المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌من الحوادث فيها تولية دولات خجا كشف منفلوط واستقرار علاء الدين - إنباء الغمر بأبناء العمر - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌سنة ست عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتسنة سبع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثماني عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثماني عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة تسع عشرة وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع عشرة وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة عشرين وثمانمائة

- ‌من الحوادث غير ما يتعلق بسفر السلطان

- ‌ذكر من ماتفي سنة عشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة أربع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر الحوادث الواقعة في هذه السنة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌سنة ست وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزاة قبرس الأولى

- ‌سنة تسع وعشرين وثمانمائة

- ‌ذكر غزوة قبرس الكبرى

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع وعشرين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 831 من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة 832 من الاعيان

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمس وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ست وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر السفرة الشماليةفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب

- ‌ذكر الحوادثفي غيبة السلطان الأشرف بالقاهرة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة

- ‌من الحوادث

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

الفصل: ‌ ‌من الحوادث فيها تولية دولات خجا كشف منفلوط واستقرار علاء الدين

‌من الحوادث

فيها تولية دولات خجا كشف منفلوط واستقرار علاء الدين علي ابن محمد ابن الطبلاوي الذي كان والياً في الأيام الناصرية فرج وبعدها في الولاية، وكان له مدة طويلة خاملاً، فاستقر في سابع عشر جمادى الأولى.

وفيها استقر جلبان نائباً بطرابلس نقلاً من حماة، واستقر قانبائي الحمزاوي في نيابة حماة نقلاً من إمرته بالقاهرة، واستقر خجا سودون عوضاً عن قانبائي، وأضيف إقطاع سودون خجا للوزير تقوية له.

وفي هذا الشهر جدد سودون المحمدي سقف الكعبة وأتقنه، وحمل إليه من الرخام من القاهرة لمرمة الحجر وشاذروان البيت.

وفيها كانت الوقعة بين الأمراء وبين عرب هوارة فقتل منهم جماعة، فعين السلطان يوم السبت أول يوم من جمادى الآخرة وهو السادس من كانون الثاني كريم الدين الذي كان أستادارا ووزير كاتب المناخات فتوجه لكشف الوجه القبلي وألبس خلعة بزي الأمراء وفرح الناس بذلك، وصحبه محمد الصغير الذي كان كاشفاً قبله ودويداراً في خدمته، وأمر على الدم ولي الكشف القبلي أيضاً والوجه البحري مرة أخرى، واستمر ناظر الخاص رأس نوبة بين يديه فتوجه إلى الصعيد فأصلح أحوال العرب ورجع، والسبب في ذلك أن تغري برمش أمير آخور خرج في السرحة التي جرت بها العادة فالتزم له الكاشف واسمع محمد الصغير بمقدار من المال عن السرحة، فبلغ ذلك أكابر العرب فتحالفوا على أن لا يعطوا أحدً شيئاً ووقع بينهم تناوش، فراسل أمير آخور السلطان، فجرد له جماعة من أكابر الأمراء فتوجهوا في هذه السنة وكان ما سيأتي.

ص: 542

وفيها وثب فياض بن ناصر الدين محمد بن دلغادر على ابن عمه حمزة أمير مرعش فأخرجه واستقر بها بغير تولية من السلطان، فتوجه الأمير قرقماس نائب حلب فقبض على فياض المذكور وولاها لابن عمه حمزة بك بن علي بن بك بن دلغادر، فبلغ ذلك ناصر لدين بك والد فياض المذكور وهو يومئذ أمير الأبلستين وقيصرية فشق عليه، وجهز قرقماس فياضاً المذكور إلى القاهرة فسجن بالقلعة.

فبعث ناصر الدين زوجته خديجة والدة فياض تشفع في ولدها وجهز معها هدية ومفاتيح قيصرية وأن يكون زوجها ناصر الدين بك نائباً عن السلطان فيها، فوصلت حلب في رمضان فوصلت القاهرة في آخر شوال، فقبلت هديتها وأفرج عن ولدها وأعطي نيابة مرعش، واستقر أبوه على حاله بقيصريه، وكان إبراهيم بن قرمان راسل السلطان أن يعطيه قيصرية على أن يحمل كل سنة عشرة آلاف دينار وغيرها، فأمره قرقماس نائب حلب أن يتجهز إلى أخذها ويسلمها لابن قرمان، فوقع لصاحبها ما ذكر فبطل ذلك، وفي أثناء ذلك لجأ حمزة إلى ابن عمه سليمان بن ناصر الدين بك واجتمع جانبك الصوفي الذي كان أميراً بمصر وسجن بالإسكندرية وهرب من أول الدولة الأشرفية بعد أن اختفى ثلاث عشرة سنة واستمرار السلطان في التنقيب عليه، فجز داوداره ومحمد بن كند غدي ابن رمضان إلى ناصر الدين بك ابن دلغادر بالأبلستين فحلفاه على أنه إذا قدم عنده جانبك الصوفي لا يسلمه ولا يخذله، ثم اجتمع جانبك بسليمان بن دلغار فتلقاه هو وأمراؤه وأمراء قلماس بن كبك ومحمد ابن قطلبك ونزلوا بملطية فجاء إليهم ناصر الدين بك ثم توجهوا جميعاً إلى محمد بن قرا يلك وهو بقلعة كركر فقواهم ثم نازلوا قلعة ديركي وضايقوا أهلها بالحصار وجاء قاصد شاه رخ إلى قرا يلك يأمره بالمسير إلى قتال إسكندر بن قرا يوسف فترك جابي بك الصوفي ومن معه بدوركي وتوجه بجماعته إلى ملطية فحاصرها فمشى عليه إسكندر وأغار على أرزن الروم فأخذها ففر قرا يلك إلى آمد فأقام بها ثم خرج إلى ارقنين فلما كان في صفر سنة تسع وثلاثين التقى إسكندر بن قرا يوسف وقرا يلك على أرزن الروم، فخرج على قرا يلك كمين لإسكندر فهزمه، فلما كاد يؤخذ رمى بنفسه في خندق المدينة فغرق، فطلع به أولاده بعد ذلك فدفنوه هناك، فجاء إلى اسكندر من عرفه بذلك، فأرسل من

ص: 543

أخرجه من قبره بعد ثلاثة أيام وحز رأسه ورأس اثنين من أولاده، وثلاثة من ألزامه وأرسلهم إلى القاهرة فنصبت على باب زوبلة، وذلك في ربيع الأول وزينت القاهرة فرحاً بذلك، وأكرم السلطان قصاد الإسكندر وأعطاهم مالاً وقماشاً بقدر عشرة آلاف دينار، وكتب سليمان بن دلغادر إلى جانبك الصوفي بأنه معه معيناً له على مقاصده، فاغتر بذلك فاجتمعا بملطية، فبالغ في إكرامه والمناصحة له، وأقاما على ذلك مدة، ثم خرجا يوماً للصيد والتنزه فأبعدا في ذلك، وكان جانبك قد رتب فرسانه وجماعته على حصار ديركي، فقبض أصحاب سليمان على جانبك وقيدوه، وسرى به سليمان على الدمس ليلة كاملة حتى صبح الأبلستين فسجنه، وراسل السلطان الملك الأشرف يعلمه بالقبض عليه.

وفيها جرد أربعة أمراء من الألوف إلى عرب البحيرة، والسبب في ذاك أن وكانت طائفة من عرب لبيد قحلت بلادهم فدخلوا البحيرة وصالحوا أهلها، فمكنوهم من التوجه إلى عرب محارب بالوجه القبلي، فنزلوا في الأراضي التي بارت من الزرع وطلع فيها مرعى يقال له الكتيح - بكاف ومثناة ومهملة مصغر - فلم يمكنهم الكائف من الرعي فيه إلا ببذل مال، فأنفقوا من ذلك ووقع بينهم قتال، فكان ذلك سبب بعث الأمراء فنهبوا منهم كثير من جمالهم وفروا من أيديهم، فرجع الأمراء في شعبان.

وفي رمضان الوافق لبرمودة من أشهر القبط عند دخول فصل الصيف وقع بمصر مطر غزير دلفت منه البيوت وجاء سيل عظيم بحيث أقام بالصحراء أياماً.

ص: 544

وقرأت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي ورأيت في كتاب ورد من أرض الحبشة فيه: وفي أول رجب أي سنة ثمان وثلاثين غزا الأمير خير الدين أخو السلطان مدلاي بن سعد الدين بلاداً للقرم فتح سبعة أبواب من أبواب الحطى وانتصر عليهم، وقتل أميراً من ألزام الحطى وحرق بلادهم، وأخذ من المال غنيمة شيئاً كثيراً وقتل منهم عدداً كثيراً، ورجعوا ومعهم من الذهب والفضة والزرد والدروع والوصفان كثير، ولم يسوقوا شيئاً من الإبل والبقر والغنم ولا العجائز والشيوخ بل جعلوا عليهم علامات، وخربوا ست كنائس وعدة قرى ورد ألف بنت من المسلمين، ووصفوا خير الدين بعدل كثير والرخاء عندهم كثير.

وفيها مات الحطى ووقع الخلف بعده. ثم اتفقوا على صبي صغير وسلطانهم مدلاي عادل خير.

وفيها وقع الوباء في بلاد المسلمين والكفار فمات به خلق كثير جداً، وفي شوال منها خرج خير الدين أيضاً غازياً.

وفيها في شعبان راجت الفلوس التي ضربها السلطان عن كل درهم ثمانية عدداً منها وأبطل الفلوس الأول، وصار الرطل من هذه بحساب سبعة وعشرين درهماً ومن القديمة بثمانية عشر، فكانت تؤخذ من الباعة وتحمل لدار الضرب لتضرب جديدة وتمشي الأمر على ذلك ولكنها قليلة لعدم الاعتناء بكثرتها لقلة المتحصل منها.

وفيها نقل قانصوه النورزي من نيابة طرسوس إلى الحجوبية بحلب، ونقل الحاجب طوغان إلى إمرة مائة بدمشق، وقرر يوسف ابن فلدوا في نيابة طرسوس.

وفي ربيع الأول استقر سراج الدين عمر بن موسى الحمصي في قضاء حلب نقلاً من قضاء طرابلس عوضاً عن بهاء الدين ابن حجي، ويقال إنه بذل ثلاثة آلاف دينار، واستقر

ص: 545

شمس الدين محمد بن علي بن عمر بن علي بن مهنا بن أحمد الصفدي في قضاء دمشق عوضاً عن شمس الدين بن الكشك، وشرط عليه بذل ألفي دينار، فلما وصل إليه التوقيع والخلعة امتنع ورحل إلى القاهرة مستعفياً، وكان قد أقام في قضاء طرابلس مدة طويلة، ثم ولي قضاء دمشق عوضاً عن شهاب الدين ابن الكشك ثم صرف وأعيد ابن الكشك، فلما رحل السلطان إلى جهة حلب قرره لما رجع في عدة بلاد نزعها من نواب ابن الكشك واستمر ابن الكشك في القضاء، فلما مات ابن الكشك أمل أن يعود فقدم عليه ولد ابن الكشك على مال كثير بذله واستقر هذه المدة اللطيفة ثم صرف، فلما امتنع ابن الصفدي من الوالية بالشرط المذكور واستعفى أعفي ورجع إلى دمشق من فوره على ما بيده من المدارس واستمر ابن الكشك ثم ألزم ابن الصفدي بالتوجه إلى صفد فسار إليها فيما قيل، ولد في ذي القعدة سنة 775، وذكر أنه سمع موطأ القعنبي على ابن حبيب الكمال قرأ عليه ابن فهد منتفى منه وقرأه عليه كاملاً صاحبنا البقاعي ثم ظهر بطلان لهما ورجعا عن روايته لاشتباهه عليهما.

وفيه ثار شمس الدين الهروي على القاضي علم الدين صالح، وادعى أن بيده وظائف كثيرة بغير شروط الواقفين، فتعصب له ناظر الجيش ودافع عنه، واستمر على ما بيده واندفع الهروي بذلك، ثم عمل ناظر الجيش مولده في السابع والعشرين من الشهر أرسل إليه فأصلح بينهما - والله المستعان.

شهر ربيع الآخر أوله الأربعاء بالرؤية، في أوائله منع الوالي السقائين من الملء من الخليج الحاكمي ثم الناصري، ونقص الماء إلى أن صار في مقدار الوفاء، فكانت مدة ما انتفع أهل البلد بالخلجان نحو المائة يوم، وفي الرابع منه وقعت زلزلة لطيفة وزالت بسرعة.

ص: 546

وفي أوله وصلت البنادقة وهم تجار القطائع من الفرنج الذي يسمونها القطائع فتأخروا عن عادتهم نحو العشرين يوماً ولم يصلوا في العام الماضي، وعجلوا عن عادتهم في الذي قبله بنحو الشهرين، ولم يحفظ ذلك فيما مضى بل الذي تمادى عليه حالهم أنهم يصلون في أول العشر الثاني من بابة ويرجعون في أوائل هاتور، فألزم السلطان التجار بعدم البيع إلى أن يباع ما يتعلق به، وطلب من الفرنج أن يشتروا منه الفلفل بمائة وعشرين كل جمل، فامتنعوا وتراضوا مع نائب الإسكندرية إلى أن يشتروا منه ثلاثمائة جمل بسعر كل جمل بمائة، ومشوا ولم يشتروا من المسلمين جملاً واحداً، وكسدت بضائع التجار واشتد أسفهم وشق عليهم ذلك مشقة شديدة - والأمر بيد الله.

وفي السادس منه - ووافق ثاني عشر هاتور - أمطرت السماء وقت العصر، وسرح السلطان في هذا اليوم ورجع وقد صاد، وفي أواخر امشير في العشر الأخير من رجب وقع برد شديد، وحصل المطر أياماً وسر الناس بذلك، وتمادى البرد نحوا من عشرة أيام أشد مما كان في طوبة وكهيك، ثم عاد فراح الوقت كما كان، وفي الجملة من نحو ثلاثين سنة ما عهد أقل برداً من فصل الشتاء في هذه السنة.

وفي نصف شوال أعيد التاج الوالي إلى ولاية القاهرة وعزل ابن الطبلاوي، وفيه قطعت إصبع عبد القدوس بن الجيعان لما تكرر منه من التزوير. وفيه اهتم السلطان بأمر الجسور وأمر بإتقانها، وندب لذلك تمرباي الدوادار الثاني والوزير فاجتهدا في ذلك، ثم ضاق بالوزير الحال في المصروف فاستعفى وكان ما سنذكره.

ص: 547

وفيها نازل اصبهان بن قرا يوسف صاحب بغداد الموصل فراسل صاحبها رمال قرا يلك، فأمده بودله محمود في مائتي فارس، فأنزلهم عنده كالمسجونين فراسل محمود أباه، فأمده بأخيه محمد بن قرايلك في ألف فارس، فنزل على الموصل ولم يمكن من رؤية أخيه، وكان قرا يلك برأي العين فتوجه على نصيبين، فبلغه إن إسكندر بن قرا يوسف قصد محاربته بعد فراره من شاه رخ ملك الشرق.

وفي التاسع عشر من جمادى الآخرة سافر تغري برمش أمير آخور إلى سرحة الصعيد في تجمل كبير ونزل معه غالب الأمراء فودعوه ووقع له مع عرب الصعيد وقعة قتل فيها من أصحابه جماعة، وبعث يطلب نجدة، فأمر تمراز رأس نوبة بالتوجه إليه، وأمر كل أمير مقدم أن يرسل معه عشرين مملوكاص وتكمل له من غير المقدمين ثلاثمائة، وسافر في سابع جمادى الآخرة.

وفي أول شعبان أمر السلطان القاضي الشافعي إذا حضر المجلس لسماع الحديث إن يحضر صحبته فلقة وعصى، ومن تعدي في كلامه أو أساء الأدب أدب وأكد في ذلك.

وفي رمضان أمر السلطان بترك أكثر الخلع التي قررت لمن يحضر سماع الحديث، ثم شفع فيهم وقيل له: لو كان هذا قبل أن يحضروا، فإن كان ولا بد وقد قضوا المدة كلها تصرف لهم هذا العام ثم يعلموا ويقطعوا فيما يستقبل، فأمر بالصرف لهم.

وفي أواخر رمضان حضر عند السلطان شريف من الشام ومعه أوراق بخط الشيخ علاء الدين البخاري فيما يتعلق بالنسيمي وشيخه فضل الله، وأن بالشام ومصر جماعة على عقيدته، وأنه تصدى لتتبعهم وكشف عورتهم، وأنه وجد بالقاهرة شخصاً منهم، فقرئ كتاب الشيخ علاء الدين فأمر السلطان بإحضار الرجل وما في بيته من ورق ففعل ذلك، وهذه هي الطائفة المبتدعة المعروفة بالحروفية ثم بالنسيمية، فلما كان في رابع شوال عقد مجلس

ص: 548

بالقصر عند السلطان وأحضرت الكتب وبعضها من كلام شيخه وهي باللسان الفارسي فقرأ من أول واحد منها شيئاً يسيراً وفسره بالعربي وهي مقالة مركبة من قول المشبهة والاتحادية، فقرأ الشافعي خط الشيخ علاء الدين وفيه أن شعر الإنسان في وجهه ورأسه سبعة شهور: شعر أجفانه الأربعة وحاجباه ورأسه، وأن في وجهه سا آخر سبعة، وأن عقد أصابعه في اليدين أربعة عشر. فذلك عدد حروف المعجم ونحو من هذا. وفيه أن الإلهية انتقلت من الله لآدم ومن آدم لآخر إلى أن انتقلت لفضل الله وكلاماً من هذا حاصله إن الله هو الحروف؛ ثم أحضر الرجل فسئل عنها فقيل إنه شراها من حصن كيفا بثلاثين درهماً ولا يعتقد شيئاً مما فيها وأعلن بالشهادتين والتبرئ من كل دين يخالف دين الإسلام وصرح بكفر من صنف هذه الكتب وشيخه أو يعتقد ما فيها، فقال له الشافعي إن كنت صادقاً فاحرق هذه الكتب بيدك.

فامتثل ذلك بعد أن حاد عن الجواب وباشر إحراق ذلك بنفسه، ثم سأل السلطان: هل على إثم إذا أخرجت هذا ومثاله من بلادي؟ فقال: لا، فنودي من عرف من أهل مذهب النسيمي ووجد عنده شيء من كتبه وأحضره للسلطان كان له مائة دينار، ثم أمر فنودي أن يخرج جميع العجم من القاهرة والقلعة بأسرهم ولا يتأخر منهم إلى ثلاثة أيام، ثم لم يتم ذلك. وفي يوم الأحد ثاني عشر شعبان أشيع موت زين الدين عبد الرحمن بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعي، وكان مولده في المحرم سنة 755 واشتغل على أبيه وغيره، وسمع من الصدر ابن غنوم جزءاً من الخلعيات سنة بضع وستين بسماعه من العراقي أنا ابن عماد، وسمع الكثير من شيوخ ذلك العصر بحلب وغيرها، وقدم مع أبيه دمشق فأسمعه من

،

ص: 549

وأجاز له جماعة تفرد بالرواية عنهم لكني لا أعلم أنه حدث عنهم بشيء غير جزء أو جزءين ثم ظهر أنه لم يمت إذ ذاك، فذكر لي ابن فهد أنه توجه إليه هو وغيره من الرحالة كالبقاعي وابن الإمام في هذه السنة فمات بعد وصولهم إليه بقليل، وكان قدومه القاهرة سنة بضع عشرة فاستوطنها وولي نيابة الحكم، ثم ولي قضاء دمنهور الوحش والبحيرة فاستقرت قدمه بها بعد منازعات، وأقام على ذلك بغير منازعة أكثر من عشر سنين، وكان فاضلاً يستحضر أشياء في الفقه ويذاكر بأشياء حسنة، وله نظم حسن ومدحي قديماً وحديثاً، واستهل شهر رمضان الخميس ووافق برمهات.

وفيها وصلت هدية نائب الشام وفيها مائة وخمسون فرساً وعشرة قطرة جمال وألف ثوب بعلبكي ومثلها بطان وخمسون قباء سمور ووشق وعشرة آلاف دينار ونعالاً خيل من ذهب ومسامير فضة، قيل إن في كل نعل خمسين ديناراً، وقيل إن مجموع قيمتها ثلاثين ألف دينار، وكان قدومهم سابع عشر ذي الحجة.

وفي سادس شهر رمضان هبت ريح شديدة باردة وتراب كثير عم القاهرة وسقط عدة من الدور، وفي الثالث عشر منه أمطرت ليلاً، وتمادى ذلك في أول النهار مع رعد وبرق. وذلك عند حلول الشمس برج الثور، ثم تمادى المطر ذلك اليوم كله لكن بغير توالي حتى توحلت الأرض كلها ووكفت البيوت، ثم أمطرت صبيحة ذلك اليوم بعد الفجر مطراً غزيراً جداً حتى وكفت البيوت وفسدت الأمتعة والزروع - والأمر لله وحده!

ص: 550

وهبت ريح شديدة وقت العصر من اليوم الماضي حتى انتصف النهار ثم انجلت عن قرب.

وفيه استقر.. في كشف الوجه القبلي، وصرف كريم الدين ودخل القاهرة، وفي آخر يوم من رمضان خطبت بجامع عمر بن العاص، قايضت الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى بما كان معي من خطابة جامع الأزهر بما معه من نصف خطابة جامع عمرو، وكان أكثر الفاكهة في هذه السنة غير ناجب بسبب كثرة الماء ولفقده في البساتين، ثم تأخر المطر في الشتاء كله فكان الورد قليلاً وكذا المشمش والليمون حتى بيعت الليمونة الواحدة بنصف درهم، وأمطت في عشي يوم الجمعة سابع شوال قبل المغرب مطراً خفيفاً، ووافق ذلك الحادي عشر من بشنس والشمس يومئذ في أواخر برج الثور، وأمطرت أيضاً يوم السبت بعد أن هبت ريح عاصف بتراب ثم انجلت، واستمر البرد في طرفي النهار شديداً بنحو ما كان في فصل الشتاء أو دونه يسيراً ولكن في وسط النهار وفي جوف الليل يقع فيهما بعض الحر، وتأخر لبس الصوف إلى يوم الجمعة سابع شوال المذكور فتأخر عن العام الماضي نحو عشرين يوماً، وزاد النيل في غير أوانه في اول العشر الثالث من بشنس، وتعجل بنحو عشرين يوماً، وغرقت بعض الأمتعة.

وفي الثامن عشر من شوال طيف بالمحمل وخرج إلى بركة الجب وأميرهم تمربائي الدوادار الثاني وأمير الأول المحتسب صلاح الدين بن الصاحب بدر الدين بن نصر الله، ورحلوا من البركة الحادي والعشرين منه، وفي أواخر بشنس من الأشهر القبطية زاد النيل قبل أوان عادته زيادة عظيمة، وغرق غالب ما زرع من المقاث البطيخ والسمسم وغيره في الجزائر وفسد للناس شيء كثير من

ص: 551

البطيخ ونحوه، ثم عادت الزيادة في أوائل بؤنة، وكل ذلك قبل الوقت الذي جرت فيه العادة بالزيادة. فلما كان الثاني عشر من بؤنة وهو أول وقت المعتاد زاد أيضا بحيث بلغت الزيادة في المدة المذكورة نحو ستة أذرع ثم نقص نحو ذراع ونصف، ثم لما كان في الخامس والعشرين من بؤنة وهو اليوم الذي جرت فيه العادة بابتداء القياس وجد الماء قد بلغ إلى أحد عشر ذراعاً وعشرة أصابع وقد كان قد بلغ ثلاثة عشر ذراعاً لكن نقص في أول العشر الأخير، وهذا شيء لم يعهد مثله بمصر، وأكثر ما وصل إلى يوم الخامس والعشرين إلى عشرة أذرع ولكنها لم تفتح زيادتها قبل الأوان، وزاد في اليوم السادس والعشرين إصبعين، وفي الذي بعده إصبعين ثم ثلاثة، ثم توقف عن الزيادة من ثامن عشري بؤنة إلى رابع أبيب، ثم زاد فيه إصبعاً وإصبعاً ثم إصبعين وتمادى، وكان نقص سبعة عشر إصبعاً، وتحرك سعر القمح فازداد كل يوم شيئاً إلى أن وصل إلى مائتين وخمسين بعد إن كان بمائة وثمانين، وفي آخر يوم من المحرم وهو اليوم الثاني من أيام النسىء كانت الزيادة خمسة أصابع فانتهى إلى تسعة عشر ذراعاً وأربعة أصابع، وصادف أنه كان في العام الماضي في مثل هذا اليوم من أيام النسيم كان انتهى إلى هذا القدر سواء، وهذا من عجائب الاتفاق، وفي أول ذي القعدة وصل الخبر من شيراز من شاه رخ بأنه جهز إلى مكة كسوة للكعبة وهي التي كان عقد المجلس بسببها في أوائل هذه السنة وجهزت الرسل بالأجوبة، فجهز هو الكسوة من قبل أن يعود عليه الجواب وانزعج السلطان وكان من سيأتي ذكره.

وفي الرابع والعشرين من ذي القعدة كسرت عدة جرار تزيد على المائتين من الخمور فيها كبار تسع الواحدة نحو القطار، وذكر أنها لشخص يقال له أبو بكر بن الشاطر سمسار

ص: 552

القماش الإسكندراني، وكان لكسرها في وسط البحر رجة واجتمع فيه خلق كثير. والسبب فيه أنه عثر عليه في بعض الحواصل بساحل بولاق فاستعان بأناس من الجند.

فهجموا على الذين عثروا عليهم فضربوهم، فهربوا فحولوا جميع ذلك إلى مركب وانحدروا بهم إلى قرب شبرا، فتوجه إليهم الوالي فقبض عليهم. فتمكنوا منهم وأخذوا الجرار، فرجعوا بأهالي الساحل فكسروها وكان يوماً مشهوداً.

وفيها وقع بين جماعة من نواحي الزبداني فتنة، فقتل خطيب الجامع وجماعة نحو الستة عشر نفساً، واتهم بذلك زين الدين بن صادر الاستادار فبلغ السلطان ذلك فأرسل يستدعيه ويأمره أن يحضر معه بتقدمة، فبادر إلى الحضور، فلما وصل إلى قطيا جهز السلطان عمر الوالي وأمره أن يقتله حال اجتماعه به، فلاقاه إلى بليس فقتله وحمل رأسه إلى السلطان، وهو عبد الرحمن بن محمد بن صادر، ولي الأستادارية في المستأجرات والحمامات السلطانية، وكان أستادار جقمق دويدار الملك المؤيد بالقاهرة، وتنقلت به الاحوال بعده إلى أن مات عن نحو من سبعين سنة. وفيه خرج عرب بني لام على المبشرين بالوجه فقتلوا منهم اثنين وسلم المبشر وهو بيرم خجا القرشي، فدخل في الثامن والعشرين من ذي الحجة وليس معه شيء من الكتب، وذكر أنه نهب لهم أشياء وأنه كان معه نفائس حصلها فجاء مسلوباً، وفي يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة خرج شهاب الدين ابن المحمرة على مشيخة الصالحية بالقدس، فصادف قدوم عز الدين القدسي فالتقيا بالخانقاه الناصرية، ودخل

ص: 553