الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
7
ذهب الشَّافِعِي رحمه الله إِلَى أَن للْعُمُوم صِيغَة ولفظا يدل عَلَيْهِ لَكِن مَعَ الِاحْتِمَال لَا قطعا ويقينا فَيُوجب الْعَمَل دون الْعلم
وَاحْتج فِي ذَلِك بِأَن من قَالَ مَا من صِيغَة من صِيغ الْعُمُوم إِلَّا وَيحْتَمل أَن يكون مُرَاده الْمُتَكَلّم مِنْهَا الْخُصُوص فَيمكن فِيهِ شُبْهَة عدم الْعُمُوم مُقَارنًا لوروده وَإِذا تطرق الِاحْتِمَال ذهب الْيَقِين
وَدَلِيل الِاحْتِمَال أَمْرَانِ
أَحدهمَا أَن اللَّفْظ الْعَام قَابل للتَّأْكِيد كَقَوْلِه جَاءَنِي الرِّجَال كلهم أَجْمَعُونَ وَلَوْلَا أَن فِيهِ احْتِمَالا لَكَانَ التَّأْكِيد زِيَادَة عريه عَن الْفَائِدَة
الثَّانِي أَن قَول الْقَائِل جَاءَنَا الرِّجَال كلهم يَقِين فِي الثَّلَاثَة
مَشْكُوك فِي الزِّيَادَة فَلَا يحمل على الْمَشْكُوك فِيهِ قطعا ويقينا وَإِنَّمَا يحمل عَلَيْهِ مَعَ الِاحْتِمَال
ثمَّ دَلِيل الْجَوَاز من كتاب الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} وَأَرَادَ بِهِ الْبَعْض
وَذَهَبت الْحَنَفِيَّة إِلَى أَن الْعُمُوم ألفاظا شَرْعِيَّة وأوضاعا مَعْلُومَة لَا يدخلهَا التَّخْصِيص قطعا ويقينا
احْتَجُّوا فِي ذَلِك بِإِجْمَاع الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم وَهُوَ مَا رُوِيَ عَن عمر رض أَنه قَالَ لأبي بكر رض لما هم بِقِتَال مانعي الزَّكَاة أَلَيْسَ قَالَ ر سَوَّلَ الله صلى الله عليه وسلم أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
فاحتج بِعُمُوم لفظ النَّاس على أبي بكر وَلم يُنكر عَلَيْهِ أَبُو بكر وَلَا غَيره هَذَا الِاحْتِجَاج بل عدل أَبُو بكر إِلَى الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ
ألم يقل إِلَّا بِحَقِّهَا وَكَذَلِكَ عُثْمَان رض لما سمع قَول الشَّاعِر
…
وكل نعيم لَا محَالة زائل
…
قَالَ كذب الشَّاعِر فَإِن نعيم أهل الْجنَّة لَا يَزُول فلولا أَن كلمة كل للْعُمُوم لما أنكر عُثْمَان ذَلِك
وَأعلم أَن الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاع من إِثْبَات هَذَا الْمَقْصُود مِمَّا لَا سَبِيل لَهَا فان إِنَّمَا عرفنَا كَون الْإِجْمَاع حجَّة الْأَلْفَاظ عَامَّة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى} الْآيَة وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم لَا تَجْتَمِع أمتِي على الضَّلَالَة وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم مَا استحسنه الْمُسلمُونَ فَهُوَ
عِنْد الله حسن وَمن منع الأَصْل منع الْفَرْع وَإِذا عرفت هَذَا الأَصْل فَأعْلم أَنه مَبْنِيّ على هَذَا الْخلاف