الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
لكتاب (جمع الجوامع) المعروف بالجامع الكبير بقلم فضيلة الإِمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور/ محمَّد سيد طنطاوى
الحمد لله - الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله - والصلاة والسلام على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الذي بيَّن للناس ما نُزِّل إليهم - وعلى آله، وصحبه، نجوم الهدى، ومصابيح الرشاد .. وبعد،،،
فهذه هي الطبعة الثانية من كتاب (الجامع الكبير) للإمام (السيوطي)، وكان الجزء الأول - من طبعته الأولى - قد أخذ طريقه إلى القراء منذ خمسة وثلاثين عامًا حين شرع مجمع البحوث الإسلامية - بالأزهر حينذاك - في إخراج الكتاب، محققًا في أجزاء صغيرة، وبينما اقترب الكتاب من النهاية فقد لاحظنا نفاذ الأجزاء الأولى منه، فرأينا من واجبنا العمل على توفير الأجزاء الأولى؛ لتسير جنبًا إلى جنب مع ما يصدر تباعًا؛ لنوفر الكتاب لكل راغب في اقتنائه كاملًا، على أن تكون طبعته الثانية على غرار طبعته الأولى؛ ليستكمل من لديه نقصٌ في بعض أعداده، أو ليجد من يريد الكتاب كاملًا غايته.
وكتاب (جمع الجوامع) أو (الجامع الكبير) - كما يطلق عليه - يُعَدُّ موسوعة حديثية كبرى؛ حيث جمع فيه الإمام (السيوطي) قرابة مائة ألف حديث، جمعها من ثمانين كتابًا، وقَسَّم تلك الأحاديث إلى قسمين:
قسم الأحاديث القولية: وهي تقتصر على: ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تشتمل على حكاية موقف أو فعل، ولو ارتبط به لفظ للنبي صلى الله عليه وسلم أو احتوى حوارًا بينه وبين أصحابه.
وقسم الأحاديث الفعلية وهي: تشمل كل ما احتوى غير اللفظ النبوي.
وقد رتب (السيوطي) كل قسم منها بطريقة تختلف عن القسم الآخر.
فالقسم الأول جاء مرتبًا حسب حروف المعجم؛ لأن الرجوع إلى الأحاديث على هذه الصورة يكون أسهل من البحث عن راويها، أو موضوعها.
وجاء القسم الثاني مرتبًا حسب الرواة، وهذا لاستحالة الترتيب الهجائى
فيها، فاختار (السيوطي) في هذا القسم ترتيب الأحاديث بحسب الراوى الأعلى - الصحابي أو التابعي - إذا كان الحديث مرسلًا أو مقطوعًا، ورتب الصحابة والتابعين على النحو الآتى:
بدأ بالرجال من الصحابة وهم الأعم الأغلب فرتبهم على حروف المعجم بأسمائهم بعد أن بدأ بالعشرة المبشرين بالجنة، وختم قسم الرجال بالمبهمات، وهم الرواة الذين لم تذكر أسماؤهم ورتبهم على أسماء تلامذته، ثم رتب النساء الراويات على حروف المعجم بأسمائهن ثم كُنَاهُنَّ، ثم المبهمات كما فعل في قسم الرجال.
وثنى بعد ذلك بالتابعين الذين رووا أحاديث مرسلة، فرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم وكناهم، وهؤلاء قلة، وطريقة (السيوطي) أن يذكر الصحابي، ثم يذكر تحته ما له من أحاديث رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو قالها هوِ، ثم يذكر من أخرج الحديث، بما يُشْعِر بدرجة الحديث.
ووضع السيوطي لأسماء المصادر رموزًا كالتي وضعها في الجامع الصغير، لكنه خالف تلك الرموز أحيانًا، فرمز (ق) في الجمع الكبير يشير إلى البيهقي، بينما يشير في الجامع الصغير إلى المتفق عليه، وهو ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وهناك عدد كبير من الرموز قد احتواها أحد الكتابين، ولا توجد في آخر، وأكثرها في الجامع الكبير.
ومن أهم مميزات هذا الكتاب أنه جمع عددًا وافرًا من الأحاديث التي يصعب الوصول إليها، مع قرب مأخذه وسهولة ترتيبه بما يناسب الباحث المعاصر، وهو نافع لجميع مستويات الدارسين من المشتغلين بعلوم الرواية وغيرهم.
وقد حظى الكتاب باهتمام عدد من العلماء وعنايتهم منذ عصر السيوطي حتى الآن فقد جمع المتقى الهندى (975 هـ - 1567 م) أحاديث الجامع الكبير مع أحاديث الجامع الصغير التي لم توجد في الجامع الكبير في كتابه كنز العمال
ورتبه ترتيبًا موضوعيًا، ويمثل الجامع الكبير النسبة العظمى من كنز العمال وكأنه إعادة ترتيب له.
ووضع عبد الرءوف المناوى (1031 هـ - 1622 م) كتابه الجامع الأزهر من حديث النبي الأنور استدرك فيه بعض ما فات السيوطي من الأحاديث في الجامع الكبير وهو نحو ثلث الجامع الكبير، وذلك بعد أن شاع - بعد تأليف الجامع الكبير - أنه حوى السنة كلها فكان بعض العلماء يتسرع في رد الحديث إذا لم يجده فيه مما يدل على حفاوة العلماء بالكتاب.
وقد قامت الهيئة المصرية العامة للكتاب بتصوير الجامع الكبير على مخطوطة دار الكتب المصرية واستكملت النسخة من مخطوطة أخرى مغربية وكانت هذه هي النشرة الكاملة المتاحة من الكتاب حتى الآن، وهي التي اعتمد عليها مجمع البحوث الإِسلامية بالأزهر عند تحقيقه للكتاب مع خمس نسخ مخطوطة في اطار من استجلاب النفع وخدمة السنة.
والله يوفقنا إلى طريق السداد ونهج الصواب.
د. محمد سيد طنطاوي
24 من المحرم 1426 هـ
5 من مارس 2005 م