الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على مَا ذكر (كالمضاف) أَي كَالْحكمِ الْمُضَاف علته إِلَى وَقت مُسْتَقْبل كَمَا إِذا قَالَ فِي رَجَب أجرت الدَّار من غرَّة رَمَضَان يثبت الحكم من غرَّة رَمَضَان فالحرمة الْمَذْكُورَة لَيست بثابتة الْآن بل على التَّقْدِير الْمَذْكُور، وَالْمُعْتَبر فِي النّسخ رفع حكم ثَابت أَن تحقق النَّاسِخ، هَذَا. وَجعل الشَّارِح ضمير هُوَ لنُقْصَان الْجُزْء وَالشّرط، وَفسّر الْوُجُوب بوجوبهما لِأَنَّهُ يرفع وجوبهما الْآن بِمَا بعد النُّقْصَان، فَالْمَعْنى حِينَئِذٍ وَعِنْدنَا نُقْصَان الْجُزْء وَالشّرط يرفع وجوبهما، لِأَن رفع وجوبهما هُوَ الحكم بعد النُّقْصَان، وَهَذَا كَمَا ترى لَا مُحَصل لَهُ وَلَا مُقَابلَة بَين هَذَا وَبَين مَضْمُون مَا ظهر من حكمهم بالنسخ لرفع الْحُرْمَة الْمَذْكُورَة، على أَن ارْتِفَاع حكم الْجُزْء وَالشّرط مِمَّا لَا نزاع فِيهِ (وَقيل) وَالْقَائِل الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (الْخلاف) إِنَّمَا هُوَ (فِي) نسخ (الْعِبَادَة) الَّتِي نقص جزؤها أَو شَرطهَا (وَهِي الْمَجْمُوع) من الْأَجْزَاء (لَا مُجَرّد الْبَاقِي) مِنْهَا فالنزاع فِي نسخهَا بِمَعْنى ارْتِفَاع وجوب جَمِيع أَجْزَائِهَا (وَلَا شكّ فِي ارْتِفَاع وجوب الْأَرْبَع) بارتفاع وجوب رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا (واتجه) بتحرير مَحل النزاع على هَذَا الْوَجْه (تَفْصِيل عبد الْجَبَّار) بَين الْجُزْء وَالشّرط وَلذَا قَالَ الْمُحَقق وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا مُرَاد القَاضِي عبد الْجَبَّار (وَلَا شكّ فِي صدق ذَلِك) أَي ارْتِفَاع وجوب الْأَرْبَع (بِصدق كل من نسخ وجوب أَحدهَا) أَي أحد أَجْزَائِهَا (أَو) نسخ (وجوب كل) أَي كل جُزْء (مِنْهَا وَالثَّانِي) أَي نسخ وجوب كل جُزْء مِنْهَا (مَمْنُوع وَالْأول) أَي نسخ وجوب أحد أَجْزَائِهَا (مرادنا فَفِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا نسخ وجوب) جُزْء (وَاحِد دون الْبَاقِي وَإِن كَانَ يصدق ذَلِك) أَي ارْتِفَاع وجوب الْأَرْبَع (بِهِ) أَي بنسخ وجوب جُزْء مِنْهَا (فبمَا فِي التَّحْقِيق اعتبارنا) أَي فَثَبت بِالْوَجْهِ الثَّابِت فِي التَّحْقِيق على مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ بقولنَا فَفِي الْحَقِيقَة إِلَى آخِره اعتبارنا: يَعْنِي الْجُمْهُور، وَمِنْهُم الْحَنَفِيَّة (ولبعضهم هُنَا خبط) فَائِدَة هَذَا الْكَلَام الْأَشْعَار بِأَن الْمحل مزلقة الْأَقْدَام يحْتَاج إِلَى مزِيد التَّأَمُّل، قَالَ السُّبْكِيّ وَقد يُقَال إِن قُلْنَا أَن الْعِبَادَة مركبة من السّنَن والفرائض كَانَ القَوْل بِأَن نُقْصَان السّنَن نسخ لَهَا كالقول فِي نُقْصَان الْجُزْء، وصنيع الْفُقَهَاء يدل عَلَيْهِ حَيْثُ يذكرُونَ فِي وصف الصَّلَاة سننها انْتهى، وَالْأَمر فِيهِ سهل لِأَنَّهُ إِن أُرِيد بنسخها نسخهَا بِاعْتِبَار تِلْكَ الصّفة فَلَا نزاع فِيهِ، وَإِن أُرِيد نسخهَا بِاعْتِبَار أَرْكَانهَا وفرائضها فَلَا وَجه لَهُ.
مسئلة
(يعرف النَّاسِخ بنصه صلى الله عليه وسلم على كَونه نَاسِخا (وَضبط تَأَخره) أَي وَيعرف بضبط تَأَخّر النَّاسِخ عَن الْمَنْسُوخ (وَمِنْه) أَي من ضبط تَأَخره مَا فِي صَحِيح مُسلم
(كنت نَهَيْتُكُمْ) عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها: الحَدِيث فَإِن تَأَخّر زوروها مَنْصُوص فضبط بِهَذَا الطَّرِيق (وَالْإِجْمَاع على أَنه نَاسخ) مَعْطُوف على نَصه (أما) الحكم بِأَن هَذَا نَاسخ (بقول الصَّحَابِيّ هَذَا نَاسخ فَوَاجِب عِنْد الْحَنَفِيَّة لَا الشَّافِعِيَّة) قَالُوا لَا يجب (لجَوَاز اجْتِهَاده) أَي لجَوَاز أَن يكون حكمه بالنسخ عَن اجْتِهَاده وَلَا يجب على الْمُجْتَهد اتِّبَاع اجْتِهَاده (وَتقدم) فِي مسئلة حمل الصَّحَابِيّ مرويه الْمُشْتَرك وَنَحْوه على أحد مَا يحْتَملهُ (مَا يفِيدهُ) أَي وجوب قبُوله كَمَا هُوَ قَول الْحَنَفِيَّة (وَفِي تعَارض متواترين) إِذا عين الصَّحَابِيّ أَحدهمَا (فَقَالَ هَذَا نَاسخ لَهُم) أَي الشَّافِعِيَّة (احْتِمَال النَّفْي) لقبُول كَونه النَّاسِخ (لرجوعه) أَي قبُول كَونه نَاسِخا (إِلَى نسخ الْمُتَوَاتر بالآحاد) أَي قَول الصَّحَابِيّ (و) نسخ الْمُتَوَاتر (بِهِ) أَي بالمتواتر (والآحاد دَلِيله) أَي دَلِيل كَونه نَاسِخا، يَعْنِي أحد الْأَمريْنِ لَازم إِذْ مُجَرّد التَّعَارُض بَين المتواترين لَا يسْتَلْزم نسخ أَحدهمَا للْآخر، وَلَو سلم لم يتَعَيَّن أَحدهمَا بِعَيْنِه أَن يكون نَاسِخا إِلَّا بقوله فإمَّا ينْسب النّسخ إِلَيْهِ نظرا إِلَى إِنَّه الْوَاجِب لعلمنا بالنسخ، وَإِمَّا ينْسب إِلَى الْمُتَوَاتر لِأَنَّهُ الْمعَارض الْمُتَأَخر، وَدَلِيل تَأَخره قَوْله والآحاد كَمَا لَا يصلح نَاسِخا للمتواتر لَا يصلح دَلِيلا للنسخ لَهُ (وَالْقَبُول) مَعْطُوف على النَّفْي أَي وَلَهُم احْتِمَال الْقبُول (إِذْ مَا لَا يقبل) على صِيغَة الْمَجْهُول (ابْتِدَاء قد يقبل مَآلًا كشاهدي الاحصان) فَإِن شَهَادَة الِاثْنَيْنِ فِي حق الرَّجْم لَا تقبل ابْتِدَاء، بل لَا بُد من الْأَرْبَعَة ليشهدوا بِالزِّنَا ابْتِدَاء، ثمَّ أَن الرَّجْم مَشْرُوط بِكَوْن الزَّانِي مُحصنا، فَفِي إِثْبَات الاحصان تقبل شَهَادَتهمَا فقد قبل شَهَادَتهمَا فِي الرَّجْم مَآلًا، وَشَهَادَة النِّسَاء فِي الْولادَة مَقْبُولَة مَعَ أَنه يَتَرَتَّب عَلَيْهِ النّسَب، وَلَا تقبل فِي النّسَب إِلَى غير ذَلِك (فَوَجَبَ الْوَقْف) لتساوي احتمالي النَّفْي وَالْقَبُول وَعدم مَا يرجح أَحدهمَا (فَإِن) كَانَ الْوَقْف (عَن الحكم بالنسخ فكالأول) أَي فَلَا وَجه لَهُ إِذْ هُوَ كَالْأولِ، وَهُوَ قَوْله هَذَا نَاسخ فِي غير المتواترين، وَقد عرفت أَنه لَا وقف هُنَاكَ بل هُوَ نَاسخ عِنْد الْحَنَفِيَّة غير نَاسخ عِنْد الشَّافِعِيَّة (وَإِن) كَانَ (عَن التَّرْجِيح) لأحد المتواترين (فَلَيْسَ) التَّرْجِيح (لَازِما) للمتعارضين ليلزم من عَدمه إلغاؤهما مَعًا (بل) اللَّازِم (أحد الْأَمريْنِ مِنْهُ) أَي التَّرْجِيح (وَمن الْجمع) بَينهمَا إِذا أمكن. هَذَا، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره لَو قَالَ هَذَا الحَدِيث سَابق قبل إِذْ لَا مدْخل للِاجْتِهَاد فِيهِ، وَالضَّابِط أَن لَا يكون نَاقِلا فَيُطَالب بالحجاج، وَأما إِذا كَانَ نَاقِلا فَتقبل ثمَّ هِيَ الطّرق الصَّحِيحَة فِي معرفَة النَّاسِخ (بِخِلَاف بعديته) أَي أحد النصين عَن الآخر (فِي الْمُصحف) فيستدل بهَا على بعديته فِي النُّزُول (و) بِخِلَاف (حَدَاثَة سنّ الصَّحَابِيّ) الرَّاوِي لأحد النصين (فتتأخر صحبته) أَي فيستدل بحداثة سنه على تَأَخّر صحبته (فمرويه) أَي فيستدل بحداثة سنه بتأخر صحبته على تَأَخّر مرويه (و) بِخِلَاف (تَأَخّر إِسْلَامه)
فيستدل بِهِ على تَأَخّر مروية (لجَوَاز قلبه) أَي جَوَاز أَن يكون الْوَاقِع عكس هَذِه الصُّورَة فَإِن تَرْتِيب الْمُصحف لَيْسَ على تَرْتِيب النُّزُول، وَكم من صَحَابِيّ حَدِيث السن رِوَايَته مُتَقَدّمَة على رِوَايَة كَبِير السن، وَهَكَذَا فِي الْمُتَأَخر إِسْلَامه (وَكَذَا) لَيْسَ من الطّرق الصَّحِيحَة لتعيين النَّاسِخ (مُوَافَقَته) أَي أحد النصين (للبراءة الْأَصْلِيَّة تدل على تَأَخره) عَن الْمُخَالف لَهَا (لفائدة رفع الْمُخَالف) يَعْنِي على تَقْدِير تقدمه لَا يُفِيد إِلَّا مَا أَفَادَهُ الْأَصْلِيّ وَهُوَ لَيْسَ بفائدة جَدِيدَة. وَفِي الشَّرْح العضدي وَمِنْهَا مُوَافَقَته لحكم الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة فَيدل على تَأَخره من جِهَة أَنه لَو تقدم لم يفد إِلَّا مَا علم بِالْأَصْلِ فيعرى عَن الْفَائِدَة، وَإِذا تَأَخّر أَفَادَ الآخر رفع حكم الأَصْل وَهَذَا رفع حكم الأول. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ هَهُنَا بَيَان لكيفية الِاسْتِدْلَال وَلم يبين ضعفه لظُهُوره بِنَاء على أَنه لَا يزِيد على قَول الصَّحَابِيّ واجتهاده مَعَ أَن الْعلم يكون مَا علم بِالْأَصْلِ ثَابتا عِنْد الشَّرْع حكما من أَحْكَامه فَائِدَة جليلة، وَالشَّارِح الْعَلامَة عكس فَتوهم أَن مُوَافقَة الأَصْل تجْعَل دَلِيل التَّقَدُّم والمنسوخية انْتهى، فقد علم بذلك أَنه على تَقْدِير تَأَخّر الْمُوَافق يحصل لكل من النصين فَائِدَة جليلة، وعَلى تقدمه لَا تحصل الْفَائِدَة الجديدة إِلَّا لمخالف البراة الْأَصْلِيَّة، غير أَن الْمُحَقق أَفَادَ أَنه على تقدمه أَيْضا فَائِدَة جَدِيدَة وَقد عرفت (بِخِلَاف الْقلب) بِأَن يَجْعَل الْمُوَافق مُتَقَدما على الْمُخَالف وَقد بَيناهُ بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ ثمَّ تعقب الْمُحَقق بقوله (فَإِن حَاصله نسخ اجتهادي كَقَوْل الصَّحَابِيّ) هَذَا نَاسخ (اجْتِهَادًا) على أَنه يُمكن أَن يُعَارض بِأَن تَأَخّر الْمُوَافق يسْتَلْزم تغييرين وتقدمه لَا يسْتَلْزم إِلَّا تغييرا وَاحِدًا وَالْأَصْل قلَّة التَّغْيِير. (وَمَا قيل مَعَ أَن الْعلم بِكَوْن مَا علم بِالْأَصْلِ ثَابتا عِنْد الشَّرْع حكما من أَحْكَامه فَائِدَة جَدِيدَة) وَهَذَا مقول القَوْل، وَخبر مَا قيل (مُتَوَقف على تَسْمِيَة الشَّارِع رَفعه) أَي رفع حكم الأَصْل (نسخا، وَهُوَ) أَي كَون رَفعه يُسمى نسخا شرعا (مُنْتَفٍ بل الثَّابِت) شرعا (حِينَئِذٍ) أَي حِين رفع الْمُخَالف للبراءة الْأَصْلِيَّة حكم الْمُوَافق لَهَا (رَفعه) أَي رفع حكم الأَصْل (وَلَا يسْتَلْزم) رَفعه (ذَلِك) أَي كَونه نسخا (كرفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة) فَإِنَّهُ لَا يُسمى نسخا وَإِن كَانَ رفعا هَذَا، وَالَّذِي يظْهر أَن الحكم الْمُوَافق للبراءة الْأَصْلِيَّة الْمُسْتَفَاد من نَص الشَّارِع لَا شكّ فِي كَونه حكما شَرْعِيًّا وَلَو لم يكن قبل إِفَادَة النَّص إِيَّاه حكما شَرْعِيًّا عِنْد الْجُمْهُور لكَونه بِمَنْزِلَة الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة وَإِذا ثَبت كَونه شَرْعِيًّا لَا شُبْهَة فِي كَون رَفعه نسخا إِذْ لم يعْتَبر فِي مَفْهُوم النّسخ إِلَّا رفع الحكم الشَّرْعِيّ، وَالله تَعَالَى أعلم (وَمَا للحنفية فِي مثله) أَي فِي مثل مَا نَحن فِيهِ (فِي) بَاب (التَّعَارُض) بَين الْمحرم والمبيح (تَرْجِيح الْمُخَالف) أَي أحد النصين المتعارضين الَّذِي هُوَ مُخَالف لما هُوَ الأَصْل (حكما بتأخره) بَيَان لكيفية التَّرْجِيح أَي بِأَن يحكموا بِتَأْخِير الْمُخَالف حكما (كي لَا يتَكَرَّر النّسخ) إِن اعْتبر الْمُخَالف مقدما لِأَنَّهُ يلْزم