المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عَن الْعَمَل بِشَيْء مِنْهُمَا إِلَى أَن يظْهر رُجْحَان أَحدهمَا فَيعْمل - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٣

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الثَّانِي من الْمقَالة الثَّانِيَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌(فصل: حجية السّنة)

- ‌(فصل: فِي شَرَائِط الرَّاوِي. مِنْهَا كَونه بَالغا حِين الْأَدَاء)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌فصل فِي التَّعَارُض

- ‌مسئلة

- ‌(فصل الشَّافِعِيَّة}

- ‌مسئلة

- ‌فصل

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الرَّابِع فِي الْإِجْمَاع

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌‌‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌من الْأَبْوَاب الْخَمْسَة من الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَحْوَال الْمَوْضُوع

- ‌فصل فِي الشُّرُوط

- ‌مسئلة

- ‌المرصد الأول: فِي تقسيمها

- ‌تَتِمَّة

الفصل: عَن الْعَمَل بِشَيْء مِنْهُمَا إِلَى أَن يظْهر رُجْحَان أَحدهمَا فَيعْمل

عَن الْعَمَل بِشَيْء مِنْهُمَا إِلَى أَن يظْهر رُجْحَان أَحدهمَا فَيعْمل بِهِ كَمَا ذهب إِلَيْهِ القَاضِي أَبُو بكر وليخبر الْمُجْتَهد بِالْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِذا عمل بِأَحَدِهِمَا سقط الآخر، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي (وَلَا يخفى أَن الأول) أَي قَوْلهم التَّعَبُّد بِهِ مُمْتَنع لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَحْرِيم الْحَلَال وَقَلبه (لَيْسَ عقليا، بل مِمَّا أَخذه الْعقل من الشَّرْع، فالمطابق) أَي فالاستدلال المطابق للْمُدَّعِي الِاسْتِدْلَال (الثَّانِي) وَهُوَ لُزُوم اجْتِمَاع النقيضين: وَهَذَا تَعْرِيض بِمَا فِي الشَّرْح العضدي. وَزعم الشَّارِح أَن كلا الدَّلِيلَيْنِ يحْتَاج فِي تَقْرِيره إِلَى فرض مخبرين بالنقيضين، وَلم يدر أَنه حِينَئِذٍ لَا يبْقى لقَوْله لجَوَاز خطئه معنى، وَيرد عَلَيْهِ مفاسد أخر (وَمَا) نقل (عَنْهُم) أَي الْمُخَالفين (من قَوْلهم لَو جَازَ) التَّعَبُّد بِهِ (جَازَ) التَّعَبُّد فِي العقائد (وَنقل الْقُرْآن وادعاه النُّبُوَّة بِلَا معجز) وَمعنى التَّعَبُّد فِي الْأَخيرينِ أَن يعْتَقد أَن الْقُرْآن والنبوة من غير احْتِيَاج إِلَى تَوَاتر وَإِظْهَار معْجزَة، وَاللَّازِم بَاطِل اتِّفَاقًا، وَخبر الْمُبْتَدَأ وَهُوَ الْمَوْصُول (سَاقِط لِأَن الْكَلَام فِي التجويز الْعقلِيّ فنمنع بطلَان التَّالِي) ونقول: بل يجوز التَّعَبُّد بِهِ فِي هَذِه الْمَذْكُورَات أَيْضا (غير أَن التَّكْلِيف وَقع بِعَدَمِ الِاكْتِفَاء) بِخَبَر الْوَاحِد (فِيهَا) قَالَ تَعَالَى - {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} - خص بِمَا عدا الْفُرُوع للأدلة الدَّالَّة على أَن الظَّن كَاف فِيهَا، وَهُوَ حَاصِل بِخَبَر الْعدْل الْوَاحِد.

‌مسئلة

(الْعَمَل بِخَبَر الْعدْل وَاجِب فِي العمليات) وَمنعه الروافض وشذوذ، مِنْهُم ابْن دَاوُد (لنا تَوَاتر) الْعَمَل بِهِ (عَن الصَّحَابَة فِي) آحَاد (وقائع خرجت عَن الإحصاء للمستقرين يُفِيد مجموعها) أَي آحَاد الوقائع (إِجْمَاعهم) أَي الصَّحَابَة (قولا) بِأَن قَالَ كل مِنْهُم يجب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْعدْل (أَو كالقول على إِيجَاب الْعَمَل عَنْهَا) أَي أَخْبَار الْآحَاد بِأَن لم يقل كل وَاحِد صَرِيحًا، لَكِن علم ذَلِك من كَلَامهم (فَبَطل إِلْزَام الدّور) بِأَن يُقَال: إِثْبَات وجوب الْعَمَل بِهِ بِخَبَر الْوَاحِد مَوْقُوف على وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (و) إِلْزَام (مُخَالفَة - وَلَا تقف) مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم - بِخَبَر الْوَاحِد لأَنا إِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بالتواتر لَا بِخَبَر الْوَاحِد وَهُوَ يُفِيد الْعلم، (و) إِلْزَام (كَون الْمُسْتَفَاد) من هَذِه الوقائع (الْجَوَاز) أَي جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد، والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْوُجُوب، لِأَن إيجابهم الْأَحْكَام بهَا يدل على وجوب الْعَمَل (على أَنه لَا قَائِل بِهِ) أَي بِالْجَوَازِ (دون وجوب وَمن مشهورها) أَي أَعمال الصَّحَابَة بأخبار الْآحَاد (عمل أبي بكر بِخَبَر الْمُغيرَة) بن شُعْبَة (وَمُحَمّد بن مسلمة فِي تَوْرِيث الْجدّة) السُّدس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أخرجه مَالك وَأحمد وَأَصْحَاب السّنَن. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم (و) عمل (عمر بِخَبَر عبد الرَّحْمَن

ص: 82

ابْن عَوْف فِي الْمَجُوس) وَهُوَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس هجر كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ (وبخبر حمل) بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْمِيم المفتوحتين (ابْن مَالك فِي إِيجَاب الْغرَّة فِي الْجَنِين) قَالَ كنت بَين امْرَأتَيْنِ فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فقتلتها وجنينها، فَقضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينهَا بالغرة عبد أَو أمة وَأَن تقتل بهَا كَمَا أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَابْن حبَان وَالْحَاكِم (وبخبر الضَّحَّاك) بن سُفْيَان (فِي مِيرَاث الزَّوْجَة من دِيَة الزَّوْج) حَيْثُ قَالَ: كتب إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أورث امْرَأَة أَشْيَم الضباني من دِيَة زَوجهَا. أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن (وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح، وبخبر عَمْرو بن خرم فِي دِيَة الْأَصَابِع) عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قضى عمر فِي الْإِبْهَام بِثَلَاث عشر، وَفِي الْخِنْصر بست حَتَّى وجد كتابا عِنْد آل عَمْرو بن خرم يذكرُونَ أَنه من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ وَفِيمَا هُنَالك من الْأَصَابِع عشر، ثمَّ قَالَ الشَّارِح: هَذَا حَدِيث حسن أخرجه الشَّافِعِي وَالنَّسَائِيّ. وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان: لَا أعلم فِي جَمِيع الْكتب كتابا أصح من كتاب عَمْرو بن خرم كَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يرجعُونَ إِلَيْهِ وَيدعونَ آراءهم (و) عمل (عُثْمَان وَعلي بِخَبَر فريعة) بنت مَالك بن سِنَان أُخْت أبي سعيد الْخُدْرِيّ (أَن عدَّة الْوَفَاة فِي منزل الزَّوْج). قَالَ الشَّارِح: هُوَ كَذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُثْمَان كَمَا رَوَاهُ مَالك وَأَصْحَاب السّنَن. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح، وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم، وَأما بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَليّ فَالله أعلم بِهِ انْتهى. والمثبت عِنْده مَا لَيْسَ عِنْد النَّافِي (وَمَا لَا يُحْصى كَثْرَة) أَي لأجل الْكَثْرَة (من الْآحَاد الَّتِي يلْزمهَا الْعلم بإجماعهم) أَي الصَّحَابَة (على عَمَلهم بهَا) أَي بأخبار الْآحَاد (لَا بغَيْرهَا) من الْقيَاس وَغَيره مِمَّا عدا النَّص وَالْإِجْمَاع (وَلَا بخصوصيات فِيهَا) أَي فِي أَخْبَار الْآحَاد ناشئة من خُصُوص الرَّاوِي أَو الْمَرْوِيّ (سوى حُصُول الظَّن فعلمناه) أَي حُصُول الظَّن (المناط عِنْدهم) أَي الصَّحَابَة (مَعَ ثُبُوت إِجْمَاعهم بالاستقلال) أَي بطرِيق الِاسْتِقْلَال من غير أَن يُوجد من الوقائع ضمنا بانعقاد إِجْمَاعهم صَرِيحًا (على خبر أبي بكر رضي الله عنه: الْأَئِمَّة من قُرَيْش). قَالَ الشَّارِح: مَعْنَاهُ مَوْجُود فِي كتب الحَدِيث لَا بِهَذَا اللَّفْظ (وَنحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث). قَالَ الشَّارِح: الْمَحْفُوظ " أَنا " كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ (والأنبياء يدفنون حَيْثُ يموتون). قَالَ الشَّارِح: رَوَاهُ بِمَعْنَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْوَفَاء (وَإِنَّمَا) كَانَ الصَّحَابَة (يتوقفون عِنْد رِيبَة توجب انْتِفَاء الظَّن) بِخَبَر الْوَاحِد (كإنكار عمر خبر فَاطِمَة بنت قيس فِي نفي نَفَقَة المبانة) أَي نَفَقَة عدَّة الْمُطلقَة طَلَاقا بَائِنا (و) إِنْكَار (عَائِشَة خبر ابْن عمر فِي تَعْذِيب الْمَيِّت ببكاء الْحَيّ) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَأَيْضًا تَوَاتر عَنهُ صلى الله عليه وسلم إرْسَال الْآحَاد إِلَى النواحي لتبليغ الْأَحْكَام) مِنْهُم معَاذ. روى الْجَمَاعَة عَن ابْن عَبَّاس

ص: 83

أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معَاذ بن جبل إِلَى الْيمن قَالَ: إِنَّك تَأتي قوما من أهل الْكتاب فادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِن هم أطاعوك لذَلِك فأعلمهم أَن الله قد افْترض عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة: الحَدِيث إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى، وَلَو لم يجب قبُول خبر لَهُم لم يكن لإرسالهم معنى (والاعتراض) على الِاسْتِدْلَال بإرسال الْآحَاد (بِأَن النزاع إِنَّمَا هُوَ فِي وجوب عمل الْمُجْتَهد) بِخَبَر الْوَاحِد، لَا فِي وجوب عمل بِخَبَر الْمُجْتَهد (سَاقِط لِأَن إرْسَال النَّبِي) صلى الله عليه وسلم لتبليغ الْأَحْكَام (إِذا أَفَادَ وجوب عمل الْمبلغ بِمَا بلغه الْوَاحِد) كَمَا أجمع عَلَيْهِ (كَانَ) إرْسَاله (دَلِيلا فِي مَحل النزاع) وَهُوَ وجوب عمل الْمُجْتَهد بِخَبَر الْوَاحِد وَغَيره: أَي غير مَحل النزاع، وَهُوَ وجوب الْعَمَل على الْمبلغ الَّذِي لَيْسَ بمجتهد، وَيلْزم مِنْهُ وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الَّذِي لَيْسَ برَسُول إِذْ الْمَذْكُور الْعَدَالَة والإخبار عَن الرَّسُول (وَاسْتدلَّ) على الْمُخْتَار لنا (بقوله تَعَالَى فلولا نفر الْآيَة) أَي - {من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} -: لِأَن الطَّائِفَة تصدق على الْوَاحِد، وَقد جعل منذرا يجب الحذر بإخباره، وَلَوْلَا وجوب قبُول خَبره لما كَانَ كَذَلِك (واستبعد) الِاسْتِدْلَال بهَا (بِأَنَّهُ) أَي التحضيض على النَّفر إِلَى التفقه والإنذار والحذر المتضمن وجوب قبُول خبر كل طَائِفَة من النافرين لإفتائهم: أَي لَا مُجَرّد إخبارهم بِقَرِينَة الْأَمر بالتفقه، فَإِن الْإِفْتَاء هُوَ المتوقف على التفقه لَا مُجَرّد الْإِخْبَار (وَيدْفَع) هَذَا الاستبعاد (بِأَنَّهُ) أَي الْإِنْذَار (أَعم مِنْهُ) أَي الْإِفْتَاء (وَمن أخبارهم) بِمَا يُوجب الْخَوْف والخشية من كَلَام رب الْعِزَّة وَكَلَام رَسُوله، وَمَا استنبط مِنْهُمَا وَلَا ينْحَصر الْإِنْذَار فِي الْإِفْتَاء، بل رب واعظ فِي كَلَامه من الخشية مَا لَا يحصل غَيره بالإفتاء، والتفقه فِي اللُّغَة لَا يسْتَلْزم الْإِفْتَاء (وَأما إِن الَّذين يكتمون) مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى من بعد مَا بَيناهُ للنَّاس فِي الْكتاب أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وَأَمْثَاله (فَغير مُسْتَلْزم) وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد بِنَاء على أَنه لَو لم يجب الْعَمَل بِخَبَرِهِ وَبَيَانه لما كَانَ ملعونا بِالْكِتْمَانِ إِذْ لَا فَائِدَة حِينَئِذٍ فِي إِظْهَاره حَيْثُ لم يلْزم عَلَيْهِم اتِّبَاعه (لجَوَاز نهيهم عَن الكتمان ليحصل التَّوَاتُر بأخبارهم) يَعْنِي لَيْسَ النَّهْي عَن الكتمان لاستلزامه فَوَات وجوب الْعَمَل بِخَبَر كل وَاحِد مِنْهُم بل الْمَقْصُود من النَّهْي عَنهُ أَن يخبر كل وَاحِد فَيحصل بِمَجْمُوع إخبارهم التَّوَاتُر الْمُوجب للْعلم مِنْهُم (و) الِاسْتِدْلَال بقوله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق} الْآيَة أَي بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا من حَيْثُ أَنه أَمر بالتثبت فِي الْفَاسِق فَدلَّ على أَن الْعدْل بِخِلَافِهِ يقبل قَوْله بِلَا تفحص، وَتبين اسْتِدْلَال (بِمَفْهُوم مُخْتَلف فِيهِ) وَهُوَ مَفْهُوم الْمُخَالفَة وَهُوَ مَفْهُوم الصّفة، فالاستدلال بِهِ ضَعِيف (وَلَو صَحَّ) الِاسْتِدْلَال بِهِ كَمَا روى الشَّافِعِي وَغَيره وَمُسلم أَن الْآيَة تدل على أَن حكم الْعدْل بِخِلَاف الْفَاسِق

ص: 84

فَيجب قبُول خَبره (كَانَ) النَّص الْمَذْكُور (ظَاهرا) فِي الْمَطْلُوب لَا نصا (وَلَا يثبتون بِهِ) أَي الأصوليون بِالظَّاهِرِ (أصلا دينيا وَإِن كَانَ) ذَلِك الأَصْل (وَسِيلَة عمل) أَي حكم عمل لَا عقيدة من العقائد الدِّينِيَّة، وَذَلِكَ لما قرر فِي مَحَله (قَالُوا) أَي المخالفون (توقف صلى الله عليه وسلم لما انْصَرف من اثْنَيْنِ فِي إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء على مَا ذكره الشَّارِح (فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ) حَيْثُ قَالَ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أصدق ذُو الْيَدَيْنِ (حَتَّى أخبرهُ غَيره) بِأَن قَالَ نعم، فَقَامَ فصلى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مُتَّفق عَلَيْهِ (قُلْنَا) توقفه (للريبة) فِي خَبره (إِذْ لم يشاركوه) ابْتِدَاء (مَعَ استوائهم فِي السَّبَب) وَهُوَ الِاطِّلَاع على حَال الإِمَام، فانفراده بِهَذَا القَوْل فِي هَذَا الْحَال وظنه لسَهْوه (ثمَّ) وَقفه صلى الله عليه وسلم فِي خَبره (لَيْسَ دَلِيلا على نفي) كَون (خبر الْوَاحِد) مُوجبا للْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد مُطلقًا: إِذْ الْخَبَر الَّذِي لم تبلغ رُوَاته حد التَّوَاتُر يُقَال لَهُ خبر الْوَاحِد اصْطِلَاحا: وَغَايَة مَا يلْزم هَهُنَا أَن الشَّخْص الْوَاحِد لَا يَكْفِي بِوُجُوب الْعَمَل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بل هُوَ) أَي التَّوَقُّف الْمَذْكُور دَلِيل (لموجب الِاثْنَيْنِ) أَي يَقُول بِوُجُوب اثْنَيْنِ (فِيهِ) أَي فِي الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد كَمَا عَن أبي عَليّ الجبائي لما فِي رِوَايَة من طَرِيق أَحْمد ثمَّ أقبل على أبي بكر وَعمر وَقَالَ: مَاذَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالَا صدق يَا رَسُول الله، فَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وثاب النَّاس فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو، وَتعين أَن يكون هَذَا قبل تَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة فَتَأمل (وَإِلَّا) أَي لم يكن كَذَلِك وَجعل دَلِيلا على نَفْيه (فمعهما) أَي الِاثْنَيْنِ (لَا يخرج) الْخَبَر لذى رَوَاهُ الْوَاحِد (عَن) مَفْهُوم (خبر الْوَاحِد، وَكَونه) أَي خبر ذِي الْيَدَيْنِ (لَيْسَ فِي مَحل النزاع) لِأَنَّهُ فِي وجوب عمل الْمُجْتَهد بِخَبَر الْوَاحِد عَن الرَّسُول (لَا يضر: إِذْ يستلزمه) أَي خَبره مَحل النزاع، لِأَنَّهُ خبر وَاحِد عدل عَن فعله صلى الله عليه وسلم نقل إِلَى سيد الْمُجْتَهد فَلم يعْمل بِهِ غير أَنه اتّفق أَن الْمَنْقُول عَنهُ هُوَ الْمَنْقُول إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا أثر لَهُ، كَذَا ذكر الشَّارِح.

وَأَنت خَبِير بِأَن مَحل النزاع وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد على الْمُجْتَهد وَغَيره، وَأَن الْمخبر بِهِ فِيهِ حكم من الْأَحْكَام العملية، والمخبر بِهِ فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ عدم إتْمَام الصَّلَاة وَالْوَجْه أَن يُقَال: سلمنَا أَنه لَيْسَ فِي مَحل النزاع، لَكِن مورده يُشَارك مَحل النزاع فِي وجوب قبُول قَوْله لِأَن علته الْعَدَالَة مَعَ كَون الْمخبر بِهِ من الْأُمُور الدِّينِيَّة وَالله أعلم (قَالُوا: قَالَ الله تَعَالَى وَلَا تقف) الْآيَة: أَي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَنهى عَن اتِّبَاع الظَّن، وَأَنه يُنَافِي الْوُجُوب، وَخبر الْوَاحِد لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن (وَالْجَوَاب) أَن وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْمُفِيد للظن لَيْسَ بِهِ من حَيْثُ إفادته الظَّن فَقَط، بل (بِمَا ظهر) وَتبين غير مرّة (من أَنه) يجب الْعَمَل

ص: 85

(بِمُقْتَضى الْقَاطِع) وَهُوَ الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ، فَهُوَ اتِّبَاع للْعلم الْحَاصِل بِالْإِجْمَاع (وَمِنْهُم من أثْبته) أَي وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (بِالْعقلِ أَيْضا كَأبي الْحُسَيْن والقفال وَأحمد وَغَيرهم) كَابْن سُرَيج فِي جمَاعَة. (قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: الْعَمَل بِالظَّنِّ فِي تفاصيل مَعْلُوم الأَصْل وَاجِب) عقلا: يَعْنِي إِذا علم وجوب أَمر كلي يتَحَقَّق فِي ضمن جزئيات كَثِيرَة هِيَ تفاصيله ثمَّ ظن تحَققه فِي ضمن بَعْضهَا أوجب الْعقل الْعَمَل بِمُوجب ذَلِك الظَّن احْتِرَازًا عَن الْوُقُوع فِي مُخَالفَة ذَلِك الْوَاجِب الْكُلِّي الْمَعْلُوم الَّذِي هُوَ أصل تِلْكَ التفاصيل (كإخبار وَاحِد بمضرة طَعَام) مَسْمُوم مثلا (وَسُقُوط حَائِط يُوجب الْعقل الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ) أَي الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة (للْأَصْل الْمَعْلُوم من وجوب الاحتراس) عَن المضار (فَكَذَا خبر الْوَاحِد) يجب الْعَمَل بِهِ (للْعلم بِأَن الْبعْثَة للْمصَالح وَدفع المضار) ومضمون الْخَبَر لَا يخرج عَنْهُمَا (وَأجِيب بِأَنَّهُ) أَي هَذَا الدَّلِيل (بِنَاء على التحسين) الْعقلِيّ، وَقد أبطل، وَاقْتصر على التحسين لِأَن الْكَلَام فِي الْإِيجَاب سلمناه) أَي القَوْل بالتحسين (لكنه) أَي الْعَمَل بِالظَّنِّ فِي تفاصيل مَقْطُوع الأَصْل (أولى عقلا) للِاحْتِيَاط (لَا وَاجِب) وَيرد عَلَيْهِ أَن من يتتبع الْفُرُوع وجد فِي كثير من الْمسَائِل جعل الْفُقَهَاء الِاحْتِيَاط منَاط الْوُجُوب فَتَأمل (سلمناه) أَي أَن الْعَمَل بِهِ وَاجِب (لَكِن فِي العقليات لَا فِي الشرعيات) وَقد يُقَال: أَن قَوْله بِنَاء على التحسين دلّ على أَنه حل الْوُجُوب على الشَّرْعِيّ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يثبت عِنْد غير الْمُعْتَزلَة بالتحسين فَلَا يتَّجه هَذَا الدّفع بعد تَسْلِيم التحسين الْعقلِيّ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد بالشرعيات السمعيات الْمَحْضَة الَّتِي لَيست معقولة الْمَعْنى، وبالعقليات مَا هُوَ مَعْقُول الْمَعْنى: يَعْنِي أَن كَانَ مَضْمُون خبر الْوَاحِد مَعْقُول الْمَعْنى يجب الْعَمَل بِهِ، وَإِلَّا فَلَا (سلمناه) أَي أَن الْعَمَل بِهِ وَاجِب أَيْضا فِي الشرعيات (لكنه) أَي قِيَاس الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد بِالْعَمَلِ بِالظَّنِّ فِي التفاصيل الْمَذْكُورَة (قِيَاس تمثيلي يُفِيد الظَّن) على مَا عرف فِي كتب الْمِيزَان، وَالْكَلَام هُنَا فِي أصل ديني لَا يثبت إِلَّا بقطعي (قَالُوا) أَي الْبَاقُونَ من مثبتيه بِالْعقلِ أَولا خبر (يُمكن صدقه فَيجب الْعَمَل بِهِ احْتِيَاطًا فِي دفع الْمضرَّة قُلْنَا لم يذكرُوا أَصله) أَي الْقيَاس (فَإِن كَانَ) أَصله الْخَبَر (الْمُتَوَاتر فَلَا جَامع بَينهمَا) أَي الْمَقِيس والمقيس عَلَيْهِ (لِأَن الْوُجُوب فِيهِ) أَي الْمُتَوَاتر (للْعلم) أَي لإفادته الْعلم لَا للِاحْتِيَاط (وَإِن كَانَ) أَصله (الْفَتْوَى) من الْمُفْتى (فخاص) أَي فوجوب الْعَمَل خَاص (بمقلده) فِيمَا استفتى (وَمَا نَحن فِيهِ) من حكم خبر الْوَاحِد (عَام) فِي الْأَشْخَاص والأزمان (أَو خَاص بِغَيْر متعلقها) أَي الْفَتْوَى، فَإِن متعلقها الْمُقَلّد وَخبر الْوَاحِد خَاص بالمجتهد (فالمعدي غير حكم الأَصْل وَلَو سلم) عدم الْفرق وَصِحَّة الْقيَاس (فَقِيَاس كَالْأولِ) أَي تمثيلي يُفِيد الظَّن (قَالُوا) ثَانِيًا (لَو لم يجب) الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (لخلت أَكثر الوقائع عَن الْأَحْكَام) لِأَن الْمُتَوَاتر

ص: 86

وَالْإِجْمَاع لَا يَفِي بِالْأَحْكَامِ، دلّ عَلَيْهِ الاستقراء، وخلوها يُنَافِي حِكْمَة الْبعْثَة (وَالْجَوَاب منع الْمُلَازمَة، بل الحكم فِي كل مَا لم يُوجد فِيهِ من الْأَدِلَّة) سوى الْخَبَر الْمَذْكُور (وجوب التَّوَقُّف فَلم تخل) أَكثر الوقائع عَمَّا سوى الْوَقْف من الْأَحْكَام (فَإِن كَانَ الْمَنْفِيّ غَيره) أَي غير وجوب الْوَقْف (منعنَا بطلَان التَّالِي) أَي لَا نسلم امْتنَاع خلو أَكثر الوقائع عَمَّا سوى الْوَقْف من الْأَحْكَام (وَإِذا لزم التَّوَقُّف ثبتَتْ الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الشَّيْء الَّذِي لم يُوجد فِيهِ سوى خبر الْوَاحِد (على الْخلاف) فِيهَا وَقد سبق تَفْصِيله (وَلَا يخفى بعده) أَي بعد هَذَا الْجَواب (من) بِكَسْر الْمِيم (حض الشَّارِع) أَي حثه كل من سمع حكما شَرعه للْأمة (على نقل مقَالَته) وَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم

" نضر الله عبدا سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها كَمَا سَمعهَا " وَلَا يخفى أَنه لم يقْصد بِهِ مَا لم يعلم بِهِ مَا يعم الْوَقْف لِأَن الْوَقْف حَاصِل بِدُونِ الْإِخْبَار كَمَا سيشير إِلَيْهِ (مَعَ علمه بِأَن الْمَنْقُول من سنته لَا يصل مِنْهَا إِلَى) حد (التَّوَاتُر شَيْء) على رَأْي من ادّعى عدم بُلُوغ شَيْء من السّنة حد التَّوَاتُر أَو إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا أَو حديثين فَيلْزم على مَا قَالُوا أَن يكون حضه على ذَلِك الْأَمر لَا يحصل فَظن حُصُوله المستمر إِلَى آخر الْعُمر يلْزم أَن يكون خطأ: وَهُوَ لَا يقر على الْخَطَأ. قَالَ الشَّارِح: لَكِن فِي كَون الْمُتَوَاتر مَعْدُوما أَو مَقْصُورا على حَدِيث أَو حديثين تَأمل، فَذكر كلَاما طَويلا لَا طائل تَحْتَهُ. ثمَّ عطف على قَوْله بعده (أَو الأخيران) أَي لُزُوم التَّوَقُّف وَالْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة: أَي لَا يخفى مَا فيهمَا على تَقْدِير عدم وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (فَإِن عدم النَّقْل يَكْفِي فِي الْوَقْف) عَن الحكم بِشَيْء خَاص (و) فِي (ثُبُوت) الْإِبَاحَة (الْأَصْلِيَّة) فَلَا يبْقى حَاجَة إِلَى خبر الْوَاحِد (بل الْجَواب أَنه) أَي الدَّلِيل الْمَذْكُور (من قبيل) الدَّلِيل (النقلي الصَّحِيح لَا عَقْلِي) على مَا زَعَمُوا (وَلمن شَرط الْمثنى) فِي قبُول أَخْبَار الْآحَاد (أَنه) أَي الْخَبَر (بِهِ) أَي باشتراطه (أولى من الشَّهَادَة لاقْتِضَائه) أَي الْخَبَر (شرعا عَاما بِخِلَافِهَا) أَي الشَّهَادَة فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أمرا خَاصّا (قُلْنَا الْفرق) بَينهمَا (وجود مَا لَيْسَ فِي الرِّوَايَة من الْحَوَامِل) عَلَيْهَا من عَدَاوَة وصداقة وجلب نفع وَدفع ضَرَر إِلَى غير ذَلِك كَمَا هُوَ الْمشَاهد بَين النَّاس مِمَّا لَا يُحْصى (أَو) اشْتِرَاط الْمثنى فِي الشَّهَادَة (بِخِلَاف الْقيَاس، وَلذَا) أَي وجود الْحَوَامِل فِي الشَّهَادَة دون الرِّوَايَة (اشْترط لفظ اشْهَدْ مَعَ ظُهُور انحطاطها) أَي الرِّوَايَة عَن الشَّهَادَة. قَوْله مَعَ مُتَعَلق بقوله وجود مَا لَيْسَ: يَعْنِي أَن الْفرق من جِهَتَيْنِ وجود الْحَامِل وَظُهُور الانحطاط (اتِّفَاقًا بِعَدَمِ اشْتِرَاط الْبَصَر و) عدم اشْتِرَاط (الْحُرِّيَّة وَعدم الولاد) فِي الرِّوَايَة واشتراطها فِي الشَّهَادَة على خلاف فِي بَعْضهَا فَلَو أخبر أعمى أَبَاهُ الْمُجْتَهد بِأَمْر ديني ولَايَته مَنْفَعَة فِي ذَلِك صَحَّ رِوَايَته وَوَجَب عَلَيْهِ الْعَمَل بِهِ (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ خبر الْوَاحِد لَا يجب الْعَمَل بِهِ (رد عمر خبر أبي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان حَتَّى رَوَاهُ الْخُدْرِيّ) فِي الصَّحِيحَيْنِ

ص: 87