الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الْأَخْضَرِ، قُلْتُ: فَالْأَبْيَضُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي» ، وَلَمْ يَقُلْ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَخْضَرِ وَالْأَبْيَضِ كَمَا يُبَادِرُ إلَيْهِ الْقِيَاسِيُّونَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقِيَاسَ خَارِجٌ عَنْ كِلَيْهِمَا.
وَتَقَدَّمَ قَوْلُ مُعَاذٍ: تَكُونُ فِتَنٌ يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ الْقُرْآنُ، حَتَّى يَقْرَأَهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَيَقْرَأَهُ الرَّجُلُ فَلَا يَتَّبِعُ، فَيَقُولَ: وَاَللَّهِ لَأَقْرَأَنَّهُ عَلَانِيَةً، فَيَقْرَأَهُ عَلَانِيَةً فَلَا يَتَّبِعُ، فَيَتَّخِذُ مَسْجِدًا وَيَبْتَدِعُ، فَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: إنَّكُمْ إنْ عَمِلْتُمْ فِي دِينِكُمْ بِالْقِيَاسِ أَحْلَلْتُمْ كَثِيرًا مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَحَرَّمْتُمْ كَثِيرًا مِمَّا أُحِلَّ لَكُمْ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ أَحْدَثَ رَأْيًا لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْرِ عَلَى مَا هُوَ مِنْهُ إذَا لَقِيَ اللَّهَ عز وجل.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْ الْمُكَايَلَةِ، يَعْنِي الْمُقَايَسَةِ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا جَعْفَرُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إيَّاكَ وَالْمُكَايَلَةَ، يَعْنِي الْمُقَايَسَةَ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدِثًا فَعَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ.
[فَصْلٌ ذَمِّ التَّابِعُونَ لِلْقِيَاسِ]
فَصْلٌ [التَّابِعُونَ يُصَرِّحُونَ بِذَمِّ الْقِيَاسِ]
وَكَذَلِكَ أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ وَتَابِعُوهُمْ يُصَرِّحُونَ بِذَمِّ الْقِيَاسِ، وَإِبْطَالِهِ، وَالنَّهْيِ عَنْهُ
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثنا ابْنِ عُلَيَّةَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنِي دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: الْقِيَاسُ شُؤْمٌ، وَأَوَّلُ مَنْ قَاسَ إبْلِيسُ فَهَلَكَ، وَإِنَّمَا عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِالْمَقَايِيسِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ شُرَيْحًا الْكِنْدِيَّ هُوَ الْقَاضِي قَالَ: إنَّ السُّنَّةَ سَبَقَتْ قِيَاسَكُمْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ ثنا وَهْبُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُد الْأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا لَهَا بَيَانٌ، إذَا سُئِلْتَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَبْتَ فِيهَا فَلَا تَتَّبِعْ مَسْأَلَتَكَ أَرَأَيْتَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43] ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْآيَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ إذَا سُئِلْتَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلَا تَقِسْ شَيْئًا بِشَيْءٍ، فَرُبَّمَا حَرَّمْتَ حَلَالًا أَوْ حَلَّلْتَ حَرَامًا، وَإِذَا سُئِلْتَ عَمَّا لَا تَعْلَمُ فَقُلْ: لَا أَعْلَمُ، وَأَنَا شَرِيكُكَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إيَّاكُمْ وَالْمُقَايَسَةَ؛ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنْ أَخَذْتُمْ بِالْمُقَايَسَةِ لَتُحِلُّنَّ الْحَرَامَ وَلَتُحَرِّمُنَّ الْحَلَالَ، وَلَكِنْ مَا بَلَغَكُمْ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحْفَظُوهُ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثنا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: السُّنَّةُ لَمْ تُوضَعْ بِالْقِيَاسِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ثنا صَالِحُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ لِي عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ يَوْمًا، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدَيْ: إنَّمَا هَلَكْتُمْ حِينَ تَرَكْتُمْ الْآثَارَ وَأَخَذْتُمْ بِالْمَقَايِيسِ.
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ يُبْطِلُ الْقِيَاسَ، فَقَالَ: أَخَذَ هَذَا عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيّ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ أَخْبَرْنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكَّارَ الْقُرَشِيُّ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الرَّبَعِيُّ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَقِسْ فَإِنَّا غَدًا نَقِفُ نَحْنُ وَمَنْ خَالَفَنَا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَنَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ اللَّهُ، وَتَقُولُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ: رَأَيْنَا، وَقِسْنَا، فَيَفْعَلُ اللَّهُ بِنَا وَبِكُمْ مَا يَشَاءُ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ إلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَكُنْتُ لَهُ صَدِيقًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ وَقُلْتُ لَهُ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَلَهُ فِقْهٌ وَعَقْلٌ، فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: لَعَلَّهُ الَّذِي يَقِيسُ الدِّينَ بِرَأْيِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: أَهُوَ النُّعْمَانُ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: نَعَمْ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَقِسْ الدِّينَ بِرَأْيِكَ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إبْلِيسُ؛ إذْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، فَقَالَ:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]
ثُمَّ قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كَلِمَةٍ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إيمَانٌ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ جَعْفَرٌ: هِيَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَلَوْ قَالَ " لَا إلَهَ " ثُمَّ أَمْسَكَ كَانَ مُشْرِكًا؛ فَهَذِهِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إيمَانٌ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، أَيُّهُمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ: قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، أَوْ الزِّنَا؟ قَالَ: بَلْ قَتْلُ النَّفْسِ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: إنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ شَاهِدَيْنِ وَلَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَا إلَّا أَرْبَعَةً، فَكَيْفَ يَقُومُ لَكَ قِيَاسٌ؟ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهُمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ: الصَّوْمُ، أَوْ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: بَلْ الصَّلَاةُ، قَالَ: فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ إذَا حَاضَتْ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، وَلَا تَقِسْ، فَإِنَّا نَقِفُ غَدًا نَحْنُ وَأَنْتَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَنَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عز وجل، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ: قِسْنَا، وَرَأَيْنَا، فَيَفْعَلُ اللَّهُ بِنَا وَبِكُمْ مَا يَشَاءُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: الْزَمْ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَمْرَانِ تَرَكْتُهُمَا فِيكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَسَيِّدَ الْعَالَمِينَ، يُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَلَا يُجِيبُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْوَحْيُ مِنْ السَّمَاءِ» ، فَإِذَا كَانَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا يُجِيبُ إلَّا بِالْوَحْيِ، وَإِلَّا لَمْ يُجِبْ، فَمِنْ الْجُرْأَةِ الْعَظِيمَةِ إجَابَةُ مَنْ أَجَابَ بِرَأْيِهِ، أَوْ قِيَاسُ، أَوْ تَقْلِيدُ مَنْ يُحْسَنُ بِهِ الظَّنُّ، أَوْ عُرْفٌ، أَوْ عَادَةٌ، أَوْ سِيَاسَةٌ، أَوْ ذَوْقٌ، أَوْ كَشْفٌ، أَوْ مَنَامٌ، أَوْ اسْتِحْسَانٌ، أَوْ خَرْصٌ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَقُولُ لِيَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْوُحَاظِيِّ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، احْذَرْ الرَّأْيَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ قِيَاسِهِمْ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ: قَالَ أَبِي: مَنْ لَمْ يَدَعْ الْقِيَاسَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَمْ يَفْقَهْ.
فَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَفْقَهُ مَنْ لَمْ يَدَعْ الْقِيَاسَ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَجْلِسُ الْقَضَاءِ، قَالُوا: فَتَبًّا لِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَفْقَهُ الْمَرْءُ إلَّا بِتَرْكِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ: مَا عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ إلَّا بِالْمَقَايِيسِ.
وَقَالَ دَاوُد بْنُ الزِّبْرِقَانِ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: ثنا الشَّعْبِيُّ يَوْمًا قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَصِيرَ الْجَهْلُ عِلْمًا وَالْعِلْمُ جَهْلًا، قَالُوا: وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: كُنَّا نَتَّبِعُ الْآثَارَ وَمَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ.