الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاثين وثمانمائة
أولها السبت ففي الثامن منه خلع على نجم الدين بن حجي بقضاء الشام عالى قاعدته وصرف الشريف شهاب الدين فأقام قليلاً، ثم أمر السلطان بسفره إلى الشام بطالاً، فأول شيء صنعه ابن حجي أنه قرب أبا أسامة الذي كان أثبت عليه المال الجزيل فيما مضى ظلماً وعدواناً فأحسن إليه، ثم استدعى منه أن يثبت على الشريف نظير ما أثبت عليه، فأجابه إلى ذلك فبادر وفعل، وطولع السلطان بذلك فألزم الشريف بما ثبت عليه وعد ذلك من العجائب، واشتهر أبو أسامة بالأحكام الباطلة، واستعاذ كل مسلم من شره لجرأته على الأمور الفظيعة، فخشى عاقبة ذلك فتحزل إلى القاهرة فسكنها مدة، ثم أخرج منها بعد لا بارك الله فيه. وكان صرف الشريف من وظيفة القضاء مما يعد من الخوارق، فإنه لم يكن بقي أحد من أهل الدولة له مال إلا وتعصب له أن يستمر، فعاكس السلطان الجميع.
وفي المحرم نودي على أهل الذمة أن يصغروا عمائمهم وأن لا يدخلوا الحمامات مع المسلمين ومن دخل منهم فليكن في عنقه جلجل أو طوق حديد إلى أشياء كثيرة اخترعها المحتسب تبعاً لغيره، فضجوا من ذلك ورفعوا أمرهم إلى السلطان، فأحضر القضاة في ثالث عشر المحرم وسألهم ما يجب عليهم! فتقر الحال أن لا يدخلوا الحمام إلا بخيط في رقبة ويكون فيه خاتم من حديد أو رصاص، وأن لا يتعرض لعمائمهم الملونة كبرت أو صغرت، وأن نساءهم يتميزن من النساء المسلمات بشيء يكون قدر الكف أو أصغر من لون عمائم رجالهن؛ فصنع ذلك وكتب على أكابرهم والتزموا به.
وفيها صرف خشرم عن إمرة المدينة وأعيد عجلان.
وفي ذي الحجة منع من البيع في داخل المسجد الحرام، ومن نصب الصواوين داخله، ومن نقل المنبر عند خطبة الجمعة من مكانه بجانب المقام إلى ظهر الكعبة.
وفي أواخر شعبان تكلمت مع السلطان في أن لا يطفأ القناديل في رمضان إلا قبيل طلوع الفجر لما يحصل للناس من الإجحاف ممن ينام ثم يستيقظ عطشان فلا يجد القناديل تقد فيظن أن الأكل والشرب حرم وليس كذلك، فوافق السلطان على ذلك ثم عقد لذلك مجلس، فاتفق من حضر على أنه يترتب على ذلك أن يغلط من كان يعرف العادة المستمرة فيبطل صومه، فتوقف الأمر واستمرت العادة - ولله الأمر.
وفي هذه السنة صرف أبو السعادات محمد بن أبي البركات محمد بن أبي السعود ابن ظهيرة عن قضاء مكة واستقر الجمال محمد بن علي الشيبي، ولما حج مع الناس استقر في مباشرة الحكم، وأمر بسد أبواب الحرم كلها إلا أربعة أبواب، فحصل للناس بذلك مشقة شديدة فكان ما سنذكره.
وفيها وصلت من الهند من صاحب بنجالة هدايا جليلة لجماعة من الناس خصوصاً الشيخ علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري ثم الهندي نزيل القاهرة، ووصلت أيضاً هدايا من صاحب الهند.
وفي العشر الأخير من شعبان انكشفت رأس بعض المماليك وهو يلعب بالرمح، فظهر أنه أقرع فضحكوا منه. فسأل السلطان أن يقرره شاد القرعان، فكتب له مرسوم بذلك، فكان يدور على الناس فمن ظن به أنه أقرع كشف رأسه فإن وجده أقرع أخذ منه ثلاثة دراهم فضة وثلثاً ثم اضمحل أمره بعد قليل.
وفيها قدم سودون نائب الشام، ثم رجع إلى إمرته بعد عشرة أيام، وصرف أزدمر شايه عن إمرته بالقاهرة وقرر حاجباً بحلب.
وفيها خرج عرب الشرق من الحجاز على أهل الركب العراقي فانتهبوهم، وكان من جملتهم ولدان لحسن بن عجلان كانا انتجعا المشرق، فأكرمهما الملوك اللنكية وغيرهم ورجعا بمال ونهب، وذهبت للتجار العراقيين أموال عظيمة كثيرة جداً.