الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
11
مُعْتَقد الشَّافِعِي رض أَن مُوجب عُقُود الْمُعَاوَضَات التَّسْوِيَة بَين الْعِوَض والمعوض ذاتا ووصفا وَحكما
أما ذاتا فبأن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مَالا وَأما وَصفا فبأن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا جَائِز أَن يكون حَالا ومؤجلا ودينا وعينا
وَأما حكما فبأن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا ركنا مَقْصُودا بِالْعقدِ
وَاحْتج فِي ذَلِك باستواء الْعَاقِدين فِي منَاط اسْتِحْقَاق النّظر لَهما وَوُجُوب رفع الضَّرَر عَنْهُمَا وَكَون العقد مَشْرُوعا لمصلحتهما
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض إِن الْمَبِيع ركن العقد وَالثمن
حكم العقد وعنوا بقَوْلهمْ ركن العقد أَن وجود العقد بِدُونِهِ لَا يتَصَوَّر لِأَنَّهُ مَحل إِضَافَة الصِّيغَة إِلَيْهِ بِخِلَاف الثّمن فانه غير دَاخل فِي حَقِيقَة العقد بل هُوَ حكم العقد وموجبه كَمَا أَن الْمَوْهُوب ركن الْهِبَة وَالثَّوَاب حكمهَا وموجبها وَإِنَّمَا يجب تَسْلِيمه تَحْقِيقا للمساواة بَين الْعِوَضَيْنِ فان ملك المُشْتَرِي مُتَعَيّن فِي البيع فَيجب أَن يتَعَيَّن ملك البَائِع بِالتَّسْلِيمِ
وَاحْتج فِي ذَلِك بِأَن قَالَ تساعدنا على أَن الْعَجز عَن تَسْلِيم الثّمن لَا يمْنَع صِحَة العقد حَتَّى يَصح شري الْمُفلس وشري العَبْد الْمَأْذُون وَتَصِح الْكِتَابَة الْحَالة مَعَ تَيَقّن الْعَجز بِخِلَاف الْمَبِيع فَأَنَّهُ ركن العقد وَيشْتَرط الْقُدْرَة على تَسْلِيمه حَتَّى لَو بَاعَ أبقا لَا يَصح وَجوز الْكِتَابَة الْحَالة بِنَاء عَلَيْهِ
وَيتَفَرَّع عَن هَذَا الأَصْل مسَائِل
مِنْهَا إِن السّلم فِي الدّين الْحَال صَحِيح عندنَا تَسْوِيَة
بَين الْعِوَض والمعوض
وَلَا يَصح عِنْدهم تَفْرِقَة بَينهمَا
وَمِنْهَا أَن السّلم فِي الْحَيَوَان صَحِيح عندنَا لِأَنَّهُ جَازَ أَن يكون ثمنا فَجَاز أَن يكون مثمنا
وَعِنْدهم لَا يَصح تَفْرِقَة بَين الْمَبِيع وَالثمن
وَمِنْهَا أَن السّلم فِي الْمُنْقَطع جنسه لَدَى العقد الْمَعْلُوم وجوده لَدَى الْمحل صَحِيح عندنَا تَسْوِيَة بَين الثّمن والمثمن فَإِنَّهُم يسلمُونَ أَنه لَو بَاعَ بمكيل أَو مَوْزُون وَكَانَ مُنْقَطع الْجِنْس فِي الْحَال مَوْجُودا عِنْد الْمحل صَحَّ وَالسّلم بيع الْمكيل وَالْمَوْزُون إِلَى اجل وَلَا فرق بَين الْمَبِيع بالمكيل وَبَين بيع الْمكيل فَإِذا لم يمْنَع انْقِطَاع الْجِنْس أَحدهمَا لَا يمْنَع الثَّانِي
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رض لَا يَصح بِنَاء على الْفرق الَّذِي
قدمْنَاهُ من أَن الثّمن حكم العقد وَالْعجز عَن تَسْلِيمه لَا يمْنَع صِحَة العقد
وَنحن نقُول هما ركنان فِي العقد كَمَا تقرر ونمنع شري العَبْد الْمَأْذُون وشري الْمُفلس للعجز عَن التَّسْلِيم وَكَذَلِكَ منعنَا الْكِتَابَة الْحَالة
وَمِنْهَا إفلاس المُشْتَرِي بِالثّمن يثبت للْبَائِع حق الْفَسْخ إِذا كَانَ الْمَبِيع قَائِما تَسْوِيَة بَين الْعِوَض والمعوض
وَعِنْدهم لَا يثبت لما ذَكرْنَاهُ ووافقوا فَمَا قبل الْقَبْض
وَمِنْهَا أَن النُّقُود تتَعَيَّن فِي عُقُود الْمُعَاوَضَات عندنَا حَتَّى يمْتَنع إبدالها وينفسخ العقد بتلفها لِأَن حكم العقد تعين الثّمن لتعين الْمُثمن وَإِنَّمَا جوز كَون الثّمن فِي الذِّمَّة تيسيرا وتسهيلا
وَعِنْدهم لَا يتَعَيَّن الثّمن لِأَن حكم العقد ووجوده
بِوُجُوبِهِ فِي الذِّمَّة بِخِلَاف الْمَبِيع على مَا سبق نعم هَذِه الْمَالِيَّة لَا يُمكن إيصالها إِلَى الْمَالِك إِنَّمَا إيصالها بتعين أشكال الدَّرَاهِم فَكَانَ اشكال الدَّرَاهِم معيارا لماليتها ومكيالا لَهَا وَالْمَطْلُوب مِنْهَا معنى لَا يُنَاسب الِاخْتِصَاص وَكَانَت الْإِشَارَة إِلَيْهَا هِيَ الْإِشَارَة إِلَى المعيار وَالْمِيزَان فانه يجب إلغاؤه
وَمن فروع الْمَسْأَلَة
مَسْأَلَة وَهِي مَا إِذا تزوج امْرَأَة على دَرَاهِم أَو دَنَانِير وَدفعهَا إِلَيْهَا فوهبتها لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَإِنَّهُ لَا يرجع عَلَيْهَا عندنَا لِأَنَّهَا تعيّنت بقبضها وَقد رجعت إِلَى الزَّوْج بِعَينهَا
وَعِنْدهم يرجع عَلَيْهَا بِنَاء على أَن الْأَثْمَان لَا تتَعَيَّن بِالْعقدِ فَلَا
تتَعَيَّن بِالْفَسْخِ فَكَانَ الَّذِي يسْتَحقّهُ الزَّوْج مَالا فِي ذمَّتهَا وَذَاكَ لم يرجع إِلَيْهِ إِنَّمَا رَجَعَ مثله فَصَارَ كَمَا لَو وهبت لَهُ دَرَاهِم غير الْمهْر
وَمِنْهَا أَن الصَّفْقَة تَتَعَدَّد بِتَعَدُّد المُشْتَرِي عندنَا كَمَا تَتَعَدَّد بِتَعَدُّد البَائِع تَسْوِيَة بَين الْإِيجَاب وَالْقَبُول حَتَّى لَو بَاعَ عينا من اثْنَيْنِ وَشرط لَهما الْخِيَار اسْتَقل كل وَاحِد مِنْهُمَا برد نصِيبه دون مُوَافقَة صَاحبه عندنَا
وَكَذَا لَو اطلعا على عيب قديم جَازَ لأَحَدهمَا أَن ينْفَرد برد نصِيبه لِأَنَّهُ انْفَرد بعقده فينفرد برده كَمَا لَو بَاعَ اثْنَان من وَاحِد
وَعِنْدهم لَا ينْفَرد لِاتِّحَاد الصَّفْقَة فِي صورتهَا وَالله أعلم