الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله في الغزل:
حلاوة أيّام الوصال شهيّة
…
ولكن ليالى الهجر أمررن طعمها
ولى كبد حرّى ونفس عليلة
…
ولكن يداوى كلمها البيض كالمها [1].
وله أيضا:
هل عاجب أنت مثلى
…
فإنّنى جدّ عاجب
من حاجب مثل قوس
…
تزرى بقوس لحاجب [2].
826 - يعقوب بن إسحاق السكّيت أبو يوسف النحوىّ اللغوىّ
«1»
صاحب كتاب «إصلاح المنطق» . كان من أهل الفضل والدّين، موثوقا بروايته. وكان يؤدّب ولد جعفر المتوكل بالله.
[1] الكلم: الجرح.
[2]
هو حاجب بن زرارة التميمىّ، رهن قوسه عند كسرى، فى خبر مشهور. وانظر ثمار القلوب ص 645.
ورى عن أبى عمرو الشيبانىّ.
وحدّث عنه أبو عكرمة الضّبّىّ، وأبو سعيد السكّرىّ، وميمون بن هارون الكاتب، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم، وأحمد بن فرح المقرئ [1].
وأبوه إسحاق المعروف بالسّكّيت. وحكى أن الفرّاء سأل السّكّيت [2] عن نسبه، فقال: خوزىّ [3] أصلحك الله، من قرى دورق من كور الأهواز.
وكان يعقوب يؤدّب مع أبيه بمدينة السّلام في درب القنطرة صبيان العامة، حتى احتاج إلى الكسب، فجعل يتعلّم النّحو.
وحكى عن أبيه أنّه حجّ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصّفا والمروة، وسأل الله تعالى أن يعلّم ولده النّحو، فتعلّم النّحو واللغة، وجعل يختلف إلى قوم من أهل القنطرة، فأجروا له كلّ دفعة عشرة وأكثر، حتى اختلف إلى بشر وإبراهيم [4].
ابنى هارون، أخوين كانا يكتبان لمحمد بن عبد الله [5] بن طاهر، فما زال يختلف إليهما وإلى أولادهما دهرا، فاحتاج ابن طاهر إلى رجل يعلّم ولده، وجعل ولده في حجر إبراهيم [6]، ثمّ قطع ليعقوب رزقا؛ خمسمائة درهم، ثم
[1] هو أحمد بن فرح بن جبريل أبو جعفر. وفرح، بالحاء المهملة. توفى سنة 311 وقد قارب التسعين. طبقات القراء 1:95.
[2]
هو إسحاق السكيت، أبو يعقوب؛ تقدمت ترجمته للمؤلف في الجزء الأول 255.
[3]
خوزى، منسوب إلى خوزستان؛ وهى البلاد التى بين فارس والبصرة من كور الأهواز.
ودورق: ناحية فيها.
[4]
فى الأصول وابن خلكان: «هارون» ، والوجه ما أثبته من نزهة الألباء وتاريخ بغداد.
[5]
هو محمد عبد الله بن طاهر الخزاعى أبو العباس؛ أمير حازم ولى نيابتا بغداد في أيام المتوكل العباسى. توفى سنة 253. تاريخ بغداد 5: 418.
[6]
فى ابن خلكان: «حجر إبراهيم بن إسحاق المصعبى» .
جعلها ألف درهم. وكان يعقوب قد خرج قبل ذلك إلى سرّ من رأى، وذلك فى أيّام المتوكّل على الله، فصيّره عبد الله بن يحيى بن خاقان عند المتوكل، فضمّ إليه ولده، وأسنى له الرزق.
قال أبو عمر اللّغوىّ [1]: سمعت ثعلبا- وقد ذكر يعقوب بن السّكّيت- فقال: ما عرفنا له خزية قطّ.
قال الطوسىّ: كنّا في مجلس علىّ اللّحيانىّ، وكان عازما أن يملى نوادره ضعف ما أملى: فقال يوما: تقول العرب: «مثقل استعان بذقنه [2]» ، فقام إليه ابن السكيت، وهو حدث فقال يا أبا الحسن، إنما هو: تقول العرب:
مثقل استعان بدفّيه [3]، يريدون: الجمل إذا نهض بالحمل استعان بجنبيه، فقطع الإملاء.
فلما كان في المجلس الثّانى، قال: تقول العرب: «هو جارى مكاشرى» ،
[1] هو محمد بن عبد الواحد بن أبى هاشم الزاهد، المعروف بغلام ثعلب. تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الثالث ص 171.
[2]
الذقن: مجتمع اللحيين من أسفلهما.
[3]
كذا ورد الخبر في الأصول ونزهة الألباء والتصحيف والتحريف 31 وفي اللسان- ذقن:
«وفي المثل: مثقل استعان بذقنه، وصحفه الأثرم على بن المغيرة بحضرة يعقوب فقال: مثقل استعان بدفيه، فقال له يعقوب: هذا تصحيف؛ إنما هو استعان بذقنه: فقال له الأثرم: إنه يريد الرياسة بسرعة، ثم دخل بيته» . وقال صاحب شرح التصحيف والتحريف بعد أن أورد الخبر موافقا لما فى الأصل: «أما قول يعقوب: فلان مكاسرى؛ بسين غير معجمة؛ فهو كما قال. وقد وهم فيه النحيانى. وأما قوله: «بدفيه» ، فقد ظلمه يعقوب في ردّه عليه، فقد رواه أكثر الكوفيين «بذقنه» بالقاف والنون. ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام مثل ذلك أيضا. وإنما أرادوا أن البعير إذا أراد أن ينهض استعان بعنقه وذقنه، ومن هذا قيل: ناقة ذقون، وهى التى يرجف ذقنها في سيرها؛ وتقول العرب: لألصقنّ حواقنه بذواقنه، أى أعلاه بأسفله».
فقام إليه يعقوب بن السكيت فقال: أعزّك الله، وما معنى «مكاشرى» ! إنما هو «مكاسرى» ، كسر بيتى إلى كسر بيته، فقطع اللّحيانىّ الإملاء، فما أملى بعد ذلك شيئا.
قال الحسين بن عبد المجيب الموصلىّ: سمعت يعقوب بن السّكيت في مجلس أبى بكر بن أبى شيبة يقول:
ومن النّاس من يحبّك حبّا
…
ظاهر الحبّ ليس بالتقصير
فإذا ما سألته عشر فلس
…
ألحق الحبّ باللّطيف الخبير
قال المبرّد: ما رأيت للبغداديّين كتابا أحسن من كتاب يعقوب بن السكيت فى المنطق.
مات يعقوب في رجب من سنة ثلاث- وقيل من سنة أربع، وقيل من سنة ست- وأربعين ومائتين، وقد بلغ ثمانيا وخمسين سنة.
قال أحمد بن عبيد: شاورنى أبو يوسف بن السّكيت في منادمة المتوكّل فنهيته، فحمل قولى على الحسد، وأجاب إلى ما دعى إليه من المنادمة، فبينا هو معه في بعض الأيام، إذ مرّ ابنان للمتوكّل، وهما المعتزّ والمؤيّد، فقال له:
يا يعقوب، من أحبّ إليك؟ ابناى هذان أم الحسن والحسين؟ فغضّ منهما، وقال: قنبر خير منهما، وذكر الحسن والحسين [بما هو أهله [1]]، فأمر الأتراك فديس بطنه، فحمل وقيّد، فعاش يوما، أو بعض يوم. وقيل إنه حمل ميّتا فى بساط، ووجّه إلى منزله، ووجّه المتوكّل إلى ابنه عشرة آلاف درهم، ولم يكن يعقوب بلغ ثمانين سنة [2].
[1] من ب.
[2]
كذا في الأصلين، ولعل الصواب:«ولم يكن بلغ ثمانيا وخمسين سنة» .
وفي ابن خلكان: «وكان ذلك في سنة أربع وأربعين ومائتين» .
وقال عبد الله بن عبد العزيز بن القاسم: نهيت يعقوب بن السّكيت حين شاورنى فيما دعاه المتوكل من منادمته، فلم يقبل قولى، فلمّا عرض له ما عرض قلت فيه:
نهيت أبا يعقوب عن قرب شادن
…
إذا ما سطا أربى على أم قشعم
فذق واحس ما استحسيته لا أقول إذ
…
عثرت لعا، بلّ لليدين وللفم [1].
قال ابن النحاس: كان أول الكلام مزاحا.
وكان ابن السكيت يتشيّع.
وقال أبو العباس ثعلب: كان سبب قعود يعقوب بن السكيت للناس وقصدهم إيّاه، أنه عمل شعر أبى النّجم العجلىّ وجوّده، فقلت: ادفعه إلىّ لأنسخه، فقال: يا أبا العباس، بالطلاق إنه لا يخرج من يدى، ولكنه بين يديك فانسخه، فاحضر [2] يوم الخميس. فلمّا وصلت عرف، فحضر بحضورى قوم، ثم انتشر ذلك فحضر الناس.
وذكر ابن الفرات [3] المصرى أنه توفى سنة أربع وأربعين ومائتين.
[1] فى اللسان عن أبى زيد: «إذا دعى للعاثر بأن ينتعش قيل: لعا لك» . وهذا البيت ساقط من الأصل، وأثبته من ب. وانظر طبقات الزبيدىّ.
[2]
فى الزبيدىّ: «فقلت له: فأحضر يوم الخميس.
[3]
فى الأصلين: «الفرّاء» تصحيف، وهو محمد بن عبد الرحيم بن على بن الحسن بن محمد ابن عبد العزيز بن محمد المصرى، المعروف بابن الفرات. مؤرخ. ولد بالقاهرة، وولى بها خطابة المدرسة المعزية. وله كتاب كبير في التاريخ أسماه: الطريق الواضح المسلوك. معجم المؤلفين 10: 159.
وكان أبو العباس ثعلب يقول: كان يعقوب بن السكيت متصرّفا في أنواع العلوم، وكان أبوه رجلا صالحا، وكان من أصحاب الكسائىّ، حسن المعرفة بالعربيّة، وكان يكنّى بأبى يوسف، من علماء بغداد؛ ممّن أخذ عن الكوفيّين، وكان مؤدّبا لولد المتوكّل، وكان عالما بنحو الكوفيين وعلم القرآن والشّعر، وقد لقى فصحاء الأعراب، وأخذ عنهم، وحكى في كتبه ما سمعه منهم، وله حظّ فى السّنن والدّين.
ويقال: إنّ المتوكل ناله بشىء [1] حتى مات في سنة ستّ وأربعين ومائتين، وخلّف ولدا اسمه يوسف، نادم المعتضد وخصّ به.
وليعقوب بن السكيت من التّصانيف: كتاب «الألفاظ» [2]. كتاب «إصلاح المنطق [3]» . كتاب «الزّبرج» . كتاب «البحث» . كتاب «المقصور والممدود» . كتاب «المذكّر والمؤنث» . كتاب «الأجناس» كبير. كتاب «الفرق» . كتاب «السّرج واللجام» . كتاب «فعل وأفعل» . كتاب «الحشرات» . كتاب «الأصوات» . كتاب «الأضداد [4]» . كتاب «الشّجر والنّبات» . كتاب «الوحوش» . كتاب «الإبل» . كتاب «النّوادر» .
[1] فى الأصلين: «شىء» ، وما أثبته من الفهرست.
[2]
طبع كتاب الألفاظ في المطبعة الكائوليكية ببيروت سنة 1895 م، بعناية الأب لويس شيخو، وقد ضنم إليه في حواشيه شرح التبريزى المسمى «تهذيب الألفاظ» ، كما ضم في الصلب بعض زيادات التبريزى وسمى عمله هذا «كنز الحفاظ» ، ثم جاء مرة أخرى وأفرد الصلب وحده مع بعض الزيارات، وسمى عمله هذا:«مختصر تهذيب الألفاظ» ، وطبع في المطبعة الكاتوليكية سنة 1897 م.
[3]
طبع كتاب إصلاح المنطق في دار المعارف سنة 1941، بتحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر والأستاذ عبد السلام هارون.
[4]
كتاب الأضداد، قام بطبعه أو غست هغنر في بيروت سنة 1912 م مع كتب أخرى فى الأضداد للأصمعى وأبى حاتم السجستانى والصغاتى.
كتاب «معانى الشعر الكبير» . كتاب «معانى الشعر الصّغير» . كتاب «سرقات الشعراء وما اتفّقوا عليه» . كتاب «ما جاء في الشّعر وما حرّف عن جهته» .
كتاب «القلب والإبدال [1]» .
قال أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحرانىّ اللّغوىّ، صاحب يعقوب- وقد كان لازمه للأخذ عنه أحدا وعشرين عاما: قتل المتوكّل يعقوب بن السّكيت، وذلك أنّه أمره أن يشتم رجلا من قريش، وأن ينال منه فلم يفعل، فأمر القرشىّ أن ينال منه فنال منه، فأجابه يعقوب بن السكيت، فلمّا أن أجابه قال المتوكل:
أمرتك أن تفعل فلم تفعل. فلمّا شتمك فعلت! فأمر به فضرب، حمل من عنده صريعا مقتولا، ووجّه المتوكل من الغد إلى ابن يعقوب بن السكيت عشرة آلاف درهم ديته.
وقال أبو عبد الله المرزبانىّ: ابن السكيت اسمه يعقوب بن إسحاق، ويكنى أبا يوسف، وكان عالما بالنّحو، نحو الكوفيين وعلم القرآن واللّغة والشعر، رواية؛ ثقة، لا حظّ له من السّنن والدّين [2].
وقال أحمد بن يحيى النحوىّ: أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابىّ أحد أعلم باللّغة من ابن السكيت، وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتزّ بالله، فلمّا جلس عنده قال: بأىّ شىء يحبّ أن يبدأ الأمير؟ - يريد من العلوم- فقال له: بالانصراف. قال: فأقوم؟ قال: أنا أخفّ نهوضا منك، وقام
[1] طبع كتاب القلب الإبدال أيضا أوغست هفنر في بيروت سنة 1903 م. وزاد ابن النديم مما ألفه ابن السكيت كتاب «المثنى والمكنى» وكتاب «الأيام والليالى» .
[2]
كذا في الأصلين؛ وهو يوافق ما ورد في الترجمة التى نقلها صاحب كتاب كنز الحفاظ نقلا عن مخطوطة كتاب الألفاظ ص 6 من المقدمة، وقد سبق في ص 55 والفهرست ص 50 نقلا عن ثعلب: