المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الوعيد على القول بالرأي] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[فَصْلٌ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُوَقِّعُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوَّلُ مَنْ وَقَّعَ عَنْ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَمَّنْ انْتَشَرَ الدِّينُ وَالْفِقْهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ التَّابِعِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَهَاءُ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ]

- ‌[أُصُولُ فَتَاوَى أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهَةُ الْعُلَمَاءِ التَّسَرُّعَ فِي الْفَتْوَى]

- ‌[الْمُرَادُ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ]

- ‌[خَطَرُ تَوَلِّي الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ]

- ‌[النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُقَالَ هَذَا حُكْمُ اللَّهِ]

- ‌[لَفْظُ الْكَرَاهَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَا يَقُولُهُ الْمُفْتِي فِيمَا اجْتَهَدَ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الْفُتْيَا]

- ‌[أَدَوَاتُ الْفُتْيَا]

- ‌[الْفَتْوَى بِالتَّقْلِيدِ]

- ‌[شُرُوطُ الْإِفْتَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ]

- ‌[الْأَمْرُ بِالرَّدِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَشْتَمِلَانِ عَلَى حُكْمِ كُلِّ شَيْءٍ]

- ‌[الْوَعِيدُ عَلَى الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ]

- ‌[فَصْلٌ تَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ مِنْ الْأَخْذِ بِالرَّأْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الرَّأْيُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ]

- ‌[الرَّأْيُ الْبَاطِلُ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]

- ‌[كِتَابِ عُمَرَ فِي الْقَضَاءِ وشرحه]

- ‌[صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ]

- ‌[وَاجِبُ الْحَاكِمِ]

- ‌[نِصَابُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَصْل تُشْرَعُ الْيَمِينُ مِنْ جِهَةِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحَاكِمِ وَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤَجِّلُ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ]

- ‌[تَغَيُّرُ الْحُكْم بِتَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ شَاهِدُ الزُّورِ]

- ‌[الْكَذِبِ فِي غَيْرِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحِكْمَةُ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْكَذَّابِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَةِ الْمَجْلُودِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ الشَّهَادَةِ بِالتُّهْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَةُ مَسْتُورِ الْحَالِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْقِيَاسِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ قِيَاسُ الشَّبَهِ]

- ‌[فَصْلٌ قِيَاسِ الْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ مِثْل مِنْ الْقِيَاسِ التَّمْثِيلِيِّ]

- ‌[السِّرُّ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ]

- ‌[تَسْوِيَة الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ جَاءَ الْقُرْآنُ بِتَعْلِيلِ الْأَحْكَامِ]

- ‌[مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَحْكَامِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ مُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ الرَّسُولُ إلَى الْيَمَنِ]

- ‌[فَصْلٌ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ يَجْتَهِدُونَ وَيَقِيسُونَ]

- ‌[مَا أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ مِنْ مَسَائِلِ الْقِيَاسِ]

- ‌[قِيَاسُ الصَّحَابَةِ حَدَّ الشُّرْبِ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[قِيَاسُ الصَّحَابَةِ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ]

- ‌[اخْتِلَافُ الصَّحَابَة فِي الْمَرْأَةِ الْمُخَيَّرَةِ]

- ‌[الصَّحَابَةُ فَتَحُوا بَابَ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ مَرْكُوزٌ فِي فِطَرِ النَّاسِ]

- ‌[الْقَيَّاسُونَ وَالظَّاهِرِيَّةُ مُفْرِطُونَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُ نُفَاةِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ بِالْقِيَاسِ بَلْ نَهَى عَنْهُ]

- ‌[فَصْلٌ نهى الصَّحَابَةُ عَنْ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ ذَمِّ التَّابِعُونَ لِلْقِيَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ يُعَارِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَقْيِسَةُ فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌[لَمْ يَكُنْ الْقِيَاسُ حُجَّةً فِي زَمَنِ الرَّسُولِ]

- ‌[فَصْلٌ تَنَاقُضُ أَهْلِ الْقِيَاسِ دَلِيلُ فَسَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَثَلٌ مِمَّا جَمَعَ فِيهِ الْقِيَاسِيُّونَ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ تَنَاقُضِ الْقِيَاسِيِّينَ مُرَاعَاةُ بَعْضِ الشُّرُوطِ دُونَ بَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ فِي اللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ قِصَاصٌ]

- ‌[فَصْلٌ حُكُومَةُ النَّبِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ]

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُوَّة أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ]

- ‌[إحَاطَةُ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُحِيطُ النُّصُوصُ بِحُكْمِ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ]

- ‌[أخطاء المختلفين فِي إحاطة النُّصُوص بِأَحْكَام الحوادث]

- ‌[الْخَطَأ الْأَوَّل والثانى]

- ‌[الْخَطَأُ الثَّالِثُ تَحْمِيلُ الِاسْتِصْحَابِ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّهُ]

- ‌[الِاسْتِصْحَابُ وَأَقْسَامُهُ]

- ‌[الْخَطَأُ الرَّابِعُ اعْتِقَاد أَنَّ عُقُودَ الْمُسْلِمِينَ وَشُرُوطَهُمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ كُلَّهَا عَلَى الْبُطْلَانِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَخْطَاءُ الْقِيَاسِيِّينَ]

- ‌[فَصْلُ فِي شُمُولُ النُّصُوصِ وَإِغْنَاؤُهَا عَنْ الْقِيَاسِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعُمَرِيَّةُ]

- ‌[فَصَلِّ مِيرَاثُ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ مِيرَاثُ الْبَنَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ مِيرَاثُ بِنْتِ الِابْنِ]

- ‌[فَصَلِّ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ]

- ‌[فَصْلُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَوَالَةُ مُوَافِقَةٌ لِلْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْقَرْضُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ طَهَارَةُ الْخَمْرِ بِالِاسْتِحَالَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْوُضُوءُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفِطْرُ بِالْحِجَامَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ التَّيَمُّمُ جَارٍ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ السَّلَمُ جَارٍ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْكِتَابَةُ تَجْرِي عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ بَيَانُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

الفصل: ‌[الوعيد على القول بالرأي]

يَنْزِعُ الْعِلْمَ مِنْ النَّاسِ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ، وَيَبْقَى فِي النَّاسِ رُءُوسٌ جُهَّالٌ يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَيُضَلُّونَ وَيَضِلُّونَ» قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا حَدَّثْت عَائِشَةَ بِذَلِكَ أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ، قَالَتْ: أَحَدَّثَك أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ عُرْوَةُ: نَعَمْ، حَتَّى إذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ قَالَتْ لِي: إنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ فَالْقَهُ ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَك فِي الْعِلْمِ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتَهُ فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ قَالَتْ: مَا أَحْسَبُهُ إلَّا وَقَدْ صَدَقَ، أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يُنْقِصْ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ «فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضَلُّونَ وَيَضِلُّونَ» وَقَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاَللَّهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللَّهِ؛ وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ جَرِيرٍ بْنِ عُثْمَانَ الرَّحَبِيِّ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَعْظَمُهَا فِتْنَةً قَوْمٌ يَقِيسُونَ الدِّينَ بِرَأْيِهِمْ، يُحَرِّمُونَ بِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَالْكَلَامُ فِي الدِّينِ بِالْخَرْصِ وَالظَّنِّ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:«يُحِلُّونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَلَالَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ تَحْلِيلُهُ، وَالْحَرَامُ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ تَحْرِيمُهُ، فَمَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَالَ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَقَاسَ بِرَأْيِهِ مَا خَرَجَ مِنْهُ عَنْ السُّنَّةِ؛ فَهَذَا الَّذِي قَاسَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِ فَضَلَّ وَأَضَلَّ، وَمَنْ رَدَّ الْفُرُوعَ إلَى أُصُولِهَا فَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيِهِ.

[الْوَعِيدُ عَلَى الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ]

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى رَأْيٍ رَآهُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ فِيهِ بَعْدُ فَلَيْسَ مَذْمُومًا، بَلْ هُوَ مَعْذُورٌ، خَالِفًا كَانَ أَوْ سَالِفًا، وَمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَعَانَدَ وَتَمَادَى عَلَى الْفُتْيَا بِرَأْيِ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ الَّذِي يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ؛ وَقَدْ رَوَيْنَا فِي مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»

ص: 42

فَصْلٌ.

فِيمَا رُوِيَ عَنْ صِدِّيقِ الْأُمَّةِ وَأَعْلَمِهَا مِنْ إنْكَارِ الرَّأْيِ.

[ذَمُّ أَبِي بَكْرٍ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إنْ قُلْت فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي، أَوْ بِمَا وَلَا أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا عَارِمٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدُ أَهْيَبَ بِمَا لَا يَعْلَمُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَهْيَبَ بِمَا لَا يَعْلَمُ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَزَلَتْ بِهِ قَضِيَّةٌ فَلَمْ يَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْهَا أَصْلًا وَلَا فِي السُّنَّةِ أَثَرًا فَاجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا رَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

فَصْلٌ.

فِي الْمَنْقُولِ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

[ذَمُّ عُمَرَ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الرَّأْيَ إنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُصِيبًا، إنَّ اللَّهَ كَانَ يُرِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ. قُلْت: مُرَادُ عُمَرَ رضي الله عنه قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] فَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ غَيْرَ مَا أَرَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ، وَأَمَّا مَا رَأَى غَيْرُهُ فَظَنٌّ وَتَكَلُّفٌ.

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كَتَبَ كَاتِبٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " هَذَا مَا رَأَى اللَّهُ وَرَأَى عُمَرُ " فَقَالَ: بِئْسَ مَا قُلْت، قُلْ: هَذَا مَا رَأَى عُمَرُ، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: السُّنَّةُ مَا سَنَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، لَا تَجْعَلُوا خَطَأَ الرَّأْيِ سُنَّةً لِلْأُمَّةِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ

ص: 43

عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: أَصْبَحَ أَهْلُ الرَّأْيِ أَعْدَاءَ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمْ أَنْ يَعُوهَا وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمْ أَنْ يَرْوُوهَا، فَاسْتَبَقُوهَا بِالرَّأْيِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: اتَّقُوا الرَّأْيَ فِي دِينِكُمْ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ صَدَقَةِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: أَصْحَابُ الرَّأْيِ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمْ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمْ أَنْ يَعُوهَا، وَاسْتَحْيَوْا حِينَ سُئِلُوا أَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ، فَعَارَضُوا السُّنَنَ بِرَأْيِهِمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ.

وَذَكَرَ ابْنُ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إيَّاكُمْ وَالرَّأْيَ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ الرَّأْيِ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمْ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَعُوهَا وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمْ أَنْ يَحْفَظُوهَا، فَقَالُوا فِي الدِّينِ بِرَأْيِهِمْ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْيِ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمْ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ، فَضُلُّوا وَأَضَلُّوا، وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْآثَارِ عَنْ عُمَرَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ الْعُمَرِيُّ ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهَمُوا الرَّأْيَ فِي الدِّينِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَرُدُّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيِي فَأَجْتَهِدُ وَلَا آلُو، وَذَلِكَ يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَالْكِتَابُ يُكْتَبُ وَقَالَ: اُكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: يُكْتَبُ بِاسْمِك اللَّهُمَّ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَيْت، فَقَالَ: يَا عُمَرُ تَرَانِي قَدْ رَضِيتَ وَتَأْبَى؟» .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلَى بِنْتِ صَفْوَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُفْتِي النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ بِرَأْيِهِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِهِ، فَجَاءَ زَيْدٌ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ فَقَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ قَدْ بَلَغْتَ أَنْ تُفْتِيَ النَّاسَ بِرَأْيِك؟

ص: 44

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت، وَلَكِنْ سَمِعْت مِنْ أَعْمَامِي حَدِيثًا فَحَدَّثْت بِهِ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِرِفَاعَةِ بْنِ رَافِعٍ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ إذَا أَصَابَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَأَكْسَلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، قَالَ: قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْتِنَا فِيهِ عَنْ اللَّهِ تَحْرِيمٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي، فَأَمَرَ عُمَرُ بِجَمْعِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَجُمِعُوا، فَشَاوَرَهُمْ فَشَارَ النَّاسَ أَنْ لَا غُسْلَ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ مُعَاذٍ وَعَلِيٍّ فَإِنَّهُمَا قَالَا: إذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ بَدْرٍ قَدْ اخْتَلَفْتُمْ، فَمَنْ بَعْدَكُمْ أَشَدُّ اخْتِلَافًا، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَأَرْسَلَ إلَى حَفْصَةَ فَقَالَتْ: لَا عِلْمَ لِي، فَأَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: إذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، فَقَالَ: لَا أَسْمَعُ بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا أَوْجَعْتُهُ ضَرْبًا.

[ذَمُّ ابْنِ مَسْعُودٍ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا جُنَيْدٌ ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ عَامٌ إلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، أَمَا إنِّي لَا أَقُولُ أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ، وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ. وَلَكِنْ فُقَهَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ ثُمَّ لَا تَجِدُونَ مِنْهُمْ خَلَفًا، وَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا شَقِيقٌ عَنْ مُجَالِدٍ بِهِ، قَالَ: وَلَكِنْ ذَهَابُ خِيَارِكُمْ وَعُلَمَائِكُمْ، ثُمَّ يَحْدُثُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيَنْهَدِمُ الْإِسْلَامُ، وَيَثْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: عُلَمَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ، وَيَتَّخِذُ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ حَفْصَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا عَلَّمَك اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَاحْمَدْ اللَّهَ، وَمَا اسْتَأْثَرَ بِهِ عَلَيْك مِنْ عِلْمٍ فَكِلْهُ إلَى عَالِمِهِ، وَلَا تَتَكَلَّفُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ لِنَبِيِّهِ:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] يُرْوَى هَذَا عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، ثنا أَبُو زَيْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ

ص: 45

إيَّاكُمْ وَأَرَأَيْتَ أَرَأَيْتَ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَرَأَيْتَ أَرَأَيْتَ، وَلَا تَقِيسُوا شَيْئًا فَتَزِلُّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَإِذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ فَلِيَقُلْ: لَا أَعْلَمُ فَإِنَّهُ ثُلُثُ الْعِلْمِ.

وَصَحَّ عَنْهُ فِي الْمُفَوِّضَةِ أَنَّهُ قَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُ.

[ذَمُّ عُثْمَانَ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ -: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَأَنَا وَاَللَّهِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِالْجُحْفَةِ إذْ قَالَ عُثْمَانُ وَذَكَرَ لَهُ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ: أَتِمُّوا الْحَجَّ وَأَخْلِصُوهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَوْ أَخَّرْتُمْ هَذِهِ الْعُمْرَةَ حَتَّى تَزُورُوا هَذَا الْبَيْتَ زَوْرَتَيْنِ كَانَ أَفْضَلَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْسَعَ فِي الْخَيْرِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: عَمَدْت إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُخْصَةٍ رَخَّصَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ بِهَا فِي كِتَابِهِ تُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَتَنْهَى عَنْهَا، وَكَانَتْ لِذِي الْحَاجَةِ وَلِنَائِي الدَّارِ، ثُمَّ أَهَلَّ عَلِيٌّ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ مَعًا، فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَنْهَيْت عَنْهَا؟ إنِّي لَمْ أَنْهَ عَنْهَا، إنَّمَا كَانَ رَأْيًا أَشَرْت بِهِ، فَمَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.

فَهَذَا عُثْمَانُ يُخْبِرُ عَنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِلْأُمَّةِ الْأَخْذُ بِهِ، بَلْ مَنْ شَاءَ أَخَذَ بِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ، بِخِلَافِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَا يَسَعُ أَحَدًا تَرْكُهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ.

[ذَمُّ عَلِيٍّ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ أَبُو دَاوُد -: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٌ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ.

[ذَمُّ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ ابْنُ وَهْبٍ -: أَخْبَرَنِي بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ رَأْيًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْرِ عَلَى مَا هُوَ مِنْهُ إذَا لَقِيَ اللَّهَ عز وجل.

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ

ص: 46

عَنْ أَبِي فَزَارَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّمَا هُوَ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ فَلَا أَدْرِي أَفِي حَسَنَاتِهِ يَجِدُ ذَلِكَ أَمْ فِي سَيِّئَاتِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ بَكْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.

[سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَذُمُّ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ]

قَوْلُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه قَالَ الْبُخَارِيُّ -: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَرَدَدْتُهُ.

[ابْنُ عُمَرَ يَذُمُّ الرَّأْيَ]

قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنْ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْأَمْرِ يُسْأَل عَنْهُ شَيْئًا قَالَ: إنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِالظَّنِّ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي صَدَقَةٌ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لَقِيَنِي ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، إنَّك مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ وَتُسْتَفْتَى فَلَا تُفْتِيَنَّ إلَّا بِكِتَابٍ نَاطِقٍ أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ: الْعِلْمُ ثَلَاثٌ: كِتَابُ اللَّهِ النَّاطِقُ، وَسُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وَلَا أَدْرِي.

[زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَذُمُّ الرَّأْيَ]

قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُد ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا مَوْلَى ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَوْمٌ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِهَا، فَكَتَبُوهَا ثُمَّ قَالُوا: لَوْ أَخْبَرْنَاهُ، قَالَ: فَأَتَوْهُ فَأَخْبِرُوهُ، فَقَالَ: أَعُذْرًا لَعَلَّ كُلَّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ خَطَأٌ، إنَّمَا أَجْتَهِدُ لَكُمْ بِرَأْيِي.

[مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَذُمُّ الرَّأْيَ]

قَوْلُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: ثنا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: تَكُونُ فِتَنٌ فَيَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ الْقُرْآنُ حَتَّى يَقْرَأَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْمُنَافِقُ وَالْمُؤْمِنُ، فَيَقْرَأَهُ الرَّجُلُ فَلَا يُتَّبَعُ، فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَأَقْرَأَنَّهُ عَلَانِيَةً، فَيَقْرَأَهُ عَلَانِيَةً فَلَا يُتَّبَعُ، فَيَتَّخِذَ مَسْجِدًا، وَيَبْتَدِعَ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ

ص: 47

كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ، قَالَهُ مُعَاذٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

[أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يَذُمُّ الرَّأْيَ]

قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - قَالَ الْبَغَوِيّ -: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُعَلِّمْهُ النَّاسَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَقُولَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَكُونُ مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ وَيَمْرُقُ مِنْ الدِّينِ.

[مُعَاوِيَةُ يَذُمُّ الرَّأْيَ]

قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه، - قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ثنا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَامَ مُعَاوِيَةُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا فِيكُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُوْلَئِكُمْ جُهَّالُكُمْ

فَهَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبْلٍ وَمُعَاوِيَةُ خَال الْمُؤْمِنِينَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنهم يُخْرِجُونَ الرَّأْيَ عَنْ الْعِلْمِ، وَيَذُمُّونَهُ، وَيُحَذِّرُونَ مِنْهُ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْفُتْيَا بِهِ، وَمَنْ اُضْطُرَّ مِنْهُمْ إلَيْهِ أَخْبَرَ أَنَّهُ ظَنٌّ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَرِيءٌ مِنْهُ، وَأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يُسَوِّغَ الْأَخْذَ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ لِاتِّبَاعِهِ وَلَا الْعَمَلِ بِهِ، فَهَلْ تَجِدُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ قَطُّ أَنَّهُ جَعَلَ رَأْيَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ دِينًا تُتْرَكُ لَهُ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُبْدِعُ وَيُضَلِّلُ مَنْ خَالَفَهُ إلَى اتِّبَاعِ السُّنَنِ؟ .

فَهَؤُلَاءِ بَرْكُ الْإِسْلَامِ، وَعِصَابَةُ الْإِيمَانِ، وَأَئِمَّةُ الْهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، وَأَنْصَحُ الْأَئِمَّةِ لِلْأُمَّةِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْأَحْكَامِ وَأَدِلَّتِهَا، وَأَفْقَهُهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ، وَأَعْمَقُهُمْ عِلْمًا، وَأَقَلُّهُمْ تَكَلُّفًا، وَعَلَيْهِمْ دَارَتْ الْفُتْيَا، وَعَنْهُمْ انْتَشَرَ الْعِلْمُ، وَأَصْحَابُهُمْ هُمْ فُقَهَاءُ الْأُمَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْكُوفَةِ كَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِالْمَدِينَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ،

ص: 48