الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول: توثيق سند الحديث
الفصل الأول: نقل السنة بالتواتر والآحاد
مدخل
…
القسم الأول: توثيق سند الحديث
الفصل الأول: نقل السنة بالتواتر والآحاد
131-
في القرن الثاني الهجري سار توثيق السنة في طريقين يكمل أحدهما الآخر حفاظًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحدهما: وضع المقاييس والأسس التي تكفل للسنة أن تنقل نقلًا صحيحًا دون تبديل أو تغيير، والتي تصونها من وضع الوضاعين، وتحريف بعض الرواة، وقد بدأ السير في هذا الطريق في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، كما سبق أن رأينا، واستكملت أسسه في القرن الثاني، كما سنرى إن شاء الله تعالى.
ثانيهما: إثبات حجية السنة، كمصدر أساسي من مصادر التشريع الإسلامي، وإزالة العوائق التي وضعها الحاقدون على السنة دون تنفيذ ذلك؛ وقد بدأ هذا عندما ادعت طوائف أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تنقل نقلًا صحيحًا، ولا يمكن لها ذلك، على الرغم من الجهود التي يبذلها القائمون في هذا المجال، وهي بالتالي غير موثقة، وغير صحيحة، وغير جديرة بالقبول، ولا تكون حجة.
132-
وقد بدأ السير في هذا الطريق في القرن الثاني الهجري، وحمل لواءه الإمام الشافعي، رضي الله عنه.
133-
وسنبدأ بالطريق الثاني؛ لأنه كالأساس للطريق الأول، فالذين وضعوا أسس توثيق السنة كان يدفعهم إلى ذلك أن العمل بها ضروري، وأن حجيتها ثابتة، وأن نقل معظمها عن طريق الآحاد من الرواة لا يجعلنا نشك فيها، أو لا نطمئن على ثبوتها، كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي موثوق به، كما فعل بعض الناس فهذا هو الأساس الذي تتلوه عملية التوثيق الأخرى، التي بدأت منذ عصر الصحابة، كما رأينا.
وبدأت أولًا لأن القائلين برفض السنة واستحالة نقلها نقلًا صحيحًا عن طريق الرواة لم يظهر أثرهم وخطرهم على السنة إلا في القرن الثاني الهجري، ولهذا انتضى لهم الإمام الشافعي.
134-
والسنة من حيث السند تنقسم إلى قسمين عند الجمهور:
1-
قسم نقله قوم لا يتوهم اجتماعهم وتواطؤهم على الكذب؛ لكثرة عددهم، وتباين أمكنتهم ابتداء من أول القرن الثاني، عن قوم مثلهم. إلى أن يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون أوله كآخره، وأوسطه كطرفيه، وذلك نحو نقل أعداد الركعات، وأعداد الصلوات، ومقادير الزكاة، ومنه حديث:"من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" 1، فقد نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم، وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم2.
ويسمى هذا القسم بالمتواتر، ويطلق عليه الإمام الشافعي علم العامة أو علم الإحاطة3.
وهذا القسم لا يذكره المحدثون ولا يكاد يوجد في رواياتهم؛ لكونه لا تشمله صناعتهم، كما يعبر ابن الصلاح4.
2-
وقسم ليس كذلك، وإنما نقله الآحاد من الرواة في أي طبقة من الطبقات الأولى الثلاث، الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين، وبعبارة أخرى قسم ليس بمتواتر، ويسمى هذا القسم "الآحاد"، ويسميه الإمام الشافعي "علم الخاصة"5.
1 انظر طرق هذا الحديث ومن رواه من الصحابة في كتاب تحذير الخواص من أكاذيب القصاص: جلال الدين السيوطي تحقيق محمد الصباغ -المكتب الإسلامي 1392هـ-1972م ص8-65 الفصل الأول بأجمعه.
2 مقدمة ابن الصلاح: تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزودي المعروف بابن الصلاح مطبوعة مع شرح التقييد والإيضاح للحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الحسين العراقي "725-806هـ" نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. الطبعة الأولى 1389هـ-1969م ص266.
3 الرسالة: محمد بن إدريس الشافعي "150-204م" تحقيق أحمد محمد شاكر - الطبعة الأولى 1385-1940، مكتبة مصطفى الحلبي، ص478.
4 مقدمة ابن الصلاح: ص265.
5 الرسالة: ص478، 479.