الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالبركة وهدمها وبنى بها دارا جديدة ورام انتزاعها من ورائه، فتعصب له جماعة عند السلطان، فطلب ابن الهيصم وأهانه، وانتزع منه المستندات التي تشهد له بملك الدار المذكورة ووقفها، وهذه الدار صارت بعد ذلك ملكاً لابن مزهر، ثم بيعت بعده إلى أن صارت لابن كاتب المناخات ثم لزوجته فوقفتها، وقد تقدم استقرار تاني بك في نيابة دمشق نقلاً من حلب وذلك بعد موت تاني بك ميق بدمشق، ولما كان في السنة المقبلة أظهر العصيان فكان ما سنذكره
ذكر من مات
في سنة ست وعشرين وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن مبارك شاه الإسعردي الخواجا التاجر المشهور صاحب المدرسة بالجسر الأبيض، كان كثير المال واسع العطاء كثير البذل بخلاف قريبه الخواجا شمس الدين بن المزلق؛ فمات هذا في رجب مطعوناً ولم يكمل الستين، وعاش ابن المزلق
…
بعده دهراً طويلاً.
أحمد بن رسلان السفطي أحد من جد ومهر إلى أن صار يستحضر الكثير من الفروع الفقهية ويباحث ويستشكل ويفهم قليلاً وهو من كبار الطلبة بالخانقاه الشيخونية؛ مات في ربيع الأول وقد أكمل الستين.
أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، العراقي الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو زرعة، ابن شيخنا وأستاذنا حافظ العصر شيخ الإسلام زين الدين، ولد في ذي الحجة سنة 762، وبكر به أبوه فأحضره عند المسند أبي الحرم القلانسي في الأولى وفي الثانية، واستجاز له من أبي الحسن الفرضي، ثم رحل به الشام في سنة خمس وستين وقد طعن في الثالثة، فأحضره عند جمع كثير من أصحاب الفخر ابن البخاري وأنظارهم، ثم رجع فطلب بنفسه وقد أكمل أربع عشرة سنة، فطاف على الشيوخ، وقرأ بنفسه، وكتب الطباق وفهم الفن، واشتغل في الفقه والعربية والمعاني والبيان، وأحضره مجلس الشيخ جمال الدين الأسنوي ومجلش الشيخ شهاب الدين ابن النقيب وغيرهما، وأسمع على أبي البقاء وقبله القاضي عز الدين ابن جماعة، وأقبل على التصنيف فصنف أشياء لطيفة في فنون الحديث، ثم ناب في الحكم وأقبل على الفقه فصنف النكت على المختصرات الثلاثة، جمع فيها بين التوشيح للقاضي تاج الدين السبكي وبين تصحيح الحاوي لشيخنا ابن الملقن، وزاد عليهما فوائد من حاشية الروضة للبلقيني ومن المهمات للأسنوي، وتلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرأوه عليه، واختصر أيضاً المهمات وأضاف إليها حواشي البلقيني على الروضة، وكان لما مات أبوه تقرر في وظائفه، فدرس بالجامع الطولوني وغيره، ثم استقر شيخاً بالجمالية بعد موت همام الدين، ثم ولى القضاء الأكبر كما تقدم، وصرف عنه فحصل له سوء مزاج من كونه صرف ببعض تلامذته بل ببعض من لا يفهم عنه كما ينبغي، فكان يقول: لو عزلت بغير فلان ما صعب علي! واستيعاب قضاياه يطول، وكان من خير أهل عصره بشاشة وصلابة في الحكم وقياماً في الحق وطلاقة وجه وحسن خلق وطيب عشرة؛
مات في يوم الخميس السابع والعشرين من رمضان - رحمه الله تعالى! أكمل ثلاثاً وستين سنة وثمانية أشهر، ودفن بجنب أبيه - رحمهما الله تعالى.
أحمد بن عبد الله، القزويني شهاب الدين نقيب الحكم، وكان حنفياً يستحضر كثيراً من الأحكام المتعلقة بمذهبه، وباشر ذلك عند ابن الطرابلسي وولده مدة، ثم لما عزل أمين الدين بابن العديم اتصل هو بالجلال البلقيني فقرره نقيباً مضافاً لغيره، فاستمر هو ومات ابن مخلوف، ثم مات السثيني وكان لا بأس به لولا مكر فيه ودهاء، ولما ولى العراقي رام الاستقرار عنده فأبعده، فلما ولي البلقيني الأصغر خدمه إلى أن مات بعد ضعف شديد مدة، وكان مولده في سنة 761؛ ومات في شهر ربيع الأول.
أحمد بن عثمان بن يوسف، الخرتباوي البعلي، ولد سنة 771، واشتغل على ابن اليونانية والعماد بن يعقوب وسمع عليهما، ثم ولي قضاء بعلبك ثم قدم دمشق، وكان فاضلاً في الفقه وغيره، وعنده سكون واجماع وعفة؛ مات في جمادى الأولى مطعوناً. تاني بك الذي يقال له ميق ولي إمرة الحجوبية بالديار المصرية وولي أتابكا بها ثم ولي نيابة دمشق، كان قد خاف من الطاعون فصار ينتقل يميناً وشمالاً، فلما ارتفع الطاعون عاد إلى دمشق فمات بغير الطاعون يوم الاثنين 8 شعبان - وقد تقدم ذكره في الحوادث.
خديجة بنت الملك الأشرف شعبان بن حسين زوج قاسم البشتكي، وهي آخر أولاد الأشرف من النساء وفاة، وكانت توصف بعقل ورئاسة.
خليل بن عبد الوهاب بن سليمان، الأنصاري صلاح الدين ابن نجم الدين ابن السيرجي، ولد سنة 747، وتفقه قليلاً وباشر كثيراً من أوقاف المدارس كالشامية الجوانية،
وكان قوي النفس كثير الحشمة والكرم، وكان أعيان الفقهاء يترددون إليه، وهو الذي عمر الشاميتين بعد حريقهما في فتنة اللنك، ثم ضعف جانبه وقوي عليه الحكام، وصارت إقامته بالمجدل وقف الشامية، وآل أمره إلى فقر شديد؛ ومات في شهر رمضان، وهذا آخر من بقي من آل بيتهم.
داود بن عبد الرحمن بن داود، الشوبكي الأصل المعروف بابن الكويز علم الدين أبو عبد الرحمن. مات في صبيحة يوم الاثنين سلخ رمضان بمنزله ببركة الرطلي بعد أن طال مرضه كما تقدم سببه في الحوادث. وكنت عدته في نصف رمضان فوجدته صحيح العقل والبدن لا يشكو ألماً ولكنه غلب عليه الوهم بحيث أنه في أثناء كلامه كان يجزم بأنه ميت من تلك الضعفة، وكانت أمور المملكة في طول مدة مرضه لا تصدر إلا عن رأيه وتدبيره، وكان يجتمع بالسلطان خلوة ويذكر أنه إذا ركب يتأذى بالركوب كذلك إن دخل الحمام أو الجامع كان أبوه من أهل الشوبك ثم سكن الكرك وهو نصراني يتعانى الديونة واسمه جرجس، فلما كان سنة سبع وستين ضيق يلبغا على جميع النصارى الملكية خصوصاً الشوابكة واتهموا بأنهم مالؤا الإفرنج على الإسكندرية، فأسلم هو وكثير منهم وتسمى عبد الرحمن، وخدم نائب الكرك وتقرب منه حتى قرره في كتابه السر، ثم تحول إلى حلب فخدم كمشبغا الكبير وقدم معه القاهرة صاحب ديوانه، ورأيته شيخاً طوالا كبير اللحية،
ونشأ ابنه علم الدين هذا ترفا صلفا مسعود الحركات، فصاهر ابن أبي الفرج، وكان أخوه خليل أسن منه، ثم اتصلا بشيخ نائب الشام قبل سلطنته فخدماه وهو ينوب في طرابلس ثم في دمشق ثم في حلب، ثم قدما معه القاهرة فعظم شأنهما وكبر قدرهما، وباشر علم الدين نظر الجيش بطرابلس ثم بدمشق، وامتحن هو وأخوه في وقعة صرخد وصودرا، ثم لما تسلطن المؤيد تقرر في نظر الجيش، ثم اختص بالظاهر ططر وتقرر عنده كاتب السر في أيامه، وصولح ولده بعد موته على أربعين ألف دينار، وكان يتدين ويلازم الصلاة ويصوم تطوعاً ويتعفف عن الفواحش ويلازم مجالسة أهل الخير مع طول الصمت، فكان يستر عواره بذلك إلا أنه لما ولى كتابة السر افتضح للكنة فيه وعدم فصاحة وضبطت عليه ألفاظ عامية، ومع ذلك فكان وقاره وحسن تدبيره وجودة رأيه تستر عواره، واستقر بعده في كتابة السر قريبه جمال الدين يوسف وكان قد قدمه في عهد المؤيد وقرره في نظر الجيش بطرابلس، فاتفق أن الأشرف لما ولى نائبها في أيام المؤيد تقرب إليه وخدمه فصارت له به معرفة فلما مات علم الدين قرره في وظيفته، فباشرها قليلا بسكون وعدم شره وتلطف بمن يقصده وحلاوة لسان ثم صرف بعد قليل، كما سيأتي ذكره في التي بعدها. ومن فعلاته المستحسنة - أي صاحب الترجمة - أنه لما كان بشقحب صحبة الظاهر راجعاً إلى مصر إستأذنه في زيارة القدس فتوجه من طريق نابلس، فشكا إليه أهل القدس والخليل ما أضر بهم من أمر الجباية وكانت لنائب القدس، وتحصل منها لفلاحي القرى إجحاف شديد ويتحصل للنائب ألوف دنانير، ولمن يتولى إستخراج ذلك ضعفه، فلما رجع إستأذن السلطان في إبطال هذه المظلمة، فأذن له وكتب بها مناشير، فقرئت بالقدس والخليل، وكثر الدعاء له بسبب ذلك،
مات في يوم الإثنين سلخ شوال ولم يبلغ الخمسين.
زينب بنت الملك الظاهر برقوق، كانت من الجمال بمكان ثم تزوجت بعد أبيها
…
ثم تزوجها
…
ثم تزوجها الملك المؤيد ومات عنها، فكانت بنت سلطان وأخت سلطان وزوج سلطان، وتزوجت بعد المؤيد قجق العيساوي، وماتت في عصمته في ليلة السبت 28 ربيع الأول، وهي آخر أولاد الظاهر لصلبه وفاة، وكانت أرأس إخوتها، وأمها أم ولد رومية.
سالم بن سالم بن أحمد بن سالم بن عبد الملك بن عبد الباقي بن عبد المؤمن بن عبد الملك، المجد المقدسي الحنبلي، يجتمع مع القاضي موفق الدين عبد الله بن عبد الملك في عبد الملك، اشتغل في بلاده ثم قدم القاهرة سنة 64، وأقام بها إلى أن ولى قضاء الحنابلة بعد موت الموفق أحمد ابن نصر الله في سنة ثلاث وثلاثمائة، ولم يزل مستقراً فيه إلى أن صرف بعلاء الدين ابن مغلى في أوائل سنة ثماني عشرة، فاستمر خاملاً إلى أن مات وليس بيده سوى تدريس الجمالية ومدرسة حسن، وضعف مدة متطاولة وخلف عدة أولاد صغار أسنهم مراهق، وكان مولده سنة ثمان وأربعين، وتفقه واشتغل حتى مهر ونبغ في المذهب وشارك في الفنون، وكان يستحضر المحرر في الفقه، وناب في الحكم، وعاش سبعاً وسبعين سنة، وكان الناصر فرج يثق به، وأرسله مرة إلى الصعيد للحوطة على تركة ابن عمر ثم صار يأتمنه على ما يصنع يده عليه من الأموال، وكان يبالغ في النصيحة له في ذلك، فمقته الناس لإعانته على الظلم، ولعله كان معذوراً فالله يسمح له.
سودون الفقيه كان كبير الشراكسة تلمذ للشيخ لاجين الجركسي وكان أعجوبة في دعوى العلم والمعرفة مع عدمهما، وكان الكثير منهم يعتقد أنه لابد أن يلي السلطنة، كما كانوا يزعمون ذلك في شيخه، واتفق أن زوج إبنته وهو الظاهر ططر ولى السلطنة فارتكبت من يتعصب له في الشطط وقال: ظهر المراد في ططر، فلم ينشب ططر أن مات، ولم يحظ سودون في ولايته بطائل فضلا عما بعدما، وكان يكثر سؤال من يجالسه عن الشئ المعضل، فإذا أجابه عنه نفر منه قائلاً: ليس الأمر كذلك، ثم يعيد الجواب بعينه مظهراً أنه غيره، وله من ذلك عجائب، مات في 12 صفر.
عبد الله بن محمد القرافي جمال الدين، مهر في العربية، وأخذ عن الشيخ أبي الحسن الأندلسي، وعمل مقدمة لطيفة يتوصل بها إلى معرفة الإعراب بأسهل طريق، وانتفع به جماعة، مات في ربيع الأول.
عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل، القلقشندي ثم القدسي زين الدين إبن الشيخ شمس الدين سبط الشيخ صلاح الدين العلائي، اشتغل على أبيه وغيره، وأحب الحديث وطلبه، وكتب الطباق بخطه، وصنف ونظم، وكان فاضلا نبيها، سمع معي في الرحلة إلى دمشق كثيراً بها وبنابلس والقدس وغيرهما، وصار مفيد بلده في عصره، وقدم القاهرة في هذه السنة فأسمع ولده بها من جماعة، وكان حسن العقل والخط حاذقاً، رجع إلى بلده فمات بها وأسفنا عليه - رحمة الله تعالى.
عبد الرحمن بن محمد بن صالح، المدني قاضي طيبة زين الدين، ولد سنة...... وسمع من
…
وحدث قليلا وكان مزجى البضاعة، أقام في قضاء المدينة وخطابتها نحواً من ثلاثين سنة إلا أنه عزل في أثناء ذلك وأعيد مراراً، مات ليلة السبت في صفر، واستقر في وظيفته ولده أبو الفتح محمد.
عبد العزيز بن علي بن أحمد، النويري ثم المكي العقيلي عز الدين، تفقه على مذهب الشافعي وحفظ الفقه، ومهر، وقرأ سنن أبي داود على الشيخ سراج الدين البلقيني سنة اثنتين وثمانمائة، وكان أبوه مالكي المذهب فخالفه، وأقام بالقاهرة مدة وأخذ عن شيوخها، وأذن له الشيخ برهان الدين الأبناسي وبدر الدين الطنبذى، ثم دخل اليمن وولى القضاء بتعز ثم رجع إلى مكة فمات في هذه السنة بها في 21 ذي الحجة، وما أظنه جاوز الخمسين ثم رأيت مولده سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
عبد القادر ويدعى محمد ابن قاضي الحنابلة علاء الدين علي بن محمود ابن المغلي، السلماني ثم الحموي الحنبلي، مات وقد راهق، وقد نبغ وحفظ المحرر وغيره ونشأ على طريقة حسنة، وأسف أبوه عليه جداً ولم يكن له ولد غيره، فمات في نصف ذي القعدة.
عبد الوهاب
…
بن تاج الدين ابن الرملي ناظر الدولة، ولد سنة أربعين أو قبلها بسنة، وتنقل في الخدم إلى أن ولي نظر الدولة بالقاهرة فاستمر على ذلك مدة، ثم شاركه صهره سعد
الدين البشيري مدة طويلة، ثم استقل البشيري بالوزارة، واستمر هو إلى أن مات، وقد أحضره المؤيد ليحاسب الهروي على ما احتاجه من أموال القدس والخليل، فسأله عن مولده فقال: لي الآن اثنان أو ثلاث وثمانون سنة، وكان ذلك في سنة 22 وكان قد أسن وارتعش، ومات مفصولاً قبل موته بدون السنة، وكان يحب أهل الخير ويكثر الصدقة ويتبرأ من تناول المكس والأكل من ثمن ما يكون منه وكان يقول: أنا أستدين جميع ما آكله وألبسه حتى لا أتعاطى الحرام بعينه والله أعلم بغيبه.
علي بن رمح بن سنان بن قنا نور الدين، تفقه، وسمع من عز الدين ابن جماعة وابن القارئ وغيرهما ولكنه لم ينجب وصار بآخرة يتكسب في حوانيت الشهود إلى أن مات، وهو أحد الصوفية بالخانقاه البيبرسية، جاز الثمانين.
علي بن محمد بن محمد بن سالم بن موسى بن سالم بن أبي المكارم بن إسماعيل بن عبد السلام إمام الدين بن العميد. والعميد لقب عبد السلام المذكور، وكان العميد قاضي دمياط، وولي عدة من آباء إمام الدين القضاء، ثم ولي هو قضاء دمياط مدة ثم ولي قضاء المحلة، وكان عارفاً بالشروط قليل العلم، وجلس مع الموقعين مدة وناب في الحكم بالقاهرة، وكان بشوشاً جميل المعاشرة خبيراً بأمور الدنيا، مات في مستهل شعبان وله خمس وسبعون سنة.
عمر بن عبد الله بن عامر بن أبي بكر بن عبد الله سراج الدين الأسواني نزيل القاهرة، تعاني الآداب وسلك طريق المتقدمين في النظم، وكان عريض الدعوى كثير الازدراء لمن ينظم الشعر من أهل عصره، لا يعد أحداً منهم شيئاً ويقول: شعرهم بعر مقزدر، هو يقول: من يجعل لي خطراً على أي قصيدة شاء من شعر المتنبي حتى أنظم أجود منها!
وكان قد دخل الشام وأخذ عن أدبائها ثم قدم القاهرة فاستوطنها من سنة تسعين، ولم يكن نظمه بقدر دعواه إلا أن ابن خلدون كان يطربه ويشهد له بأنه أشعر أهل العصر بعد ابن خطيب داريا، وكان للأسواني مشاركة في لغة وقليل من العربية، وما علمته ولي شيئاً من الوظائف، وقد حضر عندي في إملاء شرح البخاري، وأملي على الطلبة من نظمه أبياتاً في معرفة أسواق العرب في الجاهلية وهي رجز، وسمعت من لفظه قصيدة مدح بها المؤيد لما تسلطن بعناية الأدمي فغض منه البارزي، وكان يجتدي بشعره ويقلد المانة من يسمعه منه، ومن عنوان نظمه قوله:
إن ذا الدهر قد رماني بقوم
…
هم على بلوتي أشد حثيثاً
إن أفه بيهم بشيء أجدهم
…
لا يكادون يفقهون حديثا
واتفق بأخرة أنه مدح أبا فارس صاحب تونس فأرسل إليه بصلة، قيل إنها مائة دينار فقبضها وهو موعوك، فنزل المارستان فطال ضعفه ثم عوفي، فذكر بعض أصحابه أنه كان دفنها وغيرها في مكان، فلما رجع ووجدها جعلها في مكان آخر وانتكس فضعف أياماً يسيرة، مات بالمارستان ولم توجد الذهبية المذكورة ولا غيرها، مات في ربيع الأول وقد جاوز الستين.
عمر بن محمد، الصفدي - بنون مفتوحة ثم ياء تحتانية ساكنة ثم نون - زين الدين، اشتغل قديماً ومهر حتى صار يكاد يستحضر الكفاية لابن الرفعة، وأخذ عن علاء
الدين حجي بدمشق وأنظاره، وسمع من ابن قواليح، وناب في الحكم في بلاد عديدة في معاملات حلب، ثم قدم القاهرة قبل سنة عشرين ونزل بالمؤيدية في طلبة الشافعية، ومات بها في جمادى الأولى وقد جاوز السبعين بل قارب الثمانين، فإنه ذكر ما يدل على أن مولده في حدود الخمسين، وكان كثير التقتير على نفسه، ووجد له مبلغ فوضع بعض الناس يده عليه ولم يصل لوارثه منه منه شيء - عفا الله عنه.
فارس بن عبد الله، الخازندار الرومي الطواشي، مات في النصف من المحرم، وكان قد تقدم في الدولة المؤيدية، وجود الخط على الشيخ عبد الرحمن بن الصائغ، وحفظ القرآن وتلاه على جماعة، واستقر بعده خشقدم خازندارا.
قطلوبغا التنمي أحد أمراء الألوف ثم ناب بصفد، مات في ليلة السبت سنة ست وعشرين ربيع الأول بدمشق بطالا -.
محمد بن الحسين بن عبد المؤمن
…
الكازوروني ثم المكي جمال الدين أبو أحمد
المؤذن، وله سنة بضع وأربعين، وأحضر على تاج الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي سعد الشهاب الهكاري والعز بن جماعة والنور الهمداني، وولي رئاسة المؤذنين بالحرم الشريف بعد البهاء عبد الله بن علي الكازوروني؛ ومات في ربيع الأول.
محمد بن خالد شرف الدين الشنشي - بفتح الشينين المعجمتين بينهما نون مفتوحة - كان موقع الحكم للشافعية، وكان ماهراً في صناعته، قوى الهمة شديد الجلد متثبتاً، لم يزل يحضر الدروس طالباً الوظائف المتعلقة به مع كبر السن إلى أن انقطع قدر شهر ومات في ثامن ربيع الآخر وقد جاوز الثمانين؛ ولو كان تصدى لسماع الحديث لأدرك إسناداً عالياً.
محمد بن عبد الله بن عمر بن يوسف، المقدسي الصالحي الحنبلي المعروف بابن المكي شمس الدين. ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وتفقه قليلاً وتعانى الشهادة، ولازم مجلس القاضي شمس الدين ابن التقي، وولي رئاسة المؤذنين بالجامع الأموي وكان من خيار العدول عارفاً جهوري الصوت حسن الشكل، طلق الوجه منور اشيبة؛ مات في جمادى الأول بعد أن أصيب بعدة أولاد كانوا أعيان عدول البلد مع النجابة والوسامة فماتوا بالطاعون.
محمد بن علي بن أحمد، الغزي الحلبي المعروف بابن الركاب شمس الدين، ولد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة بغزة، وتعاني الاشتغال بالقراآت فمهر، وقطن بحلب، واشتغل في الفقه بدمشق مدة، ثم أقبل على التلاوة والإقراء فانتفع به أهل حلب، وكان قد أقرأ غالب أكابرهم، وأقرأ الفقراء بغير أجرة، وممن قرأ عليه قاضي حلب علاء الدين ابن خطيب الناصرية، وكان قائماً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواظبة الإقراء مع الهرم؛
مات في تاسع عشر شهر ربيع الأول.
محمد بك بن علي بك قرمان، ناصر الدين تملك البلاد القرمانية مات في صفر من حجر أصابه في جبهته في حربه مع قرايلك.
محمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الدائم البرماوي، مات ولم يبلغ العشرين، وكان قد مهر وحفظ عدة كتب، وتوجه مع أبيه إلى الشام فمات بالطاعون، فأسف عليه أبوه ولم يقم بالشام بعدها بل قدم القاهرة، وأحسن الله عزاه.
محمد المعروف بابن النحاس المقرئ في الجوق، شمس الدين، كان صاهر الشيخ شمس الدين الزرزاي، وقرأ على طريقته لكن لم يكن يدانيه بل كان في رفقته من يقرأ أطيب صوتاً منه لكن تقدم عليهم بالسكون وكثرة المال؛ مات في ربيع الأول.
محمد القادري الصالحي الشيخ، كان منقطعاً بزاوية بصالحية دمشق، وله أتباع ولهم أذكار وأوراد وينكرون المنكر، وشيخهم قليل الاجتماع بالناس، وكان بين المنقبض والمنبسط؛ مات في رجب بالطاعون.
محمد القباقبي الشيخ شمس الدين الحنبلي الصالحي، كان من قدماء الحنابلة ومشايخهم، وكان يتبذل ويتكلم بكلام العامة ويفتي بمسألة الطلاق وقد أنكرت عليه غير مرة، ولم يكن ماهراً في الفقه؛ مات في ذي القعدة وقد قارب الثمانين.