الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَن فِيهِ إهدار الْجرْح (أما الْجَارِح) أَي عدم إهداره (فَظَاهر، وَأما قَول الْمعدل) أَي عدم إهداره بِحَيْثُ يلْزم تَكْذِيبه (فُلَانُهُ ظن الْعَدَالَة لما قدمْنَاهُ) من ظَاهر حَال الْمُسلم والتزام مَا يَقْتَضِيهِ الْإِسْلَام من اجْتِنَاب مَحْظُورَات دينه (وَلما يَأْتِي) من أَن الْعَدَالَة يتصنع فِي إظهارها فتظن وَلَيْسَت ثَابِتَة (ورد تَرْجِيح الْعَدَالَة بِالْكَثْرَةِ) أَي بِسَبَب كَثْرَة المعدلين (بِأَنَّهُم وَإِن كَثُرُوا لَيْسُوا مخبرين بِعَدَمِ مَا أخبر بِهِ الجارحون) وَلَو أخبروا بِهِ لكَانَتْ شَهَادَة على النَّفْي، وَهِي بَاطِلَة، ذكره الْخَطِيب (وَمعنى هَذَا أَنهم) أَي المعدلين والجارحين (لم يتواردوا فِي التَّحْقِيق) على مَحل وَاحِد فَلَا تعَارض بَين خبريهما (فَأَما إِذا عين) الْجَارِح (سَبَب الْجرْح) بِأَن قَالَ قتل فلَانا يَوْم كَذَا مثلا (ونفاه الْمعدل يَقِينا) بِأَن قَالَ رَأَيْته حَيا بعد ذَلِك الْيَوْم (فالتعديل) أَي تَقْدِيمه على الْجرْح (اتِّفَاق وَكَذَا) يقدم على الْجرْح (لَو قَالَ) الْمعدل (علمت مَا جرحه) أَي الْجَارِح الشَّاهِد أَو الرَّاوِي (بِهِ) من القوادح (وَأَنه) أَي الْمَجْرُوح (تَابَ عَنهُ) أَي عَمَّا جرح بِهِ، هَذَا وناقش الشَّارِح فِي حِكَايَة الِاتِّفَاق فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَا فِي شرح السُّبْكِيّ من أَنَّهَا: يَعْنِي الصُّورَة الأولى من مواقع الْخلاف، والاعتماد على نقل المُصَنّف أَكثر.
مسئلة
(أَكثر الْفُقَهَاء وَمِنْهُم الْحَنَفِيَّة و) أَكثر (الْمُحدثين) وَمِنْهُم البُخَارِيّ وَمُسلم (لَا يقبل الْجرْح إِلَّا مُبينًا) سبه كَأَن يَقُول: فلَان مدمن خمرًا أَو آكل رَبًّا (لَا) كَذَلِك (التَّعْدِيل) فَيقبل من غير بَيَان (وَقيل بِقَلْبِه) أَي لَا يقبل التَّعْدِيل إِلَّا مُبينًا سَببه كَأَن يَقُول: (فلَان يجْتَنب الْكَبَائِر والإصرار على الصَّغِيرَة وخوارم الْمُرُوءَة، وَيقبل الْجرْح بِلَا ذكر سَببه (وَقيل) يقبل الْإِطْلَاق (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل فَإِن قلت من أَيْن يفهم مرجع ضمير قيل؟ قلت من قَوْله لَا التَّعْدِيل، فَإِن مَعْنَاهُ يقبل من غير بَيَان كَمَا مر (وَقيل لَا) يقبل الْإِطْلَاق فيهمَا فَلَا بُد من الْبَيَان فِي كل مِنْهُمَا. قَالَ (القَاضِي) أَبُو بكر قَالَ (الْجُمْهُور من أهل الْعلم إِذا جرح من لَا يعرف الْجرْح يجب الْكَشْف) عَن ذَلِك (وَلم يوجبوه) أَي الْكَشْف (على عُلَمَاء الشَّأْن. قَالَ) القَاضِي (ويقوى عندنَا تَركه) أَي الْكَشْف (إِذا كَانَ الْجَارِح عَالما كَمَا لَا يجب استفسار الْمعدل) عَمَّا صَار الْمُزَكي عِنْده عدلا بِهِ (وَهَذَا)(مَا يُخَالف مَا) نقل (عَن أَمَام الْحَرَمَيْنِ) وَهُوَ قَوْله (إِن كَانَ) كل من الْمعدل والجارح (عَالما كفى) الْإِطْلَاق (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن عَالما (لَا) يَكْفِي الْإِطْلَاق فيهمَا كَمَا اخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَغَيره، وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ والرازي والخطيب (فِي الِاكْتِفَاء فِي التَّعْدِيل بِالْإِطْلَاقِ) فَإِنَّهُ على قَول
القَاضِي لَا يجب الْبَيَان فِي التَّعْدِيل، وعَلى قَول الإِمَام يجب إِلَّا إِذا كَانَ عَالما. قَوْله فِي الِاكْتِفَاء مُتَعَلق يُخَالف، وبالإطلاق بالاكتفاء (أَو) هَذَا (مثله) أَن مَا عَن الإِمَام بِنَاء على إِرَادَة التَّقْيِيد بِالْعلمِ فِي التَّعْدِيل، بل فِي كَلَام القَاضِي وَإِن كَانَ بَعيدا (فَمَا نسب إِلَى القَاضِي من الِاكْتِفَاء بِالْإِطْلَاقِ) فيهمَا كَمَا وَقع للْإِمَام وَالْغَزالِيّ (غير ثَابت) عَن القَاضِي. قَالَ الشَّيْخ الْعِرَاقِيّ: الظَّاهِر أَنه وهم مِنْهُمَا، وَالْمَعْرُوف أَنه لَا يجب ذكر سَبَب وَاحِد مِنْهُمَا إِذا كَانَ كل من الْجَارِح والمعدل ذَا بَصِيرَة كَمَا عَلَيْهِ الْغَزالِيّ وَحَكَاهُ عَنهُ الرَّازِيّ والآمدي والخطيب (وَيبعد من عَالم القَوْل بِسُقُوط رِوَايَة أَو ثُبُوتهَا بقول من لَا خبْرَة عِنْده بالقادح وَغَيره). قَالَ السُّبْكِيّ: لَا يذهب عَاقل إِلَى قبُول ذَلِك مُطلقًا من رجل غمر جَاهِل لَا يعرف مَا يجرح بِهِ وَلَا مَا يعدل بِهِ (وَمَا أوردوه من دَلِيله) أَي القَاضِي: وَهُوَ أَنه (إِن شهد) الْجَارِح مثلا (من غير بَصِيرَة لم يكن عدلا) لِأَنَّهُ يدل على اتِّبَاعه الْهوى (وَالْكَلَام فِيهِ) أَي وَالْحَال أَن كلامنا فِي الْعدْل (فَيلْزم أَن لَا يكون) الْجَارِح (إِلَّا ذَا بَصِيرَة، فَإِن سكت) الْجَارِح عَن الْبَيَان (فِي مَحل الْخلاف) أَي الْموضع الْمُخْتَلف فِي أَنه هَل هُوَ بِسَبَب الْجرْح (فمدلس) وَهُوَ قدح فِي عَدَالَته، وَمَا أوردوه مُبْتَدأ خَبره (يُفِيد أَن لَا بُد من بَصِيرَة عِنْده) أَي القَاضِي (بالقادح وَغَيره وبالخلاف فِيمَا فِيهِ) الْخلاف من أَسبَاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل (وَكَذَا مَا أجابوا بِهِ) أَي القَاضِي (من أَنه) أَي الْجَارِح (قد يَبْنِي على اعْتِقَاده) فِيمَا يرَاهُ جرحا (أَو لَا يعرف الْخلاف) فَلَا يكون مدلسا وَمَا أجابوا مُبْتَدأ خَبره (فرع أَن لَهُ علما: غير أَنه قد لَا يعرف الْخلاف فيجرحه أَو يعد لَهُ بِمَا يَعْتَقِدهُ وَهُوَ مُخطئ فِيهِ، لَكِن دفع بِأَن كَونه لَا يعرف الْخلاف خلاف مُقْتَضى بَصَره) بالفن وَقد يدْفع هَذَا الدّفع بِأَن الْتِزَام كَونه ذَا بَصِيرَة لَا يسْتَلْزم أَن لَا يفوتهُ شَيْء من مراتبها، وَعدم معرفَة الْخلاف لَا يُوجب عدم البصيرة رَأْسا (وَالْحَاصِل أَنه لَا وجود لذَلِك القَوْل) أَي الَّذِي يَقْتَضِي سُقُوط رِوَايَة أَو ثُبُوتهَا بقول من لَا خبْرَة عِنْده بالقادح وَغَيره (فَيجب كَون الْأَقْوَال على تَقْدِير الْعلم) للمعدل أَو الْجَارِح فَتكون (أَرْبَعَة فَقَائِل) يَقُول (لَا يَكْفِي) الْإِطْلَاق من الْعَالم (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (للِاخْتِلَاف) بَين الْعلمَاء فِي سببهما (فَفِي التَّعْدِيل جَوَاب أَحْمد بن يُونُس فِي تَعْدِيل عبد الله الْعمريّ) إِنَّمَا يُضعفهُ رَافِضِي مبغض لِآبَائِهِ لَو رَأَيْت لحيته وخضابه وهيئته لعرفت أَنه ثِقَة، فاستدل على ثقته بِمَا لَيْسَ بِحجَّة، لِأَن حسن الْهَيْئَة يشْتَرك فِيهِ الْعدْل والمجروح (وَفِي الْجرْح) الِاخْتِلَاف فِي سَببه (كثير كشعبة) أَي كجرحه (بالركض) وَقد سبق (وَغَيره وَالْجَوَاب) عَن هَذَا (بِأَن لَا شكّ مَعَ إِخْبَار الْعدْل) يَعْنِي بعد مَا فرض أَن الْعدْل والجارح عدل عَالم فَقَوله مثله مُوجب للظن بِمَا أخبر بِهِ إِذْ لَو لم يعرف لم يقبل فَلَا مجَال للشَّكّ فِيهِ مَدْفُوع
بِأَن المُرَاد) بِالشَّكِّ (الشَّك الْآتِي من احْتِمَال الْغَلَط فِي الْعَدَالَة للتصنع) فِي إظهارها بالتكلف فِي الإتصاف بالفضائل والكمالات فيتسارع النَّاس إِلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُود بِهِ بقوله قادحا وَلما يَأْتِي (واعتقاد مَا لَيْسَ قادحا قادحا فِي الْجرْح وَالْعَدَالَة) الْمَذْكُور (لَا تنفيه) أَي الْغَلَط الْمَذْكُور (وَالْجَوَاب أَن قصارى) أَي غَايَة (الْمعدل الْبَاطِن) أَي الَّذِي يتفحص عَن بواطن الْأُمُور (الظَّن الْقوي بِعَدَمِ مُبَاشرَة الْمَمْنُوع) شرعا (لتعذر الْعلم) بِهِ (وَالْجهل بِمَفْهُوم الْعَدَالَة مُمْتَنع عَادَة من أهل الْفَنّ وَلَا بُد فِي إخْبَاره) أَي الْمعدل (من تطبيقه) أَي مَفْهُوم الْعَدَالَة (على حَال من عدله فأغنى) هَذَا الْمَجْمُوع (عَن الاستفسار) مِنْهُ عَن سَببهَا (وَيقطع بِأَن جَوَاب أَحْمد) بن يُونُس (استرواح) أَي أراح نَفسه عَن المجادلة (لَا تَحْقِيق إِذْ لَا شكّ أَنه لَو قيل لَهُ: ألحسن اللِّحْيَة وخضابها دخل فِي الْعَدَالَة؟ نَفَاهُ) أَي أَن يكون لَهُ دخل (وَقَائِل) يَقُول (يَكْفِي) الْإِطْلَاق (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (من الْعَالم لَا من غَيره: وَهُوَ مُخْتَار الإِمَام تَنْزِيلا لعلمه منزلَة بَيَانه، وَجَوَابه فِي الْجرْح مَا تقدم) من أَن الِاخْتِلَاف فِي أَسبَاب الْجرْح كثير بِخِلَاف الْعَدَالَة (وَقَائِل) يَقُول يَكْفِي الْإِطْلَاق (فِي الْعَدَالَة فَقَط للْعلم بمفهومها اتِّفَاقًا فكسوته كبيانه بِخِلَاف الْجرْح) فَإِن أَسبَابه كَثِيرَة وَالِاخْتِلَاف فِيهِ كثير (وَهُوَ) أَي هَذَا القَوْل (مَذْهَب الْجُمْهُور) تَأْكِيد لما صدر بِهِ المسئلة اهتماما بِشَأْنِهِ (وَهُوَ الْأَصَح، وَقَائِل) يَقُول (قلبه) أَي يَكْفِي الْإِطْلَاق فِي الْجرْح دون التَّعْدِيل، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله قَائِل مُضَافا إِلَى قلبه، وَالْمعْنَى ذهب إِلَى مَا ذهب (للتصنع فِي الْعَدَالَة) كَمَا مر فَلَا بُد فِيهَا من الْبَيَان ليعلم عدم التصنع (وَالْجرْح يظْهر) لعدم التصنع فِيهِ وَعدم خفائه (وَتقدم) ذكره مَعَ جَوَابه (ويعترض على الْأَكْثَر بِأَن عمل الْكل) من أهل الشَّأْن (فِي الْكتب) مَبْنِيّ (على إِبْهَام) سَبَب (التَّضْعِيف إِلَّا قَلِيلا) من التَّضْعِيف حَيْثُ لَا إِبْهَام فِيهِ، فَإِذا اتَّفقُوا على الحكم بِضعْف الرِّوَايَة بِمُجَرَّد تَضْعِيف مُبْهَم علم أَنهم يكتفون فِي الْجرْح بِمُجَرَّد طعن مُبْهَم (فَكَانَ) الِاكْتِفَاء بِإِطْلَاق الْجرْح (إِجْمَاعًا، وَالْجَوَاب) عَن هَذَا على مَا ذكره ابْن الصّلاح (بِأَنَّهُ) أَي عَمَلهم الْمَذْكُور (أوجب التَّوَقُّف عَن قبُوله) لَا الحكم بجرحه: أَي الرَّاوِي المضعف فموجبه لَيْسَ إِلَّا رِيبَة مُوجبَة للتوقف فَمن زَالَت عَنهُ بالبحث عَن حَاله وَجب عَلَيْهِ أَن يَثِق بعدالته وَيقبل حَدِيثه كمن احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَمُسلم مِمَّن مَسّه مثل هَذَا الْجرْح من غَيرهمَا ثمَّ قَوْله وَالْجَوَاب مُبْتَدأ خَبره (يُوجب قبُول) الْجرْح (الْمُبْهم إِذْ الْكَلَام فِيمَن عدل وَإِلَّا فالتوقف لجَهَالَة حَاله ثَابت وَإِن لم يجرح، بل الْجَواب أَن أَصْحَاب الْكتب المعروفين عرف مِنْهُم صِحَة الرَّأْي فِي الْأَسْبَاب) الْجَارِحَة فَأوجب جرحهم الْمُبْهم التَّوَقُّف عَن الْعَمَل بالمجروح (حَتَّى لَو عرف) الْجَارِح مِنْهُم (بِخِلَافِهِ) أَي خلاف الرَّأْي الصَّحِيح فِي الْأَسْبَاب