فلان شهيد. وفي:(11/330 ، ح 6493) ، كتاب الرقاق، باب الأعمال بالخواتيم."صحيح مسلم مع شرح النووي":(2/484 - 485 ، ح 179/112) ، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. والحديث من رو، الآية سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.
بالخواتيم1 نسأل الله حسن الخاتمة، ونعوذ به من سوء2 عاقبتها.
وفي قصة مدعم3 مولى النبي صلى الله عليه وسلم حين أصيب يوم خيبر فقال الناس: هنيئا له بالشهادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر لم تصبها المقاسم تشتعل عليه نارا "4 ولا يجوز أن يقال الذنب لا يضر مع الإيمان، بل يضر ولا يثبت به في الحال جواز المؤاخذة عليه، وعسى لا5 يعفى عنه، خلافا للمرجئة فإنهم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهو من افترائهم على الله تعالى في قولهم: إن المؤمن وإنا عصا لا يدخل النار6 وأما الطاعة مع الكفر فهو صحيح لأنها لا تنفع معه.
1 [289 ح] الحديث في ذلك في "صحيح البخاري"، انظره: مع"الفتح": (11/499 ، ح 6607) ، كتاب القدر، باب العمل بالخواتيم. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(2/484 ، ح 179/112) ، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. والحديث عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وهو جزء من الحديث المتقدم في"صحيح مسلم". انطر بقية التخريح في الملحق.
2 هذا في"الأصل"، وفي بقية النسخ:(شؤم) .
3 هكذا ضبطه النووي ف ي"شرح صحيح مسلم"، وقال بأنه جاء مصرحا به في "الموطأ" في هذا الحديث بعينه، وهو كما قال في "الموطأ":(2/459 ، ح 25) ، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الغلول.
4 [290 ح]"صحيح البخاري مع الفتح": (11/592 ، ح 6707) ، كتاب الأيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم. و"صحيح مسلم مع شرح النووي":(2/488 - 489، ح 183/ 115) ، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول. والحديث من رو، الآية أبي هريرة رضي الله عنه. انظر بقيه التخريح في الملحق.
5 في "ع": (وعسى أن لا يعفى) .
6 انظر:"مجموع الفتاوى"لابن تيمية: (16/242) .