الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنكار القلب هو: الإيمان بأن هذا منكر، وكراهته لذلك (1) .
فإذا حصل هذا، كان في القلب (2) إيمان وإذا فقد (3) القلب معرفة هذا المعروف وإنكار هذا المنكر؛ ارتفع هذا الإيمان من القلب.
وأيضا فقد يستغفر الرجل من الذنب مع إصراره عليه أو يأتي بحسنات تمحوه، أو تمحو بعضه، وقد يقلل منه، وقد تضعف همته في طلبه إذا علم أنه منكر، ثم لو فرض أنا علمنا أن الناس لا يتركون المنكر، ولا يعترفون بأنه منكر لم يكن ذلك مانعا من إبلاغ الرسالة وبيان العلم، بل ذلك لا يسقط وجوب الإبلاغ ولا وجوب الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد - وقول كثير من أهل العلم.
على أن هذا ليس موضع استقصاء (4) ذلك، ولله الحمد على ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أنه:«لا تزال (5) من أمته طائفة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله» .
وليس هذا الكلام من خصائص هذه المسألة، بل هو وارد في كل منكر قد أخبر الصادق بوقوعه.
[عود إلى الاستدلال من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار]
ومما يدل من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار قوله سبحانه:
(1) في (ب) : كذلك.
(2)
في (أ) : القلوب.
(3)
في (أط) : وإذا فقد من القلب.
(4)
للمؤلف رحمه الله كلام مفصل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجد شيئا منه في مجموع الفتاوى (28 / 121- 171) ، وطبع في رسالة مستقلة أيضا.
(5)
في (ب) : لا يزال.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104](1) قال قتادة (2) وغيره (3)" كانت اليهود تقوله استهزاء، فكره (4) الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم "(5) ؛ وقال أيضا: " كانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: راعنا سمعك، يستهزءون بذلك (6) وكانت (7) في اليهود قبيحة ".
وروى أحمد (8) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) سورة البقرة الآية 104.
(2)
هو: قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب، البصري الأعمى، أحد علماء التابعين، عده ابن سعد من الطبقة الثالثة من البصريين، وكان من الحفاظ النادرين، قال محمد بن سيرين: هو من أحفظ الناس، وقال أحمد بن حنبل: هو أحفظ أهل البصرة، ومع حفظه كان فقيها، وعالما بالتفسير، قال في تقريب التهذيب:" ثقة ثبت " توفي رحمه الله سنة (117هـ) وعمره (57) سنة.
انظر: البداية والنهاية لابن كثير (9 / 313) ؛ وتقريب التهذيب (2 / 123) ، ترجمة (81) ، حرف قاف، وطبقات ابن سعد (7 / 229) .
(3)
هذا التفسير هو المشهور عند مفسري الصحابة والسلف كابن عباس، وأبي العالية، وأبي مالك، والربيع بن أنس، وعطية العوفي.
انظر: تفسير ابن كثير (1 / 148، 149) ؛ وتفسير ابن جرير (1 / 374) .
(4)
في (ب ج) : فكرهه.
(5)
انظر: تفسير ابن جرير (1 / 374) ؛ وتفسير ابن كثير (1 / 149) ؛ وفتح القدير للشوكاني (1 / 125) .
(6)
تفسير ابن جرير (1 / 374) .
(7)
في (ج) : فكانت.
(8)
لا أدري من أحمد هذا؟ فلعله أحمد بن إسحاق، كما أشار إلى ذلك ابن جرير في تفسيره (1 / 374) ، وهو أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي البزار، قال النسائي: صالح، ومات سنة (250هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (1 / 14، 15) ، (ت 9) .
عن عطية (1) قال (2)" كان يأتي ناس من اليهود فيقولون: راعنا سمعك، حتى قالها ناس من المسلمين، فكره الله لهم ما قالت اليهود ".
وقال عطاء (3)" كانت لغة في الأنصار في الجاهلية "(4) .
وقال أبو العالية (5)" إن مشركي العرب كانوا إذا حدث بعضهم بعضا يقول أحدهم (6) لصاحبه: أرعني (7) سمعك؛ فنهوا عن ذلك "(8) وكذلك قال الضحاك (9) .
(1) هو: عطية بن سعد بن جنادة العوفي، من جديلة قيس، أبو الحسن، قال في تقريب التهذيب:" صدوق يخطئ كثيرا، كان شيعيا مدلسا "، وضعفه أحمد، وقال يحيى بن معين: صالح، وقال ابن سعد في الطبقات:" وكان ثقة إن شاء الله، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به "، توفي سنة (111هـ) .
انظر: الجرح والتعديل (6 / 382) ، (ت 2125) ؛ وطبقات ابن سعد (6 / 304) ؛ وتقريب التهذيب (2 / 24) ، (ت216) .
في المطبوعة: عطية العوفي، وبقية النسخ لم تذكر العوفي.
(2)
انظر: تفسير ابن جرير (1 / 374)، وانظر: تفسير ابن كثير (1 / 149) .
(3)
هو: عطاء بن أبي رباح، وأبو رباح أبوه، اسمه: أسلم، الفهري، مولاهم، أحد كبار التابعين المكيين، وكان عالما فاضلا، ثقة، كثير الحديث، فقيها، أدرك كثيرا من الصحابة وروى عنهم، مات سنة (114هـ) ، وله من العمر (88) سنة.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (5 / 467 - 470) ؛ وتقريب التهذيب (2 / 22) ، (ت 190) ، حرف (ع) .
(4)
انظر: تفسير ابن جرير (1 / 374) ؛ وتفسير ابن كثير (1 / 49) .
(5)
هو: رفيع بن مهران الرياحي، من بني تميم، بصري، وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة، وقال في تقريب التهذيب:" ثقة كثير الإرسال "، مات رحمه الله سنة 90هـ.
انظر: تقريب التهذيب (1 / 252) ، (ت 105) .
(6)
في (ج د) : (أحدهم) سقطت.
(7)
في المطبوعة: راعني.
(8)
انظر: تفسير ابن جرير (1 / 374) ؛ وتفسير ابن كثير (1 / 149) .
(9)
هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، الخرساني، تابعي، جليل، إمام في التفسير، قال الثوري:" خذوا التفسير عن أربعة: مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضحاك " قال في تقريب التهذيب: " صدوق، كثير الإرسال " وثقه ابن حبان وأحمد، وضعفه يحيى بن سعيد القطان، توفي رحمه الله سنة (105هـ) . انظر: البداية والنهاية لابن كثير (9 / 223) ؛ وتقريب التهذيب (1 / 373) ، (ت 17) .
فهذا كله يبين أن هذه الكلمة نُهي المسلمون عن قولها؛ لأن اليهود كانوا يقولونها - وإن كانت من اليهود قبيحة ومن المسلمين لم تكن قبيحة - لما كان (1) في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار، وتطريقهم (2) إلى بلوغ غرضهم.
وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159](3) .
ومعلوم أن الكفار فرقوا دينهم، وكانوا شيعا (4) كما قال سبحانه:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105](5) .
وقال: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4](6) .
وقال: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 14](7) .
(1) في المطبوعة: لما كانت مشابهتهم.
(2)
في المطبوعة: وطريقهم.
التطريق: مأخوذ من الطريق، والمعنى: إفساح الطريق لهم ليبلغوا مرادهم من هذه الكلمة القبيحة. انظر: مختار الصحاح، مادة (طرق) ، (ص 391) .
(3)
سورة الأنعام: الآية 159.
(4)
في (ب) وقع خلط من الناسخ هنا حيث أعاد الآية وما بعدها مرة أخرى.
(5)
سورة آل عمران: الآية 105.
(6)
في (ب) : البينات، وهو خطأ.
سورة البينة: الآية 4.
(7)
سورة المائدة: الآية 14.
وقال عن اليهود: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 64](1) .
وقد قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] وذلك يقتضي تبرؤه منهم في جميع الأشياء.
ومن تابع غيره في بعض أموره فهو منه في ذلك الأمر؛ لأن قول القائل: أنا من هذا، وهذا مني - أي أنا من نوعه، وهو من نوعي - لأن الشخصين لا يتحدان إلا بالنوع، كما في قوله تعالى:{بَعْضُكُمْ (2) مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195](3) وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي: «أنت مني وأنا منك» (4) فقول القائل: لست من هذا في شيء، أي لست مشاركا له في شيء، بل أنا متبرئ من جميع أموره.
وإذا كان الله قد برأ (5) الله رسوله صلى الله عليه وسلم (6) من جميع أمورهم؛ فمن كان متبعا للرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة كان متبرئا كتبرئه، ومن كان (7) موافقا لهم كان مخالفا
(1) سورة المائدة: الآية 64.
(2)
في (ج د ط) : (بعضهم)، فيكون على هذا: قوله تعالى: (بعضهم من بعض)، سورة التوبة: من الآية 67.
(3)
سورة آل عمران: الآية 195، وسورة النساء: الآية 25.
(4)
هذا جزء من حديث رواه الترمذي عن البراء بن عازب، في كتاب المناقب - في مناقب علي رضي الله عنه، الباب (21)، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح".
انظر: سنن الترمذي (5 / 635) ، حديث رقم (3716) .
كما رواه البخاري في كتاب الصلح، الباب السادس، حديث رقم (2699) ، (5 / 303، 304) من فتح الباري، وكذلك أخرجه في كتاب المغازي، باب عمرة القضاء، حديث رقم (4251) ، وأحمد في المسند (5 / 204) في مسند أسامة بن زيد رضي الله عنه.
(5)
في (د) : رسول الله.
(6)
في (ب) : لم يذكر صلى الله عليه وسلم.
(7)
في المطبوعة: كان متبرئا منهم كتبرئه صلى الله عليه وآله وسلم منهم.
للرسول بقدر موافقته لهم، فإن الشخصين المختلفين من كل وجه في دينهما، كلما شابهت أحدهما؛ خالفت الآخر (1) .
وقال سبحانه وتعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284](2) إلى آخر السورة (3) .
وقد روى مسلم في صحيحه عن العلاء بن عبد الرحمن (4) عن أبيه (5) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284](6) . الآية، اشتد (7) ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الركب، فقالوا: " أي رسول الله، كلفنا ما نطيق:(8) الصلاة والصيام والجهاد
(1) في (ط) : الأخرى.
(2)
سورة البقرة: الآية 284.
(3)
في المطبوعة: سرد الآيتين إلى آخر السورة.
(4)
هو: العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، مولى الحرقة من جهينة، وهو مدني من الطبقة الخامسة، قالوا عنه: صدوق ربما يهم، روى عنه الثقات، وربما أنكر بعضهم من حديثه أشياء، وقد وثقه أحمد بن حنبل، مات سنة بضع وثلاثين ومائة هجرية. انظر: تقريب التهذيب (2 / 92، 93) ، (ت 286) ؛ والجرح والتعديل (6 / 357) ، باب العين (ت 1974) .
(5)
عبد الرحمن بن يعقوب، أبو العلاء، المذكور آنفا، مدني تابعي روى عن أبي هريرة وابن عمر، قال في تقريب التهذيب:" ثقة من الثالثة ".
انظر: الجرح والتعديل (5 / 301) ، (ت 1428) ؛ وتقريب التهذيب (1 / 503) ، (ت 1159) .
(6)
سورة البقرة: الآية 284.
(7)
في مسلم: قال: فاشتد. . إلخ، وكذلك مسند أحمد.
(8)
في المطبوعة: من الصلاة، وفي مسلم ومسند أحمد كما هو مثبت.
والصدقة، وقد نزلت عليك هذه الآية، (1) ولا نطيقها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين (2) من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير "، فلما اقترأها القوم، وذلت (3) بها ألسنتهم، أنزل (4) الله تعالى في إثرها:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] فلما فعلوا ذلك نسخها الله؛ فأنزل الله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قال: نعم {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] قال: نعم {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] قال: نعم {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] قال: نعم» (5)(6) .
فحذرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلقوا أمر الله بما تلقاه (7) . أهل الكتابين (8) وأمرهم بالسمع والطاعة؛ فشكر الله لهم ذلك، حتى رفع الله عنهم
(1) في (د ط) : لا نطيقها.
(2)
أي اليهود والنصارى، والكتابان: التوراة، والإنجيل.
(3)
كذا في جميع النسخ ومسند أحمد، وفي مسلم:(ذلت) ، دون واو العطف.
(4)
في مسلم: فأنزل.
(5)
(نعم) : سقطت من (ط) .
(6)
الحديث في صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، حديث رقم (125) ، (1 / 115، 116) ؛ وفي مسند أحمد (2 / 412) .
(7)
في (أط) : بما تلقاه به.
(8)
من هنا حتى قوله: من كان قبلنا (سطر ونصف تقريبا) : سقط من (ط) .
الآصار والأغلال (1) التي كانت على من كان (2) قبلنا (3) .
وقال الله في صفته صلى الله عليه وسلم: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157](4) فأخبر الله سبحانه أن رسوله عليه الصلاة والسلام يضع الآصار والأغلال التي كانت على أهل الكتاب.
ولما دعا المؤمنون بذلك أخبر (5) الرسول أنه (6) قد استجاب دعاءهم.
وهذا وإن كان رفعا للإيجاب والتحريم فإن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (7) قد صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (8) .
(1) الأغلال: سقطت من (أج د) .
والآصار: جمع إصر، وهو الذنب والثقل، والأغلال: هي القيود، راجع: مختار الصحاح، مادة (اص ر) ، (ص18) ، ومادة (غ ل ل) ، (ص478) .
(2)
كان: سقطت من (ب) .
(3)
في المطبوعة: قبلهم.
(4)
سورة الأعراف: من الآية 157.
(5)
في المطبوعة: أخبرهم الرسول أن الله قد استجاب. . إلخ.
(6)
انظر التعليق السابق.
(7)
ورد ذلك في المسند عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته " مسند الإمام أحمد (2 / 108) ، في مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال: حديث صحيح، وذكر أنه رواه عن ابن عمر أحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان.
انظر: الجامع الصغير (1 / 288) ، الحديث رقم (1894) .
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب الصيام، الحديث رقم (2027) ، (1 / 259)، ولفظه:" إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تترك معصيته ".
(8)
انظر التعليق السابق.
كما (1) كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره مشابهة أهل الكتابين في هذه الآصار والأغلال، وزجر أصحابه عن التبتل (2) وقال:«لا رهبانية (3) في الإسلام» (4) وأمر بالسحور (5) ونهى عن المواصلة (6)(7) وقال فيما
(1) في (أط) والمطبوعة: وكذلك، وفي (ب) : ولذلك.
(2)
التبتل: الانقطاع عن الدنيا لعبادة الله تعالى. انظر: مختار الصحاح (ص40) ، مادة (ب ت ل) .
(3)
الرهبانية، والترهب: التعبد، والانقطاع عن الناس للعبادة، والتشديد على النفس في ذلك، كما يفعل الرهبان: وهم النصارى الذين يتعبدون في الصوامع ويعتزلون بها عن الناس، ويتركون ملاذ الدنيا، ومخالطة الناس، ويشددون على أنفسهم في العبادة كالصوم، ويتركون الدعوة والجهاد. انظر: القاموس المحيط، فصل الراء، باب الباء (1 / 79) .
(4)
ورد الحديث بهذا اللفظ في شرح السنة للبغوي (2 / 371)، قال بعد أن ذكر حديث:" إن سياحة أمتي الجهاد. . ". إلخ، قال: ويروى: " لا رهبانية في الإسلام "، ولم يذكر سنده، لكن له شواهد في مسند أحمد (6 / 226)، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعثمان بن مظعون:" يا عثمان، إن الرهبانية لم تكتب علينا. . " الحديث.
ورجاله ثقات، وفي سنن الدارمي وفيه:" إني لم أومر بالرهبانية " انظر سنن الدارمي (2 / 133)، وأشار السيوطي إلى حديث جاء فيه:" ولا ترهب في الإسلام " لعبد الرزاق في الجامع عن طاوس مرسلا، وقال: ضعيف (2 / 746)، ح (9880) وانظر: التعليق على هامش شرح السنة للبغوي (2 / 371)، وذكره العجلوني في كشف الخفا لكنه لم يذكر عنه شيئا إلا قول ابن حجر:" لم أره بهذا اللفظ ". انظر: كشف الخفا (2 / 528) ، رقم (3154) .
(5)
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " تسحروا فإن في السحور بركة " متفق عليه، في البخاري، كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب، انظر: فتح الباري، حديث رقم (1923) ، (4 / 139) وفي مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه، حديث رقم (1059) ، (2 / 770) .
(6)
أي مواصلة الصيام ليومين فأكثر بلياليهما.
(7)
روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " نهى عن الوصال. . " الحديث في صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم، حديث رقم (1102) ، (2 / 774) . وفي صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال، حديث رقم (1962) ، من فتح الباري (4 / 203) ، وللحديث طرق وشواهد كثيرة في السنن والمسانيد والصحاح وسائر كتب السنة.