الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَوْلَاد (قبله) أَي قبل انْقِرَاض المجمعين عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ اجْتمع رَأْيِي ورأي عمر فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد أَن لَا يبعن، ثمَّ رَأَيْت بعد أَن يبعن وَيَقُول عُبَيْدَة (رَأْيك) ورأي عمر (فِي الْجَمَاعَة أحب) إِلَيّ (من رَأْيك وَحدك) فِي الْفرْقَة فَضَحِك عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَلَيْسَ هَذَا مُخَالفَة الْإِجْمَاع (وَغَايَة الْأَمر أَن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) كَانَ (يرى اشْتِرَاطه) أَي انْقِرَاض الْعَصْر على أَن فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه خطب على مِنْبَر الْكُوفَة فَقَالَ: اجْتمع رَأْيِي ورأي أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر أَن لَا تبَاع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، وَأَنا الْآن أرى بيعهنَّ فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَة السَّلمَانِي: رَأْيك مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيْنَا من رَأْيك وَحدك فَأَطْرَقَ عَليّ رَأسه ثمَّ قَالَ اقضوا فِيهِ مَا أَنْتُم قاضون فَأَنا أكره أَن أُخَالِف أَصْحَابِي انْتهى. الظَّاهِر أَن المُرَاد بِأَصْحَابِي عُبَيْدَة وَمن مَعَه لَا عمر وَسَائِر الْأَصْحَاب، لِأَنَّهُ صرح أَولا بِقصد مخالفتهم، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون رُجُوعا عَن ذَلِك الْقَصْد (قَالُوا) أَي المشترطون (لَو لم تعْتَبر مُخَالفَة الرَّاجِع لِأَن) القَوْل (الأول) وَفِي بعض النّسخ الأولى: أَي الْحجَّة الأولى (كل الْأمة) بِتَقْدِير الْمُضَاف أَي قَوْلهم (لم تعْتَبر مُخَالفَة من مَاتَ) قبل انْقِرَاض أهل عصر (لِأَن الْبَاقِي) بعد مَوته وهم المجمعون (كل الْأمة) وَاللَّازِم بَاطِل (أُجِيب) بِمَنْع بطلَان اللَّازِم إِذْ (عدم اعْتِبَار) مُخَالفَة الأول (الْمَيِّت مُخْتَلف) فِيهِ، فَمنهمْ من قَالَ لَا يعْتَبر (وعَلى) تَقْدِير (الِاعْتِبَار الْفرق) بَين الْمُخَالف السَّابِق على الْإِجْمَاع والمخالف الْمُتَأَخر عَنهُ (تحقق الْإِجْمَاع) أَولا بموافقته (قبل الرُّجُوع فَامْتنعَ) مُخَالفَته بعد (وَلم يتَحَقَّق) الْإِجْمَاع (قبل الْمَوْت) أَي قبل موت الْمُخَالف قبل اجْتِهَاده ليمنعه عَن الْمُخَالفَة، ثمَّ القَوْل لم يمت بِمَوْت قَائِله، لِأَن اعْتِبَار القَوْل بدليله لَا لذات الْقَائِل، وَدَلِيل الْمَيِّت بَاقٍ بعد مَوته.
مسئلة
(أَكثر الْحَنَفِيَّة والمحققون من الشَّافِعِيَّة) كالمحاسبي والاصطخري والقفال الْكَبِير وَالْقَاضِي أبي الطّيب وَابْن الصّباغ وَالْإِمَام الرَّازِيّ (وَغَيرهم) كالجبائي وَابْنه قَالُوا (لَا يشْتَرط لحجيته) أَي الْإِجْمَاع (انْتِفَاء سبق خلاف مُسْتَقر) لغير المجمعين، واستقرار الْخلاف أَن يتَّخذ كل من الْمُخَالفين مَا ذهب إِلَيْهِ مذهبا لَهُ، ويفتي بِهِ، وَقيل اسْتِقْرَار الْخلاف وَهُوَ زمَان المباحثة لم يثبت مذْهبه (وَخرج عَن أبي حنيفَة اشْتِرَاطه) أَي انْتِفَاء سبق خلاف مُسْتَقر لغَيرهم. قَوْله خرج دون نقل دلّ على أَنه لم يُصَرح بذلك (و) خرج (نَفْيه) أَي نفي الِاشْتِرَاط (عَن مُحَمَّد (و) خرج (عَن أبي يُوسُف كل) من اشْتِرَاطه وَنفي اشْتِرَاطه (من الْقَضَاء) أَي من سئلة
الْقَضَاء (بِبيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد الْمُخْتَلف) فِيهِ جَوَازًا وَعدم جَوَاز (للصحابة) مُتَعَلق بالمختلف، وَهُوَ صفة بيع الْأُمَّهَات، وَذكر الشَّارِح أَن سَبَب الِاخْتِلَاف أَنه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لوَرَثَة باعوا أم ولد " لَا تَبِيعُوهَا وأعتقوها فَإِذا سَمِعْتُمْ برقائق فائتوني أعوضكم مِنْهَا ". فَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَينهم بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ بَعضهم: أم الْوَلَد مَمْلُوكَة وَلَوْلَا ذَلِك لم يعوضهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعضهم: بل هِيَ حرَّة أعْتقهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ (الْمجمع للتابعين على أحد قوليهم) أَي الصَّحَابَة فِيهِ صفة أُخْرَى للْبيع الْمَذْكُور، ثمَّ بَين أحد الْقَوْلَيْنِ بقوله (من الْمَنْع) عَن بيعهَا (لَا ينفذ) الْقَضَاء لصِحَّة بيعهنَّ (عِنْد مُحَمَّد) لِأَنَّهُ قَضَاء بِخِلَاف الْإِجْمَاع لِأَن جَوَاز البيع لم يبْق اجتهاديا بِالْإِجْمَاع فِي الْعَصْر الثَّانِي، وَمحل النَّفاذ فِي الخلافية لَا بُد أَن يكون اجتهاديا. (وَعَن أبي حنيفَة) أَنه (ينفذ) لِأَن الْخلاف السَّابِق منع انْعِقَاد الْإِجْمَاع الْمُتَأَخر فَلَا ينْقض الْقَضَاء (وَلأبي يُوسُف مثلهمَا). ذكره السَّرخسِيّ مَعَ أبي حنيفَة وَصَاحب الْمِيزَان مَعَ مُحَمَّد (وَالْأَظْهَر) من الرِّوَايَات كَمَا فِي الْفُصُول الاستروشنية وَغَيرهَا (لَا ينفذ عِنْدهم) أَي الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة جَمِيعًا، فِي التَّقْوِيم أَن مُحَمَّدًا روى عَنْهُم جَمِيعًا أَن الْقَضَاء بِبيع أم الْوَلَد لَا يجوز، كَذَا ذكره الشَّارِح، وَفِيه أَن كلامنا فِي النَّفاذ لَا الْجَوَاز، وَكم من تصرف غير جَائِز لكنه بعد الْوُقُوع ينفذ (وَفِي الْجَامِع يتَوَقَّف) نفاذه (على إِمْضَاء قَاض آخر) أَن إمضاه نفذ وَإِلَّا بَطل، وَلما كَانَ يَقْتَضِي قَوْله وَالْأَظْهَر الخ عدم النَّفاذ عِنْد الْكل مُطلقًا، وَهُوَ مُوجب عِنْدهم اشْتِرَاط انْتِفَاء سبق الْخلاف، وَمَا فِي الْجَامِع يدل على النَّفاذ على تَقْدِير إِمْضَاء قَاض آخر، وَبَينهمَا نوع تدافع أَرَادَ أَن يدْفع ذَلِك، فَقَالَ (فالتخريج لهَذَا القَوْل) كَمَا فِي الْجَامِع واستنباط الْمَعْنى الفقهي فِيهِ بِنَاء (على عَدمه) أَي اشْتِرَاط انْتِفَاء الْخلاف السَّابِق لحجية الْإِجْمَاع اللَّاحِق (أَن) الْإِجْمَاع (الْمَسْبُوق) بِخِلَاف مُسْتَقر (مُخْتَلف) فِي كَونه إِجْمَاعًا، فَعِنْدَ الْأَكْثَر إِجْمَاع، وَعند الآخرين لَيْسَ بِإِجْمَاع (فَفِيهِ) أَي فَفِي كَونه إِجْمَاعًا (شُبْهَة) عِنْد من جعله إِجْمَاعًا، وَكَذَا لَا يكفر جاحده وَلَا يضلل (فَكَذَا مُتَعَلّقه) أَي فَكَمَا أَن فِي نفس هَذَا الْإِجْمَاع شُبْهَة كَذَلِك فِي مُتَعَلّقه الَّذِي هُوَ الحكم الْمجمع عَلَيْهِ شُبْهَة (فَهُوَ) أَي فالقضاء بذلك نَافِذ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمخالف للْإِجْمَاع الْقطعِي: بل للْإِجْمَاع الْمُخْتَلف فِيهِ فَكَانَ (كقضاء فِي مُجْتَهد) فِيهِ أَي فِي حكم اخْتلف فِيهِ فَإِن قلت هُوَ من أَفْرَاد الْقَضَاء فِي الحكم الْمُخْتَلف فِيهِ فَمَا معنى قَوْله كقضاء فِي مُجْتَهد قلت الْمُشبه بِهِ قَضَاء لَا شُبْهَة فِي كَون مُتَعَلّقه مُجْتَهدا فِيهِ لعدم تعلق الْإِجْمَاع بِهِ أصلا لَا الْقطعِي وَلَا الظني فَكَانَ مُقْتَضى ذَلِك أَن لَا يحْتَاج نفاذه إِلَى إِمْضَاء قَاض آخر بل يكون لَازِما لكَونه قَضَاء صَادف مَحَله، لكنه لما كَانَ حجية هَذَا الْإِجْمَاع
كالقطعي لقُوَّة أدلتها، وَهُوَ يسْتَلْزم رُجْحَان عدم نَفاذ الْقَضَاء الْمُتَعَلّق بنقيض الحكم الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْإِجْمَاع الْمَذْكُور صَار نفاذه مرجوحا ضَعِيفا عِنْد من لم يشْتَرط انْتِفَاء سبق الْخلاف فِي الْإِجْمَاع وَمثله لَا ينفذ فنفاذه مُخْتَلف فِيهِ يحْتَاج إِلَى إِمْضَاء آخر لينفذه ويقرره بِحَيْثُ لَا يقدر على إِبْطَاله قَاض ثَالِث. ثمَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة: عدم جَوَاز بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، وقضاة الزَّمَان مَا فوض إِلَيْهِم إِلَّا الحكم بِمُوجب مَذْهَب مقلدهم فحكمهم بِمَا يُخَالف مَذْهَبهم وَلَيْسَ عَن ولَايَة فَلَا ينفذ (لنا) على عدم اشْتِرَاط هَذَا الشَّرْط (الْأَدِلَّة) الْمُتَقَدّمَة (لَا تفصل) بَين مَا سبقه خلاف وَبَين مَا لم يسْبقهُ فَيعْمل بِمُقْتَضى إِطْلَاقهَا. (قَالُوا) أَي الشارطون (لَا ينتفى القَوْل بِمَوْت قَائِله حَتَّى جَازَ تَقْلِيده) أَي تَقْلِيد قَائِله (وَالْعَمَل بِهِ) أَي بقول الْمَيِّت، وَلِهَذَا يدون ويحفظ (فَكَانَ) قَوْله (مُعْتَبرا حَال اتِّفَاق اللاحقين فَلم يَكُونُوا) أَي اللاحقون (كل الْأمة) فَلَا إِجْمَاع (قُلْنَا جَوَاز ذَلِك) أَي تَقْلِيد الْمَيِّت وَالْعَمَل بقوله (مُطلقًا مَمْنُوع بل) جَوَاز ذَلِك (مَا لم يجمع على) القَوْل (الآخر) الْمُقَابل لَهُ، أما إِذا أجمع على الآخر (فينتفى اعْتِبَاره) أَي ذَلِك القَوْل السَّابِق لَا وجوده من الأَصْل كَمَا ينتفى اعْتِبَار القَوْل السَّابِق، و (لَا) ينتفى (وجوده كَمَا بالناسخ، وَبِه) أَي بِمَا ذكر من الْإِجْمَاع بِنَفْي اعْتِبَار القَوْل الْمُقَابل للْجمع عَلَيْهِ بعد الْإِجْمَاع فَلَا يَنْفِي وجوده من الأَصْل، وَلَا يَنْفِي أَيْضا اعْتِبَاره قبل الْإِجْمَاع (يبطل قَوْلهم) أَي الشارطين (يُوجب) عدم اعْتِبَار قَول الْمَيِّت الْمُخَالف (تضليل بعض الصَّحَابَة) الْقَائِل بِخِلَاف مَا أجمع عَلَيْهِ بِالآخِرَة وَجه الْبطلَان أَن الْإِجْمَاع اللَّاحِق لم يسْتَلْزم عدم اعْتِبَاره قبله بل كَانَ مُعْتَبرا مَعْمُولا بِهِ غَايَة الْأَمر أَنه ظهر بالاجماع اللَّاحِق كَونه خطأ اجتهاديا لِأَن الْمجمع عَلَيْهِ عين حكم الله تَعَالَى قطعا وَهُوَ يسْتَلْزم خطأ نقيضه وَلَا مَحْذُور فِي هَذَا فَإِن الْمُجْتَهد يُخطئ ويصيب، وَمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده يجب أَن يعْمل بِهِ، وَإِن كَانَ مخطئا فِي نفس الْأَمر وَإِنَّمَا الْمُمْتَنع خطأ كل الْأمة (وبإجماع التَّابِعين) الْمَذْكُور (بَطل مَا) نقل (عَن الْأَشْعَرِيّ وَأحمد وَالْغَزالِيّ وَشَيْخه) إِمَام الْحَرَمَيْنِ (من إِحَالَة الْعَادة إِيَّاه) أَي الْإِجْمَاع على أحد الْقَوْلَيْنِ السَّابِقين (لقضائها) أَي الْعَادة (بالإصرار على المعتقدات) أَي الثَّبَات على أَحْكَام شَرْعِيَّة اعتقدوها (و) خص هَذَا الْإِصْرَار (خُصُوصا من الِاتِّبَاع) على معتقدات متبوعهم، وَجه الْبطلَان أَن الْعَادة لَا تتَصَوَّر أَن تحيل أمرا وَاقعا فِي نفس الْأَمر وَلَا وَجه للاحتجاج بِمَا نقل عَنْهُم (على أَنه) أَي قَضَاء الْعَادة بِمَا ذكر على تَقْدِير تَسْلِيمه (إِنَّمَا يسْتَلْزم ذَلِك) أَي إِحَالَة وُقُوع الْإِجْمَاع (من الْمُخْتَلِفين) أنفسهم (لَا) إِحَالَة وُقُوعه (مِمَّن بعدهمْ) إِذْ لَا نسلم كَون من بعدهمْ على اعْتِقَادهم، والمسئلة مَفْرُوضَة فِي وُقُوعه مِمَّن بعدهمْ. وَأَنت خَبِير بِأَن الشَّخْص الْوَاحِد يُنَاقض نَفسه فِي وَقْتَيْنِ بِمُوجب اجْتِهَاده