الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة]
مقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، القائل في كتابه الكريم:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153](1) . والقائل: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ - قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161 - 163](2) .
ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة ونصح الأمة، وحذرها من التشبه بالكفار، فقال:«لتتبعن سنن من كان قبلكم» (3) وبشَّر ببقاء هذا الدين وبقاء أهل السنة على الحق، فقال:«لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس» (4) . صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
(1) سورة الأنعام: الآية 153.
(2)
سورة الأنعام: الآيات 161 - 163.
(3)
جاء ذلك في حديث متفق عليه، سيأتي تخريجه في تحقيق الكتاب. انظر: فهرس الأحاديث، حرف اللام.
(4)
متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، انظر: صحيح مسلم، كتاب الإمارة - باب قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق. . " الحديث رقم (1037)(3 / 1524) . وانظر: فتح الباري (6 / 632) ، كتاب المناقب، باب (28) ، الحديث رقم (3640) و (3641) .
وبعد:
فإنه من أوجب الواجبات على العلماء وطلاب العلم، العناية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، دراسة، وحفظًا، واستنباطًا، وتحليلًا، وتعليمًا، وتطبيقًا، جمعًا بين العلم والعمل؛ لأنهم مؤتمنون على ذلك كله، وقد وضعت فيهم الأمة ثقتها وائتمنتهم على دينها، وقبل ذلك كله وبعده، هم مسؤولون أمام الله تعالى عن هذه الأمانة: أمانة العلم والعمل به، وتبليغه، وحفظه، والدعوة إليه، حتى تتم بهم القدوة والأسوة إلى الخير.
وإن مما ائتمنوا عليه هذا التراث العلمي الثمين، الذي تركه أئمة الإسلام، أسلافنا الأماجد في شتى صنوف العلم، وإن الكثير من هذا التراث لا يزال مخطوطًا، ومكنوزًا في زوايا المكتبات في شتى بقاع العالم، رغم شدة حاجة المسلمين إليه، وإني لأرى أنه من أول واجبات طالب العلم في هذا العصر العناية بهذه الكنوز، وخدمتها، بإخراجها للناس، محققة صافية يانعة، لتكون نبراسًا لكل مسلم في خضم الثقافات الغازية والأفكار الهدامة التي روجها أعداء الإسلام بين المسلمين اليوم.
وإن من أجدر تلك المخطوطات بالعناية، وأجودها وأنفعهما للمسلمين اليوم: كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله، وإن كانت بحمد الله لقي الكثير منها شيئًا من العناية من المحققين وطلاب العلم، لكن بقي الأكثر يحتاج إلى عناية وإخراج وإعداد وتحقيق ودراسة.
وانطلاقًا من هذا الواجب، وقع اختياري على كتاب من كتب الشيخ وهو:
"اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" للعناية به تحقيقًا وتعليقًا، وإخراجه للناس موثقًا قدر الاستطاعة، وذلك في أطروحة الدكتوراه (1) .
هذا مع العلم أن هذا الكتاب سبق أن طُبع عدة طبعات، من أمثلها تلكم التي أخرجها الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، الذي كان له الجهد المشكور في خدمة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب الإمام أحمد بن حنبل، وسواهما من السلف.
لكن الكتاب لا يزال بحاجة إلى مزيد من الخدمة: من تحقيق، ودراسة، وتخريج لأحاديثه، وآثاره التي لم تخرَّج، وإلى توثيق لنصوصه، وترجمة لأعلامه.
وهذا لا يعني أن أدَّعي بأني سأقوم بأفضل من عمل الشيخ حامد الفقي رحمه الله، لكني سأشاركه بجهد المقل، وأعتذر سلفًا عن التقصير، وأسال الله العفو والمغفرة.
والله هو وحده المعين والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(1) تقدمت بتحقيق هذا الكتاب إلى قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في كلية أصول الدين بالرياض (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) لنيل درجة الدكتوراه؛ بإشراف الدكتور الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، مدير المعهد العالي للقضاء. وقد أجيزت قبل لجنة المناقشة والحكم المكونة من المشرف؛ والشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض الأستاذ بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بالرياض؛ والدكتور جعفر شيخ إدريس، الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالرياض. وقد عملت بالتوجيهات والملاحظات التي أبدتها اللجنة قبل طبع الكتاب. (المحقق) .