المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدَّلِيل (وَاسْتدلَّ) للْأَكْثَر أَيْضا بقوله (بِثُبُوت أصل الْقيَاس بالْخبر) كَخَبَر - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٣

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الثَّانِي من الْمقَالة الثَّانِيَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌(فصل: حجية السّنة)

- ‌(فصل: فِي شَرَائِط الرَّاوِي. مِنْهَا كَونه بَالغا حِين الْأَدَاء)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌فصل فِي التَّعَارُض

- ‌مسئلة

- ‌(فصل الشَّافِعِيَّة}

- ‌مسئلة

- ‌فصل

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الرَّابِع فِي الْإِجْمَاع

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌‌‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌من الْأَبْوَاب الْخَمْسَة من الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَحْوَال الْمَوْضُوع

- ‌فصل فِي الشُّرُوط

- ‌مسئلة

- ‌المرصد الأول: فِي تقسيمها

- ‌تَتِمَّة

الفصل: الدَّلِيل (وَاسْتدلَّ) للْأَكْثَر أَيْضا بقوله (بِثُبُوت أصل الْقيَاس بالْخبر) كَخَبَر

الدَّلِيل (وَاسْتدلَّ) للْأَكْثَر أَيْضا بقوله (بِثُبُوت أصل الْقيَاس بالْخبر) كَخَبَر معَاذ السَّابِق (فَلَا يقدم) الْقيَاس (على أَصله) أَي الْخَبَر (وَقد يمْنَع الْأَمْرَانِ) أَي ثُبُوته بالْخبر لما سَيَأْتِي فِي‌

‌ مسئلة

تَكْلِيف الْمُجْتَهد بِطَلَب المناط فِي أَوَاخِر مبَاحث الْقيَاس، وَلُزُوم التَّقْدِيم على الأَصْل إِن قدم على الْخَبَر على تَقْدِير ثُبُوته بالْخبر، إِذْ الأَصْل حِينَئِذٍ خبر مَخْصُوص، وأصالة فَرد من أَفْرَاد الْخَبَر لَا يسْتَلْزم أَصَالَة كل فَرد مِنْهُ، وَجعل الشَّارِح الْأَمر الثَّانِي تقدميه على الْخَبَر وَسَنَد الْمَنْع أَنه مصادرة على الْمَطْلُوب وَلَا معِين لَهُ (و) اسْتدلَّ أَيْضا للْأَكْثَر (بِأَنَّهُ) أَي الْخَبَر دَلِيل (قَطْعِيّ وَلَوْلَا الطَّرِيق) الموصلة لَهُ إِلَيْنَا، لِأَن قَائِله مخبر عَن الله صَادِق، وَإِنَّمَا الشُّبْهَة فِي الْوَاسِطَة (بِخِلَاف الْقيَاس) فَإِنَّهُ ظَنِّي فِي حد ذَاته (وَيُجَاب بِأَن الْمُعْتَبر الْحَاصِل الْآن وَهُوَ) أَي الْحَاصِل الْآن مِنْهُ (مظنون) ثمَّ مضى (هَذَا، وَأما تَقْدِيم مَا ذكر من الْقيَاس) الَّذِي علته ثَابِتَة بِنَصّ رَاجِح على الْخَبَر وَقطع بهَا فِي الْفَرْع (فلرجوعه) أَي التَّقْرِير الْمَذْكُور (إِلَى الْعَمَل براجح من الْخَبَرَيْنِ تَعَارضا، إِذْ النَّص على الْعلَّة نَص على الحكم فِي محلهَا) أَي الْعلَّة وَهُوَ الْفَرْع (وَقد قطع بهَا) أَي بِالْعِلَّةِ (فِيهِ) أَي محلهَا الَّذِي هُوَ الْفَرْع (والتوقف) فِيمَا أَوجَبْنَا التَّوَقُّف فِيهِ، وَهُوَ مَا إِذا ثبتَتْ بِنَصّ رَاجِح ووجودها فِي الْفَرْع ظَنِّي (لتعارض الترجيحين خبر الْعلَّة بِالْفَرْضِ) فَإِن الْمَفْرُوض رجحانه (وَالْآخر) أَي الْخَبَر الآخر (بقلة الْمُقدمَات) لعدم انضمام الْقيَاس إِلَيْهِ (وَعلمت مَا فِيهِ) من أَن الْقيَاس أقل محَال للِاجْتِهَاد من الْخَبَر (هَذَا إِذا تَسَاويا) أَي الْقيَاس، وَالْخَبَر المتعارضان بِأَن كَانَ كل مِنْهُمَا عَاما أَو خَاصّا (فَإِن كَانَا) أَي الْخَبَر وَالْقِيَاس (عَاما) أَحدهمَا (وخاصا) الآخر (فعلى الْخلاف فِي تَخْصِيص الْعَام بِهِ) أَي بِالْقِيَاسِ (كَيفَ اتّفق) أَي سَوَاء خص بِغَيْرِهِ أَو لَا (وَعَدَمه) أَي عدم تَقْدِير الْكَلَام فِي مسئلة مُسْتَقلَّة.

مسئلة

(الإتفاق فِي أَفعاله الجبلية) صلى الله عليه وسلم: أَي الصادرة بِمُقْتَضى طَبِيعَته فِي أصل خلقته كالقيام وَالْقعُود وَالنَّوْم وَالْأكل وَالشرب (الْإِبَاحَة لنا وَله، وَفِيمَا ثَبت خصوصه) أَي كَونه من خَصَائِصه كإباحة الزِّيَادَة على أَربع فِي النِّكَاح وَإِبَاحَة الْوِصَال فِي الصَّوْم (اخْتِصَاصه) بِهِ لَيْسَ لأحد من الْأمة مشاركته فِيهِ (وَفِيمَا ظهر بَيَانا بقوله " كصلوا) كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " مُتَّفق عَلَيْهِ الصَّادِر بعد صلَاته فَإِنَّهَا بَيَان لقَوْله تَعَالَى - {وَأقِيمُوا الصَّلَاة} - (وخذوا) عني مَنَاسِككُم فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه (فِي أثْنَاء حجه) أَي وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَة على رَاحِلَته كَمَا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره، فَإِن بَيَانه لقَوْله تَعَالَى - {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت} - وَخبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي الإتفاق

ص: 120

بِاعْتِبَار هَذَا الْقسم مَحْذُوف بِقَرِينَة مَا يَأْتِي أَنه بَيَان (أَو) ظهر بَيَانا (بِقَرِينَة حَال كصدوره) أَي الْفِعْل (عِنْد الْحَاجة) أَي بَيَان مُجمل (بعد تقدم إِجْمَال) حَال كَون الْفِعْل (صَالحا لبيانه) فَيتَعَيَّن حمله عَلَيْهِ لِئَلَّا يلْزم تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة وَهُوَ غير جَائِز (كالقطع من الْكُوع وَالتَّيَمُّم إِلَى الْمرْفقين أَنه) أَي الْفِعْل المتحقق فِي الْقطع وَالتَّيَمُّم (بَيَان لآيتيهما) أَي السّرقَة وَالتَّيَمُّم إِذْ آيَة الْقطع مُجمل بِاعْتِبَار الْمحل، وَأما آيَة التَّيَمُّم فَقيل أَيْضا مُجمل بِاعْتِبَارِهِ، وَالرَّاجِح أَنه مُطلق وَالْفِعْل بَيَان لما هُوَ المُرَاد مِنْهُ، كَذَا ذكره الشَّارِح، ثمَّ إِن الْقطع لَيْسَ فعله صلى الله عليه وسلم، بل فعله بأَمْره فَكَأَنَّهُ فعله. وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن نَاسا من أهل الْبَادِيَة أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فساقه إِلَى أَن قَالَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

" عَلَيْكُم بِالْأَرْضِ ثمَّ ضرب بِيَدِهِ على الأَرْض بِوَجْهِهِ ضَرْبَة وَاحِدَة، ثمَّ ضرب ضَرْبَة أُخْرَى فَمسح بهَا على يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين (بخلافهما) أَي الْمرْفقين (فِي الْغسْل) فِي الْوضُوء فَإِن غسله صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمَا لَيْسَ بَيَانا لقَوْله تَعَالَى - {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} - (لذكر الْغَايَة وَعدم إِجْمَال أداتها) أَي الْغَايَة (وَمَا لم يظْهر فِيهِ ذَلِك) أَي الْبَيَان والخصوصية (وَعرف صفته) فِي حَقه صلى الله عليه وسلم (من وجوب وَنَحْوه) من ندب وَإِبَاحَة (فالجمهور) و (مِنْهُم الْجَصَّاص أمته مثله فَإِن وَجب عَلَيْهِ وَجب عَلَيْهِم: وَهَكَذَا الخ (وَقيل) وَالْقَائِل أَبُو عَليّ بن خَلاد مثله (فِي الْعِبَادَات) فَقَط (والكرخي) والأشعرية (يَخُصُّهُ) أَي الحكم الْمَعْرُوف صفته صلى الله عليه وسلم (إِلَى) قيام (دَلِيل الْعُمُوم) لَهُم أَيْضا (وَقيل) هُوَ (كَمَا) قَالَ لَو جهل) أَي لم يعلم وَصفه (وَلَيْسَ) هَذَا القَوْل (محررا إِلَّا أَن يعرف قَوْله) أَي قَول هَذَا الْقَائِل (فِي الْمَجْهُول) وَصفه (وَلم يدر) أَي وَالْحَال أَنه لم يعلم قَول الْمَجْهُول وَصفه، فَفِي الْحِوَالَة عَلَيْهِ جَهَالَة (أَو يُرِيد) الْقَائِل الْمَذْكُور أَن (من قَالَ فِي الْمَجْهُول) مَا قَالَ (فَلهُ فِي الْمَعْلُوم مثله فَبَاطِل) أَي فَحِينَئِذٍ هَذَا القَوْل مِنْهُ بَاطِل لكَونه غير مُطَابق للْوَاقِع كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (فَمن سَيعْلَمُ) كَونه (قَائِلا بِالْإِبَاحَةِ) أَي بِكَوْن الْفِعْل مُبَاحا فِي الْجُمْهُور وَصفه، وهم فرق: مُبْهَم من يخص الْإِبَاحَة بِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُم من يعمها فَيشْمَل الْأمة أَيْضا (قَوْلهم) قاطبة (فِي الْمَعْلُوم) وَصفه (شُمُول صفته) صلى الله عليه وسلم الْأمة أَو صفة الْفِعْل من الْوُجُوب وَالنَّدْب وَإِبَاحَة الْكل فَكيف يكون قَول من قَالَ فِي الْمَجْهُول مثل مَا قَالَ فِي الْمَعْلُوم؟ وَجمع الضَّمِير فِي قَوْلهم وأفرده بِاعْتِبَار أَفْرَاد لفظ الْمَوْصُول، أَعنِي من. بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ، وَجعل الشَّارِح قَوْله قَائِلا حَال من الْمُبْتَدَأ

وَأَنت خَبِير بِأَن الْعلم لَا بُد لَهُ من مفعولين، فَالْأول الضَّمِير الرَّاجِح إِلَى الْمَوْصُول وَهُوَ نَائِب الْفَاعِل، وَالثَّانِي قَائِلا، فَلَا وَجه لَهُ وَقَوْلهمْ مُبْتَدأ ثَان خَبره شُمُول صفته، فالجملة خبر الأول (لنا)

ص: 121

فِي أَن الْأمة مثله فِيمَا عرف صفته (أَن الصَّحَابَة كَانُوا يرجعُونَ إِلَى فعله احتجاجا واقتداء أَي رُجُوع احتجاج فِي مقَام الِاقْتِدَاء فَيَقُولُونَ نَفْعل هَذَا لِأَنَّهُ فعله صلى الله عليه وسلم وكما شاركوه فِي أصل الْفِعْل شاركوه فِي كيفيته (كتقبيل الْحجر فَقَالَ عمر: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك مَا قبلتك) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَلم يُنكر) على عمر ذَلِك (وتقبيل الزَّوْجَة صَائِما) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (وَكثير) خُصُوصا فِي الْعِبَادَات (وَأَيْضًا لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة والتأسي) للْغَيْر (فعل مثله) أَي يقبل مثل مَا فعله ذَلِك الْغَيْر (على وَجهه) بِأَن يكون مشاركا لَهُ فِي الصّفة كالوجوب وَالنَّدْب وَمَا بَينهمَا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مقصد فِي ذَلِك التأسي، ثمَّ احْتَرز بقوله (لأَجله) عَمَّا هُوَ مثله لَكِن لَيْسَ فِي قصد فَاعله أَن يكون مثله تَابعا لفعل ذَلِك الْغَيْر مَبْنِيا على الِاقْتِدَاء بِهِ (وَمثله) أَي مثل قَوْله تَعَالَى - {لقد كَانَ لكم} - الْآيَة فِي الدّلَالَة على الْمَطْلُوب قَوْله تَعَالَى - {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} - فَإِن الْمُتَابَعَة للْغَيْر أَن يفعل مثل فعله على الْوَجْه الَّذِي يَفْعَله (وَأما) قَوْله تَعَالَى - {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا (زَوَّجْنَاكهَا لكيلا يكون} على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} - (فبدلالة الْمَفْهُوم الْمُخَالف على اتِّحَاد حكمه) صلى الله عليه وسلم (بهم) أَي مَعَ حكم الْأمة لِأَنَّهُ تَعَالَى علل تَزْوِيجه صلى الله عليه وسلم بِنَفْي الْحَرج الْكَائِن فِي تَحْرِيم زَوْجَات الأدعياء وَمَفْهُومه لَو لم يُزَوجهُ ثَبت الْحَرج على الْمُسلمين فِي ذَلِك، وَثُبُوت الْحَرج على ذَلِك التَّقْدِير إِنَّمَا يكون عِنْد اتِّحَاد حكمهم بِحكمِهِ وَلم يتحد، كَذَا ذكره الشَّارِح، فحاصل كَلَام المُصَنّف حِينَئِذٍ عدم دلَالَة الْآيَة على الْمَطْلُوب، وَالَّذِي يفهم من كَلَامه دلَالَته عَلَيْهِ لَكِن بطرِيق الْفَهم عِنْد من يَقُول بِهِ وَلَو صَحَّ قَوْله وَلم يتحد لما صَحَّ الدَّلِيل وَهُوَ ظَاهر: بل نقُول بِاعْتِبَار الْمَفْهُوم الْمُخَالف فِي خُصُوص هَذِه الْآيَة عِنْد الْكل وإلالم يَصح التَّعْلِيل (وَمَا جهل وَصفه) بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَفِيهِ مَذَاهِب (فَأَبُو الْيُسْر) قَالَ (أَن) كَانَ ذَلِك الْفِعْل (مُعَاملَة فالإباحة) بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وإلينا (إِجْمَاع وَالْخلاف) إِنَّمَا هُوَ (فِي الْقرب فمالك) أَي فمذهبه (شُمُول الْوُجُوب) لَهُ وَلنَا (كَذَا نَقله بَعضهم) أَي الْأُصُولِيِّينَ (متعرضا للْفِعْل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم قَوْله متعرضا حَال من فَاعل نَقله، وَفِي الْكَلَام تدافع، لِأَن قَوْله كَذَا يدل على أَن منقوله مثل مَا ذكر وَمَا ذكر شُمُول إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى الْأمة، وَقَوله متعرضا يدل على اخْتِصَاص مَا ذكر من الْإِبَاحَة وَالْوُجُوب بِهِ صلى الله عليه وسلم للفهم إِلَّا أَن يكون مُرَاده بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى الْأمة أَيْضا (كَقَوْل الْكَرْخِي مُبَاح فِي حَقه) أَي كَمَا أَن فِي قَول الْكَرْخِي تعرضا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَالْأمة (للتيقن) أَي لتيقن الْإِبَاحَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ (وَلَيْسَ لنا اتِّبَاعه) إِلَّا بِدَلِيل (وَقَول الْجَصَّاص وفخر الْإِسْلَام وشمس الْأَئِمَّة وَالْقَاضِي أبي زيد الْإِبَاحَة فِي حَقه، وَلنَا اتِّبَاعه) مَا لم يقم دَلِيل على الْخُصُوص (وَالْقَوْلَان) للكرخي والجصاص (يعكران نقل أبي الْيُسْر)

ص: 122

الْإِجْمَاع على الْإِبَاحَة فِي الْمُعَامَلَة لِأَن تَخْصِيص الْكَرْخِي الْإِبَاحَة بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُطلق الْفِعْل مُعَاملَة كَانَ أَو قربَة، والجصاص يَقُول: يجوز الِاتِّبَاع فِي الْكل، فقد تحقق فِي حق الْمُعَامَلَة قَولَانِ مُخْتَلِفَانِ وَهُوَ يُنَافِي دَعْوَى الْإِجْمَاع (وَخص الْمُحَقِّقُونَ الْخلاف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأمة فالوجوب) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى ابْن سُرَيج وَغَيره، وَفِي القواطع إِلَى مَالك والكرخي وَطَائِفَة من الْمُتَكَلِّمين وَبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي (وَالنَّدْب) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى الشَّافِعِي، وَفِي القواطع إِلَى الْأَكْثَر من الْحَنَفِيَّة والمعتزلة والصيرفي والقفال (وَمَا ذكرنَا) أَي الْإِبَاحَة: وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى مَالك، كَذَا ذكره الشَّافِعِي، وَالْأَظْهَر أَنه إِشَارَة إِلَى مَا ذكر فِي قَول الْكَرْخِي لَيْسَ لنا اتِّبَاعه، وَفِي قَول الْجَصَّاص لنا اتِّبَاعه (وَالْوَقْف) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى الصَّيْرَفِي وَأكْثر الْمُعْتَزلَة، وَفِي القواطع إِلَى أَكثر الأشعرية، وَفِي غَيره وَالْغَزالِيّ وَالْقَاضِي أبي الطّيب، وَاخْتَارَهُ أَبُو الطّيب، وَاخْتَارَهُ الإِمَام الرَّازِيّ (ومختار الْآمِدِيّ) وَابْن الْحَاجِب أَنه (إِن ظهر قصد الْقرْبَة فالندب وَإِلَّا فالإباحة وَيجب) أَن يكون هَذَا القَوْل (قيد القَوْل الْإِبَاحَة للْأمة) إِن لم يقل أحد بِأَن مَا هُوَ من الْقرب عمله مُبَاح من غير ندب (الْوُجُوب) أَي دَلِيله (وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ) أَي افعلوه وَفعله مِمَّا آتَاهُ وَالْأَمر للْوُجُوب (أُجِيب بِأَن المُرَاد مَا أَمركُم) بِهِ (بِقَرِينَة مُقَابِله وَمَا نهاكم) لتجاوب طرفِي النّظم: وَهُوَ اللَّائِق ببلاغة الْقُرْآن (قَالُوا) ثَانِيًا قَالَ الله تَعَالَى (فَاتَّبعُوهُ) وَالْأَمر للْوُجُوب (قُلْنَا هُوَ) أَي الِاتِّبَاع (فِي الْفِعْل فرع الْعلم بِصفتِهِ) أَي الْفِعْل (لِأَنَّهُ) أَي الِاتِّبَاع فِي الْفِعْل (فعله على وَجه فعله) المتبع (وَالْكَلَام فِي مجهولها) أَي الصّفة فَلَا يتَحَقَّق الِاتِّبَاع مَعَ عدم الْعلم بِصفة الْعلم فِي حَقه صلى الله عليه وسلم (وَقد منع اعْتِبَار الْعلم بصلَة الْفِعْل فِي الِاتِّبَاع فِيهِ) أَي الْفِعْل، وَقيل لَا نسلم أَن الِاتِّبَاع مَوْقُوف على الْعلم بذلك بل نتبعه فِيهِ وَإِن لم يعلم صفته، (و) ذكر سَنَد هَذَا الْمَنْع (فِي عبارَة) هَكَذَا (الْإِبَاحَة) الْمُطلقَة متعينة فِي مجهولها وَهُوَ الْجَوَاز المتحقق فِي ضمن الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة الْمُقَابلَة لَهما (وَلنَا اتِّبَاعه) وَهُوَ مَعْلُوم من الدّين، فجهالة وصف الْفِعْل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لَا يمْنَع اتباعنا لَهُ، فَالْأَمْر بالاتباع يجْرِي فِي مَجْهُول الْوَصْف كَمَا يجْرِي فِي معلومه وَالْأَمر للْوُجُوب. ثمَّ أضْرب عَن هَذَا الْجَواب: أَعنِي كَون الِاتِّبَاع فرع الْعلم بِصفتِهِ إِلَى مَا هُوَ التَّحْقِيق فَقَالَ (بل الْجَواب) أَن يُقَال (الْقطع بِأَنَّهُ) أَي عُمُوم الْأَمر باتباعه (مَخْصُوص) غير مَحْمُول على عُمُومه بَالغا مَا بلغ (إِذْ لَا يجب قيام وقعود وتكوير عِمَامَة) أَي تدويرها (وَمَا لَا يُحْصى) من أَفعاله الجبلية وَغَيرهمَا مِمَّا لَا بجب اتِّبَاعه فِيهِ إِجْمَاعًا (وَلَا مُخَصص معِين) حَتَّى يَنْتَهِي التَّخْصِيص إِلَى حد معِين (فأخص الْخُصُوص) أَي فَتعين حلمه على أخص الْخُصُوص (من مَعْلُوم صفة الْوُجُوب) يَعْنِي أَن صفة الْفِعْل على قسمَيْنِ مَعْلُوم ومجهول، وَالْأول قسم هُوَ أخص

ص: 123

الْخُصُوص نظرا إِلَى حِكْمَة مقسمة وَهُوَ هَهُنَا لُزُوم الِاتِّبَاع، إِذْ لَيْسَ لمعلول الصّفة فَرد أَحَق وَأولى بِهَذَا اللُّزُوم من الْمَوْصُوف بِالْوُجُوب وَالْحَاصِل أَنا عرفنَا أَن الِاتِّبَاع مَطْلُوب فِي الْجُمْلَة من غير تَحْدِيد من قبل الشَّارِع، وَقد علمنَا يَقِينا كَون الْوَاجِب فعله بِحَيْثُ لَا يُمكن أَن يكون خَارِجا عَن الْمَطْلُوب الْمَذْكُور وَغَيره من الْأَفْعَال قد يكون خَارِجا عَنهُ، وَفِي مثل هَذَا الطّلب الإجمالي يتَعَيَّن مَا هُوَ الْمُتَعَيّن دُخُوله فِي الحكم وَغَيره لَا يعلم دُخُوله، وَالْأَصْل عدم الدُّخُول. فمعين الْآيَة طلب اتِّبَاعه فِيمَا علم وُجُوبه وَالله أعلم (قَالُوا) ثَالِثا (لقد كَانَ) لكم (إِلَى آخرهَا) محصوله قَضِيَّة (شَرْطِيَّة مضمونها لُزُوم التأسي) وَهُوَ تَالِيهَا (للْإيمَان) وَهُوَ مقدمها، إِذْ الْمَعْنى من كَانَ يُؤمن بِاللَّه فَلهُ أُسْوَة حَسَنَة، إِذْ المُرَاد بضمير الْمُخَاطب فِي قَوْله لكم يعم كل فَرد من الْمُؤمنِينَ (ولازمها عكس نقيضها) عطف بَيَان للازمها (عدم الْإِيمَان لعدم التأسي) لِأَن نقيض الْمَلْزُوم لَازم لنقيض اللَّازِم، وَاللَّازِم اجْتِمَاع عين الْمَلْزُوم مَعَ نقيض اللَّازِم لَازِما (وَعَدَمه) أَي الْإِيمَان (حرَام، فَكَذَا) ملزومه الَّذِي هُوَ (عدم التأسي فنقيضه) أَي نقيض عدم التأسي وَهُوَ التأسي (وَاجِب وَالْجَوَاب مثله) أَي مثل جَوَاب الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور قبله (لِأَن التأسي كالاتباع) فِي الْمَعْنى وَفِيمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ من الْعلم بِوَصْف مَا فِيهِ الِاتِّبَاع (وَفِيه) من الْبَحْث (مثل مَا قبله) من منع اعْتِبَار الْعلم بِصفة الْفِعْل فِي الائتساء (وَمِنْه) أَي وَمِمَّا قبله من الْجَواب الْمُخْتَار يُؤْخَذ أَيْضا (الْجَواب الْمُخْتَار) هَهُنَا، وَهُوَ حمله على أخص الْخُصُوص (قَالُوا) رَابِعا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (خلع نَعْلَيْه) فِي الصَّلَاة (فخلعوا) أَي أَصْحَابه نعَالهمْ، فَقَالَ مَا حملكم على أَن ألقيتم نعالكم؟ فَقَالُوا رَأَيْنَاك ألقيت فألقينا. قَالَ أَن جِبْرِيل أَتَانِي وَأَخْبرنِي أَن فيهمَا أَذَى. أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان (فأقرهم على استدلالهم) بِفِعْلِهِ (وَبَين سَبَب اخْتِصَاصه) أَي خلع النَّعْلَيْنِ (بِهِ) صلى الله عليه وسلم لما ذكر (إِذْ ذَاك) أَي إِذْ فعل ذَاك الْفِعْل (قُلْنَا: دليلهم) على الْوُجُوب قَوْله صلى الله عليه وسلم (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي) أُصَلِّي (لَا فعله أَو فهمهم الْقرْبَة) من الْخلْع وَإِلَّا لحرم (أَو) كره فرأوه (مَنْدُوبًا) لَا وَاجِبا (قَالُوا) خَامِسًا (أَمرهم) أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه (بِالْفَسْخِ) أَي فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة (فتوقفوا) عَن الْفَسْخ (لعدم فَسخه) فَعلم أَنهم كَانُوا يرَوْنَ اتِّبَاعه وَاجِبا (فَلم يُنكره) أَي توقفهم (وَبَين مَانِعا يَخُصُّهُ) من النّسخ (وَهُوَ) أَي الْمَانِع (سوق الْهدى كَذَا ذكره) فِي الصَّحِيحَيْنِ لَوْلَا أَن معي الْهَدْي لأحللت، ثمَّ اعْترض على قَوْلهم فَلم ينكروه بِمَا روى عَنهُ من الْغَضَب فَدفعهُ المُصَنّف بقوله (وَمن نظر السّنَن فَعلم أَنه) صلى الله عليه وسلم (غضب من توقفهم) أخرج مُسلم وَغَيره عَن عَائِشَة قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَرْبَع أَو خمس مضين ذِي الْحجَّة، فَدخل عَليّ وَهُوَ غَضْبَان، فَقلت من أغضبك يَا رَسُول الله؟

ص: 124

قَالَ أشعرت أَنِّي أمرت النَّاس بِأَمْر فَإِذا هم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي معي حَتَّى أحل كَمَا أحلُّوا (لم يلْزم) من الْإِلْزَام: أَي لم يَجْعَل الْغَضَب لَازِما للتوقف (لعدم الْفِعْل) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لم يفْسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة، يَعْنِي أَن النَّاظر للسنن لم يحكم بِأَن غَضَبه إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب توقفهم لعدم فَسخه (بل) يحكم بِأَن غَضَبه من توقفهم إِنَّمَا كَانَ (لكَونه) أَي التَّوَقُّف (بعد الْأَمر) بِالْفَسْخِ، إِذْ بعده لَا مجَال للتوقف وَإِن لم يفْسخ الْأَمر بِنَفسِهِ (ثمَّ بَين مانعه) مَعْطُوف على مَا فهم من فحوى الْكَلَام قَالَ لكَونه أَمر ثمَّ بَين، كلمة ثمَّ للتفاوت بَين بَيَان الْمَانِع وَعَدَمه، يَعْنِي أَن مُجَرّد الْأَمر كَاف فِي إِيجَاب الْغَضَب من التَّوَقُّف، ثمَّ إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ بَيَان الْمَانِع الْقَاطِع لمادة الشُّبْهَة الملقية إِلَى التَّوَقُّف زَاد فِي الْإِيجَاب (وَأحسن المخارج) للْعُذْر (لَهُم) أَي الصَّحَابَة فِي عدم المسارعة إِلَى الِامْتِثَال (ظَنّه) أَي الْأَمر بِالْفَسْخِ (أَمر إِبَاحَة) حَال كَونه (رخصَة ترفيها) لَهُم وتسهيلا (وَأظْهر مِنْهُ) أَي من هَذَا الْخَبَر فِي الدّلَالَة على أَنهم كَانُوا يرَوْنَ اتِّبَاعه فِي الْفضل وَاجِبا (أمره) صلى الله عليه وسلم (بِالْحلقِ فِي الْحُدَيْبِيَة) بِضَم الْحَاء وَفتح الدَّال، ثمَّ الْبَاء الْمُوَحدَة، ثمَّ الْيَاء مُخَفّفَة ومثقلة، وَأكْثر الْمُحدثين على التثقيل، مَوضِع مَعْرُوف من جِهَة جده بَينهَا وَبَين مَكَّة عشرَة أَمْيَال، كَذَا ذكره الشَّارِح (فَلم يَفْعَلُوا حَتَّى حلق فازدحموا) فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث الْمسور بن مخرمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه: قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا، قَالَ وَالله مَا قَامَ مِنْهُم رجل حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحد دخل على أم سَلمَة فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس، فَقَالَت أم سَلمَة: يَا نَبِي الله أَتُحِبُّ ذَلِك اخْرُج ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو حالقك فيحلقك، فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى فعل ذَلِك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا ونحروا، وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعضهم غما انْتهى فَظهر أَن توقفهم كَانَ لعدم فعله (وَلَا يتم الْجَواب) عَن هَذَا الْخَامِس (بِأَن الْفَهم) لوُجُوب الْمُتَابَعَة إِنَّمَا نَشأ (من) قَوْله صلى الله عليه وسلم (خُذُوا عني) مَنَاسِككُم، وَهُوَ لم يحل فَلم يحلوا (لِأَنَّهُ لم يكن) صلى الله عليه وسلم (قَالَه بعد فِي الصُّورَتَيْنِ) صُورَة الْأَمر بِالْفَسْخِ، وَصُورَة الْأَمر بِالْحلقِ (بل) الْجَواب (مَا ذكرنَا) وَهُوَ ظنهم الْأَمر أَمر إِبَاحَة ورخصة ترفيها فَلم يَفْعَلُوا أخذا لما هُوَ الأشق حرصا مِنْهُم فِي زِيَادَة طلب الثَّوَاب (أَو بحلقه) صلى الله عليه وسلم (عرف حتمه) وَأَنه إِيجَاب (قَالُوا) سادسا (اخْتلفت الصَّحَابَة فِي وجوب الْغسْل بالإيلاج) لقدر الْحَشَفَة فِي الْفرج من غير إِنْزَال (ثمَّ اتَّفقُوا عَلَيْهِ) أَي وجوب الْغسْل بِهِ كَمَا يفِيدهُ ظَاهر حَدِيث لِأَحْمَد فِي مُسْنده (لزواية عَائِشَة فعله) فَإِنَّهَا قَالَت فعلته أَنا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا

ص: 125

(أُجِيب بِأَن فِيهِ قولا) وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم (إِذا التقى) الختانان فقد وَجب الْغسْل رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَابْن وهب (وَإِنَّمَا يُفِيد) هَذَا الْجَواب (إِذا روته) أَي عَائِشَة حَدِيث: إِذا التقى إِلَى آخِره أَو مَعْنَاهُ (لَهُم) أَي للصحابة لِأَنَّهُ قد علم أَن اتِّفَاقهم إِنَّمَا حصل بخبرها (أَو هُوَ) أَي الْفِعْل الَّذِي روته عَائِشَة (بَيَان) قَوْله (وَإِن كُنْتُم جنبا) فاطهروا، وَالْأَمر للْوُجُوب: أَي فَلم يرجِعوا إِلَى الْفِعْل من حَيْثُ هُوَ فعله، بل إِلَى أمره تَعَالَى بالاطهار للْجنب، وَقد تبين بِالْفِعْلِ أَن الْجَنَابَة ثبتَتْ بِهِ كَمَا تثبت بالإنزال فالمرجع الْكتاب (أَو تنَاوله) أَي وجوب الْغسْل بالالتقاء قَوْله صلى الله عليه وسلم (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي) أُصَلِّي (إِذْ هُوَ) أَي الْغسْل (شَرطهَا) أَي الصَّلَاة وَهُوَ إِنَّمَا صلى بعد التقاء الختانين بِالْغسْلِ (أَو لفهم الْوُجُوب) أَي وجوب الْغسْل بِمُجَرَّد الالتقاء (مِنْهَا) أَي عَائِشَة لِأَنَّهَا فهمت الْوُجُوب لقرائن ظَهرت لَهَا، وأفهمتهم ذَلِك حَتَّى حصل لَهُم الْعلم بذلك (إِذْ كَانَ خلافهم فِيهِ) أَي فِي الْوُجُوب والاستحباب (قَالُوا) سابعا الْوُجُوب (أحوط) لما فِيهِ من الْأَمْن من الْإِثْم قطعا فَيجب الْحمل عَلَيْهِ (أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي الِاحْتِيَاط (فِيمَا لَا يحْتَمل التَّحْرِيم) على الْأمة (وَفعله) صلى الله عليه وسلم (يحْتَملهُ) أَي التَّحْرِيم على الْأمة (ورد) هَذَا الْجَواب (بِوُجُوب صَوْم) يَوْم (الثَّلَاثِينَ) من رَمَضَان (إِذا غم الْهلَال) لشوال بِالِاحْتِيَاطِ مَعَ احْتِمَال كَونه حَرَامًا لكَونه يَوْم الْعِيد (بل الْجَواب أَنه) أَي الِاحْتِيَاط إِنَّمَا شرع (فِيمَا ثَبت وُجُوبه كَصَلَاة نسيت غير مُعينَة) فَيجب عَلَيْهِ الْخمس احْتِيَاطًا (أَو كَانَ) ثُبُوت الْوُجُوب (الأَصْل كَصَوْم) يَوْم (الثَّلَاثِينَ) إِذْ الأَصْل بَقَاء رَمَضَان (النّدب) أَي دَلِيله (الْوُجُوب يسْتَلْزم التَّبْلِيغ) دفعا للتكليف بِمَا لَا يُطَاق (وَهُوَ) أَي التَّبْلِيغ (مُنْتَفٍ بِالْفَرْضِ) إِذْ الْكَلَام فِيمَا وجد فِيهِ مُجَرّد الْفِعْل (وأسوة حَسَنَة تَنْفِي الْمُبَاح) إِذْ أقل مَرَاتِب الْحسن فِي التأسي أَن يكون مَنْدُوبًا (فَتعين النّدب أُجِيب بِأَن الْأَحْكَام) الشَّرْعِيَّة (مُطلقًا) سَوَاء كَانَت وجوبا أَو ندبا أَو إِبَاحَة (تستلزمه) أَي التَّبْلِيغ، فَإِن وجوب التَّبْلِيغ يعمها (فَلَو انْتَفَى) التَّبْلِيغ (انْتَفَى النّدب أَيْضا، وَالْمَذْكُور فِي الْآيَة حسن الائتساء وَيصدق) حسنه (مَعَ الْمُبَاح) لِأَن الْمُبَاح حسن، وَلَا نسلم أَن أقل مراتبه النّدب، بل الْإِبَاحَة (قَالُوا) أَي النادبون ثَانِيًا (هُوَ) أَي النّدب (الْغَالِب من أَفعاله) فَيحكم عَلَيْهِ (أُجِيب بِالْمَنْعِ) أَي منع كَون الْغَالِب (الْإِبَاحَة) أَي دليلها (هُوَ) الْمُبَاح، وَكَونه مُبَاحا (الْمُتَيَقن). قَالَ الشَّارِح لانْتِفَاء الْمعْصِيَة وَالْوُجُوب انْتهى، أما الأول فَظَاهر، وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لبينه وَلَا يخفى أَن تيقنه على تَقْرِير تَفْسِيره بِمَا لَيْسَ بِحرَام وَلَيْسَ بِوَاجِب وَأما إِذا فسر بِمَا هُوَ أخص من هَذَا التقابل الْمَنْدُوب وَالْمَكْرُوه أَيْضا كَمَا يَقْتَضِيهِ مَحل النزاع

ص: 126

فَلَا نسلم تيقنه (فينتفى الزَّائِد) عَلَيْهَا وَهُوَ كَونه مُسْتَحبا (لنفي الدَّلِيل) لَهُ (وَهُوَ) أَي التيقن مَعَ انْتِفَاء الزَّائِد لنفي الدَّلِيل (وَجه) قَول (الْآمِدِيّ) الَّذِي سبق ذكره (إِذا لم تظهر الْقرْبَة) أَي قَصدهَا فِيهِ فالإباحة (وَإِلَّا) بِأَن ظهر قَصدهَا فِيهِ (فالندب) إِذْ لَو لم يتَمَسَّك بِمَا ذكره لم يتَعَيَّن على تَقْدِير عدم ظُهُور قصد الْقرْبَة وَالْإِبَاحَة وعَلى تَقْدِير ظُهُوره النّدب (وَيجب كَونه) أَي الِاسْتِدْلَال (كَذَا) أَي على المنوال (لمن ذكرنَا من الْحَنَفِيَّة) أَنهم قَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ ويتمسك (بِمثلِهِ) أَي التَّوْجِيه الْمَذْكُور (وَهُوَ) أَي مثله أَن يُقَال (أَنه) أَي النّدب (الْمُتَيَقن مَعهَا) أَي الْقرْبَة (إِلَّا أَن لَا يتْرك) ذَلِك الْفِعْل (مرّة) بِنَاء (على أصولهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فالوجوب) أَي فَحكمه الْوُجُوب حِينَئِذٍ فَإِن خُلَاصَة هَذَا أَيْضا الِاقْتِصَار على الْمُتَيَقن وَالزِّيَادَة عَلَيْهِ بِقدر الدَّلِيل (وَالْحَاصِل أَن عِنْد عدم ظُهُور الْقرْبَة) وَفِي نُسْخَة الشَّارِح عِنْد عدم الْقَرِينَة (الْمُتَيَقن الْإِبَاحَة وَعند ظُهُورهَا) أَي الْقرْبَة أَو الْقَرِينَة للقربة (وجد دَلِيل الزِّيَادَة) على الْإِبَاحَة (وَالنَّدْب مُتَيَقن فينتفى الزَّائِد) وَهُوَ الْوُجُوب (وَعدم التّرْك مرّة دَلِيل) الزِّيَادَة (حَامِل الْوُجُوب الْكَرْخِي) أَي دَلِيل فِي أَنه مُبَاح فِي حَقه الْمُتَيَقن وَلَيْسَ لنا اتِّبَاعه على مَا سبق أَنه (جَازَت الخصوصية) أَي كَون الْفِعْل جَائِزا لَهُ دون غَيره (فَاحْتمل فعله التَّحْرِيم) على الْأمة (فَيمْنَع) فعله فِي حق غَيره حَتَّى يقوم دَلِيل يرجح أحد الْجَانِبَيْنِ من الْحُرْمَة وَالْجَوَاز بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأمة (الْجَواب أَن) يُقَال (وضع مقَام النُّبُوَّة للاقتداء. قَالَ تَعَالَى لإِبْرَاهِيم {إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا} فَثَبت) جَوَاز الِاقْتِدَاء فِيهِ (مَا لم يتَحَقَّق خُصُوص) لَهُ فِيهِ (وَهُوَ) أَي الْخُصُوص (نَادِر لَا يمْنَع احْتِمَاله) الْمَرْجُوح جَوَاز الِاقْتِدَاء فِيهِ مَا لم يتَحَقَّق (الْوَاقِف) أَي دَلِيل مَذْهَب الْوَقْف (صفته) أَي الْفِعْل (غير مَعْلُومَة) على مَا هُوَ الْمَفْرُوض (والمتابعة) إِنَّمَا تكون (بعلمها) أَي صفته (فَالْحكم بِأَن الْمَجْهُول كَذَا) أَي وَاجِب أَو مَنْدُوب أَو مُبَاح (بِعَيْنِه فِي حَقه) صلى الله عليه وسلم (كالكرخي) أَي كحكمه (وَمن ذكرنَا) هم (من الْحَنَفِيَّة) من الخصائص وفخر الْإِسْلَام وشمس الْأَئِمَّة وَالْقَاضِي أبي زيد (وناقل الْوُجُوب) لم يقل وَمَالك لِأَنَّهُ لم يثبت عِنْده (على الْوَجْه الأول) من الْوَجْهَيْنِ: وهما شُمُول الْوُجُوب لَهُ وَلنَا واختصاصه بالأمة، ثمَّ قَوْله فَالْحكم مُبْتَدأ خَبره (تحكم بَاطِل يجب التَّوَقُّف عَنهُ) أَي عَن هَذَا التحكم فِي حَقه صلى الله عليه وسلم، وَكَذَا يجب الْوَقْف عَن خُصُوص حكم فِيهِ: أَي الْفِعْل للْأمة لكَونه تحكما بَاطِلا (وَنَصّ على إِطْلَاقهم) أَي الواقفين (الْفِعْل) للْأمة لكَونه تحكما بَاطِلا على مَا فِي التَّلْوِيح أثبتوا إِذْنا عَاما للْأمة فِي اتِّبَاعه فِي كل فعل غير مَعْلُوم الصّفة فِي حَقه صلى الله عليه وسلم (وَلَا يُنَافِي) إِطْلَاقهم الْمَذْكُور (الْوَقْف) فِي حَقه صلى الله عليه وسلم وحقنا (لِأَنَّهُ) أَي الْإِطْلَاق الَّذِي هُوَ عبارَة عَن مُجَرّد الْإِذْن فِي الْفِعْل لَيْسَ الحكم الَّذِي هُوَ الْإِبَاحَة وَإِنَّمَا هُوَ (جُزْء الحكم) أَي الْإِبَاحَة لِأَنَّهُ عبارَة عَن مَجْمُوع إِطْلَاق الْفِعْل وَإِطْلَاق التّرْك (فَلم يحكم فِي

ص: 127