الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنهم كذَّبوا الرسُلَ فاستحقُّوا العذابَ، ودَلَّ على أنهم لم يكونوا يعقلون، وأنهم لو عَقَلُوا لصَدَّقوا الرسُلَ.
فلمّا كانَ السلفُ عالمينَ بحقائق الأدلة العقلية والسمعية وأنها متلازمة، عَلِمُوا أنه يَمتنعُ أن تكون متعارضة، فإنّ الأدلةَ القطعية اليقينية يَمتنِعُ تعارضُها، لوجوب ثبوتِ مدلولها، فلو تعارضتْ لَزِمَ إمّا الجمعُ بين النفي والإثبات، وَإمّا رَفْعُهما. والنقيضانِ لا يجتمعانِ ولا يرتفعانِ. لكن جاءَ بعدَهم
من أهل الكلام مَن قَصَّرَ في معرفةِ ما جاء به الرسولُ وما يُوجبُه النظَرُ المعقولُ
، فظَنُّوا في أقوالِ الربِّ وأفعالِه في مسألة حدوثَ العالَمِ وغيرِها ظُنونًا مُخطِئةً، ليستْ مطابقةً لخبرِ الرسُلِ ولا لموجب العقلِ، وصارَ يَظُنُّ من لا يَعرِف دينَ الرسُلِ أن هذا هو دينُهم، ورأوا في ذلك ما يُناقِضُ صريحَ العقلِ.
فكان هذا من أسبابِ اضطرابِ الناسِ في أمر الرسُلِ:
فطائفة تقول: إنما جاءوا في العلوم الإلهية بطريقِ التخييل وخطابِ الجمهور.
وطائفة تقول: بل جاءوا بطريقٍ لا يَدُلُّ على المقصود، بل يُشْعِرُ بنقيضِه، ليَعرِفَ الناسُ الحقَّ بأنفسِهم لا من جهة الأنبياء. ثمّ يتأوَّلون ما قالتْه الأنبياءُ على ما عندهم.
وطائفة تقول: فيما جاءت به الأنبياءُ متشابه لا يَعلَم معناه لا الأنبياءُ ولا غيرُهم، ظَنُّوا أنَّ الوقفَ على قوله (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)
(1)
، وأنه إذا كان الوقفُ على هذا فالمرادُ بالتأويلِ صَرْفُ اللفظِ
(1)
سورة آل عمران: 7.
عن الاحتمالِ الراجح إلى الاحتمالِ المرجوح. وصارَ مِن هؤلاء مَن يقول: هذه الألفاظ تُجرَى على ظاهرِها، ولا يَعلَم تأويلَه إلاّ الله، فيَجمعُ بين النقيضَيْنِ.
ولم يَعلَموا أنَّ لفظَ "التأويلِ" بحسبِ تعدُّدِ الاصطلاحات صارَ مشتركًا في ثلاثة معانٍ:
معناه في القرآن هو ما يَؤُوْلُ إليه الكلامُ وإنْ وافقَ ظاهرَه، كقوله تعالى:(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)
(1)
. وهذا التأويل لا يَعلمه إلاّ الله، كوقتِ الساعة.
ويُرادُ بالتأويل نفسُ الكلام وما قُصِدَ إفْهامُ الناسِ إيَّاهُ، وهذا التأويل يعلمه الراسخون في العلم. ولا يجوز أن يُنزِل اللهُ كتابا يأمر بتدبُّرِه وعَقْلِه، وقد فسَّرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه كُلَّه للمسلمين، ويكون فيه ما لا يَعلَمُ تفسيرَه لا النبيُّ ولا أحد من أمته.
ويُرادُ بالتأويل تحريفُ الكلمِ عن مواضعِه، وتفسيرُ الكلامِ بغيرِ مرادِ المتكلِّم، كتحريفِ أهلِ الكتاب لِمَا حَرَّفوه من الكتاب، وتحريفِ الملاحدةِ وأهلِ الأهواء لِما حَرَّفوه من معاني هذا الكتاب. وهذا تأويلٌ باطلٌ يَعلَم اللهُ أنه باطلٌ، لا أنه يَعلَم أنه حقّ، كما قال تعالى:(قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)
(2)
. فإنه سبحانَه
(1)
سورة الأعراف: 53.
(2)
سورة يونس: 18.
يَعلم الأشياءَ على ما هي عليه، يَعلمُ الموجودَ موجودًا والمعدومَ معدومًا، فما كان معدومًا لا يَعلمه موجودًا. وهذا باب واسع.
والسلطانُ -أيَّدَه الله وسَدَّدَه- هو مِن أحقِّ مَن تَجبُ معاونتُه على مصالح الدنيا والآخرة، لِمَا جَمَعَ الله فيه من الفضائلَ والمناقب.
وكان من أسباب هذه التحية أنَّ فلانًا قَدِمَ، ولكثرةِ شكرِه للسلطانِ وثنائِه عليه ودُعاَئِه له حتى في الأسحارِ وغيرِها يُكثِرُ المفاوضةَ في محاسنِ السلطان، ويُجَدِّدُ بحضورِه للسلطانِ من الثناءِ والدعاءِ ما هو مِن بُشْرَى المؤمن، كما قالوا: يا رسول الله! الرجلُ يَعملُ العملَ لنفسِه فيَحْمَدُه الناسُ عليه، فقال:"تلكَ عَاجِلُ بُشْرَى المؤمنِ"
(1)
.
فالسلطانُ جَعلَ اللهُ فيه مِن الاشتمالِ على أهلِ الاستحقاقِ ما يَأجُرُه الله عليه. وفلانٌ هذا من خِيارِ الناس وأصدقِهم وأنفعِهم، ومن بيت معروف، وقد جعلَ الله فيه من المحبَّهِ والثناء على السلطان ما هو من نِعَم الله عليه، وهو من أهل الخيرِ والدين معروف، فجَمعَ الله بسببه للسلطان قلوبًا تُحِب السلطانَ وتَدعُو له. واللهُ تعالَى يَجمع له خير الدنيا والآخرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى سائرِ من يُحيط به العناية الكريمة. والحمد لله ربِّ العالمين.
(1)
أخرجه مسلم (2642) عن أبي ذر.
رسالة إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار
بسم الله الرحمن الرحيم
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33))
(1)
.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14))
(2)
.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شيئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
(1)
سورة التوبة: 33.
(2)
سورة الصف: 9 - 14.
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41))
(1)
.
إلى سلطان المسلمين، نصرَ الله به الدين، وقمعَ به الكفّار والمنافقين، وأعزَّ به الجند المؤمنين، وأدالَهم به على القوم المفسدين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإنّا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو، وهو للحمد أهل، وهو على كل شيء قدير. ونسألُه أن يُصلي على محمدٍ عبدِه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا.
أما بعد، فإن الله قد تكفَّل بنَصْر هذا الدين إلى يوم القيامة، وبظهورِه على الدين كلِّه، وشهد بذلك، وكفى بالله شهيدًا. وأخبر الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خَذَلَهم إلى يوم القيامة
(2)
، وأخبر أنهم بالناحية الغربية عن مكة والمدينة
(3)
، وهي أرضُ الشام وما يليها.
كما أخبرنا أنه لا تقوم الساعةُ حتى تقاتلوا
(4)
التُّركَ، قومًا صِغارَ
(1)
سورة التوبة: 38 - 41.
(2)
أخرجه مسلم (1920) عن ثوبان. وفي الباب عن المغيرة بن شعبة وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله ومعاوية وعقبة بن عامر وغيرهم أخرج أحاديثهم مسلم وأحمد وغيرهما.
(3)
في حديث سعد بن أبي وقاص الذي أخرجه مسلم (1925): "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة".
(4)
في الأصل: "تقاتل".
الأعينِ دُلْفَ الآنف، ينتعلون الشَّعْرَ، كأن وجوههم المَجَانُّ المُطرقة
(1)
.
وأخبر
(2)
أن أمتَه لا يزالون يقاتلون الأمم حتى يقاتلوا الأعورَ الدجَّالَ، حين ينزل عيسى بن مريم من السماء على المنارة البيضاء شَرْقِيَّ دمشق، فيَقتُل المسلمون جُندَه القادمَ معه من يهود أصبهان وغيرهم.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لهذه الأمة على رأسِ كلِّ مئة سنةٍ مَن يُجَدِّدُ دينَها
(3)
. ولا يكون التجديد إلاّ بعد استهدام.
وقال: "سألتُ ربّي أن لا يُسلِّطَ على أمتي عدوًّا من غيرهم فيجتاحُهم، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُهلِكهم بسَنةٍ عامةٍ، فأعطانيها"
(4)
.
وما زالت دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم تَظهر شيئًا بعد شيء. وقد أظهر الله في هذه الفتنة
(5)
من رحمته بهذه الأمة وجُنْدِها ما فيه عبرةٌ، حيثُ ابتلاهم بما يُكفر به من خطاياهم، ويُقبِل بقلوبهم على ربّهم، ويجمع كلمتهم على وليّ أمرِهم، ويَنزِعَ الفُرقةَ والاختلاف من بينهم،
(1)
أخرجه البخاري (2928) ومسلم (2912) من حديث أبي هريرة.
(2)
كما في حديث النواس بن سمعان الذي أخرجه مسلم (2937) وغيره.
(3)
أخرجه أبو داود (4291) من حديث أبي هريرة.
(4)
أخرجه مسلم (2890) عن سعد بن أبي وقاص.
(5)
يشير بها إلى وقعة قازان سنة 699، التي انكسر فيها جيش السلطان الملك الناصر أمام التتار بوادي الخزندار، وقُتل فيها جماعة من الأمراء وخلقٌ كثير من العوام، وأبلوا بلاء حسنًا. انظر "نهاية الأرب"(31/ 384) و"البداية والنهاية"(17/ 718).
ويُحرك عَزَماتِهم للجهاد في سبيل الله وقتال الخارجين عن شريعة الله.
فان هذه الفتنة التي جَرتْ، وإن كانت مُؤلمةً للقلوب، فما هي -إن شاء الله- إلاّ كالدواء الذي يُسقَاه المريضُ ليحصل له الشِفاءُ والقوة. وقد كان في النفوس من الكِبْر والجهل والظلم ما لو حَصل معه ما تشتهيه من العِزّ لأعقَبها ذلك بلاءً عظيما. فرحمَ الله عبادَه برحمتِه التي هو أرحم بها من الوالدة بولدها، وانكشف لعامة المسلمين شَرْقًا وغَرْبًا حقيقةُ حالِ هؤلاء المفسدين الخارجين عن شريعة الإسلام وإن تكلموا بالشهادتين، وعَلِمَ مَن لم يكن يعلم ما هم عليه من الجهل والظلم والنفاق والتلبيس والبُعد عن شرائع الإسلامٍ ومناهجه، وحَنَّتْ إلى العساكر الإسلامية نفوس كانت مُعرِضة عنهم، ولانَتْ لهم قلوبٌ كانت قاسية عليهم، وأنزل الله عليهم من ملائكته وسكينته مالم يكن في تلك الفتنة معهم، وطابتْ نفوسُ أهلِ الإيمان ببَذْلِ النفوس والأموال للجهاد في سبيل الله، وأعدُّوا العدَّة لجهاد عدوِّ الله وعدوهم، وانتبهوا من سِنَتِهم، واستيقظوا من رَقْدَتِهم، وحمدوا الله على ما أنعمَ به من استعداد السلطان والعسكر للجهاد، وما جمعه من الأموال للإنفاق في سبيل الله.
فإنّ الله فَرضَ على المسلمين الجهاد بالأموال والأنفس، والجهادُ واجب على كل مسلمٍ قادرٍ، ومن لم يَقدِر أن يجاهد بنفسه فعليه أن يجاهد بمالِه إن كان له مالٌ يتّسَع لذلك، فإن الله فرض الجهاد بالأموال والأنفس. ومن كَنَزَ الأموالَ عند الحاجة إلى إنفاقها في الجهاد، من الملوك أو الأمراء أو الشيوخ أو العلماء أو التجّار أو الصُّنَاع أو الجند أو غيرهم، فهو داخل في قوله سبحانه (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35))
(1)
، خصوصًا إن كانت الأموالُ من أموال بيت المال، أو أموالٍ أُخِذتْ بالربا ونحوه، أو لم تُؤَدَّ زكاتُها ولم تُخرَج حقوقُ الله منها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحضُّ المسلمين على الإنفاق في سبيل الله، حتى إنه في غَزَاة تبوك حَضَّهُم، وكان المسلمون في حاجةٍ شديدة، فجاء عثمان بن عفان بألفِ راحلةٍ من ماله في سبيل الله بأَحْلاسِها وأَقْتابِها، وأعوزتْ خمسين راحلة فكمَّلها بخمسين فرسًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما ضَرَّ عثمانَ ما فَعَلَ بعدَ اليوم"
(2)
.
وذمَّ الله المخلَّفين عن الغزو في سورة براءة بأقبح الذمّ حين قال: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24))
(3)
. وقال: (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
(1)
سورة التوبة: 34 - 35.
(2)
أخرجه أحمد (4/ 275) والترمذي (3701) من طريق فرقد أبي طلحة عن عبد الرحمن بن خباب السُّلَمي. وفرقد لا يعرف، وباقي رجاله ثقات. وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن سمرة أخرجه أحمد (5/ 63) والترمذي (3702) وحسنه.
(3)
سورة التوبة: 24.