المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع في الإجماع - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٣

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الثَّانِي من الْمقَالة الثَّانِيَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌(فصل: حجية السّنة)

- ‌(فصل: فِي شَرَائِط الرَّاوِي. مِنْهَا كَونه بَالغا حِين الْأَدَاء)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌فصل فِي التَّعَارُض

- ‌مسئلة

- ‌(فصل الشَّافِعِيَّة}

- ‌مسئلة

- ‌فصل

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الرَّابِع فِي الْإِجْمَاع

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌‌‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌من الْأَبْوَاب الْخَمْسَة من الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَحْوَال الْمَوْضُوع

- ‌فصل فِي الشُّرُوط

- ‌مسئلة

- ‌المرصد الأول: فِي تقسيمها

- ‌تَتِمَّة

الفصل: ‌الباب الرابع في الإجماع

حِينَئِذٍ كَون الْمُقدم نَاسِخا للْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة ثمَّ نسخ هَذَا النَّاسِخ، وَلما كَانَ رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة لَيْسَ بنسخ فِي التَّحْقِيق فسر النّسخ بقوله (أَي الرّفْع أَو) النّسخ مَحْمُولا (على حَقِيقَته بِنَاء على مَا سلف عَن الطَّائِفَة) من الْحَنَفِيَّة الْقَائِلين بِأَن رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة نسخ (فَلَا يجب الْوَقْف) عَن الْعَمَل بِأحد النصين (غير أَنه) أَي الْمُخَالف لما هُوَ الأَصْل (مُرَجّح) على الْبناء للْمَفْعُول (لَا نَاسخ) على القَوْل الْمُخْتَار.

‌الْبَاب الرَّابِع فِي الْإِجْمَاع

(الْإِجْمَاع الْعَزْم والاتفاق لُغَة) على كَذَا، يَعْنِي تَارَة يُرَاد بِهِ الْعَزْم فَيُقَال فلَان أجمع على كَذَا إِذا عزم عَلَيْهِ، وَتارَة يُرَاد بِهِ الِاتِّفَاق فَيُقَال أجمع الْقَوْم على كَذَا: أَي اتَّفقُوا، وَالثَّانِي بِالْمَعْنَى الاصطلاحي أنسب. وَعَن الْغَزالِيّ أَنه مُشْتَرك لَفْظِي، وَقيل أَن الْمَعْنى الْأَصْلِيّ لَهُ الْعَزْم، والاتفاق لَازم ضَرُورِيّ إِذا وَقع من جمَاعَة. (وَاصْطِلَاحا اتِّفَاق مجتهدي عصر من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على أَمر شَرْعِي) إِضَافَة مجتهدي عصر استغراقية فتفيد اتِّفَاق جَمِيعهم كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور، فَلَا يصدق التَّعْرِيف على قَول مُجْتَهد مُنْفَرد فِي عصره بِأَمْر شَرْعِي، وَعلم بذلك أَن لَا عِبْرَة بمخالفة غير الْمُجْتَهد: كَمَا لَا عِبْرَة بِاتِّفَاق غير الْمُجْتَهدين. قيل عدم اعْتِبَار الْعَاميّ فِي الْإِجْمَاع بالِاتِّفَاقِ، وَقيل القَاضِي أَبُو بكر يعْتَبر اتفاقه، وَالْمرَاد الْإِجْمَاع الْخَاص الَّذِي هُوَ أحد أَدِلَّة الْأَحْكَام، وَقد يُطلق الْإِجْمَاع وَيُرَاد بِهِ مَا يعم الْكل كالإجماع على أُمَّهَات الشَّرَائِع كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَتَحْرِيم الرِّبَا وَهُوَ خَارج المبحث، وَإِنَّمَا لم يعْتَبر قَول الْعَاميّ لِأَنَّهُ بِغَيْر دَلِيل فَلَا يعْتد بِهِ مَعَ أَنه لَو اعْتبر قَول الْعَوام لَا يتَحَقَّق الْإِجْمَاع لعدم إِمْكَان ضبطهم لانتشارهم شرقا وغربا، وَأما من حصل علما مُعْتَبرا من فقه أَو أصُول فَمنهمْ من اعْتبر اتفاقه أَيْضا، وَالْجُمْهُور على عدم اعْتِبَاره، ويفيد التَّعْرِيف اخْتِصَاص الْإِجْمَاع بِالْمُسْلِمين لِأَن الْإِسْلَام شَرط لاجتهادهم فَيخرج من يكفر ببدعته، وَبِقَوْلِهِ عصر أَي زمن طَال أَو قصر انْدفع توهم اعْتِبَار جَمِيع الْأَعْصَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَبِقَوْلِهِ أمة مُحَمَّد خرج إِجْمَاع الْأُمَم السالفة، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة كَمَا نَقله فِي اللمع عَن الْأَكْثَرين خلافًا للاسفرايني فِي جمَاعَة أَن إِجْمَاعهم قبل نسخ مللهم حجَّة، وَالْمرَاد بِالْأَمر الشَّرْعِيّ مَا لَا يدْرك لَوْلَا خطاب الشَّارِع سَوَاء كَانَ قولا أَو فعلا أَو اعتقادا أَو تقريرا، وَسَيَأْتِي أَنه حجَّة فِي بعض العقليات، خلافًا لبَعض الْحَنَفِيَّة. وَقَالَ السُّبْكِيّ: وَيَنْبَغِي أَن يُزَاد فِي غير زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَن الْإِجْمَاع لَا ينْعَقد فِي زَمَانه كَمَا ذكره الْأَكْثَرُونَ لِأَن قَوْلهم لَا يَصح دونه وَإِن كَانَ مَعَهم فالحجة

ص: 224

فِي قَوْلهم. وَقَالَ بَعضهم: ينْعَقد وَيُؤَيِّدهُ إِسْقَاط هَذَا الْقَيْد من التَّعْرِيف الْمَذْكُور (وعَلى) قَول (من شَرط لحجيته) أَي الْإِجْمَاع (والتعريف لَهُ) أَي وَالْحَال أَن يفْرض التَّعْرِيف لَهُ فَهُوَ جملَة مُعْتَرضَة بَين الْفِعْل ومفعوله أَعنِي (انْقِرَاض عصرهم) أَي المجمعين من مجتهدي ذَلِك الْعَصْر (زِيَادَة) قيد (إِلَى انقراضهم) بعد أَمر شَرْعِي سَوَاء كَانَت فَائِدَة الِاشْتِرَاط جَوَاز الرُّجُوع لَا دُخُول من سيحدث فِي إِجْمَاعهم كَمَا هُوَ قَول أَحْمد، أَو إِدْخَال من أدْرك عصرهم من الْمُجْتَهدين كَمَا هُوَ قَول بَاقِي المشترطين (و) على قَول (من شَرط) لحجية الْإِجْمَاع (عدم سبق خلاف مُسْتَقر) وَهُوَ يرى جَوَاز حُصُول الْإِجْمَاع بعد الْخلاف المستقر وَفرض التَّعْرِيف لَهُ وَقَيده بالمستقر لِأَن غير المستقر كَالْعدمِ (زِيَادَة غير مَسْبُوق بِهِ) أَي بِخِلَاف مُسْتَقر (وَإِذن) أَي وَإِذا عرفت طَرِيق الزِّيَادَة فِي التَّعْرِيف عِنْد قصد جعله لمن يشْتَرط زِيَادَة قيد (فَمن شَرط الْعَدَالَة) فِي أهل الْإِجْمَاع كاشتراط الْإِسْلَام (و) من شَرط (عدد التَّوَاتُر) فيهم لَهُ أَن يزِيد فِي التَّعْرِيف (مثله) أَي مَا ذكر فَزَاد للْأولِ عدُول بعد مجتهدي عصر، وَللثَّانِي لَا يتَصَوَّر تواطؤهم على الْكَذِب بعد عدُول إِن اتَّحد الشارط فيهمَا والإمكان عدُول. قَالَ الشَّارِح الأول للحنفية وموافقيهم، وَالثَّانِي لبَعض الْأُصُولِيِّينَ مِنْهُم إِمَام الْحَرَمَيْنِ (وَقَول الْغَزالِيّ) فِي تَعْرِيفه (اتِّفَاق أمة مُحَمَّد على أَمر ديني معترض بِلُزُوم عدم تصَوره) أَي وجوده لِأَن أمته كل الْمُسلمين من بعثته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقبل الْقِيَامَة لَا إِجْمَاع وَبعدهَا لَا حجية (و) بِلُزُوم فَسَاد طرده) لَو أُرِيد بِهِ تنزلا اتِّفَاقهم فِي عصر مَا (أَن) اتَّفقُوا على أَمر ديني (لم يكن فيهم مُجْتَهد) فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاع والتعريف يصدق عَلَيْهِ فَلَا يكون مطردا (وَأجِيب بسبق إِرَادَة الْمُجْتَهدين فِي عصر للمتشرعة) من اتِّفَاق أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والمتبادر إِلَى الأذهان كالمصرح بِهِ (كَمَا سبق) هَذَا المُرَاد (من) الْمَرْوِيّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم (لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضَلَالَة) كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانه (و) بِفساد (عَكسه لَو اتَّفقُوا على عَقْلِي أَو عرفي) لوُجُود الْمُعَرّف وَعدم صدق التَّعْرِيف. (أُجِيب) بِأَن وجود الْمُعَرّف فِي كل مِنْهُمَا (لَا يضر) بالتعريف (إِذا كَانَ) كل مِنْهُمَا (دينيا) لصدقه عَلَيْهِمَا (وَغَيره) أَي غير الديني (خرج) وَلَا يضر خُرُوجه إِذْ لَا حجية فِي الْإِجْمَاع عَلَيْهِ (وَادّعى النظام وَبَعض الشِّيعَة استحالته) أَي الْإِجْمَاع (عَادَة)، كَذَا ذكره ابْن الْحَاجِب وَغَيره، وَقَالَ السُّبْكِيّ أَن هَذَا قَول بعض أَصْحَاب النظام، وَأما رَأْيه نَفسه فَهُوَ أَنه يتَصَوَّر، لَكِن لَا حجَّة فِيهِ، كَذَا نَقله القَاضِي وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَابْن السَّمْعَانِيّ وَهِي طَريقَة الإِمَام الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه فِي النَّقْل عَنهُ هَكَذَا ذكره الشَّارِح وَإِنَّمَا أَحَالهُ من أَحَالهُ (لِأَن انتشارهم) أَي الْمُجْتَهدين فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وقفار الفيافى

ص: 225

وسباسبها (يمْنَع من نقل الحكم إِلَيْهِم) عَادَة (وَلِأَن الِاتِّفَاق) على الحكم الشَّرْعِيّ (إِن) كَانَ (عَن) دَلِيل (قَطْعِيّ أحالت الْعَادة عدم الِاطِّلَاع عَلَيْهِ) لتوفر الدَّوَاعِي على نَقله وَشدَّة تفحصهم وَحِينَئِذٍ فَيطلع عَلَيْهِ (فيغني) الْقطعِي (عَنهُ) أَي عَن الْإِجْمَاع (أَو) كَانَ (عَن ظَنِّي أحالت) الْعَادة (الِاتِّفَاق) النَّاشِئ (عَنهُ لاخْتِلَاف القرائح) أَي الْقُوَّة المفكرة (والأنظار) ومواد الاستنباط، وإحالتها لهَذَا (كإحالتها اتِّفَاقهم على اشتهاء طَعَام) وَاحِد. قَالُوا (وَلَو تصور) ثُبُوته فِي نَفسه (اسْتَحَالَ ثُبُوته) عِنْد النَّاقِل (عَنْهُم) أَي المجتمعين (لقضائها) أَي الْعَادة (بِعَدَمِ معرفَة أهل الْمشرق وَالْمغْرب) بأعيانهم (فضلا عَن أَقْوَالهم مَعَ خَفَاء بَعضهم) أَي الْمُجْتَهدين عَن النَّاس لحموله) أَي لكَونه غير مَعْرُوف مُطلقًا أَو بِالِاجْتِهَادِ (وَنَحْو أسره) فِي دَار الْحَرْب فِي مطمورة أَو عزلته وانقطاعه عَن النَّاس بِحَيْثُ خَفِي أَثَره (وتجويز رُجُوعه) عَن ذَلِك الْأَمر (قبل تقرره) أَي الْإِجْمَاع عَلَيْهِ بِأَن يرجع قبل قَول الآخر بِهِ فَلَا يَجْتَمعُونَ على قَول فِي زمَان يعْتد بِهِ وَيحكم فِيهِ بتقرر اتِّفَاقهم. قَالُوا (وَلَو أمكن) ثُبُوته عَنْهُم عِنْد الناقلين (اسْتَحَالَ نَقله إِلَى من يحْتَج بِهِ، وهم) أَي المحتجون بِهِ (من بعدهمْ لذَلِك بِعَيْنِه) أَي لقَضَاء الْعَادة بإحالة ذَلِك، فَإِن طَرِيق نَقله إِمَّا التَّوَاتُر أَو الْآحَاد (و) اسْتَحَالَ (لُزُوم التَّوَاتُر فِي المبلغين) يَعْنِي أَن عدد المبلغين إِن لم يبلغ حد التَّوَاتُر لَا يُفِيد الْقطع بتحقق الْإِجْمَاع فَكَانَ التَّوَاتُر فيهم أمرا لَازِما وَالْعَادَة تحيل لُزُومه لبعد أَن يُشَاهد أهل التَّوَاتُر جَمِيع الْمُجْتَهدين شرقا وغربا ويسمعوا مِنْهُم وينقلوا عَنْهُم إِلَى أهل التَّوَاتُر فِي الْعَصْر الآخر، وَهَكَذَا طبقَة عَن طبقَة إِلَى أَن يتَّصل بِنَا وَأما الْآحَاد فَلَا ينفع (إِذْ لَا يُفِيد الْآحَاد) الْعلم بِوُقُوعِهِ، هَكَذَا فسر الشَّارِح هَذَا الْمحل، ثمَّ قَالَ وَكَانَ الأولى حذف (وَالْعَادَة تحيله) أَي لُزُوم التَّوَاتُر فِي المبلغين وَذكر عَادَة بعد المبلغين انْتهى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عطف قَوْله وَلُزُوم التَّوَاتُر على فَاعل اسْتَحَالَ، وَالْوَجْه أَن يعْطف على مَدْخُول اللَّام فِي ذَلِك، وَالْمعْنَى اسْتَحَالَ نَقله لقَضَاء الْعَادة بإحالته وللزوم الثَّوَاب فِي المبلغين فَيكون قَوْله إِذْ لَا يُفِيد إِلَى آخِره تعليلا للزومه، وتلخيصه اسْتَحَالَ نَقله على وَجه يُفِيد الْعلم لِأَنَّهُ إِمَّا بطرِيق لآحاد أَو بطرِيق التوتر، لَا سَبِيل إِلَى الأول إِذْ لَا يُفِيد الْعلم، وانتفى لُزُوم الثَّانِي وَهُوَ التَّوَاتُر وَالْعَادَة تحيله فِي المبلغين وَالْحَاصِل أَنه علل اسْتِحَالَة النَّقْل أَولا بِقَضَاء الْعَادة بإحالته إِجْمَاعًا ثمَّ عللها على وَجه التَّفْصِيل بِكَوْنِهِ منحصرا فِي الطَّرِيقَيْنِ وَإِبْطَال كل مِنْهُمَا، غَايَة الْأَمر إِنَّه يتَمَسَّك فِي إبِْطَال الطَّرِيق الثَّانِي بإحالة الْعَادة. (وَالْجَوَاب منع الْكل) أَي القَوْل بِعَدَمِ ثُبُوته فِي نَفسه وَالْقَوْل بِعَدَمِ ثُبُوته عَن المجمعين على تَقْدِير ثوبته فِي نَفسه وَالْقَوْل بِعَدَمِ إِحَالَة الْعَادة للتواتر فِي المبلغين (مَعَ ظُهُور الْفرق بَين الْفَتْوَى بِحكم و) بَين (اشتهاء طَعَام) وَاحِد وَأكله

ص: 226

للْكُلّ لعدم الْجَامِع لاختلافهم فِي الدَّوَاعِي المشتهية باخْتلَاف الأمزجة بِخِلَاف الحكم الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ تَابع للدليل وَقد يكون بعض الْأَدِلَّة بِحَيْثُ تقبله الطبائع السليمة كلهَا لوضوحه (وَمَا بعد) أَي وَمَا بعد هَذَا الْقيَاس مَعَ الْفَارِق من المشبهتين الْأَخِيرَتَيْنِ (تشكيك مَعَ الضَّرُورَة) أَي فِي مُقَابلَة البديهي (إِذْ نقطع بِإِجْمَاع كل عصر) من الصَّحَابَة وهلم جرا (على تَقْدِيم الْقَاطِع على المظنون) وَمَا ذَاك إِلَّا بِثُبُوتِهِ عَنْهُم وَنَقله إِلَيْنَا وَلَا عِبْرَة بالتشكيك فِي الضروريات (وَيحمل قَول أَحْمد من ادَّعَاهُ) أَي الْإِجْمَاع (كَاذِب على استبعاد انْفِرَاد اطلَاع ناقله) عَلَيْهِ إِذْ لَو كَانَ صَادِقا لنقله غَيره أَيْضا، كَيفَ وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ عَنهُ قَالَ: أجمع النَّاس على أَن هَذِه الْآيَة فِي الصَّلَاة: يَعْنِي إِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا، فقد نقل الْإِجْمَاع، وَذهب ابْن تَيْمِية والأصفهاني إِلَى أَنه أَرَادَ اجماع غير الصَّحَابَة، أما إِجْمَاعهم فحجة مَعْلُوم تصَوره لكَون المجمعين ثمَّة فِي قلَّة والآن فِي كَثْرَة وانتشار. قَالَ الْأَصْفَهَانِي وَالْمنصف يعلم أَنه لَا خبر لَهُ من الْإِجْمَاع إِلَّا مَا يجد مَكْتُوبًا فِي الْكتب، وَمن الْبَين أَنه لَا يحصل الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إِلَّا بِالسَّمَاعِ مِنْهُم أَو بِنَقْل التَّوَاتُر إِلَيْنَا وَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِك إِلَّا فِي عصر الصَّحَابَة، وَقَالَ ابْن الْحَاجِب: أَن مَا قَالَه إِنْكَار على فُقَهَاء الْمُعْتَزلَة الَّذين يدعونَ إِجْمَاع النَّاس على مَا يَقُولُونَهُ وَكَانُوا من أقل النَّاس معرفَة بأقوال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. وَأحمد لَا يكَاد يُوجد فِي كَلَامه احتجاج بِإِجْمَاع بعد التَّابِعين وَبعد الْقُرُون الثَّلَاثَة انْتهى. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الاسفرايني نَحن نعلم أَن مسَائِل الْإِجْمَاع أَكثر من عشْرين ألف مسئلة (وَهُوَ) أَي الْإِجْمَاع (حجَّة قَطْعِيَّة) عِنْد الْأمة (إِلَّا) عِنْد (من لم يعْتَمد بِهِ من بعض الْخَوَارِج والشيعة لأَنهم) أَي الْخَوَارِج والشيعة (مَعَ فسقهم) إِنَّمَا وجدوا (بعد الْإِجْمَاع) النَّاشِئ (عَن عدد التَّوَاتُر من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حجيته) أَي الْإِجْمَاع (وتقديمه على الْقَاطِع) وَهَذَا متوارث بالتواتر، الشَّك فِيهِ كالشك فِي الضروريات (وَقطع مثلهم) أَي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ اللَّازِم من تقديمهم إِيَّاه على الدَّلِيل الْقطعِي بِكَوْنِهِ حجَّة (عَادَة لَا يكون إِلَّا عَن سَمْعِي قَاطع فِي ذَلِك) لِأَن تَركهم الْقَاطِع الظني مِمَّا لَا يجوزه الْعقل السَّلِيم، فَقَوْلهم لأَنهم إِلَى آخِره تَعْلِيل لعدم الِاعْتِذَار بالمخالفين لفسقهم بِالْخرُوجِ عَن طَاعَة الإِمَام وَالْبَعْض للخلفاء وَمُخَالفَة مُوجب الدَّلِيل الْقطعِي الَّذِي علم وجوده إِجْمَاعًا لَا مُسْتَندا لِاتِّفَاق الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حجيته، على أَنهم إِنَّمَا وجدوا بعد ذَلِك الإتفاق وَلَو كَانُوا موجودين فِي زَمَانه كَانَ يتَوَهَّم عدم انْعِقَاد الْإِجْمَاع بوجودهم لكَوْنهم مخالفين، وَقد علم بذلك أَن الْإِجْمَاع انْعَقَد على حجية الْإِجْمَاع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَيثبت) كَون الْإِجْمَاع حجَّة قَطْعِيَّة (بِهِ) أَي بذلك السمعي الْقَاطِع فِي الْحَقِيقَة (وَذَلِكَ الإتفاق) الصَّادِر من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ (بِلَا اعْتِبَار حجيته دَلِيله) أَي السمعي الْمَذْكُور: يَعْنِي لَو كَانَ إِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ دَلِيلا

ص: 227

على السمعي الْمَذْكُور بِاعْتِبَار حجيته لَكَانَ يلْزم الدّور فِي إِثْبَات حجية الْإِجْمَاع مُطلقًا بذلك السمعي لِأَن توقف مُطلق حجية الْإِجْمَاع على ذَلِك السمعي يسْتَلْزم توقف هَذَا الْإِجْمَاع الْخَاص على ذَلِك السمعي، والمفروض توقف ذَلِك السمعي على حجية هَذَا الْإِجْمَاع الْخَاص لكَونه دَلِيله، وَحَيْثُ لم يكن الْإِجْمَاع الْخَاص بِاعْتِبَار حجيته دَلِيلا لم يكن السمعي الْمَذْكُور مَوْقُوفا على حجيته (فَلَا دور). وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه لَو كَانَ الْإِجْمَاع الْمَذْكُور دَلِيلا على وجود دَلِيل قَاطع لأحال الْعقل اتِّفَاق هَذَا الجم الْغَفِير لَا عَن قَطْعِيّ للُزُوم وجود دَلِيل قَطْعِيّ فِي إِجْمَاع الفلاسفة على قدم الْعَالم دفع ذَلِك بقوله (بِخِلَاف إِجْمَاع الفلاسفة على قدم الْعَالم لِأَنَّهُ) أَي إِجْمَاع الفلاسفة نَاشِئ (عَن) دَلِيل (عَقْلِي) مَحْض غير مَأْخُوذ من لوحي الإلهي والنصوص القاطعة. وَلِأَن ذَلِك (يزاحمه) أَي الْعقل (الْوَهم) لعدم مساعدة نور الْهِدَايَة فِي أفكارهم بِسَبَب اعتمادهم على الْعقل الْمَحْض - {وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور} - {يهدي الله لنوره من يَشَاء} - وَقد علم من طَرِيق السّمع أَن نور الْهِدَايَة مَقْصُور على اتِّبَاع الْأَنْبِيَاء - {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} - فالعروة الوثقى التَّمَسُّك بِحَبل الله والتتبع لآثار الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام (على أَن التواريخ دلّت على) وجود (من يَقُول بحدوثه) أَي الْعَالم (مِنْهُم) الفلاسفة، وَنقل الشَّارِح عَن المُصَنّف عِنْد قِرَاءَة هَذَا الْمحل عَلَيْهِ قصَّة بِطُولِهَا تفِيد مَا ذكر (و) بِخِلَاف (إِجْمَاع الْيَهُود على نفي نسخ شرعهم) بِنَاء على نَص نقلوه (عَن مُوسَى عليه السلام، و) بِخِلَاف إِجْمَاع (النَّصَارَى على صلب عِيسَى عليه السلام لاتباع الْآحَاد الأَصْل) أَي لاتباعهم فِي هذَيْن الافتراءين أَخْبَار الْآحَاد من أوائلهم (لعدم تحقيقهم) إِذْ لَو حققوا لم يجمعوا عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا موضوعان (بِخِلَاف من ذكرنَا) من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُم محققون غير متبعين لأحد فِي ذَلِك (لأَنهم الْأُصُول) وَغَيرهم فروع لَهُم أخذُوا الْعلم عَنْهُم، لَا يُقَال هم أَيْضا يدعونَ التَّحْقِيق، لأَنا نقُول قد علم مَا يدل على عدم الِاعْتِمَاد عَلَيْهِم كالتحريف وَقتل الْأَنْبِيَاء إِلَى غير ذَلِك مِمَّا نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة (وَمن) الْأَدِلَّة (السمعية آحَاد) أَي أَخْبَار آحَاد (تَوَاتر: مِنْهَا) أَي من جملَة مضمونها قدر هُوَ (مُشْتَرك) مِنْهَا (لَا تَجْتَمِع أمتِي على الْخَطَأ وَنَحْوه) مِمَّا يدل على خُلَاصَة مضمونه (كثير)، وَقَالَ الشَّارِح بِإِضَافَة مُشْتَرك إِلَى مَا بعده وجر نَحوه بالْعَطْف على لَا تَجْتَمِع وَكثير على أَنه صفته: أَي الْقدر الْمُشْتَرك بَين هَذَا الحَدِيث وَغَيره انْتهى، وَلَا يخفى مَا فِيهِ وَالْقدر الْمُشْتَرك هُوَ عصمَة الْأمة عَن الْخَطَأ، وَمِنْهَا: إِن الله لَا يجمع أمتِي أَو قَالَ أمة مُحَمَّد على ضَلَالَة وَيَد الله مَعَ الْجَمَاعَة وَمن شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّار، وَمِنْهَا: أَن الله لَا يجمع هَذِه الْأمة على ضَلَالَة أبدا، وَأَن يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة فاتبعوا السوَاد الْأَعْظَم، فَإِن من شَذَّ شَذَّ فِي النَّار، رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية إِلَى غير

ص: 228

ذَلِك مِمَّا لَا يَسعهُ الْمقَام، وَهَذَا طَرِيق الْغَزالِيّ وَاسْتَحْسنهُ ابْن الْحَاجِب (وَمِنْهَا) قَوْله تَعَالَى - {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم} - (وَهُوَ) أَي غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ (أَعم من الْكفْر) فَيعم مَا يُخَالف إِجْمَاعهم (جمع بَينه) أَي اتِّبَاع غير سبيلهم (وَبَين المشاقة) للرسول صلى الله عليه وسلم (فِي الْوَعيد فَيحرم) اتِّبَاع غير سبيلهم، إِذْ لَا يضم مُبَاح إِلَى حرَام فِي الْوَعيد، وَإِذا حرم اتِّبَاع غير سبيلهم يجب اتِّبَاع سبيلهم، لِأَن ترك اتِّبَاع سبيلهم اتِّبَاع لسبيل غَيرهم فَتَأمل (ويعترض) هَذَا الِاسْتِدْلَال (بِأَنَّهُ إِثْبَات حجية الْإِجْمَاع بِمَا) أَي بِشَيْء (لم تثبت حجيته) أَي ذَلِك الشَّيْء (إِلَّا بِهِ) أَي بِالْإِجْمَاع (وَهُوَ) أَي ذَلِك الشَّيْء (الظَّاهِر) وَهُوَ الْآيَة الْكَرِيمَة (لعدم قَطْعِيَّة) لفظ (سَبِيل الْمُؤمنِينَ فِي خُصُوص الْمُدَّعِي) وَهُوَ مَا أجمع عَلَيْهِ، لجَوَاز أَن يُرَاد سبيلهم فِي مُتَابعَة الرَّسُول، أَو فِي مناصرته، أَو فِيمَا صَارُوا بِهِ مُؤمنين، وَإِذا قَامَ الِاحْتِمَالَات كَانَ غَايَته الظُّهُور، والتمسك بِالظَّاهِرِ إِنَّمَا ثَبت بِالْإِجْمَاع على التَّمَسُّك بالظواهر المفيدة للظن إِذْ لولاه لوَجَبَ الْعَمَل بِالدّلَالَةِ الْمَانِعَة من اتِّبَاع الظَّن نَحْو قَوْله تَعَالَى - {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} - فَكَانَ الِاسْتِدْلَال بِهِ إِثْبَاتًا للْإِجْمَاع بِمَا لم تثبت حجيته إِلَّا بِهِ فَيصير دورا، قَالَ الشَّارِح: وأفادنا المُصَنّف فِي الدَّرْس بِأَنَّهُ يُمكن الْجَواب عَن هَذَا على طَريقَة أَكثر الْحَنَفِيَّة بِأَن هَذَا الِاحْتِمَال لَا يقْدَح فِي قطعيته، فَإِن حكم الْعَام عِنْدهم ثُبُوت الحكم فِيمَا تنَاوله قطعا ويقينا فَيتم التَّمَسُّك بِهِ من غير احْتِيَاج إِلَى الْإِجْمَاع الْمَذْكُور انْتهى: يَعْنِي أَن سَبِيل الْمُؤمنِينَ عَام يتَنَاوَل جَمِيع تِلْكَ الِاحْتِمَالَات فيعمها، وَمن جُمْلَتهَا خُصُوص الْمُدَّعِي، ثمَّ قَالَ إِلَّا أَن السُّبْكِيّ ذكر أَن الشَّافِعِي استنبط الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَة على حجية الْإِجْمَاع وَأَنه لم يسْبق إِلَيْهِ. وَحكى أَنه تَلا الْقُرْآن ثَلَاث مَرَّات حَتَّى استخرجه، روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل وَلم يدع: أَعنِي الشَّافِعِي الْقطع فِيهِ انْتهى. فَإِذا ادّعى الظَّن فَلَا إِشْكَال لَكِن الْمَطْلُوب الْقطع وَإِن ادّعى الْقطع أشكل بقوله بظنية دلَالَة الْعَام.

وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا لَا يضر الْحَنَفِيَّة إِذا احْتَجُّوا بِهِ لإِفَادَة الْقطع (وَالِاسْتِدْلَال) على حجية الْإِجْمَاع كَمَا ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ (بِأَنَّهُ) أَي الْإِجْمَاع (يدل على) وجود دَلِيل (قَاطع فِي الحكم) الْمجمع عَلَيْهِ (عَادَة) فحجيته قطعا بذلك الْقَاطِع (مَمْنُوع) فَإِن مُسْتَند الْإِجْمَاع قد يكون ظنيا، نعم يمْتَنع عَادَة اتِّفَاقهم على مظنون دق فِيهِ النّظر، لَا فِي الْقيَاس الْجَلِيّ وَنَظِيره من أَخْبَار الْآحَاد (بِخِلَاف مَا تقدم) من إِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حجية الْإِجْمَاع (فَإِنَّهُ) أَي الْقطع بِهِ (قطع كل) أَي قطع كل وَاحِد من المجمعين بالمجمع عَلَيْهِ قبل انْعِقَاد الْإِجْمَاع وَإِن لم يقدمهُ على الْقَاطِع (وَالْقطع هُنَا) أَي فِيمَا سوى ذَلِك الْفَرد الْخَاص من سَائِر أَفْرَاد الْإِجْمَاع

ص: 229