المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من ماتفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان - إنباء الغمر بأبناء العمر - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌سنة ست عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتسنة سبع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثماني عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثماني عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة تسع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة عشرين وثمانمائة

- ‌من الحوادث غير ما يتعلق بسفر السلطان

- ‌ذكر من ماتفي سنة عشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة أربع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر الحوادث الواقعة في هذه السنة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌سنة ست وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزاة قبرس الأولى

- ‌سنة تسع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزوة قبرس الكبرى

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 831 من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 832 من الاعيان

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ست وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر السفرة الشماليةفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب

- ‌ذكر الحوادثفي غيبة السلطان الأشرف بالقاهرة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة

- ‌من الحوادث

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

الفصل: ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان

وقد ولي قرقماش هذا بعد ذلك إمرة حاجب الحجاب مدة بالقاهرة ثم آل أمره إلى أن ركب على الملك الظاهر جقمق بعد أن كان هو القائم في سلطنته. فلم يتم له أمر وقبض عليه وسجن بالإسكندرية ثم قتل في سنة 842.

وفيها كان الطاعون الشديد بحلب حتى يقال مات فيه سبعون ألفاً وخلا أكثر البلد من الناس.

وفيها اشتد السلطان في أمر الأوقاف التي على المدارس والجوامع والمساجد والزوايا وأحواض السبيل والأخذ على أيدي مباشرتها وإلزامهم بالقيام بها، وبالغ قطلوبغا ناظر الأوقاف في إهانتهم وباشر بصرامة وقوة وشهامة، ثم طال العهد فتناول الرشوة وسقطت مهابته.

‌ذكر من مات

في سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان

.

إبراهيم بن أحمد، البيجوري الفقيه الشافعي برهان الدين، ولد في حدود الخمسين أو قبلها، وأخذ عن الأسنوي ولازم البلقيني، ورحل إلى الأذرعي بحلب سنة 777 وبحث معه. وكان الأذرعي يعترف له بالاستحضار وشهد له الشيخ جمال الدين الحسباني عالم دمشق بأنه أعلم الشافعية بالفقه، في عصره، وذكر جمال الدين ابن الأذرعي أن البيجوري كان ينسخ القوت كل مجلد في شهرين وفي كل ليلة ينظر على مواضع فيصلح الأذرعي بعضها وينازعه في بعضها، وقال محيي الدين المصري: فارقته سنة خمس وثمانين وهو يسرد الروضة حفظاً، وكان ديناً خيراً متواضعاً لا يتردد لأحد سليم الباطن لا يكتب على الفتوى تورعاً، وولي بأخرة مشيخة الفخرية بين السورين، وأجاز لأولادي. وكثر تأسف الناس عليه فإنه كان ينفع الطلبة جداً حتى كانوا يصححون عليه تصانيف العراقي فيهذبها ويهديهم إلى الصواب مما يقع فيها من الخطأ نقلاً وفهماً، وكانوا يطالعون العراقي بذلك فلا يزال الصلح في تصانيفه ما ينقلونه له عنه، ولم يكن في عصره من يستحضر الفروع الفقيهة مثله، ولم يخلف بعده من يقارنه في ذلك، مات في يوم السبت 14رجب، وكان على طريقة السلف.

إبراهيم بن محمد الشافعي برهان الدين ابن خطيب بيت عذراء، ولد سنة اثنتين وخمسين بعجلون، وقدم مع أبيه صغيراً، وكان أبوه خطيب عذراء فحفظ إبراهيم المنهاج واشتغل على شيوخ العصر، وأذن له ابن خطيب يبرود، ورحل إلى الأذرعي بحلب ورافق ابن عشائر وكان حينئذ يستحضر الروضة حتى كان يرد على الاذرعي في بعض ما بفتى به ويدل على المسألة في الروضة في غير مظنتها، وتصدى للقاضي شهاب الدين ابن أبي الرضى حتى أخذ عليه في ثلاثين فتياَ أخطأ فيها حتى نسبه في بعضها لمخالفة الإجماع مع شدة ذكاء ابن أبي الرضى إذ ذاك، وكان البلقيني يفرط في تقريظه والثناء عليه، ثم ولي قضاء صفد بعناية الشيخ محمد المغيربي، ثم عزل ثم أعيد، ثم أقام بدمشق من سنة ست وثمانمائة بطالاً وحصلت له فاقة، ثم حصل له تصدير بالجامع، وكان يحفظ كثيراً من شعر المتنبئ ويتعصب له ويحفظ أشياء من كلام السهيلي، وكان حسن الشكل سهل الانقياد سليم الباطن، وله شرح على المنهاج فيه غرائب، ولم يكن له يد في شيء من العلوم إلا الفقه خاصة، مات في سابع عشري المحرم بالفالج وقرر ابن منكلي بغا له في جامع ولده بحلب تدريساً وذلك في سنة ثلاث وتسعين فاتفق حضور الشيخ سراج الدين البلقيني صحبة الملك الظاهر فسأله أن يحضر إجلاسه، فلما حضر قال له: تدرس أنت أو أنوب عنك فقال: تكلم يا مولانا شيخ الإسلام! قال علاء الدين في تاريخه: كان يميل إلى القضاء كثيراً، ثم كرهه في آخر زمانه ونزل له نجم الدين ابن حجي عن نصف تدريسه الركنية، فدرس فيها قليلاً ومات.

أحمد بن إبراهيم بن المحلي، شهاب الدين الشاهد، سمع من أبي الفتح القلانسي وغيره، وأجاز لأولادي، وكان أحد الصوفية بالركنية بيبرس ويتكسب بالشهادة ببولاق جاوز الثمانين.

أحمد بهاء الدين بن الفخر عثمان بن التاج محمد بن إسحاق المناوي. كان قد استقر في وظائف أبيه شركة مع أخيه بدر الدين، ناب في الحكم، ودرس بالمجدية وغيرها، وكان حسن البشر والتودد محباً في أهل العلم، وقد عين للقضاء مرة وكانت نفسه تسمو إلى ذلك فلم يتفق له، ولما مات قررت وظائفه كلها بيد ولده علي وهو صغير جداً فاستنيب عنه خاله جلال الدين ابن الملقن، وكان موت بهاء الدين في رمضان وله نحو أربعين سنة.

ص: 284

أحمد بن محمد بن محمد بن أبي غانم بن الحبال، البسكري، مات يوم الجمعة سابع عشري شهر رجب من هذه السنة.

أحمد المعروف باليمني شهاب الدين أحد القراء بالجوق، تلمذ للشيخ شمس الدين ابن الطباخ وقرأ معه وحاكاه، وكان للناس في سماعه رغبة زائدة، ولم يخلف بعده من يقرأ على طريقته؛ مات في صفر.

أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح، المقدسي الأصل الدمشقي الصالحي الحنبلي صدر الدين بن تقي الدين. ولد سنة ثمانين وتفقه قليلاً، واستنابه أبوه وهو صغير واستنكر الناس ذلك، ثم ناب لابن عبادة وشرع في عمل المواعيد وشاع اسمه وراج بين العوام وكان على ذهنه كثير من التفسير والأحاديث والحكايات مع قصور شديد في الفقه، وولي القضاء استقلالا في شوال سنة سبع عشرة، فباشر خمسة أشهر ثم عزل، واستمر على عمل المواعيد؛ ومات في جمادى الآخرة.

ص: 285

حسن بن سودون، الفقيه، كان بارع الجمال في سلطنة المؤيد لكن أصيب في بصره فعشي إحدى عينيه، وتزوج ططر أخته قديماً فعظم في دولته، ثم تأمر تقدمة في ولاية ابن أخته الصالح محمد لكن لم يمتع بالإمرة فإنه لم يزل موعوكاً إلى أن مات في يوم الجمعة ثالث عشر صفر، وأسف أبوه عليه فصبر وتجلد، وكان موته سبب التغير والمنافرة بين الأميرين الكبيرين: طرباي وبرسباي.

سليمان بن إبراهيم بن عمر الفقيه نفيس الدين التعزي العلوي، نسبه إلى علي بن

سمع أباه وابن شداد وغيرهما، وعني بالحديث وأحب الرواية واستجيز له من جماعة من أهل مكة، وسمع مني وسمعت منه، وكان محباً في السماع، والرواية محثاً على ذلك مع عدم مهارة فيه فذكر لي أنه مر على صحيح البخاري مائة وخمسين مرة ما بين قراءة وسماع وإسماع ومقابلة، وحصل من شروحه كثيراً، وحدث بالكثير وكان محدث أهل بلده، وقرأ للكثير على شيخنا مجد الدين الشيرازي ونعم الرجل كان! لقيته بزبيد وبتعز في الرحلتين وحصل لي به أنس، وحدثني بجزء من حديثه يخرجه لنفسه زعم أنه مسلسل باليمنيين وليس بالأمر في غالبه كذلك: مات في ذي الحجة وقد جاوز الثمانين.

ص: 286

صالح بن شهاب الدين أحمد بن صالح السفاح، ولد سنة خمس وتسعين وأحضر على ابن أيذغمش وأسمع علي ابن صديق وقرأ شيئاً في النحو، ثم لما ولي أبوه كتابة السر استقر في توقيع الدست وناب عن أبيه، وكان محتشماً متودداً إلى الناس وافر العقل، ومات بالطاعون في جمادى الآخرة، وهو سبط القاضي شرف الدين الأنصاري قاضي حلب.

صالح بن عيسى بن محمد بن عيسى بن داود بن سالم، الصمادي كان جده سالم من تلامذة الشيخ عبد القادر، وبنيت لسلفه زاوية بصماد قبلي بصرى ونشأ هذا بزاويته، وله أتباع وشهرة، وكان له مزدرعات ومواشي ويضيف الواردين كثيراً، وكلمته مسموعة عند أهل البر؛ ومات في رمضان عن نحو السبعين.

صدفة بن سلامة بن حسين بن بدران بن إبراهيم بن حملة الضرير الجيدوري، ثم الدمشقي، ولد سنة بضع وخمسين، وعني بالقراآت فقرأ الشاطبية على العسقلاني إمام جامع ابن طولون، وقرأ التيسير على أبي الحسن الغافقي وأقرأ القراآت بالجامع الأموي وأدب خلقاً، وانتفعوا به، وله تواليف في القراآت؛ مات في عاشر جمادى الأولى.

عبد الرحمن بن محمد بن طولو بغا. النتكزي أسد الدين مسند الشام، ولد سنة

وسمع من

وتفرد وحدث، وحج في سنة أربع وعشرين فحدث بمكة، ورجع فمات بدمشق في 12 ذي القعدة من هذه السنة.

ص: 287

عثمان بن سليمان الصنهاجي من أهل الجزائر الذين بين تلمسان وتونس، رأيته كهلاً قد جاوز الخمسين وقد شاب أكثر لحيته، وطوله إلى رأسه ذراع واحد بذراع الآدميين لا يزيد عليه شيئاً وهو كامل الأعضاء، وإذا قام قائماً يظن من رآه أنه صغير قاعد. وهو أقصر أدمي رأيته. وذكر لي أنه صحب أبا عبد الله بن الفخار وأبا عبد الله ابن عرفة وغيرهما، ولديه فضيلة ومحاضرة حسنة علي بن أحمد بن علي المارديني سمع من ابن قواليح صحيح مسلم بدمشق وحدث عنه؛ ومات بمكة في شوال.

علي الملك صير الدين بن الملك سعد الدين محمد، ملك المسلمين بالحبشة وكان شجاعاً حتى يقال إنه زجر فرسه في بعض الوقائع وقد هزمه العدو وقد وصل إلى نهر عرضه عشرة أذرع فقطع النهر ونجا ملك بعد أبيه، وجرت له مع كفرة الحبشة وقائع عدة، وكان عنده أمير يقال له حرب جوس من الأبطال: مات صير الدين مبطوناً في هذا السنة، واستقر بعده أخوه

ص: 288

منصور.

عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد سراج الدين الخروبي، ولد سنة إحدى وأربعين وسبعمائة أو في التي بعدها، ولم أجد له سماعاً على قدر سنة ولو اعتنى به لأدرك الإسناد وقد كان له حرص على سماع الحديث فسمع بقراءتي كثيراً وجاوز الثمانين ممتعاً بسمعه وبصره وعقله، وكان كثير العبادة من صلاة وتطوع وصيام تطوع وأذكار، وتنقلت به الأحوال ما بين غني مفرط وفقر مدقع، فأول ما مات أبوه كان يعد من التجار، ثم ورث أباه هو وأخوه نور الدين الذي مات سنة ثلاث وثمانمائة فاتسع حاله وأثرى واشتهر بالمعرفة وحسن السيرة، ثم تناقض حاله فمات عمه تاج الدين بمكة سنة خمس وثمانين وأوصي وورث منه فأثرى، واتسع حاله، ثم تناقص إلى أن مات قريبهم محمد بن زكي الدين الخروبي في سنة أربع وتسعين وهو شاب فورث منه مالاً جزيلاً فتراجع حاله، ثم تناقص حاله إلى أن مات أخوه بدر الدين فورث ماله واتسعت دائرته وحسن حاله، ثم تناقص حاله بعد ثلاث سنين إلى أن ماتت أخته آمنه فورث منها مالاً جزيلاً فحسنت حاله ووفى كثيراً من دينه، ثم لم يزل بسوء تدبيره إلى أن مات فقيراً إلا أن ابنته فاطمة ماتت قبله في هذا السنة فورث منها شيئاً حسنت به حاله قليلاً لكنه مات وعليه ديون كثيرة، وخلف خمسة أولاد ذكور منهم شمس الدين محمد وكان ضيق اليد جداً فمات بمدينة بعلبك، وثانيه شقيقه شرف الدين محمد ثم عز الدين محمد. ثم بدر الدين محمد، ثم فخر الدين سليمان، فكان نابغتهم بدر الدين، فإنه كان حصل من تركة آمنه بغير علم أبيه قدراً جيداً، وأخذ من والدته، وهي تجار بنت ناصر الدين بن مسلم كبير التجار بمصر أبوها كان سيئاً كثيراً فأثرى وعمر بيتهم ثم لم يلبث أن مات في الطاعون العام سنة ثلاث وثلاثين،

ص: 289

ثم مات عز الدين سنة اثنتين وأربعين ولم يبق إلا شرف الدين وسليمان وهما في غاية القلة - فسبحان الذي لا يزول ملكه! فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم بعد أن كانوا يشار م بالأصابع في الثروة وصاروا كآحاد الناس بل في الحضيض.

غرير بن هيازع بن هبة الحسيني، أمير المدينة وأمير ينبع، كان وقع بينه وبين عجلان بن نعير ابن عمه أخو ثابت اختلاف كما كان بين أسلافهما فهجم غرير على حاصل المسجد فأخذ منه مالاً جزيلاً، فأمر السلطان أمير الركب بالقبض عليه، فقبض عليه في ذي الحجة وأحضر صحبة الركب إلى مصر، فاعتقل بالقلعة فمات بعد ثمانية عشر يوماً، وكان خاله مقبل بن بختيار أمير ينبع قد جهز قدر المال الذي نسب أنه أخذه وأرسل به مع قصاده إلى السلطان فبلغ القاصد أنه مات فرجع بعضهم إلى ينبع بالمال واختفى بعضهم بالقاهرة، وكان مدة إمرة غرير على المدينة ثماني سنين، وهو بالغين المعجمة مصغراً.

محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، الشريف بدر الدين الحسنين نقيب الأشراف بحلب، تقدم ذكر والده عز الدين وهو من شيوخنا بالإجازة، وولي هذا نقابة الأشراف بعد والده، قال القاضي علاء الدين في تاريخ حلب: كان بارعاً يستحضر شيئاً من التاريخ ويذاكر به ثم ولي كتابة السر بحلب في سنة إحدى وعشرين ومائتين من جهة المؤيد فجمع الوظيفتين، قال: وكان كتب وصية وجعلها في جيبه وصار يلهج بذكر الموت إلى أن وقعت وفاته في جمادى الآخرة وجاوز الأربعين بقليل وكان الجمع في جنازته مشهودا، أثنى عليه البرهان المحدث.

ص: 290

محمد بن أحمد أبو المعالي الجبتي الحنبلي شمس الدين، ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وسمع من عمر بن حسن ابن أميلة والعماد بن كثير وغيرها، وتفقه بابن قاضي الجبل وابن رجب وغيرهما، وتعانى الآداب فمهر، وكان فاضلاً مستحضراً مشاركاً في الفنون، وقدم إلى القاهرة في رمضان سنة أربع وثمانمائة وقد حدث ببعض مسموعاته وقص على الناس في عدة أماكن وناب في الحكم، وكان يحب جمع المال مع مكارم الأخلاق وحسن الخلق وطلاقة الوجه والخشوع التام ولا سيما عند قراءة الحديث. سمعنا بقراءته صحيح البخاري في عدة سنين بالقلعة وسمعنا من مباحثة وفوائده ونوادره وما جريانه، وكان حسن القراءة يطرب إذا قرأ ويحسن عمل المواعيد، وكان قد صحب العماد بن كثير فكان ينقل عنه الفوائد الجليلة، وناب في الحكم في بعض المجالس وكان لا يتصون. وولي بالقاهرة مشيخة الغرابية بجوار جامع يشبك ثم مشيخة الخروبية بالجيزة وبها مات فجأة فإنه اجتمع في يوم الثلثاء سادس عشري المحرم فهنأني بالقدوم من الحج ورجع إلى الجيزة في آخر نهار الأربعاء فمات ليلة الخميس وقت العشاء ثامن عشري المحرم وقد أكمل السبعين فرأيت في تاريخ ابن حجي في حوادث سنة اثنتين وثمانمائة في ذي القعدة وقع حريق بدمشق فانتهى إلى طبقة بالبراقية وهي بيد الشيخ شمس الدين الحبتي ولم يكن يسكنها، فوجدوا بها جراراً ملأى خمراً فكثرت الشناعة عليه عند تنم النائب، قلت: وكنت في تلك الأيام بدمشق وبلغني أنهم شنعوا عليه وأنه بريء من ذلك، وبعضهم

ص: 291

كان ينكر عليه ويتهمه وأمره إلى الله - عفا الله تعالى عنه! واستقر مكانه بالجيزة فضل الله بن نصر الله البغدادي.

محمد بن الجمال عبد الله. الرومي الحنفي صدر الدين، ناب في الحكم وكان حسن التودد ويتعمم دائماً على آذنيه.

محمد بن علي بن خالد، الشافعي شمس الدين المعروف بابن البيطار، سمع من عبد الرحمن بن الشيخ علي بن هارون المعاري مشيخة تخريج شيخنا العراقي وسمع من غيره ولازمنا في السماع على المشايخ كثيراً، وكان وقوراً ساكناً حسن الخلق كثير التلاوة.

محمد بن علي بن قرمان، الأمير ناصر الدين، كان أمير بقصرية ونكدة ولا رندة، وما والاها من البلاد الحلبية غيرها، ثم امتدت عينه إلى أخذ طرسوس وهو من معاملات حلب، وطمع فيها لوقوع الاختلاف بين الأمراء المصرية فحاصرها وملكها، فلما استقر المؤيد في المملكة جهز عسكراً فاستنقذها منه وقرر فيها نائباً، ثم جمع ابن قرمان جيشاً وتوجه إلى طرسوس فأخذها. فجهز المؤيد ولده إبراهيم في العسكر المقدم ذكره في سنة إحدى وعشرين فملكوا طرسوس وهرب منهم ابن قرمان، وسلموا طرسوس بأمر المؤيد لناصر الدين بن دلغادر.

واستقر في إمرة البلاد القرمانية على أخو ناصر الدين فلما

ص: 292

رجع إبراهيم إلى القاهرة وقع بين ابن قرمان وبين ابن دلغادر وقعة انهزم فيها ابن قرمان وأسر وحمل إلى القاهرة فدخلها وكان يوماً مشهوداً، فلما مات المؤيد أفرج عنه ططر وتوجه إلى بلاده في أوائل سنة أربع وعشرين، فاستمر إلى أن توجه إلى حصار بعض القلاع فأصابه حجر في جبهته فصرعه ومات في هذه السنة.

محمد بن علي بن أحمد، الزراتيتي المقرئ الحنبلي إمام الظاهرية البرقوقية الشيخ شمس الدين، ولد سنة سبع وأربعين، وعني بالقراآت ورحل فيها إلى دمشق وحلب، وأخذ من المشايخ، واشتهر بالدين والخير، سمع معنا الكثير وسمعت منه شيئاً يسيراً، ثم أقبل على الطلبة بأخرة فأخذوا عنه القراآت ولازموه وختم عليه جمع كثير وأجاز لجماعة، وانتهت الرئاسة في الإقراء بمصر ورحل محمد الأقطار وأجاز رواية مروياته لأولادي، ونعم الرجل كان!

ص: 293

مات في يوم الخميس سادس جمادى الآخرة بعد أن أضر.

محمد عز الدين بن الشيخ عز الدين بن محمد بن خليل بن هلال، الحاضري قاضي الحنفية، بحلب، قال البرهان المحدث بحلب: ولي القضاء فسار سيرة جميلة، مات بالطاعون.

محمد بن قاضي المسلمين شرف الدين موسى الأنصاري ولي الدين أبو زرعة خطيب الجامع الكبير بحلب؛ مات في رجب بالطاعون أيضاً.

محمد جلبي السلطان ويلقب كرشي ولد السلطان أبي يزيد بن مراد بن أرخان بن عثمان جق صاحب الأوجاق، وما معها من بلاد الروم.

ص: 294

محمد المعروف بابن المحب شمس الدين أحد قراء الجوق، وكان تلمذ للشيخ شمس الدين الزرزاي رفيق ابن الطباخ، فأخرجت جنازته هو وأحمد اليمني الماضي معاً وصلي عليهما.

محمود بن محمد، الأقصراي بدر الدين، كان مولده سنة بضع وتسعين، وتفقه واشتغل كثيراً ومهر. ولازم شيخنا عز الدين ابن جماعة وغيره من الأئمة، ودرس بالأيتمشية، ثم اتصل بالملك المؤيد فعظم قدره، ثم أقرأ ولده إبراهيم في الفقه وازداده منزلته عند الظاهر ططر، فلما كان في أوائل شوال سنة أربع اعتل بالقولنج الصفراوي فتمادى به إلى أن مات. كان فاضلاً بارعاً ذكياً مشاركاً في فنون. حسن المحاضرة مقرباً من الملوك، حسن الود، كثير البشر، قائماً في قضاء حوائج من يقصده، كثير العقل والتؤدة، وقد درس في التفسير بالمؤيدية وغير ذلك؛ مات في ليلة الثلثاء في المحرم ولم يبلغ الثلاثين.

يعقوب بن عبد الله، الخاقاني الفاسي، كان من أبناء البربر وتعلق بالاشتغال، فلما رأى الفساد الحادث بفاس بسبب الفتنة بين السعيد وبين أبي سعيد في سنة 17 فصار يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويكف أيدي المفسدين فتبعه جماعة وقويت شوكته، وحاول ملوك فاس القبض عليه فأعياهم أمره إلى أن قتل أبو سعيد، وأرسل ابن الأحمر يعقوب المريني إلى فاس فلم يتم الأمر، فأرسل أبا زيان ابن أبي طريف ابن أبي عفان فحاصر فاس، وقد اشتدت شوكة يعقوب الخاقاني واستفحل أمره، ففتك فيمن بقي من بني مرين وساعد أبا زيان وقام بأمره، فدخل فاس وقتل عبد العزيز الكناني وعدة من أقاربه - كما تقدم ذكره في سنة أربع وعشرين. ثم أرسل ابن الأحمر محمد بن أبي سعيد فعسكر على فاس، ففر منه أبو زيان فمات ببعض الجبال، وقتل يعقوب الخاقاني، ثم مات محمد عن قرب فأقيم ابن أخيه عبد الرحمن، فثار به أهل فاس فقتلوه وقتلوا ولده وأخاه وأقاموا رجلاً من ولد أبي سعيد، وقام بمكناسة

ص: 295

وهي على مرحلة من فاس أبو عمر بن السعيد، وقام بتازي وهي على مرحلة ونصف من فاس شخص من ولد السعيد أيضاً، فصار في مسافة مرحلتين ثلاثة ملوك ليس بأيديهم من المال إلا ما يؤخذ ظلماً، فتلاشى الحال وخربت الديار وقتلت الرجال، والحكم لله العلي الكبير! نقلت هذا من خط الشيخ تقي الدين المقريزي عمن نقله من بعض من يثق به من المغاربة القادمين إلى الحج - والعلم عند الله تعالى.

ص: 296