الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
3
الْوَاجِب يَنْقَسِم إِلَى مضيق وموسع عِنْد الشَّافِعِي رض
وَاحْتج فِي ذَلِك بِأَن الْوُجُوب مُسْتَفَاد من الْأَمر وَالْأَمر يتَنَاوَل الْوَقْت وَلم يتَعَرَّض لجزء من أَجْزَائِهِ إِذْ لَو دلّ الْأَمر تَخْصِيصه بِبَعْض أَجزَاء الْوَقْت لَكَانَ ذَلِك غير الْمَسْأَلَة الْمُتَنَازع فِيهَا وَإِذ لم يكن فِي الْأَمر دلَالَة على تَخْصِيص الْفِعْل بِجُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوَقْت وَكَانَ كل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوَقْت قَابلا لَهُ وَجب أَن يكون ذَلِك الْأَمر هُوَ إِيجَاب إِيقَاع ذَلِك الْفِعْل فِي أَي جُزْء كَانَ من أَجزَاء ذَلِك الْوَقْت
وَأنكر أَصْحَاب أبي حنيفَة رحمهم الله التَّوَسُّع فِي الْوُجُوب
وَزَعَمُوا أَن الْوُجُوب يخْتَص بآخر الْوَقْت وَلَو أَتَى بِهِ فِي أول الْوَقْت كَانَ جَارِيا مجْرى تَعْجِيل الزَّكَاة قبل وَقتهَا
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِأَن الْوَاجِب مَا انحتم فعله وَتعين أَدَاؤُهُ ويلام تَاركه وَهَذَا مَفْقُود فِي مَسْأَلَتنَا فانه فِي الزَّمَان الأول بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل فَلَو كَانَ وَاجِبا فِي هَذِه الْحَالة لما تصور أَن يتَخَيَّر لِأَن التخير يُوجب النفلية دون الْوُجُوب والفرضية
وَيتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
مِنْهَا أَن الصَّلَاة تحب بِأول الْوَقْت عِنْد الشَّافِعِي رَضِي الله
عَنهُ وجوبا موسعا ممتدا من أول الْوَقْت إِلَى آخِره
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض لَا تجب إِلَّا فِي آخر الْوَقْت وَالْأَدَاء فِيهِ يَقع تعجيلا أَو نقلا ثمَّ يَنْقَلِب فرضا
وَأَن الصَّبِي إِذا صلى فِي أول الْوَقْت ثمَّ بلغ فِي آخِره لم يلْزمه إِعَادَة الصَّلَاة عندنَا
وَعِنْده يلْزمه لِأَن الْوُجُوب يثبت فِي آخر الْوَقْت وَقد صَار فِيهِ أَهلا للْوُجُوب فَبَان أَن مَا أَدَّاهُ لم يكن وَظِيفَة وقته بِخِلَاف الْبَالِغ إِذا صلى فِي أول الْوَقْت فَإِنَّهُ كَانَ أَهلا للْوُجُوب
وَمِنْهَا أَن تَعْجِيل الصَّلَوَات فِي أَوَائِل الْأَوْقَات عِنْد الشَّافِعِي رض أفضل لِئَلَّا يتَعَرَّض لخطر الْعقَاب فقد ذهب بعض
أَصْحَابنَا رحمهم الله إِلَى من أخر الصَّلَاة عَن أول الْوَقْت مِقْدَارًا يسع الْفَرْض وَمَات لَقِي الله عَاصِيا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض تَأْخِيرهَا إِلَى آخر الْوَقْت أفضل إِذْ لَا وجوب فِي أول الْوَقْت وَإِنَّمَا شرع الْوُجُوب فِي أول الْوَقْت رخصَة من الشَّارِع للْحَاجة وَلَيْسَ الْإِتْيَان بالرخص أفضل من غَيره بل الْأَفْضَل مُرَاعَاة وَقت الْوُجُوب
وَمِنْهَا إِن الْمُسَافِر إِذا سَافر فِي أول الْوَقْت أَو حَاضَت الْمَرْأَة بعد دُخُول الْوَقْت وَمضى مِقْدَار الْفِعْل من الزَّمَان يجب الْإِتْمَام على الْمُسَافِر وَالْقَضَاء على الْحَائِض عندنَا لِأَنَّهُمَا أدْركَا وَقت الْوُجُوب
وَعِنْده لَا يجب بِنَاء على أَن الْوُجُوب لم يتَحَقَّق فِي أول الْوَقْت
وَمِنْهَا إِن قَضَاء الصَّلَوَات والصيامات وَالنُّذُور الْمُطلقَة وَالْكَفَّارَات تجب وجوبا موسعا عندنَا
وَعِنْده تجب مضيقا على الْفَوْر
وَمِنْهَا أَن الْحَج يجب عندنَا وجوبا موسعا يسوغ تَأْخِيره مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ
وَعِنْده يجب مضيقا على الْفَوْر وَالله أعلم