الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
10
اخْتلف الْعلمَاء فِي مورد عقد النِّكَاح مَا هُوَ فَذهب الشَّافِعِي رض إِلَى أَن مورده الْمَنَافِع أَعنِي مَنَافِع الْبضْع وَاحْتج فِي ذَلِك بأمرين
أَحدهمَا أَنَّهَا المستوفاة بِحكم العقد والاستحقاق إِنَّمَا يُرَاد للاستيفاء والمستوفى هُوَ الْمَنَافِع فَكَانَ الْمُسْتَحق هُوَ الْمُسْتَوْفى
وَالثَّانِي إِن الله تَعَالَى سمى الْعِوَض أجرا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَالْأَجْر إِنَّمَا يسْتَحق فِي مُقَابلَة الْمَنْفَعَة كَمَا أَن الثّمن إِنَّمَا يسْتَحق فِي مُقَابلَة الْعين
وَذهب أَبُو حنيفَة رض إِلَى أَن مورده الْعين الموصوفة بِالْحلِّ وَحكمه ملك الْعين وَاحْتج فِي ذَلِك بِأُمُور أَرْبَعَة
أَحدهَا إِضَافَة الْحل إِلَى ذَات الْمَنْكُوحَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم}
وَثَانِيها أَنه لَو كَانَ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْمَنَافِع لما صَحَّ نِكَاح الطفلة الرضيعة كَمَا لَا يَصح عقد الْإِجَارَة على نهر صَغِير وَلَا جحش وَلَا أَرض سبخَة
وَثَالِثهَا أَن عقد النِّكَاح على التَّأْبِيد وَالْعقد على الْمَنَافِع لايتأبد
وَرَابِعهَا أَن الْمهْر يسْتَقرّ بوطأة وَاحِدَة وَلَو كَانَ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْمَنَافِع لكَانَتْ الْوَطْأَة الْوَاحِدَة بِمَثَابَة سُكْنى لَحْظَة وَاحِدَة فِي عقد الْإِجَارَة فَإِنَّهُ لايستحق بِهِ من الْأُجْرَة إِلَّا بِقدر مَا يَخُصُّهُ
وَمِنْهُم من قَالَ مورده الْمَنْفَعَة لَكِن مَنْفَعَة الْبضْع أخذت حكم الْأَجْزَاء والأعيان فَصَارَ حكمهَا حكم أَجزَاء الْآدَمِيّ
وَيتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
مِنْهَا أَن وَطْء السَّيِّد لَا يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ عندنَا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاء مَنْفَعَة
وَيمْنَع عِنْدهم لِأَنَّهُ فِي حكم جُزْء حَبسه عِنْده وَامْتنع عَلَيْهِ رد الأَصْل
وَمِنْهَا أَن النِّكَاح لَا ينْعَقد عندنَا إِلَّا بِلَفْظ التَّزْوِيج والإنكاح وَهُوَ اللَّفْظ الْمَوْضُوع شرعا لتمليك هَذَا الْجِنْس من الْمَنْفَعَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض ينْعَقد بِلَفْظ البيع وَالْهِبَة وكل لفظ يدل على ملك الذَّات وَقد تقدم ذكرهَا فِي مسَائِل الْعِبَادَات
وَمِنْهَا أَن الْخلْوَة الصَّحِيحَة لَا تقرر الْمهْر عندنَا لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْمَنْفَعَة وَضَمان الْمَنَافِع يعْتَمد تلفهَا تَحت يَد من عَلَيْهِ الْبَدَل وَمَنَافع الْبضْع لَا تدخل تَحت الْيَد لِأَنَّهَا لَيست بِمَال وَلَا تقبل وَيَد الْغَاصِب لَا تمنع من التَّزْوِيج وَمَا لَا يدْخل تَحت الْيَد يكون ضَمَانه بِالْإِتْلَافِ كبدل الْحر حَتَّى قَالَ أَصْحَابنَا إِن الْبَدَل لَا يَتَقَرَّر باستئجار الْحر بالتمكين وَإِنَّمَا يَتَقَرَّر بِالِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ الَّذِي أختاره الْقفال
وَعِنْدهم يَتَقَرَّر لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ عين الْمَرْأَة وَقد سلمت نَفسهَا
وَمِنْهَا أَن النِّكَاح يَنْفَسِخ بالعيوب الْخَمْسَة عندنَا لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْمَنْفَعَة فيدخلها الْفَسْخ كَمَا فِي الْإِجَارَة
وَعِنْدهم لَا يَنْفَسِخ لِأَن إِثْبَات الْملك فِي الْعين كَانَ ضَرُورِيًّا إِذْ الْحُرِّيَّة تنَافِي المملوكية فَيقدر بِقدر الضَّرُورَة والضرورة قد اندفعت بِإِثْبَات الطَّلَاق وَالْفَسْخ توسع فِي مَحل الضَّرُورَة فَيمْتَنع
وَمِنْهَا أَن الْخلْع فسخ عندنَا على القَوْل الْمَنْصُور فِي الْخلاف وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه طَلَاق وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة رض لِأَن مورد عقد النِّكَاح فِي حكم أَجْزَائِهَا وَهِي حرَّة وَملك الْجُزْء الضَّرُورِيّ لَيْسَ بِأَصْل وَالْفَسْخ توسع
وَمِنْهَا أَن السَّيِّد لَا يجْبر عَبده على النِّكَاح عندنَا لِأَن مورد عقد النِّكَاح مَنْفَعَة الْبضْع وَهِي مَمْلُوكَة من الْأمة دون العَبْد
وَعِنْدهم يجْبر لِأَن مورد عقد النِّكَاح فِي إِجْبَار أمته ملك الْعين وَهُوَ مَوْجُود فِي العَبْد
وَمِنْهَا إِن الْوَطْء فِي الْعتْق الْمُبْهم لَا يكون تعيينا عندنَا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاء مَنْفَعَة كالاستخدام
وَعِنْدهم يكون تعيينا لِأَنَّهُ فِي حكم اسْتِيفَاء جُزْء على مَا سبق فِي مسَائِل السّلم