المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بقوله بِأَنَّهُ فِي المعرفين إِلَى آخِره (إِذْ يُورد عَلَيْهِ) أَي - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٣

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الثَّانِي من الْمقَالة الثَّانِيَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌(فصل: حجية السّنة)

- ‌(فصل: فِي شَرَائِط الرَّاوِي. مِنْهَا كَونه بَالغا حِين الْأَدَاء)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌فصل فِي التَّعَارُض

- ‌مسئلة

- ‌(فصل الشَّافِعِيَّة}

- ‌مسئلة

- ‌فصل

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الرَّابِع فِي الْإِجْمَاع

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌‌‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌من الْأَبْوَاب الْخَمْسَة من الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَحْوَال الْمَوْضُوع

- ‌فصل فِي الشُّرُوط

- ‌مسئلة

- ‌المرصد الأول: فِي تقسيمها

- ‌تَتِمَّة

الفصل: بقوله بِأَنَّهُ فِي المعرفين إِلَى آخِره (إِذْ يُورد عَلَيْهِ) أَي

بقوله بِأَنَّهُ فِي المعرفين إِلَى آخِره (إِذْ يُورد عَلَيْهِ) أَي على الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور بِاعْتِبَار مَا تضمنه من الْحصْر الْمشَار إِلَيْهِ بقوله بالتزكية (منع الْحصْر) أَي لَا نسلم أَن انتفاءه لَا يَصح إِلَّا بالتزكية بل يحصل (بِالْإِسْلَامِ) أَيْضا (وَيدْفَع) بِمَا ذكر (وَأما ظَاهر الْعَدَالَة) وَهُوَ على مَا نَقله الشَّارِح عَن المُصَنّف من الْتزم أوَامِر الله ونواهيه وَلم يظْهر فِيهِ خلاف ذَلِك، وباطن أمره غير مَعْلُوم (فَعدل وَاجِب الْقبُول، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مَسْتُورا بعض) من الشَّافِعِيَّة كالبغوي. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا يحْتَج بِأَحَادِيث المجهولين مَعَ أَن قَول الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يتْرك الحكم بِشَهَادَتِهِمَا إِذا كَانَا عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِر صَرِيح فِي قبُوله، وَأَنه لَيْسَ بداخل فِي الْمَجْهُول.

‌مسئلة

(عرف أَن الشُّهْرَة) للراوي بِالْعَدَالَةِ والضبط بَين أَئِمَّة النَّقْل (معرف الْعَدَالَة والضبط كمالك) وَشعْبَة (والسفيانين) الثَّوْريّ وَابْن عُيَيْنَة (وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَابْن الْمُبَارك وَغَيرهم) كوكيع وَأحمد وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وأمثالهم فِي نباهة الذّكر واستقامة الْأَمر (للْقطع بِأَن الْحَاصِل بهَا) أَي بالشهرة (من الظَّن فَوق التَّزْكِيَة، وَأنكر أَحْمد على من سَأَلَهُ عَن إِسْحَاق) بن رَاهَوَيْه، فَقَالَ: مثل إِسْحَاق يسْأَل عَنهُ (و) أنكر (ابْن معِين) على من سَأَلَهُ (عَن أبي عبيد وَقَالَ أَبُو عبيد يسْأَل عَن النَّاس) لَا يسْأَل النَّاس عَنهُ (و) وَثبتت الْعَدَالَة أَيْضا (بالتزكية وأرفعها) أَي أرفع مَرَاتِب التَّزْكِيَة (قَول الْعدْل نَحْو حجَّة ثِقَة بتكرير لفظا) كثقة ثِقَة، أَو حجَّة حجَّة (أَو معنى) كثبت حجَّة ثَبت حَافظ ثَبت ثِقَة وَنَحْوهَا (ثمَّ) يَليهَا (الْأَفْرَاد) كحجة أوثقه أَو متقن، وَجعل الْخَطِيب هَذَا أرفع الْعبارَات (وحافظ ضَابِط تَوْثِيق للعدل يصيره كَالْأولِ) أَي تَكْرِير التوثيق (ثمَّ) يَليهَا (مَأْمُون صَدُوق وَلَا بَأْس وَهُوَ) أَي لَا بَأْس (عِنْد ابْن معِين وَعبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم كثقة على نظر فِي عبارَة ابْن معِين) على مَا ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة حَيْثُ قَالَ: قلت ليحيى بن معِين إِنَّك تَقول: فلَان لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَفُلَان ضَعِيف، قَالَ: إِذا قلت لَك لَيْسَ بِهِ بَأْس فَهُوَ ثِقَة، وَإِذا قلت هُوَ ضَعِيف فَهُوَ لَيْسَ بِثِقَة لَا يكْتب حَدِيثه. قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ: لم يقل ابْن معِين قولي لَيْسَ بِهِ بَأْس كَقَوْلي ثِقَة ليلزم التَّسَاوِي بَين اللَّفْظَيْنِ، يَعْنِي التَّفَاوُت بَينهمَا فِي التَّعْبِير، وَإِلَّا فَقَوله فَهُوَ ثِقَة قريب من ذَلِك (وَخيَار تَعْدِيل فَقَط لقَوْل بَعضهم كَانَ من خِيَار النَّاس إِلَّا أَنه يكذب وَلَا يشْعر، ثمَّ) يَليهَا (صَالح شيخ، وَهُوَ) أَي صَالح شيخ (أرفع من شيخ وسط، ثمَّ حسن الحَدِيث وصويلح). قَالَ ابْن أبي حَاتِم: من قيل فِيهِ صَالح

ص: 49

الحَدِيث يكْتب حَدِيثه للاعتبار (والمرجع الِاصْطِلَاح، وَقد يخْتَلف فِيهِ وَفِي الْجرْح) أَسْوَأ مراتبه كأكذب النَّاس، إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الْوَضع، ثمَّ (كَذَّاب وَضاع دجال يكذب هَالك) يضع الحَدِيث، أَو وضع حَدِيثا ثمَّ (سَاقِط). وَذكر الْخَطِيب أَن أدون الْعبارَات كَذَّاب سَاقِط (مُتَّهم بِالْكَذِبِ والوضع) وَالْوَاو بِمَعْنى أَو (ذَاهِب) أَو ذَاهِب الحَدِيث (ومتروك) أَو مَتْرُوك الحَدِيث، ومتفق على تَركه أَو تَرَكُوهُ) (وَمِنْه للْبُخَارِيّ فِيهِ نظر وسكتوا عَنهُ لَا يعْتَبر بِهِ) لَا يعْتَبر بحَديثه (لَيْسَ بِثِقَة) لَيْسَ بالثقة غير ثِقَة غير (مَأْمُون، ثمَّ ردوا حَدِيثه) مَرْدُود الحَدِيث (ضَعِيف جدا، واه بِمرَّة طرحوا حَدِيثه مطرح، ارْمِ بِهِ لَيْسَ بِشَيْء لَا يُسَاوِي شَيْئا، فَفِي هَذِه) الْمَرَاتِب (لَا حجية وَلَا استشهاد وَلَا اعْتِبَار، ثمَّ ضَعِيف مُنكر الحَدِيث مُضْطَر بِهِ واه ضَعَّفُوهُ) طعنوا فِيهِ. وَذكر فِي الْمِيزَان ضَعَّفُوهُ فِيمَا قبل هَذِه الْمرتبَة (لَا يحْتَج بِهِ، ثمَّ فِيهِ مقَال) اخْتلف فِيهِ (ضعف ضعف) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَكَذَا (تعرف وتنكر لَيْسَ بِذَاكَ) الْقوي لَيْسَ (بِالْقَوِيّ) لَيْسَ (بِحجَّة) لَيْسَ (بعمدة) لَيْسَ (بالمرضي سيئ الْحِفْظ لين) الحَدِيث فِيهِ لين تكلمُوا فِيهِ (وَيخرج) الحَدِيث (فِي هَؤُلَاءِ) الْمَذْكُورين فِي هَاتين المرتبتين (للاعتبار والمتابعات) الِاعْتِبَار أَن تَأتي إِلَى حَدِيث لبَعض الروَاة فتعتبره بروايات غَيره باختبارك طرقه لتعرف هَل شَاركهُ راو آخر فَرَوَاهُ عَن شَيْخه أم لَا؟ وَحِينَئِذٍ إِن وجد من تَابعه أَو تَابع شَيْخه أَو شيخ شَيْخه فَصَاعِدا فَرَوَاهُ مثل مَا رَوَاهُ يُسمى مُتَابعَة (إِلَّا ابْن معِين فِي ضَعِيف وَيثبت التَّعْدِيل) للشَّاهِد والراوي (بِحكم القَاضِي الْعدْل) بِشَهَادَة الشَّاهِد (وَعمل الْمُجْتَهد) الْعدْل بِرِوَايَة الرَّاوِي (الشارطين) للعدالة فِي قبُول الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة، ثمَّ إِنَّمَا يكون الْعَمَل بروايته تعديلا بِشَرْطَيْنِ: أَن يعلم أَن لَا مُسْتَند لَهُ فِي الْعَمَل سوى رِوَايَته، وَأَن يعلم أَن عمله لَيْسَ من الِاحْتِيَاط فِي الدّين كَمَا يُشِير إِلَيْهِ بقوله (لَا إِن لم يعلم) شَيْء (سوى كَونه) أَي عمل الْمُجْتَهد (على وَفقه) أَي مَا رَوَاهُ الرَّاوِي الْمَذْكُور وَهل رِوَايَة الْعدْل الحَدِيث عَن الرَّاوِي تَعْدِيل لَهُ؟ قيل نعم مُطلقًا، وَقيل لَا مُطلقًا: وَنسبه ابْن الصّلاح إِلَى أَكثر الْعلمَاء من أهل الحَدِيث وَغَيرهم، وَقَالَ أَنه الصَّحِيح، وَالْمُخْتَار عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا إِن علم من عَادَته أَنه لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل فتعديل وَإِلَّا فَلَا.

(تَنْبِيه: حَدِيث) الرَّاوِي (الضَّعِيف للفسق لَا يرتقى بِتَعَدُّد الطّرق) بِأَن يكون الْفَاسِق مَوْجُودا فِي كل مِنْهَا شخصا معينا أَو كَانَ فِي كل مِنْهَا شخص آخر (إِلَى الحجية، و) حَدِيث الضَّعِيف (لغيره) أَي الْفسق كسوء الضَّبْط مَعَ الْعَدَالَة (يرتقى) بِتَعَدُّد الطّرق إِلَى الحجية (وَهَذَا التَّفْصِيل أصح مِنْهُ) أَي من التَّفْصِيل الْقَاسِم للْحَدِيث (إِلَى الْمَوْضُوع) وَغَيره بِأَن

ص: 50

يُقَال إِن كَانَ مَوْضُوعا (فَلَا) يرتقى بِتَعَدُّد الطّرق إِلَى الحجية (أَو) كَأَن على (خِلَافه) أَي الْمَوْضُوع (فَنعم) أَي يرتقى بِتَعَدُّد الطّرق إِلَى الحجية وَذَلِكَ (لوُجُوب الرَّد) للشَّهَادَة وَالرِّوَايَة (للفسق وبالتعدد) لطرقه (لَا يرْتَفع) هَذَا الْمُوجب للرَّدّ (بِخِلَافِهِ) أَي الرَّد (لسوء الْحِفْظ لِأَنَّهُ) أَي هَذَا الرَّد (لوهم الْغَلَط والتعدد يرجح أَنه) أَي الرَّاوِي السَّيئ الْحِفْظ (أَجَاد فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْمَرْوِيّ (فيرتفع الْمَانِع) وَهُوَ وهم الْغَلَط (وَأما) الطعْن فِي الحَدِيث (بالجهالة) لرِوَايَة بِأَن لم يعرف فِي رِوَايَة الحَدِيث إِلَّا بِحَدِيث أَو حديثين (فبعمل السّلف) أَي فيرتفع بعملهم، لِأَن عَمَلهم إِمَّا لعلمهم بعدالته وَحسن ضَبطه، أَو لموافقته سماعهم ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو من سامع مِنْهُ (وسكوتهم) أَي السّلف (عِنْد اشتهار رِوَايَته) أَي الحَدِيث. قَوْله سكوتهم مُبْتَدأ خَبره (كعملهم) بِهِ (إِذْ لَا يسكتون عَن مُنكر) يَسْتَطِيعُونَ إِنْكَاره، وَالْأَصْل ثُبُوت الِاسْتِطَاعَة (فَإِن قبله) أَي الحَدِيث (بعض) مِنْهُم (ورده آخر) مِنْهُم (فكثير) من أهل الحَدِيث وَغَيرهم (على الرَّد، وَالْحَنَفِيَّة) قَالُوا (يقبل، وَلَيْسَ) قبُوله (من تَقْدِيم التَّعْدِيل على الْجرْح، لِأَن ترك الْعَمَل) بِالْحَدِيثِ (لَيْسَ جرحا) فِي رِوَايَة (كَمَا سَيذكرُ فَهُوَ) أَي قبُوله الْبَعْض لَهُ (تَوْثِيق) للراوي (بِلَا معَارض ومثلوه) أَي الْحَنَفِيَّة مَا قبله بَعضهم ورده بَعضهم (بِحَدِيث معقل بن سِنَان أَنه صلى الله عليه وسلم قضى لبروع بنت واشق بِمهْر مثل نسائها حِين مَاتَ عَنْهَا هِلَال بن مرّة) قبل التَّسْمِيَة (قبله ابْن مَسْعُود، ورده عَليّ). أخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن رجل تزوج امْرَأَة وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا وَلم يدْخل بهَا حَتَّى مَاتَ عَنْهَا، فَقَالَ ابْن مَسْعُود: لَهَا مثل صدَاق نسائها وَلَا وكس وَلَا شطط وَلها الْمِيرَاث، فَقَامَ معقل بن سِنَان الْأَشْجَعِيّ، فَقَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بروع بنت واشق امْرَأَة منا مثل مَا قضيت ففرح بهَا ابْن مَسْعُود. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث ابْن مَسْعُود حَدِيث حسن صَحِيح وَبِه يَقُول الثَّوْريّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالَ بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهُم عَليّ ابْن أبي طَالب وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر لَهَا الْمِيرَاث وَلَا صدَاق لَهَا وَعَلَيْهَا الْعدة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وروى عَنهُ أَنه رَجَعَ بِمصْر من هَذَا القَوْل، وَقَالَ بِحَدِيث بروع قلت وَقد صَحَّ عَنهُ أَنه قَالَ إِذا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَدِيث فَهُوَ مذهبي، غير أَنه قَالَ ابْن الْمُنْذر ثَبت مثل قَول ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَبِه نقُول (وَلَا يخفى أَن عمله) أَي ابْن مَسْعُود (كَانَ بِالرَّأْيِ غير أَنه سر بِرِوَايَة الْمُوَافق لرأيه من إِلْحَاق الْمَوْت بِالدُّخُولِ بِدَلِيل إِيجَاب الْعدة بِهِ) أَي بِالْمَوْتِ (كالدخول) أَي كَمَا يجب بِالدُّخُولِ (وَهُوَ) أَي الْعَمَل بِهِ (أَعم من الْقبُول لجَوَاز اعْتِبَاره) أَي الْمَرْوِيّ الْمَذْكُور بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَأْيه الْمَذْكُور (كالمتابعات) فِي بَاب الرِّوَايَات لإِفَادَة

ص: 51

التقوية (إِلَّا أَن ينْقل) عَن ابْن مَسْعُود (أَنه بعد) أَي بعد تِلْكَ الْوَاقِعَة (اسْتدلَّ بِهِ) أَي بالمروي الْمَذْكُور (وَهَذَا) إِلَّا يرد الْمَدْلُول عَلَيْهِ بقوله وَلَا يخفى الخ (نظر فِي الْمِثَال غير قَادِح فِي الأَصْل فَإِن قيل إِنَّمَا ذَكرُوهُ) أَي الْحَنَفِيَّة قبُول مَا قبله بعض السّلف ورده بَعضهم (فِي تَقْسِيم الرَّاوِي الصَّحَابِيّ إِلَى مُجْتَهد كالأربعة) أبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي (والعبادلة) جمع عبدل، لِأَن من الْعَرَب من يَقُول فِي زيد: بدل، أَو عبد وضعا كالنساء للْمَرْأَة، وهم عِنْد الْفُقَهَاء: عبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله بن عمر، وَعبد الله بن عَمْرو، وَعبد الله بن مَسْعُود. وَعند الْمُحدثين مقَام ابْن مَسْعُود عبد الله بن الزبير (فَيقدم) خَبره (على الْقيَاس مُطلقًا) أَي سَوَاء وَافقه أَو خَالفه (و) إِلَى (عدل ضَابِط) غير مُجْتَهد (كَأبي هُرَيْرَة وَأنس وسلمان وبلال، فَيقدم) خَبره (إِلَّا أَن خَالف كل الأقيسة على قَول عِيسَى) بن أبان (وَالْقَاضِي أبي زيد) وَأكْثر الْمُتَأَخِّرين (كَحَدِيث الْمُصراة) وَهُوَ مَا روى أَبُو هُرَيْرَة عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:

" لَا تصروا الْإِبِل وَالْغنم، فَمن ابتاعها بعد ذَلِك فَهُوَ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها، فَإِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن سخطها ردهَا وصاعا من تمر ": مُتَّفق عَلَيْهِ، والتصرية ربط أحلاف النَّاقة أَو الشَّاة وَترك حلبها يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة ليجتمع لَبنهَا فَيرى كثيرا فيزيد فِي الثّمن، ثمَّ إِذا حلبها الحلبة أَو الحلبتين عرف أَن ذَلِك لَيْسَ بلبنها وَهَذَا غرور: فَذهب إِلَى ظَاهر هَذَا الحَدِيث الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَأَبُو يُوسُف على مَا فِي شرح الطَّحَاوِيّ للاسبيجابي، وَذكر عَنهُ الْخطابِيّ وَابْن قدامَة أَنه يردهَا مَعَ قيمَة اللَّبن وَلم يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بِهِ لِأَنَّهُ خبر مُخَالف لِلْأُصُولِ (فَإِن اللَّبن مثلي وضمانه بِالْمثلِ) بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع كَمَا يَأْتِي (وَلَو) كَانَ اللَّبن (قيميا فبالقيمة) أَي فضمانه بهَا من التَّقْدِير بِالْإِجْمَاع (لَا كمية) أَي لَا بِضَمَان كمية، يَعْنِي الْكَيْل الْمعِين وَهُوَ الصَّاع (تمر خَاصَّة) بِجِنْس خَاص وَهُوَ التَّمْر، وَهَذَا الْعَطف كَمَا فِي قَوْلهم الصابح فالعاتم للتفاوت بَين التقييدين (ولتقويم الْقَلِيل وَالْكثير بِقدر وَاحِد) عطف على مَا فهم من فحوى الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: خَالف الأقيسة لكَون اللَّبن مثلِيا إِلَى آخِره، وللزوم تَقْوِيم الْقَلِيل وَالْكثير بِاعْتِبَار التَّفَاوُت بَين لبن الْإِبِل وَالْغنم وَبَين أَفْرَاد كل مِنْهُمَا، وَالْأَصْل تَقْدِير الضَّمَان بِقدر التَّالِف (وَرب شَاة) تكون مُقَابلا فِي الْقيمَة (بِصَاع) من التَّمْر خُصُوصا فِي غلائه: وَهَذَا وَجه ثَالِث للْخلاف (فَيجب) حِينَئِذٍ (ردهَا) أَي الشَّاة (مَعَ ثمنهَا) وَهُوَ فِي معنى الرِّبَا (وَعند الْكَرْخِي وَالْأَكْثَر) من الْعلمَاء خبر الْعدْل الضَّابِط (كَالْأولِ) أَي كَخَبَر الْمُجْتَهد (وَيَأْتِي الْوَجْه) لكَونه كَذَلِك (وَتَركه) أَي حَدِيث الْمُصراة (لمُخَالفَة الْكتاب) وَهُوَ قَوْله - {فاعتدوا عَلَيْهِ} - (بِمثل مَا اعْتدى، و) مُخَالفَة السّنة (الْمَشْهُورَة) وَهُوَ مَا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ (من أعتق شِقْصا)

ص: 52

أَي نَصِيبا لَهُ من مَمْلُوك (قوم عَلَيْهِ نصيب شَرِيكه) أَن كَانَ مُوسِرًا كَمَا روى مَعْنَاهُ الْجَمَاعَة (وَالْخَرَاج بِالضَّمَانِ). أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم، وَمَعْنَاهُ أَن الرجل يَشْتَرِي الْمَمْلُوك فيستغله ثمَّ يجد بِهِ عَيْبا كَانَ عِنْد البَائِع فَيَقْضِي برد العَبْد على البَائِع وَيرجع بِالثّمن وَيَأْخُذهُ وَتَكون لَهُ الْغلَّة طيبَة وَهُوَ الْخراج، وَإِنَّمَا طابت لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنا للْعَبد حَتَّى لَو مَاتَ مَاتَ من مَال المُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِي يَده (و) مُخَالفَته (الْإِجْمَاع على التَّضْمِين بِالْمثلِ) فِي المثلى الَّذِي لَيْسَ بمنقطع (أَو الْقيمَة) فِي الْقَائِم الْفَائِت عينه أَو المثلى الْمُنْقَطع مَعَ أَنه مُضْطَرب الْمَتْن، فَمرَّة يَجْعَل الْوَاجِب صَاعا من تمر، وَمرَّة صَاعا من طَعَام غير بر، وَمرَّة مثل أَو مثلى لَبنهَا قمحا، وَمرَّة ذكر الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام، وَمرَّة لم يذكر، وَقيل هُوَ مَنْسُوخ (وَأَبُو هُرَيْرَة فَقِيه) لم يعْدم شَيْئا من أَسبَاب الِاجْتِهَاد، وَقد أفتى فِي زمن الصَّحَابَة وَلم يكن يُفْتِي فِي زمنهم إِلَّا مُجْتَهد: وروى عَنهُ أَكثر من ثَمَانمِائَة رجل مَا بَين صَحَابِيّ وتابعي: مِنْهُم ابْن عَبَّاس وَجَابِر وَأنس، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح (ومجهول الْعين وَالْحَال كوابصة) بن معبد. قَالَ الشَّارِح والتمثيل بِهِ مُشكل، فَإِن الْمَجْهُول الْمَذْكُور عِنْدهم من لم يعرف إِلَّا بِرِوَايَة حَدِيث أَو حديثين، وَلم يعرف عَدَالَته وَلَا فسقه وَلَا طول صحبته، وَقد عرفت عَدَالَة الصَّحَابَة بالنصوص، وسرد لَهُ خَمْسَة أَحَادِيث أخرجهَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ وَحَاصِله المناقشة فِي الْمِثَال (فَإِن قبله السّلف أَو سكتوا إِذْ بَلغهُمْ أَو اخْتلفُوا قبل) وَقدم على الْقيَاس (كَحَدِيث معقل) فِي بروع وَقد عرفت اخْتِلَاف السّلف فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا قبله بعض السّلف صَار كَأَنَّهُ رَوَاهُ بِنَفسِهِ، وَإِذا كَانَ الْمُخْتَلف فِيهِ بِهَذِهِ المثابة فَمَا لم يَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ، بل قبله الْكل أَو سكتوا كَانَ أولى بِالْقبُولِ (أَو ردُّوهُ) أَي السّلف حَدِيث الْمَجْهُول (لَا يجوز) الْعَمَل بِهِ (إِذا خَالفه) الْقيَاس، لأَنهم لَا يتهمون برد الحَدِيث الصَّحِيح، فاتفاقهم على الرَّد حِينَئِذٍ دَلِيل على اتهامه فِي الرِّوَايَة (وسموه مُنْكرا كَحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس) أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لم يَجْعَل لَهَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة) كَمَا فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره (رده عمر) فَقَالَ لَا نَتْرُك كتاب رَبنَا، وَسنة نَبينَا لقَوْل امْرَأَة لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حفظت أَو نسيت: رَوَاهُ مُسلم أَيْضا. (وَقَالَ مَرْوَان) كَمَا (فِي صَحِيح مُسلم حِين أخبر) بحديثها الْمَذْكُور (لم يسمع هَذَا الْأَمر إِلَّا) من (امْرَأَة سنأخذ بالعصمة الَّتِي وجدنَا النَّاس عَلَيْهَا وهم) أَي النَّاس يَوْمئِذٍ (الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، فَدلَّ أَنه مستنكر، وَإِن لم يظْهر) حَدِيث الْمَجْهُول (فِي السّلف، بل) ظهر (بعدهمْ فَلم يعلم ردهم وَعَدَمه) أَي عدم ردهم (جَازَ) الْعَمَل بِهِ (إِذا لم يُخَالف) الْقيَاس لترجح جَانب الصدْق لثُبُوت عَدَالَته ظَاهرا لِأَنَّهَا الْغَالِب فِي ذَلِك الزَّمَان (وَلم يجب) الْعَمَل بِهِ لِأَن وجوب الْعَمَل

ص: 53

بالْخبر لَا يثبت بِمثلِهِ (فَيدْفَع) مَنْصُوب على أَنه جَوَاب النَّفْي (نافي الْقيَاس) عَن منع هَذَا الْقيَاس (أَو يَنْفَعهُ) أَي نافي الْقيَاس، هَكَذَا حل الشَّارِح هَذَا الْمحل وَقَالَ: هَذَا تَعْرِيض بِدفع جَوَاب السَّائِل الْقَائِل إِذا وَافقه الْقيَاس وَلم يجب الْعَمَل بِهِ كَانَ الحكم ثَابتا بِالْقِيَاسِ فَمَا فَائِدَة جَوَاز الْعَمَل بِهِ بِأَنَّهَا جَوَاز إِضَافَة الحكم ثَابتا إِلَيْهِ فَلَا يتَمَكَّن نافي الْقيَاس من منع هَذَا الحكم لكَونه مُضَافا إِلَى الحَدِيث (وَإِنَّمَا يلْزم) الدّفع أَو النَّفْع (لَو قبله) أَي السّلف الحَدِيث فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يتَمَكَّن من منع الحكم الثَّابِت بِهِ، وَقد يَنْفَعهُ حَيْثُ يضيف الحكم إِلَيْهِ لَا إِلَى الْقيَاس لَكِن الْفَرْض عدم الْعلم بِهِ حَيْثُ لم يظْهر فيهم انْتهى.

أَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِذا كَانَ قَوْله فَيدْفَع جَوَاب النَّفْي لزم كَون أحد الْأَمريْنِ الدّفع والنفع لَازم المنفى: وَهُوَ وجوب الْعَمَل بِهِ غير مُتَحَقق مَعَ النَّفْي، أما دفع النَّافِي على تَقْدِير الْوُجُوب فبأن يُقَال: لَو لم يكن الْقيَاس مُعْتَبرا شرعا لما وَجب الْعَمَل بِحَدِيث راو مَجْهُول بِسَبَب مُوَافَقَته، وَأما النَّفْع على ذَلِك التَّقْدِير فبأن يُقَال لَو كَانَ الْقيَاس مُعْتَبرا لما أضيف الحكم إِلَى حَدِيث كَذَا مَعَ وجوده وَعدم تحقق أحد الْأَمريْنِ على تَقْدِير جَوَاز الْعَمَل بِهِ فَلَا يَخْلُو عَن خَفَاء لجَوَاز أَن يُقَال لَو لم يكن الْقيَاس مُعْتَبرا لما جَازَ الْعَمَل بِحَدِيث كَذَا بِسَبَب مُوَافَقَته فَإِنَّهُ لَو خَالفه لما جَازَ الْعَمَل بِهِ، أَو يُقَال: لَو كَانَ الْقيَاس مُعْتَبرا لما أضيف جَوَاز الْعَمَل إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور، بل كَانَ يُضَاف إِلَى الْقيَاس: غير أَن الدّفع والنفع حِينَئِذٍ لَيْسَ يُقَوي مثل الأول فَلم يعْتَبر بِهِ، وَأما تَقْرِير لُزُوم أحد الْأَمريْنِ على تَقْدِير قبُول السّلف فبأن يُقَال: لَوْلَا أَن الْقيَاس من الْأُصُول الشَّرْعِيَّة لما قبل السّلف مثل هَذَا الحَدِيث لموافقته، أَو يُقَال: لَو كَانَ مِنْهَا كَانُوا يضيفون هَذَا الحكم إِلَيْهِ لَا إِلَى مثل هَذَا الحَدِيث، وَأما ادِّعَاء كَونه تعريضا بِدفع الْجَواب الْمَذْكُور عَن السُّؤَال الْمَزْبُور فَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ الْعجب، وطوينا الْكَلَام فِي إبِْطَال كثير مِمَّا ذكره هَهُنَا مَخَافَة الإملال عَن إكثار الشغب، هَذَا وَيحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله لَو قبل نافي الْقيَاس وجوب الْعَمَل بِهِ أَو جَوَازه، وَأما إِذا لم يقبل فَلَا يَتَأَتَّى شَيْء من الدّفع والنفع، وَهَذَا الْوَجْه أوجه (وَرِوَايَة مثل هَذَا الْمَجْهُول فِي زَمَاننَا لَا تقبل) مَا لم يتأيد بِقبُول الْعُدُول لغَلَبَة الْفُسَّاق على أهل هَذَا الزَّمَان (قُلْنَا) لَيْسَ التَّقْسِيم الْمَذْكُور للراوي الصَّحَابِيّ (بل وضعهم) أَي الْحَنَفِيَّة التَّقْسِيم الْمَذْكُور فِيمَا هُوَ (أَعم) من الصَّحَابِيّ وَغَيره (وَهُوَ) أَي مَا وضعوه (قَوْلهم والراوي إِن عرف بالفقه إِلَى آخِره غير أَن التَّمْثِيل وَقع بالصحابة مِنْهُم وَلَيْسَ يلْزم) كَون الرَّاوِي (صحابيا) فَلَا مُخَصص لعُمُوم الرَّاوِي فِي قَوْلهم (فَصَارَ هَذَا) أَي الْمَذْكُور فِي هَذَا التَّقْسِيم (حكم غير الصَّحَابِيّ أَيْضا وَلَا جرح) للراوي وَالشَّاهِد (بترك الْعَمَل فِي رِوَايَة

ص: 54

وَلَا شَهَادَة) لَهما (لجوازه) أَي ترك الْعَمَل بروايته وشهادته (بمعارض) من رِوَايَة أَو شَهَادَة أُخْرَى أَو فقد شَرط غير الْعَدَالَة. قَالَ السُّبْكِيّ: فَإِن فرض ارْتِفَاع الْمَوَانِع بأسرها وَكَانَ مَضْمُون الْخَبَر وجوبا فَتَركه حِينَئِذٍ يكون جرحا، قَالَه القَاضِي فِي التَّقْرِيب وَسَيَجِيءُ فِيهِ تَفْصِيل (وَلَا) جرح (بِحَدّ لشهادة بِالزِّنَا مَعَ عدم النّصاب) للشَّهَادَة لدلالته على فسق الشَّاهِد، وَهَذَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرِّوَايَة، وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة ردهَا بِهِ كرد الشَّهَادَة بِلَا خلاف فِي الْمَذْهَب (وَلَا) جرح (بالأفعال الْمُجْتَهد فِيهَا) من الْمُجْتَهد الْقَائِل بإباحتها أَو مقلده كشرب النَّبِيذ مَا لم يسكر من غير لَهو، واللعب بالشطرنج بِلَا قمار (وركض الدَّابَّة) أَي حثها لتعدو: هُوَ رد لشعبة، فَإِنَّهُ قيل لَهُ: لَو تركت حَدِيث فلَان؟ قَالَ: رَأَيْته يرْكض على برذون كَيفَ وَهُوَ مَشْرُوع من عمل الْجِهَاد، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه فعل ذَلِك فِي حَضرته صلى الله عليه وسلم بأَمْره (وَكَثْرَة المزاح غير المفرط) فقد كَانَ صلى الله عليه وسلم يمزح أَحْيَانًا وَلَا يَقُول إِلَّا حَقًا على مَا هُوَ الْمَذْكُور فِي كتب لحَدِيث فِي بَاب وضع لَهُ (وَعدم اعْتِبَار الرِّوَايَة) فَإِن من الصَّحَابَة من يمْتَنع عَن الرِّوَايَة فِي عَامَّة الْأَوْقَات، وَمِنْهُم من يشْتَغل بهَا فِي عامتها، ثمَّ لم يرجح أحد رِوَايَة من اعتادها على من لم يعتدها (وَلَا يدْخلهُ) أَي لَا يدْخل فِيمَن لم يعتدها (من لَهُ راو فَقَط) إِذْ يجوز اعْتِبَارهَا مَعَ وحد الْآخِذ (وَهُوَ) أَي من لَهُ راو فَقَط (مَجْهُول الْعين باصطلاح) الْمُحدثين (كسمعان ابْن مشاج والهزهاز بن ميزن لَيْسَ لَهما) راو (إِلَّا الشّعبِيّ وجبار الطَّائِي فِي آخَرين) وهم: عبد الله بن أغر الْهَمدَانِي والهيثم بن حَنش وَمَالك بن أغر وَسَعِيد بن ذِي حدان وَقيس بن كركم وبهر بن مَالك على مَا ذكره الشَّارِح (لَيْسَ لَهُم) راو (إِلَّا) أَبُو إِسْحَاق (السبيعِي وَفِي) لم (الحَدِيث) فِيهِ أَقْوَال (نَفْيه) أَي نفي قبُوله (للْأَكْثَر) من أهل الحَدِيث وَغَيرهم (وقبوله) مُطلقًا (قيل هُوَ) أَي هَذَا القَوْل (لمن لم يشْتَرط) فِي الرَّاوِي شرطا (غير الْإِسْلَام وَالتَّفْصِيل بَين كَون) ذَلِك الرَّاوِي (الْمُنْفَرد لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل) كَابْن مهْدي وَيحيى بن سعيد مَعَ الِاكْتِفَاء فِي التَّعْدِيل بِوَاحِد (وَمَعْلُوم أَن الْمَقْصُود) مَا ذكر (مَعَ ضبط) فَيقبل وَإِلَّا فَلَا (وَقيل إِن زَكَّاهُ عدل) من أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل قبل، وَإِلَّا فَلَا (وَقيل أَن شهر) فِي غير الْعلم (بالزهد كمالك بن دِينَار، أَو النجدة) وَهُوَ الْقِتَال والشجاعة (كعمرو بن معدي كرب) قبل وفلا (ومرجع التَّفْصِيل) الأول (وَمَا بعده وَاحِد: وَهُوَ أَن عرف عدم كذبه) قبل، وَإِلَّا فَلَا (غير أَن لمعرفتها طرقا التَّزْكِيَة وَمَعْرِفَة أَنه لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل وزهده والنجدة فَإِن المتصف بهَا) أَي الْجدّة (عَادَة يرْتَفع عَن الْكَذِب، وَفِيه نظر فقد تحقق خِلَافه) وَهُوَ الْكَذِب مَعَ النجدة (فِيمَا ل الْمبرد عَنهُ) أَي عَن معدي كرب من نِسْبَة الْكَذِب إِلَيْهِ (وَالْوَجْه جعل أَن زَكَّاهُ)

ص: 55

عدل قبل وَإِلَّا فَلَا (مُرَاد الأول) وَهُوَ أَنه إِن كَانَ لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل قبل وَإِلَّا فَلَا (وَلَا) جرح أَيْضا (بحداثة السن بعد اتقان مَا سمع) عِنْد التَّحَمُّل وَتحقّق الْعَدَالَة وَسَائِر شُرُوط الرِّوَايَة (واستكثار مسَائِل الْفِقْه) لِأَنَّهُ لَا يلْزم من ذَلِك خلل فِي الْحِفْظ كَمَا زعم بعض (وَكَثْرَة الْكَلَام كَمَا) نقل (عَن زَاذَان) قَالَ شُعْبَة: قلت للْحكم بن عتيبة لم لم ترو عَن زَاذَان؟ قَالَ كثير الْكَلَام، وَالْحق أَن مُجَرّد هَذَا غير قَادِح (وَبَوْل قَائِما كَمَا عَن سماك) قَالَ جرير: رَأَيْت سماك بن حَرْب يَبُول قَائِما فَلم أكتب عَنهُ، فَإِن مُجَرّد هَذَا غير قَادِح. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم بَال قَائِما، وَالظَّاهِر أَنه بَيَان للْجُوَاز كَمَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم فَهُوَ مُبَاح غير مخل بالمروة إِذا لم يرْتَد عَن البائل من غير كشف الْعَوْرَة (وَاخْتلف فِي رِوَايَة الْعدْل) عَن الْمَجْهُول على ثَلَاثَة أَقْوَال (فالتعديل) إِذْ الظَّاهِر أَنه لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل احْتِرَازًا عَن التلبيس لما فِيهَا من الْإِيقَاع فِي الْعَمَل بِمَا لَا يجوز أَن يعْمل بِهِ (وَالْمَنْع) لَهُ، إِذْ كثيرا مَا يرْوى الْعدْل وَلَا يفكر عَمَّن يرْوى وَلَا يلتبس إِذْ لَا يجب الْعَمَل بِمُجَرَّد الرِّوَايَة، إِذْ غَايَته أَنه يَقُول سمعته كَذَا فَلَو عمل بِهِ السَّامع من غير استكشاف فالتقصير مِنْهُ، وَعزا ابْن الصّلاح هَذَا القَوْل إِلَى أَكثر الْعلمَاء من الْمُحدثين وَغَيرهم، وَذكر أَنه الصَّحِيح (وَالتَّفْصِيل بَين من علم أَنه لَا يروي إِلَّا عَن عدل) فَهِيَ تَعْدِيل (أَولا) يعلم ذَلِك من عَادَته فَلَا يكون تعديلا لما ذكر (وَهُوَ) أَي هَذَا التَّفْصِيل (الأعدل وَأما التَّدْلِيس) وَفَسرهُ بقوله (إِيهَام الرِّوَايَة عَن المعاصر الْأَعْلَى) سَمَاعا مِنْهُ سَوَاء لقِيه أَولا بِحَذْف المعاصر الْأَدْنَى سَوَاء كَانَ شَيْخه أَو شيخ شَيْخه فَصَاعِدا نَحْو قَالَ فلَان (أَو وصف شَيْخه بمتعدد) بِأَن يُسَمِّيه تَارَة ويكنيه أُخْرَى أَو ينْسبهُ إِلَى قَبيلَة أَو بلد أَو صَنْعَة أَو بِصفة بِمَا لَا يعرف بِهِ كَيْلا يعرف، وَيفْعل هَكَذَا (لإيهام الْعُلُوّ) فِي السَّنَد، أَو لصِغَر سنّ الْمَحْذُوف عَن سنّ الرَّاوِي، أَو لتأخر وَفَاته ومشاركته من دونه فِيهِ على التَّقْدِير الأول (وَالْكَثْرَة) فِي الشُّيُوخ على التَّقْدِير الثَّانِي لما فِيهِ من إِيهَام أَنه غَيره (فَغير قَادِح، أما) التَّدْلِيس (الْإِيهَام الثِّقَة) أَي كَون الْإِسْنَاد موثوقا بِهِ (بِإِسْقَاط مُخْتَلف فِي ضعفه) حَال كَون السَّاقِط وَاقعا (بَين ثقتين يوثقه) الْمسْقط بذلك (بِأَن ذكر) الثِّقَة (الأول بِمَا لَا يشْتَهر بِهِ من مُوَافق اسْم من عرف أَخذه عَن الثَّانِي) كلمة من بَيَان للموصول. وَحَاصِله أَن الثِّقَة الأول لَهُ اسمان: أَحدهمَا مَا اشْتهر بِهِ وَلم يسمه بِهِ، وَالثَّانِي مُشْتَرك بَينه وَبَين من أَخذ الحَدِيث عَن الثِّقَة الثَّانِي، وَذَلِكَ الْآخِذ ثِقَة مَعْرُوف فيعبر عَن الثِّقَة الأول بِهَذَا الِاسْم ليوهم السَّامع أَنه هُوَ (وَهُوَ) أَي هَذَا التَّدْلِيس (أحد قسمي) تَدْلِيس (التَّسْوِيَة فَيرد) الحَدِيث (عِنْد مانعي) قبُول (الْمُرْسل ويتوقف) على صِيغَة الْمَجْهُول (فِي عنعنته) أَي فِيمَا رَوَاهُ هَذَا المدلس بِلَفْظ عَن من غير بَيَان

ص: 56

للتحديث والإخبار وَالسَّمَاع. قَالَ الْعِرَاقِيّ: اخْتلفُوا فِي حكم الْإِسْنَاد المعنعن، فَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل، وَذهب إِلَيْهِ الجماهير من أَئِمَّة الحَدِيث وَغَيرهم أَنه من قبيل الْإِسْنَاد الْمُتَّصِل بِشَرْط سَلامَة الرَّاوِي بالعنعنة من التَّدْلِيس، وبشرط ثُبُوت ملاقاته لمن رَوَاهُ عَنهُ بالعنعنة، ثمَّ قَالَ: وَمَا ذَكرْنَاهُ من اشْتِرَاط ثُبُوت اللِّقَاء مَذْهَب الْمَدِينِيّ وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا من أَئِمَّة هَذَا الْعلم، وَأنكر مُسلم اشْتِرَاطه، وَقَالَ الْمُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل الْعلم بالأخبار قَدِيما وحديثا أَنه يَكْفِي ثُبُوت كَونهمَا فِي عصر وَاحِد. وَقَالَ ابْن الصّلاح: وَفِيمَا قَالَه مُسلم نظر (دون المجيزين) لقبُول الْمُرْسل: حكى الْخَطِيب أَن جُمْهُور من يحْتَج بالمرسل يقبل خبر المدلس (وَلَا يسْقط) المدلس الْمَذْكُور فِي الْمَذْهَب الصَّحِيح (بعد كَونه إِمَامًا) من أَئِمَّة الحَدِيث (لاجتهاده) فِي طلب صِحَة الْخَبَر (وَعدم صَرِيح الْكَذِب، وَهُوَ) أَي هَذَا الْقسم من التَّدْلِيس (محمل فعل الثَّوْريّ وَالْأَعْمَش وَبَقِيَّة) فِي الْقَامُوس بَقِي بن مخلد حَافظ الأندلس، وَبَقِيَّة وَبَقَاء اسمان. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من هَذَا النَّوْع كثير كقتادة والسفيانين وَعبد الرَّزَّاق والوليد بن مُسلم. قَالَ النَّوَوِيّ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وشبههما من المدلسين بعن مَحْمُول على ثُبُوت السماع من جِهَة أُخْرَى. قَالَ الْحَافِظ عبد الْكَرِيم الْحلَبِي: قَالَ أَكثر الْعلمَاء المعنعنات الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ منزلَة بِمَنْزِلَة السماع (وَيجب) سُقُوط الرَّاوِي لتدليسه (فِي الْمُتَّفق) على ضعفه لِأَنَّهُ غير رشيد فِي الدّين. قَالَ الْهَيْثَم بن خَارِجَة للوليد بن مُسلم: أفسدت حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ تروي عَنهُ عَن نَافِع وَعنهُ عَن الزُّهْرِيّ، وَغَيْرك يدْخل بَينه وَبَين نَافِع عبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ وَبَينه وَبَين الزُّهْرِيّ إِبْرَاهِيم بن مرّة وقرة، قَالَ لَهُ أنبل الْأَوْزَاعِيّ أَن يرْوى عَن مثل هَؤُلَاءِ. قَالَ الْهَيْثَم قلت لَهُ فَإِذا روى عَن هَؤُلَاءِ وهم ضعفاء أَحَادِيث مَنَاكِير فأسقطتهم وصيرتها من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن الثِّقَات ضعف الْأَوْزَاعِيّ انْتهى، وَلذَا قَالَ شُعْبَة التَّدْلِيس أَخُو الْكَذِب، وَأَرَادَ بِهِ هَذَا الْقسم مِنْهُ (وتحققه) أَي هَذَا التَّدْلِيس يكون (بِالْعلمِ بمعاصرة الموصولين) بِإِسْقَاط الْوَاسِطَة بَينهمَا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يعلم معاصرتهما (لَا تَدْلِيس ويفضي) التَّدْلِيس لتكبير الشُّيُوخ (إِلَى تَضْييع) الشَّيْخ (الْمَوْصُول وَحَدِيثه) الْمَرْوِيّ أَيْضا قلت وَيَنْبَغِي أَن يحمل على تضييعه بِاعْتِبَار مَا يرْوى عَنهُ هَذَا الْمسْقط لَا مُطلقًا لِأَنَّهُ إِذا روى عَن الضَّعِيف مَعَ بَيَان ضعفه لَا يخل بِهِ، وَنقل عَن الشَّافِعِي وَالْبَزَّار والخطيب اشْتِرَاط اللِّقَاء فِي هَذَا التَّدْلِيس فَلم يكتفوا بِمُجَرَّد المعاصرة. قَالَ الشَّارِح: وَيعرف عدم الملاقاة بأخباره عَن نَفسه بذلك أَو بجزم إِمَام مطلع، وَلَا يَكْفِي أَن يَقع فِي بعض الطّرق زِيَادَة راو بَينهمَا.

ص: 57