الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتَحَقَّق بإمساك مُقَدّر فَيعْتَبر قرَان النِّيَّة بأكثره
مسئلة
قَالَ (أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا تَرْجِيح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة والرواة مَا لم يبلغ) الْمَرْوِيّ بِكَثْرَة (الشُّهْرَة) فَعلم التَّوَاتُر بطرِيق أولي (وَالْأَكْثَر) من الْعلمَاء قَوْلهم (خِلَافه) أَي خلاف قَوْلهمَا فيترجح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة والرواة إِن لم يبلغ (لَهما تقوى الشَّيْء) أَي تَرْجِيحه إِنَّمَا يكون (بتابع) لذَلِك الشَّيْء (لَا بمستقل) بالتأثير، وكل من الْأَدِلَّة والرواة مُسْتَقل بِإِيجَاب الحكم فَلَا يعْتَبر مرجحا لموافقه (بل يُعَارض) الدَّلِيل الْمُنْفَرد فِي أحد الْجَانِبَيْنِ كل دَلِيل من الْجَانِب الآخر (كَالْأولِ) أَي كَمَا يُعَارض الدَّلِيل الْمَطْلُوب تَرْجِيحه مِنْهَا إِذْ لَيست معارضته لوَاحِد مِنْهَا بِأولى من معارضته للْآخر (وَيسْقط الْكل) عِنْد عدم الْمُرَجح (كَالشَّهَادَةِ) من حَيْثُ إِنَّه لَا يرجح لإحدى الشَّهَادَتَيْنِ المتعارضتين بعد استكمال نصابها بِزِيَادَة لأحداهما فِي الْعدَد على الْأُخْرَى، وَحكى غير وَاحِد كصدر الشَّرِيعَة الْإِجْمَاع على هَذَا. قَالَ الشَّارِح: وَقد ينظر فِي مَا قدمنَا من أَن مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ فِي قَول لَهما يريان ذَلِك انْتهى إِن رَجعْنَا إِلَى هَذَا القَوْل لَا يصير بِالْإِجْمَاع (ولدلالة إِجْمَاع سوى ابْن مَسْعُود على عدم تَرْجِيح عصوبة ابْن عَم هُوَ أَخ لأم) بِأَن تزوج عَم إِنْسَان من أَبَوَيْهِ أَو لأَب أمه فَولدت لَهُ ابْنا (على ابْن عَم لَيْسَ بِهِ) أَي بِأَخ لأم فِي الْإِرْث مِنْهُ (ليحرم) ابْن الْعم الَّذِي لَيْسَ بِأَخ لأم مَعَ ابْن الْعم الَّذِي هُوَ أَخ لأم (بل يسْتَحق) ابْن الْعم الَّذِي هُوَ أَخ لأم (بِكُل) من السببين: بِكَوْنِهِ ابْن عَم، وَكَونه أَخا لأم (مُسْتقِلّا) نَصِيبا من الْإِرْث فَيسْتَحق السُّدس بِكَوْنِهِ أَخا لأم من حَيْثُ كَونه صَاحب فرض وَنصف الْبَاقِي بِكَوْنِهِ عصبَة إِذا لم يتْرك وَارِثا سواهُمَا، أما ابْن مَسْعُود فَذهب إِلَى أَنه يحجب ابْن الْعم الَّذِي لَيْسَ بِأَخ لأم. وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النَّخعِيّ أَنه قضى عمر وَعلي وَزيد رضي الله عنهم كَقَوْل الْجُمْهُور، وَقضى عبد الله أَن المَال لَهُ دون ابْن عَمه (و) لدلَالَة إِجْمَاع (للْكُلّ) على عدم التَّرْجِيح (فِيهِ) أَي فِي ابْن عَم حَال كَونه (زوجا) على ابْن عَم لَيْسَ بِزَوْج فَيكون لَهُ النّصْف بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْبَاقِي بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ فَلَو رجح بِكَثْرَة الدَّلِيل لرجح بِكَثْرَة دَلِيل الْإِرْث، وَهَذَا (بِخِلَاف كَثْرَة) يكون (بهَا هَيْئَة اجتماعية) لأجزائها (وَالْحكم وَهُوَ الرجحان مَنُوط بالمجموع) من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع لَا بِكُل وَاحِد من أَجْزَائِهَا فَإِنَّهُ يرجح بهَا على مَا لَيْسَ كَذَلِك (لحُصُول زِيَادَة الْقُوَّة لوَاحِد) فِيهِ قُوَّة زَائِدَة وَهِي الْهَيْئَة الاجتماعية (فَلِذَا) أَي لثُبُوت التَّرْجِيح بِالْكَثْرَةِ لَهَا هَيْئَة اجتماعية وَالْحكم مَنُوط بمجموعها من حَيْثُ هُوَ (رجح) أَي أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف أحد القياسين المتعارضين (بِكَثْرَة الْأُصُول)
أَي بِشَهَادَة أصلين أَو أصُول لوصفه المنوط بِهِ الحكم على معارضه الَّذِي لَيْسَ كَذَلِك (فِي) بَاب تعَارض (الْقيَاس) لِأَن كَثْرَة الْأُصُول توجب زِيَادَة تَأْكِيد وَلُزُوم الحكم بِكَوْن ذَلِك الْوَصْف عِلّة (بِخِلَافِهِ) أَي مَا إِذا كَانَ الحكم مَنُوطًا (بِكُل) لَا بالمجموع فَإِنَّهُ لَا يرجح بِالْكَثْرَةِ الْحَاصِلَة من ضم غَيره إِلَيْهِ (وَأَجَابُوا) أَي الْأَكْثَر (بِالْفرقِ) بَين الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة بِأَن الحكم فِي الشَّهَادَة مَنُوط بِأَمْر وَاحِد وَهُوَ هَيْئَة اجتماعية فالأكثرية والأقلية فِيهَا سَوَاء، لِأَن الْمُؤثر هُوَ تملك الْهَيْئَة فَقَط، بِخِلَاف الرِّوَايَة فَإِن الحكم فِيهَا بِكُل وَاحِد، فَإِن كل راو بمفرده يناط بِهِ الحكم وَهُوَ وجوب الْعَمَل بروايته، كَذَا ذكره الشَّارِح، وَفِيه أَن الْهَيْئَة الاجتماعية بِاعْتِبَار أفرادها وَمَا صدقاتها مُتَقَارِبَة، إِذْ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة من اثْنَيْنِ لَيست كالهيئة الْحَاصِلَة من عشْرين شَاهدا فَلَا تَأْثِير لإناطة الحكم بهَا (وَبِأَن الْكَثْرَة تزيد الظَّن بالحكم قُوَّة) فَإِنَّهُ يحصل بِكُل وَاحِد ظن، وَلَا شكّ أَن الظنين فَصَاعِدا أقوى من ظن وَاحِد، وَهَكَذَا، وَالْعَمَل بالأقوى وَاجِب (فيترجح، وَيدْفَع) هَذَا (بِدلَالَة الْإِجْمَاع الْمَذْكُور على عدم اعْتِبَاره) أَي هَذَا الْقدر من زِيَادَة قُوَّة الظَّن، وَقد يُقَال مُقْتَضى الْقيَاس اعْتِبَاره، وَقد ورد السّمع على عدم اعْتِبَاره فِي الشَّهَادَة وَخلاف الْقيَاس يقْتَصر على مورد النَّص على أَن عدم اعْتِبَاره فِي الشَّهَادَة لَا يسْتَلْزم عدم اعْتِبَاره فِي الرِّوَايَة لجَوَاز أَن يكون بَينهمَا فرق وَأَنه يخفى علينا (بِخِلَاف بُلُوغه) أَي الْخَبَر (الشُّهْرَة) حَيْثُ يتَرَجَّح بِهِ على معارضه، فَإِن للهيئة الاجتماعية تَأْثِيرا فِي الْقُوَّة لمنعها احْتِمَال الْكَذِب وَقبل الْبلُوغ كل وَاحِد يجوز كذبه كَذَا قيل (وَقد يُقَال) من قبل الْأَكْثَر (إِن لم تفده كَثْرَة الروَاة قُوَّة الدّلَالَة) على الصدْق (فتجويز كَونه) أَي كَون مَا رُوَاته أقل صادرا (بِحَضْرَة) جمع (كثير لَا) الْخَبَر (الآخر) الْمعَارض لَهُ وَهُوَ الَّذِي رُوَاته كثير بِأَن لم يكن صادرا بِحَضْرَة كثير (أَو) تَجْوِيز كَونهمَا (متساويين) فِي عدد الْحَاضِرين عِنْد صدورهما بِأَن يساوى من حضر سَماع هَذَا الْخَبَر فِي الْعدَد من حضر سَماع هَذَا الْخَبَر (وَاتفقَ نقل كثير) للْخَبَر الَّذِي رُوَاته كثير مَعَ كَون سامعيه مساوين لسامعي الآخر أَو أقل مِنْهُ (دونه) أَي دون الْخَبَر الَّذِي رُوَاته أقل وحاضروه أَكثر ويساوون (بل جَازَ الْأَكْثَر) أَي كَون رِوَايَة الْأَكْثَر (بِحَضْرَة الْأَقَل) أَي بِسَبَب حُضُور الْأَقَل بِأَن لَا تكون رِوَايَة بَعضهم عَن السماع بِغَيْر وَاسِطَة الْأَقَل، وَفسّر الشَّارِح الْأَكْثَر بِمَا رُوَاته أَكثر فَإِن لم يؤول بِمَا قُلْنَا لزم التّكْرَار لكَونه عين الِاحْتِمَال الأول ثمَّ قَوْله فتجويز مُبْتَدأ خَبره (لَا يَنْفِي قُوَّة الثُّبُوت) لما رُوَاته أَكثر، يَعْنِي إِن لم تفد كَثْرَة الروَاة قُوَّة الظَّن فِي مرويهم على مَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور فتجويز الْخصم مَا ذكر من الِاحْتِمَالَات النافية للترجيح للكثرة لَا يَنْفِي قُوَّة ثُبُوت مرويهم (لِأَنَّهُ) أَي التجويز الْمَذْكُور (معَارض بضده) وَهُوَ أَن