الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
909 - أبو رياش البصرى
«1»
قد تقدم ذكره في ترجمة اسمه، إلّا أنّ الكنية له أشهر من اسمه، فرأيت أن أذكره أيضا في الكنى، وأورد له هاهنا [1] ما لم أورده هناك، فإن أراد مريد جميع أخباره نقلها من الموضعين:
كان أبو رياش نابغة [2] فى حفظ أيّام العرب وأنسابها وأشعارها، غاية، بل آية فى هذّ [3] دواوينها وسرد أخبارها، مع فصاحة وبيان، وإعراب وإتقان، ولكنّه كان عديم المروءة، وسخ اللّبسة، قليل التّنظيف.
وفيه يقول أبو عثمان الخالدىّ [4]:
كأنّما قمل أبى رياش [5]
…
ما بين صئبان قفاه الفاشى [6].
وذا وذا قد لجّ في انتفاش [7]
…
شهدا نج بدّد في خشخاش [8].
وكان مع ذلك نهما شرها على الطعام، رجيم شيطان المعدة، حوتىّ الالتقام، ثعبانىّ الالتهام، سيّئ الأدب في المؤاكلة، ودعاه [9] أبو يوسف اليزيدىّ وإلى البصرة
[1] ما أورده هنا من الخبر والشعر، نقله من يتيمة الدهر.
[2]
اليتيمة: «باقعة» .
[3]
الهذ: سرعة القراءة.
[4]
هو سعيد بن هاشم أبو عثمان الخالدى. شاعر أديب، عرف هو وأخوه محمد بالخالديين، وكانا آية في الحفظ والبديهة، كما كانا أديبى البصرة وشاعريها في وقهّما. ولأبى عثمان ديوان شعر. توفى سنة 371. معجم الأدباء 11:308.
[5]
ديوان الخالديين 137.
[6]
الصئيان: بيض القمل.
[7]
كذا في اليتيمة، والديوان وفي الأصلين:«انتعاش» .
[8]
شهدانج: بزر القتب معرب: «شهدانة» بالفارسية.
[9]
اليتيمة: دعاه.
الى مائدة [1] له يوما. فلما أخذ في الأكل مدّ يده إلى بضعه لحم [2]، فانتهشتها ثم ردّها إلى القصعة. فكان بعد ذلك اذا حضر مائدته أمر بان يهيّأ له طبق ليأكل وحده.
ودعاه يوما المهلّبىّ [3] الوزير إلى طعامه، فبينا هو يأكل معه إذ امتخط في منديل الغمر [4] وبصق فيه، ثم أخذ زيتونة من قصعة فغمزها بعنف حتى طفرت نواتها، فأصابت وجه الوزير، فتعجّب من سوء أدبه [5]، واحتمله لأدبه.
وفي شره أبى رياش يقول ابن لنكك [6]:
يطير إلى الطعام أبو رياش
…
مبادرة ولو واراه قبر
أصابعه من الحلواء صفر
…
ولكنّ الأخادع منه حمر
وكان أبو رياش يردّ على أبى نواس الحسن بن هانئ وأبى تمام، يقول عنهما: أفسدا الشّعر، ولمّا بلغ ذلك ابن لنكك قال:
[1] اليتيمة: «إلى مائدته» .
[2]
البضعة بالفتح، وتكسر: القطعة من اللحم.
[3]
هو الحسن بن محمد المعروف بالوزير المهلبى، من ولد المهلب من أبى صفرة، كان من كبار الوزراء الكتاب الأدباء الشعراء. وزر لمعز الدولة بن بويه، وكانت الخلافة للمطبع العباسى، فقربه المطيع أيضا واستوزره، واجتمعت له وزارة الخليفة ووزارة السلطان، ولقب بذى الوزارتين. توفى بواسط سنة 352. ابن خلكان 1:142.
[4]
الغمر، بالتحريك: السهك وريح اللحم وما يعلق باليد من دسمه، ومنه منديل الغمر، ويقال له المشوش.
[5]
كذا في اليتيمة وهو الوجه، وفي الأصلين:«لأدبه» .
[6]
هو محمد بن محمد بن جعفر البصرى الصاحب المعروف بابن لتكك. وصفه صاحب اليتيمة بأنه فرد البصرة وصدر أدبائها. وأكثر شعره ملح وطرف، وكان معاصرا للمتنبى، وهجاه. توفى سنة 360 ومعجم الأدباء 17: 77 - 81.