الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن كنت لا تدرين ما الموت فانظرى
…
إلى دير هند كيف خطّت مقابره
وقال إسحاق:
ترى عجبا ممّا قضى الله فيهم
…
رهائن حتف أوجبته مقادره
فقال أبو عرار:
بيوت ترى أقفالها فوق أهلها
…
ومجمع زور لا يكلّم زائره
935 - أبو الفضل النّوشجانىّ
«1»
نزيل نيسابور، ذكره الباخرزىّ وسجع له، فقال: هو من علية الأدباء، والعارفين بلسان العرب العرباء، وإن كان في الشعر من المقلّين، فهو في اللّغة من المستقلّين؛ وإقلال مع استقلال: خير من إكثار مع إهجار؛ حدّثنى الأديب أبو القاسم مهدىّ بن أحمد أيّده الله، قال: حدّثنا شيخنا محمد بن أبى يوسف الإسفراريينى، قال: حملنى أبى إلى دار الشيخ أبى عبيد الهروىّ، وحطّ رحلى عنده؛ قال: فأضافه جماعة من الفضلاء، وكان يسقيهم ويراضعهم لبان الكأس، فسأل أبّا الفضل النّوشجانىّ، فقال: بلغنى أنّك كنت تخدم بعض الأماثل، فهل حظيت منه بطائل! فقال: لا، ولكنى هجوته ببيتين صنعتهما فيه، هما:
إذا ما لم يكن جدواى منكم
…
سوى مرق، وذا أيضا بمنّه
فلست ببائع أدبى بحسوى
…
رءوسكم كما كنتم أجنّه
936 - أبو الفتح بن الأشرس النحوىّ النيسابورىّ
«2»
كنيته أغلب من اسمه، قال القاضي أبو جعفر محمد بن أبى إسحاق البحّاثىّ النّيسابورىّ [1]: حدّثنى الحاكم أبو سعد بن دوست، عن أبى الفتح هذا، أنّه كان
[1] ترجم له المؤلف في الجزء الثالث برقم ص 66
من ناحية الكرخ [1]، وكان يؤدّب بنيسابور، ويختلف إلى أبى بكر الخوارزمىّ، ثم ارتحل إلى مدينة السلام، قال: فرأيت كتابا بخطّ يده، وقد كتب فيه إلى بعض أصدقائه: أذكر في إثنائه أنّه ليس اليوم بخراسان من يقوم بكتاب اختيار [2] فصيح الكلام لثعلب، وألفاظ الكتبة لعبد الرحمن بن عيسى- قال الحاكم أبو سعد ابن دوست: وكان الخوارزمى يومئذ حيّا يرزق، والألسنة بفضله تنطق- وهذان الكتابان من زغب فراخ الكتب، فأنكر معرفة أهل خراسان بهما، فما ظنّك بالقشاعم اللّقمانية من أمهاتها [3]! قلت: ورأيت له خطّا قريبا في الجودة، غاية في الصّحّة، واسمه بين العلماء إلى زمننا هذا رفيع، وصنعه في الضبط والإتقان صنيع [4]، ولقد رأيت بخطه نسخة من كتاب سيبويه من ملكها من العلماء ضاهى بملكها ملك آل بويه، وخطّه مما تقع المنافسة فيه، ومتى فات عالما تحصيله لم يقم عنده شىء مقامه في تلافيه، وقد مرّ ذكره في هذا الكتاب، وإنما ذكرته هاهنا لاشتهار، بالكنية.
وله شعر متوسّط، منه ما قاله يهجو شيخه أبا الحسن الأهوازىّ:
يا عجبا لشيخنا بالأهواز
…
يزهى علينا وهو في هوّاز [5].
وله أيضا:
كأنما الأغصان لمّا علا
…
فروعها قطر الندى تترى [6].
ولاحت الشمس عليها ضحى
…
زبرجد قد أتمر الدّرّا
[1] يطلق الكرخ على عدة مواضع تضاف إلى مختلف البلدان مثل كرخ البصرة وكرخ بغداد وكرخ سامرا؛ وغير ذلك مما ذكره ياقوت. وفي الدمية: الرخح: كورة أو مدينة ناحية الموصل.
[2]
فى الدمية: «أخبار» تحريف.
[3]
نقله من دمية القصر 304، 305.
[4]
الصنيع: الثوب النقى الجيد، والكلام على الاستعارة.
[5]
دمية القصر 303.
[6]
الدمية: «ثرا» .
قوله: «أعمر الدرا» لا يستقيم في النّحو، لا يقال: أثمرت النخلة الثّمر، وإنما يقال:«ثمرت ثمرا» بغير ألف ولام، يعنى أثمرت بالثمر [1].
وكتب من بغداد إلى أبى نصر الحداد بنيسابور:
ربّ غلام صار في
…
بغداد إحدى الفتن
رقعت خرق ظهره
…
برقعة من بدنى
واسم أبى الفتح بن أشرس محمد بن محمد بن أحمد بن أشرس.
وصنّف في النّحو كتابا متوسّطا في مقداره سمّاه، كتاب «التنبيه» ، وهو كتاب حسن في نوعه، رأيت منه نسخة بخطّ السّمسمىّ اللغوىّ- وملكتها ولله المنّة- وعليها بخط ابن فاخر النّحوىّ البغدادى ما صورته: قرأت كتاب التنبيه في النّحو لأبى الفتح النيسابورى، قراءة تفهم وتفقّه، من أصل السمسمىّ وبخطّه، على شيخىّ أبوى القاسم عبيد الله وعبد الواحد، ابنى العلمين: الرّقى وابن برهان الأسدى رحمهما الله في سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وقالا لى:
قرأناه من أوّله إلى آخره، على مصنّفه أبى الفتح محمد بن محمد بن أحمد بن أشرس النيسابورىّ، رحمه الله في سنة أربعمائة. وقال لنا: صنّفت هذا الكتاب لابن الأجّل أبى الخطاب صاحب بهاء الدولة، وأنفذته إليه، فوقف أباه عليه، فحمل إلىّ ما قدره خمسمائة دينارا من عين وورق وثوب وطيب، ثم شرع في قراءته علىّ فلقّنته سطرا منه، فعرضه على أبيه، فحمل إلىّ مثل ما حمل إلىّ عند إنفاذى، وأتى إليه. فكمّل العطيّة ألفا. قالا: وعاتبه بعض من يقع عتبه موقعا في موارده شيخه أبو الفتح عثمان بن جنّى في التّسمية بالتنبيه، فاعتذر عن ذلك بأن قال: والله
[1] نقله في الدمية عن الحاكم أبى سعيد.