الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَهُوَ) أَي اعْتِبَار الشَّارِع إِنَّمَا يتَحَقَّق (تَرْتِيب الحكم) عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يجب على الْمُجْتَهد إِثْبَات الحكم بِهِ، لَا أَنه يجوز أَن يحكم وَأَن لَا يحكم: وَهَذَا مَا تقدم الْوَعْد بالتنبيه عَلَيْهِ (وَاعْلَم أَن الْمُنَاسبَة لَو) كَانَت (بِحِفْظ أحد الضروريات) الْخمس (لزم) الْعَمَل بهَا (على) قَول (الْكل) من الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة (وَلَيْسَ) هَذَا الطَّرِيق (إخالة، بل من الْمجمع على اعْتِبَاره) فَلَا تذهل عَنهُ.
تَتِمَّة
(قسم الْحَنَفِيَّة مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْعلَّة بالاشتراك) اللَّفْظِيّ (أَو الْمجَاز لَا حَقِيقَتهَا) مَعْطُوف على مفعول قسم، يَعْنِي الْمقسم للأقسام السَّبْعَة إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى الْمجَازِي للفظ الْعلَّة الَّذِي يعم جَمِيع مَا يسْتَعْمل فِيهِ، لَا الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، ثمَّ علله بقوله (إِذْ لَيست) حَقِيقَة الْعلَّة، يَعْنِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ الَّذِي لَا شُبْهَة فِي كَونه حَقِيقَة لَهَا فِي عرف الشَّرْع، فَلَا يُنَافِي مَا ذكره من احْتِمَال الِاشْتِرَاك (إِلَّا الْخَارِج) عَن الْمَعْلُول (الْمُؤثر) فِيهِ. وَمن الْمَعْلُوم أَن الْخَارِج الْمَذْكُور لَا يَنْقَسِم (إِلَى سَبْعَة) من الْأَقْسَام (ثَلَاثَة) مِنْهَا (بسائط) غير مركبة من الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة الَّتِي ستذكر، وَأَرْبَعَة مِنْهَا مركبة من تِلْكَ الْأَوْصَاف (إِلَى عِلّة) بدل من قَوْله إِلَى سَبْعَة وَمَا بَينهمَا اعْتِرَاض (اسْما) تَمْيِيز عَن نِسْبَة عِلّة إِلَى مَوْصُوف مُقَدّر: أَي إِلَى خَارج عليته من حَيْثُ الِاسْم فَقَط لَا الْمَعْنى وَالْحكم، ثمَّ فَسرهَا بقوله (وَهِي الْمَوْضُوعَة) شرعا (لموجبها) أَي معلولها الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من غير تَأْثِير وَعدم تراخ (أَو الْمُضَاف إِلَيْهَا) على سَبِيل منع الْخُلُو: أَي الْعلَّة الَّتِي يُضَاف الحكم إِلَيْهَا إِضَافَة نحوية كَمَا يُقَال كَفَّارَة الْيَمين، أَو لغوية كَمَا يُقَال: قتل بِالرَّمْي، وَعتق بِالشِّرَاءِ وَهلك بِالْجرْحِ (بِلَا وَاسِطَة) عِنْد الْإِضَافَة، وَإِن كَانَت الْوَاسِطَة ثَابِتَة فِي الْوَاقِع (وَمعنى بِاعْتِبَارِهِ تأثيرها) أَي عِلّة تأثيرها فِي إِثْبَات الحكم (وَحكما بِأَن يتَّصل بهَا) الحكم (بِلَا تراخ وَهِي) أَي الْعلَّة اسْما وَمعنى وَحكما (الْحَقِيقَة وَمَا سواهُ) أَي مَا سوى هَذَا الْقسم (مجَاز أَو حَقِيقَة قَاصِرَة) كَمَا هُوَ مُخْتَار فَخر الْإِسْلَام، وَلَا يخفى أَن الْحَقِيقَة القاصرة حَيْثُ لم يحتو جَمِيع أَجزَاء الْحَقِيقَة لَا بُد أَن يكون مجَازًا غير أَنَّهَا خصت بِهَذَا الِاسْم لقربها من الْحَقِيقَة (وَالْحق أَن تِلْكَ) أَي الْعلَّة اسْما وَمعنى وَحكما (التَّامَّة تلازمها) وَهُوَ الحكم الْمُتَّصِل بهَا (وَمَا سواهَا قد يكون) عِلّة (حَقِيقِيَّة لدورانها) أَي الْحَقِيقَة (مَعَ الْعلَّة معنى) فَيلْزم أَن تكون الْعلَّة معنى أَيْضا حَقِيقَة (فَتثبت) الْحَقِيقَة (فِي أَرْبَعَة) تُوجد فِيهَا الْعلَّة معنى التَّامَّة (كَالْبيع) الصَّحِيح (الْمُطلق) على شَرط الْخِيَار فَإِنَّهُ عِلّة (للْملك وَالنِّكَاح) فَإِنَّهُ عِلّة (للْحلّ وَالْقَتْل) الْعمد الْعدوان فَإِنَّهُ عِلّة (للْقصَاص وَالْإِعْتَاق لزوَال الرّقّ) فَإِن كلا مِنْهَا عِلّة اسْما وَمعنى وَحكما (وَيجب كَونه) أَي الْإِعْتَاق لزوَال الرّقّ (على قَوْلهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد بِنَاء على أَن الْإِعْتَاق لَا يتَجَزَّأ عِنْدهمَا (أما على قَوْله) أَي أبي حنيفَة (فلإزالة الْملك) فَإِنَّهُ يتَجَزَّأ عِنْده على مَا عرف (وَإِلَى الْعلَّة اسْما فَقَط
كالإيجاب الْمُعَلق) بِشَرْط من طَلَاق وَغَيره قبل وجود الْمُعَلق عَلَيْهِ، وَمن ثمَّة يثبت بِهِ ويضاف إِلَيْهِ بعد وجود الْمُعَلق عَلَيْهِ وَلَا تَأْثِير لَهُ فِي حكمه، ويتراخى حكمه إِلَى زمَان وجود الْمُعَلق عَلَيْهِ (قيل وَالْيَمِين قبل الْحِنْث للإضافة) للْحكم إِلَيْهَا (يُقَال كَفَّارَة الْيَمين، لَكِن لَا يُؤثر) الْيَمين (فِيهِ) أَي الحكم قبل الْحِنْث (وَلَا يثبت الحكم للْحَال، وَهُوَ) أَي كَون الْيَمين عِلّة اسْما إِنَّمَا هُوَ (على) الشق (الثَّانِي) من تَعْرِيف الْعلَّة اسْما، وَهُوَ الْمُضَاف إِلَيْهِ الْمَذْكُور (لِأَنَّهَا) أَي الْيَمين (لَيست بموضوعة إِلَّا للبر وَإِلَى الْعلَّة اسْما وَمعنى فَقَط كَالْبيع بِشَرْط الْخِيَار) للْبَائِع أَو الْمُشْتَرى أَولهمَا (و) البيع (الْمَوْقُوف) كَبيع الْإِنْسَان مَال غَيره بِلَا ولَايَة وَلَا وكَالَة، وَيُسمى بيع الفضول (لوضعه) أَي البيع شرعا للْملك (وتأثيره فِي) إِثْبَات (الحكم) وَإِن كَانَ ظهروه عِنْد زَوَال الْمَانِع (وَإِنَّمَا تراخي) الحكم عَنهُ (لمَانع) وَهُوَ اقترانه بِالشّرطِ فِي بيع الْخِيَار وَعدم الشَّرْط، وَعدم إِذن الْمَالِك وَهُوَ من يقوم مقَامه فِي بيع الفضول (حَتَّى يثبت) الحكم (عِنْد زَوَاله) أَي الْمَانِع (من وَقت الْإِيجَاب) أَي العقد مُتَعَلق بيثبت (فَيملك) المُشْتَرِي (الْمَبِيع بولده الَّذِي حدث قبل زَوَاله) أَي الْمَانِع، وَكَذَا سَائِر الزَّوَائِد الْمُنْفَصِلَة والمتصلة (بعد الْإِيجَاب) وَهَذَا عَلامَة كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا عِلّة لَا سَببا، لِأَن السَّبَب يثبت مَقْصُورا لَا مُسْتَندا إِلَى وَقت وجود السَّبَب. نعم فرق بَين البيعين، وَهُوَ أَن الأَصْل الْملك فِي بيع الْخِيَار، وَلما تعلق بِالشّرطِ لم يُوجد قبله فَلَا يتَوَقَّف إِعْتَاق المُشْتَرِي فِي هَذِه الْحَالة، وَفِي الْمَوْقُوف يثبت بِصفة التَّوَقُّف فَيتَوَقَّف إِعْتَاقه قبل الْإِجَازَة عَلَيْهَا: قيل القَوْل بتراخي الحكم إِنَّمَا يَسْتَقِيم على قَول مجوزي تَخْصِيص الْعلَّة كَالْقَاضِي أبي زيد وَأما على قَول منكره كفخر الْإِسْلَام فَلَا، وَالْجَوَاب مَا فِي التَّلْوِيح من أَن الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْصَاف المؤثرة يَعْنِي عقلا فِي الحكم لَا فِي الْعِلَل الَّتِي هِيَ أَحْكَام شَرْعِيَّة كالعقود والفسوخ (والإيجاب الْمُضَاف إِلَى وَقت) كلله عَليّ أَن أَتصدق بدرهم غَدا لوضعه شرعا لحكمه وَإِضَافَة حكمه إِلَيْهِ وتأثيره فِيهِ (وَلذَا) أَي وَلكَون الْمُضَاف عِلّة اسْما وَمعنى لَا حكما (أسقط التَّصَدُّق الْيَوْم مَا أوجبه قَوْله: عَليّ التَّصَدُّق بدرهم غَدا) فَاعل أسقط التَّصَدُّق ومفعوله مَا أوجبه الخ، وَالْيَوْم ظرف للتصدق، يَعْنِي إِذا تصدق بالدرهم الْيَوْم أسقط هَذَا التَّصَدُّق مُوجب هَذَا الْإِيجَاب الْمُضَاف إِلَى الْغَد، وَذَلِكَ لوُقُوعه بعد انْعِقَاد علته اسْما وَمعنى و (لم يلْزمه) التَّصَدُّق (فِي الْحَال) لتراخيه عَنهُ إِلَى الزَّمَان الْمُضَاف إِلَيْهِ فَيثبت الحكم عَنهُ عِنْد مَجِيء الْوَقْت مُقْتَصرا عَلَيْهِ لَا مُسْتَندا إِلَى زمَان الْإِيجَاب كَذَا ذكره الشَّارِح وَلَا يظْهر وَجهه (وَمِنْه) أَي من هَذَا الْقسم (النّصاب) لوُجُوب الزَّكَاة فِي أول الْحول فَإِنَّهُ علته اسْما لوضعه لَهُ شرعا وإضافته إِلَيْهِ، وَمعنى لتأثيره فِي وجوبة مَا من حَيْثُ الْمُوَاسَاة من الْغَنِيّ للْفَقِير، وَلَا حكما لتراخيه إِلَى زمَان تحقق النَّمَاء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أَلا أَن لهَذَا) النّصاب (شبها بِالسَّبَبِ لتراخي حكمه إِلَى مَا يشبه الْعلَّة) من جِهَة ترَتّب الحكم عَلَيْهِ (وَهُوَ) مَا يشبه الْعلَّة (النَّمَاء الَّذِي أقيم الْحول الْمُمكن مِنْهُ) أَي من النَّمَاء (مقَامه) لقَوْله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول " والنماء فضل على الْغَنِيّ يُوجب الْإِحْسَان كأصل الْغنى، وَفِيه الْيُسْر فِي الْوَاجِب (لَا) إِلَى (الْعلَّة وَإِلَّا) لَو كَانَ عِلّة (تمحض) النّصاب (سَببا) لوُجُوبهَا، لِأَن السَّبَب الْحَقِيقِيّ مَا يتوسط بَينه وَبَين الحكم عِلّة مُسْتَقلَّة، والنماء لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ وصف غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ فِي الْوُجُود، وَأَيْضًا شبه النّصاب بِالْعِلَّةِ أغلب على شبهه بِالسَّبَبِ لِأَن شبهه بهَا حَاصِل من جِهَة نَفسه لِأَنَّهُ أصل لوضعه، وَشبهه بِالسَّبَبِ من جِهَة توقف حكمه على النَّمَاء الَّذِي هُوَ وَصفه. وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ قبل الْحول عِلّة تَامَّة لَيْسَ فِيهِ شبه السَّبَب، والحول بِمَنْزِلَة الأَصْل لتأخير الْمُطَالبَة تيسيرا كالسفر فِي حق الصَّوْم، وَلذَا صَحَّ تَعْجِيله قبله وَلَو كَانَ وصف الحولية من الْعلية لما صَحَّ قُلْنَا لَو كَانَ عِلّة تَامَّة قبل الْحول لَوَجَبَتْ باستهلاكه فِي الْحول كَمَا فِيمَا بعده، وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْجِيل لشبهه بِالْعِلَّةِ والنماء عِنْد وجوده يسْتَند إِلَى أصل النّصاب فَيصير كَأَنَّهُ من أول الْحول جعلى، ويستند الحكم أَيْضا إِلَى أَوله، وَكَذَا التَّعْجِيل، وَبِه يحصل الْجَواب عَن مَالك حَيْثُ قَالَ لَيْسَ لَهُ قبل الْحول حكم الْعلَّة لِأَن وصف النَّمَاء كالجزء الْأَخير من عِلّة ذَات وصفين، فَلَا يَصح التَّعْجِيل قبل الْحول، كَمَا لَا تصح الصَّلَاة قبل الْوَقْت. نعم هَذَا الْمُعَجل إِنَّمَا يصير زَكَاة إِذا انْقَضى الْحول وَلَيْسَ الْحول كالأجل لِأَنَّهُ يسْقط بِمَوْت الْمَدْيُون، وَيصير حَالا، وَلَو مَاتَ المزكى فِي أثْنَاء الْحول سقط الْوَاجِب (وَعقد الْإِجَارَة) عِلّة لملك الْمَنْفَعَة، اسْما لوضعه لَهُ وَالْحكم يُضَاف إِلَيْهِ، وَمعنى لِأَنَّهُ الْمُؤثر فِي إِثْبَات ملكهَا، (وَلذَا) أَي ولكونه اسْما وَمعنى (صَحَّ تَعْجِيل الْأُجْرَة) قبل الْوُجُوب وَاشْتِرَاط تَعْجِيلهَا (وَلَيْسَ عِلّة حكما) لملك الْمَنَافِع (لعدم الْمَنَافِع) الَّتِي تُوجد فِي مُدَّة الْإِجَارَة وَقت العقد (و) عدم (ثُبُوت الْملك فِيهَا) أَي الْمَنَافِع (فِي الْحَال) لانعدامها (وَكَذَا) لَيْسَ بعلة حكما (فِي الْأُجْرَة) لِأَنَّهَا بدل الْمَنْفَعَة فَلَمَّا لم يملكهَا فِي الْحَال لم يملك بدلهَا تَحْقِيقا لِمَعْنى الْمُسَاوَاة (مَعَ أَنه) أَي عقد الْإِجَارَة (وضع لملكهما) أَي الْمَنَافِع وَالْأُجْرَة (و) هُوَ (الْمُؤثر فيهمَا، وَيُشبه السَّبَب لما فِيهِ من معنى الْإِضَافَة فِي حق ملك الْمَنْفَعَة إِلَى مقارنته) أَي انْعِقَادهَا (الِاسْتِيفَاء) للمنفعة (إِذْ لَا بَقَاء لَهَا) أَي للمنفعة، فَالْإِجَارَة وَإِن صحت فِي الْحَال بِإِقَامَة الْعين مقَام الْمَنْفَعَة إِلَّا أَنَّهَا فِي حق الْمَنْفَعَة مُضَافَة إِلَى زمَان وجود الْمَنْفَعَة كَأَنَّهَا تَنْعَقِد حِين وجود الْمَنْفَعَة آنا فآنا ليقترن الِانْعِقَاد بِالِاسْتِيفَاءِ، وَهَذَا معنى قَوْلهم: الْإِجَارَة عُقُود مُتَفَرِّقَة يَتَجَدَّد انْعِقَادهَا بِحَسب مَا يحدث من الْمَنْفَعَة (وَمِمَّا يشبه السَّبَب) أَي من الْعِلَل اسْما وَمعنى لَا حكما الشبيهة بِالسَّبَبِ (مرض الْمَوْت عِلّة الْحجر عَن التَّبَرُّع) بِالْهبةِ وَالصَّدَََقَة والمحاباة وَنَحْوهَا (لحق الْوَارِث) أَي لما يتَعَلَّق بِهِ حق الْوَارِث (مَا زَاد على الثُّلُث) لِأَنَّهُ وضع شرعا للتغيير من الْإِطْلَاق إِلَى الْحجر وَالْحجر مُضَاف إِلَيْهِ، وَهُوَ مُؤثر فِيهِ كَمَا فِي حَدِيث سعد حَيْثُ قَالَ: " أفأوصى بِمَالي كُله، قَالَ صلى الله عليه وسلم لَا، قَالَ: فبالنصف.
قَالَ لَا، قَالَ فبالثلث؟ قَالَ الثُّلُث، وَالثلث كثير: إِنَّك إِن تدع وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تَدعهُمْ عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس " مُتَّفق عَلَيْهِ (وَيُشبه) مرض الْمَوْت (السَّبَب لِأَن الحكم) الَّذِي هُوَ الْحجر (يثبت بِهِ إِذا اتَّصل بِهِ الْمَوْت لِأَن الْعلَّة مرض مميت، وَلما كَانَ) الْمُؤمن (منعدما فِي الْحَال لم يثبت الْحجر فَصَارَ الْمُتَبَرّع بِهِ ملكا) للمتبرع لَهُ (للْحَال) لِانْعِدَامِ الْمَانِع حِينَئِذٍ (فَلَا يحْتَاج إِلَى تمْلِيك) جَدِيد (لَو برأَ) لاستمرار الْمَانِع على الْعَدَم (وَإِذا مَاتَ صَار كَأَنَّهُ تصرف بعد الْحجر) لاتصاف الْمَرَض بِكَوْنِهِ مميتا من أول وجوده لِأَن الْمَوْت يحدث بالألم وعوارض مزيلة لقوى الْحَيَاة من ابْتِدَاء الْمَرَض فيضاف إِلَيْهِ كُله، وَإِذا اسْتندَ الْوَصْف إِلَى أول الْمَرَض اسْتندَ بِحكمِهِ (فتوقف) نفاذه (على إجازتهم) أَي الْوَرَثَة لتَعلق حَقهم بِهِ (وَكَذَا التَّزْكِيَة) أَي تَعْدِيل شُهُود الزِّنَا (عِلّة وجوب الحكم بِالرَّجمِ) للزاني الْمُحصن (لَكِن بِمَعْنى عِلّة الْعلَّة عِنْده) أَي أبي حنيفَة (فَإِن الشَّهَادَة لَا توجب الرَّجْم دونهَا) أَي التَّزْكِيَة بل تفِيد ظُهُوره، وَعلة الْعلَّة بِمَنْزِلَة الْعلَّة فِي إِضَافَة الحكم كَمَا ستقام فَيكون مُضَافا إِلَى التَّزْكِيَة (فَلَو رَجَعَ المزكون) وَقَالُوا تعمدنا الْكَذِب (ضمنُوا الدِّيَة عِنْده) أَي أبي حنيفَة (غير أَنه إِذا كَانَ) التَّزْكِيَة، تذكير الضَّمِير بِاعْتِبَار أَنه تَعْدِيل (صفة للشَّهَادَة أضيف الحكم إِلَيْهَا) أَي إِلَى الشَّهَادَة أَيْضا فَأَي الْفَرِيقَيْنِ رَجَعَ ضمن (وَعِنْدَهُمَا لَا) يضمن المزكون إِذا رجعُوا لأَنهم أثنوا على الشُّهُود خيرا فَهُوَ كَمَا لَو أثنوا على الْمَشْهُود عَلَيْهِ خيرا بِأَن قَالُوا هُوَ مُحصن، وَالضَّمان يُضَاف إِلَى سَبَب هُوَ تعد، لَا إِلَى مَا هُوَ حسن وَخير، أَلا ترى أَن الشُّهُود والمزكين إِذْ رجعُوا جَمِيعًا لم يضمن المزكون شَيْئا، وَالْجَوَاب أَن المزكين لَيْسُوا كشهود الْإِحْصَان فَإِنَّهُم لم يجْعَلُوا مَا لَيْسَ بِمُوجب مُوجبا إِذْ الشَّهَادَة بِالزِّنَا بِدُونِ الْإِحْصَان مُوجب للعقوبة، وَالشَّهَادَة لَا توجب شَيْئا بِدُونِ التَّزْكِيَة، فالمزكون أعملوا سَبَب التّلف بطرِيق التَّعَدِّي فضمنوا، وَأما إِذا رَجَعَ الشُّهُود مَعَهم فقد انقلبت الشَّهَادَة تَعَديا وَأمكن الْإِضَافَة إِلَيْهَا على الْقُصُور لِأَنَّهَا تعد لم يحدث بالتزكية لاختيارهم فِي الْأَدَاء فَلم يضف إِلَى عِلّة الْعلَّة كَذَا فِي الْأَسْرَار (وكل عِلّة عِلّة) هِيَ (عِلّة شَبيهَة بِالسَّبَبِ كَشِرَاء الْقَرِيب وَهُوَ) أَي عِلّة الْعلَّة الشبيهة بِالسَّبَبِ (السَّبَب فِي معنى الْعلَّة، أما عِلّة فَلِأَن الْعلَّة لما كَانَت مُضَافَة إِلَى عِلّة أُخْرَى) هِيَ الأولى (كَانَ الحكم مُضَافا إِلَيْهَا) أَي للأولى (بِوَاسِطَة الثَّانِيَة فَهِيَ) أَي الأولى (كعلة توجب) الحكم (بِوَصْف لَهَا فيضاف) الحكم (إِلَيْهَا) أَي الأولى (دون الصّفة) بِهَذَا الِاعْتِبَار، فَلَا يرد أَنه لَا بُد فِي الْعلَّة من الْإِضَافَة أَو الْوَضع، والوضع مُنْتَفٍ هَاهُنَا لِأَن الْملك غير مَوْضُوع للعين (وَأما الشّبَه) بِالسَّبَبِ (فَلِأَنَّهَا) أَي الأولى (لَا توجب) الحكم (إِلَّا بِوَاسِطَة) هِيَ الثَّانِيَة كَمَا أَن السَّبَب كَذَلِك (وَحَقِيقَة هَذَا نفي الْعلَّة) لِأَن الْعلَّة الْحَقِيقِيَّة لَا تتَوَقَّف على وَاسِطَة بَينهَا وَبَين الْمَعْلُول (مِثَال ذَلِك شِرَاء الْقَرِيب فَإِنَّمَا هُوَ عِلّة لذَلِك للْملك الْعلَّة لِلْعِتْقِ
فَهُوَ) أَي شِرَاؤُهُ (عِلّة الْعلَّة) لِلْعِتْقِ (فَبين الْعلَّة اسْما وَمعنى لَا حكما، وَالْعلَّة الَّتِي تشبه الْأَسْبَاب عُمُوم من وَجه لصدقهما فِيمَا قبله) أَي قبل هَذَا الْقسم وَهُوَ عِلّة الْعلَّة من النّصاب وَمَا بعده (وانفراد) قسم الْعلَّة (الْمُشبه) بِالسَّبَبِ (فِي شِرَاء الْقَرِيب) فَإِنَّهُ لَا يتَحَقَّق فِيهِ التَّرَاخِي (و) انْفِرَاد (الْعلَّة اسْما وَمعنى لَا حكما فِي البيع بِشَرْط) الْخِيَار (وَالْمَوْقُوف وَإِلَى عِلّة معنى وَحكما كآخر) أَجزَاء الْعلَّة (المركبة) من وصفين مؤثرين مترتبين فِي الْوُجُود لوُجُود التَّأْثِير والاتصال (لَا اسْما إِذْ لم يضف) الحكم (إِلَيْهِ) أَي إِلَى هَذَا الْجُزْء الْأَخير (فَقَط) بل يُضَاف إِلَى الْمَجْمُوع قَالَ الشَّارِح: هَذَا قَول فَخر الْإِسْلَام، وَذهب غير وَاحِد إِلَى أَن مَا عدا الْأَخير بِمَنْزِلَة الْعَدَم فِي ثُبُوت الحكم وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْجُزْء الْأَخير كَمَا فِي أثقال السَّفِينَة والقدح الْأَخير فِي السكر انْتهى. قيل يلْزم على هَذَا أَن يُضَاف الحكم إِلَى الشَّاهِد الْأَخير وَيضمن كل الْمُتْلف إِذا رَجَعَ وَأجِيب بِأَن الشَّهَادَة إِنَّمَا تعْمل بِقَضَاء القَاضِي، وَالْقَضَاء يَقع بالمجموع فالراجع يضمن النّصْف أيا كَانَ (وَإِلَى عِلّة اسْما وَحكما) وَهِي كل مَظَنَّة للمعنى الْمُؤثر وَهِي (كل مَظَنَّة أُقِيمَت مقَام حَقِيقَة الْمُؤثر) لخفائه دفعا للْحَرج أَو احْتِيَاطًا (كالسفر وَالْمَرَض للترخص) فَالْحكم الَّذِي هُوَ رخصَة يُضَاف إِلَيْهَا فَيُقَال: رخصَة السّفر ورخصة الْمَرَض وَيثبت عِنْد وجودهما (لَا معنى لِأَن الْمُؤثر) فِي حكم الرُّخْصَة إِنَّمَا هُوَ (الْمَشَقَّة) لَا نفس السّفر وَالْمَرَض لَكِن أقيما مقَامهَا لخفائها ولكونهما سَببهَا دفعا للْحَرج (وكالنوم للْحَدَث إِذْ الْمُعْتَبر) فِي تحَققه (خُرُوج النَّجس) من أحد السَّبِيلَيْنِ أَو من الْبدن إِلَى مَوضِع يلْحقهُ حكم التَّطْهِير على الِاخْتِلَاف بَين الْأمة (إِلَّا أَنه) أَي النّوم (عِلّة سَببه) أَي خُرُوج النَّجس (الاسترخاء) بِالْجَرِّ بَدَلا من السَّبَب فَإِن النّوم عِلّة استرخاء المفاصل الْمُوجب لزوَال المسكة (فأقيم) النّوم (مقَامه) أَي الْخُرُوج إِقَامَة لعِلَّة السَّبَب للشَّيْء مقَام ذَلِك الشَّيْء احْتِيَاطًا فِي الْعِبَادَات (فَكَانَ) النّوم (عِلّة اسْما) للْحَدَث (لإضافة الْحَدث) إِلَيْهِ، يُقَال حدث النّوم، وَحكما لِأَنَّهُ يثبت عِنْد النّوم لَا معنى لعدم التَّأْثِير لما عرفت (وَإِلَى عِلّة معنى فَقَط وَهُوَ بعض أَجزَاء) الْعلَّة (المركبة غير) الْجُزْء (الْأَخير) مِنْهَا، فَإِن ذَلِك الْبَعْض مُؤثر فِي الْجُمْلَة وَلَا يُضَاف الحكم إِلَيْهِ بل إِلَى الْمَجْمُوع وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ (وَلَيْسَ) هَذَا الْبَعْض (سَببا) للْحكم (لَو تقدم) على الْبَعْض الآخر لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْط بطرِيق مَوْضُوع لثُبُوت الحكم (خلافًا لأبي زيد وشمس الْأَئِمَّة) السَّرخسِيّ، فَإِنَّهُ سَبَب عِنْدهمَا إِذا تقدم لَا يثبت مَا لم تتمّ الْعلَّة فَكَانَ المبدأ مُعْتَبرا لتَمام الْعلَّة، وكالطريق إِلَى الْمَقْصُود وَلَا تَأْثِير لَهُ مَا لم يَنْضَم إِلَيْهِ الْبَاقِي وَقد تخَلّل بَينه وَبَين الحكم وجود غَيره وَهُوَ غير مُضَاف إِلَيْهِ فَكَانَ سَببا، وَإِنَّمَا ذهب فَخر الْإِسْلَام إِلَى أَنه لَيْسَ بِسَبَب بل لَهُ شبه الْعلية (وَإِن لم يجب) الحكم (عِنْده لفرض عقلية دخله فِي التَّأْثِير)
فِي الحكم، وَمَا كَانَ كَذَلِك لَا يكون سَببا مَحْضا (وَلذَا) أَي فرض عقلية دخله فِي التَّأْثِير (جعلُوا) أَي أَصْحَابنَا (كلا من الْقدر وَالْجِنْس محرما للنسيئة لشُبْهَة الْعلَّة بالجزئية) فَإِن جُزْء الْعلَّة لَهُ شبه بهَا بِاعْتِبَار توقف الحكم ودخله فِي التَّأْثِير، وَفِي النَّسِيئَة شُبْهَة الْفضل لمزية النَّقْد على النَّقْد على النَّسِيئَة عرفا وَكَذَا يكون الثّمن فِي النَّسِيئَة أَكثر مِنْهُ فِي النَّقْد (فَامْتنعَ إِسْلَام حِنْطَة فِي شعير) فَإِن الْمُسلم وَهُوَ الْحِنْطَة نقد، وَالْمُسلم فِيهِ وَهُوَ الشّعير نَسِيئَة وجزء الْعلَّة وَهُوَ الْقدر مَوْجُود، وَإِسْلَام ثوب (قوهي فِي) ثوب (قوهي) وَهُوَ نِسْبَة إِلَى قوهستان كورة من كور فَارس لشُبْهَة الْعلَّة (والشبهة مَانِعَة هُنَا) فِي بَاب الرِّبَا (للنَّهْي عَن الرِّبَا والريبة) أَي الْفضل الْخَالِي عَن الْعِوَض، وشبهته فِي الْمغرب أَنه إِشَارَة إِلَى حَدِيث " دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك " فَإِن الْكَذِب رِيبَة وَإِن الصدْق طمأنينة. الرِّيبَة فِي الأَصْل قلق النَّفس واضطرابها فَهِيَ إِذن بِكَسْر الرَّاء، ثمَّ الْيَاء آخر الْحُرُوف الساكنة ثمَّ الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة، وَمن روى رِيبَة على أَنَّهَا تَصْغِير الرِّبَا فقد أَخطَأ لفظا وَمعنى، قيل وعَلى هَذَا فَفِي ثُبُوت الْمَطْلُوب بِهِ نظر (وَخرج الْعلَّة حكما فَقَط على الشَّرْط). قَالَ الشَّارِح الْمخْرج لِلْعِلَّةِ حكما فَقَط على هذَيْن: يَعْنِي الشَّرْط وَمَا ذكر بعده. صدر الشَّرِيعَة: وَمعنى تخريجها عَلَيْهِمَا استنباطها منطبقا أَو صَادِقا عَلَيْهِمَا، أما الشَّرْط فَهُوَ كدخول الدَّار (فِي تَعْلِيق الْإِيجَاب) كَأَنْت طَالِق (لثُبُوت الحكم) كَالطَّلَاقِ (عِنْده) أَي عِنْد وجود الشَّرْط وَهُوَ دُخُول الدَّار مثلا (مَعَ انْتِفَاء الْوَضع) أَي وضع دُخُول الدَّار لوُقُوع الطَّلَاق وَانْتِفَاء إِضَافَته إِلَيْهِ (و) انْتِفَاء (التَّأْثِير) لَهُ فِيهِ (وَكَذَا الْجُزْء الْأَخير من السَّبَب الدَّاعِي) إِلَى الحكم (الْمقَام) بِضَم الْمِيم مقَام الْمُسَبّب الَّذِي هُوَ الحكم (إِذا كَانَ) السَّبَب الدَّاعِي) (مركبا) عَلَيْهِ حكما فَقَط لوُجُود الِاتِّصَال من غير وضع لَهُ وَلَا إِضَافَة إِلَيْهِ وَلَا تَأْثِير لَهُ فِيهِ، لِأَن السَّبَب الدَّاعِي لَا تَأْثِير لَهُ فَكيف بجزئه (وَمَا أقيم من دَلِيل مقَام مَدْلُوله كالإخبار عَن الْمحبَّة) فِي أَن كنت تحبيني فَأَنت طَالِق لوُجُود الطَّلَاق عِنْد إخبارها عَن حبها مَعَ انْتِفَاء وَصفه لَهُ وتأثيره فِيهِ: وَإِنَّمَا أقيم للعجز عَن الْوُقُوف على حَقِيقَته. فِي كشف الْبَزْدَوِيّ لكنه يقْتَصر على الْمجْلس حَتَّى لَو أخْبرت عَنْهَا خَارج الْمجْلس لَا يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ يشبه التَّخْيِير من حَيْثُ أَنه جعل الْأَمر إِلَى إخبارها والتخيير مقتصر عَلَيْهِ، وَلَو كَانَت كَاذِبَة يَقع فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى، لِأَن حَقِيقَة الْمحبَّة لَا يُوقف عَلَيْهَا من جِهَة غَيرهَا وَلَا من جِهَتهَا، لِأَن الْقلب لَا يسْتَقرّ على شَيْء: فَصَارَ الشَّرْط الْإِخْبَار عَن الْمحبَّة وَقد وجد. قَالَ الشَّارِح: لَعَلَّ هَذَا من تَخْرِيج المُصَنّف.
(تمّ الْجُزْء الثَّالِث: ويليه الْجُزْء الرَّابِع، وأوله: المرصد الثَّانِي فِي شُرُوط الْعلَّة)