المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌840 - ياقوت بن عبد الله الحموى - إنباه الرواة على أنباه النحاة - جـ ٤

[جمال الدين القفطي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌[مقدمة التحقيق]

- ‌تصدير

- ‌[تتمة التراجم]

- ‌(حرف الياء)

- ‌814 - يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الدّيلمىّ، أبو زكرياء الفرّاء

- ‌815 - يحيى بن يعمر العدوانىّ النحوىّ

- ‌816 - يحيى بن علىّ بن محمد بن الحسن بن بسطام الشيبانىّ التبريزىّ الخطيب أبو زكريا

- ‌817 - يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو محمد العدوىّ المعروف باليزيدىّ المقرئ النّحوىّ اللغوىّ

- ‌818 - يحيى بن يحيى المعروف بابن السّمينة القرطبىّ الأندلسىّ النحوىّ اللغوىّ الحاسب المنجّم الطبيب

- ‌819 - يحيى بن محمد، أبو محمد الأرزنىّ النّحوى

- ‌820 - يحيى بن سلامة بن الحسين الحصكفىّ النّحوىّ

- ‌821 - يحيى بن سعدون بن تمّام بن محمد الأزدىّ أبو بكر

- ‌822 - يحيى بن معطى النحوىّ

- ‌823 - يعيش بن علىّ بن يعيش العدل الخطيب النّحوىّ المدعو بالموفّق

- ‌824 - يعقوب بن إسحاق بن عبد الله بن أبى إسحاق الحضرمىّ

- ‌825 - يعقوب بن محمد بن أحمد الفارسىّ الأديب البارع الكردىّ

- ‌826 - يعقوب بن إسحاق السكّيت أبو يوسف النحوىّ اللغوىّ

- ‌827 - يعقوب بن علىّ الزّبيدىّ الصّقلّىّ اللغوىّ

- ‌828 - يعقوب بن نصر الدّارقزّى

- ‌829 - يوسف بن سليمان بن عيسى النحوىّ

- ‌830 - يوسف بن الحسن بن عبد الله السّيرافىّ النحوىّ اللغوىّ الأخبارىّ، أبو محمد

- ‌831 - يوسف بن أحمد، أبو يعقوب النحوى الدباغ الصقلى

- ‌832 - يوسف بن خيرون النحوىّ الأديب الأندلسىّ

- ‌833 - يوسف بن الحسن بن يوسف بن محمد ابن إبراهيم بن إسماعيل الخارزنجىّ

- ‌834 - يوسف بن خرّزاذ النّجيرمىّ اللغوىّ

- ‌835 - يونس بن أحمد بن إبراهيم الوافراوندىّ النحوىّ

- ‌736 - يونس بن حبيب أبو عبد الرحمن الضبى النحوىّ

- ‌837 - اليمان بن أبى اليمان البندنيجىّ أبو بشر الضرير الأديب الفاضل الشاعر اللغوىّ

- ‌838 - يزيد بن الحر، أبو زياد الطائىّ- ويقال: الكلابىّ

- ‌839 - يموت بن المزرّع، ابو بكر

- ‌840 - ياقوت بن عبد الله الحموىّ

- ‌[الكنى]

- ‌841 - أبو الأزهر البخارىّ اللغوىّ

- ‌842 - أبو بكر القارى الرّازىّ النحوىّ اللغوىّ

- ‌843 - أبو بكر النحوىّ البستى

- ‌844 - أبو البيداء، اسمه أسعد بن عصمة

- ‌845 - أبو تراب

- ‌846 - أبو توبة، زياد بن زياد الأعرابىّ

- ‌847 - أبو ثوابة الأسدى

- ‌848 - أبو ثروان العكلىّ

- ‌849 - أبو جعفر الرؤاسىّ الكوفىّ النحوىّ

- ‌850 - أبو الحسن بن معقل النّحوىّ

- ‌851 - أبو الحسن الأحمر

- ‌852 - أبو الحسن الطولقى

- ‌853 - أبو الحسن الأهوازىّ

- ‌854 - أبو الحسن المقيدسى النحوى

- ‌855 - أبو الحسن بن أذين النخوىّ البصير

- ‌856 - أبو الحسن الأغرّ

- ‌857 - أبو الحسن بن الطّراوة المالقىّ النحوىّ

- ‌858 - أبو الحسن الزعفرانىّ النّحوىّ البصرىّ

- ‌859 - أبو الحسن الجيشىّ النّحوىّ

- ‌860 - أبو حسّان الضرير التّدمرىّ المقرئ النحوىّ

- ‌861 - أبو خيرة، واسمه نهشل بن زيد

- ‌862 - أبو الخطاب بن عون الجزيرىّ النحوىّ الشاعر

- ‌863 - أبو الخطاب الهذلىّ، اسمه عمرو بن عامر

- ‌864 - أبو الهيثم الأعرابىّ

- ‌865 - أبو المجيب الرّبعىّ [2]

- ‌866 - أبو الجرّاح العقيلىّ

- ‌867 - أبو صاعد الكلابىّ، واسمه يزيد بن محيّا

- ‌868 - العدبّس الكنانىّ

- ‌869 - أبو زكريا الأحمر

- ‌870 - أبو أدهم الكلابىّ

- ‌871 - أبو الصقر العدوىّ [3]

- ‌872 - عتبة أمّ الحمارس [4]

- ‌873 - أبو قرة الكلابىّ

- ‌874 - أبو الحدرجان

- ‌875 - أبو تمّام الجزار [5]

- ‌876 - أبو الحصين الهجيمىّ [6]

- ‌877 - مكوّزة [7]

- ‌878 - أبو الغمر [8]

- ‌879 - أبو زياد [ويقال: الأعور بن براء الكلابىّ [1]]

- ‌880 - أبو القمقام [2] الفقعسى، روى عنه الكسائىّ النحوىّ

- ‌881 - الصقيل، ويكنى أبا الكميت العقيلىّ

- ‌882 - أبو فقعس لزاز

- ‌883 - أبو الدقيش القنانىّ الغنوىّ [3]

- ‌884 - أبو السفر الكلابىّ [4]

- ‌885 - هدّاب الهجيمىّ

- ‌886 - غنية أم الهيثم

- ‌887 - ردّاد الكلابىّ [5]

- ‌888 - قريبه أم البهلول الأسديّة

- ‌889 - أبو دثار الفقعسىّ

- ‌890 - جزلة الحرقيّة

- ‌891 - أبو الكبش الباهلىّ [1]

- ‌892 - أبو صالح الطائىّ

- ‌893 - أبو الكيش النّميرىّ [2]

- ‌894 - أبو السمح الطائىّ

- ‌895 - أبو الوليد الكلابىّ [3]

- ‌896 - أبو علىّ اليمامىّ

- ‌897 - الرّهيمىّ [4]

- ‌898 - عرّام بن الأصبغ السّلمىّ

- ‌899 - أبو حجّار عبد الرحمن بن منصور الكلابىّ

- ‌900 - هرم [5] بن زيد الكلبىّ

- ‌901 - ابن زيد المازنىّ

- ‌902 - أبو النعمان

- ‌903 - [أبو المسلم العاصى [1]]

- ‌904 - أبو مشقّر

- ‌905 - جرو بن قطن

- ‌906 - أبو المضرحىّ

- ‌907 - أبو الخنساء

- ‌908 - أبو دعامة العبسىّ

- ‌909 - أبو رياش البصرى

- ‌910 - أبو الرّجاء بن حرب الحلبىّ النحوىّ

- ‌911 - أبو زياد الكلابىّ، واسمه يزيد بن عبد الله بن الحرّ

- ‌912 - أبو سفيان بن العلاء، أخوأبى عمرو بن العلاء

- ‌913 - أبو سوّار الغنوىّ

- ‌914 - أبو السخاء الحائك الحلبىّ النّحوىّ

- ‌915 - أبو سعيد بن حرب بن غورك النّحوى الإفريقى القروىّ

- ‌916 - أبو الشمخ

- ‌917 - ابو شبل العقيلىّ

- ‌918 - أبو طالب المكفوف النحوىّ الكوفىّ

- ‌919 - أبو عمرو بن العلاء المقرى النحوىّ

- ‌920 - أبو عبد الله بن الجلّاب الواسطى النحوىّ المقرئ الضرير

- ‌921 - أبو عبد الله بن عاصم النحوى الأندلسىّ

- ‌922 - أبو عبد الله الفهرىّ اللغوى

- ‌923 - أبو عبد الله حسين بن محمد التميمىّ العنبرىّ الدّارونىّ القيروانىّ المغربىّ النحوى الإفريقىّ المعروف بابن أخت العاهة

- ‌924 - أبو عبد الله بن رطويه النحوىّ

- ‌925 - إمرأة نحوية تعرف بابنة الكنيزىّ

- ‌926 - أبو عبد الله النحوىّ الفزارىّ المغربىّ

- ‌927 - أبو عدنان، وهو عبد الرحمن بن عبد الأعلى السلمىّ

- ‌928 - أبو العميثل

- ‌929 - أبو عبيد أحمد بن محمد بن أبى عبيد العبدىّ الأديب الهروىّ

- ‌930 - أبو عثمان الأشناندانىّ اللغوى الراوية

- ‌931 - أبو علقمة النحوىّ

- ‌932 - أبو على السنجىّ القيروانىّ المكفوف النّحوىّ

- ‌933 - أبو على الحرمازىّ

- ‌934 - أبو عرار

- ‌935 - أبو الفضل النّوشجانىّ

- ‌936 - أبو الفتح بن الأشرس النحوىّ النيسابورىّ

- ‌937 - أبو الفتح بن المقدّر الأصبهانى النحوىّ

- ‌938 - أبو الفهد

- ‌939 - أبو الفوارس المروزىّ اللغوىّ

- ‌940 - أبو القاسم العطار النحوى الأندلسى

- ‌941 - أبو القاسم الدقّاق النحوىّ البغدادىّ

- ‌942 - أبو القاسم بن فيّره بن أبى القاسم الرّعبنى الشاطبىّ الأندلسى المكفوف المقرئ النحوى اللغوى

- ‌943 - أبو القاسم بن أبى منصور النحوى الحلبى المعروف بابن الحبرانىّ

- ‌945 - أبو المهنّد النحوىّ

- ‌946 - أبو مسلم النحوىّ

- ‌947 - ابو مسحل واسمه عبد الله بن حريش اللّغوىّ الراوية

- ‌948 - أبو عيينة بن المنهال

- ‌949 - أبو محلّم البغدادىّ، وقيل: الشيبانىّ

- ‌950 - أبو محمد النحوىّ الصقلىّ المعروف بالدمعة

- ‌951 - أبو محمد الأعرابىّ المعروف بالأسود الغندجانىّ

- ‌952 - أبو منصور الجبان النحوىّ

- ‌953 - أبو منصور محمد بن أحمد بن طلحة بن نوح بن الأزهر الأزهرىّ الهروىّ اللّغوى الشافعى

- ‌954 - أبو موسى بن مزدان النحوىّ الكوفىّ

- ‌955 - أبو مسهر محمد بن أحمد بن مروان بن سبرة

- ‌956 - أبو مهديّة

- ‌957 - أبو مالك الطّرمّاح، واسمه أمان بن الصّمصامة ابن الطرمّاح بن حكيم القروىّ

- ‌958 - أبو المعالى البرمكىّ اللغوىّ

- ‌959 - أبو معاذ النحوىّ المروزىّ المقرئ اللّغوىّ

- ‌960 - أبو نوفل بن أبى عقرب

- ‌961 - أبو نصر غلام الأصمعىّ

- ‌962 - أبو النّدى بن الغند جانىّ النّحوىّ الأديب

- ‌963 - ابو الهيذام العقيلىّ، اسمه كلاب بن حمزة

- ‌964 - أبو الهيثم الرّازىّ

- ‌965 - أبو هلال العسكرىّ

- ‌966 - أبو يعلى بن أبى زرعة الباهلىّ النّحوىّ البصرىّ

- ‌الأبناء

- ‌967 - ابن أبى حجر السّنجارىّ النحوىّ

- ‌968 - ابن ابى نوح المصرى

- ‌969 - ابن خروف النحوى الأندلسىّ

- ‌970 - ابن سيد الأندلسىّ

- ‌971 - ابن ضمضم الكلابى، أبو عثمان

- ‌972 - ابن طريف اللغوىّ الأندلسىّ مولى العبديّين

- ‌973 - ابن طاهر النحوى الأندلسى

- ‌974 - ابن العافية النحوىّ الأندلسىّ

- ‌975 - ابن قادم النحوى

- ‌976 - ابن ملكون النحوى الأندلسى

- ‌[الفهارس]

- ‌فهرس التراجم [بحسب ورودها في الكتاب]

- ‌(حرف الياء)

- ‌الكنى

- ‌ومن الأعراب الذين دخلوا الحاضرة جماعة، وهم:

- ‌الأبناء

- ‌فهر‌‌سالأعلام الم‌‌تر‌‌جمة فى ال‌‌حواشى

- ‌س

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ح

- ‌(ء)

- ‌ب

- ‌ث

- ‌ز

- ‌خ

- ‌ع

- ‌م

- ‌ل

- ‌ف

- ‌ط

- ‌ك

- ‌(غ)

- ‌ق

- ‌ن

- ‌و

- ‌ى

- ‌موضوعات هذا الجزء

- ‌الفهارس العامّة لجميع الأجزاء

- ‌1 - فهرس‌‌ الأعلام

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ث

- ‌(ت)

- ‌ج

- ‌ ح

- ‌ خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌ذ

- ‌ز

- ‌س

- ‌ ش

- ‌ ص

- ‌ط

- ‌ض

- ‌ ع

- ‌(ظ)

- ‌ ف

- ‌(غ)

- ‌ق

- ‌ل

- ‌(ك)

- ‌ م

- ‌ن

- ‌و

- ‌ي

- ‌2 - فهرس‌‌ الأمم والق‌‌بائل والفرق

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌(ج)

- ‌ح

- ‌ش

- ‌د

- ‌ر

- ‌ز

- ‌س

- ‌(خ)

- ‌ف

- ‌(ض)

- ‌ط

- ‌ع

- ‌ق

- ‌(غ)

- ‌ن

- ‌ل

- ‌م

- ‌(ك)

- ‌(ه

- ‌و

- ‌ي

- ‌3 - فهرس‌‌ الأماكن والبلدان

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌(ذ)

- ‌(ز)

- ‌(س)

- ‌ش

- ‌ض

- ‌ط

- ‌(ظ)

- ‌(ع)

- ‌(غ)

- ‌(ق

- ‌(ف)

- ‌(ك)

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌ه

- ‌(و)

- ‌ى

- ‌4 - فهرس‌‌ الكتب

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌(ج)

- ‌ ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ر

- ‌ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ص

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌ه

- ‌و

- ‌ى

- ‌5 - فهرس الشعر

- ‌(الألف المقصورة)

- ‌(الهمزة)

- ‌(الباء)

- ‌(التاء)

- ‌(الثاء)

- ‌(الجيم)

- ‌(الحاء)

- ‌(الدال)

- ‌(الذال)

- ‌(الراء)

- ‌ز

- ‌س

- ‌(الشين)

- ‌(الصاد)

- ‌(الضاد)

- ‌(الطاء)

- ‌(الظاء)

- ‌(العين)

- ‌(الغين)

- ‌(الفاء)

- ‌القاف

- ‌(الكاف)

- ‌(اللام)

- ‌(الميم)

- ‌ن

- ‌(الهاء)

- ‌(الواو)

- ‌(الياء)

- ‌6 - فهرس أنصاف الأبيات

الفصل: ‌840 - ياقوت بن عبد الله الحموى

‌839 - يموت بن المزرّع، ابو بكر

«1»

كان يسكن بالبصرة في رحبة الزّبيرىّ [1]، ولقى أبا حاتم والرّياشىّ وعبد الرحمن ابن أخى الأصمعىّ، ورفيع [2] بن سلمة. وأخذ عن عمرو بن بحر الجاحظ. ودخل مصر، وروى عنه أهلها أمالى له، ثمّ نزل طبريّة من أرض الشام، وروى بها الكثير، واستوطنها إلى أن مات رحمه الله [3].

‌840 - ياقوت بن عبد الله الحموىّ

«2»

مولى، الرّومى نسبا. كان رحمه الله وعفا عنه رومىّ الجنس، أسر صغيرا، وابتاعه ببغداد رجل تاجر يعرف بعسكر الحموىّ [4]، وجعله في الكتاب لينتفع به

[1] ب: «الزبيدى» .

[2]

رفيع، كنيته أبو غسان، ولقبه دماذ، وترجم له المؤلف بعنوان لقبه في الجزء الثانى ص 5، 6.

[3]

فى حاشيتى الأصلين، وبخط مخالف في كل منهما: «كان يسمى محمدا، ويموت هو الغالب عليه.

قال أبو محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي: سمعت يموت بن المزرع بقول: بليت بالاسم الذى أسمانى أبى، فإذا عدت مريضا فاستأذنت عليه، فقيل: من ذا؟ قلت: ابن المزرع، فأسقطت اسمى. ومات يموت بن المزرع بطبرية سنة ثلاث وثلاثمائة. وقيل: سنة أربع في خلافة المقتدر بدمشق».

وفي حاشيتيه أيضا: «ويموت هو ابن أخت الجاحظ» . والمزرع، ضبطه السيوطىّ في البغية بفتح الراء، قال: والمحدثون يكسرونها. ونقل عن ابن يونس أنه «قدم مصر سنة ثلاث، وخرج إلى دمشق سنة أربع ومات بها.

[4]

هو عسكر بن أبى نصر بن إبراهيم الحمدوى التاجر. توفي يوم الأحد سابع جمادى الأولى سنة ست وستمائة، ودفن في الغد، بالجانب الغربى عند مشهد عون ومعين. حاشية الأصل.

ص: 80

في ضبط تجائره، وكان عسكر هذا لا يحسن الخطّ، ولا يعلم شيئا غير التجارة، وقد سكن بغداد وقطنها، وتزوّج بها إحدى بنات رئيس من الرؤساء، وولد أولادا، هم موجودون الآن ببغداد.

ولمّا كبر ياقوت هذا، قرأ شيئا يسيرا من النّحو واللغة، وشغله مولاه بالأسفار في متاجره، فكان يتكرّر إلى كيش [1] والشّام، ثم جرت بينهما نبوة اقتضتها الحال، فعتقه وأبعده عنه [2]، فاشتغل بالنّسخ بالأجرة، وحصّل بالمطالعة فوائد اقتضاها فهمه، على عسر كان في فهمه، ومكابرة كانت في خلقه. ثم إنّ سيّده بعد مدّة مديدة ألوى عليه [3]، وسفّره إلى كيش، ولمّا عاد كان سيّده قد مات فحصّل شيئا مما كان في يده، وأعطى أولاد مولاه وزوجته شيئا راضاهم عليه، وجعل مما حصّل له رأس مال كان يسافر به إلى الشام، وربّما جعل بعض تجارته كتبا، وكان ذلك سبب اجتماعى به، فإنّه قصدنى بالكتب إلى حلب لمّا شاع غرامى بها بين المتّجرين فيها، فكان اجتماعى به في شهور سنة تسع وستمائة، أحضره لى أبو علىّ القيلوىّ [4] بحلب، ورأيت ما جلبه من الكتب على قلّتها، فلم يكن فيها ما أرغب إليه سوى كتابين ابتعتهما منه. وتأمّلته في منظره ومخبره، فتوسّمت

ص: 81

فيه أمورا لم يخلّ حدسى فيها، وعلمت أنّه لا يصلح للعشرة. وسافر عن حلب، وعاد إليها دفعة أخرى في شهور سنة ثلاث عشرة وستمائة، وأحضر معه كتبا ذكر أنها وديعة لغيره، كان في بعضها الجيّد، وتوجّه إلى دمشق.

وكان شديد الانحراف عن علىّ بن أبى طالب عليه السلام، يرتكب في أمره ما لا يرتكبه أحد من مصنّفي الفرق، حتى كأنّه قد طالع شيئا من مذهب الخوارج، فاشتبك في رأسه منه ما لم يزل، ولمّا دخل دمشق قعد في بعض أسواقها يناظر بعض من يتعصّب لعلىّ بن أبى طالب عليه السلام، وجرى بينهما كلام [1] أدّى إلى ذكره عليّا بما لم يسغ، جاريا على عادته في ذلك؛ فثار النّاس عليه ثورة كادوا أن يقتلوه لما سمعوه منه، وقدّر الله له السّلامة، فخرج عن دمشق منهزما، بعد طلب واليها المعتمد الموصلىّ. وجاء إلى حلب خائفا يترقّب، وخرج عن حلب في العشر الأوّل أو [2] الثانى من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة، ووصل إلى الموصل متخفّيا من قوله، وتوجّه إلى إربل [3]، وسلك منها إلى بلاد خراسان، وتحامى دخول بغداد، لأنّ المناظر له كان بغداديّا، وخشى أن ينقل قوله فيطيح دمه، وأقام بخراسان يتّجر في بلادها. واستوطن مرو مدّة، وخرج عنها إلى نسا،

[1] في الأصل: «كلاما» ، والصواب ما أثبته من من ب.

[2]

في الأصل: «والثانى» ، والصواب ما أثبته من ب.

[3]

إربل، بالكسر ثم السكون؛ ذكرها ياقوت، وقال: «قلعة حصينة ومدينة كبيرة، تعدّ من أعمال الموصل، وبينهما مسيرة يومين

ودخلتها فلم أر فيها من ينسب إلى فضل غير أبى البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب، يعرف بالمستوفى؛ فإنه متحقق بالأدب، محب لأهله، مفضل عليهم. وله دين واتصال بالسلطان وخلة شبيهة بالوزارة».

ص: 82

وسلك إلى خوارزم في جيحون، وصادفه وهو في خوارزم خروج التّتر [1]، فانهزم بنفسه، كبعثه يوم الحشر من رمسه، وقاسى من القلة والتعب وتشعب الحال ما كان يكلّ عن وصفه، ووصل إلى الموصل، وقد تقطّعت به الأسباب، وأعوزه دنىء المآكل وخشن الثّياب، وتلزّم [2] بالموصل مدّة، ثم رحل إلى سنجار، ومن سنجار إلى حلب [3].

ولمّا وصل دخل علىّ في حالة يسوء منظرها، ووصف من أمره أمورا لا يسرّ مخبرها. وقال: قد ألقيت عصاى ببابك، وخيّم أملى بجانب جنابك، فقلت في جوابه: أقاسمك العيش، وسألت الله أن يرزقنى الثبات على خلقه لا الطّيش، فإنّ أخلاقه خلقة، ومخاريقه منخرقة، ولا أقع من دينه من حيث القاذورات، وإنما من حيث تصرّفه الموجب له التفرّق والشّتات، فأقام مشاركا [فى][4] المعلوم، باذلا له كتب العلوم، فلفّق منها مجموعات لم يكّملها، ونسخ وباع في عدّة سنين أقامها عندى، محمول الكلفة، بحكمة اقتضاها حاله، وسافر ببضاعة من الخام إلى مصر، فأربحته ربحا قريبا، وعاد بمعمول مصر، فأربح فيه، وأقام بالخان ظاهر حلب، فمرض ومات به في العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة رحمه الله.

[1] في ابن خلكان: «وذلك سنة ست عشرة وستمائة» .

[2]

كذا في الأصلين، وفي ابن خلكان:«أقام» .

[3]

من أول الترجمة إلى هنا، نقله ابن خلكان من غير نسبة، مع تصرف قليل في العبارة.

[4]

من ب.

ص: 83

وقبل موته أوصى بأوراقه ومجموعاته إلى العزّ ابن الأثير الموصلىّ [1]، وكان مقيما بحلب، وعهد إليه أن يسيّرها إلى وقف الزيدىّ [2] ببغداد، ويسلّمها إلى الناظر فيه الشيخ عبد العزيز بن دلف. واحتاط [3] نواب الأيتام على ماله، إلى أن حضر ولد سيّده من بغداد، بكتاب حكمىّ وتسلّم ما خلّفه.

وأما ابن الأثير فإنّه تصرف في الكتيبات التى له، والأوراق المجمّعة التى بخطّه تصّرفا غير مرضىّ ولم يوصّلها بعد أن حصل بالموصل إلى الجهة المعيّنة برسمها، بل فرّقها على جماعة، أراد انتفاعه بهم وبها عندهم، ولم ينفعه الله بشىء من ذلك، ولم يتملّ منها بأمل ولا مال، وقطع الله أجله، بعد أن قطع من الانتفاع بتفرقتها أمله، فاكتسب خزى الدّنيا وعذاب الآخرة. وبلغنى أنّ خبرها وصل إلى بغداد، وأنّهم طالبوه من هناك بتسييرها إلى محلّ وقفها، فسيّر بعضها وأعرض عن بعض، فنعوذ بالله من سوء القضاء والقدر! وقد كان عند مقامه بالموصل عائدا من بلاد العجم، كتب إلىّ رسالة يذكر فيها حاله، ويصف ضمنها اختلاله، ووجدتها عندى بخطّه، فألحقتها تلو هذه الوجهة، لينسخها من يروم نقل هذا الكتاب.

[1] هو أبو الحسن على بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، الملقب عز الدين والمعروف بابن الأثير الجزرى صاحب التاريخ الكبير المعروف بالكامل، ابتدأ فيه من أول الزمان إلى آخر سنة ثمان وعشرين وستمائة؛ وصاحب كتاب اللباب في الأنساب. توفي سنة بالموصل سنة 630. ابن خلكان 1:347.

[2]

ابن خلكان، «وكان قد وقف كتبه على مسجد الزيدى الذى بدرب دينار ببغداد، وسلمها إلى الشيخ عز الدين أبى الحسن بن الأثير صاحب التاريخ الكبير» .

[3]

ب: «وأحاط» .

ص: 84

وإنما حملنى على ذكره في هذا المصنّف، لأنّه لفق مما استعار منّى كتابين:

أحدهما في «الردّ على ابن جنّى» عند كلامه في الهمزة والألف من كتاب «سر الصناعة» فلم يأت فيه بشى، وصنّف كتابا في «أوزان الأسماء والأفعال الحاصرة لكلام العرب» ، فخلط الغثّ بالثمين، وقرن الفروع بالأصول، غير فارق في التّبيين، لقلّة أنسته بالعربيّة وأصولها، وعاتبته فيهما فما رجع، وعرّفته مواضع الخطأ ومقاصده فما ارعوى ولا سمع، وإذا عزيت بعده إليه، كانت عارا عليه.

تغمدنا الله وإيّاه برحمته، وستره ووسّع على كلّ منّا عفوه، إذا حصل بمضيق قبره، إنّك جواد كريم، وموجود عظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل [1].

[1] وله من المؤلفات أيضا كتاب «إرشاد الأديب إلى معرفة الأديب» ، وهو المعروف بمعجم الأدباء، ومن العجب أن القفطى لم يذكره ضمن مولفاته؛ مع أن فيه ترجمة كبيرة له؛ نوّه فيها بعلمه وأدبه وفضله، وأورد فيها الكثير من شعره ورسائله؛ وعليها المعول في التعريف به، تقع في الجزء الخامس عشر من ص 175 إلى ص 240.

وقد طبع هذا الكتاب بمطبعة هندية بمصر في سبعة أجزاء، ما بين سنة 1909 إلى 1916 بعناية مرجليوث، ثم أعيد طبعه بعنايته أيضا سنة 1927 م وعن هذه الطبعة أعيد طبعه مرة ثالثة بمطبعة عيسى الحلبى سنة 1936 في عشرين جزءا (ضمه مطبوعات دار المأمون).

وقد حذف من هذه الطبعات بضع رسائل لأبى العلاء المعرى، ذكر مرجليوث أنه سبق له طبعها في كتاب على حدة في أكسفورد سنة 1898 م. ومن الملاحظ أن في هذه الطبعات نقصا لم يوجد في المخطوطة الأصلية التى طبع عليها أول طبعه. واستدرك الناشر بعض تراجم دمها فيه. وفي دار الكتب جزء من مختصر لهذا الكتاب مخطوط برقم 5971 - أدب (لا يوجد في الفهرست). وله أيضا كتاب «معجم البلدان» ؛ طبع في ليبسك من سنة 1866 إلى سنة 1883؛ بتحقيق وستنفلد؛ طبع في ست مجلدات؛ والجزء السادس منها يشتمل على الفهارس والملاحظات؛ وعن هذه الطبعة طبع بمطبعة السعادة سنة 1323 هـ في ثمانى مجلدات، وألحق به ناشره محمد أمين الخانكى جز أين أسماهما «منجم العمران في المستدرك على معجم البلدان).

ومن العجب أيضا أن القفطى لم يذكر اسم هذا الكتاب أيضا؛ على حين أنه أهداه إليه، قال في المقدمة: «ثم أهديت هذه النسخة بخطى إلى خزانة مولانا الصاحب الكبير، العالم الجيل الخطير، ذى الفضل البارع والإفضال الشائع والمحند الأصيل والمجد الأثيل، والعزة القعساء، والرتبة الشماء الفائز من الكلام-

ص: 85

وهذه الرسالة التى كتبها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

والحمد الله ربّ العالمين، وصلاته على نبيه [محمد][1] وآله أجمعين.

كان المملوك ياقوت بن عبد الله الحموى الأكرمىّ، قد كتب هذه الرسالة من الموصل في سنة سبع عشرة وستمائة، حين وصوله من خوارزم طريد التتر [2]-

- بالقدح المعلى المتقلد من المكارم بالصارم المحلى؛ إمام الفضلاء وسيد الوزراء، السيد الأجل الأعظم، القاضي جمال الدين الأكرم، أبى الحسن على بن يوسف بن ابراهيم بن عبد الواحد الشيبانى.

وقد استخرج ياقوت من هذا الكتاب كتابا أسماه «المشترك وضعا والمفترق صقعا» ، رتبه على حروف المعجم وطبع في غوطا سنة 1846، بتحقيق وستنفلد، ولخص صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق المتوفى سنة 739 هذا الكتاب، واقتصر فيه على المعارف الجغرافية، دون ما استطرد إليه المؤلف من ذكر الأخبار والأسفار والتراجم، وسماه «مراصد الاطلاع على الأسماء والأمكنة والبقاع» . وطبع في ليدن سنة 1850 م، في أربع مجلدات بتحقيق الأستاذ جونيبول. ثم أعيد طبعه بمطبعة عيسى الحلبى 1954 في ثلاث مجلدات بتحقيق الأستاذ على محمد البجاوى.

ولياقوت أيضا كتاب «المقتضب من جمهرة النسب» لابن الكلبى. ومنه نسخة خطية بدار الكتب المصرية برقم 155 - م تاريخ.

وذكر ابن خلكان أيضا من مؤلفاته: «معجم الشعراء» ، كتاب «المبدأ والمآل» ، كتاب «الدول» ، «أخبار المتنبى» ، «مجموع كلام أبى على الفارسى» ، «عنوان كتاب الأغانى» (كذا).

[1]

من ب.

[2]

ذكر ابن تغرى بردى في النجوم الزاهرة حوادث سنة 617 «وفيها كان أول ظهور التتار وعبورهم جيحون، وكان أول ظهورهم من ماوراء النهر سنة خمس عشرة وستمائة، وقبل عبورهم جيحون قصدوا بخارى وسمرقند، وقتلوا أهلها وسبوهم، وحاصروا خوارزم شاه، فانضم إليهم الخطا وصاروا تبعا لهم. وكان خوارزم شاه قد أخلى البلاد من الملوك، فلم يجدوا أحدا يردهم، ووصلوا في هذه السنة إلى الرى وقزوين وهمذان، وقتلوا أهلها، وأحرقوا مساجدها، ثم فعلوا بأذربيجان كذلك» .

ص: 86

أبادهم الله- إلى حضرة ما لك رقّه، مولانا ولىّ النّعم، الصاحب الكبير، العالم العامل، المؤيّد المظفّر، العادل العزيز، جمال الدين القاضي الأكرم أبى الحسن علىّ بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشّيبانىّ ثم التّيمى، تيم بنى [1] شيبان ابن ثعلبة بن عكابة، أسبغ الله [عليه][2] ظلّه، وأعلى في درج السيادة محلّه، وهو يومئذ وزير صاحب حلب والعواصم، شرحا لأحوال خراسان وأحواله، وإيماء إلى بدء أمره بعد ما فارقه ومآله، وأحجم عن عرضها على رأيه الشريف إعظاما وتهيّبا، وفرارا من قصورها عن طوله وتجنّبا؛ إلى أن وقف عليها جماعة من منتحلى صناعة النّظم والنثر، فوجدهم مسارعين إلى كتبها، متهافتين على نقلها، وما يشكّ أن محاسن مالك [3] الرّق حلّتها، وفي أعلى درج الإحسان أحلّتها، فشجّعه ذلك على عرضها على مالك الرّق وللآراء علوّها في تصفّحها، والصفح عن زللها، فليس كلّ من لمس درهما صيرفيّا، ولا كلّ من اقتنى درّا جوهريا، وهاهى ذى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

أدام الله على العلم وأهليه، والإسلام وبنيه، ما سوّغهم وحباهم، ومنحهم وأعطاهم، من سبوغ ظلّ مولانا مالك [4] الرّق، ولىّ النعم، الوزير الصاحب الكبير، العالم العادل، المؤيّد المظفّر، المنصور جمال الدّنيا والدّين، عزّ الإسلام والمسلمين. سيّد العلماء، مالك الفضلاء، ناصر الأمّة، قامع البدعة، تاج الملوك والسلاطين، محيى الملّة في العالمين، مولانا الوزير الأعظم، والقاضي الأجلّ

[1] كذا في ب، وفي ابن خلكان:«تيم شيبان» .

[2]

من ابن خلكان.

[3]

ابن خلكان: «مولاه مالك» .

[4]

ابن خلكان: «المولى الوزير» .

ص: 87

الأكرم، أعزّ الله أنصاره، وضاعف مجده واقتداره، ونصر ألويته وأعلامه، وأجرى بإجراء الأرزاق في الآفاق أقلامه، وأطال بقاه، ورفع إلى علّيّين علاه، في نعمة لا يبلى جديدها، ولا يحصى عدّها [1] ولا عديدها، ولا ينتهى إلى غاية مديدها، ولا يفلّ حدّها ولا حديدها، ولا يقلّ [2] وادّها ولا وديدها [3]. أدام دولته للدنيا والدين، يرمّ شعثة، ويهزم كرثه، ويرفع مناره، ويحسّن بحسن أثره آثاره، ويفتق نوره وأزهاره، وينير نوّاره، ويضاعف أنواره. وأسبغ ظلّه للعلوم وأهليها، والآداب [4] ومنتحليها، والفضائل وحامليها، يشيّد بمشيد فضله بنيانها، ويرصّع بناصع مجده تيجانها، ويروّض بيافع علائه زمانها، ويعظّم بعلوّ همّته الشريفة بين البرية شانها، ويمكّن في أعلى درج الاستحقاق إمكانها ومكانها. ويرفع بنفاذ الأمر قدره للدّول الإسلاميّة والقواعد الدينية، يسوس قواعدها، ويعزّ ساعدها، ويهين معاندها، ويعضّد بحسن الإيالة [5] معاضدها، وينهج بجميل القصد مقاصدها، حتى تعود بحسن تدبيره غرّة في جبهة الزمان، وسنّة يقتدى بها من طبع على العدل والإحسان، يكون له أجرها ما دار الملوان، وكرّ الجديدان، [و][6] ما أشرقت من المشرق شمس، وارتاحت إلى مناجاة حضرته الباهرة نفس.

[1] ابن خلكان: «عددها» .

[2]

الكلمة مهملة في الأصلين؛ وأثبت ما في ابن خلكان.

[3]

الوديد: المحب.

[4]

ابن خلكان: «للآداب» .

[5]

الإيالة: السياسة.

[6]

من ابن خلكان.

ص: 88

وبعد، فالمملوك ينهى إلى المقرّ العالى المولوىّ، والمحلّ الأكرم العلىّ، أدام الله سعادته مشرقة النّور، مبلغة السّول، واضحة الغرر بادية الحجول، ما هو مكتف بالأريحيّة المولويّة عن تبيانه، مستغن بما منحتها من صفاء الآراء عن إنضاء [1] قلمه لإيضاحه وبيانه، قد أحسبه ما وصف به عليه السلام المؤمنين، «وإنّ من أمّتى لمكلّمين» [2]، وهو شرح ما يعتقده من الولاء، ويفتخر به من التعبّد للحضرة الشريفة والاعتزاء. وقد كفته [3] تلك الألمعيّة، عن إظهار المشتبه [4] بالملق مما تجنّه الطويّة، لأنّ دلائل غلوّ المملوك في دين ولائه في الآفاق واضحة، وطبيعه [5] سكة إخلاص الوداد باسمه الكريم على صفحات الدهر لائحة، وإيمانه بشرائع الفضل الّذى طبّق الآفاق حتى أصبح بها نبىّ [6] المكارم مبين، وتلاوته لأحاديث المجد الغريبة الأسانيد بالمشاهدة لديه متين، ودعاء أهل الآفاق إلى المغالاة في الإيمان بإمامة فضله الّذى تلقّاه باليمين معروف، وتصديقه بملّة سؤدده الّذى تفرّد بالتوخّى لنظم شارده وضمّ متبدّده بعرق الجبين مألوف، حتى لقد أصبح للفضل كعبة لم يفترض حجّها على من استطاع إليها السبيل، ويقتصر بقصدها على ذوى القدرة دون المعترّ وابن السبيل، فإن لكلّ منهم حظّا يستمده، ونصيبا يستعدّ به ويعتدّه، فللعظماء الشّرف الضخم من معينه، وللعلماء اقتناء الفضائل من قطينه، وللفقراء توقيع الأمان من نوائب الدهر وغضّ جفونه، وفرضوا من مناسكه للبهجة الشريفة السلام والتبجيل، وللكفّ البسيطة الاستلام والتقبيل.

[1] ابن خلكان: «إمضاء» .

[2]

ابن خلكان: «لمتكملين» . ومكلمين، أى ملهمين.

[3]

ابن خلكان: «وقد كفته» .

[4]

ابن خلكان: «المشبه» .

[5]

كذا في ابن خلكان.

[6]

ابن خلكان: «بناء» .

ص: 89

وقد شهد الله تعالى للمملوك أنه في سفره وحضره، وسرّه وعلنه، وخبره ومخبره، شعاره تعطير مجالس الفضلاء ومحافل العلماء بفوائد حضرته، والفضائل المستفادة من فضلته، افتخارا بذلك بين الأنام، وتطريزا لما يأتى به في أثناء الكلام.

إذا أنا شرّفت الورى بقصائدى

على طمع شرّفت شعرى بذكره

(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)

[1]

. لا حرمنا الله معاشر أوليائه موادّ فضائله المتتالية، ولا أخلانا كافّة عبيده من أياديه المتوالية. اللهمّ رب الأرض المدحيّة، والسّماوات العليّة، والبحار المسجّرة، والرياح المسخرة، استمع ندائى، واستجب دعائى، وبلّغنّى في معاليه ما نؤمّله ونرتجيه، بمحمد النبى وصحبه وذويه! وقد كان المملوك لمّا فارق ذلك الجناب الشّريف، وانفصل عن مقرّ العزّ اللباب والفضل المنيف، أراد استعتاب الدّهر الكالح، واستدرار خلف [2] الزّمن الغشوم الجامح، اغترارا بأنّ في الحركة بركة، والاغتراب داعية الاكتساب، والمقام على الإقتار ذلّ وانتقام، وحلس [3] البيت، في المحافل سكيت [4]:

وقفت وقوف الشّكّ ثم استمرّ بى

يقينى بأنّ الموت خير من الفقر

فودّعت من أهوى وبالقلب ما به

وسرت عن الأوطان في طلب اليسر

وباكية للبين قلت لها اصبرى

فللموت خير من حياة على عسر

سأكسب مالا أو أموت ببلدة

يقلّ بها فيض الدّموع على قبرى

[1] سورة الحجرات 17.

[2]

الخلف، بالكسر: حلمة ضرع الناقة، والكلام على الاستعارة.

[3]

حلس البيت: الذى لا يبرح مكانه. وفي ابن خلكان: «جليس» .

[4]

السكيت: آخر الحلبة.

ص: 90

فامتطى غارب الأمل إلى الغربة، وركب ركب التّطواف مع كلّ صحبة، قاطع الأغوار والأنجاد، حتى بلغ السدّ أوكاد، فلم يصحب له دهره الحرون [1]، ولا رقّ له زمانه المفتون.

إنّ الليالى والأيام لو سئلت

عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا

فكأنه في جفن الدهر قذى، أو [2] فى حلقه شجا، يدافعه بنيل الأمنيّة، حتى أسلمه إلى ربقة المنية.

لا يستقرّ بأرض أو يسير إلى

أخرى بشخص قريب عزمه ناءى [3]

يوما بحزوى، ويوما بالعقيق [4]، ويو

ما بالعذيب، ويوما بالخليصاء

وتارة ينتحى نجدا، وآونة

شعب الحزون، وحينا قصر تيّماء [5]

وهيهات مع حرفة الأدب، بلوغ وطر أو إدراك أرب. ومع عبوس الحظّ، ابتسام الدهر الفظّ.

ولم أزل مع الزّمان في تفنيد وعتاب، حتى رضيت من الغنيمة بالإياب [6]، والمملوك مع ذاك يدافع الأيام ويزجيها، ويعلّل العيشة ويرجّيها، متلفّعا بالقناعة

[1] ابن خلكان: «الخئون» ، وأصحب، أى انقاد.

[2]

ابن خلكان: «وفي حلقة» .

[3]

معجم البلدان 3: 461، ونسبها إلى عبد الله بن أحمد بن الحارث، شاهر بنى عباد.

[4]

معجم البلدان: «يوم بحزوى ويوم.» .

[5]

معجم البلدان: «شعب العقيق» .

[6]

قوله: «رضيت من الغنيمة من الإياب» ، مثل ضمنه امرؤ القيس في قوله:

وقد طوفت في الآفاق حتى

رضيت من الغنيمة بالإياب

ديوانه 99.

ص: 91

والعفاف، مشتملا [1] بالنّزاهة والكفاف، غير راض بذلك السّمل [2]، لكن مكره أخوك لا بطل [3]، متسّليا بإخوان قد ارتضى خلائقهم، وأمن بوائقهم، عاشرهم بالألطاف، ورضى منهم بالكفاف، لا خيرهم يرتجى، ولا شرهم يتّقى.

إن كان لا بدّ من أهل ومن وطن

فحيث آمن من ألقى ويأمننى

قد زمّ [4] نفسه عن أن يستعمل طرفا [5] طمّاحا، وأن يركب طرفا جمّاحا، أو أن يلحف بيض طمع جناحا [7]، أو أن يستقدح زندا واريا أو شحاحا [8].

وأدّبنى الزّمان فما أبالى

هجرت فلا أزار ولا أزور

ولست بقائل ما عشت يوما

أسار الجند أم رحل الأمير

وكان المقام بمرو الشاهجان [9]، المفسّر عندهم بنفس السّلطان، فوجد بها من كتب العلوم والآداب، وصحائف أولى الأفهام والألباب، ما شغله عن الأهل والوطن، وألهاه [10] عن كلّ خلّ صفىّ وسكن؛ فظفر منها بضالّته المنشودة، وبغية نفسه

[1] كذا في ب وابن خلكان.

[2]

السمل: جمع سملة، القليل من الماء.

[3]

مكره أخوك لا بطل، مثل وأول من قاله أبو حنش، خال بيهس الملقب بنعامة. وانظر الميدانى 1:152.

[4]

ابن خلكان: «ألزم» .

[5]

طرف طماح: بعيد النظر.

[6]

الطرف بالكسر: الجواد من الخيل.

[7]

ألحف البيض، أى غطاه.

[8]

الشحاح: الزند لا يورى.

[9]

مرو الشاهجان، هى مرو العظمى، أشهر مدن خراسان وقصبتها. وفي معجم البلدان:«وأما الشاهجان فهى فارسية، معناها نفس السطان، لأن الجان هى النفس أو الروح. والشاه هو السلطان، سميت بذلك لجلالتها عندهم» .

[10]

كذا في ابن خلكان، وفي الأصلين:«اللهسنة» ، ويبدو أنه تحريف.

ص: 92

المفقودة، فأقبل عليها إقبال النّهم الحريص، وقابلها بمقام لا يزمع عنها معه محيص، فجعل يرتع في حدائقها، ويستمتع بحسن خلقها وخلائفها، ويسرّح طرفه فى طرفها، ويتلذّذ بمبسوطها ونتفها، واعتقد المقام بذلك الجناب، إلى أن يجاور التّراب:

إذا ما الدهر بيّتنى بجيش

طليعته اغتمام واكتئاب [1].

شننت عليه من جهتى كمينا

أميراه الذّبالة والكتاب

وبتّ أنصّ من شيم اللّيالى

عجائب في حقائقها ارتياب

بها أجلى همومى مستريحا

إذا جلّى همومهم الشّراب [2].

إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب، والويل المبير والتّباب. وكانت لعمر الله بلادا مونقة الأرجاء، رائقة الأنحاء، ذات رياض أريضة [3]، وأهوية صحيحة مريضة، قد تغنّت أطيارها، فتمايلت طرّبا أشجارها، وبكت أنهارها، فتضاحكت أزهارها، وطاب روح نسيمها، فصحّ مزاج إقليمها، فلعهدى بتلك الرّياض الأنيقة، والأشجار المتهدّلة الوريقة، وقد ساقت إليها أرواح الجنائب، زقاق خمر السّحائب، قسقت مروجها مدام الطّلّ، فنشأ عن [4] أزهارها حباب كاللؤلؤ المنحلّ، فلما رويت من تلك الصّهباء أشجاره، رنّحها النّسيم وخماره [5]، فتدانت ولا تدانى المحبّين، وتعانقت ولا عناق العاشقين،

[1] ابن خلكان: «واغتراب» .

[2]

ابن خلكان: «كما جلى» .

[3]

أريضة: معجبة للعين رك ية.

[4]

ابن خلكان: «على» .

[5]

الخمار: بقية السكر، وفي ابن خلكان:«رنحها من النسيم وخماره» .

ص: 93

يلوح من خلالها شقائق قد شابها [1] اشتقاق الهواء العليل، فشابّه شفتى غادتين دنتا [2].

للتقبيل، وربّما اشتبه على النّحرير بائتلاق الجمر، وقد انتابه رشاش من القطر، ويريك من بهار يبهر ناضره [3]، فيرتاح [4] إليه ناظره [4]، كأنّه صنوج [5] العسجد تصفّق، أو دنانير من الإبريز تبرق، ويتخلّل ذلك أقحوان [6]، تخاله ثغرا لمعشوق إذا عضّ خدّ عاشق، فلله درّها من نزهة وامق، ولون رائق! وجملة أمرها [7] أنّها كانت أنموذج الجنّة بلامين، فيها ما تشتهى الأنفس وتلذّ العين، قد اشتملت عليها المكارم، وارحجنّت [8] فى أرجائها بالخيرات [9] الفائضة للعالم، فكم كان فيها من حبر راقت حبره، ومن إمام توّجهت جباه الإسلام سيره، آثار علومهم على صفحات الدهر مكتوبة، وفضائلهم في محاسن الدنيا والدين محسوبة، وإلى كلّ قطر مجلوبة. فما من متين علم، وقويم رأى، إلّا ومن مشرقهم مطلعه، ولا من [10] مغرّبة فضل إلا وعندهم مغربه وإليهم منزعه، وما تشاء من كرم أخلاق بلا اختلاق إلّا وجدته فيهم، ولا إعراق [11].

فى طيب أعراق إلا اجتنيته من معانيهم، أطفالهم رجال، وشبّانهم أبطال، ومشايخهم

[1] شابه: خالط.

[2]

فى الأصلين: «دنوا» ، والصواب ما أثبته من ابن خلكان.

[3]

فى الأصلين: «فيبهره ناظره» ، والصواب ما أثبته من ابن خلكان.

(4 - 4) سافط من ب.

[5]

الصنوج: جمع صنجة، وهو العيار يتخذ من صفر، يضرب أحدهما على الآخر.

[6]

الأقحوان، بضم الهمزة: نبات له زهر أبيض في وسطه كتلة صغيرة صفرّاء.

[7]

كذا في ابن خلكان، وفي الأصلين:«فإنها» .

[8]

ارحجنت: اهتزت.

[9]

ابن خلكان: «الخيرات» .

[10]

ابن خلكان: «معرفة» .

[11]

إعراق: مصدر أعرق الرجل، إذا كان عريقا، أى أصيلا.

ص: 94

أبدال، شواهد مناقبهم باهرة، ودلائل مجدهم ظاهرة. ومن العجب العجاب، أن سلطانهم المالك، هان عليه ترك تلك الممالك، وقال لنفسه اله [1] وآلك، وإلا فأنت في الهوالك، وأجفل إجفال الرّال [2]، وطفق إذا رأى غير شىء ظنه رجلا بل رجال، (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ* وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ)

[3]

. لكنّه جلّ وعزّ لم يورّثها قوما آخرين، تنزيها لأولئك الأبرار عن مقام المجرمين؛ بل ابتلاهم فوجدهم شاكرين، وبلاهم فألفاهم صابرين، فألحقهم بالشّهداء الأبرار، ورفعهم إلى درجات المصطفّين الأخيار، (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

[4]

، فجاس خلال تلك الدّيار- أهل الكفر والإلحاد، وتحكّم في تلك الأبشار أولو الزّيغ والعناد، فأصبحت تلك القصور، كالمحوّ [5] من السّطور، واضت [6] تلك الأوطان، مأوى الصّدى [7] والغربان، تتجاوب في نواحيها البوم، وتتناوح في أرجائها الريح السّموم، يستوحش فيها الأنيس، ويرثى لمصابها إبليس

كأن لم يكن فيها أوانس كالدّمى

وأقيال ملك في بسالتهم أسد

فمن حاتم في جوده وابن مامة

ومن أحنف إن عدّ حلم، ومن سعد!

تداعى بهم صرف الزمان فأصبحوا

لنا عبرة تدمى الحشا ولمن بعد

[1] كذا في ابن خلكان، وفي الأصلين:«الهوالك» .

[2]

الرّال: ولد النعام.

[3]

سورة الدخان 25 - 27.

[4]

سورة البقرة 216.

[5]

كذا في ب وابن خلكان والأصل: «كالمهجور» .

[6]

ب: «وأصبحت» ، وفي ابن خلكان:«فأصبحت» .

[7]

ابن خلكان: «الأصداء» .

ص: 95

(فإنّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)

من حادثة تقصم الظّهر، وتهدم العمر، وتفتّ فى العضد، وتوهى الجلد، وتضاعف الكمد، وتشيب الوليد، وتنخب لبّ الجليد، وتسوّد القلب، وتذهل اللّبّ، فحينئذ تقهقر المملوك على عقبيه ناكصا، ومن الأوبة إلى حيث تستقرّ فيه النفس بالأمن آيسا، بقلب واجب [1]، ودمع ساكب، ولبّ عازب، وحلم غائب، وتوصّل [2]، وما كاد حتّى استقرّ بالموصل، بعد مقاساة أخطار، وابتلاء واصطبار، وتمحيص الأوزار، وإشراف غير مرة على البوار والتّبار. لأنّه مرّبين سيوف مسلولة، وعساكر مغلولة، ونظم [3] محلولة. ودماء مسكوبة مطلولة [4]، وكان شعاره كلّما علا قتبا، أو قطع سبسبا:(لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً)

[5]

. فالحمد لله الّذى أقدرنا على الحمد، وأولانا نعماء تفوت الحصر والعدّ.

وجملة الأمر [أنه [6]] لولا فسحة في الأجل، لعزّ أن يقال: سلم من البأس أوصل، ولصفّق عليه أهل الوداد صفقة المغبون، وألحق بألف ألف ألف ألف ألف هالك بأيدى الكفار أو يزيدون، وخلّف خلفه جلّ ذخيرته، ومستمدّ [7] معيشته.

تنكّر لى دهرى ولم يدر أنّنى

أعزّ وأحداث الزمان تهون

وبات يرينى الخطب كيف اعتداؤه

وبتّ أريه الصّبر كيف يكون

[1] واجب: مضطرب.

[2]

ابن خلكان: «فتوصل» .

[3]

ابن خلكان: «ونظام عقد محلولة» .

[4]

مطلولة: مهدرة.

[5]

سورة الكهف 62.

[6]

من ابن خلكان.

[7]

كذا في ب وابن خلكان، وفي الأصل. «مستمدة» .

ص: 96

وبعد؛ فليس للملوك ما يسلّى به خاطره، ويعزّى به قلبه وناظره، إلّا التّعليل بإزاحة العلل، إذا هو بالحضرة الشريفة مثل.

فاسلم ودم وتملّ العيش في دعة

ففى بقائك ما يسلى عن السّلف [1].

فأنت للمجد روح، والورى جسد

وأنت درّ فلا نأسى على الصّدف

والمملوك الآن بالموصل مقيم، يعالج ممّا حزبه [2] من هذا الأمر المقعد المقيم، يزجى وقته، ويمارس حرفته [3] وبخته، تكاد تقول له باللسان القويم:(تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)

[4]

يذيب نفسه في تحصيل أغراض، هى لعمر الله أعراض، من صحف يكتبها، وأوراق يستصحبها، نصبه فيها طويل، واستماعه بها قليل، ثمّ الرحيل. وقد عزم بعد قضاء نهمته [5]، وبلوغ بعض وطر قرونته [6]، أن يستمدّ التوفيق، ويركب سنن الطريق، عساه يبلغ أمنيّته من المثول بالحضرة، وإتحاف بصره من خلالها ولو بنظرة، ويلقى عصا التّرحال بفنائها الفسيح، ويقيم تحت ظلّ كنفها إلى أن يصادفه الأجل المريح، وينظم نفسه في سلك مماليكها بحضرتها، كما ينتمى إليها في غيبتها، إن مدّت السعادة بضبعه، وسمح له الدّهر بعد الخفض برفعه، فقد ضعفت قواه عن درك الآمال، وعجز عن معاركة الزّمان والنزّال، إذ ضمّت البسيطة إخوانه، وحجب الجديدان أقرانه، ونزل المشيب بعذاره،

[1] كذا في ب وابن خلكان، وفي الأصل:«ما أسلى عن السلف» .

[2]

ابن خلكان: «لما خرّبه» .

[3]

الحرفة: الحرمان.

[4]

سورة يوسف 95.

[5]

النهمة: الحاجة.

[6]

القرونة؛ بفتح القاف: النفس.

ص: 97

وضعفت منه أوطاره [1]، وانقضّ باز الشّيب على غراب شبابه فقنصه، وأكبّ نهار الحلم على ليل الجهل فوقصه، وتبدّلت محاسنه عند أحبابه مساوئ وخصصة، واستعاض من حلّة الشّباب القشيب، خلق الكبر والمشيب.

وشباب بان منّى وانقضى

قبل أن أقضى منه أربى

وما أرجّى بعده الّا الفنا

ضيّق الشيب على مطّلبى

وقد ندب المملوك أيام الشباب بهذه الأبيات، وما أقلّ غناء الباكى على من عدّ فى الرّفات!

تنكّر لى مذ شبت دهرى وأصبحت

معارفه عندى من النّكرات

إذا ذكرتها النّفس حنّت صبابة

وجادت شئون العين بالعبرات

إلى أن أتى دهر يحسّن ما مضى

ويوسعنى تذكاره حسرات

فكيف ولمّا يبق من كأس مشربى

سوى جرع في قعره كدرات

وكلّ أناء صفوه في ابتدائه

وفي القعر مزجى حمأة وقذاة [2].

والمملوك يتيّقن أنه لا ينفق هذا الهذر [3] الّذى مضى؛ إلا النّظر إليه بعين الرّضا، ولرأى مولانا الوزير الصاحب، كهف الورى بمشارق ومغارب [4]، فيما يلاحظه منه بعادة مجده منه مزيد مناقب ومراتب، والسّلام.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله خير الأنام وشرّف وكرّم.

[1] ابن خلكان: «وضعفت قوى أوطاره» .

[2]

ابن خلكان: «ويرسب في عقباه كل قذاة» .

[3]

ابن خلكان: «القذر» .

[4]

ابن خلكان: «فى المشارق والمغارب» .

ص: 98