الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الحج
مقدمة
الحج: حج يحج حجًّا، من باب قتل، وهو بفتح الحاء وكسرها، والفتح أشهر؛ والحِجة بالكسر المرة، ولكن غير قياس، والجمع حجج، قال ثعلب: قياسه الفتح، ولم يسمع من العرب.
والحج لغة: القصد، وقال الخليل: القصد إلى معظَّم، قال في المصباح: ثم قصر استعماله في الشرع على قصد الكعبة للحج والعمرة.
وشرعًا: قصد البيت الحرام؛ لأعمال مخصوصة، في زمن مخصوص.
وكونه أحد أركان الإسلام ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين، إجماعًا ضروريًا:
فالكتاب: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران].
وأما السُّنَّة: فمستفيضةٌ، ومنها ما في الصحيحين:"بُني الإسلام على خمس"، ولا يجب في العمر إِلَّا مرَّة واحدة في السنة، كما في سنن أبي داود (1463) من حديث ابن عبَّاس مرفوعًا، "الحج مرة فمن زاد فهو تطوع".
قال الوزير وغيره: أجمعوا على أنَّ الحج يجب على كل مسلم بالغ مستطيع مرةً واحدةً، وأنَّ المرأة في ذلك كالرجل.
قال الشيخ تقي الدين: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وجه الله تعالى والتقرب إليه، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا، أو المفاخرة، أو حيازة
الألقاب، أو الرياء، أو السمعة، فإنَّ ذلك سبب في بطلان العمل، وعدم قبوله.
* حكمه وأسراره:
للحج حكم عظيمة، وأسرار سامية، وأهداف كريمة، تجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وقد أشارت إليها الآية الكريمة، قال تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28].
فهو مجمع حافل كبير، يضم جميع وفود المسلمين من أقطار الدنيا، في زمنٍ واحدٍ، ومكانٍ واحدٍ.
فيكون فيه التآلف والتعارف، والتفاهم، مما يجعل المسلمين أمةً واحدةً، وصفًّا واحدًا، فيما يعود عليهم بالنفع في أمر دينهم ودنياهم.
وفيه من الفوائد والمنافع الاجتماعية والثقافية والسياسية ما يفوت الحصر عده، وهو عبادة جليلة لله تعالى بالتذلُّلِ، والخضوع والخشوع، وبذل النفس والنفيس من النفقات، وتجشم الأسفار والأخطار، ومفارقة الأهل والأوطان، كل ذلك طاعة لله تعالى، وشوقًا إليه، ومحبة له، وتقربًا إليه في قصد الكعبة المشرفة، والبقاع المقدسة.
ومن أجل هذا جاء الحديث الذي في البخارى (1650) ومسلم (2403)"الحج المبرور ليس له جزاء إلَاّ الجنة" هذا إذا قصد العبد بحجه وجه الله تعالى، واحتسب الأجر من الله تعالى، ثم تحرى اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في حجَّه وأعماله كلها، وابتعد عمَّا ينقص حجه من الرفث، والفسوق، والجدال بالباطل.
ونقَّى عقيدته من البدع والخرافات والاتجاهات المنافية لدين الإسلام، والله الموفق والمستعان.
***