الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج من النسخ الخطية
ضابط التأويل
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسِّرْ و [أعِنْ]
(1)
قال الشيخ الإمام العالم العامل شيِخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية قدَّس الله روحَه ونوَّرَ ضريحَه:
الحمد لله ربّ العالمين، مالك يوم الدين، والحمد لله الذي بعثَ إلينا رسولاً يتلو علينا آياتِه و [يُزكِّينا]، ويُعلمنا الكتاب والحكمة، وإن كنّا من قبلُ لفي ضلالٍ مبين. إنه أكمل لنا [ديننَا]، وأتمَّ علينا نعمتَه، ورضيَ لنا الإسلام دينا، وأخبرَ أنّ الدين عنده الإسلام هذا الدين، فمن يَبتغِ غيرَ الإسلام دينًا فلن يُقبَل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين. وجعلَ الكتابَ الذي أنزلَه بيانًا للناس وهُدًى وموعظةً [للمتقين]، وأخبرَ أنه أنزلَه بلسانٍ عربيٍّ مبين، كما أخبرَ أنه ليسَ على الرسول [إلاّ البلاغ المبين]، وذكرَ أن آياتِه أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصلَتْ، إذ الإحكام والتفصيل يجمع خبرًا وطلبًا، وكمال القصد واللفظ الذي تتمُّ به وتتبيَّنُ الأشياء، (مِن لدُن حَكِيمٍ) يحصلُ بحكمتِه الإحكامُ، (خَبِيرٍ (1))
(2)
يُفصِّل الخطاب للمخاطبين. [فليس] كل من هُدِي للحق يسدد الخطاب، كما أنه ليس كلّ من سدّد الخطاب يَبلُغ
(1)
ما بين الأقواس المربعة في هذه الصفحة مطموس أو مخروم، وقد أثبتنا ما يناسب السياق.
(2)
سورة هود: 1.
إلى أفهام المستمعين بالإفصاح البليغ يكون قد هُدِي للحق. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب
(1)
: "يا عليُّ! سَلِ الهدى والسداد، [واذكُر بالهدى] هدايتك الطريق، وبالسداد تسديدك [السهم] " إلى كمال العلم والقصد والقول والعمل. فهذا الدعاء المبين وما وَصَف سبحانه كتابه ورسوله من البيان والتفصيل والهدى والتبليغ والإفتاء والموعظة والشفاء والقصص والشهادة والرحمة، كقوله سبحانه وتعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
…
)
(2)
.
ثم إنه سبحانَه دعا إلى التفكر والتذكر والتأ [مّل] والفقه لهذا البيان عبادَه المبلَّغين، وجَعلَ رسولَه صلى الله عليه وسلم هو [المبيِّن] لما حَصَل مجملاً أو مشكلاً على المكلَّفين، وثبتَ بالأدلة المتعددة ضَبْطُ علماء أصحابه لمعانيه كضَبْطهم لحروفه المنقطعة القرين، وكانوا يُلْقُون ما تَلَقَّوه عن رسولهم صلى الله عليه وسلم إلى أصحابهم من التابعين من الكتاب ظَهرًا وبطنًا ومن الحكمة صورةً ومعنًى مشتركين دون مختصّين، فيشتركون كلُّهم أو أكثرهم في كثير من ذلك أو أكثر، ويختصُّ بعضهم ببعضِ ذلكَ وكلٌّ على ما يأثِرُه أمين، شائع بينَهم معرفةُ أصول دينهم وعمل ملّتهم جملةً وتفصيلاً ليسوا فيها مختلفين، وإن كان قد يمتاز بعضهم من زيادة العلم ببعضِ ذلك بما ليس عند الباقين، واستفاضتِ النقول عنهم أنهم تعلَّموا من نبيِّهم صلى الله عليه وسلم جميعَ ما يحتاجون إليه فيصيرون من الكاملين وما يصيرون به من الأكملين.
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 268). وأصله عند مسلم (2725).
(2)
سورة النحل: 44.