الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسالة
5
مُعْتَقد الشَّافِعِي رض أَن معنى الْقصاص مُقَابلَة مَحل الْجِنَايَة بِالْمحل الْفَائِت بِالْجِنَايَةِ جبرا أَي من الْجَانِي بِالْمحل الْفَائِت من الْمَجْنِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ
وَاحْتج فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} أَي أَن النَّفس فِي مُقَابلَة النَّفس
وَلِأَنَّهُ ثَبت حَقًا لوَلِيّ الْقَتِيل وَأَن يكون لفائدة يخْتَص بهَا حَتَّى يظْهر معنى الِاسْتِحْقَاق فِي حَقه وَذَهَبت الْحَنَفِيَّة إِلَى أَن معنى الْقصاص مُقَابلَة الْفِعْل بِالْفِعْلِ جُزْءا وزجرا
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} قَالُوا مَعْنَاهُ أَن الزّجر يحصل بِهِ فَيبقى الْجَانِي والمجني عَلَيْهِ فِي الْأَحْيَاء
وَيتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
مِنْهَا أَن الْوَاحِد إِذا قتل جمَاعَة يقتل بِوَاحِد عندنَا وللباقين الدِّيَة لتعذر الِاسْتِحْقَاق بِاعْتِبَار تعذر الْمحَال
عِنْدهم يقتل بهم اكْتِفَاء بِمُقَابلَة الْفِعْل بِالْفِعْلِ
وَمِنْهَا أَنه إِذا قطع يَمِيني رجلَيْنِ قطع بِالْأولِ وَللْآخر الدِّيَة بَدَلا عَن الْمحل الْفَائِت
وَعِنْدهم يقطع بهما اكْتِفَاء
وَمِنْهَا أَن شريك الْأَب يلْزمه الْقصاص عندنَا تَحْقِيقا لمقابلة
الْمحل بِالْمحل كَمَا فِي شريك الْأَجْنَبِيّ
وَعِنْدهم لَا قصاص عَلَيْهِ لِأَن الْقصاص مُقَابلَة الْفِعْل بِالْفِعْلِ وَفعل الشَّرِيك مِنْهَا قَاصِر من حَيْثُ إِنَّه شَارك من لَا قَود عَلَيْهِ كشريك الخاطيء
وَمِنْهَا أَنه إِذا مَاتَ من وَجب عَلَيْهِ الْقصاص أخذت الدِّيَة من مَاله عندنَا بَدَلا عَن الْمحل
وَعِنْدهم لَا تُؤْخَذ لِأَن الْمُسْتَحق لَهُ فعل الْقَتْل وَقد فَاتَ
وَمِنْهَا أَنه إِذا قتل إِنْسَان فوارثه الْكَبِير لَا ينْفَرد ياستيفاء الْقصاص عندنَا بل ينْتَظر بُلُوغ الصَّبِي
لِأَن الثَّابِت للْوَرَثَة اسْتِحْقَاق الْمحل وَالْوَرَثَة يستحقونه إِرْثا وَالصَّبِيّ لَا يَتَأَتَّى اسْتِحْقَاقه بِدَلِيل مَا لَو كَانَ مُنْفَردا
وَعِنْدهم يستبد الْكَبِير باستيفائه فِي الْمحل لِأَن الْقصاص اسْتِحْقَاق فعل الْقَتْل جَزَاء وَالصَّغِير لَيْسَ أَهلا لاستحقاقه
وَمِنْهَا أَن مُسْتَحقّ الْقصاص فِي النَّفس إِذا قطع الْيَد وَعَفا عَن النَّفس لم يلْزمه أرش الْيَد عندنَا سَوَاء وقف الْقطع أَو سرى لِأَن اسْتِحْقَاق الْمحل أَعنِي جملَة نفس الْقَاتِل يُوجب إهدار الْأَطْرَاف فِي حق الْمُسْتَحق من حَيْثُ أَنه وَسِيلَة إِلَى اسْتِيفَاء حَقه
إِذْ لَا يُمكنهُ الِاسْتِيفَاء إِلَّا بِقطع جُزْء من أَجزَاء البنية وتضمينه مِمَّا يمْنَع الِاسْتِيفَاء فَوَجَبَ إهداره كَمَا قُلْنَا فِي سرَايَة الْقُيُود
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض إِن وقف ضمن وَإِن سرى لم يضمن
لِأَن الثَّابِت لَهُ اسْتِحْقَاق فعل الْقَتْل وَهُوَ تَفْوِيت الرّوح دون الْأَطْرَاف