الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخل الدّارونىّ يوما على خليل، وكان يومئذ يجهز بعثا لبعض ملوك الشّيعة، فدخل عليه وهو يكتب أسماءهم، فسأله الدارونىّ إسقاط ثلاثة نفر من أوليائه، فتأبّى عليه خليل، واعتذر له، واحتجّ في المنع، فوجم الدّارونىّ، فلمّا رأى ذلك قال: حجّتى يا تميمىّ صحيحة، فأجابه الدارونىّ، وقال:
اقض حاجاتى ودعنى
…
من قوافيك المليحه
انّما يحمد حسن الفع
…
ل لا حسن القريحه
فأجابه خليل فقال:
من تعاطاك فقد ع
…
رض بالنّفس الفضيحه
أنت أولى رجل جا
…
دت له النّفس الشّحيحه
فقضى حاجته، وكان هذا منهما في مجلس على البديهة.
وتوفّى سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.
924 - أبو عبد الله بن رطويه النحوىّ
«1»
هذا نحوىّ لم أعلم له خبرا، إلا أن ابن نصر الكاتب ذكره في كتابه المسمّى ب «المفاوضة» ، فقال ما مثاله: كان قد شجربين أبى عبد الله بن رطويه النحوىّ وبين أبى الفتح أحمد بن عيسى الملقب بحمدويه منازعة في شىء من القوافى، وهل يجوز تحريك حرف الدّخيل [1] بغير الحركة التى بدأبها؟ فزعم أبو عبد الله أن ذلك لا يجوز للشاعر، وادّعى ابن حمدويه جوازه، واحتجّ بقول البحترىّ في القصيدة اللّامية التى يقول فيها:
[1] الدخيل: حرف متحرك فاصل بين التأسيس والروىّ
ملوك يعدّون الرّماح مخاصرا
…
إذا زعزعوها والدّروع غلائلا [1].
ثم قال فيها:
وفي يوم منويل وقد لمس الهدى
…
بأظفاره أو همّ أن يتناولا [2].
ويقول الخباز البلدى [3]:
ذرا شجر للطير فيه تشاجر [4]
وقال:
قيان وأوراق الغصون ستائر
فقال: أخطأ الشاعران جميعا، وتنابذا وتسابّا، فعمل فيه حمدويه في الحال:
أنت نحوىّ ولكن
…
بدّلت خاءك جيما
فى حرمّ الأدب المح
…
ض إذا كنت عليما
وأنشده اياهما، ونهض منصرفا، فضحك الجماعة من ذلك؛ فشتمهم ابن رطوية ومضى.
قال ابن نصر الكاتب: حدثنى أبو عبد الله بن رطويه النحوىّ، قال: كنت بالكوفة ملازما للشريف أبى علىّ عمر بن محمد بن عمر، فقدم علينا فتى من أهل الحجاز، أديب ظريف، وقصد الشريف أبا علىّ، وتردّد إليه ونادمه، وكان يقول شعرا مطبوعا، فخاطبته في بابه دفعات، وقلت له: هذا فتى غريب، وقد دخل دارك، وتحرّم بطعامك، فبرّه وتفقّده، فقال: ما مدحنى، فقلت:
ليس الرجل منتدبا لهذا، وإنّما يقول الشعر تأدّبا لا تكسّبا، ولعلك إذا أحببت
[1] ديوانه 1606 (المعارف).
[2]
منويل من قوّاد الروم؛ وانظر شرح الديوان.
[3]
فى الأصلين: «العلوى» ، وما أثبته من اليتيمة، واسمه محمد بن أحمد بن حمدان، منسوب إلى «بلد» من بلاد الجزيرة، قال في حقه صاحب اليتيمة:«ومن عجيب شأنه أنه كان أميا، وشعره كله ملح وطرف» وترجم له، وذكر بعض شعره في 2: 189 - 193.
[4]
ورد البيتان محرّفين في الأصلين، وأثبت الصواب من اليتيمة 2:191.