الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّمَا يكون سَببا لعدم الْإِنْكَار فِي الحكم، لِأَن الْمذَاهب إِذا تقررت وَعرف أهل كل مَذْهَب لَا وَجه للإنكار على صَاحب مَذْهَب فِي الْعَمَل على مُوجبه، وَهَذِه الْعلَّة مُشْتَركَة بَين الحكم وَالْفَتْوَى فَلَا وَجه للْفرق بَين الِاسْتِقْرَار أَيْضا: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال ارتباط الظّرْف بالْقَوْل بِاعْتِبَار عدم إِنْكَار الحكم فَقَط، لَا بِاعْتِبَار التَّفْرِقَة بَينهمَا فَتَأمل (وَقَول الجبائي) فِي اعْتِبَاره الْإِجْمَاع السكوتي بِشَرْط الانقراض (الِاحْتِمَالَات) الْمَذْكُورَة من الْخَوْف والتفكر وَغَيرهمَا (تضعف بعد الانقراض) لبعد اسْتِمْرَار هَذِه الْمَوَانِع إِلَى انْقِرَاض عصرهم (لَا قبله) أَي الانقراض (مَمْنُوع بل الضعْف) لَهَا (يتَحَقَّق بعد مُضِيّ مُدَّة التَّأَمُّل فِي مثله) أَي فِي مثل ذَلِك القَوْل (عَادَة وَمن الْمُحَقِّقين) إِشَارَة إِلَى مَا فِي الشَّرْح العضدي (من قيد قطعيته) أَي الْإِجْمَاع السكوتي (بِمَا إِذا كثر) وُقُوع تِلْكَ الْحَادِثَة (وتكرر) تكررا يكون (فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى) وَهُوَ: أَي هَذَا التَّقْيِيد أوجه، هَكَذَا فِي نُسْخَة اعْتمد عَلَيْهَا، وَفِي نُسْخَة الشَّارِح (وَحِينَئِذٍ يحْتَمل) أَن يكون مُفِيدا للْقطع بمضمونه على مَا فسره، وَقَالَ السُّبْكِيّ تكَرر الْفتيا مَعَ طول الْمدَّة وَعدم الْمُخَالفَة يفضى إِلَى الْقطع وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ.
مسئلة
(إِذا أجمع على قَوْلَيْنِ فِي مسئلة) فِي عصر (لم يجز إِحْدَاث) قَول (ثَالِث) فِيهَا (عِنْد الْأَكْثَر) مِنْهُم الإِمَام الرَّازِيّ فِي المعالم، وَنَصّ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ فِي رسَالَته (وَخَصه) أَي عدم جَوَاز إِحْدَاث ثَالِث (بعض الْحَنَفِيَّة بالصحابة) أما إِذا كَانَ الْإِجْمَاع على قَوْلَيْنِ مِنْهُم فَلم يجوزوا لمن بعدهمْ أَحْدَاث ثَالِث فِيهَا (ومختار الْآمِدِيّ) وَابْن الْحَاجِب يجوز إِن لم يرفع شَيْئا مِمَّا أجمع عَلَيْهِ الْقَوْلَانِ، وَلَا يجوز (إِن رفع مجمعا عَلَيْهِ كرد الْمُشْتَرَاة بكرا بعد الْوَطْء لعيب قبل الْوَطْء) كَانَ بهَا عِنْد البَائِع على المُشْتَرِي بعد الْوَطْء (قيل لَا) يردهَا (وَقيل) يردهَا (مَعَ الْأَرْش) أَي أرش الْبكارَة. (لَا يُقَال) يردهَا (مجَّانا) أَي بِغَيْر أرش الْبكارَة لِأَنَّهُ قَول ثَالِث رَافع لمجمع عَلَيْهِ. نقل الأول عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود، وَالثَّانِي عَن عمر وَزيد بن ثَابت، وأنهما قَالَا يرد مَعهَا عشر قيمتهَا إِن كَانَت بكرا، وَنصف عشر قيمتهَا إِن كَانَت ثَيِّبًا، فقد اتَّفقُوا على عدم ردهَا مجَّانا. قَالَ الشَّارِح: وَقَالَ شَيخنَا الْحَافِظ، وَفِي هَذَا الْمِثَال نظر. فَإِن الَّذِي يرْوى عَنْهُم ذَلِك من الصَّحَابَة لم يثبت عَنْهُم، وَأما التابعون فَصحت عَنْهُم الْأَقْوَال الثَّلَاثَة: الأول عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالثَّانِي عَن سعيد بن الْمسيب وَشُرَيْح وَمُحَمّد ابْن سِيرِين وَكثير، وَالثَّالِث عَن الْحَارِث العكلي وَهُوَ من فُقَهَاء الْكُوفَة من أَقْرَان إِبْرَاهِيم
النَّخعِيّ (ومقاسمة الْجد) الصَّحِيح، وَهُوَ الَّذِي لَا يدْخل فِي نسبته إِلَى الْمَيِّت أُنْثَى (الْأُخوة) لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب (وحجبه الْأُخوة فَلَا يُقَال بحرمانه) أَي بحرمان الْجد بهم لِأَنَّهُ قَول ثَالِث رَافع الْمجمع عَلَيْهِ لِاتِّفَاق الْقَوْلَيْنِ على أَن للْجدّ حظا من الْمِيرَاث، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي قدره. وَنقل الشَّارِح عَن شَيْخه الْمَذْكُور فِي هَذَا الْمِثَال أَيْضا أقوالا ثَلَاثَة مَشْهُورَة عَن الصَّحَابَة: حجبه لَهُم عَن أبي بكر الصّديق وَعمر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَغَيرهم، وَأَنه رَجَعَ بَعضهم إِلَى الْمُقَاسَمَة، وَهُوَ قَول الْأَكْثَر، وَجَاء حرمانه عَن زيد بن ثَابت وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الرَّحْمَن ابْن غنم، ثمَّ رَجَعَ زيد وَعلي إِلَى الْمُقَاسَمَة. ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يثبت إِجْمَاع من بعدهمْ على بطلَان الثَّالِث الَّذِي هُوَ الحرمان فَلَا يسمع بعد ذَلِك بِنَاء على أَن الْإِجْمَاع اللَّاحِق يرفع الْخلاف السَّابِق (وعدة الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا) زَوجهَا (بِالْوَضْعِ) لحملها كَمَا عَلَيْهِ عَامَّة أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَغَيرهم (أَو أبعد الْأَجَليْنِ) من الْوَضع ومضي أَرْبَعَة أشهر وَعشر كَمَا روى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس. (لَا يُقَال) تنقضى عدتهَا (بِالْأَشْهرِ فَقَط) لِأَنَّهُ قَول ثَابت رَافع لمجمع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا مضى الشَّهْر الأول وَلم تضع الْحمل اتّفق الْفَرِيقَانِ على عدم مُضِيّ الْعدة. أما على القَوْل بِالْوَضْعِ فَظَاهر، وَأما على القَوْل بالأبعد فَإِن الْأَبْعَد يتَحَقَّق (بِخِلَاف الْفَسْخ) للنِّكَاح (بالعيوب) من الْجُنُون والجذام والبرص والجب والعنة والقرن والرتق وَعدم الْفَسْخ بهَا (وَزَوْجَة وأبوين أَو زوج) وأبوين (للْأُم ثلث الْكل أَو ثلث مَا بَقِي) بعد فرض الزَّوْجَيْنِ (يجوز) فيهمَا قَول ثَالِث وَهُوَ (التَّفْصِيل فِي الْعُيُوب). قَالَ الشَّارِح: الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِيهَا مَشْهُورَة عَن الصَّحَابَة (وَبَين الزَّوْج وَالزَّوْجَة) فَإِن التَّفْصِيل فِي كل من هذَيْن لَا يرفع مجمعا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَافق فِي كل صُورَة قولا. (وَطَائِفَة) كالظاهرية وَبَعض الْحَنَفِيَّة قَالُوا (يجوز) إِحْدَاث ثَالِث (مُطلقًا) سَوَاء كَانَ المجمعون على قَوْلَيْنِ الصَّحَابَة أَو غَيرهم، وَسَوَاء رفع الثَّالِث مجمعا عَلَيْهِ أَو لم يرفع. قَالَ (الْآمِدِيّ) إِنَّمَا يجوز الْأَحْدَاث إِذا لم يرفع مجمعا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ (لم يُخَالف مجمعا) عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَي خلاف الْمجمع عَلَيْهِ (الْمَانِع) من الْأَحْدَاث لِأَنَّهُ خرق للْإِجْمَاع وَلم يُوجد (بل) الثَّالِث حِينَئِذٍ (وَافق كلا) من الْقَوْلَيْنِ (فِي شَيْء) إِذْ حَاصِل التَّفْصِيل كَون الْمفصل مَعَ أحد الْفَرِيقَيْنِ فِي صُورَة، وَمَعَ الآخر فِي غير تِلْكَ الصُّورَة. وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال وَهُوَ أَن الطَّائِفَتَيْنِ أجمعتا على عدم التَّفْصِيل. فالتفصل خلاف الْإِجْمَاع قَالَ (وَكَون عدم التَّفْصِيل مجمعا مَمْنُوع بل هُوَ) أَي الْإِجْمَاع على عدم التَّفْصِيل (القَوْل بِهِ) أَي بِعَدَمِ التَّفْصِيل، وَالْفَرْض أَنهم سكتوا عَنهُ، بل يجوز عدم خطوره ببالهم فَكيف يكون مجمعا عَلَيْهِ لَهُم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْأَمر كَذَلِك بِأَن يكون السُّكُوت عَن الشَّيْء قولا بِعَدَمِهِ (امْتنع القَوْل فِيمَا يحدث) أَي فِي
مسئلة لم يَقع ذكرهَا بَين الْعلمَاء، وَفِي الزَّمَان السَّابِق وَلَيْسَ لأحد مِنْهُم قَول فِيهَا (إِذْ) لَو (كَانَ عدم القَوْل قولا بِالْعدمِ) أَي بِعَدَمِ القَوْل على ذَلِك التَّقْدِير، فَذَلِك بَاطِل إِجْمَاعًا فَإِن قلت فرق بَين أَن لم يكن للمسئلة ذكر أصلا، وَبَين أَن يَقع الِاجْتِهَاد فِي طلب الثَّوَاب فِيهَا. ثمَّ ينْحَصر مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي الْقَوْلَيْنِ قلت مَعَ ذَلِك لَا يلْزم أَن يخْطر التَّفْصِيل ببالهم فَلم يرتضوا بِهِ ليَكُون قولا بِعَدَمِهِ. (وَلنَا) على الْمُخْتَار وَهُوَ عدم جَوَاز إِحْدَاث الثَّالِث مُطلقًا (لَو جَازَ التَّفْصِيل كَانَ) جَوَازه (مَعَ الْعلم بخطئه) أَي التَّفْصِيل (لِأَنَّهُ) أَي التَّفْصِيل لَا عَن دَلِيل مُمْتَنع فَهُوَ (عَن دَلِيل) وَحِينَئِذٍ (فَإِن اطلعوا) أَي المطلقون (عَلَيْهِ) أَي على ذَلِك الدَّلِيل (وتركوه أَو لم يطلعوا) عَلَيْهِ (حَتَّى تقرر إِجْمَاعهم على خِلَافه) وَهُوَ الاطلاق وَعدم التَّفْصِيل (لزم خَطؤُهُ) أَي ذَلِك الدَّلِيل (إِذْ لَو كَانَ) أَي ذَلِك الدَّلِيل (صَوَابا) لزم أَن المطلقين وهم جَمِيع مجتهدي الْعَصْر السَّابِق (أخطؤا) بترك الْعَمَل بِهِ علموه أَو جهلوه (والتالي) أَي خطؤهم (مُنْتَفٍ) وَإِلَّا يلْزم اجْتِمَاع الْأمة فِي ذَلِك الْعَصْر على الضَّلَالَة (فَلَيْسَ) دَلِيل التَّفْصِيل (صَوَابا) وَإِذا كَانَ دَلِيل التَّفْصِيل خطأ فدليل من يحدث ثَالِثا بِلَا تَفْصِيل كَانَ أولى بالْخَطَأ إِذْ فِي التَّفْصِيل مُوَافقَة لكل من الْقَوْلَيْنِ فِي شَيْء وَقد عرفت (وَالْمَانِع) من أَحْدَاث القَوْل الثَّالِث (لم ينْحَصر فِي الْمُخَالفَة) لما أجمع عَلَيْهِ. لجَوَاز أَن يكون مانعه الْعلم بِأَنَّهُ لَو صَحَّ لزم خطأ الْكل لما عرفت (مَعَ أَنا نعلم أَن الْمُطلق) من الْفَرِيقَيْنِ (يَنْفِي التَّفْصِيل) لِأَنَّهُ يَقُول: الْحق مَا ذهبت إِلَيْهِ لَا غير (فتضمنه) أَي نفي التَّفْصِيل (إِطْلَاقه) أَي الْمُطلق فَيكون بِمَنْزِلَة التَّنْصِيص على نفي التَّفْصِيل من الْكل. (وَأما قَوْلهم) أَي الْأَكْثَرين بِأَنَّهُ لَو جَازَ التَّفْصِيل (يلْزم تخطئة كل فريق) لكَوْنهم لم يفصلوا (فَيلْزم تخطئتهم) أَي الْأمة كلهَا، وَهُوَ غير جَائِز للنَّص على أَنَّهَا لَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة، فالتفصيل غير جَائِز (فَدفع بِأَن المنتفى) فِي النَّص (تخطئة الْكل فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ، لَا تخطئة كل) أَي كل فريق من الْكل (فِي غير مَا خطئَ فِيهِ) وَفِي بعض النّسخ فِي غيرما أَخطَأ فِيهِ (الآخر) ولازم التَّفْصِيل من هَذَا الْقَبِيل قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: وَفِيه نظر وَلم يُبينهُ، وَوَجهه الأسنوى وَغَيره بِأَن الْأَدِلَّة المتضمنة لعصمة الْأمة عَن الْخَطَأ شَامِلَة للصورتين. وَقَالَ السُّبْكِيّ: وَهَذَا النّظر لَهُ أصل مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ أَنه هَل يجوز انقسام الْأمة إِلَى شطرين كل شطر مُخطئ فِي مسئلة الْأَكْثَر أَنه لَا يجوز، وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب خِلَافه وَهُوَ مُتَّجه ظَاهر فَإِن الْمَحْذُور حُصُول الْإِجْمَاع مِنْهَا على الْخَطَأ إِذْ لَيْسَ كل فَرد من الْأمة بمعصوم فَإِذا انْفَرد كل وَاحِد بخطأ غير خطأ صَاحبه فَلَا إِجْمَاع انْتهى قلت يرجع هَذَا الْكَلَام إِلَى أَن المُرَاد من الضَّلَالَة فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم " لَا تَجْتَمِع أمتِي على الضَّلَالَة " الشخصية إِذْ