الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على نفسي". قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا .... الحديث، وهو في الصحيحين
(1)
.
وقد تنازع الناس في النبوة: هل هي مجرد إنباء الله لعبده، أو هي راجعة إلى صفات كمالٍ فيه؟ كما تنازعوا في النبوة: هل هي مجرَّد تعلق خطاب الشارع، أو هي راجعة إلى صفات يتميز بها، ولابد من خطاب إلهي أو إنباء؟ ولهذا كانت النبوة أجزاءً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جُزءًا من النبوة". رواه أهل السنن
(2)
، فهذا في العمل. وقال في العلم:"الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءً من النبوة"
(3)
. وقال: "ثلاث من أخلاق المرسلين"
(4)
.
و
هذا الحب والإحساس الذي خلقه الله في النفوس هو الأصل في كل حُسن وقُبح
، وكل حمدٍ وذم، فإنه لولا الإحساس الذي يُعتد به في حب حبيب وبغض بغيض لما وجدت حركة إرادية أصلاً تحرك شيئًا من الحيوان باختياره، ولَمَا كان أمرٌ ونهي وثواب وعقاب،
(1)
البخاري (3 ومواضع أخرى) ومسلم (160) عن عائشة.
(2)
أخرجه أحمد (1/ 296) والبخاري في "الأدب المفرد"(468، 791) وأبو داود (4776) عن ابن عباس.
(3)
أخرجه البخاري (6989) عن أبي سعيد الخدري. وفي الباب عن أبي هريرة وعبادة بن الصامت وغيرهما في الصحيحين.
(4)
أخرجه الطبراني في الكبير مرفوعًا وموقوفًا على أبي الدرداء بلفظ "ثلاث من أخلاق النبوة
…
". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 105): الموقوف صحيح، والمرفوع في رجاله من لم أجد من ترجمه.
فإن الثواب إنما هو بما تحبه النفوس وتتنعم به، والعقاب إنما هو بما تكره النفوس وتتعذب به، وذلك إنما يكون بَعْد الإحساس، فالإحساس والحب والبغض هو أصل ما يوجد في الدنيا والآخرة من أمور الحي، وبه حَسُنَ الأمر والنهي والوعد والوعيد. وذاك الأمر والنهي والوعد والوعيد هو تكميل للفطرة، وكل منهما عون على الآخر، فالشريعة تكميل للفطرة الطبيعية، والفطرة الطبيعية مبدأ وعون على الإيمان بالشرع والعمل به، والعبد من دان بالدين الذي يصلحه فيكون من أهل [العمل] الصالح في الآخرة، والشقيّ من لم يتبع الدين ويَعملِ العملَ الذي جاءت به الشريعة، فهذا هذا، والله أعلم.
فصل في انتفاع الإنسان بعمل غيره