المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة - إنباء الغمر بأبناء العمر - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌سنة ست عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتسنة سبع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثماني عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثماني عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة تسع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة عشرين وثمانمائة

- ‌من الحوادث غير ما يتعلق بسفر السلطان

- ‌ذكر من ماتفي سنة عشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة أربع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر الحوادث الواقعة في هذه السنة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌سنة ست وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزاة قبرس الأولى

- ‌سنة تسع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزوة قبرس الكبرى

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 831 من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 832 من الاعيان

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ست وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر السفرة الشماليةفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب

- ‌ذكر الحوادثفي غيبة السلطان الأشرف بالقاهرة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة

- ‌من الحوادث

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

الفصل: ‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة

‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة

أولها الثلاثاء بلا نزاع، فإن الهلال غاب ليلة الثلاثاء قبل العشاء بنحو نصف ساعة، وفي الحساب أولها الإثنين، وفي أول يوم منها أوفى النيل، ثم كسر الخليج في يوم الأربعاء الثاني منه، واستمرت الزيادة إلى يوم وصول العسكر، واستهلت ونحن بالطريق إلى غزة، ورحل السلطان منها يوم الخميس يوم عاشوراء، وساق على الطريق التي توجه فيها، وأرسل إلى القدس خمسة آلاف دينار صدقة، وكان الوصول إلى بلبيس يوم الجمعة ثامن عشرة، ومات ما بين غزة وبلبيس من الجمال والبغال والحمير والخيول مالا يحصى كثرة بحيث صارت الأرض منتنة الرائحة مع شدة الحر، ووصل إلى خانقاه سرياقوس ليلة السبت، فأصبح فدخل القاهرة في موكب عظيم جداً، وشق القاهرة وأمامه الخليفة والقضاة والأمراء. وزينت له المدينة. وبعد يومين وصل الحاج وأخبروا بالرخاء والأمن وأنه مات منهم في طريق المدينة خلق كثير من شدة الحر، وأمطرت السماء مطراً غزيراً، فنقص النيل نقصاً فاحشاً وكان انتهى إلى سبع عشر إصبعاً من ثمانية عشر ذراعاً، فبادروا إلى كسر سد الأميرية فظهر النقص فيه، وانكشف كثير من الأراضي، واستشعر الناس الغلاء فبادروا إلى خزن الغلال - والله المستعان.

ثم تراجعت الزيادة إلى أن نودي بإصبع من ثمانية عشر، ثم عاد النقص وأظنه لكسر الصليبي، فنودي في يوم الأحد عاشر صفر الموافق لثالث عشر توت بإصبع لتكملة ستة عشر إصبعاً

ص: 510

من سبعة عشر ذراعاً، وبلغ سعر القمح مائة وثمانين بعد أن كان بتسعين، والفول بمائة وعشرة، والشعير كذلك، وامتدت الأيدي إلى تحصيل الغلال إما للمؤنة وإما للتجارة فاشتد الخطب - ولله الأمر! ومع ذلك فلطف الله بأهل مصر لطفاً عظيماً كما سيأتي بيانه بحيث أن جميع من خزن القمح ندم على ذلك لعدم إرتفاع سعره في طول المدة، وفيها أرسل يوسف بن محمد بن يوسف ابن محمد بن يوسف بن محمد بن الأحمر إلى أبي عبد الله محمد بن نصر بن أبي عبد الله بن الأحمر المعروف بالأيسر عسكراً حاصره وهو بالمرية، وكان من شأنه أنه ثار على محمد بن الموال ففر إلى مالقة فجمع عسكراً ونازل ابن الموال فغلب عليه فقتله، ثم ثار عليه محمد بن يوسف والد يوسف المذكور فغلب على غرناطة، ففر الأيسر إلى تونس فأقام في كنف أبي فارس حتى جهز معه عسكراً إلى غرناطة، فملكها ثالث مرة وقتل محمد بن يوسف، فثار عليه يوسف ولده فقتله وكان صحبة أبي فارس منذ قتل أبوه، فلما مات أبو فارس توجه إلى صاحب فنشالة الفرنجي فأمده بعسكر، وكتب إلى أهل رندة ومالقة وغيرها أن يعينوه، وإلى أهل غرناطة أن يطيعوه، وتهددهم إن خالفوه، فسار يوسف فملك رندة ودخل غرناطة وفر منه الأيسر واستقر فيها، فلما كان في هذه السنة جهز إلى الأيسر عسكراً وهو بالمرية.

وفي شعبان طلب من البلاد بالوجه البحري خيول، فوظف على كل بلد فرس واحد، وعلى البلد الكبير إثنان أو ثلاثة، وإن لم يوجد فيه خيل أخذ عوض الفرس خمسة آلاف، فكانت مظلمة حادثة، - وفيه - في التاسع والعشرين منه كان ختان يوسف ابن السلطان الذي ولي السلطنة بعد أبيه ولقب العزيز وعمره يومئذ نحو تسع

ص: 511

سنين، أو هو ابن عشر ودخل في الحادية عشرة، وختن معه عدة من أولاد الأمراء وغيرهم، وكان مهماً حافلاً؛ ورأيت في كتاب بعض من يذكر الحوادث أن امرأة طلقت وهي حامل فكتمت حملها وتزوجت، ثم طلقها الزوج فتزوجت بثالث ثم بعد ذلك أخذها الطلق ووضعت ولداً صورته صورة الضفدع في قدر الطفل، فسترها الله بأن أماته - قرأت ذلك بخط الشيخ تقي الدين المقريزي، وأعيد التاج إلى ولاية القاهرة عند قدوم السلطان إلى القلعة وعزل دولات خجا، ثم أعطى ولاية القليوبية والمنوفية في ربيع الآخر، وانتهت زيادة النيل إلى سبعة عشر ذراعاً وسبعة عشر إصبعاً، ثم نقص بعد النيروز دفعة واحدة قدر ذراع ثم عادت الزيادة إلى أن كاد يكمل السابع عشر، فنقص أيضاً قدر خمسة عشر إصبعاً، ثم عادت الزيادة في العشرين من توت فتناهت إلى قدر عشرين إصبعاً من السابع عشر، ثم عاد النقص واستمر وشرقت غالب البلاد العالية من الصعيد الأعلى فما دونه، وشرق بعض بلاد الجيزة وما والاها، ومع ذلك لطف الله تعالى بالمسلمين في هذه السنة المباركة لطفاً عظيماً بحيث أن سعر القمح مع ارتفاعه قليلاً لم ينقطع الواصل منه، واستمر ذلك إلى أن جاء المغل الجديد وتناقص السعر، وفي صفر أعيد آقبغا الجمالي إلى كشف الوجه القبلي، وفي ليلة السبت تاسع ربيع الأول هبت ريح شديدة قلعت كثيراً من الأشجار بدمياط من أصولها، فتساقطت نخيل كثيرة وفسدت أشجار الموز، وفسد كثير من الأقصاب، وأسف كثير من الناس على ما تلف من ماله،

ص: 512

وشاع أن في أوائله وقع سراق الفرنج على سبعة مراكب للمغاربة المسلمين، فأسروا من فيها، ونهبوا الأموال والبضائع، وأحرقوا ثلاثة منها وساروا بأربعة، وفي ثامن عشر ربيع الأول أخرج إقطاع الأمير - الكبير - سودون بن عبد الرحمن وكان نائب الشام وأمر بلزوم بيته، فأرسل سودون في صبيحة ذلك اليوم جميع ما عنده من الخيل والجمال والبغال للسلطان، ولم يقرر في المارستان أحداً ولا في الأتابكبية، وأضيف الإقطاع إلى الديوان المفرد، ثم أمر بنفيه إلى دمياط في جمادى الآخرة، فاستمر بها إلى أن مات، والعجب أنه ولد له في ذا الشهر مولود من جارية ولم يكن له ولد ذكر، وقيل إنهم تكلموا مع السلطان في إحضاره إلى القاهرة ثم لم يتم ذلك وفي يوم الخميس ثاني عشر شهر ربيع الآخر نزل السلطان في عدد يسير فدخل المرستان وقرر أمره ونادى بأنه الناظر عليهم، ومن كانت له حاجة أو ظلامة فليحضر إلى باب السلطان! وفيه استقر إينال الششماني في نيابة صفد بحكم وفاة مقبل. - وفيه - في ثالث عشرى شوال استقر خليل بن شاهين الصفوي في نظر الإسكندرية، وكان أبوه يسكن القدس ونشأ ابنه هناك، ثم قدم القاهرة وتزوج أخت خوند جلبان زوج السلطان فعظمت حرمته، وسعى في حجوبية الإسكندرية ثم في نيابتها.

وفي صفر ألزم الوزير بحمل ما يوفر من العليق في ديوان الدولة وفي ديوان المفرد، فكان جملته سبعين ألف إردب،

ص: 513

وفي ربيع الأول عملت مكحلة لرمي المنجنيق من نحاس وزنها مائة وعشرون قنطاراً بالمصري، ونصبت خارج باب القرافة، ورموا بها إلى جهة الجبل بأحجار زنة بعضها قدر ستمائة رطل.

وفيه وصل كتب من دمياط بأنه هبت بها رياح عاصفة - فتقصفت نخيل كثيرة، وتلفت أشجار الموز وقصب السكر من الصقيع -، وانهدمت عدة دور، - وفزع الناس من شدة الريح حتى خرجوا إلى ظاهر البلد - وسقطت صاعقة فأحرقت شيئاً كثيراً، ثم نزل المطر فدام طويلاً.

وفيها وقع بمكة سيل عظيم طبق ما بين الجبلين، وانهدمت بمكة دور كثيرة، ووصل الماء إلى قرب باب الكعبة، وطاف بعض الناس سبحاً، وأقام الماء يوماً بالحرم إلى أن صرف، وفاضت زمزم إلى أن شرع الماء بها هدراً قرأت في كتاب علي بن إبراهيم الأبي الزبيدي نزيل مكة لما كان في ليلة الحادي والعشرين من جمادى الأولى وقع بمكة مطر غزير سالت منه الأودية وكانت ليلة الجمعة، فأصبحوا وقد صار في المسجد ارتفاع أربعة أذرع - ماء -، فأزيلت عتبة باب إبراهيم فخرج الماء من المسفلة، فبقى من الطين في المسجد نحو نصف ذراع، وتهدمت في تلك الليلة دور كثيرة، ومات تحت الردم جماعة،

ص: 514

وقرأت في كتاب صاحبنا شهاب الدين الجرهي أنه تلف له كتب كثيرة من السيل، وعقب هذا السيل وباء.

وفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الآخرة وعك السلطان فاستمر بالقولنج خمسة أيام ثم تماثل وعدته فوجدته كما به، ثم عدته في أول يوم من شهر رجب فوجدته تماثل، ثم صلى الجمعة ثاني شهر رجب وكانوا أرجفوا بموته وتحزبوا أحزاباً، ووجل الناس من إثارة الفتنة، وفي أوائل شعبان قرئ البخاري في القلعة على العادة، وحضر شخص عجمي يقال له شمس الدين - محمد - الهروي ويقال له ابن الحلاج كهل من أبناء الأربعين ادعى أنه يعرف مائة وعشرين علماً، فأظهر بأواً عظيماً وشرع يسأل أسئلة مشكلة، وظهرت منه أمور تدل على إعجاب زائد فآل أمره إلى أن وقعت منه أمور أنكرت من جهة المعتقد، فزجر فخذل بعد ذلك وصار كآحاد الطلبة، واعتذر بعد ذلك أن بعض الناس أغراه بذلك ظناً منه أن ينقص من قدر كاتبه، فأبى الله ذلك وحاق المكر السيئ بأهله - ولله الحمد! وفيه في الجملة ذكاء وعلى ذهنه فوائد كثيرة وعنده استعداد ويعرف الطب، وعدت عليه سقطات، وبحث مع سعد الدين بن الديري فلم يحبه، وقرر من جملة المشايخ ورتب له ما يكفيه.

ص: 515

وفيه استعفى الوزير كريم الدين من الوزارة وشكا من كثرة المصروف وقلة المتحصل، فاسترضى بزيادة بلد أضيفت له فاستمر، ثم تغيب في يوم السبت ثالث عشرى رجب بعد أن طلع القلعة، واستقر في الوزارة أمين الدين إبراهيم الذي كان ولي نظر الدولة، وهو ولد مجد الدين عبد الغني ابن الهيصم الذي كان ولي نظر الخاص في دولة الناصر فرج، ولبس الخلعة في هذا اليوم المذكور، وهرع الناس للسلام عليه بمنزله ظاهر باب القنطرة بالقرب من الميس، فلما كان يوم الثلاثاء استقر ولده وهو صغير السن في نظر الدولة، وألبس خلعة لذلك وشغرت الأستادارية، وتكلموا مع السلطان في استقرار جانبك مملوك ناظر الجيوش عبد الباسط فيها فأجاب لذلك، ثم بطل ذلك وسعى ناظر الجيش في إعفائه، - وتغيظ السلطان على المباشرين، وألزم ناظر الخاص فيما قيل بالمباشرة فيها، واستعفى - فأمر أن ينادي بأمان الأستادار، فبلغه ذلك فظهر، وذلك في السابع والعشرين منه، وطلع إلى السلطان، فخلع عليه قباء كان عليه، ونزل إلى داره وفرح الناس - به - وكان يوماً مشهوداً - تم في.... -، ومن حوادث سنة 37 أنه أحصى من في الإسكندرية من الحاكة فوجد فيها ثمانمائة نول، وكان ذلك وقع في سنة 797، فبلغوا أربعة عشر ألف نول بمباشرة جمال الدين محمود الأستادار، ونحو هذا أن كتاب الجيش أحصوا قرى مصر قبلها وتحررها، فبلغت عدتها ألفين ومائة وسبعين قرية؛ وقد ذكر بعض القدماء في أوائل دولة الفاطميين أن عدتها عشرة آلاف.

وفيها أعيد جلال الدين أبو السعادات على القضاة في جمادى الآخرة عوضاً عن الجمال محمد بن علي الشيبي، وفي رجب سافر الناس صحبة أرنيغا إلى مكة.

ص: 516

وفي ذي القعدة استقر الشيخ شمس الدين محمد - بن أحمد - المالكي الفرياني المغربي في قضاء نابلس شافعياً وسافر إليها، وهو كثير الإستحضار للتواريخ، وكان يتعانى عمل المواعيد بقرى مصر وبدمياط وبلاد السواحل، وصحب الناس، وهو حسن العشرة نزهاً عفيفاً، وقد حدث بحلب عن أبي المجالس البطرني وما أظنه سمع منه فإنه ذكر لنا أن مولده سنة ثمانين ببلده وكان البطرني بتونس ومات بعد سنة تسعين، ورأيت له عند أصحابنا بحلب إسناداً للمسلسل بالأولية مختلفاً إلى السلفي وآخر أشد اختلافا منه إلى نصر الوائلي، وسئلت عنهما فبينت لهم فسادهما، ثم وقفت مع جمال الدين ابن السابق الحموي على كراسة كتبها عنه بأسانيده في الكتب الستة أكثرها مختلق وجلها مركب، وأوقفني الشيخ تقي الدين المقريزي له على تراجم كتبها له بخطه كلها مختلفة إلا الشئ اليسير - والله المستعان! ثم وقفت على ذلك بخط الفرياني المذكور وهو بضم الفاء وتشديد الراء بعدها ياء آخر الحروف وبعد الألف نون.

وفي رمضان ألزم السلطان القاضي بدر الدين ابن الأمانة بالحج لأنه ترجم له بأنه من المياسير وأنه قارب الثمانين ولم يحج فسأله فقال؛ حججت وأنا صغير، فقال: لا بد أن

ص: 517

تحج حجة الإسلام هذه السنة، فأجاب وحج ورجع سالماً، وجرى نظيره للعراقي فمات كما تقدم، ومن العجب أن ابن الأمانة لما ألزم تكره ذلك كثيرا؛ وفي يوم السبت عاشر ذي الحجة يوم عيد الأضحى ولد لمحمد ولدي ابنة سماها بيرم، ثم ماتت عن قرب بعد أن استهلت السنة، وفي يوم السبت خامس عشرى ذي الحجة وافق سابع مسرى كسر الخليج على العادة، وحصل للناس السرور بالوفاء، وكانت الوقفة بمكة يوم الجمعة، وكان الحج كثيراً، وحج جقمق وهو يومئذ أمير سلاح في أواخر ذي القعدة على الرواحل وصحبته خلق كثير، فحج ورجع أيضاً في العاشر من المحرم.

وفي هذه السنة كثر فساد الفرنج الكتيلان، فأخذوا عدة مراكب للتجار وأسروا من فيها، وباعوهم أسرى، وكاتب صاحبهم السلطان ينكر عليه إلزامه للفرنج بشراء بضائعه من الفلفل وغيره، فمزق السلطان كتابه لما قرئ عنه.

وفي التاسع والعشرين من شعبان ليلة السبت تراءى الناس الهلال فلم يروه، وأجمع أهل الفن أنه تغيب مع غيبوبة الشمس، فحضر ولد شهاب الدين أحمد بن قطب الدين

ص: 518

محمد بن عمر الشيبي فأخبر أنه رأى الهلال، وكان المحتسب حاضراً وكانوا كتبوا الورق على العادة بتضمن عدم الرؤية، وحضرت إلى السلطان فقلت للمحتسب: استصحب هذا معك، فتوجه به فذكر أنه صمم على أنه رآه، فسأل السلطان عنه فأثنوا عليه لكونه يقرب لجليس السلطان ولي الدين ابن قاسم، فأمر بالعمل بما يقتضيه الشرع، فحكم الحنبلي بمقتضى شهادته ونودي في الناس بالصيام، وذكر أن الناس بمد عدة ثلاثين تراءوا الهلال ليلة الإثنين فلم يروه، ولم يجئ أحد من البلاد يخبر برؤيته ليلة الأحد، لكن نحن اعتمدنا على حكم الحنبلي وأكملنا العدة ثلاثين ولم نتعرض للترائي ومن زعم أن الناس خرجوا للترائي فقد وهم، وإنما شاع أن بعض الناس تراءى فلم ير شيئاً، واتفق أن غالب الجهات المتباعدة وكثيراً من المتقاربة عيدوا يوم الإثنين.

وكان وفاء النيل في الثامن عشر من ذي الحجة، وصادف أنه أول يوم من مسرى وكان في العام الماضي تأخر إلى العشر الأخير منه، فبسبب ذلك التأخير وهذا الإسراع وقع الوفاء في أول العام وفي آخره، ولكن لزم منه أنه لم يقع في العام المقبل وفاء بل تأخر إلى أن دخل العام الذي يليه، فصار كالعام الوفاء مرتين وخلا عن العام الذي يليه، وهو من النوادر.

وفيها كانت لا ينال الأجرود النائب بالرها وقعة مع التركمان، وسببها أن بعض أتباعه كان في تسيير خيله فوقع بطائفة منهم فثار بهم فقتل منهم، فخرج إينال نجدة له - فخرج عليه كمينهم - فوقع بينهم قتال فقتل بين الطائفتين جماعة ودخل إينال المرقب فبلغ ذلك السلطان فكتب إلى نائب حلب قرقماس أن يتوجه بالعسكر إلى الرها، وكتب إلى سائر الممالك الشامية أنهم إن تحققوا نزول قرايلك على الرها أن يتقدموا بعساكرهم إلى اللحاق بقرقماس لقتال قرايلك.

ص: 519